أولى حروب القرن

العلاقات الأميركية الخليجية

تكررت في الآونة الأخيرة زيارة الوفود الأميركية إلى عدد من دول الخليج للتثبت من نجاح إجراءات هذه الدول في مكافحة ما تصفه واشنطن بالإرهاب. وتركز التحرك الأميركي على أنشطة الجمعيات الخيرية وبرامج التعليم وخطب المساجد. فكيف كان عمل هذه الوفود في دول الخليج؟ وكيف قوبلت هناك رسميا وشعبيا؟

مقدم الحلقة:

محمد كريشان

ضيوف الحلقة:

جمال خاشقجي: خبير سعودي في الشؤون الأفغانية
إدموند غريب: أستاذ جامعي وباحث ومحلل سياسي ومؤلف كتاب

تاريخ الحلقة:

30/01/2002

– أهداف الزيارات الأميركية لدول الخليج
– أميركا والتعاطي مع الشؤون الداخلية لدول الخليج

– مدى التجاوب الشعبي الخليجي مع بن لادن

– الوجود العسكري الأميركي في السعودية

undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في حلقة جديدة من (أولى حروب القرن) نخصصها هذه المرة للعلاقات الأميركية الخليجية ولاسيما من زاوية تعدد زيارات وفود أميركية مختلفة إلى دول الخليج للوقوف خاصة على عمل الجمعيات الخيرية وبرامج التعليم وخطب المساجد وغيرها مما تراه واشنطن مغذياً للإرهاب.

ضيوفنا في هذه الحلقة هم في الأستوديو جمال خاشقجي (وهو نائب رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز السعودية) ومن واشنطن إدموند غريب (أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية). وفي التقرير التالي يستعرض حسن إبراهيم بعض ملامح العلاقات الأميركية الخليجية.

تقرير/ حسن إبراهيم: لعل عدد الأسرى من الدول الخليجية الذين يقبعون في أقفاص جوانتنامو دليل على أن الجماهير الخليجية ليست صفاً واحداً وراء الحليف الاستراتيجي الأول الولايات المتحدة ومن مظاهر التوتر في العلاقات الخليجية الأميركية الحملة الإعلامية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، حين اتهم النواب في الكونجرس الأميركي المملكة بنظامها التعليمي ومؤسساتها الدينية بدعم الإرهاب بل وذكر البعض بأن أسامة بن لادن سعودي الأصل وأن أمواله ذات منشأ سعودي، لكن العلاقات الأميركية الخليجية شراكة من الصعب فصم عُراها، فغير النفط الخليجي الذي يعتبر شريان الحياة لآلة التصنيع الغربية هناك الموقع الاستراتيجي الخطير لدول مجلس التعاون الخليجي التي تمتد من البحر الأحمر وحتى الخليج العربي. هناك مفصليات هامة في تاريخ العلاقات الأميركية الخليجية، لعل أهمها كان اجتياح العراق للكويت عام 90 وما تلا ذلك من تحالف دولي نظمته الولايات المتحدة لإخراج العراق من الكويت بتعاون خليجي كامل تحت راية الأمم المتحدة، والمفصلية الهامة الأخرى كانت ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر واكتشاف أن معظم من هاجموا الولايات المتحدة كانوا مواطنين خليجيين أو هكذا اتهمتهم الولايات المتحدة. من مآخذ الدول الخليجية على الولايات المتحدة تعجل المسؤولين الأميركيين للتغيير الاجتماعي في دول الخليج، وكانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة (مادلين أولبرايت) تتعجل مشاركة المرأة في الحياة السياسية وتغيير النظام التعليمي، وبالطبع تحولت المطالب الأميركية بعد الحادي عشر من سبتمبر إلى حملات إعلامية واتهامات بدعم الإرهاب، ويريد المسئولون الأميركيون من الخليج تشديد الرقابة على المنظمات الخيرية والإسلاميين وأجهزة الإعلام، وذلك حتى لا يتنامى الشعور المعادي للولايات المتحدة، وما يحير كثيراً من مراقبي الشأن الخليجي هو اختلاف الخطاب الأميركي قبل وبعد الحادي عشر من سبتمبر، فبعد أن كانت الولايات المتحدة تطالب بالمزيد من الحريات السياسية والاجتماعية أضحت الآن تطالب بأشكال أكثر علمانية وعصرنة على الصعيد الاجتماعي، لكنها لم تعد تشدد كثيراً على الحريات السياسية، بل تريد سياسة العصا الغليظة في مواجهة المد الإسلامي أو القومي ما دام يعادي الوجود الأميركي.

محمد كريشان:إذن تقرير حسن إبراهيم ووضع فيه أبرز المحطات في العلاقة الأميركية الخليجية، نذكر السادة المشاهدين بإمكانية المشاركة في هذه الحلقة، نذكر من جديد بأنها تتناول موضوع العلاقات الأميركية الخليجية ولاسيما في ضوء زيارات لعدد من الوفود الأميركية في الفترة الأخيرة إلى دول الخليج، بإمكانهم المشاركة من خلال موقع (الجزيرة) على شبكة الإنترنت وتشاهدونه على الشاشة

www.aljazeera.net

أو من خلال الفاكس أيضاً، رقم الفاكس هو 4885999 ومفتاح قطر هو (00974) سيد خاشقجي التقرير تناول المحطات الرئيسية، ولكن ربما الآن ما يجري ربما ليس بمثل هذه الأهمية الكبري، ولكن أشياء قد تبدو جزئيات ولكنها هامة، أخيراً كتبت مقال أنتم شخصياً نُشر في عدد من الصحف العربية والأجنبية أهمهم (الهيرالد تريبيون) وتحدثت فيه عن زيارة لمسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية إلى السعودية، وهو مدير ملاحقة ممولي الإرهاب، وهي إدارة جديدة مثلما ذكرت في مقالك، كيف ترى هذا.. هذه الزيارة؟ وهل تراها توطئة لنوعية جديدة من التعامل مع السعودية وغيرها؟


أهداف الزيارات الأميركية لدول الخليج

جمال خاشقجي: هو يبدو لي أنه فيه عدة ملفات، بصدد الفتح مع المملكة ومع دول الخليج، ومع الدول العربية، أول ملف فُتح هو ملف الجمعيات الخيرية بالطبع الملف الثاني وهو ملف مفتوح وطبيعي أن يُفتح منذ زمن وهو ملف التعاون الأمني والمملكة لم تمانع لحظة في التعاون الأمني، لأنه مسألة طبيعية وعادية في… تجاه ما حصل في 11 سبتمبر، فأول ملف فتحوه الأميركان هو موضوع الجمعيات الخيرية، اللي لاحظته في التعامل معهم أنهم تنقصهم معلومات، الموضوع.. وأن لا يشاركون فيما عندهم من معلومات.

