الإسلام والحوار مع الغرب
من واشنطن

مستقبل الحوار الأميركي الإسلامي

تناقش الحلقة تأثير معهد أميركان إنتربرايز الذي يُعد منبرا لآيان هيرسي علي البرلمانية الهولندية السابقة من أصل صومالي المعروفة بانتقادها للجالية المسلمة في أميركا.

– أوضاع الجالية المسلمة في أميركا
– المهاجرون المسلمون في أوروبا
– حال المهاجرين المسلمين بين أميركا وأوروبا


undefined
عبد الرحيم فقرا
: مشاهدينا في كل مكان أهلا بكم إلى حلقة جديدة من برنامج من واشنطن، بقدر ما مهدت أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر الطريق أمام المحافظين الجدد لإقناع الرأي العام الأميركي بضرورة غزو أفغانستان والعراق لاحقا، ألهبت نيران جدل لا يزال مستعرا في الغرب بدرجات متفاوتة حول الإسلام وقدرته على تنوير الدرب للمسلمين وطبيعة العلاقة بينه والغرب، هذا الجدل لن تزده إلا حدة التعقيدات والمفارقات التي أفرزتها ظاهرة هجرة المسلمين وإقامتهم في الغرب بما فيه الولايات المتحدة عبر مختلف المراحل التاريخية وقد وجدت هذه التعقيدات والمفارقات تجسيدا لها في مواقف بعض المسلمين إزاء الدين والمجتمع في غمرة التناقضات التي أفرزتها أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر.

 [شريط مسجل]

آيان هيرسي علي – عضو سابق في البرلمان الهولندي: أنتم الغربيون تطورتم من مراحل الشعوذة والجهل والقسوة إلى مجتمعات تؤكد على العقل والمعرفة والقيم الإنسانية، لقد أنشأتم مؤسسات من صنع البشر وتعملون على إصلاحها مع مرور الزمن، أما نحن المسلمين فلم نقم بذلك، فنحن نعيش في مجتمعات قبلية تصبو إلى المثالية ونحلم بإنشاء نظام مجتمعي قائم على مبادئ القرآن وأوامر الله ونتطلع إلى الرسول ليرشدنا أخلاقيا من أجل تحقيق التناغم والسعادة وذلك بالالتزام بقوانين السماء وواضح أننا فشلنا في ذلك وهو ما يفسر وجودنا في الغرب بأعداد كبيرة.

عبد الرحيم فقرا: ما هو تقييمُكِ لمساهمة الغرب في إقامة نظم الاستبداد الإسلامية التي تتحدثين عنها في إفريقيا ومناطق أخرى من العالم الإسلامي؟

آيان هيرسي علي: عندما جاء البريطانيون والفرنسيون إلى أفريقيا والعالم الإسلامي ارتكبوا فظائع واستعمروا واستغلوا الخيرات واغتنوا بها، هذا وجه من وجهي الغرب، أما الوجه الآخر فهو أنهم خلَّفوا وراءهم نظما تعليمية استفدتُ منها كما استفدتَ منها أنت، لقد تعلمنا منهم لغة النضال من أجل وضع أحسن وهو ما يجعل تقييم تركة الغرب عندنا عملية معقدة.

عبد الرحيم فقرا: هذا جزء من محاضرة للباحثة الهولندية آيان هيرسي علي في العاصمة واشنطن عن كتابها الجديد (الكافرة) حيث تروي قصتها الشخصية منذ وُلدت في الصومال ومشوارها الثقافي والروحي الذي أفضى بها إلى اعتبار التعاليم والمعتقدات والتقاليد الإسلامية حجر عثرة أمام اندماج المسلمين في الحياة العصرية بصورة عامة وفي المجتمعات الغربية بصورة خاصة، علي التي كانت حتى عهد قريب عضو في البرلمان والحزب اللبرالي عندما كان في الحكم في هولندا انضمت قبل بضعة أشهر إلى معهد أميركان إنتربرايز المعروف اختصار (AEI) الذي يتمتع بنفوذ قوي في الساحة السياسية الأميركية.

[شريط مسجل]

جورج بوش – رئيس الولايات المتحدة الأميركية: إنني معجب جدا بـ (AEI) وأنا واثق من أنكم تعرفون ذلك، فقد استعرت بعض أفضل ما لديكم من الباحثين الذين عمل أكثر من عشرين منهم في إدارتي وقد عاد بعضهم إلى قواعدهم، لكن عليكم أن تنتظروا سنتين إضافيتين قبل أن يعود إليكم نائبي ديك تشيني فهو مشغول حاليا لكنه يحييكم.

عبد الرحيم فقرا: معهد أميركان إنتربرايز حيث ألقت آيان هيرسي علي محاضرتها يحتضن كذلك شخصيات كفريدريك كيغن صاحب فكرة إرسال مزيد من القوات الأميركية إلى العراق وكريستينا هوف سومرز إحدى أكثر المتحمسات لأفكار آيان هيرسي علي.

كريستينا سمرز – باحثة في معهد أميركان إنتربرايز: توجد في الإسلام حاليا قوى رجعية جدا تحاول أن تقود النساء إلى الوراء وقد نشرت الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة تقريرا عن وضع النساء في العالم العربي يقول إن تقييدهن يضر ضررا دائما بتلك المجتمعات ويحول دون تحقيق ما يوصف بنهضة عربية إذا ما فُجِّرت الطاقات الخلاقة لديهن في مجال الثقافة والاقتصاد، إن آيان هيرسي علي تدعم تلك الإصلاحات.

