صورة عامة/ من واشنطن
من واشنطن

الاعتراف بيهودية إسرائيل

تناقش الحلقة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على الاعتراف بيهودية إسرائيل والذي يثير جدلا حادا في الأوساط اليهودية والعربية بالولايات المتحدة.

– النقاط الإشكالية في طرح مسألة الدولة اليهودية
– تعريف هوية الدولة بين جدل السياسة والتاريخ

– إشكاليات الدولة اليهودية وفرص السلام في المنطقة

– واقع أطراف الصراع وفرص نجاح حل الدولتين

عبد الرحيم فقرا
عبد الرحيم فقرا
مروان بشارة
مروان بشارة
يوسي شاين
يوسي شاين
رائف زريق
رائف زريق
دانيال ليفي
دانيال ليفي

عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلا بكم جميعا في حلقة جديدة من برنامج من واشنطن. بكل بساطة بدون الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية لا نستطيع تحقيق السلام. هكذا قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سياق خطاب له أمام الكنيست الإسرائيلي قبل بضعة أيام مرددا ما كان قد طالب به في مناسبات سابقة.

[شريط مسجل]


بنيامين نتنياهو/ رئيس الوزراء الإسرائيلي: نطلب من الفلسطينيين أن يقدموا أخيرا على ما كانوا يرفضون القيام به على مدى 62 عاما، أن يقولوا نعم لدولة يهودية، وتماما مثلما يطلب منا الاعتراف بدولة للشعب الفلسطيني يجب أن يطلب من الشعب الفلسطيني أن يعترف بدولة للشعب اليهودي، الشعب اليهودي ليس غازيا أجنبيا لأرض إسرائيل.

[نهاية الشريط المسجل]

عبد الرحيم فقرا: يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضا إن الصراع بين العرب والإسرائيليين كان قد بدأ قبل مسألة احتلال غزة والضفة الغربية أما الفلسطينيون فيرفضون فكرة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ويتشبثون بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين. "هذا التراشق يعيد لأول مرة منذ فترة طويلة الصراع إلى جذوره التاريخية ويركز جوهره ويمس صلبه العاطفي، ويجمع الطرفان بصورة ضمنية على أن تسوية المشكلة لا يمكن أن تتأتى إلا إذا تطلع الطرفان إلى مرحلة ما قبل الاحتلال ونظر إلى قضايا ولدت عام 1948 أي رفض العرب للدولة اليهودية الوليدة وإخراج الفلسطينيين من ديارهم وتشتتهم"، هكذا قال كل من حسين آغا وروبرت مالي في عمود نشراه في صحيفة نيويورك تايمز قبل بضعة أسابيع تحت عنوان "حل الدولتين لا يحل أي مشكلة". فماذا تعني هذه المواقف لمنطقة الشرق الأوسط في منظومة الرئيس باراك أوباما ومساعيه لإيجاد تسوية تقبلها كل الأطراف بما فيها المجتمع الدولي الذي خاطبه أوباما قبل بضعة أسابيع قائلا

[شريط مسجل]


باراك أوباما/ الرئيس الأميركي: لقد آن الأوان لإعادة إطلاق مفاوضات الوضع النهائي وبدون شروط مسبقة، الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين والحدود واللاجئين والقدس. هدفنا واضح، دولتان جنبا إلى جنب تنعمان بالسلام والأمن، دولة إسرائيل اليهودية التي تنعم بالأمن لجميع الإسرائيليين ودولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على أرض متصلة تنهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967 وتحقق قدرات الشعب الفلسطيني.

[نهاية الشريط المسجل]

عبد الرحيم فقرا: يذكر أن الموقف الأميركي له هو أيضا تعقيداته التاريخية فبعد التردد الأميركي في مسألة الاعتراف بقيام دولة إسرائيل عام 1948 وقع الرئيس هاري ترومان آنذاك في نهاية المطاف على وثيقة الاعتراف التي تحدث نصها الأصلي عن الحكومة المؤقتة للدولة اليهودية الجديدة لكن ترومان شطب عبارة الدولة اليهودية واستبدلها بعبارة دولة إسرائيل. يسعدني أن أستضيف في هذه الحلقة كل من مروان بشارة المحلل السياسي في شبكة الجزيرة، ودانيال ليفي من مؤسسة أميركا الجديدة وهو مستشار سابق في مكتب رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، كما يسعدني أن أرحب برائف زريق أستاذ فلسفة القانون بجامعة جورج تاون، وأخيرا وليس آخرا يوسي شاين أستاذ السياسة الدولية في جامعة جورج تاون ورئيس شعبة الدبلوماسية في جامعة تل أبيب، مرحبا بكم جميعا.

النقاط الإشكالية في طرح مسألة الدولة اليهودية


عبد الرحيم فقرا: أبدأ بك مروان بشارة، مسألة الإصرار إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مسألة الاعتراف بالدولة اليهودية، ما -بداية- تداعيات ذلك الإصرار على الفلسطينيين في إسرائيل وما تداعياته على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية؟


مروان بشارة: هو بالأساس -عبد الرحيم- يفرض إشكالية عنوانها أن المشكلة الأساسية في المنطقة هي ليست المشكلة الفلسطينية وإنما هي المشكلة الإسرائيلية، هناك معضلة إسرائيلية يجب أن تحل، هذه الازدواجية ما بين القومية الإسرائيلية والدين اليهودي في دولة كولونيالية تحمل الأسلحة النووية يعني أن هناك مشكلة في الشرق الأوسط ليس فقط للفلسطينيين في داخل إسرائيل وفي الأراضي المحتلة وإنما للمنطقة بشكل عام، هذا واحد. اثنين، بالنسبة للفلسطينيين في إسرائيل يعني أنه لا يمكن أن تكون هناك بالفعل مساواة حقيقية في هذه الدولة التي تقول إنها دولة يهودية، فإن الأقلية الفلسطينية وهي ليست حقيقة أقلية لأنها ممكن تصل إلى ربع السكان خلال عشرين سنة وهذا بالمعنى هي ثنائية القومية لا يمكن أن تسمى يهودية، بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة كذلك في القدس الشرقية تعني أن هذه المعضلة التي اسمها ازدواجية الدولة والدين ستحاول أن تبقى على نفس الحال الكولونيالي الذي شاهدناه آخر ستين عاما وهذه الحالة الكولونيالية ليست فقط طبيعة الدولة داخل حدود الـ 67 وإنما كما نشاهدها نتنياهو يصر في نفس الوقت يقول دولة يهودية يقول إن هنالك أرضا إسرائيل وهو عمليا يتنازل في مصطلح أرض إسرائيل وبالتالي يعامل الفلسطينيين كأقلية ستكون لها ربما حالة من الـ autonomy الحكم الذاتي في الضفة الغربية وغزة وهذه نهاية المطاف.


