الشاهد

النكبة.. باقون حقٌ يأبى النسيان ج4

الحلقة الأخيرة من سلسلة برنامج الشاهد بمناسبة الذكرى الخامسة والستين للنكبة تبدأ من بئر السبع عاصمة صحراء النقب التي سيطر اليهود عليها منذ النكبة وحتى اليوم.
‪أحمد الشيخ‬ أحمد الشيخ
‪أحمد الشيخ‬ أحمد الشيخ
‪أحمد الحاج علي‬ أحمد الحاج علي
‪أحمد الحاج علي‬ أحمد الحاج علي
‪صقر جبالي‬ صقر جبالي
‪صقر جبالي‬ صقر جبالي
‪محمد مسيمي‬ محمد مسيمي
‪محمد مسيمي‬ محمد مسيمي
‪أبو مهيوب الفقها‬ أبو مهيوب الفقها
‪أبو مهيوب الفقها‬ أبو مهيوب الفقها
‪عطية العثامين‬ عطية العثامين
‪عطية العثامين‬ عطية العثامين

أحمد الشيخ: ونرتد ارتداد المتراخي من شواطئ المتوسط إلى بئر السبع في النقب غير أنه تراخي المحب أين اتجهت، ما إن بلغنا وسط المدينة التي شيدها العثمانيون أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حتى وقعت العين على ما يُذكر بخيوط النكبة الأولى إذ تحاك، تمثال للجنرال ألنبي قائد القوات البريطانية الذي احتل غزة قادماً من مصر، اليوم يعيش في بئر السبع 200 ألف مهاجر يهودي وحوالي 8 آلاف عربي، كان تعداد سكان بئر السبع عام 1948 يقارب 7 آلاف نسمة جلهم من القبائل البدوية وهجر كثير منهم، هذه هي السوق العربية في المدينة تتوشح حتى اليوم بقسمات شرقية بدوية تلفحها شمس النقب وترفض أن تقتلع أو تستبدل الذي هو أحدث ولو أعجب بالذي هو أصيل، يرافقنا في المدينة وفي الصحراء من هو أدرى بشعاب النقب الدكتور ثابت أبو راس يستذكر ويحذر لعل هناك صاحب نخوة يجيب فلا مسجد للعرب ولا مدرسة ولا حتى مقبرة، هذه المقبرة مغلقة منذ النكبة ويريدون استغلال أرضها.

بئر السبع في مخطط التهويد

ثابت أبو راس/أستاذ جامعي: واضح جداً أن بلدية بئر السبع تعمل على تهويد المكان في داخل المدينة، هناك مخطط أن يبنى في هذه المنطقة عمارات شاهقة على هذه الأرض حيث أن القبور حيث أن المقبرة يعني بدأت.. منعوا المسلمين أن يقبروا فيها في 1948.

أحمد الشيخ: وهذا هو المسجد العثماني الذي سبق النكبة كان حتى عهد قريب معرضاً للخمور.

ثابت أبو راس: إحنا في البلدة القديمة في بئر السبع، مسجد بئر السبع المسجد الوحيد الموجود في المدينة بُني في 1906 واستعمله المصلون بين 1906 وحتى 1948 منذ النكبة في عام 1948 أغلق أمام المصلين المسلمين، هناك اليوم 8 آلاف عربي مسلم في مدينة بئر السبع ولا مسجد للمسلمين يصلوا فيه، المسجد حُول إلى متحف ومن متحف والآن تدور معركة حوله حول فتحه للمصلين وللأسف بلدية بئر السبع قررت في الست سنوات الأخيرة أن تقيم معرض خمور في المسجد استطعنا في السنة الأخيرة إخراج معرض الخمور ولكن المسجد ما زال مغلقا.

أحمد الشيخ: وهذه منازل عربية تتحكم بها الحكومة باعتبارها أملاك غائبين، أما هنا فيعيش اليهود في هذه الأبراج ومعظمهم من الإشكناز الغربيين وتعتبر بئر السبع عاصمة صحراء النقب التي سيطر اليهود منذ النكبة وحتى اليوم على مساحات شاسعة منها، وتستمر اليوم المخططات الهادفة إلى ابتلاع ما تبقى وطرد السكان العرب منه، هذه هي بعض القرى التي ستزال تُحرم من الماء والكهرباء رغم أن خطوط النقل تمر من فوق منازلها.

ثابت أبو راس: هذه القرى حسب التخطيط سوف لا نراها بعد سنوات قليلة، ما ترونه هو قرى سكان يسكنون هنا على أرضهم قبل قيام دولة إسرائيل ما زالوا يسكنون بدون ماء ولا كهرباء.

أحمد الشيخ: والخطة تقضي بنقل هؤلاء البدو الذين يعيشون هنا منذ آلاف السنين إلى تجمعات حضرية تحصرهم وتبدل طريقة عيشهم حتى تصادر أرضهم.

ثابت أبو راس: حتى العام 1948 كان هناك 90 ألف عربي نقباوي بدوي من سكان النقب، بعد النكبة بقي هنا عشرة آلاف فقط ، جاءت دولة إسرائيل في 1948 ركزت عرب النقب في منطقة صغيرة من صحراء النقب، صحراء النقب بكل الحالات نصف مساحة فلسطين التاريخية وحول 60% من مساحة إسرائيل ركزتهم في منطقة تعرف بمنطقة السياج منطقة صغيرة من النقب والآن تعمل على تشريد وتهجير وهدم هذه القرى التي ترونها الآن وترحيل حوالي 70 ألف عربي من سكان هذه القرى إلى بلدات تحت ذريعة عصرنة عرب النقب حسب المخطط الحكومي الحالي المدعو مخطط برفر سيتم مصادرة نصف مليون دونم.