عبد الرحيم فقرا: محاضرة علي تطرقت كذلك للعديد من المحاور الأخرى كالفرق بين الأوروبيين والأميركيين في التعامل مع قضايا الإسلام والمسلمين وبينما لم تتطرق علي لمسألة التطرف في إطار الديانات الأخرى، شخَّصت الفرق بين المتطرفين المسلمين في أوروبا ونظرائهم في القارة الأميركية شمالا وجنوبا.

آيان هيرسي علي: إن للمتطرفين المسلمين الذين نراهم في أوروبا خصوصيات تتمثل في أنهم شبان ومتحمسون ويريدون الوصول إلى عالم الخلافة في أقرب وقت ممكن ويحبذون اللجوء إلى الإرهاب في ذلك، أما المتطرفون في الولايات المتحدة فلديهم الأموال ويتحلون بالصبر ويدركون أنه مُجدٍ فهم يعملون في إطار الجامعات والمدارس والنظام القضائي ووسائل الإعلام، إنهم أيضا يريدون إقامة نظام الخلافة لكن عن طريق الإقناع.

أوضاع الجالية المسلمة في أميركا

عبد الرحيم فقرا: إذاً أوجه الشبه والاختلاف بين الأوروبيين والأميركيين في التعامل مع الدين والمهاجرين المسلمين وأوجه الشبه والاختلاف في دور هؤلاء عقائديا وسياسيا في كل من أوروبا والولايات المتحدة هذا هو الإطار العام لهذه الحلقة من برنامج من واشنطن وأرحب هنا ببول مارشال من معهد هادسون في واشنطن، مارشال يتخصص في قضايا الحرية الدينية والسياسة الدولية وفي الفهم المسيحي للسياسة وفي الإسلام وحقوق الإنسان، أرحب أيضا بأسرى نعماني وهي صحفية وكاتبة أميركية مسلمة من أصل هندي، لها عدة كتب من بينها (واقفة بمفردي في مكة.. نضال امرأة أميركية من أجل روح الإسلام)، كما يسعدني أن أستضيف نهاد عوض المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية وطبعا المجلس غني عن التعريف لدى مشاهدي الجزيرة وله اهتمامات يومية بقضايا الجاليات المسلمة في الولايات المتحدة وأخيرا وليس بآخر ينضم إلينا من لندن المفكر الإسلامي البارز كمال الهلباوي مستشار مركز دراسة الحضارات العالمية هناك، المركز طبعا نظم ندوة في نهاية العام الماضي تحت عنوان ماذا يقدم الإسلام للغرب، أشكره على تفضله بالانضمام إلينا في آخر لحظة بعد أن كان المفكر الإسلامي طارق رمضان قد وعد بالانضمام إلينا لكنه أخلف وعده دون سابق إنذار أو اعتذار، عموما أبدأ بك بول مارشال بالنسبة لما جاء في التقرير الذي شاهدناه قبل قليل عن علاقة آيان هيرسي علي حاليا بمعهد أميركان إنتربرايز، طبعا لا يمكن أن نتوقع أن أفكار هيرسي علي ستتحول إلى سياسات للإدارة الأميركية غدا أو بعد غد، لكن كيف ترى أنت هذا أو هذه العلاقة الجديدة بين اليمين إن صح التعبير في الولايات المتحدة وشخصيات لها أفكار من قِبل أفكار آيان هيرسي علي؟

بول مارشال – باحث في معهد هادسون: هناك أمران أحدهما هو أنه في واشنطن كون الرئيس في واشنطن يقف أمام جمهور في معهد أميركان إنتربرايز ويقول لهم أنهم ذات تأثير كبير، ضع الرئيس في أي مركز أبحاث وسوف يفكرون في الأمر، فمن المهم أن لا نقلل من بروز معهد أميركان إنتربرايز هي المراكز اليمينية في واشنطن، الأمر مثير كونها وصلت إلى هناك لأنها كانت في هولندا أو بدأت حياتها السياسية في هولندا على اليسار ولكن حسب كلامها هي تقول إنها أُخرجت من اليسار رغم أفكارها وحواراتها ولكن بعض الأشياء الراديكالية التي تتفوه بها وجدت أنه ليس هناك لها من جمهور وهي ليست بأمان فهربت إلى معهد أميركان إنتربرايز بدلا من الوصول إليها بطريقة عادية.

عبد الرحيم فقرا: طبعا نُذكِّر بعض مشاهدينا بخلفية ما تحدثت عنه فيما يتعلق بآيان هيرسي علي في هولندا، طبعا هيرسي علي كانت قد اشتركت مع ثيو فانغو وهو مخرج سينمائي هولندي في فيلم تحت عنوان الاستسلام وطبعا في الفيلم انتقاد لوضع النساء في الإسلام وللإسلام بصفة عامة وطبعا تلقت العديد من التهديدات هناك في هولندا، لكن بول بالنسبة لليمين الأميركي بغض النظر عما إذا كان اليمين مرتبطا بمعهد أميركان إنتربرايز أم لا، كيف ترى هذه الأفكار التي طرحتها آيان هيرسي علي في هل لها دور.. هل تتوقع أن يكون لها دور معين في أوساط اليمين الأميركي خاصة في فترة ما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر وكل ما تعنيه للولايات المتحدة وللمسلمين في الولايات المتحدة؟

"
أتوقع أن أفكار آيان هيرسي سيكون لها وقع كبير في واشنطن فإنها تقول إن المشكلة هي الإسلام، أي الإسلام ككل وبشكل شمولي ولكنها لا تقول مثلا المشكلة تكمن في بعض المسلمين أو بعض التفسيرات للإسلام
"
            بول مارشال

بول مارشال: لا أتوقع أن أفكارها سيكون لها وقع كبير في واشنطن لأن الطريقة التي أفهمها هي أنها تقول إن المشكلة هنا هي الإسلام، أي الإسلام ككل وبشكل شمولي ولكنها لا تقول مثلا المشكلة تكمن في بعض المسلمين أو بعض التفسيرات للإسلام، لا فالإدارة الأميركية هي واضحة بهذا الشأن وتقول إنها ترفض هذا الحديث ويقولون إن لديهم مشاكل مع بعض المسلمين وبعض تفسيرات للإسلام ولكن طريقتها في التهجم على الإسلام ككل وتقول إنها مشكلة بحد ذاتها لن يكون لها تأثير في واشنطن.