عبد الرحيم فقرا: يوسي شاين ما رأيك في ما قاله مروان بشارة حتى الآن خاصة في مسألة ازدواجية القومية والدين؟


يوسي شاين: الثنائية ليست مشكلة، معظم دول العالم تعيش حالة من الثنائية، هناك عدد كبير من الدول ذوي الطبيعة الإثنية والدينية تعيش دون مشاكل، السؤال الكبير يبقى مسألتي السيادة والشعب، هذا يعود بنا كما تفضلت إلى جوهر وكنه تأسيس دولة إسرائيل عام 1947 بقرار الأمم المتحدة، ذلك القرار الذي رفضه العرب كان يدعو بقيام دولتين دولة يهودية ودولة عربية في فلسطين، هذا هو قرار الأمم المتحدة الذي وقع رفضه تماما. السؤال الآن الذي طالما طرح وهو سؤال مغلوط وهو كيف يمكن لإسرائيل أن تكون دولة يهودية وديمقراطية في آن واحد؟ هذه معادلة تثير الاستغراب، عدد كبير من الدول الإثنية أو ذات الإثنية الدينية تتعايش فيها أقليات لا تنتمي للقومية نفسها بل هي جزء من الشعب الذي يقيم في تلك الدولة ويتمتع بكافة الحقوق، هذا ما يحدث في إسرائيل، بالطبع لا يسمح بالدمج الكامل للمواطنين العرب في إسرائيل وذلك راجع إلى حد ما إلى تواصل النزاع الذي لا يزال جزءا من الواقع في الشرق الأوسط، علينا ألا نقلل من حاجة الشعب اليهودي إلى أن يعترف به في دولته اليهودية تماما مثلما يطالب الفلسطينيون بأن يعترف بهم في دولتهم فلسطين.


عبد الرحيم فقرا: قبل أن نواصل الحديث في هذه النقطة، أستاذ زريق مسألة العرب واليهود في الولايات المتحدة -تحدث يوسي شاين عن مسألة الدين والدولة- مسألة العرب واليهود تطرح هذه المسألة للعرب ولليهود في المجتمع الأميركي، مسألة الفصل بين الدين والدولة، كيف تنظر أنت إلى ما قاله شاين من أن ليس هناك تعارضا بين أن تكون إسرائيل دولة دينية وأن تكون دولة ديمقراطية؟


رائف زريق: أمران، أولا يجب فصل المستويين في الحديث عن موضوع الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، هناك نقاش داخلي دائر في إسرائيل منذ عشرين سنة حول العلاقة مع إسرائيل كدولة ديمقراطية ودولة يهودية وهذا نقاش مفتوح وسأعود إليه وسأقول ما قاله. لكن مؤخرا يطرح الموضوع على بساط البحث في ظل عملية ما يسمى عملية سلام جاري وكشرط مسبق للتقدم في.. وهذان أمران مختلفان تماما، أن يطرح نتنياهو الموضوع كشرط مسبق للدخول بالمفاوضات يعني حسم المفاوضات بهذا المعنى وهو بالتالي -برأيي- يجب فهمه كعملية تصدير للأزمة الداخلية الإسرائيلية في عدم قدرتها في التقدم للمفاوضات في وضع شروط مسبقة للتقدم للمفاوضات، هذا على المستوى يجب فهم هذا الموضوع كجزء من عملية التفاوض. النقاش الآخر هو النقاش الداخلي والجاري في إسرائيل حول طبيعة الدولة الديمقراطية واليهودية، مشكلة إسرائيل -أنا أوافق بعض الشيء مع ما قاله شاين، سأفاجئ البعض- هناك كثير من الدول لها طابع ثقافي معين أو حتى ديني معين وتلتزم بقيم معينة من القيم الديمقراطية والقيم الليبرالية حتى، إسرائيل ليست أميركا، أميركا تفصل الدين عن الدولة تماما ولكن هناك الكثير من الدول لا تفصل الدين عن الدولة تماما ولا حتى الطابع الإثني للدولة عن الـ.. مشكلة إسرائيل لا تكمن هنا فقط، مشكلة إسرائيل أولا أنها لا تفصل الدين عن الدولة ولا تفصل الدين عن القومية، مشكلة إسرائيل أنها معظم السكان الـ potential المكون تاع المواطنين اللي هم موجودون خارج البلاد اللي هم يهود العالم الذين يجب أن يهاجروا إلى إسرائيل ويحافظوا على أغلبية في إسرائيل، وحتى تقيم دولة ذات أغلبية في إسرائيل أغلبية يهودية من المفروض by definition حتما أن تخرج الفلسطينيين من فلسطين، وحتى تحافظ على التفوق العددي اليهودي يجب أن تحول حياة الفلسطينيين في إسرائيل إلى جهنم حتى يرحلوا، وبالتالي عملية العداء للفلسطيني تصبح عملية مستمرة ومثابرة ولا نهاية لها.


