صورة عامة - لقاء اليوم - أندرس أربوريليوس - 27/7/2010
لقاء اليوم

أندرس أربوريليوس.. حوار الأديان وآفاق التعايش

يستضيف البرنامج أسقف الكنيسة الكاثوليكية السويدية أندرس أربوريليوس. هو أول سويدي يتولى هذا المنصب منذ أكثر من أربعمائة عام، كما أنه رئيس مؤتمر أساقفة إسكندنافية ويحمل شهادة دكتوراه في الفلسفة واللاهوت.

– العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في الدول الإسكندنافية
– عوامل التغيير وآفاق الحوار والتعايش بين الأديان

العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في الدول الإسكندنافية

ليلى الشيخلي
ليلى الشيخلي
أندرس أربوريليوس 
أندرس أربوريليوس 

ليلى الشيخلي: حياكم الله وأهلا إلى لقاء اليوم، ضيفنا هو أندرس أربوريليوس أسقف الكنيسة الكاثوليكية السويدية. هو أول سيودي يتولى هذا المنصب منذ أكثر من 400 عام كما أنه رئيس مؤتمر أساقفة اسكندنافية ويحمل شهادة دكتوراه في الفلسفة واللاهوت، أهلا بك سيادة المطران. سأبدأ من مصطلح يتردد كثيرا في السنوات الأخيرة حوار الحضارات وحوار الأديان، هل بقيت هذه المصطلحات حبيسة المؤتمرات والندوات أم بدأت تثمر واقعا على الأرض؟


أندرس أربوريليوس: أعتقد أن هذا أمرا ينعكس في كافة مستويات الحياة وربما الأمر المهم في هذا المقام أن نظهر بأن الناس العاديين من أديان مختلفة يستطيعون أن يعيشوا مع بعضهم البعض كإخوة وأخوات في محاولة لتأسيس المجتمع قائمة على المصالحة والسلام والعدالة إذاً يحذوني الأمل بخصوص هذه القضية وأعتقد أن الأمر ممكن أن نؤسس معا مناخا للتفاهم والحوار والأمل.


ليلى الشيخلي: ولكن في المقابل هناك مصطلح يتردد بقوة هذه الأيام هو الإسلاموفوبيا في الغرب خصوصا في أوروبا هل مرده ازدياد عدد المسلمين في أوروبا، مثلا في السويد حسبما فهمت نسبة الكاثوليك فيها هي 2% بينما نسبة المسلمين تصل إلى 5%؟


أندرس أربوريليوس: أعتقد أن قضية كراهية الإسلام أصبحت قضية مهمة ويجب حلها ومن أجل مساعدة الناس لأن يروا أن هذا التصور سيء جدا فعلى المسلمين والمسيحيين أن يفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل ليخلقوا مناخا للتفاهم، وأعتقد أنه في السويد الإمكانيات جيدة جدا لأن الكاثوليك والمسلمين عادة يأتون كمهاجرين من دول أخرى ويعيشون هناك كأقلية في مجتمع غالبيته لها رؤية أخرى في فهم الأمور، إذاً لدينا قواسم مشتركة كثير ونحن نعمل على هذا المجال في محاولة لنؤسس لفهم أعمق بيننا، أعتقد أن هذه القضايا يجب حلها بناء على المستوى الإنساني العادي حيث نجمع الناس ببعضهم البعض ونساعدهم على أن يدركوا بأنهم إخوة وأخوات خلقهم الله.


ليلى الشيخلي: تتحدث عن النوع من الانسجام يعني يمكن القول إن المسلمين والمسيحيين في السويد بينهم انسجام، هل هذا وصف ملائم برأيك؟


أندرس أربوريليوس: أقول إنه في السويد العلاقة بين الناس من أديان مختلفة جيدة، المجتمع السويدي علماني وغالبية الناس لم يعودوا يؤمنون بالله، وهذا يعني أن أولئك الذين يؤمنون بالله عليهم أن يقفوا إلى بعضهم البعض، مثال على ذلك هناك رجل تزوج وذهب وعندما كان طفلا ذهب إلى المدرسة كان هناك شخصان يؤمنان بالله أحدهما كاثوليكي والآخر مسلم وبالتأكيد أصبحوا أصدقاء، إذاً هذه هي الحياة في السويد المعاصرة.


