أولى حروب القرن

فرص نجاح الحكومة الأفغانية الجديدة

ما فرص نجاح الحكومة الأفغانية الانتقالية الجديدة؟ هل يستطيع حامد كرازي تنفيذ خطته وإعادة إعمار البلاد والقضاء على تركة عشرين عاما من الحرب الأهلية؟ هل تندلع الحرب مجددا بين الإخوة الأعداء من الفصائل أم يتغلب صوت العقل؟.
مقدم الحلقة محمد كريشان
ضيوف الحلقة جمال خاشقجي – خبير سعودي في الشؤون الأفغانية
سيد فضل الله فاضل – سفير أفغانستان في القاهرة
د. غيرت بهير – مندوب الحزب الإسلامي في باكستان
تاريخ الحلقة 24/12/2001

– مدى انسجام الحكومة الجديدة والتوازنات داخلها
– التحديات الأمنية التي تواجه حكومة كرازي
– تحدي إعادة إعمار أفغانستان

undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، كل عامٍ وأنتم بخير بمناسبة عيد الميلاد المجيد. أهلاً بكم في حلقة جديدة من (أولى حروب القرن)، نخصصها هذه المرة للتحديات المطروحة على الإدارة الانتقالية الأفغانية برئاسة حامد كرزاي، سواء تلك المتعلقة بانسجام الفريق الجديد أو استعادة الأمن أو إعادة إعمار ما دمرته الحروب على مدار عقدين من الزمن. ضيوفنا في هذه الحلقة هم في الاستديو سيد فضل الله فاضل وهو (سفير أفغانستان في العاصمة المصرية القاهرة)، وجمال خاشقجي (نائب رئيس تحرير صحيفة أرب نيوز السعودية)، ومن إسلام آباد عبر الأقمار الاصطناعية معنا الدكتور غيرت بهير (مندوب الحزب الإسلامي في باكستان)، أهلاً بضيوفنا الكرام، وفي بداية هذه الحلقة نتابع هذا التقرير الذي أعدَّه حسن إبراهيم حول قضية هذه الحلقة.

حسن إبراهيم: ربما تكون الأشكال مختلفة، لكن يبدو أن طريق الوصول إلى مقاعد السلطة في أفغانستان مازال ملطَّخاً بالدماء ومعبداً بأشلاء القتلى والدمار الذي حاق بكل شيء، ورغم الاحتفال المهيب الذي حضره ممثلون عن الأسرة الدولية والأمم المتحدة، وغطته تليفزيونات العالم مباشرة لما يزيد على نصف سكان الكرة الأرضية، إلا أن هناك الكثير من علاقات الاستفهام والتحديات تواجه هذه الحكومة. التحدي الذي يكمُن هذه المرة من نوع آخر، فرئيس الحكومة حامد كرزاي مواجه بعقبات شداد لعل أولاها هي أنه رئيس مؤقت من المفترض أن يمسك بزمام الحكم لمدة ستة أشهر فقط يمهد بعدها لعقد مجلس الشورى الأفغاني الموسع اللويا جركا. أما ثاني العقبات فهي أن التحالف الذي أتى على أنقاض حركة طالبان يضم أطرافاً متناثرة طالما سفكت دماء بعضها البعض في الماضي القريب، إنه يأتي لحكم بلد تتفشى فيها الأمية والفقر والمرض، بلد الثلاثين مليون نسمة (إنما) يزيد على عشرة مليون لغم أرضي، بلد الأربعة مليون لاجئ وعشرات القبائل والفصائل والاتجاهات السياسية. رغم أن ملايين الأفغان الذين تتخطفهم المجاعات والأمراض والرصاص كانوا يتوقعون أولويات مختلفة من رئيسهم الجديد إلا أن كرزاي أصر على أن الأمن هو أهم أولويات حكومته، ومن هنا سمح للقوات الدولية أن تطئ التراب الأفغاني طواعية، فهو الأمر الذي لا تتقبله النفسية الأفغانية التي تعادي الوجود الأجنبي بشراسة بالغة.

يبدو أن لعبة التوازنات القبلية لن تكون سهلة، فتعيين القائد الأوزبكي عبد الرشيد دستم (نائباً لوزير الدفاع) محمد فهيم الطاجيكي لن يمر بسهولة، ويتوقع المراقبون ممن يتبعون المنطق التاريخي باستقراء ردود أفعال دستم أنه وإن قبل بالتعيين الآن إلا أنه قد يقلب الطاولة في المستقبل كما فعل ذلك في الماضي، فما السبيل إلى السلم الاجتماعي في أفغانستان الممزقة؟ يعتقد البعض أن نزع سلاح القبائل وبسط سيادة القانون هو السبيل الأوحد إلى ذلك، لكن نزع السلاح يحتاج إلى دولة قوية قادرة، وحكومة كرزاي أبعد ما تكون عن هذا، أو إلى أي إدارة دولية تؤيدها الولايات المتحدة، ولا يبدو أن هناك توجهاً أميركياً إلى المساعدة في هذه المهمة شبه المستحيلة، ومن أين يبدأ كرزاي؟ فكل مقومات الاقتصاد الأفغاني قد دمرتها الحروب المتواصلة منذ ما يزيد على ثلاث وعشرين سنة، ولم تكن هناك صناعة مهمة أصلاً، أما الجفاف فقد دمر الزراعة، وحرمت البلاد –بسبب انعدام الأمن- من تجارة الترانزيت وبين باكستان ودول آسيا الوسطى، وتخشى المؤسسات الدولية أن يتجه الأفغان إلى زراعة الأفيون ليكون أسرع وسيلة لكسب المال، فأفغانستان كانت ومازالت بلداً أساسياً في زراعة وإنتاج معظم استهلاك العالم من الأفيون والحشيش.

من الصعب توقع المستقبل، لكن اللصيقين بالشأن الأفغاني يتوقعون أياماً حافلة بالمتاعب لحكومة كرزاي.

محمد كريشان: تقرير حسن إبراهيم، وقد حاول فيه استعراض أبرز التحديات المطروحة على حكومة كرزاي، وبإمكان السادة المشاهدين –كالعادة- المشاركة في هذه الحلقة من خلال موقع الجزيرة على شبكة الإنترنت، وعنوانها كما هو مشاهد الآن على الشاشة: www.aljazeera.net

مدى انسجام الحكومة الجديدة والتوازنات داخلها

نبدأ بالسيد فاضل في الاستديو، بطبيعة الحال كل مراقب بإمكانه أن يرتب سلم التحديات كما يراها، ولكن قبل أن نفكك التحديات التي جاءت في التقرير، هل تشاطر بأن أبرز تحدي ربما هو في أصلاً عمر هذه الحكومات، فترة ستة أشهر مع قائمة طويلة من المطالب؟ هل تعتقد بأن هذا أول عائق قبل أن نتحدث عن بقية العوائق الأخرى؟

سيد فضل الله: بسم الله الرحمن الرحيم، بدايةً اسمح لي أن أعبر عن سعادتي شأني كشأن بقية الشعب الأفغاني عن أن الله –سبحانه وتعالى- من علينا بأن نخطو أولى خطوات في طريق الاستقرار والسلام في أفغانستان، لأن الشعب الأفغاني كله بكل طوائفه عانى الكثير كل أنواع المعاناة في ظل السنوات الماضية وفي ظل الحروب المفروضة عليه. وبوجهة نظري أن كان أكبر تحدي كان يواجه تشكيل هذه الإدارة هو تحدي قبول الأطراف في الجلوس على مائدة المفاوضات والجلوس معاً وتوقيع الاتفاقية، والحمد لله أن الأطراف الأفغانية جميعهم كانوا على مستوى المسؤولية، وكان هناك لديهم نية صادقة وعزم أكيد على أن يخطوا هذه الخطوة، ووقعت الاتفاقية، فكانت هذه أولى خطوات نحو الاستقرار في أفغانستان.. وطوى صفحة الحروب في أفغانستان. لا شك أن هناك تحديدات كثيرة تواجه هذه الحكومة الوليدة في أفغانستان، والمتتبع لهذه الاتفاق والاتفاقية نجد أنها تمر بعدة مراحل، وهذه المرحلة هي مرحلة تمهيدية تمهد الأجواء.

محمد كريشان: تقصد مرحلة الست أشهر الأولى؟

سيد فضل الله فاضل: الستة أشهر نعم، هذه الفترة الانتقالية تمهد الأجواء إلى فترة انتقالية تكون مدتها أكثر، ثم إلى فترة لتشكيل حكومة مؤقتة وبرلمان وسن دستور وقانون جديد في البلاد.

محمد كريشان: نعم، ولكن مع ذلك سيد خاشقجي يبدو أن الكل متعجل، ورغم أن هذه الإدارة هي إدارة انتقالية أصلاً للترتيب مثلما أشار السيد السفير، لكن يبدو أن الكل مستعجل، سواء المجموعة الدولية أو الأفغان أنفسهم، هل هذا سيشكل عامل ضغط كبير على هذه الحكومة؟

جمال خاشقجي: هو طبعاً الاستعجال بطلب سلام حقيقي في أفغانستان خطأ كبير، والاستعجال بطلب حكومة دائمة، المقلق الآن إنه يبدو في الأفق أن الأميركان عندهم مشروع خلق زعامة جديدة بديل عن الزعامة القديمة في أفغانستان. ويبدو لي إنه حامد كرزاي هو مشروع زعيم، يعني أشبه –لكي أخاطب مثلاً الجمهور العربي- أشبه ما يكون مثلاً بعبد الناصر عندما أتى إلى الحكم عام 52، وما معه سوى عشرين شخص من الضباط الأحرار وهو غير معروف، حامد كرزاي الحقيقة ليست له قاعدة شعبية..