عبد الرحيم فقرا: طيب أنت تحدثت عن الفلسطينيين، دعنا الآن نتحدث عن اليهود الأميركيين. دانيال ليفي ما مدى التحدي الذي تطرحه فكرة أن تكون إسرائيل دولة يهودية بالنسبة لقطاعات معينة من اليهود الأميركيين الذين ينظرون إلى أنفسهم مثلا كعلمانيين وأنه لا يجب أن يكون هناك خلط بين مبادئ الدولة ومبادئ الدين في حكم الحياة اليومية لليهود؟


دانيال ليفي: أنا لست يهوديا أميركا. المجتمع اليهودي الأميركي يساند بشكل عام إسرائيل ووجود إسرائيل أما في العمق فإن ذلك يتوقف على تعريف مفهوم الدولة اليهودية، أنا لست متأكدا ما يعنيه ذلك، هل يعني هذا دولة دينية؟ لا أعتقد أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعني دولة بحكومة دينية، أعتقد أن مشكلة هذا التعريف هو ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى الأقلية الغير يهودية في إسرائيل، فهل أن تعريفا حصريا كهذا يلغي مبدأ الحقوق المتساوية للمواطنين الفسلطينيين العرب بإسرائيل؟ ليس بالضرورة في اعتقادي، النظام الحالي ليس مثاليا حيث هناك تمييز وليس بالضرورة أيضا على إسرائيل أن تبتدع تعريفا حصريا لمعنى أن يكون المرء إسرائيليا مع الحفاظ على الأسس الجوهرية للصهيونية في الخلفية. بالنسبة لي فإن هذه المسألة تطرح كالآتي، يمكننا أن نتعامل مع حل الدولتين بشكل تقني وعملي أي كيف ننهي الاحتلال كيف نؤسس الدولتين ونقبل بحقيقة وجود دولة إسرائيل، أما إذا أردت التعامل ليس مع الأمور العملية لما حدث منذ 1967 بل مع ما حصل سنة 1947 و1948 و1949 وأن تفتح مسألة مشروعية الدولة اليهودية عندها عليك أن تتطرق إلى مسألة اللاجئين ورواية الطرفين، وأعتقد أن هذا جزء من الحوار الدائر الآن، هل نحن بصدد التطرق إلى ملف 48 أو ملف 67.


عبد الرحيم فقرا: قبل أن ننتقل إليك مروان بشارة في هذه النقطة تحديدا. سؤال متابعة، أذكر بأنك أنت بريطاني لكنك تعيش حاليا في الولايات المتحدة. تحدثت عن مسألة الصهيونية، الصهيونية بشكل من الأشكال تعترف بنظرية الفلاسفة اليونانيين القدماء مبدأ عرف نفسك بنفسك، لماذا يحتاج بنيامين نتنياهو الآن إلى أن يعترف به الفلسطينيون الآن كدولة يهودية؟


دانيال ليفي: هذا سؤال جيد جدا، أعتقد أن إسرائيل ستكسب شرعيتها العالمية الجوهرية عندما تكون لها حدود متفق عليها ومعترف بها من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول العربية، لست متأكدا أن الخطاب الحالي للحكومة الإسرائيلية من أننا نحتاج اعترافا من جيراننا بهذا التعريف تحديدا لإسرائيل كدولة يهودية، لست متأكدا أن هذا من الحكمة ولست متأكدا أن هذه هي الشرعية التي تنقص إسرائيل في هذه الآونة، رأيي أنه إذا تمكنت إسرائيل من الحصول على اعتراف عملي كدولة لها علاقات دبلوماسية وبعد إنهاء الاحتلال وعلاقات طبيعية وآمنة فإن ذلك سيكون إنجازا عظيما وكافيا.

تعريف هوية الدولة بين جدل السياسة والتاريخ


عبد الرحيم فقرا: مروان بشارة الآن، مسألة الدولة اليهودية، هناك من يقول إذا كانت دولة إسلامية اسمها الجمهورية الإسلامية لإيران، ما الذي يمنع من أن تكون جمهورية يهودية لليهود في إسرائيل؟


مروان بشارة: يعني أولا إذا أرادت إسرائيل أن تكون دولة إسلامية مثل إيران فليقل ذلك نتنياهو، أعتقد أنه لا يقول ذلك، هذا واحد. اثنين إيران لم تهاجر إلى بلاد الفرس بينما اليهود هاجروا إلى فلسطين وبالتالي يعني إسرائيل هاجرت إلينا، نحن لم نهاجر إلى إسرائيل، الفلسطينيون ليسوا ضيوفا في إسرائيل لأن إسرائيل ضيفة غير مرغوب فيها في المنطقة وفي فلسطين، وبالتالي أعتقد حتى فكرة الاعتراف -عبد- يجب أن تتم على مجموعة من المستويات، أول شيء..


عبد الرحيم فقرا (مقاطعا): إنما ما تقوله هل ينطبق على اليهود الشرقيين واليهود الأشكناز على حد سواء أم أنه ينطبق على فكرة أكثر من فكرة أخرى؟ مسألة أن اليهود هم الذين هاجروا إلى فلسطين.


مروان بشارة: لا، أنا لا أقول إن اليهود غير مرغوب فيهم، لأن اليهود ممكن يعيشوا كسكان فلسطينيين في دولة فلسطينية، أنا أتكلم عن هجرة الصهيونية هجرة الدولة هجرة المشروع الاستعماري إلى فلسطين هذا هو الذي غير مرغوب فيه. وبعدين، ستون عاما أو أقل وصل الفلسطينيون إلى تنازل تاريخي اسمه الاعتراف بإسرائيل، الاعتراف بإسرائيل de facto يعني منظمة التحرير تعترف بإسرائيل de facto أنها موجودة ولكنها لا تعترف بحق إسرائيل التاريخي أن تكون بفلسطين أو بحق إسرائيل التاريخي كدولة يهودية بفلسطين، يعني الفرق بين هذا وهذا أنك إذا اعترفت بإسرائيل اليوم تعترف أن هناك واقعا وأنك ربما خسرت معركة تاريخية، ولكن أن تعترف بإسرائيل كدولة يهودية وحقها التاريخي أن.. يجب أن تعترف بالصهيونية يعني أنت يجب أن تعترف أنك أخطأت مائة عام وأكثر، يجب أن تعترف أن كل الجرائم وكل المجازر التي تمت بفلسطين كانت من خطأ الفلسطينيين لأنهم لم يستوعبوا مشروع الدولة الكولونيالية اليهودية، وبالتالي فكرة الاعتراف بيهودية الدولة اليوم هي الاعتراف بالصهيونية، لا يمكن لأي فلسطيني يعترف بالصهيونية لأنه لا يمكن أن يعترف أن إسرائيل كانت على صح على مدى قرن من الزمان بينما هي بالفعل ارتكبت المجازر احتلت الأرض استوطنت الأرض يهودت الأرض وطردت الفلسطينيين غالبية الفلسطينيين هم خارج فلسطين، ولذلك الحالة الإسرائيلية في أفضل حالاتها يجب أن يعترف فيها كدولة عادية ليس كدولة يهودية ويجب أن يعطى للفلسطينيين -وبهذا المعنى، يعني لدانيال ليفي- المسألة ليست مسألة كونية مثل أميركا وإنجلترا، يعني مسألة مثلا حق العودة، الفلسطيني ليس له حق العودة بينما اليهودي له حق العودة، وبالتالي القانوني مرتبط بالسياسي مرتبط بالكوني مرتبط بالكولونيالي وبالتالي التمييز العنصري في فلسطين ليست مسألة قانونية تكتيكية ممكن تصليحها وإنما بنيوية في داخل المشروع الكولونيالي.