عبد الرحيم فقرا: أسرى إليكِ الآن أنت طبعا هناك بعض نقاط التلاقي بينك وبين شخصيات مثل آيان هيرسي علي، لكن طبعا هناك كذلك اختلافات، أحد نقاط التقاطع هي أن هيرسي علي من أصل صومالي وأصبحت مواطنة هولندية، أنتِ طبعا من أصل هندي وأنتِ من.. أميركية من الرعيل الثاني، كيف تنظرين وكيف تنظر النساء في وضعكِ في الولايات المتحدة إلى ما تقوله هيرسي علي عن الإسلام وعن دور الإسلام في صياغة وضع المرأة في المجتمع الإسلامي؟

أسرى نعماني – صحفية وكاتبة أميركية مسلمة: بالنسبة لسؤالك السابق بالنسبة للزواج بين المحافظين الجدد وآيان علي هو خطير، أقول فيما يخص مواقف الناس الآن الكتاب هو مروَّج وهي تؤثر على أفكار الناس وأقول إننا نخلق آيان علي كل يوم لأننا لا نثبت العطف ولا نعبر على الاهتمام بحقوق النساء وهناك الرجال الذين يشعرون بالاغتراب يخرجون من المساجد، علينا أن نتحمل بعض المسؤولية وأن نعالج القضايا التي تطرقت إليها، تقول في كتابها أنها أصبحت ملحدة وأدارت ظهرها للدين والناس دائما سيديرون ظهورهم للعقيدة إذا لم يشعروا بالترحيب بشكل إيجابي، إنها مسؤوليتنا نحن المسلمين ولديّ أمل في العالم أنهم لن يقبلوا بشيطنتها وتصويرها السيئ للإسلام كما أشار الضيوف الآخرين، هم على حق، نعم الناس في واشنطن فهموا ذلك أنه لا يمكن قدح الإسلام هكذا ولكن هناك صناعة رائجة الآن من القساوسة المسيحيين ينشرون الكره والمحافظين الجدد الذين يريدون الإساءة للإسلام لأسباب سياسية وهذا أمر خطير جدا والذي سيسبب مشاكل كبرى في العالم.

عبد الرحيم فقرا: كيف تنظرين أو كيف تقيِّمين تأثير هذه الأفكار وتلاقيها مع أفكار اليمين الأميركي على وضع النساء المسلمات مثلِك في أميركا سواء في المدى القريب أو في المدى البعيد؟

أسرى نعماني: حسنا، الضيف الآخر تكلم عن نتائج استطلاعات عن صور الإسلام وأحد الانتقادات التي واجهناها كالمسلمين هي كيفية معاملتنا للنساء، أعتقد أنه أكبر انتقاد باسم الإسلام في العصر الحديث وعلينا أن نتقبل الأمر، إننا نعامل النساء درجة ثانية، لا نرحب بهن في المساجد، نجعلهن عرضة لمعاملة غير جيدة في المساجد ونسمح بتعدد الزوجات بدون تقنين لذلك ولدينا مشاكل جدية، علينا أن نتقبل بهذا الأمر ونصلح منه وأن نعطي النساء المكانة المُحقة التي ارتآها لهن الرسول ومن ثم لن يكون لدينا مشكل نابع من كلام هيرسي وهي.. وقولها الآن يعمق المشكلة.

عبد الرحيم فقرا: هو طبعا أنت من دعاة أن تقوم النساء بإقامة الصلاة كما شاهدنا في هذه اللقطات على الشاشة، نهاد عوض بالنسبة لتفاعل هذه الأفكار في العلاقة بين الأميركيين والجاليات المسلمة، ما هي الأخطار؟ وما هي المزايا إن صح التعبير بتصورك؟

نهاد عوض – المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية: هو الحقيقة يعني من الخطأ أن نُقزِّم علاقة المسلمين في الغرب سواء مسلمين غربيين بمجتمعاتهم الغربية أو مسلمين مواطنين أو مهاجرين بشخصية متحدثة أو كاتبة واحدة، إلا أن هذا مؤشر أن مؤسسة فكرية مثل أميركان إنتربرايز على احتضانها لشخصية ترى في نفسها أنها خرجت من الإسلام وانتفضت على العالم الإسلامي ولها بعض الأفكار التي من حقها أن تعتقد بها، هو الحقيقة مؤشر على إفلاس مؤسسة اليمين في الولايات المتحدة التي رُفضت في الانتخابات والتي أنتجت فكرا وعقلية سياسة الضربة الوقائية وكذلك سياسة ليس الاحتواء، إنما سياسة التصادم مع العالم الإسلامي، في العالم الإسلامي هناك أخطاء، هناك ممارسات خاطئة، كذلك بعض المسلمين في الغرب لهم ممارسات خاطئة هذا ليس سببه الإسلام إنما سببه سلوك بعض المسلمين، الذي أتوقعه أن من المنظومة الفكرية الغربية التي استقرت وأنتجت ديمقراطية ونظما يتحلى بها الجميع في بلادهم وحول العالم أن يكون هناك طريقة أنضج للتعامل مع العالم الإسلامي وطريقة معتدلة أكبر في التعالم مع الوجود الإسلامي الغربي أو الوجود الإسلامي في الغرب، نحن شركاء في صناعة الحياة هنا والاندماج.. مستويات الاندماج الإسلامية في الولايات المتحدة في أعلى مستوياتها، على سبيل المثال نحن عندما قمنا بإجراء استطلاع رأي للناخبين المسلمين قبل الانتخابات 62% من المسلمين المسجلين حَمَلة شهادات جامعية ما فوق البكالوريوس وحوالي 89% منهم يصوِّت بشكل دوري في الانتخابات، هذا ضعف المعدل العام في الولايات المتحدة وبالتالي نسبة الاندماج هي نسبة قناعة في الولايات المتحدة ومؤشر خير وأعتقد وأتمنى من المسلمين الأميركيين أن يعيدوا صياغة العلاقة بين الإسلام والغرب بين الإسلام والعالم الغربي على أسس ممارَسية يعني واضحة وسليمة.