محمد كريشان: وربما الفرق أن عبد الناصر وصل إلى السلطة، هذا ربما أوصلوه إلى السلطة، يعني مع الفرق ربما.

جمال خاشقجي: نعم، نعم، لكن.. لكن الشاهد هو أن كلاهما أتى إلى السلطة فجأة.

محمد كريشان: وغير معروف.

جمال خاشقجي: وليس نتاج عملية تطور طبيعي، فحامد كرزاي مشروع زعيم هو.. حسب ما يريد الأفغان أو حسب ما يريد بعض الأفغان أن يقوم بدور مرحلي لفترة ست شهور إلى أن تشكل اللويا جركا التي يكون فيها استقرار أكبر في أفغانستان. لكن فيما يبدو لي أن الأميركان أمنيتهم أن يطوروا مشروع زعامة جديدة بديل للقيادات التي لا يحبوها، وهذا الخطأ الأميركي إذا وقعوا فيه إذا تدخلوا زيادة عن اللزوم في قضية أفغانستان يعكروا صفو علاقاتهم مع حلفائهم الجدد، ويورطوا نفسهم أكثر، الأفضل ترك الأفغان يحلو مشاكلهم بنفسهم، على طبيعتهم، وفق ما عندهم من عادات وتقاليد وخلفيات تاريخية سابقة.

محمد كريشان: لكن يبدو هذا أقر مبدئياً في.. في فلسفة اتفاق بون نفسه يعني؟

جمال خاشقجي: وهذا اللي حصل في بون حالياً، لكن ما نضمن إنه لا يزداد الأميركان في تدخلهم، يعني مثلاً نلاحظ الاختلاف في الرأي ما بين الجنرال فهيم وحامد كرزاي اليوم على موضوع مدة أو مهلة القوات الدولية، حامد كرزاي فتحها إلى ست شهور وأكثر، جنرال فهيم وزير الدفاع الذي يمثل المنتصرين الحقيقيين اللي دخلوا كابول قال: maximum ست شهور، فطبعاً حامد كرزاي يعلم أنه جاء إلى الحكم بمساعدة الأميركيين، يبقى في الحكم بمساعدة الأميركيين والقوات الدولية، فهذه القوات هي قواته، بينما الجنرال فهيم عنده قواته لا يحتاج إلى قوات آخرين، فهذه النقطة تلاحظ الاختلاف ما بين مجموعة تخشى أن.. أن.. أن يسرق نصرها، ومجموعة أيضاً تريد أن.. أن يكون لها دور في أفغانستان.

محمد كريشان: نعم، دكتور غيرت بهير في.. في إسلام آباد، ما رأيك في مثل هذا التحليل الذي يوحي بأن ربما هذه الحكومة قد لا تشهد استقراراً كبيراً إذا ما تجاذبت أطراف الصراع فيما بينها في توازنات قد لا تكون سهلة؟

د. غيرت بهير: بسم الله الرحمن الرحيم، قبل كل شيء أشكر الجزيرة لاهتمامكم بالقضية الأفغانية، وفي نفس الوقت أريد أن أوضح للمشاهدين الكرام بأنني لست من أهل اللغة، ولم أدرس اللغة العربية دراسة أكاديمية، لذلك أريد أن أعتذركم مسبقاً، وألا تأخذوني بأخطاء اللغة العربية، لأنني مع الأسف الشديد.

محمد كريشان: لا، عربيتك ممتازة، عربيتك ممتازة ما شاء الله.

د. غيرت بهير: لأنني مع الأسف الشديد تعايشت مع اللغة الإنجليزية، وهذا بسبب طبيعة العمل والظروف الخاصة.

محمد كريشان: أهلاً وسهلاً.

د. غيرت بهير: في الحقيقة لا يوجد هناك شيء باسم الحكومة في أفغانستان هي الإدارة.. الإدارة الأميركية صنعت من قبل أميركا، كما تفضل به الأخ جمال أميركا تريد السيطرة على أفغانستان وتريد أن يجعل أفغانستان نقطة انطلاق لاحتواء على دول أخرى ولاستيلاء على خيرات المسلمين وخاصة الأسيا الوسطى، هي جاءت بالحكومة الضعيفة نتيجة موافقة بون، وهناك مشاكل كثيرة في هذه الموافقة، قبل كل شيء كان هناك رعاية لصلات القرابة بين هؤلاء المشتركون في جلسة بون، كان هناك أكثر من واحد من أسرة واحدة، كان هناك ثلاثة من محافظة أو مديرية واحدة، وفي نفس الوقت كان هناك استعجال في تأسيس هذه الحكومة، وكان هناك ضغوط كبيرة وقوية من قبل الأميركا، لذلك هذه حكومة لا تستطيع أن تأتي بالأمن لأفغانستان، ونحن لا ننتظر كثير من هذه الحكومة أن تقدم للشعب الأفغان، لأن هذه الحكومة تستند إلى أميركا، وليس هناك صلة بين هذه الإدارة والشعب الأفغاني، لأن الحكومة حكومة مفروضة وليس هناك أي دور للشعب الأفغاني في تأسيس هذه الحكومة، الحكومة صنعت خارج أفغانستان تحت الضغوط الأميركية، لذلك أنا أعتقد بأن هذه الحكومة لا تقدم الكثير غل الشعب الأفغاني.

محمد كريشان [مقاطعاً]: عل كل هو العلاقة يعني العلاقة مع الولايات المتحدة.. العلاقة مع الولايات المتحدة قد تكون هي نقطة القوة، وقد تكون هي نقطة الضعف، وهي ربما أحد المسائل المطروحة بالنسبة لهذه الحكومة.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: طالما نحن نتحدث الآن عن المحور.. الأول والمتعلق بانسجام وتناغم الحكومة الجديدة والتوازنات داخلها، موفدتنا ميا بيضون إلى كابول سألت السيد أحمد فوزي وهو (الناطق الرسمي باسم مبعوث الأمم المتحدة السيد الأخضر الإبراهيمي) عن هذه النقطة بالتحديد فكان له هذا الجواب.

أحمد فوزي: لا أريد أن أتوقع أي خلافات، الموقف الجديد موقف غير سهل، توصلنا مع الإدارة الجديدة إلى هذا التشكيل بعد عشرة أيام من المباحثات في بون، مباحثات عصيبة، ولكن في النهاية اتفق الجميع على هذا التشكيل، نحن لا نقول أن هذه الإدارة تمثل شعب أفغانستان بالكامل، ولكن من حق الشعب الأفغاني أن يتوقع من هذه الإدارة الجديدة أن تقوم بمهامها بإخلاص.

ميا بيضون: ولكن في الماضي حصلت خلافات بين أعضاء هذه الحكومة، هل وضعتم آلية لحل هذه الخلافات في حال وقعت؟

أحمد فوزي: في الماضي كانت هناك خلافات بين هذه المجموعات، ولكن أعتقد إن الوضع تغير اليوم عن الماضي، لأن المجتمع الدولي على استعداد لمساعدة هذه الإدارة الجديدة إذا رأت أنها تقوم بعملها على أكمل وجه.

نمرة 2: الشعب الأفغاني يتوقع من هذه الإدارة الجديدة الكثير، فهناك ضغط آخر –إذا أردتِ- من الشعب على الإدارة الجديدة للقيام بعملها بدون مشاكل وخلافات.

ميا بيضون: برأيك من سيكون الفيصل لحل هذه النزاعات؟

أحمد فوزي: إذا.. إذا وصلنا لهذا الحد فطبعاً الأمم المتحدة موجودة في كابول وسوف تستمر في عملها مع الإدارة الجديدة، وإذا لزم الأمر، وإذا دعوا السيد الأخضر الإبراهيمي للتدخل في حل أي مشكلة، فهو.. فهو على استعداد للقيام بهذه المهمة.

محمد كريشان: السيد أحمد فوزي (الناطق باسم مبعوث الأمم المتحدة إلى أفغانستان سيد الأخضر الإبراهيمي).