عبد الرحيم فقرا: يوسي شاين.


يوسي شاين: أسمع الكثير من المصطلحات، أسمع استعمار وحدود وما إلى ذلك في حل الدولتين، من هي الدولتان؟ دولة يهودية ودولة فلسطينية، ليس هناك تساؤل حول هوية الدولة اليهودية، فاليهودية تشمل الإثنية الدين والقومية وهي مركبة من هذه الأمور الثلاثة، ليست دينا فقط بل تشمل عنصرا إثنيا وعنصرا قوميا، هذا الأمر منذ القدم، لقد وجد الكيان اليهودي منذ العهود القديمة ولا يزال، أما مضمون الدولة اليهودية فهو ما يزال قيد النقاش لأنه متعدد الجوانب لكن الدولة اليهودية موجودة بلا منازع. لماذا يرفض إذاً الفلسطينيون الاعتراف بدولة يهودية؟ هذا سؤال جيد، القرار 1947  الذي يحاولون إحياءه بقرار رقم 181 لأن هناك زعما جوهريا بأن اليهود لا يستحقون الحصول على دولة في أرض إسرائيل، هذه أرض التوراة هذا ليس مشروعا استعماريا بل هي الأرض التي لم يتمكنوا من تأسيس دولتهم عليها لسنوات طويلة ولأسباب عديدة، أما وقد تأسست الدولة الآن فالسؤال هو كيف يمكن لهذه الدولة أن توجد داخل حدود شرعية ويهودية ودون أن يزعم أحد أن هذه الدولة ليس من حقها أن تكون موجودة تحت هذا المسمى وأن اليهودية ليست قومية؟ إن مقولة أن اليهودية ليست قومية أمر مثير للدهشة، إذا لم تكن اليهودية قومية فإن العروبة ليست قومية بالتأكيد، فلسطين ليست قومية أيضا، ما هي القومية؟ إنها شعب يرى نفسه فريدا لأسباب مختلفة وهذه القومية يجب أن تحكم نفسها بنفسها وإلا ليس هناك من تعريف.


عبد الرحيم فقرا: جيد، أنت يهودي، دانيال ليفي يهودي، هل لك نفس الموقف من هذه المسألة؟


دانيال ليفي: أعتقد أن اليهود عرفوا أنفسهم عبر التاريخ كشعب وأنا أؤمن بحق تعريف الذات وأعتقد أن ذلك التعريف يجب أن يحترم، أما تحويل حالة الشعب إلى وجود دولة قومية على أرض كان بها ارتباط تاريخي بالدين اليهودي فتلك خطوة سياسية حدثت في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وإن تحقيق تلك الخطوة السياسية تطلب أو أدى إلى عملية انتزاع من الفلسطينيين، إذا قالت إسرائيل اليوم نريدكم أن تعترفوا بروايتنا، أعتقد أن هناك مطالبة مشروعة من وجهة النظر الفلسطينية والعربية تقول استنى شوية فليس الأمر بهذه السهولة نحن أيضا لنا رواية، لن نصير صهيونيين بين عشية وضحاها، إذا كنتم حقا جادين بخصوص الاعتراف بروايتكم لا ندري إلى أي حد سنصل ولكن البداية يجب أن تكون اعترافكم أنتم بما حصل لنا، عليكم الاعتراف بالانتزاع وتداعياته وبوجوب التعويض عنه، السؤال اليوم هو هل من الحكمة المضي في هذا الطريق؟ ربما هذا الطريق الوحيد للمصالحة أو أننا لا ننطلق من ذلك المبدأ ولا نقول إننا ننتظر منهم أن يفهموا الرواية الصهيونية.


عبد الرحيم فقرا: أستاذ رائف زريق، في مطلع البرنامج اقتطفنا من مقالة نشرت في نيويورك تايمز حول هذه النقطة، مسألة أنه هل يجب أن ينظر الآن إلى هذه المشكلة السياسية من منظور جذورها التاريخية أم أن فرض جذور تاريخية على المشكلة السياسية كما هي قائمة الآن بالنسبة للفلسطينيين داخل إسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزة هو شيء مفتعل تفتعله ضرورات السياسة التي تنتهجها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؟


رائف زريق: الجواب مركب، بس أولا طريق أوسلو أثبت أنه لا يمكن التهرب من التاريخ وإذا طردته من الباب سيعود من الشباك وبالتالي حل جذري للموضوع يجب أن يتعامل مع جذور القضية، بهذا المعنى أنا أقرب إلى اليمين الإسرائيلي من اليسار الإسرائيلي بأن جذور المشكلة لا تكمن في عام 1967 إنما عام 1948، لكن إسرائيل تريد أن تغلق الملف التاريخي الفلسطيني دون أن تفتح ملف التاريخ، يعني بدنا الفلسطينيين يتنازلوا عن حق العودة قبل أن يعترفوا فيه، طيب اعترفوا أنه في حق عودة بعدين بنفكر فيه، اعترفوا أنه صار ethnic cleansing بـ 1948 بعدين بنشوف شو بدنا نساوي فيه، فبهذا المعنى أنا أوافق أنه يجب فتح الملف التاريخي على مصراعيه ولا يمكن الوصول إلى حل وسط تاريخي دون فتح ملف التاريخ. الآن هذا لا يعني أنا باعتقادي أنه ليس هذا ما يحاول نتنياهو أن يعمله في هذه الحركة في هذا.. الـ initiation يعني، الهدف أنا برأيي هو إغلاق إمكانية أي تقدم في المفاوضات لأنه يعرف أنه لا يوجد هناك فلسطيني يستطيع أن يتقدم بالمفاوضات، وإذا كان يريد التقدم بالمفاوضات فليعلن على الملأ أستاذ نتنياهو إذا كان قرار الأمم المتحدة عام 1947 هو الأساس الأخلاقي والمبدأ الذي يقف عليه نتنياهو فليقل اعترفوا بالدولة اليهودية ونحن مستعدون أن نقبل بقرار التقسيم.. هو لا يقول لنا إذا اعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة هو بشو معترف؟ هو بده يحططها من الأول.