محمد كريشان: مشكل.. مشكل مزدوج يعني

جمال خاشقجي: مشكلة.. مشكلة مزدوجة فموضوع الجمعيات الخيرية.. الجمعيات الخيرية في المملكة العربية السعودية التي أعرفها منذ عام 92 وبدأت المملكة في عملية ضبط وربط للجمعيات، لأنه في فترة التمانينات التي.. التي هي فترة الجهاد الأفغاني انتشرت الجمعيات ونشطت جمع التبرعات في المساجد، فكانت فترة استثنائية نتيجة لظروف الجهاد الأفغاني، بعد عام 92 بدأت عملية ضبط وربط للجمعيات، فما من جديد تستطيع أن تفعله المملكة أكثر مما فعلته، ولا يوجد بحال من الأحوال، لا يستطيع الأميركي أن يثبت بأن مال سعودي ذهب لدعم تنظيم القاعدة، لأنه حتى قبل 11 سبتمبر ما كان فيه سعودي مستعد أن يدعم أسامة بن لادن، لكن الأميركي وسَّع المسألة، وجعلها تشمل عدة جمعيات، وبعض الجمعيات التي يتبرع لها السعوديين، مثلاً دار للأيتام في نابلس، هل معقول أن.. أن يمتنع السعودي عن دعم دار للأيتام في نابلس لأن تلك الدار لها علاقة بجمعية ما، حسبتها أميركا بأنها من جمعيات البنية التحتية لحماس؟ هذا لا يُعقل، ولا يعقل أيضاً أن.. أن تتحمس المملكة أو المتبرع السعودي لدعم دار للأيتام في أفغانستان، والمملكة دعمت الأفغان، لأن الأميركان راضين الأفغان اليوم، فمثل ندعم الأفغان..

محمد كريشان: مطلوب هذا مطلوب يعني..

جمال خاشقجي: وغير راضيين عن الفلسطينيين فلا ندعم الفلسطينيين، مسألة غير منطقية، الحوار بدأ مع الأميركيين سوف يستمر ولا أعتقد أنه لا.. لا ينبغي أن يكون هناك موضوع اختلاف، فهناك موضوع اتفاق وهو لابد من ضبط وربط الجمعيات الخيرية، أن تعمل في شفافية، لا نختلف في ذلك مع الأميركان ولكن يبدو لي سنختلف فيما إذا أعطونا قوائم بأن لا تدعموا هذه الجمعية أو ادعموا تلك الجمعية.

محمد كريشان: وحتى في.. في المقال الذي نشرته، ذكرت بأن الوفد التقى بعدد محدود من رجال الأعمال وهناك حديث حتى عن أن الأميركيين أعدوا قائمة لرجال أعمال ربما (مشبوهين) بين قوسين.

جمال خاشقجي: هو.. نعم، هو تسربت معلومات بأن الأميركان عندهم قوائم أخرى، وإشاعات عدة حول هذه القوائم فبالتالي لا.. لا ينبغي أن.. أن نذكر أي أسماء من هذه القوائم لأنها حتى الآن لاتزال في محل الإشاعة أو التكهنات، ولكن حالياً المملكة طلبت فيما.. فيما علمت من الأميركان أن لا يعلنوا شيء، لا يكرروا الخطأ الذي فعلوه مع رجل الأعمال السعودي ياسين قاضي فيعلنوا أسماء آخرين.

محمد كريشان: نعم، ثم يتورطوا

جمال خاشقجي: ثم يتورطوا، الأميركان هيتورطوا في النهاية، بالفعل وأيضاً يضروا ضرر هائل جداً برجل الأعمال، لأنه حتى الآن لم يظهروا أي شئ ذي بال على ياسين قاضي وأعماله أبداً أي شيء ذي بال، يستطيعوا أن يأخذوه به إلى المحكمة لا.. لم يظهروا أي شئ فبالتالي يمكن أن يكرروا هذا الشيء مع رجال أعمال آخرين، لكن أيضاً الأميركي كما سمعت من.. من أحدهم يريد أن يحفظ لنفسه الحق، أنه إذا اقتنع بأن رجل الأعمال هذا يوجد ما يدعو إلى الاشتباه به فسوف يعلنوا اسمه.

محمد كريشان: نعم دكتور إدموند غريب في.. في واشنطن هذا يعني بعض ربما من.. من كثير يتعلق بزيارات إلى السعودية، هناك زيارات إلى الكويت، بالطبع زيارات إلى قطر، زيارات إلى الإمارات، إلى البحرين، بعضها يُعلن وبعضها ربما لا يُعلن، ما جدوى مثل هذه الزيارات برأيك؟

إدموند غريب: أعتقد أن الإدارة الأميركية خاصة بعد الهجمات على نيويورك وعلى واشنطن بدأت تشعر بأن العالم قد تغير، وأن الولايات المتحدة ومصالحها الحيوية مهددة، وبالتالي فإنها تطالب بالحصول على الدعم، وعلى دعم قوي من حلفائها ومن أصدقائها في منطقة الخليج لمواجهة ما تسميه بالإرهاب على الولايات.. ضد الولايات المتحدة، وتطالب بالتعاون المطلق إلى حدٍ كبير من دول المنطقة خاصة بالنسبة للتعرف على هويات الأشخاص والأفراد الذين قدموا الدعم أو لعبوا دوراً في هذه العمليات، أو شاركوا فيها بطريقة أو أخرى، أو يقدموا الدعم لمنظمات إسلامية متشددة، أو منظمات تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية ومعادية للولايات المتحدة، كما.. وبذلك فإن التركيز هو على التعاون الأمني والتركيز على التعرف على هوية جمعيات خيرية ربما قد يكون لها علاقة بالقاعدة أو بالطالبان، والولايات المتحدة تريد أن تقول لدول المنطقة بأنها إما كما قال الرئيس بوش (إما أن تكونوا معنا في الحرب على الإرهاب، وإما أن تكونوا ضدنا، وليس هناك حل وسط).