ليلى الشيخلي: تقصد صورة جميلة من الانسجام في السويد، ولكن هناك صورة ربما أقل جمالا إذا صح التعبير في بلد اسكندنافي مجاور نسمع كثيرا عن توتر قائم بين المسلمين والمسيحيين خصوصا على خلفية الصور، صور الكاريكاتير المسيئة للرسول الكريم التي أثارت ضجة كبيرة، لماذا هذا التباين إذاً بين بلدين يفترض أن لديهم بنية اجتماعية وثقافية متشابهة؟


أندرس أربوريليوس: أقول إنه في الدنمارك الوضع هناك مختلف فالوضع السياسي في الدنمارك تغير على نحو ما وبالأخص هناك حزب سياسي له سياسات ضد الهجرة وبالأخص ضد المهاجرين المسلمين، لكنني أعتقد أن المسيحيين في هذه الدول ليسوا داعمين لقضية الكراهية ضد الإسلام ولكنها تستخدم من طرف الأحزاب السياسية من أجل أن توقف عمليات الهجرة سواء كان المهاجرون قادمون من دول إسلامية أو من دول أخرى، الأسقف الكاثوليكي في الدنمارك يشعر بالقلق باتجاه الوضع في الدنمارك، إذاً بالتأكيد ليس هناك انسجام تام في أي بلد في العالم لكن أقول إنه بين المسيحيين والمسلمين عادة ما تكون الأشياء بشكل جيد.


ليلى الشيخلي: طبعا موضوع الصور الكاريكاتيرية هذه أثارت ضجة وتم كثير من الحديث عنها، ولكن بعدما مرت هذه الفترة هل فعلا يمكن القول إن هذه الحادثة ربما ساهمت في دق ناقوس الخطر بأننا كنا ربما نضع رؤوسنا في الرمال ونعالج السطح بينما كنا نغفل الأمور عن التوتر الحقيقي الذي كان موجودا والذي تفجر بهذه الطريقة البشعة عندما استجد هذا الأمر، يعني هل ننتظر حوادث حتى نعزز فكرة الحوار بينما التوتر موجود تحت السطح؟


أندرس أربوريليوس: لا، أنت محقة تماما، علينا أن نبدأ بمعاملة الحياة العادية للناس العاديين أن نجمعهم مع بعضهم البعض وأعرف الكثير من المبادرات في السويد من هذا القبيل، مثلا مالماو والتي أصبحت مكانا مركزيا للمهاجرين المركزيين، نحاول أن نتعاون في مجال تربية وتعليم النساء مثلا لدينا مدرسة عليا كاثوليكية وتحاول أن تعمل مع الجالية المسلمة وتقدم لهؤلاء النساء القادمات للسويد أن تقدم لهم التعليم، أعتقد أنه علينا أن أن نبدأ من الإنسان العادي، هناك دائما قوى سياسية علمانية تحاول أن تستخدم الدين كما قلت.


ليلى الشيخلي: هل جزء من هذا الاستفزاز ربما هو ما يحدث الآن من تركيز على موضوع النقاب، يعني أكثر من دولة أوروبية قانونا تحظر النقاب اليوم، هل هذا التركيز في محله؟


أندرس أربوريليوس: أعتقد أن هذا الأمر مأساوي ويستخدمه السياسيون من أجل أن يصعبوا الأمور أمام المهاجرين، نحن ندرك بأن هذه الأصوات العلمانية الموجودة في أوروبا وعلى نواح عديدة تحاول أن تتخلص من الرموز الدينية بشكل عام في المجال العام لهذه البلدان، مثلا في إيطاليا هناك تم تنحية الصلبان من المدارس وفي مؤتمرنا قمنا بمقارنة بهذا الأمر والموضوع الإسلامي وأصدرنا بيانا أنه مهم، من المهم أن يسمح لكل شخص بأن يلبس بالزي الذي يرضاه وأن يستخدم الرموز الدينية في المجال العام المجتمع.