أحمد الشيخ: فالسلطات تمنعهم من تسجيل أراضيهم ولا توفر المدارس القريبة فتصبح الدراسة تنقلاً عسيراً، منذ البداية الأرض هي الهدف والأساليب لم تتغير.

محمد أبو فريحة: عدد السكان المهددين بالترحيل ما يقارب من 30 ألف، 40 ألف نسمة هناك يعني في منطقة اسمها وادي النعم، منطقة وادي النعم السنة الجاي بدهم يسكروا السنة القادمة بدهم يسكروا المدارس فيها، ويبدو في تهجير السكان التهجير القسري من منطقة وادي النعم إلى منطقة شيب السلام، نحن لن نرحل من هذه الأرض ولن نفرط في ذرة أرض واحدة، هذه أرضنا إما أن نعيش عليها كرماء وإما أن نكون بطنها شهداء.

عطية العثامين: وين بدنا نروح ما في أي مكان نروح غير المكان هذا، يقتلونا يقتلونا فيه يدفنونا في أرضنا.

مذبحة كفر قاسم على حقيقتها

أحمد الشيخ: كفر قاسم قرية عربية احتلت عام 1948 وبعد ثماني سنوات من قيام إسرائيل نالت نصيبها من المذابح، في السابق نفذت عصابات الهاغانا المذابح أما هذه المرة فالجيش هو مرتكبها، 58 رجلاً وامرأة قتلوا وجرح آخرون نجوا بأعجوبة، هذا المتحف لذكراهم أما شدمي قائد الكتيبة التي ارتكبت هذه المجزرة فغرمته المحكمة قرشاً واحداً فقط كما في هذه اللوحة، الحاج محمود فريج أحد الذين أصيبوا ونجوا.

محمود فريج: أنا رأيي من شان يطلعونا من هان لأنه إن كان فكرتهم من 1948 أقتل 50 بتطلع 500 أو 5000 يشردوا يعني يهربوا يخافوا على حياتهم لكن شاءت الأقدار والناس ما طلعوش ظلوا في دورهم رغم اللي صار، إحنا بقينا نشتغل أنا وأخوي ومعي أخرى واحد صاحب في البلد نشتغل بالمحجر روحنا إحنا أنا وأخوي واللي معنا وأجا إضافي معنا واحد من الطريق صرنا 4 على بسكليتات واجهنا على جيب واقف هناك على الكوربا شرقا أبو 20 متر 50متر لشرقا بالضبط وين القارمة اللي عليها الأسماء أنا هناك انضربت ووقعت كيف فتحوا النار ضربوا على الثلاثة اللي بالطريق وغربا وعلى اليمين لأنهم ثلاثة فتحوا النار عليهم، أنا فكرت إنه يعني مش صيب يعني ما لحقت أفكر إلا أني على الأرض واقع ضربوهم وردوا رصاص علي وقعوني، هلقيت بهذه الحالة لما أنا وقعت..

أحمد الشيخ: وين أصابوك؟

محمود فريج: في رجليّ اللي تحت، عرفت إنه الضرب صيب مش يعني تخويف مشان نهرب وسمعته قلهم خسارة على الفشك أعطوا كل واحد رصاصة براسه بالعبراني، بعدها أجت سيارة البنات فيها 20، 22 بنت ومعهم 4، 5 أولاد آخرين ما خلوش منهم ولا واحد واحد واحد واحد واحد صفوا بالدور هوياتكم هذا رجعوا وبدا فيهم الحصيدة، المهم يا سيدي العزيز قمت طلعت على أخوي واللي معه قطعت الطريق ورحت عليهم ناديت عليهم أحمد علي أحمد علي ما فيش رحمة الله عليكم خالصين، وأنا بقى عندي 3 أطفال هلقيت نحمد الله وصلتهم لـ 10 وصلوا لعشرة والأحفاد 49 أحفاد عندي 49 يعني أصغر حفيد هو هذا زين هذا أصغر حفيد، يعني نحمد الله هم فكروا إنه بدهم يفضوا البلاد من الناس.

أحمد الشيخ: لا تبعد كفر قاسم عن الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 إلا بضعة كيلومترات ومنها يحملنا الترحال إلى الضفة الغربية، مرة أخرى نحن في ضيافة أبو أحمد المصري يذكرني هذا الفلاح المتمرس بقول السيد المسيح "بَنُوكَ مثل غروس الزيتون الجدد حول مائدتك" قبل 6 سنوات كان أبو أحمد المصري يحرث أرض زيتونه حين قابلته وأنا أعد برنامجاً في ذكرى نكسة 67 التي أكملت دائرة النكبة، وها أنا أعود لأجده يرعى زيتونه كما يرعى أولاده حول مائدته، هذه هي الصورة التي ترسخت في ذهني منذ وعيت عن معنى الأرض وقيمتها، كانت راحة أبي الخشنة تطبق على كابوس المحراث بقوة حبه للأرض ترعاها برفق وتبادلها حناناً بحنان، إنه حب تتوارثه الأجيال.

صالح المصري: أمان ما فش والوضع من سيء لأسوأ لكن إن شاء الله بنعمة من الله إنه ما بدموش اليهود يوماً ما ننتصر عليهم إن شاء الله، وهذول اليهود ما يغيروا ولا يبدلوا ولا يحافظوا على عهود ولا على شي.

أنس المصري: علمنا سيدي نحب الأرض نعلمها لوالدنا الحراثة والرعاية بالأرض نحافظ عليها إن شاء الله يعني الحراثة والأرض لأولادنا وعشان اليهود ما يجوش يحتلوها إن شاء الله راح يزولوا والأرض راح ترجع لأصحابها.