عبد الرحيم فقرا: ونحن طبعاً سنعود لمسألة اندماج المسلمين في المجتمعات الغربية، لكن أعود إليكَ سريعاً بول، إلى أي مدى تعتقد كما أعرب نهاد عوض، إلى أي مدى تعتقد أن اليمين في الولايات المتحدة قد أفلس أيديولوجياً؟

بول مارشال: هذه كلمة ثقيلة ولكن إذا تطرقنا إلى الشؤون الخارجية أو السياسة الخارجية صحيح أن هناك أناس على اليمين أكثر من اليسار يؤيدون غزو العراق ولكن أصبح هناك بعض الضعف في تلك الأفكار ولكن هل هي نهاية تلك الأفكار لا أعتقد ذلك، كما قيل قبلي ولكن بعض الناس مثلاً فريدريك كيغن الأشخاص الذين يعملون في معهد أميركان إنتربرايز هو الذي مثلاً كان يدعم فكرة زيادة عدد القوات الأميركية بشكل مؤقت في العراق فما زال هناك كثير من النقاشات والحوارات ولا أستطيع أن أقول إنها أفلست أيديولوجياً.

المهاجرون المسلمون في أوروبا

عبد الرحيم فقرا: السيد الهلباوي في لندن سأتحول إليك خلال بضع ثوانٍ، إنما أريد أن أستعرض بعض الأرقام لنقارن بين الدين في الولايات المتحدة والدين في أوروبا، بالنسبة للمسلمين في أوروبا وأعداد المسلمين، طبعاً أعداد المسلمين في أوروبا تقدر بحوالي 15 مليون وقد يكون الرقم أكبر من ذلك بقليل، تضاعف عدد المسلمين في أوروبا في العِقد الماضي، عدد المهاجرين إلى أوروبا سنوياً يقدر بحوالي نصف مليون، معظم الوافدين إلى أوروبا من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يأتون من دول كتركيا والمغرب والجزائر وتونس، بالنسبة لأعداد المسلمين في أميركا طبعاً التقديرات والإحصاءات في الولايات المتحدة أقل دقة وأكثر غموضا مما هو عليه الشأن بالنسبة للمسلمين في أوروبا، لكن ليست.. طبعاً هناك أعداد أو أرقام دقيقة لأعداد المسلمين في أميركا لكن التقديرات تتراوح بين مليون وثمانية ملايين وطبعاً نهاد عوض يبدو أنه لا يوافق على رقم المليون، تعود هجرة العرب والمسلمين إلى أميركا إلى نهاية القرن التاسع عشر وكان معظم المهاجرين في تلك الحقبة من دول كسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، أتحول إليك الآن السيد الهلباوي، الفلاسفة..

كمال الهلباوي: أهلاً وسهلاً.

عبد الرحيم فقرا: مرحباً، الفلاسفة الأوروبيون في القرن التاسع عشر دوركايم وويبر وحتى كارل ماركس وفرويد كانوا قد توقعوا أن يتراجع الدين وأن تتراجع المعتقدات الدينية في أوروبا بنهاية المجتمع الصناعي، إلى أي مدى يصح هذا القول اليوم على المجتمعات الأوروبية؟

كمال الهلباوي – مفكر إسلامي ومستشار مركز دراسة الحضارات العالمية: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وتحياتي لكم أخ عبد الرحيم وللضيوف الكرام.

كمال الهلباوي: الدين في الغرب إذا تحدثنا عن المسيحية فبالتأكيد تراجعت التعاليم المسيحية كثيراً وعانت الكنيسة من القيم التي كانت تدعو إليها لانفضاض الناس عنها وهناك أثر واضح لهذا الأمر في الكنائس اليوم والمعابد الموجودة كذلك وكذلك إذا أخذنا على سبيل المثال الوصايا العشر التي يجب أن يلتزم بها الإنسان المسيحي سنجد أمراً متعلقاً بما تتكلم عنه آيان هيرسي علي، قضية مثلاً الإباحية عند المرأة التي هي تريد المرأة أن تخرج من التعاليم وتخرج من الالتزام حتى لا تعتبر قوة رجعية، الدين هو الذي كان يحافظ على هذا الأمر والوصايا العشر تمنع هذا التبرج وتمنع أيضاً الإباحية أو ممارسة الزنا على سبيل المثال، أما القيم الإسلامية فبرغم عن توقعات دوركايم وآخرين إلا أن القيم الإسلامية بدأت تنتشر في هذه المجتمعات، كثير منها وخاصة مع الاندماج وأصبح الصوت الشاذ مثل صوت هيرسي علي صوتاً شاذاً، أنا أتعجب كيف يستضيف الغرب يعني مثل هذه الباحثة في معهد مهم زي معهد إنتربرايز ويعتمد عليها في أقوال الإسلام، هل لو الغرب أراد إنه يحتاج باحثه في علوم الفضاء في ناسا على سبيل المثال في أميركا سيذهب إلى أحد صومالي أو واحدة صومالية مثلها ويستشيره في علوم الفضاء؟ فلماذا يستشيرها في علوم الإسلام؟ وماذا تقدم امرأة مثل هذه لن تقدم إلا مثل ما قدمه سلمان رشدي في أوروبا من قبل؟ فالدين ينحسر ولو قرأت صامويل هانتينغتون ورأيت ماذا يتكلم عن الأمراض التي تؤدي إلى انهيار الحضارة الغربية (The clash of civilization) وتفكك المجتمعات، ستجد أن هناك أمراضاً وقع فيها الغرب لن تستطيع جماعات مثل هارفارد ولا ييل ولا نيويورك ولا كاليفورنيا ولا غيرها من الجامعات أن تعالج مثل هذه الأمراض بسبب البعد عن القيم والدين باعتبار إنه شيء رجعي لا يمكن الرجوع إليه والتفكك الأسري واحدة من هذه، جورج سوروس نفسه أشار إلى هذا في مرات عديدة في (Monthly Atlantic) كثيراً من هذه الأمور فالحديث..