سيد فاضل، أشار السيد الدكتور غيرت بهير إلى موضوع العلاقة مع الولايات المتحدة وهي قضية أساسية، ولكن ألا تعتقد مثلما أشرت أن العلاقة مع الولايات المتحدة قد تبدو نقطة قوة، وحتى أن أول مشاركة لنا في الإنترنت من محب الإسلام المصري –لا أدري إن كان هذا الاسم صحيح أم لا، يعني لا يتردد في وصف هذه الحكومة بـ "الخونة"، قلب الدين حكمتيار تكلم عنها أنها حكومة عميلة، ولكن ألا تعتقد بأن أيضاً أن تحظى هذه الحكومة بدعم أميركي وبدعم دولي، هذا أيضاً ربما يشكل مدخل جيد لبداية (…)…

سيد فضل الله فاضل: هو كما قلت في البداية أن هذه الإدارة أو هذه هي الخطوة الأولى في طريق طويل، ونحن يجب أن نكون نتوقع أن هناك ستكون عوائق كثيرة تحول دون أن تُنجز هذه الإدارة في خلال ستة أشهر من عمرها المزيد من الخطط المنوط بها، ولكن.. أيضاً هناك مؤاخذة على من يحاولون أن.. هدم هذه الفكرة، أي فكرة بداية طريق السلم والأمن والاستقرار في أفغانستان كما فعلوا في حين دخول أو استيلاء المجاهدين الأفغان السلطة في عام 1992م، أنه بسبب خلافات في الرأي وبسبب مطالب معينة من قبل الأحزاب والقادة الجهادية في تلك الزمان أن دُمِّرت دولة أفغانستان الإسلامية، وبدأوا يتعاملون مع هذه كيان الدولة الإسلامية في أفغانستان بمنطق القوة ومنطق الحرب. هذا شيء مرفوض. كما قلت هذه بداية، ويجب أن نكون هناك أن تحل كل المشاكل بالمفاوضات وبالطرق السلمية، والأيام المقبلة هي متاحة لكل الاتجاهات للجلوس معاً لكي نصل إلى أرضية مشتركة حول الاتفاق الأكيد لحكومة مستديمة في أفغانستان، ولكن منذ البداية أن نحاول أن نضعِّف كيان هذه الاتفاق، واتفاق الشعب الأفغاني، وفرحة الشعب بالوصول إلى بداية الطريق للسلم والأمن والاستقرار باتهامات وبتضعيفها هذا مؤسف للغاية.

محمد كريشان: كلمة قصيرة سيد خاشقجي، يعني أقل من دقيقة ثم نعود، موضوع تعيين دستم، ألا تراه –مثلما أشرت- بداية لترضيات معينة قد تبدأ ولا تنتهي يعني؟

جمال خاشقجي: طبعاً هي ترضية مهمة جداً، دستم لاعب أساسي، لكن هذا تعيينه نائب وزير الدفاع لا يحل المشكلة، مشكلة دستم، فدستم كان يوم من الأيام نائب وزير دفاع مع أحمد شاه مسعود في الحكومة الأولى، المشكلة كيف تحوَّل دستم من حاكم منطقة مزار شريف إلى.. إلى ضم مزار الشريف إلى الحكومة المركزية وأن تأتي أموال مزار الشريف من الحكومة المركزية وليس من تركيا أو من غيرها أو.. أو.. أو من روسيا، هذه هي مشكلة دستم، كيف تحول دستم وما يمثله من أوزبك إلى جزء من الحكومة المركزية.

[موجز الأخبار]

محمد كريشان: معنا الآن على الهاتف موفدنا إلى كابول محمد صافي، محمد كنا نتحدث قبل قليل عن تعيين عبد الرشيد دستم في هذه الحكومة الجديدة وإلى أي مدى هذا يمثل بداية لترضيات معينة قد تبدأ، ولكن قد لا تكون لها نهاية، ومعنا مشاركة من الإنترنت من السيد الكُردي من الأردن يعتبرها تعيين دستم هي محاباة وأول مسمار يدق في نعش هذه الحكومة. كيف تم استقبال ذلك؟ وما الذي دعا كرزاي إلى الشروع أصلاً في خطوات من هذا القبيل؟

محمد صافي (موفد الجزيرة إلى كابول): محمد، وجود دستم في منطقة مزار شريف وسيطرته على ممر يعتبر حيوياً بالنسبة لأفغانستان ويربطها بأوزبكستان، والقوة التي يتميز بها دستم القوة العسكرية هو الخطر الذي يمكن أن يُمثِّله إذا لم يرضَ عن هذه التشكيلة الحكومية، إضافة إلى الضغط الخارجي لضرورة وجود ترضيات داخلية من أجل أن تكون –على الأقل- الإدارة الانتقالية مقبولة في أيامها الأولى، كل ذلك دفع إلى أن لابد أن تكون هناك بعض التغيرات التي تنبأت بها (الجزيرة) عندما حاورنا أناساً عديدين هنا في.. في.. في كابول بخصوص التركيبة أو التشكيلة الحكومية، حتى إذا لم تُغير وزارات السيادة لابد أن يكون هناك وجود متعاظم لبعض القوى يعكس مقدار قوتها داخل التشكيلة أو داخل الساحة السياسية الأفغانية، هناك ترضية لعبد الرشيد دستم، هناك ترضية لبعض القوى الأخرى عن طريق التعيينات داخل الوزارات من أجل أن يكون على الأقل استقرار مرحلي داخلي في أفغانستان، من أجل أن تستطيع هذه الحكومة أن تقوم –على الأقل- بإنجاز بعض النقاط الموجودة في الأجندة. إذا لم تحدث هذه الترضيات –محمد- سواء بضغوط خارجية أو بمحاولات داخلية من أجل استيعاب نقاط الانفجار هذه، إذا لم تحدث فقد تُعاق الحكومة عن أداء أي عمل، ويُنظر إليها على أنها تركيبة حكومية فاشلة، وهذا لا ينفعها أبداً في استحقاقات مستقبلية ستؤثِّر في تاريخ أفغانستان كله، لأن اللوياجركا هي التي ستفرز الحكومة المستقبلية لأفغانستان التي ستدوم سنتين، وسيوكل إلى هذه الحكومة القادمة مهمة صياغة دستور أفغانستان ومهمة صياغة مستقبل أفغانستان حسبما أعتقد.

محمد كريشان: إذاً.. إذاً برأيك محمد هذا التعيين قد يكون بداية لمحاولة استقطاب المعارضين لكي لا يشوشوا على هذه الحكومة؟ يعني هل يمكن أن ننتظر ترضيات أخرى؟ وهل يمكن لهذه الترضيات أن تُربك التوازنات التي تم التوصل إليها بصعوبة في بون؟

محمد صافي: لأ، هذه ترضيات يراها المراقبون غير مربكة للتوازنات، عندما عُيِّن عبد الرشيد دستم نائباً لوزير الدفاع هناك تعيين آخر من جهة أخرى لقائد من قوات الجبهة المتحدة والجمعية الإسلامية بقيادة برهان الدين رباني، وهو الجنرال محمد داوود الذي دخل إلى قندوز حيث عُيِّن كمحافظ وقائد عام لمناطق أو لولاية تخار، وقندوز، وبغيف، فهي تقوية كذلك من الناحية الأخرى، من الناحية العسكرية والسياسية والمعنوية لجانب آخر موجود ومتاخم لمنطقة مزار شريف التي يقيم فيها دستم ويسيطر عليها. فالحقل الأفغاني مملوء بالمتفجِّرات ومملوء بألغام، السير فيه لابد أن يكون بروية، وبعض التصريحات التي يطلقها كرزاي.. حامد كرزاي خاصة التصريح الأخير فيما يخص أن فكرة إنشاء محاكم لمحاكمة مجرمي الحرب هي فكرة ليست سيئة بتاتاً، يعني أنه ممكن أن يُنظر فيها وممكن أن يحدث هناك نقاش. هي إشارة إلى أن الذي لا ترضيه الجزرة التي تقدمها هذه الحكومة يمكن أن تدخله إلى بيت الطاعة –إن صح التعبير- العصا الدولية، التي يمكن أن تنبش في الملفات القديمة لبعض الشخصيات من أجل تقديمها للعدالة، محمد.

محمد كريشان: محمد صافي موفدنا إلى كابول، شكراً جزيلاً لك.

سيد جمال خاشقجي، في نفس السياق طالما نتحدث الآن عن هذه التوازنات داخل الحكومة الجديدة وإلى أي مدى تعيين دستم قد يربك الأمر أولاً، فاكس من السيد محمد الجابري، يعني هو خرج عن التعليمات أرسل فاكس يعني ليس عن طريق الإنترنت، يقول: إلى السيد جمال خاشقجي بحكم معرفتك بالأفغان، ألا ترى أن تعيين دستم في وزارة الدفاع هو بمثابة التحالف مع القوي لضمان حصول أميركا على غاز وبترول شمال غرب أفغانستان وقبول إيران لهذه الشخصية بشكل خاص؟

جمال خاشقجي: هو نظرية البترول والغاز ما.. ما آخذ بها، لأنه البترول والغاز متاح للأميركان بدون..

محمد كريشان: بدون هذه التكلفة..

