د. محمود جبريل
بلا حدود

الهزيمة الذاتية للأمة العربية

خبير التخطيط الإستراتيجي الدكتور محمود جبريل يتحدث عن الهزيمة الذاتية التي تعيشها الأمة العربية ووسائل الخروج منها.

– وصف للهزيمة وعوامل قوة الأمة العربية 
– قوة الاقتصاد الأميركي وتأثير تراجع الدولار

– خسائر الارتباط العربي بالدولار والتعامل به 
– كيفية التعامل مع نقاط الضعف الأميركية
– كيفية بناء موقف عربي تفاوضي جيد


undefinedأحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحيكم على الهواء مباشرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود، تنعكس أثار الهزيمة النفسية التي تعيشها الأمة العربية على كافة جوانب الحياة بها حتى أصبح الحديث عن الأمل والخروج من الهزيمة أمرا
ً شبه غائب في ظل سنوات طويلة عاشها العرب في توصيف الهزيمة وأسبابها دون أن يتطرق كثيرون إلى وسائل وطرق الخروج منها لاسيما في ظل تعاظم الولايات المتحدة الأميركية التي تُسيِّر كثير من شؤون المنطقة إن لم تكن كلها مع فقدان للرؤية والطرق والوسائل لدى دول المنطقة وطرق ووسائل وكيفية إدارة العلاقات معها حتى اكتفى كثيرون بالارتماء في أحضانها وتنفيذ كل سياساتها فيما لا يجد الآخرون طريقا، فأصبح التنافس على استرضاء أميركا والرضوخ لسياساتها سياسة شبه مقبولة أو منظمة من قِبَّل الدول العربية ولكن الحق تشير إلى أن أميركا ليست بالشكل الذي يتصوره كثير من الزعماء العرب وأن قوى أخرى في العالم مثل الصين وأوروبا وربما الهند تُعِد بصمت إلى ما بعد أميركا وما سوف يكون عليه العالم خلال السنوات العشرين القادمة، فأين العرب من كل هذا؟ وما الذي يمكن أن يقوموا به في مجال إدارة العلاقات معها؟ تساؤلات نطرحها في حلقة اليوم على الخبير الاستراتيجي العربي الدكتور محمود جبريل، ولد محمود جبريل في ليبيا عام 1952 حصل على البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1975 وعلى الماجستير في العلوم السياسية من جامعة بيكسبيرغ في الولايات عام 1980 وعلى الدكتوراه في التخطيط الاستراتيجي وصناعة القرار من نفس الجامعة عام 1984 حيث عمل فيها أستاذاً للتخطيط الاستراتيجي، قاد الفريق العربي الذي صمم وأعد دليل التدريب العربي الموحد وقام بتنظيم وإدارة أول وثاني مؤتمر للتدريب في العالم العربي عامي 1987 و1988 ثم تولى بعد ذلك تنظيم وإدارة العديد من برنامج التدريب لقيادات الإدارة العليا في كثير من الدول العربية منها مصر والسعودية وليبيا والإمارات العربية والكويت والأردن والبحرين والمغرب وتونس وتركيا وبريطانيا ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا بعد موجز الأنباء على 0097444888873 أو عبر الفاكس 009744890865 أو يكتبوا إلينا عبر موقعنا على شبكة الإنترنت www.aljazeera.netدكتور مرحبا بك.

محمود جبريل: أهلا وسهلا.

وصف للهزيمة وعوامل قوة الأمة العربية

أحمد منصور: بداية ما هو توصيفك للهزيمة الذاتية التي تعيشها الأمة العربية؟

محمود جبريل: بسم الله الرحمن الرحيم أولا أشكر كريم الاستضافة، الهزيمة الذاتية هي أسوأ أنواع الهزائم الحقيقة لأن الإنسان يفقد الرؤية الشاملة والثاقبة إلى الأمور والجوانب المختلفة وبالذات الجوانب الإيجابية التي يمكن أن تبني موقفاً تفاوضياً لحتى في أمور الحياة العادية، ما حدث حقيقة بعد سجل حافل بالوعود التي لم تتحقق سجل حافل بالانكسارات المختلفة وبعد 11 سبتمبر كان هناك بعض البوادر في تغيرات كثيرة جدا في النظام الكوني لم ننتبه إليها بسبب هذه الهزيمة، الهزيمة الذاتية هي إلقاء للسلاح على مستوى الفرد وعلى مستوى النخبة وعلى مستوى الأمة وعدم إدراك أهمية السلاح أصلا بمعنى إيه؟ لننظر على سبيل المثال العامل النفسي في مجالسنا العربية اليوم في أي بيت عربي خذه تجد أن الكلمة الرئيسية اللي هي سائدة هي كلمة مافيش فائدة، الدعوات المتكررة سواء في صحفنا العربية أو في إعلامنا العربي أصبح تكريساً لما يُقال على مدى نصف القرن الماضي تحليل ونقد وتشخيص وجلد للذات وبكائيات حتى تحولت فضائياتنا العربية إلى بكائيات حقيقة وأصبح المأتم مستمر ما بين المجلس العربي في البيت إلى الجريدة إلى الفضائية العربية حلقة مستمرة من جلد الذات والصراخ وعدم إدراك أن هناك أمل يمكن أن يوصلنا إلى أهدافنا المرجوة.

أحمد منصور: هل هذا يعني يثبت أو يؤكد أو يدل على ثقافة الهزيمة أم سلوكيات الهزيمة؟

محمود جبريل: هو طبعا فيه بُعد بيسموه علماء الاجتماع السياسي بعد (Socio-psychology) اللي هو كيف نشأ المواطن العربي كيف تربى وكيف تعلم ساعد على أن يخلق المواطن العربي عاجزاً، ذلك ليس محل بحث ربما قد يكون في هذه الحلقة، لكن ما يهم حقيقة هو الجانب الآخر تجليات هذا الأمر إذ أن المتغيرات الخارجية سواء في شكل غزو خارجي سواء في شكل احتلال دولة أو التهديد باحتلال دولة كيف يستقبله المواطن وكيف يستقبله صانع القرار هو ذلك الأمر الذي يهمنا حيث خُلِق داخل المواطن وداخل صانع القرار استعداد تلقائي..

أحمد منصور [مقاطعاً]: إيه هي الأسباب التي أدت إلى ذلك، إيه الأسباب التي أدت إلى هذا الاستعداد إلى هذه الصفة إلى شيوع ثقافة الهزيمة لدى المواطن العربي؟

محمود جبريل [متابعاً]: كويس أنا ممكن أفرق ما بين نوعين من الأسباب؛ الأسباب النفسية والاجتماعية اللي هي نظام تربوي لأنه بيغيب الطفل، نظام تعليمي لأنه بيغيب التلميذ، نظام ديني يقوم على فهم معين للدين وأن الإنسان مقدور عليه ومكتوب عليه وإنه كله بأمر الله سبحانه وتعالى وكله مُقدر من الله وأن لا دخل له فيما يجري اللي هي الفرق ما بين التوكل والتواكل قل إن إحنا متواكلين كله بأمر الله سبحانه وتعالى ثم نظام إعلامي باسم الواقعية رسخ كل ذلك هذا جانب أصيل عندما يصبح هذا المواطن في موقع القرار سواء كان مسؤول أو مدير أو رئيس دولة يصبح جاهزا لتلقي كل الضربات الخارجية وكل متغير من هذا المنظور، جوانب القوة الذاتية في ظل الاهتزازات اللي إحنا شايفنها في المنطقة لا يستطيع أن يدركها بدليل ويمكن إن إحنا أشرنا إلى هذا بشكل موجز في حلقة سابقة أن ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر على سبيل المثال رغم الاختلاف الحكمي والقيمي والأخلاقي إلا أنه أثبت أن هناك قدرة على الفعل بواسطة أفراد حتى مش بواسطة دول، لو نرى الكتاب الأخير اللي صدر من ريتشارد كلارك اسمه (Against All The Enemies) أو ضد كل الأعداء هذا الكتاب من أخطر الكتب التي صدرت في العامين الأخيرين..

أحمد منصور: ما هي خطورة ما في الكتاب؟

"
المهزوم ذاتيا لا يستطيع رؤية جوانب القوة الذاتية وحساب احتمالات الانتصار في المواقف المختلفة
"

محمود جبريل: خطورة هذا الكتاب أنه يرصد بدقة ودقيقة بدقيقة ما حدث بعد الحادي عشر من سبتمبر في الثامنة ونصف صباحا وحتى 14 يوما تليت دقيقة بدقيقة تشوف حالة الهستيريا حالة الفوضى الشاملة ولكن ما يهمني حقيقة هو المقولات التي صدرت عن الساسة الأميركيين ونظرتهم لما حدث في الحادي عشر من سبتمبر، ريتشارد كلارك يقول بالحرف الواحد

، استطاع هذا البدوي المتخلف كذا وكذا أن يُظهِر ضعفنا وهشاشتنا وقابليتنا للانكسار، يعني هم بيعترفوا بهذا هم رأوا ولم نراه نحن، نحن الضعفاء لم نر ذلك ليش لم نر ذلك لأن إحنا مهزومين ذاتياً والمهزوم ذاتيا أحد تجليات الهزيمة الذاتية أنه لا يستطيع رؤية جوانب القوة الذاتية وحساب احتمالات الانتصار في المواقف المختلفة.

أحمد منصور: طب ده بيدفعنا إلى نقطة مهمة جدا هل نحن ونحن بهذه الحالة من العجز ومن الهزيمة الذاتية لدينا مواطن للقوة نحن غافلون عنها ونستطيع من خلالها أن نخرج بها من هذه الهزيمة أسمع الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نحاول فيها فهم مستقبل العرب واستراتيجية تعاملهم مع الولايات المتحدة الأميركية مع الدكتور محمود جبريل الخبير الاستراتيجي العربي، كان سؤالي لك قبل الموجز عن عوامل القوة الكامنة لدى العرب التي لا يدركونها والتي يمكن أن تساعد في عملية تغيير واقعهم المنهزم.

