أولى حروب القرن

انتشار القوات الدولية في أفغانستان والقصف الأميركي

هل ينجح انتشار القوات الدولية في أفغانستان في إعادة الأمن للبلاد بعد عقود من عدم الاستقرار؟ وهل يقبل الأفغان بهذه القوات في الوقت الذي يستمر فيه القصف الأميركي؟ وهل يتأثر أداء الحكومة الجديدة بتلك التطورات؟
مقدم الحلقة: محمد كريشان
ضيوف الحلقة: د. قاسم جعفر: باحث بالقضايا الإستراتيجية
جيرالد راسل: ناطق باسم الحكومة البريطانية
نعمة الله جليلي: مسؤول المخابرات في وزارة الداخلية الأفغانية
تاريخ الحلقة: 07/01/2002

– تأثير الغارات الأميركية على وحدة حكومة كرزاي
– دور كل من القوات الأميركية والقوات الدولية في أفغانستان

undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في حلقة جديدة من (أولى حروب القرن)، نخصصها هذه المرة لاستمرار الضربات الأميركية في أفغانستان وانعكاسات ذلك على حكومة كرزاي خاصة مع تمركز القوات الدولية في البلاد.

ضيوفنا في هذه الحلقة هم: من لندن جيرالد راسل (الناطق باسم الحكومة البريطانية)، والدكتور قاسم محمد جعفر (الباحث في القضايا الاستراتيجية)، ومعنا كذلك من العاصمة الأفغانية كابل نعمة الله جليلي.. الجنرال نعمة الله جليل (رئيس استخبارات وزارة الداخلية الأفغانية).

وفي بداية هذه الحلقة نتابع هذا التقرير لحسن إبراهيم.

تقرير/ حسن إبراهيم: القصف الأميركي مازال مستمراً على أفغانستان، وللقصف ضحايا، هذا ما لا تستطيع حتى الولايات المتحدة إنكاره، لكن يقول الأميركيون: إن القرى التي قصفت كانت تؤوي مقاتلين من طالبان أو القاعدة، وفي بعض الأحيان عندما يصبح عدد الضحايا أكثر مما يمكن أن يحتمله حتى حلفاء الولايات المتحدة تكون الحجة أن القرى كانت مخابيء محتملة لأسامة بن لادن أو للملا محمد عمر، الذي تقول حكومة حامد كرزاي المؤقتة إنها تضييق الخناق عليه. وكانت الأمم المتحدة قد احتجت رسمياً على القصف العشوائي للقرى الأفغانية، وقالت إن أكثر من ثلاثين قروياً معظمهم من النساء والأطفال قتلوا بعد قصف الطائرات الأميركية.

حكومة كرزاي الانتقالية في مأزق حقيقي، فهي تعلم أنها مدينة للولايات المتحدة بوجودها، وأنه لولا أحداث الحادي عشر من سبتمبر لما استطاعت قواتها هزيمة حركة طالبان، لكن الامتنان لا يعفي من استحقاقات مرحلة تهيئة المجتمع الأفغاني لعقد مجلس الشورى الأفغاني الموسع "اللويا جرجا"، فقبل عقد المجلس يجب أن يستتب الأمن في البلاد لحدٍ مقبول، وأن يأتي زعماء العشائر المختلفة بدون ضغائن حادة قد تفجر الأوضاع في المستقبل.

الأسرة الدولية لم تشأ ترك كرزاي وحكومته لإدارة الأوضاع بأنفسهم، بل أصرت على وجود قوات دولية بقيادة بريطانيا لحفظ الأمن في العاصمة الأفغانية كابول، وهو أمر فيه الكثير من الإحراج لبلد يتميز سكانه بالاستقلالية الشديدة وكراهية الأجنبي، خاصة إذا كان من أتابع ديانة أخرى. ولم يتم الاتفاق بعد على كيفية انتشار هذه القوات في العاصمة كابول دع عنك أفغانستان كلها، إلا أنه لو تطور الأمر من حفظ السلام في المدن وتأمين توزيع الإغاثة الدولية ومحاولة وقف العمليات الانتقامية، وتطور الأمر إلى محاولة إعادة ترتيب البيت الأفغاني فإن ردود الأفعال الشعبية قد تكون عنيفة للغاية. ولا شك في أن تواصل القصف الأميركي وتواجد القوات الدولية يزيدان من حرج حكومة كرزاي، ويفقدانها هيبة هي في أمس الحاجة إليها.

محمد كريشان: تقرير حسن إبراهيم في بداية هذه الحلقة التي نخصصها لاستمرار الغارات الأميركية في أفغانستان وانعكاسات ذلك على الوضع الداخلي خاصة مع تمركز قوات دولية في البلاد.

تأثير الغارات الأميركية على وحدة حكومة كرزاي

نبدأ بالجنرال نعمة الله جليلي (رئيس استخبارات وزارة الداخلية الأفغانية) جنرال جليلي، كيف ترى انعكاسات استمرار الغارات الأميركية على وحدة وانسجام حكومة كرزاي؟

جنرال جيلي: هل.. هل.. هل تسمعني؟

يبدو أنه هناك إشكالاً في الاتصال بأفغانستان، لنبدأ إذاً من لندن في انتظار معالجة هذا الإشكال مع كابول، لأ، في لندن ليس هناك جنرال، دكتور قاسم جعفر، كيف ترى استمرار الغارات في أفغانستان مع أن واشنطن تؤكد بأن أغلب الأهداف تقريباً يعني تم القضاء عليها، لم تبق سوى فلول قليلة؟