جمال خاشقجي: بدون هذه التكلفة، وبدون حتى هذه الحرب. الشركات الأميركية موجودة وفي.. في.. في شمال.. في.. في جمهوريات آسيا الوسطى بدون هذه التكلفة، أما تعيين دستم كما –يعني- كما ذكرنا إنه فيه عدة مشاكل في العرقيات المختلفة في أفغانستان لابد من احتوائها، خصوصاً عرقية الهزارة الشيعة، وهؤلاء لابد من إرضائهم، وعرقية الأوزبك، لأنهم غير ممثلين بقوة سياسياً، لكن فيه مبالغة هائلة في الحديث عن الاختلاف ما بين البشتون والطاجيك، وأعتقد إنه هذه مبالغة فيها، الاختلاف القادم اللي ممكن يحصل هو اختلاف أفكار، ممكن تظهر قوة تمثل الإسلاميين وهتتمحور حول الأستاذ ربَّاني والأستاذ سياف الجمعية الإسلامية، وهؤلاء صف المجاهدين القُدامى، وقوة تمثِّل القوة الحديثة الليبراليين، ودول هيلتفوا حول شخص الملك، وممثلهم حالياً حامد كرزاي. من الضروري أن نراقب ما يحصل من.. احتكاكات ما بين هاتين القوتين، هنا يمكن أن يكون هنالك اختلاف تدافع إذا كان تدافع سياسي نبها، يتدافعون سياسياً كما شاءوا، حتى يصلوا إلى بر الأمان ويحكموا أفغانستان معاً، الخوف أن يحصل عملية إقصاء كأن يحاول الأميركان إقصاء الإسلاميين بالقوة باستخدام الملكيين، وهنا سوف تقع فتنة في أفغانستان.

محمد كريشان: دكتور غيرت بهير في إسلام آباد، طالما أن موفدنا يشير إلى أن تعيين دستم قد يشكل بداية في إطار سياسة العصا والجزرة كما سماها، هل يمكن أن ننتظر مثلاً أن يلتحق قلب الدين حكمتيار بهذه الحكومة عوض أن ينتقدها بشدة من الخارج؟ هل هذا وارد؟

د. غيرت بهير: قبل كل شيء كما قلت في البداية الحكومة مفروضة على الشعب الأفغاني، وتعيين دستم أو أي شخص آخر تأتي من قبل الأميركان، ونحن نعرف أيضاً بأن السبب الرئيسي لفرض هذه الحكومة هو أهداف الأميركية في المنطقة، أميركا تريد أن تصل إلى أهدافها عن طريق هذه الحكومة في أفغانستان، وطبعاً هناك مشاكل في تركيب الحكومة، وتركيب الحكومة غير متماسك، وهناك مشاكل كثيرة في تركيب هذه الحكومة، وتركيب الحكومة بشكل بأن هناك منظمة معينة تسيطر على بقية الأعضاء في.. في هذه الإدارة، وفي نفس الوقت دستم لديه سمعة سيئة بين الأفغان، ونحن نعتقد بأن أميركا تريد أن تأتي بالشخصيات التي لها خلفية سيئة ويستطيعون أن يستخدم أو يخدم أهداف الأميركية أحسن فأحسن، ولذلك تعيين الجنرال دستم بالنسبة لنا ليس شيء غريب، وسنرى في المستقبل التعيينات غريبة وعجيبة أيضاً.

محمد كريشان: نعم، سيد فاضل في الأستديو، طالما نتحدث عن هذه التوازنات حتى تكون هذه آخر نقطة ثم ننتقل إلى بقية التحديات وهي تحديات كبيرة، الحكومة المؤلَّفة من.. من ثلاثين عضواً برئاسة كرزاي والآن ربما أصبحت 31 مع انضمام دستم، للتذكير هي فيها إحدى عشر شخصية من البشتون، ثمانية من الطاجيك، خمسة من الهزارا، ثلاثة من الأوزبك، وثلاثة من الأقليات الأخرى. البعض يشير إلى عدد ثمانية عشر عضواً من.. من تحالف الشمال ربما يكون عدد كبير، البعض أيضاً أشار إلى الرمز الذي يحمله هذه الصورة الكبيرة التي كانت في خلفية أداء الحكومة لليمين الدستورية، صورة أحمد شاه مسعود، ألا توحي ذلك بأن ربما هذه الحكومة تبرز الآن كأنها حكومة طرف يريد أن يفرض نفسه كفائز على بقية الأطراف أكثر منها حكومة.. حكومة وحدة وطنية إن صح التعبير؟

سيد فضل الله فاضل: أولاً يجب التأكيد على نقطة أن القائد الشهيد أحمد شاه مسعود هذا البطل استطاع أن يحقق أسطورة بطولية في جهاده ضد الغزو السوفيتي، وكيف استطاع هذا الشهيد البطل أن يحقق لنفسه مكانة لدى الشعب الأفغاني ولدى شعوب العالم، وبجهاده وكفاحه وصموده أمام التدخلات الأجنبية في أفغانستان طوال السنوات الماضية، والتدخل –كان- الباكستاني وطالبان، كيف هذا البطل الشهيد هو كان من العوامل الأساسية والرئيسية التي أدت إلى صمود الشعب الأفغاني أمام..

محمد كريشان[مقاطعاً]: ولكن مع التقدير يعني ليس هو الرمز الوحيد يعني، هناك شخصيات أخرى في التاريخ الأفغاني وتاريخ المقاومة ضد السوفييت يعني.

سيد فضل الله فاضل: هذا صحيح، ولكن في السنوات الأخيرة نحن نتحدث في السنوات الأخيرة في أيام الوجود الطالبان في أفغانستان والتدخل الباكستاني في الشؤون الأفغانية، أن هذا القائد البطل كان هو من الذين وقفوا أمام مد أو سيطرة طالبان ومن معهم إلى سائر المناطق الأفغانية. النقطة الأخرى أن نحن رأينا أن مع أن قوات الجبهة المتحدة كانت وصلت إلى العاصمة كابول، وكانت الحكومة دولة أفغانستان الإسلامية هي المعترف بها من قِبَل الأمم المتحدة ودول العالم أيام ما كانت طالبان تسيطر على أكثر من 90% من الأراضي الأفغانية، كانت هذه الحكومة ورئيسها الرئيس رباني كانوا هم المعترف بهم في العالم كله، ولكن كيف هذه الحكومة، وأن الرئيس رباني تنازل، ولولا تنازل هذه المجموعة والرئيس رباني وسعيها وتأييدها وعزمها على بدء صفحة الاستقرار وتشكيل حكومة تكون مرضية من كل الأطراف الشعب الأفغاني، ما كان نستطيع أن نصل إلى هذه الاتفاقية، ونحن نرى أن بداية الاستقرار في أفغانستان بدأ يعود، هذا يعود الفضل إلى التعاون الذي أبداه الجبهة المتحدة والجمعية الإسلامية والرئيس رباني.

محمد كريشان: نعم، ربما بهذه نكون قد وصلنا إلى نوعاً ما معالجة المقاربة الأولى المتعلقة بالتحديات المطروحة على هذه الحكومة من حيث الانسجام الداخلي والتناغم بين تياراتها.

[فاصل إعلاني]

التحديات الأمنية التي تواجه حكومة كرزاي

محمد كريشان: السيد خاشقجي، إذا بدأنا بالتحديات الأمنية وكرزاي وعبد الله عبد الله وغيرهم من الشخصيات يعتبرون بأن هذه هي المهمة الأساسية لهذه الحكومة، هل تراها مهمة سهلة؟

جمال خاشقجي: طبعاً هي.. أهم شيء هو بالفعل أن تمر الـ 6 شهور هذه بدون حصول حروب صغيرة أو كبيرة في أفغانستان كما حصل بعد أبريل 92 الشيء الذي يدعو للتفاؤل أن لا توجد حالة استقطاب في أفغانستان كالتي حصلت بعد فتح كابول في عام 92، وهي الحالة التي كانت ما بين قطب أساسي في الجهاد أحمد شاه مسعود والجمعية الإسلامية، وقلب الدين حكمتيار من جهة أخرى، ما اتفقوا هذين الزعيمين فاختلفا في كابول ووقعت معارك، هذه المعارك استمرت أربعة سنوات، وخلقت حروب صغيرة حولها، وقعت حروب ما بين دستم والحكومة وحلفاؤه حالياً، ثم دستم عاد وتحالف مع حكمتيار، الشيعة حزب الوحدة تحارب أيضاً مع الحكومة.. حكومة رباني.

محمد كريشان: والتحالفات تتغير بسرعة.

جمال خاشقجي: وتغيرت في تلك الفترة، تلك الحرب ولدت حروب صغيرة تحتها. الآن لا يبدو في الأفق إنه فيه شيء كهذا سيحصل، يعني من.. من لطف الله بالأفغان حالياً أنه بالفعل الجمعية الإسلامية هي الأقوى الآن، وفيه قوى عديدة حولها تتشارك متراضية حسب اتفاقية بون في الحكم للفترة المؤقتة، لكن فيه شيء أريد أن أشير إليه إنه القوة الخارجية أيضاً بدأت تلعب لعب إيجابي، عندما دخل تحالف الشمال كابول قبل حوالي شهر تحرك حزب الوحدة من باميان وأرسل مجموعة من مقاتليه حوالي ألفين مقاتل بغرض أن يدخلوا إلى كابول لكي يحموا الأقلية الشيعية في كابول، طبعاً هذا كان ممكن يولد احتكاك ما بين القادمين من الشمال، القادمين من باميان، وكلهم عسكر معروف طبائعهم في حالة الفوضى، وقد يؤدي ذلك إلى تقاتل بينهم، يبدو أن إيران تدخلت فمنعوا هؤلاء من دخول كابول وسُمح باتفاق مع الجنرال فهيم بدخول عدد محدود منهم إلى داخل كابول، لأنه كانت حجة الدخول لحماية أقلياتنا الشيعية، طبعاً حجة واهية، لكن هي حزب الوحدة تصرف بناء على الوضع الكلاسيكي القديم، عندما.. عندما نبدأ التفاوض سياسياً الذي عنده أوراق قوية هو الذي عنده جنود على الأرض.