كمال الهلباوي [متابعاً]: اسمح لي أكمل جملة واحدة، يعني ما ورد في تقرير آيان هيرسي تتكلم مثلاً عن الفرق بين المسلمين في أوروبا والمسلمين في أميركا فقالت إن المسلمين في أميركا عندهم المال والصبر ويعملون من جماعات وبهدوء ويريدون الخلافة بالإقناع، فهي يعني عممت تعميماً غير صحيح، التطرف موجود في كل مكان وفي كل الأديان والثقافات..

عبد الرحيم فقرا: سيد هلباوي معذرة عن المقاطعة، طبعاً سنستفيض في الموضوع في الجزء الثاني في البرنامج، قبل أن نأخذ استراحة أعود إليكِ أسرى لتعليق موجز عما قاله السيد هلباوي.

أسرى نعماني: الرائع أن الـ (B.B.C) قامت باستطلاع جديد وقاموا بأخذ استطلاعات عن شرائح مختلفة في العالم و50% يرفضون الفكرة أن بوجود صراع بين الديانات يقولون إنه التصارع في النفوذ السياسي وهناك سياسة بين المسلمين والمسيحيين وهم الذين يهدمون عالمنا من ناحية الحروب والكره والنزاعات، نحن في العالم الإسلامي توجد بيننا أغلبية صامته معتدلة، أقول إن هناك أغلبية صامته معتدلة في كل أنحاء العالم من كل المذاهب أو الذين يخوِّلون أصحاب الكره لبث سمومهم والتي هي تهدد مستقبل العالم بالأشمل.

عبد الرحيم فقرا: معذرةً بول أنا أعرف أنك تريد أن تعلق، دعنا نأخذ استراحة وبعدها نعود لتعليقك، استراحة قصيرة وبعدها نعود.

[فاصل إعلاني]

حال المهاجرين المسلمين بين أميركا وأوروبا

عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلاً بكم مرة أخرى إلى برنامج من واشنطن، طبعاً في الجزء الأول كنا بصدد الحديث عن الفروق الدينية بين أوروبا والولايات المتحدة، أسرى أنتِ كنتِ قد تحدثتِ عن أحد استطلاعات الرأي لقناة أو لشبكة (B.B.C) الإخبارية وأود أن نستعرض هذا الاستطلاع مع المشاهدين، هذا الاستطلاع طبعاً كان قد أُجري في فبراير عام 2007 وسُئل المستطلعون في هذا الاستطلاع عن سبب التوتر الحالي بين الإسلام والغرب، الآن نتائج هذا الاستطلاع 58% من المستطلعين قالوا إن السبب.. سبب التوتر الحالي بين الإسلام والغرب هو الأقليات المتعصبة على الطرفين الإسلامي والغربي، 26 % قالوا إن سبب ذلك التوتر هو اختلافات جوهرية بين الإسلام والغرب ولمزيد من التفاصيل عن هذا الاستطلاع للـ (B.B.C)، في كندا 55% من المستطلعين في كندا قالوا إن الأقليات المتعصبة على الطرفين هي سبب التوتر العالمي الحالي بين الإسلام والغرب، في الولايات المتحدة 54%، في بريطانيا 70%، في فرنسا 68%، إيطاليا 45% وألمانيا 44%، سبب التوتر بين الإسلام والغرب 52% من المستطلعين قالوا إن السبب هو المصالح والقوة السياسية، 29% فقط قالوا إن السبب هو اختلاف الديانات والحضارات، التفاصيل للبلدان كل بلد على حدا، 56% من كندا قالوا إن النزاع على المصالح والقوى السياسية هو سبب التوتر بين الإسلام والغرب، في الولايات المتحدة 49% قالوا إن السبب هو النزاع على المصالح والقوة السياسية، 58% من الإيطاليين، 56% في فرنسا يعتقدون أن النزاع أو سبب التوتر هو النزاع على المصالح والقوة السياسية، 55% في ألمانيا و52% في بريطانيا، بول أولاً هناك تباين واضح بين الولايات المتحدة وأوروبا وبعد ذلك أعطيك فرصة لتعلق على ما كان قد قاله السيد.