محمود جبريل: هو لو سمحت لي أستاذ أحمد أضيف عامل آخر أو عاملين آخرين لأسباب الهزيمة الذاتية متعلق بطبيعة النظام الكوني اللي إحنا بنعيش فيه اليوم، نحن نعيش مجتمع معرفة مجتمع عصر معلومات أصبح فيه المكون المعرفي هو المكون الاستراتيجي الأهم في عالم اليوم مفرداتنا ومفاهيمنا وطرق تفكيرنا ومناهجنا التحليلية لا زالت لصيقة أقدر أقول بعصر الزراعة حتى مش بعصر الصناعة وبالتالي قائمة على الثوابت، لا زال منهجنا التحليلي أن ممكن اسميه منهج ثقب الباب تشوف من منظور ضيق ثم تصبح سجينا لذلك المنظور تفسر كل أحداث التاريخ وكل أحداث العالم ما مضى وما هو قادم والحالي كله من خلال ثقب الباب نظرة واحدية للأمور، هذه النظرة قضت علينا وأن ممكن أعطي أمثلة كثيرة جداً فيما يخص الولايات المتحدة تحديدا، كثير من جوانب الضعف في الولايات المتحدة لم ندركها وأدركها الآخرون وسندلل على ذلك بكتابات عديدة صدرت في العامين الأخيرين، لا زلنا سجناء لهذه النظرة نظرة الدونية للذات أننا غير قابلين للانتصار هذه التشابكات وهذا التعقيد في العلاقات الدولية اللي بيشهده العالم اليوم علاقة الاقتصاد بالسياسة بالتكنولوجيا بالتاريخ بالثقافة بالدين كله أصبح في بوتقة واحدة يتطلب منهج فكري مختلف تماما عما عهدناه في السابق اللي إحنا ممكن نسميه منهج النوافذ المفتوحة كما كان يقول المهاتما غاندي يقول أفتح النوافذ لتدخل الشمس من جميع الاتجاهات فحقيقة الأمر كان بيرمز للأيش إنه كلما كانت هناك رؤى مختلفة كلما كان هناك بصيرة أعم وأشمل تستطيع أن تتبين من خلالها نقاط القوة والضعف.

أحمد منصور: الحكومات العربية تقريبا وكل الحكام العرب يشيعون ويؤكدون ويقولون ويعيدون بأنه لا مجال لتغيير هذا الواقع في ظل السطوة والهيمنة الأميركية وإنه ليس بالإمكان أبدع مما كان وأن الذين ينظرون لما تقوله أنت وغيره لا يعيشون الواقع الذي يعيشونه هم وبالتالي هم يقومون بأفضل ما ينبغي أن يكون.

محمود جبريل: طيب الكلام هذا طبعا كلام متداول وأصبح هو الرأي المسيطر والرأي الغالب حتى على مستوى الشارع وليس على مستوى النخبة وليس على مستوى القادة السياسيين فقط لكن الواقع الحقيقي الواقع المُعاش يقول غير ذلك..

أحمد منصور: ما هو الواقع وماذا يقول؟

محمود جبريل: الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر كانت هناك فرصة تاريخية لإعادة تشكيل الخارطة الكونية بما يتلاءم وأهدافها لكن السؤال الذي يمكن أن يطرأ على بال أي محلل هل الولايات المتحدة قادرة فعلا أن تبني إمبراطورية القرن الحادي والعشرين كما قال الكثيرون أن الولايات المتحدة تعد لإمبراطورية القرن الواحد والعشرين ذلك هو السؤال الذي يجب أن يوضع في محل التشريح محل التمحيص؟

أحمد منصور: لعل خطاب بوش الأخير الخاص بعملية التنصيب لفترة الولاية الثانية حمل ما يشير إلى ذلك.

"
بدأ الاقتصاد الأميركي يتحول إلى اقتصاد خدمي يقوم على العقارات وشركات التأمين ويقوم على الصفقات المالية في بورصة الأوراق المالية
"

محمود جبريل: هذا صحيح أنا هأعطي بعض أمثلة أستاذ أحمد، الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر أو حتى قبل 11 سبتمبر بحوالي أربع خمس سنوات من نهاية فترة كلينتون بدأ هناك إدراك واضح وجلي داخل الإدارة الأميركية أنه على مستوى الاقتصاد والإنتاج الصناعي الأميركي وعلى مستوى دوائر المال هذا العجز التجاري المتراكم والذي يزداد كل يوم العجز في الحسابات الجارية الأميركية الانخفاض المتوقع والذي أصبح حقيقة في الدولار كل هذه الأمور بدأت تبين حقيقة واحدة أن الولايات المتحدة لن تكون لديها الفرصة لدعم وتعضيد أي إمبراطورية أو مواقع قدم تضعها في أماكن مختلفة من العالم، بعد 1945 كان هناك مشروع مارشال الولايات المتحدة كان لديها القدرة الاقتصادية ولديها الجاذبية الأيديولوجية لكثير من دول العالم تستطيع أن تدعم كثير من دعواها وكانت تستطيع أن تعضد ذلك بالمال وتستطيع أن تعضد ذلك بالمساعدات وكان ترجمة لذلك مشروع مارشال، سنة 1929 قبل ذلك الولايات المتحدة كانت بتنتج 44.5% من الإنتاج الصناعي العالمي بعد سنة 1945 بعد الحرب العالمية الثانية كانت الولايات المتحدة إنتاجها الصناعي العالمي يتجاوز 55% من الإنتاج الصناعي على مستوى العالم، في العشر سنوات الأخيرة اللي هو من سنة 1990 إلى سنة 2000 هذا الأمر تدهور أصبحت الولايات المتحدة تنتج صناعيا إنتاجها الصناعي أقل من أوروبا الموحدة وبالكاد تتساوى مع الإنتاج الصناعي الياباني اليابان اللي هي أقل في مواردها البشرية وأقل في مواردها الطبيعية من الولايات المتحدة، بدأ الاقتصاد الأميركي يتحول إلى اقتصاد خدمي يقوم على العقارات على شركات التأمين ويقوم على الصفقات المالية في بورصة الأوراق المالية اقتصاد خدمي اللي هو بيسموه (Ultra Symbolic Economy) أو الاقتصاد فائق الرمزية هذا الاقتصاد لا يستطيع أن يولد قدرة حقيقية في مجال التعامل الاقتصادي بين الدول بحيث إن هو يعطي مصداقية لوعود السياسة الخارجية بدليل.

 

قوة الاقتصاد الأميركي وتأثير تراجع الدولار

أحمد منصور: ومن أين تستمد أميركا قوتها الاقتصادية؟

محمود جبريل: تستمد قوتها الاقتصادية من الاستدانة من الآخرين ومن السيطرة على موارد اقتصادية بالقوة في مواقع مختلفة من العالم اللي هي المواقع المختارة بعناية اللي فيها مصادر اقتصادية تهم الاقتصاد الأميركي.

أحمد منصور: في الشق الأول في مجال الاستدانة ما أدلتك عليها؟

محمود جبريل: إحنا لو شفنا أحد الجداول الجدول اللي هو خاص بالمشتريات الأجنبية والأسهم والاستثمارات المباشرة التي دخلت الولايات المتحدة في الفترة الماضية سنكتشف أنه من سنة 1990..

أحمد منصور: رقم ثلاثة.

محمود جبريل: من سنة 1990 ما دخل للولايات المتحدة حوالي 85 مليار دولار تجاوز ذلك الرقم إلى أكثر من 865 في سنة 2001 ثم تجاوز مع بداية 2004 إلى أكثر من تسعمائة مليار..

أحمد منصور: الجزء الثاني.

محمود جبريل: وأصبح حثيثا يقترب من التريليون دولار داخل الولايات المتحدة..

أحمد منصور: أموال تدخل إلى الولايات المتحدة.

محمود جبريل: هذه أموال تدخل كاستثمار، الجانب الآخر هو استدانة مباشرة من الولايات المتحدة من دول العالم وبالذات من اليابان ومن ألمانيا..

أحمد منصور: ما حجم هذه الاستدانة؟

محمود جبريل: وصلت المديونية الأميركية في نهاية 2004 إلى سبعة تريليون وأربعمائة مليار دولار هذه ديون مباشرة من الولايات المتحدة من أوراسيا من أوروبا ومن آسيا اللي هي بتسمى أوراسيا..

أحمد منصور: يعني في شكل إيه هذه الديون؟ أموال سائلة ولا في شكل..

محمود جبريل: جميع الأشكال المالية التي قد تخطر على بالك من استثمارات إلى استدانة مباشرة من المصارف، الولايات المتحدة الآن بتواجه معضلة شديدة ومعضلة كبيرة جدا لم نولها الاهتمام الكافي..

أحمد منصور: ما هي هذه المعضلة؟

محمود جبريل: هذه المعضلة تتمثل في أن زيادة استدانة الولايات المتحدة مع انفضاض وتحول كثير من المصارف المركزية في العالم عن الدولار إلى اليورو أصبح يُدخِل الولايات المتحدة في أزمة لم تواجهها في التاريخ.

أحمد منصور: إيه أثر هذا يعني نُشِر الأسبوع الماضي تقرير كبير عن أن نصف البنوك المركزية في العالم تقريبا حولت إحتياطيها من الدولار إلى اليورو ما أثر ذلك أصلا على الوضع الأميركي وعلى العملة الأميركية؟

محمود جبريل: هو أثره المباشر الولايات المتحدة بتمول سياستها الخارجية ومغامراتها العسكرية عن طريق دولار بيُقبِل عليه الآخرون لا رصيد له سوى طلب الآخرين لإن الدولار الأميركي لا رصيد له الرصيد الذهبي للدولار الأميركي كان شاله نيكسون من زمان فكل ما بيطلب العالم كل ما أميركا بتطبع أكثر عشان تمول هذا..

أحمد منصور: فقط أموال مطبوعة فقط على سمعة الدولة.