محمد كريشان: نفس ردود الفعل القديمة يعني.

جمال خاشقجي: لكن هذه انتهت الآن بفضل التدخل، وفيه عنصر هام جداً إيجابي وهو العنصر الأميركي، أنا لاحظت السيد غيرت بهير يصر على إنه كل ما يجري هو صناعة أميركية، بالعكس الذي.. الوجود الأميركي أنا رغم تحفظاتنا المعروفة على الأميركان، إذن الوجود الأميركي عامل أساسي جداً الآن، الاهتمام الأميركي بأفغانستان سوف يساعد على السلام، لو العالم دار ضهره مرة أخرى عن أفغانستان سوف يعود الاقتتال، هذا الاهتمام العالمي والوجود الأميركي في أفغانستان سوف يساعد إلا إذا الأميركان بجهالة يتدخلوا ويرتكبوا أخطاء بإقصاء هذا وإبعاد هذا، فتقع المشاكل مرة أخرى، ولكن اهتمامهم حالياً سيضمن عدم حصول اقتتال بين الأفغان.

محمد كريشان: نعم، دكتور غيرت بهير في.. في إسلام أباد، ما رأيك في هذا التحليل رغم إصرارك على أن الحكومة هي أميركية الهوى وأميركية الولاء؟ هل يمكن أن تكون على الأقل للبعد الأميركي نقطة إيجابية مثلما أشار السيد خاشقجي؟

د. غيرت بهير: قبل كل شيء أريد أن يحلم في.. أو نهمس في أذن الذين يعتقدون بأن الأفغان أو الحكومة الفعلية سوف تحكم أفغانستان بمساندة أميركان، أنا أقول لهؤلاء أن يعتبروا بمصير المسلمين في فلسطين وفي البوسنة، وعندما وافقت السلطة الفلسطينية بالتعاون مع أميركا، ونحن الآن نرى بأعيننا ماذا يحدث لإخواننا في فلسطين، هم يضربون ويقتلون، وحتى أميركا لا تسمح للعالم أن يقول كلمة بحق الشعب الفلسطيني، قبل أسبوع كان هناك مجلس الأمن في أميركا حتى أميركا قامت بحق فيتو لوقف القرار بشأن إدانة المظالم في فلسطين، لذلك أنا أعتقد بأن وجود..

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني دكتور غيرت، يعني دكتور غيرت، آسف على المقاطعة يعني.. يعني دائماً نعود إلى المسألة الفلسطينية وهذا بطبيعة الحال أمر مشروع، ولكن إذا بقينا في الإطار الأفغاني البحت، يعني عندما تكون.. عندما يكون الفرقاء في أفغانستان موجودين في واقع القوة الأعظم في العالم تهيمن على هذا المشهد السياسي، ألا يمثل ذلك نوع من الصمام لعدم وجود فلتان أمني على صعيد هذا الطرف أو ذاك؟

د. غيرت بهير: لا أنا أعتقد بأن وجود الأميركان يسبب خطر على الأمن في أفغانستان وأنا لم أوافق الأخ جمال بأن وجود الأميركان سوف يساعد في إعادة الأمن في أفغانستان، هذا ما أريد أن أقوله.

محمد كريشان: نعم، سيد فاضل، الوجود الأميركي في المنطقة.. في.. في أفغانستان تحديداً، يعني إلى أي مدى يمكن أن يمثل نقطة قوة لهذه الحكومة، ويمكن أن تستند مثلما قال السيد خاشقجي؟ وإلى أي مدى يمكن أن يشكل نقطة ضعف، خاصة يعمق إحساس البعض بأنها حكومة موالية للولايات المتحدة وتنفذ تعليماتها في أفغانستان؟

سيد فضل الله فاضل: أولاً يجب التأكيد على نقطة أن الشعب الأفغاني له حساسية خاصة تجاه تواجد أي قوات أجنبية على أراضيه، ولكن يجب أيضاً أن نأخذ في الاعتبار أن العالم حالياً والمنطقة كلها تمر بظروف عصيبة وبظروف خاصة، والتواجد الأميركي في أفغانستان هو يأتي ضمن تواجدها وضد. وضمن الحملة التي تشنها ضد ما تطلق عليه الإرهاب، وأيضاً هناك.. نحن رأينا أن هناك تأكيدات من قِبَل الإدارة الأميركية والمسؤولين في الإدارة الأميركية أنهم بعد انتهاء الخطة العسكرية لمواجهة الإرهاب وللانتهاء من خطتهم. بوجهة نظري أنه سوف لا يكون هناك تواجد أميركي، لأن القوات الأميركية ستأخذ في اعتبارها تجربة القوات الروسية.. قبلها.

إذن هذه.. والتواجد الأميركي هو يأتي ضمن خطة تواجدها في المنطقة كله. لاشك أن هناك كان أدوات مساعدة للجانب الأفغاني للوصول إلى هذه الاتفاقية التي وُقعت وللمرحلة الذي نحن نعيش فيه الآن، ولكن ما أظن أن هناك حالياً تدخل ملحوظ أميركي في إدارة شؤون البلاد في أفغانستان، أو لها الكلمة العليا على الإدارة الفعلية في أفغانستان، إنني أستبعد هذه النقطة.

محمد كريشان: ولكن سيد خاشقجي حتى قبل أن.. أن الحديث عن الوجود الأميركي على.. على صعيد مسألة بسيطة قد تبدو بسيطة ولكنها معقدة، موضوع جمع السلاح، موضوع فرض جيش موحد للبلد، مرحلة فرض جهاز شرطة وأمن موحد للبلد، يعني المسألة ليست.. ليست هينة إطلاقاً.

جمال خاشقجي: هو هذا هو التحدي الكبير، يعني جمع السلاح يقلق كافة المجاهدين، خصوصاً المنتصرين منهم، فيه قلق الآن أشعر به في تصريحات إسماعيل خان، في تصريحات الأستاذ رباني، تحالف الشمال، الأستاذ سياف عبر عنه، يشعروا بأنه هنالك خطة لسرقة انتصارهم، هم الذين صمدوا في الشمال في وجه الطالبان، وأيضاً هم الذين انتصروا.

محمد كريشان: بعض المساهمات التي وصلتنا نستعرضها هكذا بشكل سريع، ناصر الحريّص من السعودية يتحدث عن أنه من الصعب أن نتحدث عن توفير الأمن من قبل كرزاي إذا لم يستطع أن يوفر حتى أمنه الخاص كما يقول. أيضاً مشاركة أخرى تتحدث عن إن كانت الحكومة تملك قرار خروج أو عدم خروج القوات الأميركية.

خالد أحمد محمد من مصر يرد يقول: سوف تبقى القوات الأميركية لأنها السند الوحيد لحكومة كرزاي، وأيضاً إبراهيم محمد أبو القاسم يطرح نفس السؤال المتعلق بمدى بقاء القوات الأميركية في أفغانستان، وهناك حتى من يطرح التساؤل إذا كان الأفغان فعلاً ينشدون الأمن والاستقرار لماذا فرطوا في حركة طالبان؟ وهذا مشاركة ناصر الحريص مرة أخرى من السعودية.

لو ننتقل إلى الدكتور غيرت بهير في إسلام أباد، سيد بهير، فيما يتعلق بالجانب الأمني هل تعتقد بأن حكومة كرزاي قد لا تجد الوقت الكافي لحل المشاكل الأمنية المطروحة، وبالتالي يجب علينا أن لا نطلب منها أشياء مستحيلة وأن نتجه إلى مطالبات صغيرة ومحدودة؟ ويعني أرجو أن لا تكرر مرة أخرى اعتراضك المبدئي على أنها حكومة موالية للولايات المتحدة بشكل خاص.

د. غيرت بهير: والله أنا أكرر نفسي مرة أخرى، وأقول بصراحة بأن كل شيء بيد الأميركان، لو تذكر قبل تقريباً أسبوع مستر.. السيد كرزاي أعلن العفو العام لطالبان، ولكن بعد ساعات هو جاء بتصريح آخر وقال بأن طالبان هم مجرمون وسوف يُحكم عليهم، ونفس الشيء مع فهيم (وزير دفاع الإدارة المؤقتة)، هو كان يخالف وجود الجيوش الخارجية في أفغانستان قطعياً، ولكن بعد ما جاء الأمر من أسيادهم الأميركان هو وافق على المشروع، وهناك تواجد كبير للجيوش الخارجية في أفغانستان.