الإجراءات الإسرائيلية في الاستيلاء على الأراضي والمياه

أحمد الشيخ: تجولت في أرض فلسطين 1948 وزرت عدة قرى وتجولت في السهول والهضاب وتذكرت أولئك الذي كانوا يحرثون كما يفعل أبو أحمد المصري اليوم، ما أمرّ النكبة لكن الأمل وحب الأرض أقوى وأبقى، من هنا لا تبعد جبال السلط في الأردن إلا مسافة قصيرة، تسيطر إسرائيل على الغور وتقول إنها لن تسمح بقيام أي تواصل مباشر بين الأردن والضفة الغربية في أي حل ممكن، هذه أراضي قرية عين الحمة أو ما تبقى منها منذ عام 1967 إذ كانت المزارع تنعم بماء وفير إلى أن حوله الاحتلال إلى مزارع مستوطناته.

محمد ضراغمة: إننا نعاني من مشكلة واحدة وهي شح المياه بسبب الآبار الارتوازية الإسرائيلية في عام 1965 كنا نسقي على نهر الأردن بدل ما نسقي إحنا يوم يوم نسقي المياه يوم يوم نسقي المياه اليوم كل 10 أيام أو كل 5 أيام نسقي مرة وبسبب الارتوازات المياه الإسرائيلية اللي بحشوه عام 1972 و1975 وفي 1976 بحشوا الآبار الارتوازية تجففت جميع العيون ومن هذه العيون، هذه العين التي كانت تروي 500 دونم اليوم لا تروي إلا دونمين أو 3 دونمات.

أحمد الشيخ: طب هم ما بعطوكم مياه؟

محمد ضراغمة: أعطونا مي في 1975 أعطونا كمية مياه محدودة أعطونا، وكل سنة يحاولوا إنهم يضيقوا علينا بالنسبة لفتح المياه، كل سنة بيجوا يضيقوا بالشبر أو محبس المياه أو رداد المياه يضيقوه كل سنة، في أراضي كثيرة صارت بور وفي ناس كثير بطلوا يزرعوا بسبب شح المياه وبسبب قلة المياه الموجودة وفي ناس تركوا أراضيهم.

أحمد الشيخ: كان هناك عشرات المنازل التي هدمت إثر خروج أهل عين الحمة منها أثناء حرب 67 فمنعوا من إعادة بنائها حتى اليوم، تدابير النكبة ذاتها.

أبو مهيوب الفقها: إحنا هذه كانت قرية كبيرة ويجوز بقى ما كان اللي فيها هون عدد سكانها 23 بيت كلهم قائمات مبنيات بناء ثابت ففي 1967 لما أجت إسرائيل طبعاً تشرد السكان طبعاً شي على البيضة شي على طوباس شي وين ما كان هججتهم إسرائيل وقامت جرافات إسرائيل وسلطات إسرائيل ودفاع إسرائيل بهدم البيوت الموجودة، هنا أنا كنت أنا وحياة والدي كان موجود وضلينا في البلد هون أعصيت وأعصى الوالد في كل جدارة وثقة وقوته قال لهم ما بطلع من البيت هدوه على راسي، وقال عنا أولاد صغار وبنات وكل شي وحطينا البنات كلهن في الدار وما رضي يخرج أبداً، هون تركوا البيت هذا وراحوا ولا زلت أنا وإخواني وقرايبي كلنا بعدنا في هذه البلد لأنه ما فيش بديل بدون هذه البلد بطلعش إلا في الموت يعني قطعان رقبتي أهون من الطلوع، هدف إسرائيل إنها تخرجنا من هون واستعمار الأرض وتأخذها وأراضينا طبعاً أخذتهم إسرائيل اللي في الجبل أخذتهم واللي هون أخذتهم الأراضي حتى المياه سلبتها، إسرائيل ما تدوم ما دام إحنا حيين ما تدوم إسرائيل إحنا على أرضنا واقعياً وتلقائياً ما فيش بديل من هذا الحديث واللي بموت بييجي بداله.

أحمد الشيخ: لمن حُول الماء؟ ولمن صودرت الأرض؟ لمن يسكنون في هذه المستوطنة منذ 1967 تمر تمديدات الماء من مزارع أصحاب الأرض وكلها للفلسطينيين وتقام فوقها الخزانات لكنهم محرومون من الماء بما يكفي حتى حاجتهم وفي أحيان كثيرة محرومون حرماناً تاماً.

جاسر ضراغمة: هذه الأراضي أراضينا أراضي مروية وسقي مسجلة بدائرة الطابو إلا إنه يعني استغربنا إنه يمنعونا من مياه الينابيع الموجودة في المنطقة وقاموا بإتلاف الخطوط اللي في المنطقة، وأنا كمزارع يعني زرعت شتل النخيل وعندي مزروعات بالزيتون وكان عندي بيوت بلاستيكية ويعني مزرعة مروية، طبعاً أنا فقدت هذه كل طب أنا أهم شي المياه وفقدت كل مصدر دخلي بما إنه مصدر دخلي الوحيد اللي هي أرضي هذه يعني حتى لو بزرع محصول شتوي مش راح أطلع من هون مش راح أطلع من هون ليش أرضي يعني، أنا أمي جابتني هون وولدت هنا أنا عندي 10 أولاد وبدي أربي أولادي ومصدر دخلي الوحيد اللي هي أرضي.

أحمد الشيخ: على كل حال لا يتعلق بهذه الأرض إلا من تمتد في أعماقها جذورهم، على سفح التل هناك أغنام مستوطنة مجاورة تنعم بالربيع ولا يسمح للفلسطينيين الاقتراب، أما هؤلاء الرعاة الفلسطينيون فكلما بنوا كوخاً يقيهم زمهرير الشتاء قيظ الصيف هدموه، وينابيع الماء جففوها إذ حولت إلى حيث يستفيد المستوطنون، يلاحقونهم أينما وضعوا الركاب فيهدمون ويشردون.