ليلى الشيخلي: ولكن هنا لا يمكن أن نغفل دور السياسة، السياسيون يلعبون دورا في التأثير على الانسجام القائم حاليا، ما حجم هذا الدور برأيك؟


أندرس أربوريليوس: أعتقد أن المعرفة محورية في هذا المقام وفي أوروبا ولسوء الحظ هناك مستوى ضعيف من معرفة الإسلام، ولكن هناك أيضا جهل بالعقيدة المسيحية لأن أوروبا أصبحت علمانية والناس عادة لا يعرفون الكثير عن الدين، وذلك ما نحاول الآن أن نقوم به في السويد من خلال معهدنا الجديد حيث نسعى إلى تأسيس تعاون معمق مع العلماء المسلمين، ذلك أحد الأسباب وراء مجيئي إلى هنا وبغية أن أحضر لأمر قد يقدم لي المجتمع بصورة عامة وطريقة لتعميق فهمهم بالروحانيات، أي روحانيات الإسلام.


ليلى الشيخلي: ولكن التركيز هنا على النخب الدينية، الحوار يتم بين النخب، فكلنا نعرف أن السياسات لا تصنع على مستوى النخب ما لم يكن هناك تأثير للفاعلين في هذا الأمر صناع السياسة صناع القرار، هل ستثمر هذه الجهود برأيك؟


أندرس أربوريليوس: تلك هي الصعوبة التي تعترضنا حيث إن صناع القرار غالبيتهم على الأقل ليسوا مهتمين بشكل كبير بالدين ولكن في السويد سمعنا من الكثير من السياسيين وحتى أنهم يطلبون بصفتنا مسيحيين في أن نقدم لهم المساعدة في التعريف بشأن الإسلام وأعتقد أن ذلك أمر مهم، إنهم يتطلعون للمعرفة بشكل أكثر لأنهم لا يعرفون أي شيء عن الإسلام، وربما تلك قد تكون طريقة للمسلمين والمسيحيين أن يحاولوا أن يضعوا هذه المواضيع على أجندة، لكن الموضوع صعب لأن صناع القرار عادة لا يكونون مهتمين في قضايانا لكن علينا أن نحاول.


ليلى الشيخلي: نيافة المطران شكرا، سنأخذ فاصل قصيرا ثم نعود لنكمل الحوار، ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

عوامل التغيير وآفاق الحوار والتعايش بين الأديان


ليلى الشيخلي: أهلا من جديد إلى لقاء اليوم وضيفنا هو أندرس أربوريليوس أسقف الكنيسة الكاثوليكية السويدية. سيادة المطران هناك تغيير لا شك يحدث في العالم ويبدو أنه يطال مؤسسات كثيرة دينية اجتماعية سياسية، إلى أي حد هناك استعداد لدى الكنيسة الكاثوليكة للتغيير برأيك؟


أندرس أربوريليوس: الكنيسة تعيش في عهد وفي مناخ يطبعه التغير وهذا يعني أنه عندما تواجه هذه الكنيسة تحديا وظاهرة عليها أن توضح موقفها ولكن بالتأكيد هناك قيم خالدة في كافة الأديان وعلينا أن نجلب هذه القيم للعالم لكن علينا أن نقوم بذلك بطرق مختلفة، ذلك هو التحدي الكبير الماثل أمامنا، أن نجد لغة يفهمها الناس ولنتحدث عن القيم الخالدة المتعلقة بحب الله للعالم وذلك هو مهمتنا الأساسية.