والموضوع آخراً أريد أن أقول لأستاذ فاضل بأن هذه الفترة لا تعتبر الفترة المؤقتة، أميركا تريد خلال هذه الحكومة أو خلال هذه الإدارة الحكومة الدائمة العميلة لها في أفغانستان، وهي هذه الحكومة سوف تشكل عن طريق اللوياجركا وقبل اللوياجركا هناك قراراً أو موافقة في بون أن يفتتح هذه اللوياجركا من قِبَل ظاهر خان (الملك المخلوع)، هذا يعني بأن الأميركان تريد أن تأتي بظاهر شاه أو بشخص الموالي لها في أفغانستان. أميركا لا تخرج من أفغانستان طبق القرارات الدولية، لأن.. لأن أميركا خرقت كل الموازين الدولية والحقوق الإنسانية بالهجوم على أفغانستان وبقتل الأبرياء في أفغانستان، ولذلك أميركا لو لم تجبر بالخروج من أفغانستان لا تخرج من أفغانستان حسب قوانين أو حسب اتفاقيات بون أو غيرها. ولكن نحن نعرف الشعب الأفغاني بأن الشعب الأفغاني لا يرضى أبداً بوجود الجيوش الأجنبية، أو بالحكومة غير الإسلامية في أفغانستان، والشعب الأفغاني سوف يقاوم وجود أميركان، وسوف –إن شاء الله- ينهزم أميركان في أفغانستان كما انهزم الروس هناك.

محمد كريشان: نعم، سيد فاضل، لو توضح النقطة ثم أنتقل إلى السيد خاشقجي ونحاول أن نختم الجانب الأمني، لأن تحدي –أيضاً- إعادة الإعمار يعني ربما تحدي هام جداً لهذه الحكومة، تفضل.

سيد فضل الله فاضل: أنا مع الدكتور غيرت أن الشعب الأفغاني يرفض تواجد قوات أجنبية، ويرفض أن يكون على أراضيه أي جندي أجنبي، ولكن يجب علينا أيضاً نحن كأفغان أن نفوت الفرصة على أن يُتاح المجال للأميركان أو لغير الأميركان أن يتواجدوا على الأراضي الأفغانية تحت مسميات مختلفة، يجب علينا أن نتحد ونضع كل الخلافات الماضية جانباً، ونفتح صفحة جديدة. الشعب الأفغاني يجب أن.. أن يكون على وعي أن هذه المرحلة مرحلة حساسة وهامة وخطيرة جداً، يجب أن تتناسى كل العداوة، أو كل الاختلافات الماضية ونجلس معاً نفتح صفحة جديدة، وفي هذه الحالة سنكون قوة شعبية في البلاد لا يمكن لأي أجنبي أن يفكر في استمرار تواجده في أفغانستان، ونفوت الفرصة عليه أيضاً أن يدعي أنه موجود في أفغانستان للإشراف على عودة الاستقرار والأمن وعدم وقوع المعارك العسكرية بين الأفغان فيما بينهم.

محمد كريشان: سيد خاشقجي: هل تشاطر التحليل الذي يعتقد بأن أيضاً الجانب الأمني مرتبط أيضاً حتى بطبيعة الأشخاص الموجودين في الحكومة، يعني مثلاً محمد فهيم وهو (وزير الدفاع) البعض يشير بأنه كان في البوليس السياسي لحكم نجيب الله، بعد ذلك رئيس الاستخبارات الأفغانية تحت حكم المجاهدين من سنة 92 إلى 96، ما الذي يضمن على الصعيد الأمني البحت أن تتغير المعطيات والولاءات بشكل أنه يبعثر كل الأوراق داخل الحكومة نفسها؟

جمال جاشقجي: محمد.. الجنرال فهيم مجاهد من أبناء الحركة الإسلامية الأفغانية من نعومة أظافره إذا صح التعبير، من شوري نزار الرجل كان شريك أحمد شاه مسعود في الجهاد ضد الروس، فما أعرف من أين سمعت هذه المعلومات.

محمد كريشان: هذا.. بعض التقارير الصحفية أشارت إلى هذه النقطة، يعني لا أدري مصداقيتها الحقيقة يعني.

جمال خاشقجي: هذه.. هذه سربت من البداية ضد الجنرال فهيم، هذا الكلام غير صحيح.

جمال خاشقجي: الرجل مجاهد من أبناء الحركة الإسلامية، وشريك لأحمد شاه مسعود من أيام الحرب ضد الروس. هذه الشخصيات اللي موجودة مشكلة.. أحد مشاكل أفغانستان أنها غنية بالقيادات، و..

محمد كريشان: أكثر من اللازم يعني.

جمال خاشقجي: أكثر من اللازم، أكثر من اللازم إذا.. ما أعرف إذا السيد فاضل يوافقني على ذلك، والأفغان بطبيعتهم عندهم حب القيادة، وهذا ولد خلافات كثيرة في الماضي، فإذا لاحظنا أيام الجهاد الأفغاني كان موجود 7 أحزاب سنية، و2 أحزاب شعبية، أحزاب مع بعض، عندما عقدوا اللويا جركا الأولى حضرها فوق الـ 500 شخص في إسلام آباد، والجميع يريد أن يتكلم، الجميع يريد أن يشارك، واستمرت اللويا جركا أسبوعين أو أكثر. أتوقع شيء كهذا أيضاً سوف يحصل بعد 6 شهور. فبالتالي تشكيل الحكومة لابد أن.. أن بالفعل ترضي جميع هذه الأعراق، هذه الفئات، لكن من حسن.. من الطالع للأفغان أنه لا يوجد الاستقطاب الذي يؤدي إلى حرب أو غل تفكك حالياً، أتصور الجميع الآن في موقع المسؤولية سوف يضطروا للتفاهم كما تفضل معالي السفير، سوف يضطر للتفاهم مع بعض وقاطع الطريق أمام القوى الخارجية، ولكن أيضاً يجب أن نأخذ في.. في احتمال وارد أن بعض القوى التي قد لا تشعر أنها سوف.. سوف تفوز في الانتخابات القادمة أن تستعين بالقوى الخارجية، هذا وارد.

تحدي إعادة إعمار أفغانستان

محمد كريشان: نعم، لو نبدأ الآن في فتح التحدي الأخير والمهم جداً وهو تحدي إعادة الإعمار، حسب تقديرات الأمم المتحدة سيد فاضل، أفغانستان تحتاج إلى زهاء عشرة مليار دولار على امتداد الخمس سنوات المقبلة، وفي نهاية يناير من العام الجديد يعني بعد زهاء شهر سيجتمع زهاء الخمسين دولة في اليابان، هل تعتقد بإمكانية تجاوب المجموعة الدولية مع هذه المهمة –مهمة إعادة الإعمار- بشكل ربما لا يخذل الأفغان وهم يتوقعون الكثير من المجموعة الدولية؟ !

سيد فضل الله فاضل: في حقيقة الأمر مسألة إعادة الإعمار في أفغانستان من الأمور الهامة جداً، والمجتمع الدولي حين.. حينما انتصر المجاهدون الأفغان في عام 92 تناسوا هذا الشعب، وتناسوا المساعدات لهم، وتركوه في شأنه.. فقط بعض الدول التي تريد أن تكون لها تواجد سياسي أو اقتصادي أو ما إلى ذلك كان المجال أمامهم لتدخلات، ولكن الآن على المجتمع الدولي كله أن لا يتناسى هذا الشعب وهذه الحكومة، لأن الآن أفغانستان هي دمرت تماماً، لا يوجد فيها شيء يذكر يصلح للاستعمال من البنية الاقتصادية والخدمات وما إلى ذلك، فإذا تقاعس المجتمع الدولي أيضاً في هذه المرحلة في أفغانستان بتقديم الدعم الاقتصادي بكل أشكاله لكي تعيد هذه البلد مرة أخرى بناؤها من تحت الصفر فربما تعود المشاكل مرة أخرى إلى أفغانستان، وتعود إلى.. المشاكل إلى المنطقة بأسرها.

محمد كريشان: نعم سيد خاشقجي، هل.. هل هذه المرة مصلحة دولية موضوع أفغانستان وإعادة إعماره وليست فقط مسألة إقليمية أو تخص أفغانستان فقط؟

جمال خاشقجي: نعم، هي مصلحة أميركية، الآن فيه نظرية أميركية قوية بإنه بعد ترك أي بلد في حالة من الفوضى يمكن أن تستغل كما حصل في أفغانستان في.. في السنوات الأخيرة، وربما نفس.. نفس الشيء سوف يحصل في الصومال أيضاً، يعني أيضاً الصومال حان الوقت أن تفرض عليها حكومة مركزية قوية تستطيع أن.. أن تضبط الأمن، وأن تقوم أيضاً بإعمال الصومال. ففيما يخص أفغانستان الفرصة الآن بالفعل مواتية، الدول العربية..

المملكة العربية السعودية كانت متهمة جداً بعملية إعمار أفغانستان في السابق وسوف يكون لها..

محمد كريشان: سيكون لها دور مهم في اجتماع اليابان.

جمال خاشقجي: وقد حضرت الاجتماع الأخيرة، وقد اهتمت في الماضي في مشروع خادم الحرمين لإعمار أفغانستان وبدأ به، ووضعت.. وكان له مكاتب حتى في كابول بعد 92، لكن طبعاً كل شيء ذهب وانتهى بالحرب التي حصلت. موضوع الإعمار ليس ضروري لإعادة السلام لأفغانستان لأنه الأفغان وعدوا بذلك من قبل، الأمن هو قبل الإعمار قبل.. قبل الإعمار، فلابد أن ينشغل العالم بموضوع إعادة الأمن لأفغانستان وإقامة حكومة مستقرة مطمئنة، ولكن طبعاً في الوقت نفسه يجب أن.. أن نرتب لعملية الإعمار، والشعب الأفغاني شعب رغم إنه ما عرفنا عنه إلا أنه شعب مقاتل، ولكن أيضاً شعب محب للحياة، وأستطيع أن أذكر قصص عديدة لنجاحات أفغانية، الأفغاني يأتي إلى الخليج مهاجراً فقيراً معدماً من.. من بلاده، وفي فترة قصيرة جداً يتحول إلى مليونير وفي السعودية أيضاً وفي أوروبا، حامد كرزاي يملك 6 مطاعم في.. في أميركا، فالشعب الأفغاني يستطيع أن يعمل، يستطيع أن يغير وجه بلاده إذا.. إذا أتيحت له الفرصة.