محمود جبريل: تحول المصارف المركزية وهو فعلا أكثر من 50% من المصارف المركزية زي ما أشارت الحياة الأسبوع الماضي تحول بالفعل من الدولار إلى اليورو ذلك في ضوء زيادة طلب الولايات المتحدة على البضائع الاستهلاكية من أوروبا ومن آسيا لأن الولايات المتحدة تحولت إلى أكبر مستهلك في العالم بعد أن كانت أكبر منتج صناعي تحولت إلى أكبر مستهلك اقتصادها يتحول إلى اقتصاد خدمي في ضوء ذلك الولايات المتحدة في حاجة إلى المال لتمول وتنفق على وارداتها من أوروبا ومن آسيا.

أحمد منصور: نناقش هذا بالتفصيل بعد الموجز، نعود إليكم بعد موجز قصير للأنباء لمتابعة هذا الحوار فابقوا معنا.

[موجز الأنباء]

أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نستضيف فيها الدكتور محمود جبريل الخبير الاستراتيجي العربي نرحب بمداخلاتكم على 0097444888873 أو عبر الفاكس 009744890865 أو عبر موقعنا على شبكة الإنترنت www.aljazeera.net، دكتور تحدثت أنه في ظل الهزيمة الذاتية التي يعيشها العرب لا ينظرون إلا إلى نقاط القوى التي تعيشها الولايات المتحدة ويغفلون عن النظر في نقاط الضعف التي هي كثيرة وأهمها الضعف الاقتصادي الكبير الذي تعاني منه الولايات المتحدة والذي بدأ يظهر بشكل كبير خلال السنوات العشر الأخيرة متمثلا في انهيار أو تراجع سعر العملة الأميركية إلى ما يزيد عن 40% مقابل اليورو حتى أن كثير من البنوك العالمية تحولت في احتياطيها من الدولار إلى اليورو، ديون الولايات المتحدة الأميركية الداخلية الضخمة جدا والخارجية الأضخم منها والتي تبلغ سبعة تريليون وأربعمائة مليار دولار للدول الأوروبية والآسيوية متمثلة في أشياء كثيرة، تحدثت عن أثر أو كنت ستتحدث عن أثر تدهور الدولار وتراجع قيمته على الاقتصاد الأميركي في ظل أن أميركا تحولت إلى أكبر دولة استهلاكية في العالم بعدما كانت دولة منتجة ودولة مصدرة.

محمود جبريل: الحقيقة أهمية انخفاض الدولار وتحول كثير من المصارف المركزية في تغطية أرصدتها من الدولار إلى اليورو أهميته ومغزاه الحقيقي لن يتأتى لنا معرفتها إلا في ضوء معرفة العجز الأميركي كيف كان وكيف أصبح الآن..

أحمد منصور: إيه مفهوم العجز التجاري؟

محمود جبريل: العجز يعني بتصدر كم وتصدر كم هل بتبيع للدول أكثر أو بتشتري منها أكثر الدول..

أحمد منصور: يعني الميزان التجاري هو حجم ما يُصدَر مقابل ما يُستورَد والآن في ظل هذا الوضع ما تصدره أميركا مقابل ما تستورده؟

محمود جبريل: العجز التجاري الأميركي أصبح تقريبا مع أغلب دول العالم..

أحمد منصور: يعني لا توجد دولة أميركا تتفوق عليها؟

محمود جبريل: فيه بعض الدول العربية أغلب الدول العربية طبعا فيه تفوق في الميزان التجاري الأميركي بس خذ مثلا على سبيل المثال أوكرانيا روسيا إسرائيل الصين، الصين في بداية 2001..

أحمد منصور: الصين دولة كبيرة لكن أوكرانيا الدول الصغيرة الأخرى التي تحدثت عنها كونها تتفوق أميركيا على الولايات المتحدة في التصدير والاستيراد هذه نقطة خطيرة.

محمود جبريل: هذه نقطة خطيرة ما هو بيبين..

أحمد منصور: لكن الصين مليار خمس العالم.

محمود جبريل: أن الاقتصاد الأميركي مساره وتوجه أصبح توجه خدمي، يمكن أنت تابعت في الفترة الأخرانية أستاذ أحمد الفضائح بتاعت شركة إنرون وبتاع أرثر أندرسون يعني هذه كانت لصيقة بعملية ما يسمى بالـ(Forging) أو التزييف في كثير من الحسابات الخاصة بشركات التأمين بشركات..

أحمد منصور: شركة ضخمة مثل إنرون أو غيرها انهيار الشركات هذه أصبح شيء شائع في الولايات المتحدة.

محمود جبريل: الاقتصاد الخدمي المنحصر في هذه النوعية من الشركات تضاعف..

أحمد منصور: وده اللي بيحولوا يغزو به العالم السيطرة على شركات الكهرباء شركات الاتصالات شركات.. لأنه اقتصاد بتحصل فيه على أموال الناس بسهولة ولا تبذل فيه جهد كبير.

محمود جبريل: كلام صحيح هذا الاقتصاد هذا النوع من الاقتصاد تضاعف 123 مرة ضعف الاقتصاد الحقيقي اللي هو قائم على إنتاج صناعي حقيقي..

أحمد منصور: ده في داخل أميركا؟

محمود جبريل: ده في داخل الولايات المتحدة وأصبح التوجه الحقيقي للاقتصاد الأميركي هو هذا الاقتصاد في مواجهة العالم الآخر العالم الآخر..

أحمد منصور: طبعا لا يجدوا إلا الدول الضعيفة جدا مثل دولنا ليدخلوا فيها بهذا الاقتصاد لكن الدول الغنية ليست بحاجة إلى شبكات اتصال أو إلى كهرباء أو غيره.

محمود جبريل: هو ترتب على النمو الذي حدث في الخمسة وعشرين سنة الماضية أن أغلب الأموال وثروة العالم تكدست في ما يعرف بأوراسيا ما بين أوروبا وما بين آسيا، الولايات المتحدة تحولت إلى المدين الأول في العالم فيه بعض كتاب أصبحوا يسموها أكبر متسول في تاريخ البشرية بتستدين وأشياء بتأخذها بشكل البلطجة إن هي بتهجم على ثروات بلد معينة..

أحمد منصور: مثل العراق مثلا أو غيرها.

محمود جبريل: مثل العراق أو بعض الدول الأخرى اللي هي برغبة..

أحمد منصور: برغبة الدول نفسها.

محمود جبريل: وهكذا يعني من الطرائف اللي كانت بتقال في ضوء هذه الهزيمة الذاتية اللي هي مش شايفة جوانب الضعف في أميركا وإلى أين تتجه أميركا بالذات في جانبها الاقتصادي هنتكلم عن الجانب العسكري هنتكلم عن الجانب الأيديولوجي هذه الأمور المثلث هذا هو اللي أصبح حقيقة يشكل التدهور التدريجي لما يسمى بمشروع الإمبراطورية الأميركية، نأخذ العجز التجاري على سبيل المثال..

أحمد منصور: إحنا لدينا جدولين للعجز التجاري تفضل.

محمود جبريل: نعم العجز التجاري لو شفناه ببلايين الدولارات كيف بدأ في سنة 1990 وأين وصل في 2004 تعدى حاجز الخمسمائة مليار دولار أميركي، لو نظرنا إلى أميركا نقطة تفوقها كانت..

أحمد منصور: هذا المصدر إيمانويل تود في كتابه ما بعد الإمبراطورية.

محمود جبريل: إيمانويل تود الحقيقة هذا الكتاب أنا أريد أن أشير إليه إشارة خاصة لأن هو من أهم الكتب التي صدرت في الخمس سنوات الماضية وهو يشرح الاقتصاد الأميركي والمشروع الأميركي هل هو قابل للتحقق أو غير قابل للتحقق..

أحمد منصور: هل لديك الكتاب؟ أعتقد جاهز الجرافيك.

محمود جبريل: هذا الكتاب اللي هو كاتبه واحد اسمه إيمانويل تود هو (Demographer) أو عالم سكان وعالم سياسة فرنسي، أهمية هذا الكاتب أنه هو الكاتب الذي تنبأ بسقوط الاتحاد السوفيتي في سنة 1976 بل وحدد التاريخ أن الاتحاد السوفيتي سينهار في الثلاث سنوات الأخيرة من الثمانينات..

أحمد منصور: وفعلا.

محمود جبريل: كان معتمد على عاملين عامل انتشار التعليم وعامل السكان إن هم ما كانوش ماشيين في صالح الاتحاد السوفيتي، الآن بيرصد نفس السوس بينخر في جسد المجتمع الأميركي سكانيا وتعليما..

أحمد منصور: إيه العوامل اللي استند لها؟

محمود جبريل: اعتمد أن السكان في العالم كله أصبح هناك حالة من التعادل أن معدل الوفيات ومعدل المواليد أصبح يقترب من حالة التعادل فالسكان سيصلوا إلى حالة من التوازن يعني الـ (Resources) أو الموارد هتكفي السكان، الشيء الثاني هو انتشار التعليم وانتشار التعليم هو ظاهرة محق فيها تماما إحنا لو خدنا مثلا..

أحمد منصور: انتشار التعليم خارج الولايات المتحدة؟

محمود جبريل: خارج الولايات المتحدة في كل دول العالم..

أحمد منصور: فيه أمثلة عليها؟

محمود جبريل: أه فيه أمثلة يعني مثلا خذ من أفريقيا ليش تروح للعالم المتقدم مالي زاد فيها التعليم من 14% إلى 40% النيجر من 22% إلى 65% هذا في العقد الأخير في العشرة سنوات الأخيرة فقط، دولة زي إندونيسيا وصل إلى 95% أوكرانيا دخلت 99% لما تشوف دولة زي زيمبابوي 93% نسبة التعليم تعرف أن هناك وعيا عالميا منتشرا يبشر بإيش أن ما ندعو إليه في السابق من انتشار الديمقراطية لأنه كلما اتسعت مدارك الإنسان..