أبو سليمان الكعابنة: هسا النهار جايين من الصبح على جرافات قاموا نزلوهم كلهم مسحوهم وطموهم بالتراب والصالح مع التركات قلعوه وحملوه وأخذوه، المياه والله ما بعرف هم حطوا ماسورة فوق بس مع الزمن والمية انقطعت، فكان الوادي هذا في مياه حمامات للناس يتحمموا فيهم مياه يعني سخنة وناس يتجمعوا منها على المرض ومي تطيح مع الواد راحت كلها راحت حتى نصل فوق الله أعلم هو ماسورة والله أنا ما بعرف، راحت المياه كل الوادي انقطع هنا مناورة وهيك مناورة وهيك مناورة وهيك مناورة وين بدنا نلقي وين بدنا نروح وين بدنا نروح يعني نصمد وأنت قاعد على خازوق.

أحمد الشيخ: كل هذه الأرض ميادين تدريب عسكرية تذكرت ما قاله أهل معلول وعين حوض، يزرع الفلاح الفلسطيني قمحه وغلته حيث اعتاد لآلاف السنين فتدوسه جنازير دباباتهم أو أقدام جنودهم، وعلى الطريق لافتات تخويف وتحذير، قبل النكبة وقبل النكسة كانت فلسطين تنتج غذاءها وتصدر للعالم لتنوع مناخها ما بين شتاء في الجبال وربيع في السهول وصيف في الأغوار، كم من قطيع أبقار كهذا كان في قريتنا، طلبنا من هؤلاء الرعاة أن يتحدثوا للكاميرا فغلبهم الحياء وقالوا همنا اليوم الماء إذ يزداد شحاً لأن اليهود حولوا الينابيع ومنعوا جريانها في الوديان، وهمنا المرعى إذ يمنعوننا من الرعي بحجة ميادين التدريب العسكري، تتوق نفسك المجهدة بآلام النكبة إلى الطفولة وسني الصبا إذ كنت مثل هؤلاء ترتحل في الشعاب والوديان ترعى وتبحث عن الكلأ والماء يا لهول النكبة، يسمي الناس هذه الجبال جبال النار في منطقة نابلس المدينة التي يحتضنها هذان الجبلان، ومن دون التعريج على هذه المدينة لا تكتمل زيارة الأراضي التي احتلت عام 1967 فهنا سجلت أوسع فصول النضال الشعبي الفلسطيني منذ ما قبل النكبة وما بعدها في الانتفاضتين الأولى والثانية، فاستحقت المدينة وجبال منطقتها الاسم بجدارة، مدينةٌ موغلة في القدم تجمع بين جنبيها سكانها الأصليين وكثيراً ممن لجئوا إليها عام 1948 فظل الهم واحداً منذ إذن.

الأوضاع المعيشية للفلسطينيين بعد النكبة

مواطن فلسطيني: الشعب الفلسطيني هلأ موجود بأكبر مؤامرة من العرب ومن اليهود ومن الأميركان إذا ما صحيش وكان يد وحدة وتوحد واتقى الله يتقي الله أولاً، شو استفدنا هينا 60 سنة ما استفدنا شي رجعنا للوراء، المطلوب منا هلأ نعيد حساباتنا، نعيد حساباتنا واحد، نتوحد صح ونمشي صح ونقول يا رب وبنغير كل أشي بس بالمقاومة وما أخذ بالقوة يرجع بس بالقوة.

مواطن فلسطيني آخر: والله تقريباً من سيء إلى أسوأ.

أحمد الشيخ: ليش؟

المواطن: فش تقدم فش تطور فش ريحة البلاد أو العودة إلى البلاد أو نعرف إنه في إلنا وطن في إلنا وطن فش ما فش يابا ما فش وين الوطن؟

أحمد الشيخ: شو السبب؟

المواطن: السبب تخاذل تخاذل تخاذل..

أحمد الشيخ: تخاذل فلسطيني؟

المواطن: تخاذل الشعوب العربية والدول العربية.

شاب فلسطيني: ما عنا أمل يعني بالرجوع 1948 ما في أمل.

أحمد الشيخ: شو السبب؟

الشاب: لأنه أنت شايف كيف الاحتلال وبناء المستعمرات بشكل مستمر يعني ما في نهائيا عودة.

شاب فلسطيني آخر: في أمل إنه الأمل بوجه ربنا يعني وعنا إرادتنا وعنا صمودنا وعنا تحدينا وكل شي ممكن نعمله يعني الاحتلال هالقد قدامنا إحنا، في رب وفي إرادة وفي إصرار وفي تحدي في صمود، فغزة ننحني إحنا لأهلنا في غزة باحترام وتقدير وعز وإحنا نرفع رأسنا بأهل غزة.

أحمد الشيخ: وكيف تلم الأجيال القادمة بالواقع والمستقبل، هناك دعوة في العالم لإقامة دولتين لشعبين.

أحد الطلاب: الأراضي اللي أخذوها في 1948 كانت حقنا هذه ما بصير تروح لإلهم حتى لو شو ما صار وأخذوها وضلت معهم فوق 65 سنة لازم ترجع لنا هذه حقنا.

طالب ثان: أنا ضد يعني هذا الحل لأنه عندك من 1948 وعندك مقاومة وشهداء كل الشهداء ليش ماتوا ليش استشهدوا عشان حق العودة أنت بتحكي عن أراضي 1948.