محمد كريشان: من بين الأشياء التي يراهن عليها أيضاً موضوع عودة هؤلاء الأفغان الموجودين في الخارج، يبدو.. يبدو رهان صعب الآن في هذه المرحلة، حتى يساهموا في إعادة الإعمار.

جمال خاشقجي: هو فيه نوعين من الأفغان، فيه أفغان ما لهم مكان إلا أن يعودوا إلى بلادهم، هم الموجودين في باكستان، في إيران، بل إنه حكومتي باكستان وإيران تدفعهم دفعاً للمغادرة، فيه.. لكن فيه طبقة.

محمد كريشان: مخيمات اللاجئين هذه.

جمال خاشقجي: نعم اللاجئين، وهؤلاء تكلفتهم غالية لكن فيه الأفغان القادرين وهؤلاء الذين استقروا في السعودية، في الخليج، في أوروبا وأميركا، هؤلاء سوف يكون لهم الخيار في الغالب، أما بعضهم، بل إنه الحكومة.. أي حكومة قادمة سوف تسعى لجذب هؤلاء، لأنه هؤلاء خبرات جيدة، وهؤلاء هم صفوة المجتمع الأفغاني الذين خرجوا مبكراً ومتعلمون، تكنوقراط جيدين يعني لهم دور يقوموا به في أفغانستان، وكثير من هؤلاء فيما يبدو أنهم هم أنصار الملك السابق، وفي الغالب سوف يكون لهم دور، لكن مازال كثير منهم متردد في العودة إلى أفغانستان.

[موجز الأخبار]

محمد كريشان: دكتور غيرت بهير في إسلام آباد، رغم كل التحفظات التي كررتها منذ البداية، هل تعتقد بأن المجتمع الدولي، وأساساً ربما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ستقدم من المساعدات لأفغانستان ما يسمح لها بأن تخرج قليلاً من هذا الوضع الاقتصادي الصعب للغاية؟

د. غيرت بهير: طبعاً أفغانستان تحتاج إلى.. إلى المساعدات كثيرة، وأنا مع الأخ جمال وأستاذ فاضل بأن أفغانستان قد دمرت تماماً، وخاصة بعد الهجوم الأميركي الغاشم الآخر، وكان هناك دور كبير للدمار في أفغانستان من قبل الأميركان، وأنا أعتقد وأفضل أن تأتي الدول الإسلامية قبل الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، على الدول الإسلامية أن تبادر بمبادرة المساعدات لأفغانستان، لأننا نعرف والتاريخ يذكر والشعب يشهد بأن المساعدات الأميركية والمساعدات الغربية دائماً تكون مرتبطة مع الشروط المسبق، وهي قبول شروط من قبل هذه الدول، ونحن لا نريد أن نضحي المبادئ والأصول، ولا نريد المساعدات الأميركية لإشاعة الفحشاء، أو لبناء السينما في أفغانستان، بل نحتاج إلى المساعدات البناء وخاصة من.. من الدول الإسلامية، أنا أعتقد بأن أميركا أو الدول الغربية لا تريد مساعدة أفغانستان، بل هي تريد دمار أفغانستان، ونحن رأينا هذا بأعيننا قبل تقريباً شهر أو حتى الآن نحن نرى بأعيننا بأن هناك دمار الشامل في أفغانستان تجري من قبل الطائرات الأميركية في أفغانستان، المستشفيات، القرى والمدن، كلها دمرت من قِبَل القوات الأميركية في أفغانستان.

محمد كريشان: نعم، سيد فاضل، أفغانستان تعاني من أزمة جفاف منذ أكثر من ثلاث سنوات. صندوق الدولة.. خزينة الدولة تقريباً تكاد تكون فارغة، إن لم تكن فارغة أصلاً البعض لم يستلم رواتبه منذ ست أشهر، الإدارة وإعادة بناء المصالح الحكومية مسألة معقدة وتحتاج إلى خطوات كبيرة. ما هي الأولوية إذا أردنا أن نتحدث عن إعادة الإعمار؟ ما هي الخطوة الأولى الضرورية في.. في هذا السياق؟

سيد فضل الله فاضل: أولاً: أنا مع ما تفضل به الدكتور غيرت بأن نحن ندعو الدول الإسلامية بأن تبادر بمساعدة الشعب الأفغاني والمساعدة في إعادة بناء أفغانستان ودعم الاقتصاد الأفغاني الذي هو تحت الصفر، أيضاً لكي لا نعطي الفرصة للدول الأوروبية وغيرها أن يقدموا المساعدات ثم يتحكموا في مجريات الأمور الاقتصادية وما شابه ذلك في..

محمد كريشان: ما طبيعة هذا التحكم الذي.. الذي يخشى ربما؟

سيد فضل الله: يعني نحن نلاحظ أن.. أن في الدول الإسلامية ودول العالم إذا قُدمت مساعدة هناك بعض مساعدات طبعاً تكون بقروض، ومساعدات أخرى تكون مشروطة بأن تصرف هذه المساعدة في أوجه خاص معيَّن، أو أن تكون تحت الإدارة الدول أو الجهة أو المؤسسة التي تقدم (دائماً) المساعدة.

محمد كريشان: إنما يخشى دائماً من.. من قضية الفساد سيد فاضل، يعني هل يمكن أن تقدم أفغانستان ضمانات ذات مصداقية لهذا الموضوع مثلاً؟

سيد فضل الله: أولا: أنا ما أظن، أن الشعب الأفغاني هو شعب متدين بطبيعته ومتمسك بتعاليم الدين الإسلامي، وسوف لا يترك المجال ولا يسمح لأي من.. مؤسسة أو دولة بأن تقدم المساعدة ثم تفرض أو تُفرض عل الشعب بعض من الأمور، لذلك يجب على الدول الإسلامية أن تبادر لأن تأخذ زمام الأمور بأيديها وتقدم الدعم للاقتصاد الأفغاني. كما تفضلت أنت أفغانستان تعاني من جفاف منذ عدة سنوات، بدايةً يجب أن تكون هناك مساعدات عاجلة بحيث.. لأن خاصة في فصل الشتاء نحن الآن نعيش فيه، وأكثرية الشعب واللاجئين هم بدون مأوى، هذه مساعدات عاجلة، والمساعدات الأخرى أن تكون هناك لإعادة المصانع والمشروعات الاقتصادية التي تتيح مجال العمل للشعب الأفغاني وللشباب الأفغاني، بحيث هم يستطيعوا أن يتكفلوا بأسرهم. فهذه هي المرحلة الثانية، والمرحلة الثالثة اللي هي إعادة بناء كل أفغانستان لمؤسساتها الاقتصادية، ومؤسساها التعليمية والإدارية، لأن كما قلت لا يوجد حالياً في أفغانستان مؤسسة لم تضر من قبل الحروب المفروضة على الشعب الأفغاني.

محمد كريشان: سيد خاشقجي: كرزاي قال بأن البلاد مدعوة للانتقال من اقتصاد حرب إلى اقتصاد سلام، ومثلما أشار سعادة السفير قال أيضاً بأنه لا يوجد أي قاطع في البلاد لا يحتاج إلى مساعدة، وأيضاً كشف عن خطة من ثلاثة عشر بنداً لإعادة بناء أفغانستان، التخوف الذي أشرنا إليه الآن وهو إمكانية ربط المساعدات الدولية بمجموعة استحقاقات معينة، هل هذا الخطر خطر مفتعل، أم خطر حقيقي ولنا تجارب سابقة في هذا المجال؟

جمال خاشقجي: يعني أنا أتصور في النواحي الدينية ما فيه مشكلة في ذلك، لا أتوقع إنه الحماقة تصل بالقوة الغربية أو بالأميركان بالتحديد أن يطلبوا من الأفغان أي مسائل تصطدم بعقائدهم الدينية.

محمد كريشان: ربما يحاولون في طار مساعي استئصال الإرهاب كما يعتقدون.

جمال خاشقجي: أن.. أن.. أن يطالبوا مثلاً بمساعدة المرأة، هذا مطلب الأفغان يشاركوهم فيه باستثناء الطالبان، ولكن كل الأفغان يريدوا أيضاً مساعدة المرأة الأفغانية والنهوض بمستواها وتعليمها. إذا طالبوا مثلاً بمنع الأفيون، إذا طالبوا مثلاً بنشر الشقانة قرارات تقرر داخلياً من قبل وزير الإعلام الأفغاني، من قبل وزير التربية الأفغاني، لكن إذا بدأ يتدخلوا في مسائل من نوع مثلاً العلاقات مع إسرائيل، هيدخلوا في نفس الإشكال اللي بيدخوا فيه مع دول عربية، الأفغاني موقفه معروف من.. من.. من الإسرائيليين، ولن يقبل بشيء من هذا القبيل، المهم إنه.

