في العمق

العطية: جنيف2 فرصة للمعارضة وفشله سيكون سقوطا

أكد وزير خارجية قطر خالد العطية لبرنامج “في العمق” أن السبب في وجود اجتماع جنيف2 هو خلق حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة لا يوجد فيها النظام السوري ورموزه. ورجح تدخلا مباشرا لمجلس الأمن الدولي لحل الأزمة لو فشل جنيف2.

أكد وزير الخارجية القطري خالد العطية لبرنامج "في العمق" أن السبب في وجود اجتماع جنيف2 هو خلق حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة لا يوجد فيها النظام السوري ورموزه. ورجح تدخلا مباشرا لـمجلس الأمن الدولي لحل الأزمة في حال فشل جنيف2. كما شدد على تمسك قطر بموقفها الثابت من دعم الشعب السوري، مؤكدا على أهمية دور إيران في أي حل للأزمة.

وقال العطية إن هناك إجماعا من المجتمع الدولي بدون استثناء على ضرورة تنفيذ نتائج جنيف1 -الذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالية- وفق المفهوم الذي تضمنته بيانات مجموعة أصدقاء الشعب السوري، والوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية على كافة الأراضي السورية، وتوفير ممرات آمنة لتقديم المساعدات الإنسانية.

وأضاف أن المحددات الثلاثة ذكرها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الدعوة الموجهة للطرفين السوريين للاجتماع في جنيف2، وكذلك الموجهة لبقية الأطراف ولم تعترض على ذلك أي دولة لها علاقة بالأزمة السورية.

واعتبر أن مسألة الحكومة الانتقالية ذات الصلاحيات الواسعة في جنيف1 بما فيها الجيش والشرطة والأمن هي مسألة غير خلافية، وأن من مبادئ المعارضة السورية عدم وجود أسماء من النظام الحالي في الحكومة الانتقالية.

ودعا الوزير القطري لأن يكون لجنيف2 أجندة عمل واضحة مبنية على مخرجات ومحددات جنيف1 وعدم محاولة تفريغها من مضمونها لإطالة الوقت والدخول في أمور جانبية تضيع هذا العمل.

ويذكر أن الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي كان أقر في ختام الجولة الأولى بعدم إحراز أي تقدم في المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة التي استغرقت أكثر من أسبوع، وتجمدت تقريبا بسبب الخلاف على تشكيل هيئة حكم انتقالي طبقا لما نص عليه بيان مؤتمر جنيف1 في يونيو/حزيران 2012. ويتوقع أن تعقد الجولة الثانية يوم 10 فبراير/شباط الجاري.

وبينما استبعد أن يقدم النظام السوري أي تنازلات من دون ضغط وتدخل دولي فاعل، اعتبر العطية أن جنيف2 هو فرصة للمعارضة السورية كي تثبت للعالم أن النظام السوري غير جاد، وبالتالي يفقد هذا النظام حتى أقرب حلفائه. وأشاد في السياق نفسه بقرار الائتلاف الوطني السوري بالذهاب إلى جنيف2 وكذلك بموقف الثوار على الأرض الداعم للاجتماع.

ورجح الوزير القطري تدخل مجلس الأمن بشكل مباشر لحل الأزمة السورية في حال فشل جنيف2، وقال "لن يكون هناك جنيف3، ولكن قد يكون هناك سقوط أخلاقي بشأن المسألة السورية". كما أشار إلى أهمية الحل العربي للأزمة السورية، وذكّر بموقف قطر التي طالبت في السابق بتشكيل قوات عربية تتدخل لإنقاذ الشعب السوري.

‪العطية أكد تمسك قطر بالحل السياسي للأزمة السورية‬ (الجزيرة)
‪العطية أكد تمسك قطر بالحل السياسي للأزمة السورية‬ (الجزيرة)

موقف ثابت
وتحدث الوزير القطري عن موقف بلاده من الأزمة السورية، وقال إنها متمسكة بالحل السياسي وإن موقفها ثابث بشأن ضرورة حماية الشعب السوري من آلة الدمار التي يستخدمها النظام السوري ضده. وقال إن هذا الشعب خرج بصدور عارية وجوبه بالرصاص والدبابات والمدفعية ويقصف اليوم بالطائرات وبالبراميل المتفجرة، وتساءل قائلا "هل يوجد إرهاب أكثر من هذا الإرهاب".

وأكد العطية أن قطر انحازت إلى الشعب السوري من وقت مبكر بعدما يئست من جميع محاولات إيجاد حل سلمي للأزمة، وكشف في هذا السياق عن اتصالات مباشرة أجراها الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مع النظام السوري في بداية الأزمة لحثه على اتخاذ إصلاحات سريعة وفورية، وأشار إلى أن هذه الاتصالات انقطعت لما تمسك هذا النظام بالحل الأمني حلا وحيدا.