أحمد منصور: ولذلك هم حريصين على استمرار الأمية والجهل في بلادنا حتى سنظل راضخين؟

محمود جبريل: بالضبط فبالتالي هذا المؤشر في عكس ما ترنو إليه وما تهدف إليه الولايات المتحدة فهو بيقول أن العالم يتحول إلى ديمقراطي بينما ينحسر المد الديمقراطي في مولده أو في مهده اللي هو الولايات المتحدة وهذا مؤشر قليل من الناس منتبه له أن الولايات المتحدة بتدعو إلى شيء بتفتقده في الداخل ظهور بعض طبقات..

أحمد منصور: بعد 11 سبتمبر القوانين وعملية التقييد الهائلة التي حدثت.

محمود جبريل: في الداخل وفي الخارج حتى الممارسات مع السجناء اللي إحنا شفنا سجن أبو غريب أو في غوانتانامو وكذا ينم عن أشياء أكثر من غياب الروح الديمقراطية فيه حتى بعض من شيء..

أحمد منصور: التركيبة النفسية للشخصية الأميركية.

محمود جبريل: التركيبة النفسية للشخصية الأميركية وبالذات تجاه العرب تجاه السود وتجاه ما يسمى بالـ(Hispanic) أو الأجناس اللي قادمة من أميركا اللاتينية فيه نظرة عنصرية حقيقة..

أحمد منصور: وفي الوقت اللي بيعيشوا فيه العرب عملية رضوخ هناك أمم صغيرة ودول صغيرة زي زيمبابوي زي أوكرانيا زي مثل هذه الدول التعليم في نمو وإذا يعني حُلت قضية التعليم الاقتصاد كذلك بيتطور والحياة كلها تتطور.

محمود جبريل: أنا ممكن أوضح النقطة هذه أكثر أستاذ أحمد يعني لو شفنا انتشار التعليم في خلال الحقبة القادمة النمو المهول هيحدث في آسيا تحديدا وبالذات في الهند والصين، الصين الآن عندها أكثر من ثلاثة آلاف معهد وجامعة يدخل الجامعة والمعاهد الصينية لا يزيد عن 15% فقط من اللي هم في سن التعليم العالي في السنوات القادمة هذه الأعداد ستتضاعف، الهند ما يدخل لا يزيد عن 10% فقط من تعداد الهند اللي هو مليار ومائة مليون، سبعة من أكبر عشرة معاهد للتعليم العالي عن بعض موجود في آسيا اليوم فآسيا مقبلة على طفرة كبيرة جدا في التعليم مع ثبات أو توازن السكان فيها الوفيات فهذا بيدلل.. في المقابل الولايات المتحدة صدر كتاب أخيرا لواحد اسمه ديفد سنايدر يتحدث عن مضمون التعليم في الولايات المتحدة من سنة ألفين لسنة 2020 بيوضح بالأرقام مؤشرات مهولة ومفزعة بالنسبة للمجتمع الأميركي..

أحمد منصور: حول تراجع التعليم؟

محمود جبريل: تراجع التعليم أولا بيقول أن 35% من قوة المدرسين في المدارس الأميركية اليوم مع سنة 2015 لن يكون هناك من قوة طلب السوق ما يعوضها، نفس الشيء بالنسبة للإداريين نظار وموجهين وكذا 52% منهم سيصلوا إلى سن التقاعد والمعاش بسنة 2015 وليس هناك من عرض في السوق يستطيع أن يعوض ذلك، ذلك يفسر ولو بشكل جزئي هذه الدعوات المتكررة من الولايات المتحدة اليوم إلى أوروبا وإلى آسيا والهند تحديدا بإعطاء كثير من تأشيرات السفر ومحاولة تجفيف منابع الأدمغة في هذه الدول واستجلابها للولايات المتحدة.

أحمد منصور: لكن بيل غيتس أول أمس في مؤتمر دافوس قال إن الضغوط أو القيود التي تضعها الولايات المتحدة على الدخول على التأشيرات أدي إلى انخفاض 35% من المتخصصين في الـ(High Technology) أو في تكنولوجيا الكمبيوتر إن هم يدخلوا الولايات المتحدة وهذا أثر على صناعة الكمبيوتر في الولايات المتحدة وصناعة الجوانب المتعلقة بها؟

محمود جبريل: ذلك صحيح لأن هذا الصراع الأجهزة ما تعلنه (State Department) أو وزارة الخارجية الأميركية شيء وما تقول به الأجهزة الأميركية ممثلة في الـ(FBI) والـ(CIA) شيء آخر الاعتبار الأمني هو فوق كل شيء ما يهموش أي شيء بالنسبة..

أحمد منصور: وده كان واضح في خطاب بوش أن الأمن فوق كل شيء.

محمود جبريل: هذا كلام صحيح فنقطة أن الولايات المتحدة أيديولوجيا بدأ يظهر ما يعرف (White Over Class) طبقة معينة من أثرى أثرياء الولايات المتحدة هم بيشكلوا حوالي 20% من أثرياء الولايات المتحدة على مستوى السكان..

أحمد منصور: 20% من الأثرياء وليس من السكان.

محمود جبريل: 20% من الأثرياء هدول هم قابضين على زمام الأمور، زبدة الزبدة أو النخبة في داخل الـ20% لن يتعدوا خمسة اللي هم بيتحكموا في أغلب مجريات الفلوس اللي بتدخل للولايات المتحدة، أصبح هناك نوع من التحالف ما بين الأثرياء في دول العالم الثالث وفي آسيا وفي أوروبا اللي هم بيطلعوا استثمارات من الولايات المتحدة تحت مظلة أو تحت ادعاء الأمن اللي موجود في الولايات المتحدة استقرار النظام الأميركي استقرار الدولار كذا وكذا هذه الدعاوى اللي أثبت استثماراتهم خلال حقبة التسعينات أنها دعاوى غير حقيقية، على فكرة عربية عندنا إحنا الاستثمارات في الخارج وأغلبها في الولايات المتحدة مليار 294 مليون..

أحمد منصور: دولار.

محمود جبريل: دولار.

 

خسائر الارتباط العربي بالدولار والتعامل به

أحمد منصور: في ظل انهيار الآن العملة العربية مرتبطة بالدولار بشكل رئيسي الدولار تراجعت قيمته حوالي 40% مقابل العملة الأوروبية وبالتالي تراجعت قيمة العملات العربية 40% تقريبا وإحنا اللي بنروح أوروبا بنلاحظ الفرق بينما كنا نشتريه قبل عامين من الآن وبين ما أصبح الآن ما قيمة العملة التي كنا قبل ذلك نفعلها وقيمتها الآن على مستوى بسيط جدا فما بالك على مستوى الاستثمارات هذه معنى ذلك إن فيه خسائر باهظة للعملة العربية والاقتصادات العربية.

محمود جبريل: ليس هناك ما يبرر الاحتفاظ بالدولار كرصيد نقدي أو كعملة تعامل وبالذات في مجال البترول مجال النفط، أوبك إلى الآن أغلب دولها باستثناء حوالي ثلاث دول..

أحمد منصور: يعني هي قرارات سياسية؟

محمود جبريل: اللي تحولت من الدولار إلى عملات أوروبية أخرى بقيت الدول لا زالت فهو قرار سياسي وليس قرار اقتصادي.

أحمد منصور: لكن هذه الدول هل تملك القرار السياسي أو قوة إصدار القرار السياسي الذي تتحول به عن عملة لصالح اقتصادها ولصالح مواطنيها ولصالح دولها كما فعلت البنوك العالمية؟

محمود جبريل: العراق تحولت من أيام صدام تحولت ليبيا تحولت الآن من..

أحمد منصور: لا العراق أيام صدام لا تحسب العراق وليبيا خليهم خارج الموضوع.

محمود جبريل: ليبيا إبتدوا يتعاملوا بالعملات الأوروبية الأخرى، كوبا تحولت يعني كثير من الدول..

أحمد منصور: أنت جاي على محور الشر كله يعني إحنا عايزين محور الخير بتاع أميركا.

محمود جبريل: مغزى أو أهمية هذا الموضوع يا أستاذ أحمد انهيار الدولار في ضوء عجز ميزان تجاري تعدى الخمسمائة مليار دولار وعجز في الحسابات الجارية الأميركية تجاوز الستمائة مليار ومتوقع له هذه السنة أن يتجاوز السبعمائة مليار، الولايات المتحدة ستصبح في ورطة حقيقية وهيحدث أحد أمرين؛ يا إما انهيار كامل لبورصة الأوراق المالية في نيويورك وهذا شيء ممكن نحن هو يرصد عن كثب في الفترة القادمة أو انهيار مفاجئ للعملة الأميركية في حال تحول مزيد من المصارف المركزية عن الدولار كعملة بتغطي بها أرصدتها.

أحمد منصور: أنا عندي سؤال مهم في النقطة دي ولكن هناك جدول للعجز التجاري الأميركي رسم بياني ربما أنت رصدته من إحدى..

محمود جبريل: المجلات.

أحمد منصور: الصادر من إحدى المجلات الأخيرة في يناير 2005 أظن.

محمود جبريل: هذا الشهر، الشهر الماضي من حوالي عشر أيام فقط بيواري وتيرة التسارع في سنة 2004 شوف التسارع هم مسمينوه (Spike) يعني من يناير 2004 لحد ثلاثين نوفمبر 2004 كيف كان العجز وأين وصل إن هو تجاوز الخمسمائة مليار..

أحمد منصور: خلال سنة واحدة؟

محمود جبريل: خلال سنة واحدة يعني هذا خلال سنة واحدة بيشوفوا الرسم البياني أن العجز بيحدث بوتيرة متسارعة جدا والدولار بينخفض بوتيرة متسارعة جدا..

أحمد منصور: يعني أميركا بتستورد ولا تصدر بهذه القيمة؟

"
الولايات المتحدة اليوم في حاجة إلى 1.5 مليار دولار يوميا لتغطية مستورداتها ووارداتها
"

محمود جبريل: الولايات المتحدة اليوم في حاجة إلى مليار ونصف دولار يوميا لتغطية مستورداتها ووارداتها وعشان تؤكل أهلها.