بول مارشال: بخصوص الفرق بين الولايات المتحدة وأوروبا هناك سببين، أولاً خلفية أغلبية المسلمين في كل بلد الذين جاؤوا إلى أوروبا جاؤوا كعمال وكانوا وهم من الطبقة الدنيا، المسلمين في أميركا جاؤوا بحريتهم وهم مهنيين وجاؤوا من أجل التعليم مثلاً، كما لاحظ نهاد عوض المسلمين الأميركيين هم متعلمون أكثر من الأميركي المتوسط ودخلهم المتوسط أعلى من دخل الأميركي المتوسط، فهناك فرق والاندماج.. اندماج المسلمين في الولايات المتحدة يسير بشكل جيد، سبب ذلك هو خلفيتهم والأمر الثاني هو الفرق بين الالتزام الديني في الولايات المتحدة وأوروبا، لابد أن نركز على أن كون أميركا ليست وحدها في الالتزام الديني، أوروبا تختلف، في كل مكان آخر في العالم الناس متدينين جداً ولكن الولايات المتحدة هي مثل أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، يقول الناس الدين هو أمر جدي ولكن أوروبا مختلفة تماماً عن ذلك، السبب هو أن الأوروبيين يتمتعون بعقلية علمانية والمسلمين كما.. أو مثلاً الهندوس أو المسلمين أو المسيحيين هم يتمسكون بخرافات الماضي وليس هناك أي تعاطف من قِبل معظم الشعب ولكن في الولايات المتحدة معظم الشعب متدين جداً وممكن لهم أن يتفهموا المسلمين وأي شخص يريد أن يلتزم بدينه ويأخذه مأخذ الجد ولكن كل بلد مختلف ولكن في الولايات المتحدة هناك انفتاح أكبر نحو فكرة أن المسلمين يريدون أن يطبقوا دينهم في أعمالهم اليومية.

عبد الرحيم فقرا: أسرى أنتِ طبعاً من أصول مهاجرة من الهند كما سبقت الإشارة، إلى أي مدى تعتقدين إن ما تحدث عنه بول في موضوع المهاجرين للولايات المتحدة صحيح؟

أسرى نعماني: أبي جاء بمنحة من الولايات المتحدة وهو كان من جملة هجرة الأدمغة وحصل على الدكتوراه ولقد حضرت إلى هذا البلد في سن الرابعة وكنت جزءا من هذه المجموعة المهاجرة الناجحة، هناك أصبحنا دكاترة ومهندسين ودخلنا جامعات أميركا الكبرى وقمنا بالاندماج، ابني احتفل بعيد الحب في المدرسة وتلقى معايدة من جوناثان وماري وتلقى كذلك المعايدة من ولد هندي، نعيش في مجتمع تعددي ومتعدد وترعرعنا في ذلك، في الهند الإحصائيات الجديدة تقول إن المسلمين هم أصبحوا في شيء.. في وضع أسوأ، لذلك هناك تباين علينا أن نتطرق إليه إذا أردنا فعلا برفع مستوى المسلمين وإخراجهم من التطرف الذي هو خطير في هذا العالم.

نهاد عوض: الحقيقة أنا لي وجهة نظر بالنسبة للعلاقة بين العالم الإسلامي والغرب، استطلاع الرأي في الـ (B.B.C) عن..

عبد الرحيم فقرا: عفوا دكتور، طبعا هذا الاستطلاع الذي أجرته الـ (B.B.C) عن أسباب.. الأسباب وراء الصراع بين الإسلام والغرب طبعا هذه النتائج نُشرت اليوم.

نهاد عوض: نعم، فهو استطلع أو هذه المادة تكشف عن آراء الغربيين نحو العالم الإسلامي وفيها أخطاء وتراكمات تاريخية أثرت في نظرة هؤلاء للعالم الإسلامي، لكن لو أُجري نفس الاستطلاع على قطاعات إسلامية في بلاد إسلامية مختلفة ستجد أن السياسات الخارجية للغرب والاستعمارات هو سبب رئيسي في التوتر بين العالم الإسلامي وبين الغرب وكذلك الفقر وتدهور هذه العلاقة أيضا ناتج من بعض الصراعات والنزاعات الإقليمية على المصالح وقلما تجد بين المسلمين الذي يشير إلى البعد الديني في هذه العلاقة كما يشير الغرب في نظرته للإسلام، من جانب آخر أنا أعتقد أنه لو نظرنا نظرة إيجابية لوجود المسلمين في الغرب في إصلاح هذه العلاقة لاستفاد الغربيون وتحديدا الولايات المتحدة وأوروبا من النسيج والوجود الإسلامي ذو الخبرة في التواصل مع العالم الإسلامي في الكفاءات الموجودة العلمية، في التعريف.. تعريف الرأي العام بحقيقة ما يدور في العالم الإسلامي وكذلك مساعدة صناع القرار على إصلاح هذه السياسات وإعادة تقييمها ومراجعة جدية لها لأن هناك شعور متنامٍ حتى بين صفوف الأميركيين بأن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه العالم الإسلامي هي سبب رئيسي في التوتر القائم بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة.

عبد الرحيم فقرا: على ذِكر الاندماج في المجتمعات وهنا أريد أن أتحول إليك مرة أخرى السيد هلباوي في لندن، طبعا عندما سُئلت آيان هيرسي علي عن الاختلافات الجوهرية في الهجرة إلى أوروبا بين المهاجرين الأفارقة المسيحيين والمهاجرين الأفارقة المسلمين كان طبعا استنتاجها أنه أسهل على الأفارقة المسيحيين أن يندمجوا في المجتمع الأوروبي خاصة في بلدها هي هولندا، دعنا السيد هلباوي نستمع إلى ما قالته في هذا الصدد وبعدها أعود إليك للتعليق.

آيان هيرسي علي: إن الأفارقة المسيحيين يواجهون مشكلات في عملية الاندماج في المجتمعات الأوروبية خلال الرعيل الأول والثاني، لكن عندما يصلون إلى الرعيل الثالث فإنهم ينصهرون كما شاهدنا في حالة الوافدين من سورينام المستعمرة الهولندية السابقة في أميركا الجنوبية، فقد خاض الرعيل الأول مواجهات مع الهولنديين لكن أخلافه في الرعيل الحالي ذووا أداء عالٍ في مجال التعليم والعمل، أما فيما يتعلق بالوافدين المسلمين فيبدو أن الرعيل الأول كان مندمجا في المجتمع الهولندي بصورة أفضل من الرعيل الحالي، فهناك أبناء مهاجرين في هولندا وفرنسا وبريطانيا يتكلمون لغة تلك الدول ويفهمون ثقافتها ويقولون إننا نفهم معنى الديمقراطية وأنها دولة القانون، لكننا لا نريد أن نكون جزءً منها بل نريد أن نتبع تعاليم القرآن والشريعة التي اقتنتها بها أكثر.