ليلى الشيخلي: إلى أي حد تأثرت الكنيسة بمسلسل الفضائح الذي ارتبط بها مؤخرا، تحرش بالأطفال تحديدا وكان في حالتين كشف عنها النقاب في السويد مؤخرا، إلى أي حد تضررت سمعة الكنيسة الكاثوليكية بهذا؟


أندرس أربوريليوس: بالتأكيد هذا سؤال مؤلم لنا جميعا، علينا أن نقبل بأنه كان هناك الكثير من المخطئين حتى بين راهبينا ومعتقدنا، وبالنسبة لنا الأمر يتعلق بمحاولة التخلص من هذه الأشياء المريعة ولكن هذه أيضا مرحلة التوبة إلى الله لأننا ندرك بأن الكنيسة هي الأخرى تحتضن من لا يعيشون حسب إرادة الله وبالنسبة لنا لقد حان الوقت بأن نسير في طريقة التوبة.


ليلى الشيخلي: هل برأيك سيفتح هذا الباب أمام مثلا السماح بالزواج للأساقفة والقساوسة، سيغير مثلا من دور المرأة، دخول المرأة يكون لها دور أبرز في الكنيسة الكاثوليكية؟


أندرس أربوريليوس: أعتقد أن كل هذه الأسئلة الآن موجودة على الطاولة ولكن علينا أن نرى قضية مثلا التحرش بالأطفال هذه حالة خاصة وعلينا أن نتعامل معها بشكل مهني تماما، بينما القضايا الأخرى هي لها أبعاد مختلفة، لكن بالتأكيد الكنيسة في كل عصر علينا أن ترى الطرق التي تسمح لها بأن تجلب الله إلى العالم وهذا يعني أنه علينا أن نتخذ مواقف بشأن هذه القضايا ولكننا لا يمكن لنا أن نخلط بينها، هذه الأشياء المريعة قد حدثت في الكنيسة علينا أن نعترف بها ونبذل قصارى جهدنا لمنعها ولكن هذا لا يعني بشكل تلقائي أنه علينا أن نحدث تغييرات كبيرة أخرى على مستويات أخرى.


ليلى الشيخلي: تحدثت عن أن هناك عددا كبيرا من الناس اليوم الذين لا يؤمنون بالله لا يمارسون أي نوع من طقوس العبادة بغض النظر عن الديانة، مثل هذه الحوادث هل تعزز مثلا فقدان الثقة بالمؤسسة الدينية برأيك؟


أندرس أربوريليوس: لا، بالتأكيد تلك إحدى المآسي حيث إنها ستؤدي إلى مغادرة الناس وابتعادهم عن الله لأنهم يقولون إذا حدثت مثل هذه الأمور في الكنيسة كيف لي أن أؤمن بها، ولكن في نفس الوقت شاهدنا في السويد أن بعض الناس قد تفهموا أن هذا الأمر يتعلق بجزء صغير حيث قامت الكنيسة بالخطيئة ضد الله وقوانينه وهذا قد يجلب الناس إلى المزيد من التأمل ولكن على المدى القصير هذا مثل ضررا كبيرا للكنيسة لكن بالنسبة لأولئك الناس الذين يحاولون فهم الوقائع قد يدعوهم إلى مزيد من التفكير حول القيم الحقيقية المتعلقة بأهداف الله وحبه.


ليلى الشيخلي: أنا أريد أن أعود إلى موضوع حوار الحضارات وحوار الأديان بشكل عام، درجة الانسجام بين المسلمين والمسيحيين وأديان أخرى في دول أوروبا الشمالية ربما أكبر مما هي عليه في مناطق أخرى، هل تعتقد أن انعدام التاريخ الاستعماري لهذه البلدان يسهم في هذا الانسجام بطريقة ما؟


أندرس أربوريليوس: أعتقد أن هذا أمر مهم، علينا أن ندرك بأن الدول الاسكندنافية لم يكن لها تاريخ استعماري ولديها تاريخ نظيف في هذا المعنى لكن في نفس الوقت هذه الدول كانت تعيش في عزلة عن غيرها من الدول، إذاً هناك سلاح ذو حدين في هذا المجال، لا نتقاسم تاريخ الدول الأخرى التي أساءت معاملة غيرها ولكن من ناحية أخرى نحن لسنا معتادين على الأجانب وهذا يصعب على البعض من سكان شمالي أوروبا أن يتعاملوا مع الأجانب المهاجرين، علي أن أعترف بأننا نعاني من مشكلة حيث إن الناس هناك في المدن الكبيرة يعيشون منعزلين، ستوكهولم هي مدينة مقسمة، المهاجرون يعيشون في مكان منها والسويديون في مكان آخر وربما تلك أحد المشاكل الكبيرة التي علينا أن نواجهها فعلى مستويات كبيرة ليس هناك تواصل بين الناس.