طبعاً هذه تسبب أحياناً مشكلة، لأن هناك حساسيات كثيرة في المنطقة، وهذه الحساسيات هي التي تخلق بعض التوترات، وهذه التوترات بعضها قديم، لاشك أن العلاقات الأميركية الخليجية هي علاقات قديمة، هي علاقات معقدة، هي علاقات وثيقة إلى حدٍ كبير، فهناك تعاون اقتصادي، تنموي، تقني، وهناك تعاون أمني قديم بين الأطراف.. وخاصة بين نعم.. تفضل.


أميركا والتعاطي مع الشؤون الداخلية لدول الخليج

محمد كريشان: عفواً دكتور غريب، يعني إذا.. إذا اقتصرت الأمور على التعاون الأمني ربما أو البحث عن معلومات قد يبدو هذا ربما إلى حدٍ ما يعني مشروع، ولكن مثلاً وفد أميركي زار مؤخراً الكويت للتحقيق في علاقة جمعيات إسلامية كويتية محتملة بالإرهاب، يعني الأمر وصل إلى حد جمعية إحياء التراث الإسلامي خضعوا لنوع من المسائلة بشكل مفصل ومدقق في وزارة الخارجية الكويتية بحضور محققين أميركيين جاءوا، يعني هذا على ذمة جريدة الحياة مراسلهم في الكويت ذكر ذلك، هل ممكن أن.. أن يصل الأمر في التحري إلى.. إلى مثل هذه الحساسية في.. في التعاطي مع الشؤون الداخلية لدول الخليج؟

إدموند غريب: لاشك أن هناك كما قلت هناك مشكلة بالنسبة لطريقة التعامل أحياناً، لأن هناك طرق مختلفة بالنسبة للتعامل بين الولايات المتحدة وبين المملكة العربية السعودية مثلاً، فمن ناحية الولايات المتحدة تركز على نظراً إلى الأمور وعلى إيصال وجهة نظرها بطريقة علنية، بطريقة واضحة إلى حدٍ ما وباستخدام أحياناً القوة أو التهديد للحصول على أهدافها في العالم، بينما مثلاً من وجهة النظر الأخرى فإن السياسة السعودية تركز مثلاً على استخدام الدبلوماسية، على استخدام المال، على استخدام الاتصالات المباشرة، وبالتالي فإن هناك في نفس الوقت الذي هناك يوجد الكثير من التعاون بين الطرفين فإن هناك أحياناً خلل في طريقة فهم الآخر وفي طريقة التعامل مع الآخر من قبل الطرفين وهذا هو الأمر الذي سبب إلى حدٍ ما أيضاً في خلق الكثير من الحساسيات والخلافات، وشاهدناها منذ بدأ عملية الخُبر مثلاً، وإرسال محققين من FBI للتحقيق في تلك الأحداث عندما طالبت الإدارة الأميركية بالحصول على معلومات وبالتحقيق مع المتهمين وبطريقة مباشرة، بينما كان السعوديين أكثر تردداً في إعطائهم هذا الموضوع، لأنهم ركزوا على موضوع السيادة الداخلية وأنهم مستعدين للتعاون، ولكن هناك حدود لهذا التعاون، وأخذت هذه القضية أبعاداً إضافية في.. بعد أحداث سبتمبر، وذلك لعدة أسباب: كونها اعتقاد الأميركيين بأن عدد كبير من هؤلاء الإرهابيين هم أتوا من.. من السعودية ومن دول عربية وإسلامية أخرى، كون بن لادن مثلاً سعودي الأصل، كون.. بروز اعتقاد كان قائما منذ وصول إدارة بوش إلى السلطة، يعززه التيار اليميني الجديد بأنه هناك نوع من الفاشية الإسلامية إذا.. إذا اعتبرت، وأنه يجب التعامل مع هذه الفاشية.. الفاشية التي تهدد مصالح أميركا وتهدد إسرائيل ومصالحها في المنطقة، هناك أيضاً ما يلوح بأن هناك دعم من قوة بين.. نعم.

محمد كريشان: أنا..، عفواً.. عفواً دكتور يعني أشرت إلى، عفواً أشرت إلى موضوع التردد السعودي في التعاطي مع تحقيقات الخبر أو غيرها، إلى أي مدى نرى مع السيد (خاشقجي) أن ربما هذا أيضاً ما يطبع التعامل السعودي في التعاطي مع الوفود الأميركية، الحالية؟ يعني هل يمكن الحديث عن تجاوب سعودي، تفهم؟ كيف يمكن أن نصف رد.. رد الفعل السعودي؟

جمال خاشقجي: هو حسب ما وصف السيد (أندروكارد) كبير موظفين البيت الأبيض قبل أيام قليلة، السعودية قال، وصف المملكة بأنهم حلفاء رائعون، (…) فالمملكة، وكان هذا في سياق إشارته إلى دور المملكة في محاربة الإرهاب مع الولايات المتحدة، المملكة متفقه في موضوع محاربة الإرهاب حتى في موضوع الخُبر المملكة.. كنت متعاونة ولكن كما تفضل الدكتور غريب فيه حدود للسيادة، الأميركي له حساباته الخاصة، الأميركي لعله يريد أن يورط إيران، نحن لا نريد مثلاً أن نورط إيران قبل أن تكتمل عندنا الحقائق، لكن الأميركي مستعد أن يورط إيران حتى قبل أن تكتمل الحقائق لأنه نحن جيران إيران، الأميركان ماهم جيران، جيران الإيرانيين، نفس الشيء في التحقيقات الجارية حالياً حسبما ما سمعت الأميركان يتبادلوا المعلومات مع السعوديين، يرسلوا معلومات يتلقوا معلومات ويبدو أنهم راضيين يعين التعامل حاصل، ولكن المملكة بطبيعتها دائماً تعتز باستقلالها، يعني غير مستعدة أن تفتح جميع أبوابها، جميع أن.. لا ترضى بأن يحضر محققين من والـ F.B.I التحقيقات مع السعوديين، يعني دولة تعتز باستقلالها، منذ زمن ولن تتخلى عنه.