عبد الرحيم فقرا: السيد هلباوي أنت طبعا تعيش في أوروبا، إلى أي مدى يصح ما قالته هيرسي علي عن الرعيل الثاني من المسلمين في أوروبا وعودتهم إلى الثقافة الأصلية ورفضهم للمجتمعات الغربية؟

"
تعاليم الإسلام لا تحول بين المسلمين والاندماج في المجتمع الأوروبي ففي إنجلترا تجد آلاف المسلمين يعملون في المهن المختلفة ويعيشون مع المجتمع ويخدمون هذا المجتمع
"
كمال هلباوي

كمال الهلباوي: يعني الجيل الثاني في أوروبا والثالث في أوروبا يمكن أن ينطبق عليه نفس الكلام الذي تفضلت به آيان هيرسي على الجيل غير المسلم الثالث في هولندا مع فارق أن الجيل الإسلامي الثاني والثالث لا يجد حرجا في أن يعود إلى تقاليده وأعرافه الإسلامية وتعاليم الإسلام، لكنها لا تحول بينه وبين الاندماج في المجتمع وكيف نفهم الاندماج في المجتمع إذا نزلتَ إلى لندن أو إلى مدينة من المدن الكبيرة في بريطانيا ليدز أو مانشستر أو ليستر ستجد آلاف المسلمين يعملون في المهن المختلفة ويعيشون مع المجتمع ويخدمون هذا المجتمع، كثير منهم أساتذة في الجامعات كما أشارَتْ الآن أختنا الكريمة بما هو واقع في أميركا ولكن النقطة الأساسية التي لا يستطيع الغرب أن يدركها حاليا، أنا أقول كما استطاعت أميركا أن تأتي بعالم مثل فاروق الباز أو أحمد زويل في تخصصاتهم ينبغي لكي تفهم الإسلام أن تأتي برجل مثل الشيخ القرضاوي أو العلماء الموجودين في أميركا وكثير منهم هناك، لا تأتي بآيان هيرسي لتشرح لهم مزيدا من الإسلام لأنها أضافت مستشرقة جديدة لا تلتزم بالإسلام ولا تفهم الإسلام، فهذا التوقع والتحليل خطأ لأنه يتكلم عن الخلاف بين تعليم القرآن والشريعة عند الجيل الثاني وبين الاندماج في المجتمع، لا يوجد في تعاليم الإسلام ما يحول دون اندماج المرء رجلا كان أو امرأة في المجتمع والتفاهم والتوافق كامل بين تعاليم الإسلام طالما هناك حرية في ممارسة الأديان ولكن بعض الناس يجعلون من هذه المهمة قضية صعبة حتى تزداد تشويها لصورة الإسلام والمسلمين، الاندماج قائم في هذا المجتمع وهناك مشكلات ينبغي معالجتها من الطرفين، من الطرف الإسلامي ومن الطرف غير الإسلامي أيضا الموجود في أوروبا بشكل عام.

عبد الرحيم فقرا: نعم، بول بالنسبة على الطرف الآخر بالنسبة للمهاجرين من الرعيل الثاني والثالث هنا في الولايات المتحدة وطبعا أسرى نموذج حي لهؤلاء، إلى أي مدى تعتقد أن نموذج إدماج المهاجرين في الولايات المتحدة من الرعيل الثاني والثالث يختلف جذريا عن نموذج إدماجهم أو فشل إدماجهم في أوروبا؟

بول مارشال: مرة أخرى التعليقات التي قدمتُها في الأول طبعا خلفيتهم كيف يأتون وما هو وضعهم عندما يصلوا إلى هذه البلد، طبعا الوقت مبكر، كثير من المهاجرين يأتون اليوم فمن المبكر أن نتحدث عن الجيل الثاني أو الثالث ولكن هناك طبعا دائما أمر مختلف ولكن بشكل عام هذا الولايات المتحدة بيتهم، البلد ككل وأيضا وضع البلد السياسي ولكن في أوروبا وجزئيا لأن المسلمين يعيشون في جاتوهات منفصلة وعادة فقيرة وعادة بلا عمل، هذا طبعا يولد الكراهية والمخاوف وهذا هو فارق كبير بين الولايات المتحدة أوروبا، فكرة أن تحاول أن تصنع مثلا أحياءً إسلامية تعيش تحت نظامها السياسي المنفصل، طبعا الجيل الثاني يكبر تحت هذا التأثير، مثلا الجيل الأول اضطر أن يندمج لأنه لم يكن هناك الكثير منهم ولكن الجيل الثاني والثالث غير مضطر للاندماج، فكونهم يعيشون في أحياء يتحكمون بأنفسهم فإن النمط سوف يتكرر.