وكشف أيضا أن الأمير الحالي الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (وكان وليا للعهد وقتها) ذهب إلى دمشق في بداية الأزمة، وتحدث مع الرئيس السوري بشار الأسد وحاول ثنيه عن الحل الأمني، وبعدها ذهب لنفس الغرض رئيس الوزراء وزير الخارجية آنذاك الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لكن دون جدوى.

وقال الوزير القطري إن قطر حثت النظام السوري منذ البداية على ضرورة إجراء إصلاحات، بما فيها تشجيع ودعم قطر لسوريا في مجال الاستثمار، وأشار إلى أن قطر أعطت فرصة كاملة للنظام السوري وحاولت ثنيه عن استخدام الآلة العسكرية ضد الشعب السوري، لكنه لم يستجب.

ونفى الوزير القطري وجود اتصالات مع النظام السوري مثلما روجت لذلك بعض وسائل الإعلام اللبنانية بعد سيطرة قوات النظام على بعض المناطق، وقال "ليس دقيقا أن تغير المعطيات على الأرض يغير موقف قطر"، كما نفى وجود اتصالات مع حزب الله اللبناني الذي قال إنه أضاع البوصلة باتجاهه إلى سوريا. وأعرب عن تأسفه لانخراط هذا الحزب في سوريا، رغم أن الشعب السوري كان داعما قويا له في معركة الجنوب عام 2006.

وعن الطرف الذي تدعمه قطر على الأرض في سوريا، أكد الوزير القطري أن هناك قنوات اتفق عليها أصدقاء الشعب السوري، أكثر من ستين دولة منهم 11 دولة أساس، مشيرا إلى أن الدعم مقنن من خلال هيئة الأركان العسكرية بقيادة سليم إدريس.

وقال إن هناك مبالغة في الحديث عن دعم الثوار، لأنه لو كان الأمر كذلك لما تطورت الأزمة السورية، وأكد أن الثوار يحصلون على السلاح من معسكرات النظام.  

إيران لها دور فاعل، وهي رقم صعب في المعادلة السورية، ووجودها يبقى مطلوبا في عملية التفاوض، وأي حل يجب أن يشملها لأنها دولة لها تأثير مباشر على النظام السوري

في سياق آخر تحدث الوزير القطري عن علاقات قطر مع بعض الدول الخليجية، ونفى وجود خلاف مع السعودية بشأن الملف السوري، وقال إن قطر والسعودية هما من أولى الدول التي دعمت الائتلاف السوري بتركيبته الحالية، واعتبر أن الحديث عن خلاف بين البلدين هو كلام غير دقيق، وكشف عن وجود تنسيق واتصالات بين الطرفين على أعلى المستويات.

كما استبعد وجود خلافات مع دولة الإمارات على خلفية دعم الأخيرة للانقلاب العسكري في مصر، وأشار إلى وجود علاقات على أعلى مستوى، وأن هناك اتصالات ومشاريع إستراتيجية بين البلدين. واعتبر أن الجميل في مجلس التعاون الخليجي هو أنه لم يصادر حق الدول في سيادتها والاختلاف في وجهات النظر، لكن هناك مسلمات وخطوطا متفقا عليها بأن تكون خطا أحمر في المجلس.

"لا نخشى إيران"
غير أن الوزير القطري كشف عن موقف بلاده المغاير لباقي الدول الخليجية بشأن برنامج طهران النووي، وقال في هذا الخصوص "إن قطر لا تخشى إيران" التي عدّها دولة جارة ومهمة، رغم خلافهم معها بشأن الملف السوري.

وأعلن في السياق رفض قطر لإبعاد إيران من اجتماع جنيف2، وقال إن إيران لها دور فاعل، وهي رقم صعب في المعادلة السورية ووجودها يبقى مطلوبا في عملية التفاوض، وأي حل يجب أن يشملها، لأنها دولة لها تأثير مباشر على النظام السوري.

وكشف الوزير القطري أن بلاده كانت وما زالت تدعم الحلول السلمية بشأن الملف النووي الإيراني، وتدعم حق الدول في الاستخدام السلمي للتقنية النووية، مشيرا إلى ترحيب قطر بالاتفاق المبدئي بين طهران ومجموعة (5+1).

وأضاف أن هدف قطر الأبعد هو أن تكون منطقة الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل خالية من السلاح النووي وليس إيران وحدها.

كما تطرق ضيف "في العمق" لمواضيع أخرى، منها علاقة بلاده بتركيا التي قال إنها قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وأنها لا تضر أي طرف، كما قلل من أهمية الحملات التي تتعرض لها قطر في أوساط أوروبية، واكتفى بالقول "إن قطر لا تؤمن بنظرية المؤامرة، وإنما بنظرية الشجرة المثمرة".