محمد كريشان: ربما غير.. غير مطروح الآن بالمرة على أفغانستان الموضوع يعني!!

جمال خاشقجي: لكن.. لكن الموضوع أصلاً غير مهم، ما أتصور أنه.

محمد كريشان: لها ما يكفي من المشاكل.

جمال خاشقجي: عندها ما يكفي من المشاكل، المشكلة الأهم هو الأمن، بعد تحقيق الأمن الأمور ستبشر بخير. في رأيي إن أفغانستان الآن مطلوبة وليست طالبة، الآن الهند وباكستان تتنافس على رضى أفغانستان، الهنود أعلنوا عن تبرعهم والتزامهم بمبلغ مائة مليون دولار، الباكستانيين سارعوا وقدموا مائة مليون دولار أو وعد بذلك مرة أخرى، هذه الصورة توضح كيف الآن إنه الأفغاني في وضع مريح جداً لقبول المساعدات، لتسلم المساعدات من.. من اليابان، من ألمانيا، من أميركا، من السعودية، ولكن لابد من إقامة حكومة مركزية جيدة تستطيع أن تعمل، تستطيع أن تستقبل هذا.. هذه المساعدات القادمة على أفغانستان.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: دكتور غيرت بهير في إسلام أباد، هذا الأمل الذي أعربت عنه وأشار إليه أيضاً السفير فاضل فيما يتعلق بمساهمة الدول العربية والإسلامية، هل تراه أملاً في محله؟

د. غيرت بهير: إن شاء الله نتمنى كذلك وندعو الدول الإسلامية لتبادر وتساعد الشعب الأفغاني المناضل المظلوم، وكما.. قلت في البداية وأنا أوافق الإخوة في الحوار بأن الشعب الأفغاني شعب متدين، ولكن في نفس الوقت هناك محاولات من قبل أميركا والدول الغربية لإشاعة الفحشاء ولإزالة الشعائر الإسلامية في أفغانستان، ولشيوع الفحشاء والمنكرات في أفغانستان، لو تحتفظ أفغانستان بالهوية الإسلامية أظن أميركا والغرب لا تريد أن تساعدها، أميركا قبل أن تساعد أفغانستان مالياً أو سياسياً تريد تأسيس الحكومة العلمانية في أفغانستان، ولذلك هي تحاول فرض هذه الحكومة على الشعب الأفغاني، وهناك محاولات بالفعل بدأت لإزالة شعائر إسلامية في أفغانستان، ممكن شاهدتم في التلفاز المراسم لنقل السلطة، وكان هناك مسابقة بمصافحة النساء أمام الكاميرات العالمية، وكل واحد من المسؤولين مع الأسف الشديد كان يحاول أن يثبت ولاءه لأميركان، لذلك أنا أكرر مرة ثانية لأن المساعدات الأميركية والغربية دائماً تكون مع شروط المسبق، وهذه شروط خطيرة جداً للإسلام والمسلمين. نحن لا نريد المساعدات على قيمة المبادئ والأصول والعقائد للشعب الأفغاني، لذلك مرة ثانية..

محمد كريشان: نعم سيد.. سيد خاشقجي، يعني لا نريد أن ندخل في.. في موضوع المصافحات النسائية طالما نحن مازلنا في موضوع إعادة الإعمار، بعض الدول العربية والإسلامية ربما خيبت أمل كثيرين عندما تعلق الأمر سواءً بمساعدة السلطة الوطنية الفلسطينية، أو مساعدة حتى البوسنة بعد انتهاء الحرب أيضاً كثيرون توقعوا، يعني عملياً هل يمكن هذه المرة ليس كمبادرة حُسن نية من.. من الدول الخليجية، ولكن ربما تحت حتى ضغوط السعودية أو غيرها التي تخضع لـ.. الآن ما يوصف بالحملة ضد السعودية، ربما الآن ستُكثف هذه الحملة على أساس تُجعل السعودية وبقية الدول الخليجية مساهمتها في.. في فاتورة إعادة الإعمار تكون ربما أكثر من المطلوب، نوعاً ما تكفير عن ذنب تراه واشنطن.

جمال خاشقجي: لا.. لا يجب أن ننظر لها بهذا الشكل، لكن بداية أنا ما أعتقد إنه خيب أمل الشعوب، السعودية ودول الخليج وغيرها قدموا مساعدات، ماليزيا قدمت مساعدات مهمة جداً في البوسنة، ومساعدات من خلال التبرع الشعبي أو إعمار أو مستشفيات ومساجد وغيرها. السلطة الوطنية الالتزام بالمليون دولار والتي أودعت في.. في بنك التنمية، هو فقط السلطة الوطنية اللي زعلت لأنها لم تستلمها كاش، ولكن الشعب الفلسطيني استفاد منها، الشعوب والحكومات في.. في العالم العربي بتدعم، خصوصاً السعودية والخليج، وأتصور إنه.. إنه أفغانستان لن تخرج عن هذا السياق، سوف تُدعم أفغانستان، فيه جُمعت مبالغ جيدة حوالي 150 مليون ريال، ولكن هذه تبرعات شعبية، وفي الغالب سوف تذهب إلى مناشط إغاثية وليست لبناء دول.

محمد كريشان: هل يمكن أن تكون بنفس السخاء الخليجي أيام حرب الجهاد ضد.. ضد الروس؟

جمال خاشقجي: ده كان الثمانينات، الثمانينات الرخاء الذي كان في الثمانينات غير..

محمد كريشان: الطفرة المالية.

جمال خاشقجي: الطفرة المالية التي كانت غير موجودة الآن، لكن سوف يكون هنالك دعم، لا نتوقع أرقام خيالية جداً، أرقام موضوعية، والمهم أن نعطي البداية للشعب الأفغاني، أن ندعم الشعب الأفغاني أن يبدأ، والشعب الأفغاني شعب قوي يستطيع نجح في.. في أماكن صعبة ويستطيع أن ينجح في.. في بلده، يعني في الهند فيه.. فيه أسواق في الهند يملكوها أفغان، وهي دولة يعني..

محمد كريشان: تجارية معروفة.

جمال خاشقجي: تجارية معروفة فما بالك بالأفغان الموجودين نراهم في دُبي، نراهم..، الشعب الأفغاني يستطيع أن يقف على رجليه إذا أعطيناه البداية: الحكومة الجيدة، الاستقرار، والمساعدات الأساسية.

محمد كريشان: سيد فاضل، السيد الإبراهيمي تمنى من المجموعة الدولية ألا تنسى أفغانستان مرة أخرى مثلما فعلت، هل تعتقد بأن هذا التمني ربما يجد هذه المرة فرصته في.. في التحقق؟

سيد فضل الله فاضل: نحن أيضاً مع السفير الأخضر إبراهيمي في نتمنى أن لا ينسى المجتمع الدولي، والدول الإسلامية، والدول الصديقة الشعب الأفغاني في المرحلة القادمة، وهي مرحلة إعادة الاستقرار وإعادة البناء، وهي مرحلة هامة جداً، وإنني شخصياً متفائل لما.. كما الشعب الأفغاني كان بطلاً في مواجهة الاحتلال، وكان أيضاً حقق بطولة في اتخاذ المبادئ السلام والاستقرار بجلوسه على مائدة المفاوضات وتوقيع اتفاقية سلام، وكيف رأينا أن القادة الأفغان تنازلوا مع أنهم كانوا منتصرين، ونؤكد أن.. أن لولا مساعدة وتأييد وتأكيد العزم من الرئيس رباني والجمعية الإسلامية والقادة الأفغان ما كان لاتفاقية بون أن ترى النور. فأنا متفائل كما أن الشعب الأفغاني كان منتصراً في الحرب وفي السلام سيكون منتصراً أيضاً في مرحلة إعادة البناء، ولكن هذا يتطلب دعم الدول مع هذا الشعب في تلك المرحلة الهامة.

محمد كريشان: نعم، بهذه النبرة التفاؤلية نصل إلى نهاية هذه الحلقة والتي خصصناها لموضوع التحديات المطروحة على الإدارة الانتقالية الجديدة في أفغانستان برئاسة حامد كرزاي، حاولنا أن نسلط بعض الأضواء على التحديات سواء فيما يتعلق بالتناغم والانسجام الحكومي، أو فيما يتعلق بالجانب الأمني خاصة مع وجود قوات دولية وأميركية هناك، أو فيما يتعلق بإعادة الإعمار.

نشكر في نهاية الحلقة ضيوفنا وهم السادة: جمال خاشقجي (وهو رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز السعودية، نائب رئيس التحرير)، السيد فاضل وهو السفير الأفغاني في القاهرة، وإسلام أباد الدكتور غيرت بهير وهو (مندوب الحزب الإسلامي في باكستان)، كما شارك معنا أيضاً موفدنا إلى كابول محمد صافي.

حلقتنا القادمة يوم الخميس سنخصصها بحول الله لموضوع الأفغان العرب، مصير الأفغان العرب الآن بعدما انتهت الحرب وبعضهم تشرد، وبعضهم يحاول العودة إلى بلاده، تحية من كامل فريق البرنامج، وفي أمان الله.