أحمد منصور: إلى أي مدي يمكن أن تستمر الولايات المتحدة؟

محمود جبريل: هذا هو السؤال في حالة تحول كثير من الدول في حالة وجود إرادة سياسية صادقة في مختلف بقاع العالم وأخص بالذات هذه المنطقة ما يهمني في هذه القصة أن هناك سبل للمواجهة فيه فرص حقيقية أمامنا لكن إحنا لم..

أحمد منصور: لكن عفوا قبل هذا قبل أن أدخل إلى سبل المواجهة عندي محورين مهمين المحور الأول هل حلفاء الولايات المتحدة لاسيما أوروبا والدول الآسيوية التي تضخ يوميا الآن في الخزينة الأميركية أو في سندات الخزينة مبالغ طائلة للحفاظ على وضع العملة الأميركية وعلى الاقتصاد الأميركي هل هذه الدول ستترك الولايات المتحدة تنهار أو عملتها تنهار في ظل إن الاقتصاد العالمي كله مربوط بالدولار الآن؟

محمود جبريل: رؤيتي أنا وقد أكون مخطئ أن ضخ هذه الأموال سيتحول بعد فترة إلى ما يعرف في علم السياسة بالـ(Leverage) أو يعني ميزة تفاوضية عالية جدا بالنسبة لأوروبا في مواجهة الولايات المتحدة هيتحول إلى ورقة مساومة خطيرة للغاية..

أحمد منصور: على أي شيء سيتم؟

محمود جبريل: على أي شيء على تسويات كثيرة في مناطق مختلفة بالعالم وبالتالي هم بيخلقوا اعتماد متراكم من الاقتصاد الأميركي على الاقتصاد الأوروبي هم بيرسخوه أكثر..

أحمد منصور: الصين أيضا كيف يعني تتعامل مع المسألة والصين أحد القوى الرئيسية التي تدعم الولايات المتحدة والاقتصاد الأميركي الآن؟

محمود جبريل: هذا صحيح وهذا أيضا مقصود أعتقد..

أحمد منصور: من أي بعد؟

محمود جبريل: ترسيخ الاعتماد الأميركي اقتصاديا على الاقتصاد الصيني.

أحمد منصور: وفي لحظة ما سوف تأتي الصين لتملي..

محمود جبريل: في لحظة ما سحب هذه الأموال يحدث انكسار وانهيار كامل داخل الاقتصاد الأميركي.

أحمد منصور: ما هو الثابت حتى الآن إن ليس هناك دولة تستطيع أن تستثمر في دولة أخرى ثم تسحب هذه الأموال في يوم وليلة، إيران قصتها قديمة معروفة قصص كثيرة العرب أموالهم الآن لا يستطيعوا أن يسحبوها من أميركا.

محمود جبريل: تذكر أستاذ أحمد ما حدث في أسواق الأوراق المالية في آسيا وكان..

أحمد منصور: هذه وضعها مختلف لأن سوروش لعب دور وأميركا لعبت والدول كانت أضعف.

محمود جبريل: لأسباب سياسية طالما أنك لديك ورقة مساومة، إحنا مصيبتنا القصة كلها بتتلخص في إيش إن إحنا نفاوض دون أن تتكون لدينا أوراق للمساومة نفاوض دون أن ندرك ماهيات ومفردات التفاوض دون أن ندرك أن لدينا جوانب في موقفنا..

أحمد منصور: حسن النية يا دكتور كل الزعماء العرب عندهم حسن نية في كل حاجة من بداية طرد الخبراء السوفيت على يد السادات دون أي مطالب إلى كامب ديفد إلى كل الأحداث الأخيرة إلى حتى مجيء الأميركان إلى المنطقة كله بدون مقابل إحنا عندنا، نحن حسني النية أو هم حسني النية الزعماء العرب يعني.

محمود جبريل: أو لا زالت ثقافة القبيلة هي اللي بتغلب على مفردات قاموس التفاوض العربي..

أحمد منصور: ربما الكرم يعني بيكرموا الأميركان.

محمود جبريل: إنه بيحرجك يعني لما أعطيك شيء هدية أبقى مستني أنك أنت تبادلني الشيء بس بالنسبة للأميركان لما شافوا هذه الأشياء هذه التصرفات أنك تعطي ما لديك بيستغرب ليش هذا يعني السادات كانوا بيقولوا عليه مهرج (Clown) كيف يفرط..

أحمد منصور: اسمه..

محمود جبريل: كيسنغر.

أحمد منصور: كيسنغر وصفه بهذا.

محمود جبريل: كيف يفرط في ورقة مساومة غالية للغاية كان يمكن أن يكسب الكثير من ورائها أعطاها مجانا وكثير من الأحداث المعاصرة ماشية في نفس المساق إنك تعطي دون أن تأخذ..

أحمد منصور: يعني أنت تعتقد الآن من خلال هذه الرؤية طب أنا أريد قبل أن أدخل إلى كيف يستطيع العرب أن يتعاملوا مع هذا الوضع إلى الوضع العسكري الأميركي الآن، أميركا بترهب العرب وبترهب الدول الضعيفة بقوتها العسكرية هناك تواجد أميركي في العراق بيرهب الآخرين وبيخيفهم فكيف وضع القوة الإمبراطورية العسكرية الأميركية في ظل هذا الوضع الاقتصادي الذي أشرت إليه؟

محمود جبريل: كويس الضلع في المثلث اللي أنا بأحاول إن أنا أرسم صورة متكاملة اللي هو الاقتصاد المال والتدهور الديمقراطي والأيديولوجي ثم الآن الوضع العسكري، في مجال الطيران وفي مجال البحرية لا زالت الولايات المتحدة هي القوة الكبرى والقوة المطلقة لا شك في ذلك لكن مجال القوة البرية وبالنسبة لأخوانا العسكريين اللي بيحسم الأمور إحكام السيطرة على مكان ما لابد من وجود القوة البرية مهما قصفت إن شاء الله تقصف مليون سنة إن ماكنش فيه تواجد برى يبقى أنت هتدمر بس لا تستطيع أن تحتل أرضا احتلال الأرض عايز تواجد بشري، لو شفنا إحنا من خلال الجدول لو الأخوة وروه لنا هنلاقي إن التواجد العسكري..

أحمد منصور: التواجد العسكري الأميركي في العالم.

محمود جبريل: بعد حقبة كاملة من انهيار الاتحاد السوفيتي لا زال التواجد العسكري في مناطق مختلفة التواجد العسكري الأميركي مازال محكوما بنظرة الحرب الباردة لو تشوف المناطق.

أحمد منصور: ألمانيا اليابان كوريا الجنوبية بريطانيا البوسنة والهرسك مصر، الجدول الآخر بنما المجر أسبانيا تركيا أيسلندا السعودية بلجيكا الكويت كوبا البرتغال كرواتيا البحرين دييغو غارسيا هولندا مقدونيا اليونان هندوراس أستراليا والعدد الكلي 259 ألف أو تقريبا مائتين وستين ألف جندي أميركي.

محمود جبريل: هذا قبل 11 سبتمبر.

أحمد منصور: قبل 11 سبتمبر بعد إحدى 11 سبتمبر؟

محمود جبريل: بعد 11 سبتمبر زادت الأعداد أصبح في العراق فيه حوالي مائة وعشرين ألف زاد في تركيا العدد اللي كان موجود تجاوز الاثنى عشر ألف، بالنسبة لمصر والسعودية وقطر والكويت والبحرين تقديريا أصبح ما بين 17 إلى عشرين ألف عسكري..

أحمد منصور: يعني تقريبا أربعمائة ألف جندي أميركي موجودين حول العالم خارج الولايات المتحدة.

محمود جبريل: حول العالم، المفارقة المضحكة أن أغلب ما يسمى بإقامة ومعيشة هؤلاء العساكر تتكفل..

أحمد منصور: مائة وعشرين ألف في العراق 12 ألف في أفغانستان 12 ألف في تركيا 17 ألف وعشرين ألف في مصر السعودية والبحرين وقطر والكويت غير المائتين وستين ألف تقريبا اللي تكلمنا عنهم قبل كده يبقى المجموع حوالي أو أكثر من أربعمائة ألف يعني يزيد عن أربعمائة ألف.

محمود جبريل: عارف تكاليف معيشة ومبيت وإقامة هذه القوات من يتكفل به؟ 85% من هذه التكاليف متكفلة به اليابان وألمانيا ويوريك ارتباط المال والعجز التجاري الأميركي يعني حتى هذه الجزئية لا زالت أوروبا بترسخ اعتماد الولايات المتحدة عليه، الولايات المتحدة لا زال المحميتين القديمتين اللي هما اليابان وألمانيا هما المفصلين زي ما قال بريجينسكي من سنة 1978 الولايات المتحدة لابد أن تحكم السيطرة على هذين العملاقين لو أحكمت السيطرة تستطيع أن تسيطر، الآن الصورة بتنعكس اللي بيحصل إن ألمانيا بترسخ اعتماد الولايات المتحدة على أوروبا..

أحمد منصور: بشكل مقصود؟

محمود جبريل: بشكل مقصود أنا وجهة نظري أنا، اليابان بتقوم بنفس الشيء لأن لا مصلحة على الإطلاق لهاتين الدولتين إن هي تعطي مجانا للولايات المتحدة..