عبد الرحيم فقرا: أريد أن آخذ استراحة قصيرة بعدها نعود لنواصل الحديث في هذا الجانب، استراحة قصيرة ثم نعود.

[فاصل إعلاني]

إشكاليات الدولة اليهودية وفرص السلام في المنطقة


عبد الرحيم فقرا: أهلا بكم مرة أخرى في برنامج من واشنطن وأذكر بأن معي في هذا البرنامج كل من مروان بشارة، دانيال ليفي، رائف زريق، ويوسي شاين. أبدأ بك يوسي شاين، أقتبس لك مقتطفا مما كتبه أم جيه روزينبيرغ في منتدى السياسة الإسرائيلية Israel Policy Form في يونيو/ حزيران، 19 يونيو/ حزيران 2009 يقول "القبول بإسرائيل كدولة يهودية فكرة غير قابلة للتطبيق في هذا الوقت وبنيامين نتنياهو يعرف ذلك، وإذا كان ذلك شرطا لبدء التفاوض فلن تكون هناك مفاوضات وبدلا من ذلك ستفرض الولايات المتحدة اتفاقا أو قد لا يوجد هناك اتفاق البتة كما قد يقود ذلك إلى حرب أو حربين أو ثلاثة حروب"، ما رأيك؟


يوسي شاين: أنا لا أعرف من هذا الشخص ولا أعتقد أن رأيه مهم، في أية حال السؤال الآن هو إلى أي مدى يمكن التقدم في تأسيس حل للنزاع العربي الإسرائيلي؟ هذا سؤال خطير، رأيي هو أن حل الدولتين فكرة جيدة لكنها غير قابلة للتطبيق في الوقت الحاضر لأن الفلسطينيين منقسمون وكيانهم منقسم وليس له السيطرة على أدوات العنف، وهناك طرفان يدعيان أنهما يمثلان الفلسطينيين وهما محمود عباس وحماس، ليس باستطاعة أي منهم التوصل إلى اتفاق وبالتالي فإن الدولة وهي الشرط الأساسي لأي اتفاق لا يمكن تأسيسها. ثانيا إذا اعتبرنا في نهاية المطاف جدلا أن هناك نوعا من الوحدة في الصف الفلسطيني، وأنا أشكك في ذلك، أتمنى ذلك ولكنني أتساءل إلى مدى يمكن لهذين الكيانين أن يعيشا جنبا إلى جنب؟ لا أعرف ولكن لكي يحصل ذلك مستقبلا على الجانبين أن يعيا أن كلا منهما يمثل كيانا قوميا، الكيان القومي اليهودي والكيان القومي الفلسطيني هذا لا يعني أن بعض العناصر يعيشون خارج الدولة أو أن بعضهم يعيش في أماكن يعتبرونها أرضهم، مثل الفلسطينيين الذين يقيمون في إسرائيل كعناصر من الدولة الإسرائيلية ويعتبرون تلك الأرض أرضهم..


عبد الرحيم فقرا: رائف زريق ما رأيك؟


يوسي شاين (متابعا): والمواطنون الإسرائيليون الذين يقيمون في الضفة الغربية بإمكانهم اعتبار تلك الأرض أرضهم تاريخيا.


عبد الرحيم فقرا: رائف زريق تفضل.


رائف زريق: يعني أنا بدي أعيد نقطة، كثير من المنظرين الليبراليين الصهيونيين بيقولوا يعني شو المشكلة بدولة يهودية اللي بتجمع ما بين المواطنة والـ ethnicity؟ في دول بالعالم من هالشكل، في لاتفيا، وشو المشكلة أنه في طابع دولة ديني؟ ألمانيا فيها -أنا عارف- طابع دولة ديني. المشكلة بإسرائيل أنه إذا أنت بدك تقيم دولة يهودية في مكان مأهول بأغلبيته كان فلسطينيين لا يمكن لهذا المشروع أن ينجح ويستمر في النجاح دون أن تتعامل بعداء وبعدوانية مع الفلسطينيين، هذا العداء بدأ بـ 1948 ولكنه مستمر وهو عداء لا يمكن إزالته إلا إذا فهمت إسرائيل بطبيعة وجودها بطريقة تنسجم مع المنطقة. تصاعد الحديث الديموغرافي بإسرائيل ماذا معناه هذا؟ هذا الخوف الدائم طول الوقت من أنه نحن أغلبية في هذه المنطقة؟ لا توجد حاجة لقوانين عنصرية ضد العرب في إسرائيل، لا توجد حاجة، يهودية الدولة تصبح اليد الخفية التي تدير كل السياسة دون أن تفصح عن نفسها، هي يعني الـ organizing principle لكل القانون، ما في حاجة أنت تصرح شو بدك تساوي، يجب أن تتحول حياة الفلسطينيين في إسرائيل إلى جحيم، هذه المشكلة خاصة بإسرائيل، هناك كثير من الدول تجمع ما بين الدين والدولة وتجمع بين  ethnicity وبين الـ nationality بس ما في دولة تجمع بين كل هدول زي ما إسرائيل بتجمع بين كل هدول.