طالب ثالث: أنا أؤيد قيام دولتين بوطن واحد لأنه لو بدها تقوم دولة واحدة كان قامت من زمان إلنا 65 سنة تحت الاحتلال، والدول العربية لو كان بطلع بيدها تعمل شي لأنها تحت السلطة البريطانية والدول الأوروبية ما بطلع بيدها تعمل شي.

طالب رابع: هذا حقنا من خليج العقبة للبنان وسوريا من حدود الأردن إلى بحر المتوسط ويافا وعكا هذه هي دولة فلسطين.

أحمد الشيخ: وماذا يقول الأكبر منهم سناً؟

أحمد صلاحات: الوضع الراهن بالنسبة للشعب الفلسطيني في تراجع يعني قبل 65 سنة إحنا كان همهم اللي هو تحرير الأراضي الفلسطينية أما إحنا همنا هذه الأيام اللي هو اللي صار مع اتفاق أوسلو ومع قيام السلطة هي الرواتب أهم صارت من النكبة.

صقر جبالي: أنا باعتقادي إنه أوسلو قد يكون حقق إنجازات بما يتعلق بالوضع الفلسطيني لكن لم يرق إلى مستوى قيام كيان فلسطيني له القدرة والسيطرة وفرض السلطة على أرض الواقع.

أحمد الشيخ: 1948 نتذكرها اليوم نلوم من أنفسنا أم العرب أم العالم؟

مثنى شحادة: اللوم يقع على الدول العربية وعلى الدول الأجنبية اللي هي اللي اجتمعت كلها على الشعب الفلسطيني، والشعب الفلسطيني بحالته الطبيعية كان شعب ضعيف شعب أعزل.

أنس سحويل: الماضي لا نلوم أحد الذي حصل قد حصل، أما الآن إحنا نلوم بدرجة أولى اللي هم يمثلوا الشعب الفلسطيني، فرغوا الشعب من روح المقاومة والوطنية حولوه لشعب مستهلك بدرجة أولى.

رلى الشريف: هلأ إحنا طبعاً إلنا لوم كبير على أنفسنا ونلوم لأنه إحنا لو تكتلنا وتوحدنا كان زمان تحررنا، كثير من الثورات من الشعوب مثل الثورة الكوبية تكتلوا وتوحدوا وكان عندهم روح وطنية وما كانت إمكانيات عندهم يعني هم شعب بدائي وما في إمكانيات وانتصروا بالآخر وحرروا دولتهم.

أحمد الشيخ: في اقتراحات موجودة إنه يا عمي طب ما نسوي دولتين الضفة وغزة دولة وفلسطين 1948 هذول الشباب فيها وحق العودة نشوف له حل.

أحلام غنام: يعني أنا ما بصير أحكي مثلاُ إنه إقامة دولة فلسطينية بالضفة وغزة طب حيفا ويافا والمدن الثانية اللي أهلها لليوم حاملين مفاتيحها يعني أنا ما بصير أقرر عن هذول الناس أسأل اللاجئين بداية شو بدهم بعدين أقرر بناءاً على هذا الأساس.

وليد الزيتاوي: حل الدولتين أو قرار التقسيم في 1947 هي حلول ما وضع لا عرب ولا شي وضعتها بريطانيا والدول الكبرى في هذاك الوقت ولا زالت هي تضعها اليوم اللي هي أميركا والدول الكبرى جميعها هي اللي بتضع هذه القرارات.

أحمد الشيخ: مخيم بلاطة واحد من ثلاث مخيمات حول المدينة لجأ ساكنوها إلى نابلس إثر النكبة، كان هذا المخيم بؤرة للمقاومة في الانتفاضتين ويعيش اليوم أوضاعاً قاسية إذ تقلص وكالة الغوث خدماتها ولا تقدم أي جهة أخرى ما يعوض، وإن أردت أن تدرك المعاناة فلا بد من الدخول عميقاً والتحدث مع الضحايا ومن فقدوا أحبتهم، هنا أم أخرى قدمت شهداء بالجملة.

جميلة أبو ليلى: راحوا أولادي إيش استفدت أنا؟ أنا بالنسبة إلي يعني الله يرحمهم هم عند ربهم لأنه الله أولى فيهم، بس ايش إنهم عزيزين علي من كثر ما هم عزيزين علي مش حاب يفارقوني، أنا كل يوم بعيط عليهم عندي سكري وعندي ضغط وعندي أزمة وعندي 5 فقرات بظهري عندي العامود الفقري وبعدين ما بنمش إلا على المنوم.

أحمد الشيخ: ما حدا ساعدكم بعدها بشيء؟

جميلة أبو ليلى: ولا حدا سألنا ساعدنا ولا حدا عملنا ولا حد سوى لنا أنا بأخذ على ابني 350 شيكل.

أحمد الشيخ: ابنك مين؟

جميلة أبو ليلى: من الشهداء هيو 350 شيكل وبجيب لك الورقة.

أحمد الشيخ: على واحد بس؟

جميلة أبو ليلى: 350 وعلى هذا عسكري 1050 شيكل يعني بجبليش دواء أنا هذول، اللي يعطوني إياهم وهذا الصغير ما بعطوناش عليه ولا شي..

محمد مسيمي: إحنا هذول استشهدوا لله والوطن أول شي على سبة المسيرة تظلها ماشية، ونحرر دولتنا إن شاء الله بمشيئة الله، وتكون إلنا دولة مستقلة معروفة عند العالم.

أحمد الشيخ: وين بدك إياها الدولة تصير؟

محمد مسيمي: على أرضنا، الأرض لما يكون الواحد محتلها لازم يكون المحتل طالع مش زي العراق لما أخذت الكويت قالوا عنه محتل، بسنة زمان أطلعوه العراق من الكويت، طيب هي إسرائيل 65 محتلة ليش ما تقولوش هذا محتل؟ هذيك 1948 صعبة إحنا 1967 مش عارفين نأخذها.