ليلى الشيخلي: إذاً البابا قدم اعتذارا لليهود عما تعرضوا له، والسؤال الذي يطرح نفسه في وقت حالي يعاني فيه الفلسطينيون بشكل كبير هناك حصار على غزة، ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الكنيسة الكاثوليكية من أجل تخفيف هذه المعاناة التي يرزح تحتها الفلسطينيون اليوم؟


أندرس أربوريليوس: أعتقد أن هذه قضية مهمة للغاية بالنسبة للكنيسة الفاتيكان والكنيسة المحلية هي تقوم بما في وسعها من أجل المصالحة بين اليهود والمسلمين في فلسطين وبالأخص في الوقت الراهن حيث أن وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة أصبح وضعا صعبا، كما تعلمون الفاتيكان كان لديها دائما سياسة قائمة على الدبلوماسية السرية، فالبابا ربما لم يتحدث بشكل كبير كما كان الناس ينتظرون ذلك، لكن على مستوى الدبلوماسية السرية قام بالكثير لمساعدة اليهود في بعض الأحيان لأنه قد يكون الأمر ناجحا جدا. أعرف أن هناك دائما محادثات تجري مع إسرائيل من أجل التوصل إلى حل لكن فيما يتعلق بي لا أعتقد أن هذه الأمور كانت ناجحة، بالتأكيد الكثير من أساقفة العالم حاولوا أن يركزوا على هذا الأمر المتعلق بالمعاناة الكبيرة للفلسطينيين.


ليلى الشيخلي: من يتحمل مسؤولية عدم نجاح هذه المحاولات؟


أندرس أربوريليوس: من الصعب أن نعرف ذلك، فنحن لا نعرف أي شيء رسمي بشأن المحادثات الجارية ولكن يبدو أن هناك صعوبات جمة تتعلق بتغيير مواقف السياسيين في إسرائيل.


ليلى الشيخلي: ما هو دور المسيحيين الشرقيين؟ عرفت أنك تؤمن بأنهم يجب أن يلعبوا دورا أكبر في لعب دور أساسي في الانسجام والتفاهم بين الديانتين، ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبوه؟


أندرس أربوريليوس: أنت محقة تماما مثلا في السويد هناك الكثير من المسيحيين الذين أتوا من الشرق الأوسط وقد جلبوا معهم تقاليدهم وهم معتادون على التعامل مع المسلمين وأن يتعايشوا معهم، وذلك بالتأكيد أمر يمكنه أن يساعدنا بصفتنا غربيين بأن نتعلم من التعايش السلمي مع بعضنا البعض ولكن أيضا يأتون من بلدان لديها ثقافاتها السياسية المختلفة، مثل في العراق هناك الكثيرون قد قدموا إلينا وقد جلبوا ثقافتهم الثرية وصداقاتهم ولكنهم أيضا جلبوا قوانينهم وعاداتهم إذاً علينا أن نأخذ ما هو جيد منهم ونساعدهم لأن يخرجوا من تاريخهم المأساوي في الأزمنة الحاضرة.


ليلى الشيخلي: ما هو التحدي الأكبر الذي يواجه المسيحيين والمسلمين اليوم من وجهة نظرك؟


أندرس أربوريليوس: علي أن أقول إن التحدي يتمثل في أن هذا العالم لا يمكنه أن يقبل الله على نحو ما، وبتلك الطريقة يقوم بتقزيم الإنسان ويجعله مجرد كائن مادي خالص وذلك يدعونا إلى أن نحاول أن نظهر للعالم بأن هناك إلها محبا وقد منحنا الكثير، منحنا الحب والعدالة والسلام، ونحن كمؤمنين علينا أن نقدم للإنسانية أمرا يساعدهم في حياتهم وذلك هو التحدي الماثل أمامنا أن نظهر للإنسانية بأن الدين سيجعل الحياة أكثر ثراء وأكثر جمالا وأكثر سعادة تلك هي مهمتنا الأساسية.