عبد الرحيم فقرا: طيب دعني، عطفا على ذلك أريد أن أطرح سؤالا على مروان بشارة ثم أعود إليك دانيال ليفي، بناء على ما سمعناه حتى الآن من الأستاذ زريق، هل المشكلة في الشرق الأوسط مشكلة الفلسطينيين أم أن المشكلة مشكلة إسرائيل؟


مروان بشارة: هي مشكلة إسرائيل، يعني كل من يحاول أن يجد حلا للقضية الفلسطينية سيفشل بإيجاد حل سلمي للنزاع في المنطقة لأن المشكلة هي مشكلة إسرائيل وليس فقط مع الفلسطينيين، هي مشروع كولونيالي في المنطقة وهي بالتالي هي دائما عندها بالفعل مشكلة بالاعتراف، وهي أنا برأيي تريد الاعتراف تريد اعترافا عربيا بها وتفضل أن يكون هنالك اعتراف عربي تاريخي بحقها بالوجود تاريخيا لأنها تعترف أنها تعيش في بحر ثلاثمائة مليون عربي ومليار فاصل ثلاثمائة مليون مسلم، وبالتالي هي تعرف أنها مشروع كولونيالي مزروع في المنطقة، واليهود حين جاؤوا هناك جاؤوا لفلسطين جاؤوا فلسطين كمشروع أوروبي كولونيالي علماني، يعني دولة هيرتزل دولة اليهود هي دولة علمانية تناقض الدياسبر اليهودية ما يسمى المتدينة وبالتالي غيروا اسم كوهين، الكاهن، إلى اسم تسيلا الصخرة، هم أرادوا أن يبنوا دولة علمانية قومية كولونيالية جديدة أوروبية وبالتالي أنا في رأيي، لماذا أقول اليهود ليسوا قومية؟ لأن القومية حالة modern حالة عصرية، يعني القومية ليس هنالك أركيلوجيا (archeology) قومية ففي النهاية القومية ظاهرة..


عبد الرحيم فقرا (مقاطعا): لكن هو يقول هل العرب قومية؟ العرب يعني الحضارة العربية تتألف من العديد من الأقوام الذين يشعرون بشكل أو بآخر بأنهم عرب وبالتالي قد يجادل إذا انطبق ذلك على العرب لماذا لا ينطبق على اليهود؟


مروان بشارة: يعني حتى الحد الأدنى الـ minimum سماء واحدة أرض واحدة لغة واحدة، اليهودي في الأرجنتين واليهودي في ألمانيا واليهودي في مولدافيا لا يتكلمون نفس اللغة ولا يعيشون على نفس الأرض وبالتالي هناك نوع من الحلم الصهيوني اللي يتحرك بـ propaganda هائلة منذ قرن وأكثر ولكن في النهاية هنالك بالفعل يهود يعيشون في إسرائيل، هنالك يهود يعيشون في إسرائيل حصلوا على اللغة العبرية، تعبرنت عن طريق الجيش وبالتالي الجيش هو عمليا صاحب الهوية الإسرائيلية الجديدة وبالتالي ليس هناك دولة يهودية طبيعية في المنطقة وبالتالي مرة أخرى إجابة على سؤالك، المشكلة الأساسية أنه هناك بالفعل دولة ثيولوجية قومية دينية يهودية تحمل أسلحة فتاكة وبذلك الأسلحة النووية وهي لن تكون ولن تعيش بسلم في جوارها المسلم العربي إلا إذا بالفعل أصبحت دولة طبيعية تعيش مع سكانها الفلسطينيين كدولة بالفعل لجميع سكانها.


عبد الرحيم فقرا: دانيال ليفي الآن بالإضافة إلى تعليق قد يكون لديك بالنسبة لما قاله مروان بشارة الآن، الأفكار التي يعرب عنها بنيامين نتنياهو، السياسات التي يعرب عنها بنيامين نتنياهو، ما مدى امتداد السياسات في أوساط الجاليات اليهودية هنا في الولايات المتحدة بالنظر إلى المواقف التي بدأنا نسمعها من باراك أوباما كفكرة أن تكون إسرائيل دولة يهودية؟


دانيال ليفي: بداية علينا أن نفهم أن إسرائيل في إطار عملية السلام أسست لمبدأ الدولتين القوميتين وبالفعل فإن الموقف الفلسطيني لم يكن يرتكز على مبدأ الدولة القومية في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، الفلسطينيون لهم خيار أن يقولوا ليكن لنا دولة لقوميتين، لذا فهذا جيد أن إسرائيل توجه الحوار بهذا الشكل ولكن حل الدولتين هو الخيار الوحيد لإسرائيل وليس الخيار الوحيد للفلسطينيين. لا أعلم إذا كان نتنياهو يطرح هذه النقطة الآن لخلق ذريعة تعرقل اتفاق السلام بوضع شرط لا يمكن تحقيقه.


مروان بشارة: yes you know بلى تعرف أنه هو لا يريد بالفعل أن يتقدم بالعملية السلمية.


دانيال ليفي: نعم، أنا أتفق من يريد التقدم في العملية السلمية لا يطلب شيئا كهذا.


عبد الرحيم فقرا: لحظة، لحظة، سأعود إليك. يوسي لحظة لو سمحت. تفضل.


دانيال ليفي: أي شخص من الجانب الإسرائيلي يطرح مسألة الدولة اليهودية وأنا أتفق، أتفق أن هناك إجماعا حول هذه النقطة في إسرائيل وأنا أتفق أن هذه النقطة قد تكون ذريعة للبعض وأمرا في غاية الأهمية للبعض الآخر، علينا أن نحترم ذلك، ولكن أي زعيم يطرح هذه المسألة -ومعذرة على التكرار- عليه أن يكون منصفا في أمرين، أولا إذا تريد إسرائيل أن تعيش بسلام مع دولة فلسطينية في المستقبل بعد الاحتلال ومع العالم العربي، كيف يمكن أن تكون دولة يهودية وأن تضمن في الوقت ذاته حقوقا متساوية وعادلة لكل مواطنيها من غير اليهود؟ شخصيا أعتقد أن ذلك ممكن، أنا كبرت في إنجلترا حيث كانت الكنيسة الإنجليكانية هي الدين الرسمي. ثانيا عليك أن تعترف أنه لا الفلسطينيين ولا العرب سيتبنون الرواية الصهيونية وأن هناك روايتين حول ما حدث تاريخيا، أما بالنسبة لليهود خارج إسرائيل -وهذا أمر يهمني كما يجب أن يهم بقية الإسرائيليين- كلما واصلت إسرائيل الاحتلال وقامت بأعمال متضاربة مع أخلاقيات وقيم يهودية وقيم اليهود حول العالم سيكون من الصعب على إسرائيل المحافظة على دعم الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة وفي العالم..