أحمد الشيخ: وهنا من سيعيشون دوماً مع ألم الإصابة.

محمد أسمر: إصابة جيش لغم إجا فيّ.

أحمد الشيخ: أي سنة؟

محمد أسمر: 22/4/2002.

أحمد الشيخ: يعني أنت كيف عملت؟

محمد أسمر: أيام الاجتياح طلعت على الشغل وأنا ماشي طلع في لغم جيش، عينيّ راحوا عمليات في راسي عشان أذنيّ ورجلي وأصابعي رايحين.

أحمد الشيخ: وما أعطوك الجيش الإسرائيلي تعويض ولا شي؟

محمد أسمر: ولا شيكل معاشي 1300 شيكل من السلطة.

أحمد الشيخ: ورغم كل شيء فهناك من غالبوا ضنك اللجوء ونجحوا.

محمد المهر: في هذه الدار أنا وُلدت وتأسست وعشت عشت طفولتي عشت شبابي حتى وصلت مرحلة الرجولة، بعدها لما الله يسر الأمر واشتغلت وغيرت غيرت من حياتي وتطورت طلعت من هذا المخيم لكن رغم ذلك ما بنسى المخيم بضل في ارتباط روحي بيني وبين هذا المخيم ومستحيل أنساه، واللي أهم من هيك ما ننسى قضيتنا ننسى وطننا صحيح وُلدنا في المخيم لكن هذه مرحلة لكن جيناتنا ومورثاتنا فلسطين مش هنا..

أحمد الشيخ: وين؟

محمد المهر: فلسطين في يافا في حيفا في عكا في اللد في الرملة في الناصرة.

أحمد الشيخ: محمد المهر مثل كثيرين غيره من أبناء النكبة سجل قصة نجاحه بعرق الجبين، وماذا تقول أسرة لاجئة أيضاً وذات توجهات إسلامية تعيش في مخيمات نابلس منذ النكبة وحتى اليوم؟

أحمد الحاج علي/عضو المجلس التشريعي الفلسطيني- حماس: قالوا لهم بس اليوم اخرجوا من البلد هكذا أجاهم مع الأسف يعني مندوب عن فوزي بك القاوقجي إنه بس أسبوع زمان الناس تطلع أسبوعين ثم تعود وبالطبع يعني الجهل لا شك إنه نحنا لسنا يعني لسنا كشعب فلسطيني مجمله بقدرة الدهاء الغربي والأجانب يعني في خداعنا.

إيمان الحاج علي: أنا ما بلومهم لأن أنا حقيقة بعد متابعة كل الأخبار وكنا نقعد مع ستي وسيدي والكبار بالسن يعني كانوا يحكوا إنه أنضحك علينا إنه هم طلب منهم إن يغادروا مدة أسبوع هذه القصة سمعتها من كل المناطق يعني مش بس من قيسارية.

أميرة موسى: لأ أنا بقول لأ مش معقول التبرير بس كانت هي مؤامرة زي ما قالوا مؤامرة هي دولية وداخلية وخارجية، فيمكن الناس كانت يمكن بعضها في جهل إحنا في هذا الجيل ممكن لأ يعني نوعاً ما صرنا حتى منفتح العالم شوي نعرف الأشياء اللي تصير خارجياً داخلياً.

أحمد الشيخ: وفي المقابل ماذا تقول أسرة لاجئة أخرى مسيحية المعتقد تعيش في رام الله منذ أن هاجر أجدادها من اللد عام 1948.

أم إميل حبش: لازم يظل في عنا أمل في المستقبل إنه تتغير هذه الحياة هذه، ما بصير اليهود يضلوا اليهود هم مستقويين علينا، وهم مركز القوة إحنا العرب نايمين لازم نصحا بكفي لازم نحط يدينا في أيدي بعض ونصحا لازم نحارب اليهود ما بصير نضل ساكتين.

أبو إميل حبش: إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل أقوى منا، إحنا عنا تصميم بدنا العودة ولكن في قدامنا قوة كبيرة معادية اللي هي أميركا وإسرائيل شايف كيف، أقوى دولة في العالم تؤيد إسرائيل وهذا الوجود هلقيت في الوقت الحاضر ما أظنش تتحقق العودة.

إميل حبش: ما في أمل أبدا أنه نرجع على أرضنا أرض 1948 أرض اللد لأنه نحنا كعرب نحنا قوتنا محدودة.

نزار حبش: جزء كبير من الكبار مات ولكن الصغار لن ينسوا سيبقون على الذاكرة سيبقى الأمل فيهم كبير العودة إلى أرض الآباء والأجداد حتماً سنعود في يوم من الأيام من حقنا إنه نحلم.

الخطوات الإسرائيلية للاستيلاء على القدس

أحمد الشيخ: ونتجه جنوباً إلى الخليل، على الروابي المهتزة بعنفوان الربيع تتواجه القرى العربية القائمة هناك منذ فجر الزمان ومستوطنات نشأت بعد 1967 ومن أكبرها وأعتاها مستوطنة كريات أربع، عوفر روحانا يهودي مغربي الأصل هو مسعف طبي يفتخر بأنه من تلامذة باروخ غولدشتاين، وغولدشتاين هذا طبيب ومستوطن من حركة كاخ العنصرية، اقتحم الحرم الإبراهيمي أثناء صلاة الصبح فجر يوم الجمعة 25 من فبراير/ شباط عام 1994 وقتل 29 مصلياً قبل أن يقتل، وقف عوفر خاشعاً عند قبر غولدشتاين.

