الشريعة والحياة في رمضان

إبراهيم الأنصاري: يجب التعامل مع الفتوى على أنها منتج فكري

استضافت حلقة (2020/5/13) من برنامج “الشريعة والحياة في رمضان” عميد كلية الشريعة بجامعة قطر الدكتور إبراهيم عبد الله الأنصاري للحديث عن الفتاوى وطريقة التعامل معها في زمن كورونا.

قال عميد كلية الشريعة بجامعة قطر الدكتور إبراهيم عبد الله الأنصاري إن جائحة كورونا كشفت انقلاب المفاهيم عند البشر وليس فقط المسلمين من خلال إعلاء مفاهيم المتعة واللهو والمصالح، وازدراء العلم ومفاهيمه، وقد رأينا حجم الإنفاق على مدن الألعاب والترفيه مقارنة بحجم الإنفاق على التعليم والعلماء.

وأضاف الأنصاري في حديثه لحلقة (2020/5/13) من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" أن هناك تزويرا للعديد من المفاهيم القيمة مثل مفاهيم الحرية والديمقراطية، وهناك جهود لنصرة الظلم والخطأ، وتحجيم حقوق الناس، فجاءت الجائحة لتعدل هذه المفاهيم التي تم الانقلاب عليها.

وقد شاهدنا كيف بدأ الناس باحترام الأطباء وإعطائهم مكانتهم والإعلاء من شأنهم بعد الجائحة، وكورونا درس قاس للبشرية من أجل إعادة نظرتها نحو العلوم والعلماء وليس فقط علماء الطب، بل أيضا علماء الدين والأخلاق، والمصلحون الذين يسعون لتماسك المجتمعات والذين كان دورهم مجهولا.

والسؤال اليوم هو: بعد زوال الجائحة، هل سيتعدل سلوك الناس أم سيعودون إلى ما كانوا عليه من قبل، أم ستتغير حياتهم؟ ومن الطبيعي أن ينقسم الناس إلى مستفيد من هذا الدرس ويعيد ترتيب أولوياته ويعيد الاهتمام بالمجالات العلمية التي تخدم البشرية، وهناك صنف آخر سيعود كما كان ولن يستفيد من شيء.

وبشأن دور رجال الدين في زمن ما بعد الجائحة وكيف سيكون، أكد الأنصاري أن هناك واجبات على رجال الدين وطلاب العلم الشرعي، بالإضافة إلى واجبات على المؤسسات والمجتمع من أجل إعادة مكانة رجال العلم ليقوموا بدورهم المنشود دون زيادة أو نقص، وعليهم أن يحققوا واجبهم بنشر القيم الواجبة والصحيحة بين الناس.

وبشأن الاختلافات الفقهية بين العلماء في زمن الجائحة، قال عميد كلية الشريعة إن الفتوى بيان لحكم الله في واقعة من الوقائع، وهذا يتطلب أمرين: النصوص الشرعية، والوقوف على ملابسات الواقعة وما يحيط بها من ظروف، ويختلف الأمر من مكان لآخر، وخلاف العلماء يأتي من خلال اختلافهم في فهم النصوص وطريقة نزولها، بالإضافة إلى الاختلاف بواقع الواقعة، وهذا التفاوت هو سبب الاختلاف.

وأضاف أنه كلما كان الفقيه ملما بالواقعة كان اتصاله أكبر وأكثر بالمختصين فيها، وهو ما ينطبق على واقعنا اليوم في زمن الجائحة، إذ يجب التواصل والتشاور بين علماء الدين وعلماء الطب ليكون تصور الواقعة صحيحا، ويستطيع عالم الدين إنزال النصوص بشكل واقعي وصحيح فيها.

وبشأن اختلاف المستفتين حول طريقة المفتي، أكد الأنصاري أن الأمر لا يخضع للأهواء والمزايدة على العلماء، بل إن الفتوى أمر فكري اجتهادي، واختلاف الآراء دليل على حيوية الأمة، وهي أمة خلاقة ومبدعة، وهو دليل على تنوع الآراء بتنوع أفكار الناس وبيئاتهم، ويجب التعامل مع الفتوى على أنها منتج فكري.

وأضاف أن ضيق خلق بعض المفتين مع موضوع الفتوى بأنه موضوع قطعي وأن الخروج منه خروج من الدين هو ما يؤدي إلى ظواهر سلبية في الاختلاف في الفتوى، ويجب أن يكون شعورنا تجاه الفتوى شعورا علميا وفكريا واجتماعيا، حينها سيكون شعورنا ليس ذاك الشعور الذي يدعو للإحباط.

وعن استحداث طرق جديدة للفتوى من خلال أن يكون أصحاب العلوم الطبيعية ملمين بالجوانب الشرعية، قال الأنصاري إن هناك نزاعا بين طريق التعليم الديني القديمة مع طريقة التعليم الحديثة، ولا شك أن الدراسة التقليدية لها ميزات كبيرة جدا، لكن تغيب عنها الطرق الحديثة في تأليف المناهج الحديثة.

وتابع أن على المؤسسات المعنية بالتعليم الحديث بالإضافة إلى المؤسسات المعنية بالتعليم الديني التقليدي أن تتعاون فيما بينها لتتيح لطلاب العلم في الجامعات التعليم اللاصفي، وهو التعليم خارج منهج الجامعة من خلال توفير الحلقات وتوفير المشايخ الذين يدرسون على الطريقة التقليدية ليحصلوا على التعليم بطريقتيه.