عبد الرحيم فقرا: أسرى، أنتِ طبعا كما سبقت الإشارة من أصول هندية إنما إلى أي مدى تعتقدين أن هناك أو تجب المقارنة بين المهاجرين المسلمين في أوروبا، ليس بين هؤلاء والمهاجرين المسلمين في أميركا ولكن بين وضع هؤلاء المهاجرين المسلمين في أوروبا ووضع السود في الولايات المتحدة، علما بأن السود طبعا موجودين في الولايات المتحدة منذ عدة قرون، لكن مسألة إدماجهم في المجتمع لا تزال مطروحة؟

أسرى نعماني: هذا هو خوفي، أعتقد أن المناطق المنعزلة والأحياء الفقيرة ليس خارجا عن السياق وكذلك الأمر بالنسبة للهند، هم ذهبوا لأحياء فقيرة منعزلة وهي محبِطة وعندما لديك ليس الكثير لتخسره، فإنك تتبنى الأيديولوجيات وهذا ما يقال في المساجد، يقول لا تذهبوا فعلى المسير الأظلم للغرب، لديّ قرآن أُرسل إليّ من طالب في السعودية ويقول سورة الفاتحة لا تتبعوا مسير الذين حازوا على غضبك وبين.. وذكروا اليهود والنصارى كالأعداء وهذه كلمات وأفكار تستقطب الكثير، علينا أن نعطيهم شيء ليخسروه كي يشعروا بالتحفيز لتغيير ظروفهم وهذا هو أساس الديمقراطيات الغربية التي فشلت لأنها لم تعطِ ميزات التعددية للجميع.

عبد الرحيم فقرا: نهاد عوض بالنسبة لما قالته آيان هيرسي علي عن الرعيل الثاني والثالث من المسلمين في أوروبا وعودتهم إلى اللغة الأصلية وإلى الإسلام، لا نسمع كثيرا عن مهاجرين عرب ومسلمين هنا في الولايات المتحدة يرفضون اللغة الإنجليزية مثلا ويتحدثون فقط باللغة العربية ولا نسمع كثيرا كما نسمع في أوروبا عن هذه العودة المطَّرِدة إلى الجذور الإسلامية ورفض النظام الديمقراطي من قِبل المسلمين في الولايات المتحدة؟

"
هناك ثقافة داخل الولايات المتحدة تؤمن بالتعددية وتؤمن بأن النسيج التنوعي في الولايات المتحدة هو أحد أهم نقاط القوة في المجتمع الأميركي
"
           نهاد عوض

نهاد عوض: عندما يكون هناك رفض مجتمعي لأقلية معينة فهذه الأقلية تبحث عن هُوية جديدة وغالبا هذه الهُوية هي هُوية الأم أو الأجداد أو الآباء والذي يجري في أوروبا هو فشل اجتماعي وفشل سياسي في احتواء هذه الأقليات ومعالجتها، سألتُ أحد السفراء الأوروبيين بعدما قمنا بندوة مشتركة هنا في واشنطن عندما كان هناك توتر ومظاهرات وحرق منشآت في فرنسا وسألت، هل هناك قوانين تمنع التمييز العنصري ضد الأقليات؟ كان هناك تردد في الإجابة وبعد ذلك دعانا السفير الأميركي من بلجيكا وزرنا الجالية المسلمة هناك لنتعرف على تجاربهم ونعطيهم أيضا ما تعلمناه في الولايات المتحدة، وجدنا أن هناك تمثيل سياسي لا بأس به للمسلمين في بلجيكا في البرلمان في بروكسيل، لكن وجدنا من هؤلاء حتى الذين يعملون في البرلمان ومنتخبين أنهم يُرفضوا من المجتمع وبالتالي المجتمع لم يستطع أن يستوعب الأقلية المتنامية المسلمة لأسباب اقتصادية وحتى أسباب دينية، الوضع في الولايات المتحدة مختلف، هناك قوانين تمنع التمييز العنصري، هناك ثقافة داخل الولايات المتحدة تؤمن بالتعددية وتؤمن بأن النسيج التنوعي في الولايات المتحدة هو أحد أهم نقاط القوة في المجتمع الأميركي، في أوروبا يجدوها نقطة ضعف ويخشوا على هُويتهم المستقبلية سواء الدينية أو حتى الوضع الاقتصادي، فالمهاجرين الذين يأتون من بلاد سواء إفريقيا أو الشرق الأوسط يأخذوا مِهَنا لا يستطيع القيام بها المواطن الأوروبي ويأخذها بأجور أقل وبالتالي يخفف من ارتفاع الأجور للمواطن الأوروبي وبالتالي هناك عوامل اقتصادية لكن لا يوجد في اعتقادي، هناك برنامج لاحتواء الأقلية المسلمة في أوروبا وهؤلاء يبحثوا دائما عن هُويتهم الدينية بتقليد اللغة وحتى اللباس، في الولايات المتحدة لا نجد هذه المظاهر كاضطرار، إنما هي خيار سياسي واجتماعي وليس ضغطا من المجتمع.

عبد الرحيم فقرا: طبعا لم يبق من وقت البرنامج إلا ثلاثين ثانية، قبل أن أودعكم طبعا فقط أستعرض ما قاله السفير الفرنسي لدى واشنطن ديفد لوفيت تعليقا على الأحداث التي شهدتها بعض الأحياء في فرنسا العام الماضي قال، الاضطرابات التي شهدتها الأحياء الفقيرة في فرنسا لم تكن تمت بصلة للجهاد كما تقول العديد من الجهات، طبعا الغربية، بل كانت لها علاقة بالأوضاع الاجتماعية هناك ولذلك علينا التأكيد على تحسين تلك الأوضاع في التعليم والعمل والإسكان ويؤمَل أن يؤدي ذلك إلى استيعاب هذه الأقليات في النسيج الاجتماعي الفرنسي بصورة أفضل، طبعا كان هذا التصريح لصحيفة الواشنطن تايمز في الثالث عشر من فبراير 2007، وصلنا إلى نهاية البرنامج، كان بودي أن نواصل الحديث لكن في فرصة لاحقة، طبعا شكري لبول مارشال من معهد هادسون ولأسرى نعماني ولنهاد عوض وكذلك لكمال الهلباوي في لندن، مع تحيات طاقم البرنامج، إلى اللقاء.