محمد كريشان: التحفظات الأمركية هي تتعلق بموضوع الجمعيات الخيرية، بموضوع برامج التعليم، بموضوع ما يعتبرونه غلواً في المساجد، وحثاً على الكراهية وغيرها، هل يمكن أن نعتبر بأن السعودية أكثر تفهم لبند معين على حساب بند آخر؟

جمال خاشقجي: هو شوف حتى الآن أتحدث عن الجانب الرسمي رسمياً

محمد كريشان: رسمية بالطبع

جمال خاشقجي: كما صرح الجانب السعودي والجانب الأميركي كلاهما أكدوا أن العلاقات ممتازة، السفير الأميركي صرح في الرياض: بأن الأميركان لم يقدموا أي طلب فيما يخص التعليم أو.. الحديث عن إصلاح التعليم.

محمد كريشان: ولكن مع ذلك أنشئت هيئة لمراجعة برامج التعليم في السعودية.

جمال خاشقجي: الهيئة هذه موجودة من عشر سنوات، وتجتمع منذ عشرة، أنا شخصياً حضرت اجتماع.

محمد كريشان: ربما كانت مجمدة، والآن أرحيت..

جمال خاشقجي: أبداً، الهيئة نشيطة، وهي موجودة في مجلس الشورى، لها.. لها اجتماعاتها، في لجنة في مجلس الشورى، وفي لجنة وزارة المعارف، حتى وزير المعارف كان يلتقي بأولياء الأمور.

محمد كريشان: هل.. هل أصبحت الآن أكثر تأثر بالجو العام، وباتهامات الإرهاب؟ هل أصبحت تدقق في أشياء ما كان لها أن تدقق فيها من قبل؟

جمال خاشقجي: أن أتصور طبيعي أن يحصل هذا الشيء إللي حصل في 11 سبتمبر، الرأي العام الذي لاحظناه في السعودية عند البعض، من تعاطف مع طالبان، يدعونا إلي النظر في.. في مناهجنا، ليس حباً في أميركا، وليس من أجل مصلحة أميركا، وإنما لمصلحتنا، يعني رأيي إنه التعاطف مع طالبان ضرره علينا أكثر من ضرر.. أنا لا يعنيني الأميركان بقدر ما يعنيني مصلحة.. مصلحة بلدي وأنا أعتقد أنه.. والمسؤولين في بلدي يعلموا بأن، بأنهم لا يريدوا للملكة العربية السعودية أن تكون الطالبان، نموذج يحتذى به، فإعادة النظر في المناهج التعليمية، يجب أن يكون عمل مستمر بغض النظر أكان هذا طلباً أميركيا، أم.. أم غير أميركي.

محمد كريشان: الدكتور، إدموند غريب، وقبل أن ننتقل إليه نذكر مرة أخرى السادة المشاهدين بإمكانية المشاركة سواء من خلال موقعنا على شبكة الإنترنت.

العنوان هو: www.aljazeera.net

أو من خلال الفاكس أيضاً: 4885999

ومفتاح قطر 0974، دكتور إدموند إلى أي مدى واشنطن راضية على بعض دول الخليج، وغير راضية على.. على أخرى يعني، إذا كانت السعودية تبدي بعد التجاوب ما الذي يمكن أن يفسر ما يوصف بالحملة الإعلامية ضد المملكة في بعض وسائل الإعلام الأميركية؟ هل ترى واشنطن أن مثلاً الإمارات أكثر انضباطاً من السعودية أو من قطر، الإمارات البعض يقول بأنها أخذت.. أتخذت تدابير ضاغطة جداً في موضوع الأموال، في موضوع دخول شخصيات وعدم دخولها، كيف ينظر إلى الموضوع في واشنطن؟

إدموند غريب: لا أظن المسألة هو.. هي مسألة انضباط دولة أو عدم انضباط دولة أخرى، أعتقد أن القضية لها أبعاد أخرى ولها جوانب مختلفة، ويجري التعامل مع كل دولة بطريقة مختلفة عن الدول الأخرى إلى حد كبير، فهناك علاقات، ثنائية وهناك العلاقات العامة، طبعاً هناك تعاون بالنسبة لبعض التحقيقات ولتعرف على موضوع غسيل الأموال، وهناك تعاون من عدة دول خليجية لا بل من كل الدول الخليجية مع الولايات المتحدة، وإذا استمعنا إلى المسؤولين الأميركيين، فأنهم.. نسمع بأنهم يمتدحوا العلاقة مع السعودية، ويمتدحوا التعاون الذي حصلوا عليه من السعودية، ولكن في نفس الوقت، كما تفضلت وذكرت فإننا إذا نظرنا إلى وسائل الإعلام، لو نظرنا إلى بعض تصريحات أعضاء الكونجرس، وأخير كانت مثلاً تصريح أمس، الذي به السيناتور (ليبرمان) والذي تطرق فيه، وهو من أبرز الزعماء في الديمقراطية وهو سيرشح نفسه للرئاسة وكان مرشح نائب الرئيس في الانتخابات الماضية، فأنه مركز على أن العلاقة مع السعودية هي علاقة قلقه، وذكر بأنه السعودية هي المسألة، ما هو مطلوب من السعودية، ليس فقط إلقاء القبض على المتهمين، بل كما تفضلت وذكرت متابعة ما يجري في عملية التربية، في عملية المساجد والتي قال بأنها تدعو إلى الكراهية، وقال بأنه يريد تعاوناً أكبر مع الولايات المتحدة في هذا المجال، ولكن أهم من ذلك برأيي وأعتقد أن هذا قد يكون أحد الأسباب الرئيسية هو أن هناك رؤى جديدة داخل الولايات المتحدة، داخل المؤسسة الأميركية، تنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة،.. عما كان ينظر إليها في السابق، ففي السابق كانت توجد هناك قوة داخل، مثلاً داخل الحزب الجمهوري، قوة مثلاً من الجمهوريين الذين يسمون بالجمهوريين الليبراليين، ففي الآونة الأخيرة برز تيار اليمين الجديد داخل الحزب الجمهوري، وهو هذا التيار الذي يلعب دوراً مؤثراً في وزارات مهمة، داخل البيت الأبيض وفي وزارة الدفاع، ويريد أن يؤثر على العلاقات العربية الأميركية إجمالاً، وعلى العلاقات السعودية الأميركية فالسعودية من وجهة نظر هذا التيار هي دولة مهمة جداً وهي أقوى أو من أقوى الدول العربية، ومن أقوي، أقوي حليفاً للولايات المتحدة في المنطقة، ولذلك فإن من المهم.. وهذه الدولة قد يكون لديها تأثير على السياسة الأميركية بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي، ولذلك فإن هذه الحملة تستغل الآن بسبب أحداث سبتمبر للضغط على السعودية لتغير سياساتها ليس فقط بالنسبة لما يجري على أرضها، أو بالنسبة لدعمها لمنظمات خيرية وغير ذلك، بل بالنسبة لدورها للصراع العربي الإسرائيلي.