عوفر روحانا/مستوطن من كريات أربع: سأوضح لك الأمر إنني أؤمن بأن أرض إسرائيل هي ملك لشعب إسرائيل، ونحن موجودون هنا بفضل كتاب التوراة المقدس الذي يعلمنا أن هذه الأرض لنا وهي أرض موعودة لنا حصلنا عليها، إنني أسكن بالقرب من إبراهيم وإسحق ويعقوب وهم آباء الأمة الذين حصلوا الوعد، الخليل هي نقطة البداية والانطلاق في بناء أرض إسرائيل، الخليل هي بداية بناء الشعب اليهودي بما في ذلك وجود الآباء المقدسيين إبراهيم وإسحق ويعقوب، بل أكثر من هذا إنني أؤمن بأن حدود دولة إسرائيل ستمتد بعون الرب من دجلة والفرات وحتى البحر حتى النيل، ثمة حدود رسمتها التوراة وأنا أتبع التوراة المقدسة، كل هذا مكتوب في التوراة وكله يتحقق، ليس هناك شيء مكتوب في التوراة ولا يتحقق، هذا ما ينبغي إدراكه وهذا ما أؤمن به، سيتحقق هذا في نهاية المطاف، هناك صيرورات تحصل وأنا أؤمن بأن الحرب الكبرى التالية التي ستندلع لن تكون الانتفاضة الثالثة هذا هراء، لكن الحرب الكبرى ستكون على القدس.

أحمد الشيخ: يعيش في كريات أربع بضعة آلاف من أكثر المستوطنين تطرفاً، وتواجه المستوطنة التي أنشئت عقب 1976 مباشرة مدينة الخليل وتطل أسوارها على بعض بيوت المدينة، أردنا أن ننتقل إلى وسط الخليل من كريات أربع فرافقنا عوفر ذاك وأوصلنا إلى شارع الشهداء المغلق وقال أسرعوا في التصوير حتى لا تتعرضوا للخطر فأنتم عرب غير مرغوب فيكم هنا، أغلقت كل المحال التجارية في هذا الشارع ومنع المواطنون من المرور فيه لحماية ساكني الجيب الاستيطاني قرب الحرم الإبراهيمي، 400 مستوطن جميعهم من غلاة المهاجرين من الولايات المتحدة يعيشون في الخليل بحماية بنادق الجنود الإسرائيليين، ومن يتمسكون بالعيش في بيوتهم من أبناء الخليل تحولت بيوتهم إلا أشبه بأقفاص حتى يحموا أنفسهم من اعتداءات المستوطنين المتكررة تحت أعين الجنود، وحين انتهينا من التصوير اضطررنا لسلوك طريق يمتد لمسافة 15 كيلومتراً لبلوغ جنوب الخليل مع أنها لا تبعد إلا زمن دقيقتين فقط، هذا هو امتداد شارع الشهداء وهو مغلق أمام سيارات العرب ومن يريد المرور من المشاة مثلنا هذا اليوم لا بد أن يعبر من آلات التفتيش هذه، ويبرز بطاقة هوية وكثيراً ما يمنع الناس من المرور، غايتنا منطقة الدبويا كما يسميها العرب أو بيت هداسا كما يسميها المستوطنين اليهود، كل المحلات التجارية مغلقة أيضاً في هذا الجزء وساكنو البيوت العربية يخوضون مواجهات كل يوم مع المستوطنين الذين لا يتورعون عن أي اعتداء ويوفر لهم ولأطفالهم الجنود كل حماية، إنهم يزعمون أن هذه بيوت أجدادهم ويريدون الاستيلاء عليها كما استولوا على غيرها وحولوها إلى جيب استيطاني محصن يسمونه بيت هداسا، تسكن هذه السيدة هنا منذ عشرات السنين وتحول بيتها إلى قفص من كل الجهات واعتقلت مرات لأنها تدافع عن منزلها وعن أطفال العرب.

جميلة الشلالدة: أنا ساكنة هنا تقريباً من 25 سنة هذا الشبك حطيناه لأن المستوطنين زي ما أنت شايف تحول بيتي من بيت لسجن هذا حطيناه للمستوطنين بمساعدة الجنود بدي أقولك إنه أكثر من 100 جندي ومستوطن أجوا على السطوح وجابوا حجار وحطوا يهدوا البيت علينا عن طريق الحجار يعني هذا كله البلاط تكسر، أجا واحد اسمه عوفر بدخل سيارة أميركان على باب الدار، بقول للأميركان هذا البيت هذا تعوا أفرجيكم وين أنا ساكن هذه راح أتخلص منها.

أحمد الشيخ: وأردنا أن نزور بيتا آخر من بيوت الأقفاص كما باتت تسمى، صعدنا طريقاً أقصر وأصعب على سفح التل لنتجنب الجيش والمستوطنين وما إن وصلنا هبوا في وجهنا يريدون أن يمنعونا من التحدث للسيد أبو عيشة صاحب المنزل.

محمد أبو عيشة: هذا البيت يمكن صار له تقريباً 60 سنة، والله أجا الشبك فاهم كيف أول ما أجوا هذول أجوا في 1984 بالنسبة للمستوطنين، وأجت صحيفة أميركانية قال: شو رأيك بهذول؟ قلت لهم: مش جايين يسكنوا، قال: كيف مش جايين يسكنوا! قلت لهم من 1948 فش شي تغير بيجوا يرحلوا الناس ويخوفوا الناس في شي بخاف وفي شي يضل، فاهم كيف؟ هيّ هم بلشوا تكسر بالزجاج صرت أشكي عليهم صاروا يجيبوا من برا بعرفش أساميهم بتعرف إنه ييجي واحد يضرب الحجر ويكسر ويضل رايح أخد رقم السيارة أطلع على الشرطة باستمرار يمكن عندي دروج ميلانة دروج ميلانة، فاهم كيف؟ من عشرات السنين.