أحمد منصور: ما هو هذا الذي يطرح تساؤل الآن كيف بعد اتحاد ألمانيا وأصبحت القوة الرئيسية في أوروبا الآن هي مع فرنسا وبريطانيا ثالث قوى كيف أن ألمانيا كان يتوقع أن لن تغير سياستها لكن فعلا بتزيد في اعتماد الولايات المتحدة عليها؟

محمود جبريل: ما هو هذا الاعتماد ترافق معه أستاذ أحمد وأكيد الأخوة المشاهدين واخدين بالهم من هذه النقطة أن ألمانيا تعلمت أن تقول لا للولايات المتحدة بدليل ما حدث في العراق، من 15 سنة فاتوا هذا الشيء كان مستحيل إن واحدة زي تركيا أو ألمانيا أو أي من دول الحلف الأطلسي تستطيع أن تقول لا للولايات المتحدة يعني الولايات المتحدة فقدت المقدرة الاقتصادية والمقدرة المالية التي تستطيع أن تفرض بها نفوذا وتأثيرا على الآخرين العسكرية هي مش كل شيء، طلعت بعض كتابات في هذا الاتجاه داخل الولايات المتحدة نفسها طلع واحد اسمه جوزيف ناي كان بيتكلم على ما يسمى بالـ(ٍSoft Power) أو القوة الناعمة أنك أنت عايز تسيطر، تسيطر بالإيديولوجية تسيطر بالإعلام تسيطر بالدبلوماسية لكن العسكرية فقط لا تستطيع أن تبني لك لا تبني مجد ولا تبني إمبراطورية.

 

كيفية التعامل مع نقاط الضعف الأميركية

أحمد منصور: لهذا أنا يعني هذا الشيء اللي بتتحدث عنه بدا واضحا في خطاب بوش بدا واضحا في كلام لرمسفيلد أيضا عن حرب الحرب الإيديولوجية على الإرهاب أفكار البنية التحتية والإيديولوجية حرب الأفكار مثل هذه الأشياء أيضا أصبحت جزء من الاستراتيجية الأميركية في الفترة القادمة، كونداليزا رايس يقال إنها أيضا تخطط لذلك وتسعى له لكن أنا وجدت فريد زكريا رئيس تحرير النيوزويك كتب مقال في عدد أول نوفمبر قال فيه أميركا تقود ولكن هل يتبعها أحد ودلل على إن فعلا أصبح في نوع من الانفضاض عن أميركا وإن في الوقت اللي بوش في خطابه تحدث عن الحرية أكثر من أربعين مرة فإنه يدعم كل الأنظمة الديكتاتورية وعدد الرؤساء الديكتاتوريين الذين يستضيفهم ويرحب بهم بوش ويتكلم عنهم هذا الوضع بالنسبة للولايات المتحدة الآن في الفترة القادمة في ظل هذه الصورة ما هي استراتيجياتها وكيف يستطيع العرب التعامل مع نقاط الضعف هذه التي يتعامل معها الآخرون؟
وأسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نستضيف فيها الخبير الاستراتيجي العربي الدكتور محمود جبريل، تفضل يا دكتور.

محمود جبريل: استكمال للمشهد العسكري الأميركي مقارنة بما حدث بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن رسخت الولايات المتحدة وضعها العسكري كان لديها القدرة الاقتصادية لضخ مساعدات لمختلف دول العالم الثالث واستعمالها كأداة للنفوذ في هذه الدول ومحاربة ما يسمى بالنفوذ السوفيتي أو النفوذ الشيوعي في ذلك الوقت، الصورة الآن مختلفة الآن احتلت العراق ليست لديها الإمكانية لتقديم المساعدات الاقتصادية للشعب العراقي أوروبا هي بتستجدي أوروبا وبتستجدي الآخرين تعالوا إلحقونا ساعدوا معنا الشعب العراقي ليه؟ لأن مفيش الإمكانية لترسيخ التواجد العسكري، أنت بتحتل لكن علشان ترسخ هذا التواجد وتوطد أركانك لابد أن يكون لديك أدوات إحداها الأداة الاقتصادية والأداة المالية وهذه مفقودة تماما فالعراق أصبحت (Case) أو حالة شاهدة على ذلك، ما أريد أن أضيفه في هذا المجال قد يقول قائل يقول لك والله لا الولايات المتحدة لا زالت في مجال التكنولوجيا المتقدمة هي اللي واخدة السبق أو في مجال.. بدليل تصدير الأسلحة لا زالت هي تاجر الأسلحة الأول في العالم مبيعات أسلحتها تجاوزت 62% من مجمل الأسلحة مبيعات الأسلحة العسكرية عالميا هذا رقم مهول لكن لو قارنا ما باعت به الولايات المتحدة اللي هو تعد 48 مليار دولار مقارنة بهذا العجز التجاري المهول هو شيء لا يذكر ما بيعوض شيء، نجي في مجال التكنولوجيا المتقدمة لحد سنة 2001 كان هناك فائض تجاري أميركي لصالح أميركا قدره 35 مليار دولار في مواجهة العالم.

أحمد منصور: 2001 يعني الانهيار ده حصل لخمسمائة مليار خلال الثلاث سنوات؟

محمود جبريل: لا ما عدا مجال التكنولوجيا المتقدمة في هذا المجال، مع سنة 2002 تحول الفائض إلى خمسة مليار مع نهاية 2003 تحول بالسالب.

أحمد منصور: يعني الآن أميركا تستورد حجم التكنولوجيا المتقدمة أعلى مما تصدر؟

محمود جبريل: حتى في مجال التكنولوجيا المتقدمة بدأت تخسر السباق لصالح أوروبا هأدي أمثلة مجال الـ(Mobile) نوكيا اليوم ضعفها أربع أضعاف موتورولا في الولايات المتحدة وهي شركة فنلندية، جيل صناعة الإيرباص مقارنة بالبوينغ..

أحمد منصور: تفوق عليها للمرة الأولى.

محمود جبريل: للمرة الأولى الآن بعد طرح الطائرة الجديدة اللي هي (A380) اللي هي أكبر طائرة ركاب في العالم الآن متوقع إنه لو وصل الطلب على طائرات الإيرباص إلى مائتين وخمسين طلب فان الإيرباص ستتفوق على بوينغ، الآن عندهم 139 طلب وهم متوقعين أن هذا التفوق سيحدث مع منتصف 2007 فالولايات المتحدة بدأت تخسر في مجالات عدة وفي مجالات مختلفة من الاقتصاد العالمي بدأت تخسر، الشركات متعددة الجنسية التي كانت حتى سنة 1998 بترجع جزء من هذه الخسائر للأرض الأميركية بعد 1998 بدأت العملية بالسالب أيضا ما تضخه الشركات الأجنبية المتواجدة في الولايات المتحدة أكثر مما تحضره الشركات الأميركية المتواجدة خارج الولايات المتحدة إلى أميركا فالصورة أن الطوق أصبح محكم اقتصاديا وماليا حوالين الولايات المتحدة فلما تتكلم في مسألة ما يسمى القدرة على صيانة أو المحافظة على الوضع العسكري القائم في بقاع مختلفة من العالم يصبح أمر مشكوك فيه.

أحمد منصور: اللي هم أربعمائة ألف أو أربعمائة وعشرين ألف جندي.

محمود جبريل: اللي هم أربعمائة ألف بدليل إن لما طلعت بعض صرخات تطالب بزيادة القوات العسكرية في العراق كان تصريح رمسفيلد بالانجليزي يقول (We Are To The Bone) يعني وصلنا خلاص شفينا وصلنا للعظم ما عندناش قوات أخرى نقدر ندفعها، زمان من حوالي سنة فقط كان رمسفيلد شخصيا بيتكلم عن استراتيجية أميركية لخوض حروب في أربع مسارح في آن واحد الآن هذا الكلام اختفى تماما في ضوء الصورة الاقتصادية المهزوزة داخل الولايات المتحدة.. تفضل.

أحمد منصور: طيب أنا يعني الوضع العسكري مهم لأن سيمور هيرش نشر مقال قبل أسبوعين في نيويوركر يعني حلقات تليفزيونية عليه وتحليلات كثيرة حول ما يسمى بالحروب القادمة في المنطقة والحرب على إيران في ظل هذا الوضع هل الولايات المتحدة لديها قدرة أن تشن أي حرب إضافية أو تأتي بجنود جدد للقيام بحرب سواء ضد إيران أو سوريا أو السودان أو هذه الدول؟

محمود جبريل: هو فيه شيئين يا أستاذ أحمد؛ الشيء الأول أن الولايات المتحدة لم تجرب نفسها حتى هذه اللحظة مع قوة من الدرجة الثانية بلاش نقول من الدرجة الأولى بتدور على دول ضعيفة أنت بتتكلم على أفغانستان إيش قوة أفغانستان..

أحمد منصور: ماكنش فيها حرب أصلا.

محمود جبريل: أنت بتتكلم على العراق دولة كانت منزوعة السلاح وخارجة مهلهلة من حرب مع إيران وكان سلاحها منزوع وعليها حصار اقتصادي، الولايات المتحدة لم تُجرَب حتى هذه اللحظة عسكريا..

أحمد منصور: بعد فيتنام لم تدخل في أي مواجهة حقيقية.

محمود جبريل: فيتنام كانت حالة واضحة والمغامرة السريعة اللي كانت في الصومال كانت حالة أخرى لتبيان نوعية العسكرية الأميركية بريا أنا ما بأتكلمش عن السلاح الجوي والسلاح البحري، المطلوب إحنا عربيا كيف نحط هذه الأوراق كلها جنب بعض نحط بانوراما ونشوف إحنا وين بالضبط هذا لم يحدث حتى هذه اللحظة..

أحمد منصور: كيف نضع هذا وكيف نتعامل معه؟

محمود جبريل: كويس النقطة الأولى أن إحنا نغير مفردات ومفاهيم القاموس بتاع السياسة الخارجية العربية.

أحمد منصور: كيف؟

محمود جبريل: واحد إن مفهوم القوة لم يعد هو المفهوم الكلاسيكي للقوة القوة أصبحت قوة موقفية في موقف ما، ما هي جوانب القوة وجوانب الضعف اللي فيه..

أحمد منصور: كيف أيضا؟

محمود جبريل: شطارتك فيل في مواجهة فار هذا الفيل إذا كان المطلوب هو إن إحنا نهد جدار يبقى الفيل هيكسب لكن إذا كان المطلوب هو الدخول في شقوق مختلفة داخل الغابة أو سرعة المناورة يبقى الفار هيكسب، شطارتي أنا عربيا أن أدخل في المواقف اللي فيها تعظيم لموقف التفاوض عندي فيها جوانب قوة..