عبد الرحيم فقرا (مقاطعا): أريد أن أقاطعك هنا قبل أن أتحول إلى الأستاذ زريق، على ذكر هذه النقطة تحديدا، الآن هناك تكتل يهودي في الولايات المتحدة يعرف بجيه ستريت، إنشاء جيه ستريت كان قد أثار آمال كبيرة سواء في الولايات المتحدة أو خارج الولايات المتحدة لأنه قد يدفع الحكومة الأميركية إلى تغيير سياساتها التقليدية إزاء إسرائيل، لكن المواقف التي أعرب عنها بنيامين نتنياهو وما يبدو على الأقل في الوقت الراهن أنه بداية تفهم إدارة الرئيس باراك أوباما لتلك المواقف يشير إلى أن الآمال التي كانت قد عقدت على جيه ستريت وما تمثله من يهود أميركا لم تكن في محلها، هل هذا تقييم صحيح؟


دانيال ليفي: علينا ألا نحكم على الأمور في مثل هذا الوقت الضيق، جيه ستريت وجدت منذ 18 شهرا فقط وإدارة الرئيس أوباما منذ تسعة شهر فقط، هناك تغيير في الطريقة التي يتحدث بها اليهود الأميركيون حول إسرائيل وحول الحالة في الشرق الأوسط، هم يساندون إسرائيل يدعمون وجود إسرائيل ويريدون أن يعترف بها الجميع، هم يعارضون الاحتلال ويعارضون الاستيطان وهم يرون مستقبل إسرائيل مرتبطا بإنهاء تلك الأعمال التي تثير القلاقل. علينا أن نعترف أن إدارة أوباما بدأت العمل منذ اليوم الأول وعلينا أن نعترف أن هناك توجهات مثيرة للاهتمام داخل الجالية اليهودية في أميركا كما رأينا ذلك عبر جيه ستريت، أشهر عديدة من التواصل وعلينا ألا نقول انتهى الأمر أوباما لن يحقق شيئا وجيه ستريت لن تحقق شيئا.

واقع أطراف الصراع وفرص نجاح حل الدولتين


عبد الرحيم فقرا: طيب الأستاذ زريق، بالإضافة إلى أي تعليق آخر دعني أقتبس لك وأقتبس للمشاهدين بشكل عام من المقالة التي سبقت الإشارة إليها "حل الدولتين لا يحل أي مشكلة" يقول كاتب المقالة، وهذه المقالة بالمناسبة أذكر نشرت في 11 من شهر أغسطس 2009، "اكتسب حل الدولتين مناصران جديدان، ففي الأسابيع القليلة الماضية أشار كل من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل إلى أنهما قد قبلا فكرة لطالما رفضاها، ويمثل هذا الإجماع الشامل تقريبا علامة مؤكدة حتى الآن أن حل الدولتين قد أصبح عديم المعنى، شعارا لا صلة به بالقضايا الخلافية التي يفترض أن يحلها، فيمكن للجميع أن يقولوا نعم لأن قول نعم لم يعد يعني كثيرا فيما أصبح قول لا مكلفا، ويشير القبول بفكرة حل الدولتين إلى تواصل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بوسائل أخرى" ما رأيك؟


رائف زريق: بالنسبة للاقتباس اللي تفضلت به أنا أعتقد أن حل الدولتين منذ فترة جرى اختطافه من قبل اليمين الإسرائيلي واليمين الأميركي بمعنى يعني ما هو هذا الجانب الوجه الآخر تاع حديث السيادة والدولة، إحنا بنظل نشق الطرق كيف بدنا، ونستعمل الهواء كيف بدنا، وندي مستوطنات كيف بدنا، ونستعمل المياه الجوفية كيف بدنا. وإذا بدكم تسموها هذه السلطة دولة ويكون عندكم وزراء ويكون عندكم نشيد وطني ويكون عندكم علم فليكن، لا بل نحن نصر أنكم تسموها دولة، لأنه في اللحظة اللي أنت تسميها دولة أولا هذا يعني أنه انتهى الاحتلال وبالتالي العلاقة تصبح ليست علاقة بين محتل ومحتل -واحدة مفتوحة وواحدة مكسورة- إنما تصبح علاقة بين دولتين، ولو أنه في خلافات بين الدول على الحدود والموضوع مفتوح وبالتالي وثيقة جنيف الرابعة تصبح ليس لها معنى ولا يصبح هناك تفوق أخلاقي للشعب الرازح تحت الاحتلال وهذا يمنعه من حقه في مقاومة الاحتلال. وبالتالي يصبح الموضوع موضوع تسميات، إحنا بنستمر من ناحية الصلاحيات في الاستمرار نساوي شو بدنا، أنتم بدكم تسموها دولة، نحن بنصر أنكم تسموها دولة، أساسا إذا سميتوها دولة أنتم تخضعون لكل الالتزامات بالقانون الدولي المفروضة على الدول مع أنكم من ناحية القدرات على الأرض أنتم مش دولة! وبالتالي الحديث تاع حق تقرير المصير له وجه آخر تماما يعني الخروج، الحرب على غزة لم تكن ممكنة قبل الانسحاب من غزة لأنه في حالة الانسحاب أنت تخلق حدودا وتخلق الـ image بتاع دولتين وبالتالي تستطيع الاستمرار، وبالتالي أنا أوافق مع ما قيل بهذا الموضوع. بس خليني أقول جملة واحدة على مستويين، الحديث على موضوع اليهود شعب وقومية، هناك مستويان للحديث ومن الصعب فصل المستويين هدول لأن هناك نتنياهو يقوم بعملية سياسية ويجب الحديث بهذا الموضوع على المستوى السياسي، ولكن إذا فرضنا مؤقتا أننا نستطيع أن نضع كل هذا الموضوع أوباما ونتنياهو بين قوسين ونتحدث كمجرد أكاديميين للحظة إذا هذا كان ممكنا، أنا أعتقد صحيح أنه على الفلسطينيين وعلى العرب أن ينظروا لما هو موقع اليهود في فلسطين، هذا موضوع جرى تحاشيه ويجب التعامل معه بشكل جدي.


عبد الرحيم فقرا: ما معنى ذلك؟


رائف زريق: بمعنى كيف نفهم مستقبلا تصورنا للمنطقة، ما هو موقع اليهود؟ هل هم مجموعة دينية فقط، هل هم مجموعة سواح فقط، أم هم مجموعة قومية يحق لهم -عم بأحكي عاليهود في إسرائيل مش اليهود في العالم- يحق لهم تقرير المصير؟ هذا سؤال يجب أن يطرح ويجب أن يعالج من قبل مثقفين فلسطينيين ومثقفين عرب.