محفوظ أبو عيشة: إحنا نحاول إنه حتى دفاع بدنا نقول نحاول ندافع عن نفسنا ممنوع ندافع عن نفسنا يعني الولد لما ينضرب إذا بده يدافع عن نفسه بيجيه الجندي بقله أنا إذا بتدافع عن نفسك بطخك، هدفهم يخوفونا ونرحل، هدفهم كله يضغطوا علينا أساس نسيب بيتنا ونرحل هيّك أنت شايف هيّك أنت شايف.

أحمد الشيخ: ويأتي الجندي ليقطع المقابلة ويجبرنا على الخروج، بينما انشغل الجميع في شد وجذب صعدت وأبو عيشة إلى تل رميدة حيث جيب استيطاني آخر، كان هذا المنزل محتلاً لسنوات ثم تمكّن المواطنون العرب من إعادته وهو اليوم مقر لجماعة من المدافعين عن حقوق العرب في الخليل، أما هذا المنزل فما زال محتلاُ تقيم فيه أسرة مستوطنة تحت حراسة الجيش، فصل آخر من تدابير النكبة، ونبلغ خاتمة العقد آخر محطاتنا نبدأ من الشطر الغربي من القدس الذي سبق الشطر الشرقي بـ 19 عاماً تحت السيطرة الإسرائيلية، وإن كانت الذاكرة العربية الرسمية قد تخلت عن القدس الغربية وأصبحت في القاموس السياسي العربي جزءاً معترفاً به لإسرائيل فإن شوارعها وقسماتها ما تزال تحمل كثيراً من السمات العربية في الأبنية والجدر والطرز، وتكاد تقول إن الجديد عليها هو ما في هذه البيوت والشوارع من بشر، هنا يلتقي اليهود الشرقيون والغربيون المتدينون وغير المتدينين وتتوارى تحت ظاهر هذا النسيج التمايزات الاجتماعية والطبقية الحادة، ولا يمنعها من الانفجار إلا التخويف المستمر من الحرب والعدو العربي أو الإسلامي المشترك، وهنا تبلغ فصول النكبة ذروتها لم تحتل القدس الشرقية عام 1948 وظلت في يد العرب إلى أن استكملت فصول الهزيمة فوقف موشيه ديان عند حائط المبكى مزهواً بالنصر في يونيو حزيران عام 1967، نحن في حي الشيخ جراح أحد أحياء القدس الشرقية التي تشتد الحملة لإخراج العرب منها والاستيلاء على منازلهم، منزل نبيل سعيد الكرد مثال صارخ استولى المستوطنون على نصفه بأوامر المحاكم الإسرائيلية ويلاحقون صاحبه فيما تبقى.

نبيل سعيد الكرد: ساكن في هذا الحي من سنة 1956 أخذت هذا البيت أو والدي بمعنى أصح أخذ هذا البيت سنة 1956 بالاتفاق مع وكالة الغوث بـ 3/11/2009 يبلغوني الجيران الحق بيتك استولوا عليه اليهود جيت سوينا إشكال ليش هذول اليهود داخلين، فجأة بكون وراءي ضابط البوليس مسؤول القدس اللي اسمه آفي بقول له: شو في؟ بقول له: هذول جماعة سرقوا لي داري، قال لي: لأ معهم أمر من المحكمة، قلت له: ما شفتشوش، ومن هذاك التاريخ وهمّ موجودين قعد حوالي شهرين ثلاثة فاضي بحراس بعدين جابوا لي شباب أقل من 18 سنة 20 سنة من شان يضل في إشكال بالحي، حالياً في عليّ قضية إخلاء ثانية غير البيت اللي أخذوا لي إياه وإحنا نستنا القضاء لأنه القضاء مش معي القضاء مسيس ضد الفلسطيني بأي شكل من الأشكال، يعني أنا إذا طلعت بطلع على ظهري أنا ومرتي وأولادي وأمي وأهلي، أنا من سكان القدس ما جيت من بولونيا ولا من رومانيا ولا من أي دولة، طحتني أوروبا وجيت لهون.

أحمد الشيخ: وفي سلوان الملاصقة للأقصى القصص ذاتها، فكم من منزل هدم بحجة غياب الترخيص وكم من أسرة شردت، تسطع درة على جبين الزمان قبل أن ندخل من باب العامود باتجاه الأقصى، هنا يختلط الناس من كل الأجناس وتتدافع الذكريات كل مرة تزور فيها المكان، أصبح هذا المكان مهوى القلب منذ الطفولة وأمي تتوق للزيارة والصلاة، وكلما جئت ازددت تعلقاً وتفتحت الجروح، كما تتفتح الأنفاق تحت الأقصى لتهدد بناءه، قال عوفر: سنهدمه وستكون الواقعة الكبرى، يا لهول النكبة، كثير من هؤلاء الذين يتعبدون عند الحائط الغربي حائط البراق ينتظرون تلك اللحظة لإعادة الهيكل حيث كان كما يقولون، هنا بلغت نكبة الشعب الفلسطيني ذروتها باحتلال القدس والأقصى عام 1967 وما تزال فصولها تتوالى، أسبابها ما تزال كما كانت، تحالف استعماري غربي صهيوني وتواطؤ وعجز عربي، وأهدافها ما تزال أيضاً كما كانت، اقتلاع الإنسان الفلسطيني من هذه الأرض ومحو كل ما يتصل بثقافته وذاكرته وتراثه، لكن ما يصعب محوه هو الحلم، ذات يوم حلم صلاح الدين واقتحم.