أحمد منصور: الكل يقول نحن لا نستطيع أن نحارب أميركا.

محمود جبريل: هذه رؤيتنا لذاتنا لكن الآن على سبيل المثال كوريا الشمالية وهي أحد محاور الشر زي ما بيقول السيد بوش حتى هذه اللحظة بتقول لا لأميركا..

أحمد منصور: وضعها الاقتصادي سيئ وممكن يتقال مائة حاجة حول هذا الموضوع لكن إحنا الآن بنحظى بحماية أميركا ورعاية أميركا ونعيش في ظل أميركا وهذا وضع مختلف.

محمود جبريل: هو شوف استراتيجيا أنا هأتكلم في استراتيجية عربية لو سمحت لي بعد قليل أو لو تحب تتكلم فيها الآن ما عندي مانع..

أحمد منصور: ما عدش عندي وقت أصلا بعد قليل..

محمود جبريل: يبقى أنا خليني أتكلم في النقاط محددة علشان نكون إيش إن إحنا بنطرح بديل..

أحمد منصور: هل يمكن طرح أي بديل في ظل غياب الدولة القائدة عربيا البديل ده بتطرحه لمين إذا العرب بينهشوا في بعض بيأكلوا في بعض ليس عندهم استعداد للاتفاق على أدنى شيء من الاتفاق والقمة العربية اللي جاية من الآن بيشوفوا هيختلفوا مع بعض على إيه وليس ما الذي سيتفقون عليه؟

محمود جبريل: تاريخيا وفي ثقافتنا أستاذ أحمد تاريخيا لابد من وجود دولة قطب تقود المنطقة..

أحمد منصور: مش موجودة.

محمود جبريل: مش موجودة الآن مفهوم القوة الجديد أصبح يتيح حتى للدول الصغيرة الـ(Micro) القزمية أن تلعب دورا مؤثرا أكثر من الدول الكبرى..

أحمد منصور: كيف بشكل واضح؟

محمود جبريل: ندي أمثلة قطر على سبيل المثال دبي هذه الإمارة الصغيرة، دبي اقتصاد خدمي تجارة من الطراز الأول أصبح يشار إليها بالبنان، قطر أصبحت عن طريق الإعلام..

أحمد منصور: ممكن يقال إن أميركا هي التي رتبت هذا ورتبت ذاك؟

محمود جبريل: هذه نظرية مؤامرة أميركا..

أحمد منصور: لكن في الحقيقة هل هذه استراتيجيات تلك الإمارات الصغيرة؟

محمود جبريل: هو سواء كانت لعبة الحظ أو كان شيء مخطط لكن في كل الأحوال أثبتت أن النجاح ممكن أن التأثير اقتصاديا ممكن أن التأثير إعلاميا ممكن..

أحمد منصور: ما هي قوة قطر وقوة دبي الآن كإمارتين صغيرتين؟

محمود جبريل: الآن الجزيرة لحد أمس مذاع أن الجزيرة وصلت إلى العلامة الخامسة تجاريا على مستوى العالم هذه الدولة الصغيرة اللي ما يتعداش تعداد سكانها أكثر من مائتين ألف مواطن كمواطنين تستطيع أن تُحدِث هذه الضجة، الإعلام أصبح أحد.. أنا ما بأدعو لقتال أميركا أستاذ أحمد إدارة العلاقة مع أميركا تتراوح ما بين الصداقة إلى القتال وما بينهم حوار..

أحمد منصور: المفهوم ده مهم يعني ليست الدعوة الآن إلى القتال وإنما إلى إدارة العلاقة..

محمود جبريل: أن تدار العلاقة..

أحمد منصور: بشكل يجعل هذه الدول لا تكون منبطحة وإنما تستفيد من العلاقة.

محمود جبريل: على المستوى الاستراتيجي هناك أحصنة رابحة عندك آسيا وعندك أوروبا استثمر الشركات اللي بتدخل لازم تكون من هذه الأماكن وطد علاقاتك اقتصاديا بهذه الدول، للأسف نتيجة الهزيمة الذاتية ونظرتنا إلى ذاتنا الآن بتُستقدَم شركات أميركية لمجرد أنها أميركية..

أحمد منصور: وتفرض فرض.

محمود جبريل: وقد تكون أقل كفاءة حتى من شركات عربية قد تكون أقل كفاءة من شركات هندية وشركات صينية ولكن لمجرد الاسم أن هاي أميركي جيبه وفاكرين إن إحنا بنوطد علاقة مع أميركا لما بنجيب شركات أميركا حقيقة الأمر أصبح الخيار واضح هل أنت ستسرع بهذا السقوط الأميركي أو أنك ستطيل..

أحمد منصور: هذا ما أقصده الآن كيف على المستوى الفردي الآن دون الحديث عن استراتيجية عربية شاملة أو استراتيجية عربية قائدة؟

محمود جبريل: لا إحنا هنتكلم على ثلاث مستويات..

أحمد منصور: باختصار وبشكل مباشر.

محمود جبريل: المستوى الأول هو مستوى الأنظمة، مستوى الأنظمة لابد من إعادة قراءة مواقفنا التفاوضية هناك مجالات اختراق كثيرة جدا نستطيع أن نبني موقف تفاوضي حتى على مستوى الدولة مش على مستوى النظام العربي ككل حتى على مستوى مصر في مواجهة الولايات المتحدة اليمن في مواجهة الولايات المتحدة ليبيا في مواجهة الولايات المتحدة هناك (Specter) مجال كبير جدا لبناء موقف تفاوضي.

 

كيفية بناء موقف عربي تفاوضي جيد

أحمد منصور: باختصار كيف يتم تحقيق هذا؟

محمود جبريل: المناورة يا أخي عندي بدائل، أنا مع الولايات المتحدة الولايات المتحدة ما تتبعه اليوم هو ما يمكن أن يسمى استراتيجية الهروب إلى الأمام بخلق مسارح عسكرية في مناطق مختلفة من الكون يعني أعمل نفسك مجنون علشان الناس تخاف منك بينما أنت بتحتضر، الولايات المتحدة اُستنزِفت اقتصاديا في مواجهتها للاتحاد السوفيتي ولم ننتبه إلى ذلك زي اثنين ملاكمين واحد بيسقط الثاني خلاص أصبح هو بطل العالم لكن لم ننتبه إلى الضربات اللي هو أخذها وأصبح يحتضر هو الآخر هذا على مستوى الأنظمة هناك منافذ اختراق كثيرة جدا واحد استراتيجيا مع أوروبا ومع آسيا تكتيكيا أو خلينا نقول استراتيجية تعايش تجنب الدخول في أي أشياء قد تُستعمَل كذريعة لتحقق الولايات المتحدة مآربها إن هي تحولك إلى أحد المسارح الدرامية العسكرية اللي هي بتنشئها في أماكن مختلفة من العالم، حصل أمر خطير جدا في خطاب بوش الأخير أنه لم يتكلم على الإرهاب وإنما تكلم على..

أحمد منصور: الحرية.

محمود جبريل: الحرية أعطى حرية حركة أكبر له يعني ممكن يروح لأي حاكم عربي الآن يقوله أنت ما عندكش إرهاب بس بسبب أنك أنت ديكتاتور وطاغية أنت بتساعد على نشوء إرهاب فممكن ينزل ويغير هذا النظام بالقوة فالإطار ازداد اتساعا بدل ما كان شوية جماعات يجري وراهم من هنا لهنا الآن وسع الإطار أكثر ضد الأنظمة ذاتها وفيه أنظمة مرشحة في الفترة القادمة..

أحمد منصور: التحرك الثالث في تلك الاستراتيجية؟

محمود جبريل: الجانب الثاني على مستوى المؤسسات المجتمع المدني التشبيك والتشبيك والتشبيك عندنا الآن أكثر من 28 ألف جمعية أهلية عربيا والعدد يقرب من ثلاثين ألف..

أحمد منصور: معظمها معطل.

محمود جبريل: ليش ما يحصلش حتى تشبيك فيما بينها.

أحمد منصور: وغير يُسمَح له وبيُضيَق عليه.

محمود جبريل: يا أخي خذ حالة زي حالة مثلا تيسير علوني لو (Email) واحد طلع من كل جمعية لمنظمات حقوق الإنسان ومنظمات العفو الدولية من هذه الجمعيات هنخلق زخم رأي شعب عربي كبير جدا هذا على مستوى بسيط على مستوى.. هذه الجمعيات ممكن أن تتشابك تخلق قوة لو متوسط كل جمعية فيها مائة مع ثلاثين ألف جمعية بتتكلم عن ثلاثة مليون مواطن عربي يستطيعون أن يخلقوا تأثيرا معينا، على مستوى الفرد نرجع مرة أخرى للمتر في متر كل منا له إطار معين يقدر إن هو يتحرك فيه، أنا أذكر أن في أحد الملتقيات الأخيرة اللي كنا عاملينها لتطوير الموارد البشرية كان الكلام على عملية المتر المربع وأصبح الخيار خيار واحد يا إما كل واحد منا إن هو يجد له متر يصنع فيه حالة تقدم حقيقية ولو على المستوى الجزئي داخل بيته في مجال عمله أو إن هو يا أخي على الأقل يحفر له في قبره بدل ما يكون القبر حافرين له الأميركان فهو إما أن تجد لك مترا تشيد فيه عصرا وتبني فيه قصرا أو أن تحفر لك فيه قبر..

أحمد منصور: تأخرت على المشاهدين اسمح لي آخذ بعض المداخلات، سعود الهاشمي من السعودية تفضل يا أخ سعود..

سعود الهاشمي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي أحمد.

أحمد منصور: وعليكم السلام ورحمة الله.

سعود الهاشمي: والحقيقة والله يا أخي إني أشكرك من أعماق قلبي على هذه الحلقة المتميزة من منظومة مقابلات أحمد منصور.

أحمد منصور: شكرا لك.