محمد كريشان: نعم، سنعود إلى الموضوع هذا و خاصة لتساؤل إلى مدى الأمور أيضاً مرتبطة بالوضع الفلسطيني أي ربما كل ما زاد دعم المملكة للانتفاضة الفلسطينية أو القيادة الفلسطينية، ربما يقع تحريك أكثر لهذه المسائل إلى مدى هذا التحليل صحيح أم لا؟

[فاصل إعلاني]


مدى التجاوب الشعبي الخليجي مع بن لادن

محمد كريشان: وهذا السؤال للأخ جمال خاشقجي، من حسن محمد علي وهو رجل أعمال يقول الحقيقة مناقضة للواقع لأن السعوديين دعموا بن لادن قبل الأحداث ومازالوا يدعمونه وأكبر دليل 95% من السعوديين يأيدون الشيخ أسامة ولكن يجب على قادتنا الجرئة في الطرح، يعني على.. بمناسبة هذا السؤال، والنسبة الأمير نواف بن عبد العزيز (رئيس الاستخبارات العامة السعودية) أشار إلى أن الاستخبارات أجرت إستفتاءاً من هذا النوع، لمعرفة مدى تجاوب الرأي العام السعودي مع بن لادن، بالطبع لم يعطي أرقام، ولكن هل تعتقد بأن الحديث عن مثل هذا النسب، ربما يعقد تجاوب السعودية وغيرها مع مطالب أميركية ملحة؟

جمال خاشقجي: التعاطف مع أطروحات بن لادن لم يقتصر على السعوديين فقط إنما كان في الشارع العربي والإسلامي وأفضل تعبير عما حصل هو مقولة أن المسلمين العرب أعجبهم ما يقول بن لادن، ولم يعجبهم ما فعل بن لادن، فكن.. تجد في كل المجالس يعجبهم تذكير بن لادن بأننا نحن العرب غاضبون، نحن المسلمين غاضبين، وأننا نريد الحرية للفلسطينيين، ولكن لو تسألهم عم حصل في 11 سبتمبر يحاولوا أن يبرئوا بن لادن مما حصل، وبالتالي هو أعجبهم طرحه، أعجبهم دعوته للأقتصاص من أميركا ولم يعجبهم أن ينسب العمل إليه، فهذه المسألة لا تخص السعوديين فقط، لكن اسمح لي فقط، أن أعود إلى ما ذكره الدكتور إدموند غريب فيما يخص (جوزيف ليبرمان) لماذا أعضاء الكونجرس الذين ركزوا على انتقاد السعودية هما (جوزيف ليبرمان)، (تام لا تش) (كارلفين)، هم.. لو نظرنا فيما يجمع هؤلاء، هم جميعاً يهود، وليسوا يهود عاديين بل إنما أشد اليهود المتعصبين والمتعاطفين مع إسرائيل، هؤلاء يريدوا أن يخطفوا الرأي العام الأميركي من الحقيقة التي واجهت الأميركان في أول الحدث عندما ظهر آلاف المجالات ويقول لماذا يكرهنا المسلمين؟ وكان الحديث عن قضية فلسطين والشرق الأوسط، هم لا يريدوا أن يتجه الرأي العام الأميركي والسياسي وصاحب القرار الأميركي.. لأقتناع بأن ما حصل في 11 سبتمبر هو نتيجة للتعاطف والتأييد الأميركي الأعمي لإسرائيل، فيبحثوا عن عذراً أخر ويجدوه في مناهج التعليم في المملكة العربية السعودية، طبعاً الكلام هذا لا أعتقد أن نستفيض فيه، لأنه عُلق عليه كثير مراراً وتكراراً، ولكن أنا في رأيي أنه هذا هو هدف هذه المجموعات من صحفيين متعاطفين مع إسرائيل، ومن رجال الكونجرس يريدوا أن يوجهوا اللوم للسعودية حتى لا يتجه اللوم إلى تعاطف أميركي مع إسرائيل.

محمد كريشان: نحمل هذا التساؤل، للدكتور إدموند غريب، ونضيف عليه تساؤل أخر، من أشرف عمر أحمد من السودان يقول إذا قامت الولايات المتحدة بتجميد المساعدات الخيرية، ووافقنا على ذلك، هل من حقنا أن نضع شروطاً، مثل منع اليهود من مساعدة إسرائيل، ومنع المسيحيين من دعم الكنائس، والصليب الأحمر وغيرها من ذلك؟ وشكراً، اتفضل الدكتور غريب.