عبد الرحيم فقرا: إنما بالنسبة للإسرائيليين، الإسرائيليون يقولون إن لهم دولة وهذه الدولة مدججة بالسلاح وتسهر على تحقيق أمنها وتذهب مثلا تتحرك دبلوماسيا مقابل عشرات الدول العربية والإسلامية وتتفوق على تلك الدول -على الأقل مرحليا- في مسألة محاولة تقبير تقرير غولدستون، كل هذا بالنسبة للإسرائيليين، إنهم دولة لا يحتاجون لهذا الكلام الذي تقوله.


رائف زريق: إذا هذا لا يحتاجونه ليش بيطالبونا فيه؟ يعني بعدين إحنا بنساوي هذه الأمور بغض النظر إذا يحتاجونه أو لا يحتاجونه، هذا نقاش يجب أن يفتح. ثانيا أنا برأيي يجب التعامل مع موضوع اليهود، وأنا من الناس الآن لا أتعامل مع اليهود في فلسطين فقط كمجموعة دينية، إذا في مجموعة هناك تصر على أنها مجموعة قومية يجب أن نتعامل معها كمجموعة قومية. بس جملة أخيرة، تقرير المصير الجماعي لا يعني بالضرورة دولة استثنائية، يعني ممكن يكون في دولة ثنائية القومية وهذا جزء من التعبير عن حق تقرير المصير، وبالتالي ربط فكرة الدولة الحصرية مع موضوع تقرير المصير هو مغالطة فكرية وسياسية.


عبد الرحيم فقرا: يوسي شاين.


يوسي شاين: هناك ميول مثيرة للاهتمام في الشرق الأوسط خاصة في واشنطن وهي الحديث عن الخطاب وتجاهل الواقع بشكل كامل، ما هو الواقع؟ الواقع هو أن هناك دولة إسرائيلية قوية فيها ستة أو سبعة ملايين ساكن وهي دولة تنمو ويشتد عودها اقتصاديا وسياسيا، لا تتمتع بالأمن وهذا مشكل كبير. الواقع الآخر في المنطقة هو الواقع الفلسطيني، شعب منقسم يعاني في غزة تحت حكم حماس التي لن تعترف أبدا بدولة يهودية وإسرائيلية كما قال السيد هنية، وهناك محمود عباس الذي يسمونه الآن بالخائن وهناك البعض الآخر منهم يحصلون على بعض المكاسب الاقتصادية ولكنهم يسعون إلى تأسيس دولة، ثم البيئة العربية المنقسمة أيضا إلى مدارس تفكير مختلفة وفكرة أن أوباما سيجلب لهم السلام في المنطقة. علينا أن نفهم ما يحصل كي يكون هناك اتفاق في المنطقة بين قوى يمكنها أن توقع اتفاقا وتحترمه وكي يتصالح الشعبان ويعيشان جنبا إلى جنب كما قال السيد نتنياهو ذلك بخصوص حل الدولتين.. دعني أنهي كلامي.


عبد الرحيم فقرا: بسرعة.


يوسي شاين: وبسرعة. وإلا سنواصل الحديث عن 1948 و1947 والصهيونية وربما عن طموحات العرب السابقة حول الوحدة العربية. أقترح هنا أن يكون هناك نوع من التأجيل لهذه النقاشات، ونقول لنجلس معا دون شروط إذا ما كان باستطاعة الفلسطينيين أن يقدموا زعامة موحدة، لا تنس أن السلطة الفلسطينية فتح أدانت الآن قبل قليل أوباما بسبب اختطاف العملية.


عبد الرحيم فقرا: عندنا لم يتبق من وقت البرنامج سوى دقيقتين، أعطيك دقيقة ديفد ثم أعطي مروان بشارة دقيقة.


دانيال ليفي: على الإسرائيليين وعلى الفلسطينيين أن يقرروا ماذا يريدون، إذا أراد الإسرائيليون حل الدولتين كما يزعم نتنياهو فإنك لا توسع المستوطنات ولا تبني الطرقات ولا تخندق الاحتلال بل تبدأ في الانسحاب من هناك وتطلب من العالم اعطوني أمني. إذا أراد الفلسطينيون حل الدولتين فعليهم أن يقبلوا إسرائيل، إذا أرادوا دولة لقوميتين عليهم أن يتوخوا إستراتيجية سياسية مختلفة ولكن عليهم أن يقرروا أيضا هل سيحققون ذلك بالعنف، بالمقاومة الغير عنيفة، بالعمل مع المجتمع الدولي أو بالاعتماد الكامل على المفاوضات؟ كل طرف له دوره الخاص.


عبد الرحيم فقرا: مروان، دقيقة بالضبط.


مروان بشارة: شوف أول شيء بالنسبة.. يعني ملاحظة سريعة، أعتقد هذا مهم جدا ما يفكره الإسرائيليون أو الواقع الإسرائيلي يعني الإسرائيليون في غالبيتهم مثلا يريدون الجولان يعني  so what يعني؟ يريدون القدس الشرقية، هذا خطأ، يعني هنالك consensus هنالك إجماع إسرائيلي على قضايا غير قانونية وغير أخلاقية وبالتالي نحن لا نفسر الواقع فقط بالأخص إذا كان واقعا مؤلما مثل واقع الخلاف أو الصراع.. لأنه يجب تغييره، تغييره اليوم يجب أن يتم على قواعد تغيير طبيعة هذه الدولة الكولونيالية التي تربط بين الدين والقومية والاحتلال ورفض الشعب الآخر وبالتالي يجب حل القضية الإسرائيلية وأعتقد بالفعل يجب أن نتعامل مع هذه القضية ولا نضعها جانبا تحت عنوان حل الدولتين، يجب حل القضية الإسرائيلية.


عبد الرحيم فقرا: انتهى الوقت المخصص للبرنامج، مروان بشارة شكرا لك، شكرا كذلك لدانيال ليفي، شكرا للأستاذ رائف زريق وليوسي شاين، شكرا لكم جميعا في نهاية هذه الحلقة. عنواننا الإلكتروني، minwashington@aljazeera.net

إلى اللقاء.