سعود الهاشمي: كما أشكر الأخ محمود جبريل لأنه حقيقة لو أردنا أن نقول أن حقيقة المعركة مع الولايات المتحدة الأميركية هي ذات شقين الشق الأول اقتصاديا يقوده بارونات الاقتصاد في الولايات المتحدة والشق الآخر فكري، اليوم محمود جبريل يعني يخاطب الساسة العرب ويحرجهم يقول لنا بلغة غير مباشرة أستطيع أن أباشرها بشكل واضح لماذا ننبطح ونمارس سياسة شيخ القبيلة الذي للأسف يقدم كل ما لديه كما يقدم فنجان قهوة؟ لكن أنا أريد منه بسرعة في أقل من نصف دقيقة أقول له أرد الكرة إلى ملعبه هذا الطرح الاستراتيجي لماذا لا تجتمع النخب وتقدمه لا إلى دولة عظمى نحن يئسنا يا أخي من قضية دولة عظمى تقدمه إلى الجيل الصاعد إلى شركات تعبر الأردن والسعودية والكويت ودبي يقودها عقول مثل محمد بن راشد آل مكتوم ويقودها محاضر محمد ويقودها أمثالكم يا أخي في أوراق عمل علمية عملية ميدانية تلتف حوله الشباب وتوظف بعض المال الذي يوجد هنا أو هناك عند بعض الأحرار حتى ننطلق أما أن نجلس ننتظر أن تنشأ دولة عملاقة لتقوم بما تقوم به الولايات المتحدة أو يتغير حكامنا المساكين حتى يكون لهم مواقف بارزة ومتميزة فهذا شيء كبير، أخيرا أريد أن أشير إلى كتاب لمؤلف أميركي اسمه جانسينغ يقول ليس الكبير الذي يلتهم الصغير ولكن السريع الذي يلتهم البطيء، العالم يقفز قفزات نوعية اقتصادية وإعلامية بسرعة شديدة إن لم ندرك يا حكامنا يا عمالقة الفكر لدينا إن لم نطلق يعني هذه العملاق السريع وبسرعة من فكرنا الإسلامي الكبير ومن تراثنا الكبير وبهذه الأموال التي تُخزَن في جنيف وفي غيرها إذا لم نطلقها بسرعة ستغرق هذه الأموال أمام الوحش الأميركي المجنون الذي يقوده اليمين المتطرف ومرة أخرى وشكرا لك أخي أحمد وشكرا لك أخي الدكتور محمود وبارك الله فيكم.

أحمد منصور: شكرا لك، عبد العزيز حسن من الإمارات أخ عبد العزيز.

عبد العزيز حسن: السلام عليكم.

أحمد منصور: عليكم السلام.

عبد العزيز حسن: إزيك يا أستاذ أحمد وكل سنة وحضرتك طيب.

أحمد منصور: تفضل بسؤالك شكرا لك.

عبد العزيز حسن: بأرحب بالدكتور محمود جبريل وبأقول له منور الشاشة يعني وبأسأل حضرتك سؤال بسيط جدا لو حضرتك حبينا نطبق أو نطوع الشغل بتاعنا بتاع التخطيط الاستراتيجي وتنمية الموارد البشرية على السياسة لو خدنا أسلوب (SWOT Analysis) كأسلوب استراتيجي في التحليل إيه النقاط كعرب بقى إيه النقاط القوة عندنا وإيه نقاط الضعف وحضرتك كمل بقى وإيه الفرص وإيه التحديات في مواجهات الغزو اللي إحنا شايفينه ده وشكرا يا دكتور محمود.

أحمد منصور: شكرا لك أخ عبد العزيز، محمد عبد الله العمادي من قطر.

محمد عبد الله العمادي: ألو السلام عليكم.

أحمد منصور: عليكم السلام ورحمة الله.

محمد عبد الله العمادي: يعطيكم العافية.

أحمد منصور: حياك الله.

محمد عبد الله العمادي: بسم الله الرحمن الرحيم، أول شيء أشكرك وأشكر الدكتور اللي معك هذا وأقول إحنا في الحقيقة إن الموضوع الأهم من هذا هو العمل قال الله سبحانه وتعالى {وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ} إذاً هناك العملية لا توجد أي عملية كلها نظريات في نظريات، أنا بأحكمي في معظم المنظمات الحكومية أو غير الحكومية لا أرى إلا أن هناك برامج موسمية فقط أخي الكريم هناك مشكلة لدينا عدم وجود خطة أو استراتيجية لأي منظمة أو عمل كما تفضلتم هناك جمعيات في العالم العربي يا كثرها ولكن أين العمل؟ أتحدى أي شخص يأتيني في أي منظمة عربية في أي دولة بما فيها أيضا دولة قطر بعدم وجود أي استراتيجية وأعني ما أقوله بما إني في مجالات هذه، لا توجد أي استراتيجية حقيقية هناك نعم ما يسمى للأسف نسمع من المثقفين لا توجد عملية المؤامرة يا أخي موجودة المؤامرة لماذا عندما أنا أعمل في مجال ما وأبدع يا أخي يضع لي عراقيل ماذا تفسر بهذا يا أخي عندما تشتكي على المسؤول يقول لك يا أخي عندك مسؤولك يا أخي ماذا تفسر بهذا أليست هذه مؤامرة أخي الكريم؟

أحمد منصور: شكرا لك، تفضل يا دكتور.

محمود جبريل: طيب بالنسبة للسؤال الأول أنا أتفق تماما مع الأخ السائل الكريم من السعودية أن تركيزنا يجب أن يكون على الجيل القادم الجيل القادم اللي إحنا بنسميه (Dot com Generation) أعتقد أنه أكثر جرأة منا أكثر صحة نفسية وأكثر قدرة على قول لا، يجب أن يعتنى بهذا الجيل وإعطاؤه الفرصة الكاملة لأني أعتقد إن هم سيفعلوا ما لم نستطيع إحنا فعله وأنا أوافقه تماما، دور الفرد اللي هو بيؤكد عليه أيضا أن بأثني على هذا الدور وهأعطي ملاحظة بسيطة مؤشر بسيط من سنة 1987 حتى اليوم اللي بيعملوا الحقيقة مانشيتات الأخبار وعناوين الصحف وعناوين نشرات الأخبار هم أفراد مش حكومات عربية بن لادن، مصعب الزرقاوي، الحوثي، أنا أدعي أن خطاب بن لادن (Video Tape) بينشر في قناة الجزيرة بتصغى إليه أميركا شعبا وحكومة، حكامنا العرب خطاباتهم لا يلتفت عليها حتى موظف الخارجية الأميركية في (Desk) ليه؟ لأن الثاني عنده قدرة فعل وهو فرد أنا لا أزكي ما يقومون به ولكن بأدلل أن الفرد لديه هامش حركة كبير جدا للحركة اليوم، اليوم من خلال جهاز (PC) كمبيوتر في بيته يستطيع أن يخاطب العالم ففيه هامش حركة أتاحته المتغيرات الكونية لم ننتبه إليه بعد ولا زلنا بنشاور إحنا على الحكومات وبنشاور إحنا على النخب بينما لدي الكثير لأقدمه كفرد، بالنسبة لموضوع أصوات (SWOT Analysis) الأخ الكريم اللي سأل من اليمن (SWOT Analysis) هو التخطيط الاستراتيجي اللي هو بيسموه مصادر القوة ومصادر الضعف والتهديدات والفرص التحليل الرباعي، التحليل الرباعي أصبح شيء قديم لأن الآن طالع هو ما يسمى (Manipulative Strategic Planning) أو (MPC) التلاعب بالموقف عن طريق ما يسمى نظام السيناريوهات (What if) ماذا لو، ماذا لو الكلام اللي قاله محمود جبريل لو طلع فيه 20% صح مش فيه فرص حقيقية بتضيع على الأمة ماذا لو الكلام اللي قاله محمود جبريل الليلة طلع كله غلط ما خسرناش شيء يا أخي ولكن على الأقل فيه رؤية خلينا نشوف جانب آخر من الجوانب..

أحمد منصور: لم يعد لدي سوى دقيقتان أريدك في خلالهم أن تقول لي إيه السيناريوهات المحتملة للعلاقات الأميركية العربية في ظل ولاية بوش الثانية؟

محمود جبريل: طيب بوش أنا أعتقد تركيبته الشخصية أنا مش عايز أدخل فيها مع احترامي له على المستوى الشخصي لكن تركيبته كرئيس وأسلوبه في اتخاذ القرارات ونظام حياته الشخصي وطريقة تعامله لا ينبئ بخير أن هناك تغير في السياسة الخارجية الأميركية في الأربع سنوات القادمة، قد يحاول بوش بضغط من دوائر وزارة الخارجية الأميركية خصوصا أن كونداليزا رايس تلقى أذنا صاغية منه قد يكون هناك بعض المحاولات للمناورة سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو محاولة تذويق الانتخابات داخل العراق أن مصداقية للنموذج الأميركي ناسيين أو متناسيين إحنا كعرب أن هناك مصلحة حقيقية لكل نظام عربي اليوم في دعم المقاومة العراقية لأن السؤال الذي يجب أن يُسأل في حالة نجاح النموذج العراقي أميركيا الدور على من؟ هذا اللي إحنا مش نخاف منه المقاومة العراقية لو نجحت هتستشرى في أماكن أخرى، أنا اللي خائف منه شيء واحد أستاذ أحمد في الختام إنه يحصل لنا زي ما بيقول القصص القرآني أن الجن لما كانت شايفة سليمان وهو متكئ على المنسأة بتاعه وهو ميت ولا دابة الأرض بتأكل من ساقه وهم في الذل وفي الهوان وما عرفوش إلا لحد ما أنبئتهم دابة الأرض..

أحمد منصور: {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ}.

محمود جبريل: فإحنا خايفين يحصل لنا ما حصل للجن يعني هذه الذل والهوان..

أحمد منصور: يعني أميركا تخر وإحنا في الآخر نفوق بعد العالم كله ما..

محمود جبريل: ولا نعرف أن الولايات المتحدة تحتضر.

أحمد منصور: أشكرك يا دكتور شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.