إدموند غريب: أعتقد أولاً أنه بالنسبة للسعودية، والعلاقة السعودية الأميركية، لاشك إن هذا الجانب هو جانب –الذي أشرنا إليه- هو جانب رئيسي وأهمية السعودية وخاصة في المرحلة الأخيرة، حيث أن السعودية، بدأت تنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة، إلى حد ما عما كانت تنظر إليه في السابق بالنسبة مثلاً للعلاقة، مع الولايات المتحدة حول الوضع في الأراضي المحتلة. وحول الوضع الفلسطيني، وقد سمعنا جميعاً حول الرسالة التي وجهها نائب ولي، عفواً، ولي العهد السعودي الأمير عبد الله إلى الرئيس بوش بأنه يجب إعادة النظر في العلاقات بالنسبة لما يجري على الأرض في الساحة الفلسطينية وطالب الولايات المتحدة بتبني موقفاً أكثر توازناً ولعب دور أكثر نشاطاً، للتواصل، لرفع الضيم أو لرفع الظلم عن الفلسطينيين وربما هذا ما عبر عنه بوضوح وقوة، في مقابلته الأخيرة التي أعطاها لصحفيتي الواشنطن بوست، والنيويورك تايمز، عندما أشار إلى أنه ما يجري على الساحة الفلسطينية، عندما ننظر مثلاً عندما يتم إطلاق النار على الأطفال، عندما تقتلع الأشجار، عندما تولد نساء حوامل على نقاط التفتيش عندما تدمر البيوت، أليس هذا ظلماً ولا يجب على الولايات المتحدة أن تقوم وتعمل بكل ما بوسعها، وتسمع لضميرها لرفع هذا الظلم، وتنهي الإذلال الذي يجري.. يواجهه الفلسطينيون إذن هذه هي من إحدى القضايا الأساسية، وقد سمعنا بعد مباشرة في اليوم التالي بعد نشر المقابلة في صحيفة الواشنطن بورس، كتب أحد المحللين انتقاداً لتصريحات السعودية وقال: إن ما فعله الأمير عبد الله هو مثل صب الزيت على النار، إذن هناك مشكلة تتعلق الرؤى المختلفة، النظرة العقائدية، والنظرة الفلسفية والنظرة السياسية لما يجري على الأرض وما هي العوامل التي تؤثر على تفكير الطرفين؟ الطرف السعودي الذي يهتم كثيراً بما يجري في الشارع السعودي، بما يجري في الساحة العربية بما يجري في الساحة الإسلامية وبالرأي العام إلى حد كبير وخاصة أن هناك اعتقاد بأن الولايات المتحدة تقف وراء إسرائيل ووراء السياسة الإسرائيلية وهناك في الولايات المتحدة نظرة مختلفة ترى أن المشكلة الآن هي مشكلة الإرهاب، ويجب اجتثاث هذا الإرهاب من جذوره ويجب اعتماد كل السبل وكل الوسائل الممكنة لاجتثاث وأن القضايا الأخرى لا يمكن أخذها بنفس الأهمية، أو بنفس الأولوية وعين اعتبار، طبعاً بالنسبة للسؤال المتعلق بموضوع دعم المنظمات الخيرية، لاشك أن هذا موضوع.. سؤال وجيه، ولكن يجب أيضاً التفريق ولاشك أن هناك كنائس مثلاً.. تقدم الكثير من الدعم للفلسطينيين تقدم الدعم وهي أيضاً تدعم حقوق الفلسطينيين، في نفس الوقت الذي توجد فيه كنائس اليمين المسيحي التي تدعم تيارات متشددة في المنطقة ولها وجهة نظر مختلفة ويجب التفريق بين الأثنين.

محمد كريشان: سيد خاشقجي نريد أن نعرف هل يمكن أن يوجد في دول الخليج العربية تيار سواءً كان رسمياً أم شعبياً يمكن أن يبدي أكثر تجاوب مع المطالب الأميركية؟ يعني مثلاً السيد عبد الحميد الأنصاري وهو عميد لكلية الشريعة هنا في قطر أدلى بمقابلة شهيرة لصحيفة الراية القطرية أبدى فيه تفهُّماً كاملاً تقريباً للمطالب الأميركية لمراجعة البرامج التعليمية، لمسألة المساجد، هناك أيضاً بعض الشخصيات الكويتية من.. من العائلة الحاكمة في تصريحات أبدت تعاطفاً كاملاً مع المطالب الأميركية حتى بعض المشاركات، يعني مثلاً موسى علي مهدي –طالب من السعودية- يصل إلى حد غريب يعني تقريباً، يقول: أنقذونا يا أميركا من حكومة آل سعود، يعني هل هناك تيار في المنطقة متجاوب مع الأميركان ومع مطالبهم وربما الحكومات لا تُبدي نفس التجاوب؟

جمال خاشقجي: لا، أرجو ألا يكون تيار بهذا الشكل، لأنه التيار الذي يُعطي.. للأميركان كل الدنية –إذا صح التعبير- الأميركي سوف يتدخل في مسائل لايعرفها ولاينبغي أن يتدخل فيها، نعم، نحن عندنا مشاكلنا في مناهج التعليم، في نظامنا الإداري، في كذا، وهذه نصلحها بأنفسنا، نصلحها لحاجتنا نحنا وليس لما يفهمه الأميركي، الأميركي سوف ينقل لنا مطالب الإسرائيليين، ليس مطالبه هو، سوف ينقل لنا مطالب الإسرائيليين، وهذا الذي.. وهذه النقطة التي سوف نختلف فيها مع الأميركان، يعني سمو الأمير عبد الله عندما تحدث للواشنطن بوست والنيويورك تايمز، أثني على العلاقات السعودية الأميركية، ولكن في الوقت نفسه أكد إلى أنه قضية فلسطين هي القضية التي سوف تختلف معها المملكة السعودية مع الأميركان بقوة، لأنه لا يمكن أن نلتقي معهم في هذا الشأن، يعني كما ذكرت.

محمد كريشان: قال يصعب الدفاع عنهم..

جمال خاشقجي: نعم، يصعب الدفاع عن الموقف الأميركي في هذا الموضوع، أما عندما يأتي الأميركي ويقول إنه يريد شفافية في التعاون في الجمعيات الخيرية، أنا أريد هذا الشيء قبله، يعني السعودي يريد هذا الشيء قبل الأميركي، مناهج تعليمية أفضل السعودي يريد هذا الشيء قبل الأميركي، لا نحتاج الأميركي أن يخبرنا بما نريد من.. من إصلاحات، ولكن أيضاً لانريد الأميركي أن يأتي ويفرض علينا الرؤية الصهيونية في التدريس في المناهج في التعامل، حتى زي ما ذكرت لك أنه.. أنهم يريدوا أن يحددوا جميعات بعينها ندعمها وأخرى لا ندعمها، هذا قرارنا نحنا.

محمد كريشان: ولكن لماذا التركيز على السعودية، يعني من يتابع الأمور يظن أن قطر سمن على عسل مع الولايات المتحدة، وكذلك البحرين، وكذلك الإمارات، وكذلك عمان، المشكل فقط في.. في السعودية.

جمال خاشقجي: لا.. أنا أعتقد..

