في العمق

هل توجد فرصة لإنقاذ المنطقة من التقسيم؟

تناول برنامج “في العمق” خطر التقسيم الذي يهدد المنطقة العربية من جديد، وذلك على خلفية ما يتداول من تقسيم محتمل لسوريا.
قال المفكر والمؤرخ وجيه كوثراني إن سايكس بيكو ليست معاهدة فرنسية بريطانية، بل هي اتفاقية جرت بين ثلاث دول وشملت روسيا كذلك، ثم أصبحت مفردة في الذاكرة التاريخية العربية مع استخدام أسطوري لرمزية التقسيم.

جاء ذلك في حلقة (14/3/2016) من برنامج "في العمق"، التي تناولت خطر التقسيم الذي تواجهه المنطقة العربية، وتساءلت: بعد مرور مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو، هل تواجه المنطقة العربية خطر التقسيم من جديد؟

وأضاف كوثراني أن اتفاقية سايكس بيكو لم تطبق، مشيرا إلى أن الخرائط التي تضعها مراكز الأبحاث الغربية لتقسيم منطقة الشرق الأوسط "غير قابلة للتطبيق"، و"هي سيناريوهات متخيلة من أشخاص متوهمين".

وقال إن الخرائط لا تصنع التاريخ، وما يحدد التاريخ هو موازين القوى محليا وإقليميا ودوليا. ورأى أن تقسم المنطقة ليس من مصلحة أي دولة، وأنه يمكن الحفاظ على وحدة سوريا والعراق عن طريق إنشاء الدولة الوطنية التي تجمع الأقليات والطوائف على قاعدة الوطنية والمساواة.

من جهته، قال أستاذ النزاعات الدولية في جامعة جورج تاون الدكتور إبراهيم فريحات "نحن لا نعيش سايكس بيكو جديدة لأن طبيعة النظام الدولي الحالي تختلف عن طبيعة النظام الدولي عام 1916″.

وأوضح أن حالة الفوضى والتحول تسودان النظام الدولي الجديد، مشيرا إلى أن العرب كانوا مغيبين عام 1916، وأن هناك عقبة أمام سايكس بيكو جديدة تتمثل في أن هناك الآن قوى فاعلة على الأرض مرتبطة مع الخارج، "وجوهر المشكلة أننا نعيش تركيبة أسوأ من سايكس بيكو".

وصفة إفشال التقسيم
وأكد فريحات أن إسرائيل هي المستفيد الوحيد من تقسيم المنطقة، إذ من مصلحتها أن تكون هناك دول أقلية ولا تكون وحدها في دولة الأقلية، ورأى أنه لا توجد إرادة سياسية إقليمية أو دولية للتقسيم، وأن الخطر الوحيد يكمن في تقسيم الأمر الواقع.

ووصف خرائط التقسيم للمنطقة الصادرة عن مراكز الأبحاث الغربية بأنها لا قيمة عملية أو سياسية لها، واصفا اللامركزية والفدرالية بأنهما بدائل للتقسيم.

 

وقال إن الوصفة لإفشال مخططات تقسيم المنطقة تكمن في إيجاد حلول للتناقضات الداخلية في الدول العربية بإيجاد عقد اجتماعي جديد وإصلاحات سياسية وتعزيز مفهوم المواطنة والحكم الرشيد.

في المقابل، قال الكاتب السعودي ومدير قناة "العرب" جمال خاشقجي إننا لا نعيش تداعيات سايكس بيكو، فنحن نعيش فشلا في العراق وسوريا، مبينا أن من المبكر الآن الحديث عن خرائط تقسيم المنطقة العربية.

تقسيم الأمر الواقع
وبشأن كيف يمنع العرب مخططات التقسيم، قال خاشقجي إن السعودية وتركيا يمكن أن تمنعا ذلك، مشيرا إلى أن فكرة سوريا الواحدة قائمة ومن الممكن أن يحصل تقسيم الأمر الواقع حين تصبح منطقة الساحل وتحميها روسيا واقعا، وفي شرق سوريا تقوم حكومة وطنية سورية تحميها تركيا والسعودية.

وعن كيفية الحفاظ على وحدة سوريا والعراق، قال خاشقجي إن سوريا ستكون موحدة حيث تنادي القوى الوطنية بسوريا موحدة، أما العراق فسيقسم إلى ثلاثة أقاليم.

يذكر أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان قد قال في وقت سابق إنه ربما يكون من الصعب إبقاء سوريا موحدة إذا استغرق إنهاء القتال فيها مدة أطول، وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول أميركي كبير عن خيار تقسيم سوريا.

كما ألمحت روسيا سابقا من خلال سيرغي ريابكوف نائب وزير خارجيتها إلى أنها لن تقف ضد فكرة إنشاء دولة فدرالية في سوريا، معربا عن أمله أن يتوصل المشاركون في المفاوضات إلى ذلك.

وأكد رئيس هيئة الائتلاف الوطني السوري الجديد أنس العبدة في لقاء مع برنامج "بلا حدود" -بث  الأربعاء 9/3/2016- أن الشعب السوري يرفض بشكل قاطع فكرة التقسيم، مشيرا إلى أن الائتلاف يؤيد اللامركزية الإدارية ضد الفدرالية.