ليلى الشيخلي: الكلمات جميلة وكثيرا ما نسمعها من رجال الدين ولكن على الأرض الصورة التي ترسم مختلفة، ما الذي يمكن أن نسهم به بطريقة أكثر عملية لكي نرى ثمار هذه الكلمات الجميلة والتصورات النابعة من محبة خالصة لنراها تترجم على الأرض برأيك؟


أندرس أربوريليوس: ذلك هو الأمر المهم أن نكون عمليين، على المسلمين والمسيحيين أن يكونوا متطلعين لتعزيز هذا الحوار وأشكال الحوار على المستوى العام، وذلك ما نحاول أن نقوم به بطريقة بسيطة ومتواضعة في المدن المختلفة للسويد حيث نعرف أن المسلمين والمسيحيين يعيشون في نفس المجتمع ويعانون من نفس المشاكل، إذاً أعتقد أن تلك مهمتنا أن نكون أكثر واقعية وألا نستخدم كلمات رنانة وجميلة، لكن في أفعالنا أيضا أن نظهر للعالم العلماني بأننا بصفتنا مسلمين ويهود ومسيحيين وأيا كانت ديانتنا أن نحاول أن نقوم بأمر لخدمة الإنسانية وأننا لسنا مهتمين فقط بتعزيز مصالحنا وإنما نقدم للمجتمع أمرا لا يمكن للمجتمع أن يحظى به بنفسه، حب الله الإخاء البشري والأمل بالنسبة للجميع، تلك هي مهمتنا الدائمة أن نجعل هذه الكلمات الجميلة وأن نترجمها لتصبح واقعا في جميع أنحاء العالم


ليلى الشيخلي: يعني إذا وضعنا مثلا ما نتمناه جانبا كيف ترى مستقب التعايش بين المسلمين والمسيحيين في أوروبا تحديدا؟


أندرس أربوريليوس: في أوروبا اليوم نحن نواجه هذا التحدي الكبير والمتمثل في ضرورة إظهار لأننا معنا نود أن نبني مجتمعا منفتحا للإنسان ولله وأعتقد أن الوضع مختلف في دول عديدة كما تعلمون فإن أوروبا تمثل واقعا معقدا وكافة الدول لديها تواريخها الخاصة ويمكنني أن أتحدث عن شمالي أوروبا على وجه التحديد، هناك أعتقد أن لدينا إجراءات جيدة ودوافع جيدة ذلك أننا دول لديها تاريخ مسالم ونحن دول لا تعيش توترات ونزاعات ونحن دول يحاول فيها الناس من الأديان المختلفة أن يتعايشوا مع بعضهم البعض، لأ أقول إننا مثال للعالم فذلك سيكون ادعاء سخيفا ولكن يجب أن نبدأ من حيث نحن موجودون، وذلك أحد الأسباب وراء قدومي إلى قطر فهذا بلد صغير وهذا بلد يحاول أن يعزز هذا الحوار والعلاقة بين الأديان، إذاً ربما هي دول صغيرة ويمكنها أن تساعد بعضها البعض لأن تجد طريقها لأن تعمل مع بعضها البعض وأعتقد أنه من المهم أن نحصل على هذه العلاقات الدولية لأن أوروبا لم تعد مركزا للعالم، نحن بحاجة إلى الاتصالات من بقية أنحاء العالم.


ليلى الشيخلي: أشكرك جزيل الشكر أندرس أربوريليوس أسقف الكنيسة الكاثوليكية السويدية شكرا لك كنت ضيفنا في لقاء اليوم. وشكرا لكم مشاهدينا الكرام على متابعة هذه الحلقة من لقاء اليوم، في أمان الله.