محمد كريشان: يعني هل.. هل من تفسير لذلك؟

جمال خاشقجي: على الجميع ألا يطمئن، ولا نعرف.. يعني الرئيس (بوش) قال اليوم أن الحرب ضد الإرهاب قد بدأت، ولازال هنالك المزيد، فلا نعرف النوايا الأميركية، ولا نعرف ما في جعبة الإسرائيليين، الإسرائيليين يعدوا ملفات، ويطرحوها للأميركان، ويتلقوها الأميركان بشكل أو بآخر، الأميركان بيضربوا خط عشواء، إذا نظرنا على الساحة، مثلاً جميعاً إحياء التراث في الكويت هي جمعية سلفية، فنقول: إنه مثلاً السلف ضُربوا، لكن في الجهة الأخرى نجد يوسف ندا محسوب على الإخوان ضُرب في سويسرا، فالإخوان ضُربوا أيضاً، نجد حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، نجد حزب الله الشيعة في لبنان، فأميركا تضرب خط عشواء لا تركز على السعودية لوحدها، وإنما تركز، أو إنما فردت الخريطة أمامها وأخذت تُعيِّن، ولو لاحظنا النسق الذي يسري هو نسق إسرائيلي، يعني لم يقول الرئيس (بوش) بأن إيران والعراق تهدد الأمن القومي الأميركي، أين الأمن القومي الأميركي فيما يخص الإيران والعراق؟ ما الذي تستطيع إيران أن تفعله لتهدد الأمن القومي الأميركي؟ إلا إذا اتسع الأمن القومي الأميركي ليشمل إسرائيل، فحينئذٍ الله يعيننا جميعاً، لأنه حتى المملكة العربية السعودية تهدد الأمن القومي الأميركي إذاً.

محمد كريشان: نعم، دكتور إدموند غريب، يعني هل تشاطر هذا التحليل بأن هناك خبط عشواء، وفي نفس الوقت هناك جهل ربما مع ضبط الإيقاع الأميركي على الإيقاع الإسرائيلي كما كان الشأن دائماً؟

د. إدموند غريب: أعتقد أن هناك رؤيتين مختلفتين داخل الولايات المتحدة، وحتى داخل المؤسسة الأميركية نفسها، ولكن الرؤية الجديدة التي ترى بأن الخطر الأساسي الذي يواجه الولايات المتحدة الآن وخاصة بعد أحداث سبتمبر، ولا يمكن التقليل من أهمية هذه الأحداث على العقلية الأميركية، على الشعب الأميركي، وعلى السياسيين الأميركيين الذين شعروا بأنهم ضُربوا في الصميم، وبالتالي يجب عليهم الرد.. تم تحديهم ويجب أن يتم الرد على التحدي، وهذا الرد على هذا التحدي من وجهة نظر التيارات السائدة الآن والتي كانت تميل إلى بروز الرأي القائل بأن الولايات المتحدة الآن قد ربحت الحرب الباردة ويجب أن تستفيد من هذا الربح وأن تستمر في قيادة العالم، وأن عليها مسؤولية معينة عالمية لا، بل أنها حتى كما سمعنا الرئيس (بوش) يقول أمس: إن الولايات المتحدة دُعيت للعب هذا الدور في العالم، وبالتالي فأنه يجب التركيز على الإرهاب وهو الخطر الأساسي، طبعاً هناك الرأي الآخر الذي يذهب إلى الأعماق أكثر إلى حدٍ ما، ويقول: يجب أن نفهم ما هي الأسباب التي تدعو إلى معاداتنا؟ ما هي الأسباب التي تدعو بعض الأطراف الضعيفة لاستخدام الإرهاب ضد الولايات المتحدة؟ بعض الأشخاص الذين يقولون إن الولايات المتحدة يجب ألا تكون إمبراطورية، بل إن الولايات المتحدة ربحت الحرب الباردة ودفعت ثمناً باهظاً لربح هذه الحرب، ولذلك يجب أن نركز على الأمور الداخلية، ولكن هذا الرأي هو رأي ضعيف، وفي الآونة الأخيرة وبسبب.. تلعب القوة المؤيدة لإسرائيل أيضاً دورها، وليس فقط اليمين الجديد، بل حلفاء إسرائيل يلعبون دورهم في وسائل الإعلام، ويريدون أن يؤثروا على السياسة الأميركية وعلى صانع القرار بأن الخطر، بأنه لا يوجد تفريق بين الإرهاب، بأن ما يفعله الفلسطينيون هو إرهاب، وبأن الخطر على إسرائيل هو أيضاً خطر علي أميركا، هو خطر على الحضارة العالمية، ويجب مواجهة هذا الخطر بنفس الطريقة، وإلى حدٍ ما بدأنا نرى نوع من التطابق في الرؤيتين.

محمد كريشان: ولكن دكتور، يعني هل هناك خشية من أن التدخل الأميركي وأحياناً فيه بعض الفجاجة في مسائل تتعلق بالتعليم خطب المساجد وغيرها، مثل ما قال السيد خاشفجي هناك حاجة للإصلاح ولكن ليس بأجندة أميركية، وليس برؤية أميركية، هل يُخشى من أن يأتي هذا التدخل بعكس ما تريده الولايات المتحدة، وبالتالي قد يُغذي نوازع البعض المعادية لأميركا أكثر من التجاوب معها ؟

إدموند غريب: بدأنا نرى بعض الأصوات داخل.. في وسائل الإعلام الأميركية التي تقول بأن الطريقة.. بأن السعودية مثلاً هي حليف مهم للولايات المتحدة، ويجب استمرار التعاون معه، وأن الطريقة التي يتم التعامل فيها هي ربما قد تكون طريقة خاطئة ويجب إعادة النظر فيها، ويرى البعض أيضاً بأنه يجب على الولايات.. الولايات المتحدة أيضاً أن تُعيد النظر في سياساتها بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي وتلعب دوراً أكثر نشاطاً وأكثر فاعلية في اكتشاف جذور المشكلة، وتبنِّي موقف أكثر توازناً على الرغم من أن الولايات المتحدة إلى حد كبير تضع في أولويات سياستها الخارجية حماية أمن إسرائيل في المنطقة والحفاظ عليها، وهذه قد تكون هي المشكلة إلى حدٍ كبير في السياسة الأميركية، لأنه يوجد خلل، ففي نفس الوقت الذي ترى الولايات المتحدة أن لها مصالح قوية مع دول الخليج وفي العالم العربي، مصالح تجارية، مصالح تقنية، مصالح أمنية، فإنها في نفس الوقت تريد أن تحافظ على أمن إسرائيل حسب ما ترى إسرائيل، وتريد أن تحافظ على التفوق الإستراتيجي والنوعي الإسرائيلي، وتدعم السياسات الإسرائيلية وخاصة في الآونة الأخيرة، سياسات (شارون) المتشددة تجاه الفلسطينيين.


الوجود العسكري الأميركي في السعودية

محمد كريشان: نعم، سيد جمال، هل من الصدفة مثلاً أن تُثار قضية حمل المجندات الأميركيات للعباءة أم عدم حملها؟ قضية الوجود الأميركي العسكري في السعودية وإمكانية إعادة انتشاره أو رحيله، هل من الصدفة أن تُثار في.. في هذا التوقيت الآن؟

جمال خاشقجي: لا هو لو نلاحظ من.. أول من أثارها هو مرة أخرى سيناتور أميركي يهودي متعاطف مع إسرائيل (كارل ليفين) القضية موجودة حتى من قبل، والسيد (أندرو كار) رئيس موظفي البيت الأبيض. ذكر إنه السعوديين طلبوا تخفيف الوجود الأميركي في.. في السعودية، السعوديين رفضوا السماح للأميركان باستخدام قاذفات القنابل الموجودة ضد أفغانستان، فالأميركان أعادوا النظر وقالوا: إذا كنا لا نستطيع أن نستخدم هذه القاعدة بالشكل الذي نشتهي ونريد فما دواعي بقاؤها؟ المسألة الآن هي قيد النظر مابين البلدين فيما يبدو، وهي.. مسألة طبيعية، يعني عندك دول صديقة لأميركا.. وغير مستريحة لوجود قوات فيها أسبانيا أو بريطانيا نفسها تُوجد قوة معارضة للوجود الأميركي في بريطانيا فما بالك بدولة عربية مسلمة وتعتز باستقلالها كالمملكة العربية السعودية.

محمد كريشان: خاصة عندما يأتي مثلاً (كولن باول) ويقول: ليس.. لا الآن ولن، لا ولن يعني موضوع.. موضوع خروج القوات الأميركية.

جمال خاشفجي: لا أبداً لا يمكن.. لا يمكن أن نرى هذا الشيء، أسوأ شيء قيل في حق هذه القوات هو قول البعض بأن هذه القوات تحمي المملكة العربية السعودية، هذه فيها إساءة كبيرة في حق المملكة العربية السعودية، لأنه المملكة العربية السعودية دولة كقارة لا يمكن أن يحميها ألفين جندي أميركي من.. والألفين الآخرين فنيين أميركان، كل اللي موجودين في القاعدة هذه حوالي مائتين طائرة أميركية، 6 طائرات (تورنادو) بريطانية عدد محدود من الطائرات تقوم بمهمة محدودة هي مراقبة مناطق الحظر الجوي في جنوب العراق، مثل أختها الموجودة في إنجلِّك في تركيا لتراقب المنطقة الموازية في شمال العراق، هذه القوات تقوم بمهمة محدودة إذا انتفت هذه المهمة تذهب في سبيلها، هي أيضاً صورة للعلاقات الجيدة بين البلدين، ولكن أيضاً هذه العلاقات في محل إعادة النظر حالياً.. بين الطرفين أنفسهم.

محمد كريشان: نعم، دكتور إدموند غريب في نهاية البرنامج هل تعتقد بأن موضوع الوجود العسكري الأميركي في السعودية أو في الخليج بشكل عام قد يزداد طرحه حدة، ارتباطاً بهذه الاستحقاقات المطلوبة من دول الخليج في التعليم وغيرها؟

إدموند غريب: لأ، أظن إن هذا الموضوع كما أشار الأستاذ جمال قد بدأ قبل فترة وأنه جلب الكثير من الإحراج وخاصة لبعض دول المنطقة وخاصة للسعودية، ولذلك نرى بأن هناك الآن طلب من الطرفين، بل أن بعض الأصوات الأميركية تقول أن هناك مصلحة للولايات المتحدة نفسها لكي لا يكون لديها وجود ظاهر بهذا العيان وقد ربما قد يكون من الأفضل لها أن يكون هذا الوجود في.. في الأفق، وبدأنا نرى نوع من الحديث من بعض المسؤولين الأميركيين عن ما تحدث عن (أندرو كار) مساعد الرئيس (بوش) بأنه يجب ربما تخفيف وطأة القدم أو بالأحرى آثار القدم الأميركية في المنطقة وبأنهم قد.. لا.. لا تكن حاجة هناك لوجود هذا.. مثل هذا العدد في المملكة السعودية، في.. في نفس الوقت الذي يتفق فيه الطرفان على استمرار وأهمية التعاون الأمني بين البلدين.

محمد كريشان: سيد جمال خاشقجي، هل تعتقد بأن هذه الملفات ستزداد.. سيزداد الضجيج حولها. الجمعيات الخيرية والتعليم في الفترة المقبلة أم تعتقد ربما قد تهدأ الأمور بالاتصالات البعيدة عن الأدوار؟

جمال خاشقجي: أعتقد لأ، لن تهدأ الأمور فيه ملفات عدة، الأميركان في قوة ضاغطة في داخل واشنطن على الإدارة الأميركية فتح مزيد من الملفات، قضية فلسطين قضية ضاغطة علينا وعليهم أيضاً، فبالتالي علينا ألا نطمئن، هذه القوة سوف تفتح مزيد من الملفات ويجب أن نكون مستعدين لها.

محمد كريشان: ولكن إذا هدأت الأمور على الصعيد الفلسطيني ربما تهدأ على هذا الصعيد؟

جمال خاشقجي: من يتوقع أن تهدأ الأمور على الصعيد الفلسطيني، لأ، لا يتوقع هذا أن يحصل في القريب العاجل.

محمد كريشان: نعم، نشكر ضيفنا سيد جمال خاشقجي (نائب رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز السعودية).

ونشكر من واشنطن ضيفنا إدموند غريب (أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية).

في نهاية البرنامج نشكر فريق البرنامج في الإعداد أحمد الشولي وحسن إبراهيم، وفي الإخراج فريد الجابري.

نذكّر مرة أخرى بأن برنامج (أولى حروب القرن) يأتيكم كل اثنين، وكل أربعاء، وكل جمعة، الاثنين والأربعاء من الدوحة في تمام الخامسة وعشر دقائق بتوقيت غرينتش، 8:10 بتوقيت مكة المكرمة.

ويوم الجمعة يأتيكم مع الزميل حافظ الميرازي من واشنطن، تحية طيبة، وفي أمان الله.