د. قاس جعفر: يعني الواضح أن الحرب في أفغانستان لم تنته بعد، لم تتمكن الولايات المتحدة، وهي لم تقل ذلك، نفسها لم تقل أنها حققت جميع أهدافها، وبانتظار أن يتم تحقيق هذه الأهداف من الواضح أن واشنطن قررت المضي قدماً في تنفيذ استراتيجيتها العسكرية، متمثلة في عمليات القصف الجوي من جهة، وفي استمرار عمليات القوات الخاصة والمطاردة التي تنفذها وحدات من المشاة البحرية والمارينز والقوات الخاصة التي لا نسمع الكثير عن عملياتها، والسبب في ذلك بسيط، يعني صحيح أن العمليات العسكرية في أفغانستان تمت حتى الآن بشكل أفضل ربما مما كانت واشنطن تتوقعه، سقط نظام طالبان، تمكنت القوة العسكرية الأميركية من القضاء –إلى حد بعيد- على البنية التحتية العسكرية من قواعد، ومعسكرات تدريب، ومخازن ذخيرة، وأسلحة، وغير ذلك، لتنظيم القاعدة، قيادات طالبان يعني تفر من مكان إلى آخر، وينطبق الأمر نفسه على قيادات القاعدة. وفي المقابل على المستوى السياسي تمكنت واشنطن من –يعني- رؤية حكومة أفغانية تعتبر ربما أكثر من مجرد حليفة لها، حكومة أكثر من حليفة، تتمثل في قوات أو بالأحرى في أطراف التحالف الشمالي وغيرها من أطراف حليفة للسياسة الأميركية، وطبعاً رئيس هذه الحكومة حامد كرزاي يعتبر أيضاً من الحلفاء الموثوق بهم من جانب الولايات المتحدة. فمن هذا.. من هذه الوجهة يعتبر الإنجاز الأميركي غير قيل بالنسبة للاستراتيجية الأميركية في أفغانستان، ولكن في المقابل لم تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق الهدف الأساسي وهو: إما قتل أو إلقاء القبض على أسامة بن لادن، وبالتالي هدف آخر هو إما قتل أو إلقاء القبض على الملا محمد عمر، وهناك أيضاً حسبما تفيد المعلومات الكثير من الفولول التابعة لتنظيم القاعدة، وربما أيضاً تجمعات لبعض بقايا مقاتلي طالبان ممن يحتفظون بأسلحتهم وبقواعدهم، ولا تريد الولايات المتحدة –كما يبدو حتى الآن- المجازفة بالإبقاء على هؤلاء، وكأنهم قنبلة موقوتة تستعد للانفجار في مرحلة لاحقة، ولذلك أعتقد أن العمليات العسكرية الأميركية ستستمر على الأقل إلى أن يتم تحقيق واحد من هذين الهدفين أو ربما الاثنين معاً.

محمد كريشان: وبرأيك دكتور ستستمر رغم ما سببته من حرج لحكومة كرزاي واختلاف الآراء في مدى التنسيق، أو عدم التنسيق، أو العلم، أو مدى عدم العلم مع هذه الحكومة بما يجري حقيقة؟

قاسم جعفر: يعني فلنكن صريحين يا أخ محمد، يعني حكومة كرضائي وضعت هناك من جانب الولايات كحليفة للولايات المتحدة، ولكن أيضاً من أجل أن تقوم بما يطلب منها على صعيد إعادة ترتيب الوضع الأفغاني بما يتلاءم مع الاستراتيجية الأميركية ومع الاستراتيجية الغربية، ولا أعتقد أن أحداً يمكن أن ينفي ذلك بما في ذلك الحكومة الأفغانية نفسها، فعندما نتحدث عن تنسيق بين الحكومة الأفغانية وبين الولايات المتحدة أو غيرها من الدول الحليفة، أعتقد أن هذا التنسيق يبقى من باب –يعني- رفع العتب، ومن باب أداء الواجب، ومن باب إظهار هذه الحكومة وكأنها يعني قادرة على التحكم بالأمور، أعتقد أن المهمة الأساسية لهذه الحكومة ستكون في المرحلة القادمة وفي المستقبل المنظور على الأقل إعادة ترتيب البيت الأفغاني، وإعادة بناء ما تهدم، وإعادة ترتيب البنية التحتية، والاعتماد على المساعدات التي نراها تأتي من بريطانيا، أو فرنسا، أو الولايات المتحدة، أو غيرها من الدول، لتأهيل المنشآت، والمطارات، والطرق، والجسور، وغير ذلك. فأما أن تكون لهذه الحكومة يعني قدرة تأثيرية على مجريات الحرب وعلى مجريات الوضع العسكري والاستراتيجية فأنا أشك بذلك كثيراً، لأن التنسيق هنا ينطبق على يعني أكثر مما هو تنسيق عسكري فعلي، هو في الواقع نوع من التوافق الضمني على ما يجب أن يحدث وما يمكن أن يحدث.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: الآن نتصل بكابول ومعنا الجنرال نعمة الله جليلي، وهو (رئيس استخبارات وزارة الداخلية الأفغانية). جنرال جليلي، كيف تتابع حكومة كرزاي استمرار الغارات الأميركية في أفغانستان؟

الجنرال نعمة الله جليلي: نعم، هناك الحكومة المؤقتة تحت زعامة الأخ حامد كرزاي كرزاي بيمشي على التوافقات التي جرت في جلسة بون، ومن قرارات الأمم المتحدة، فهذه الحكومة بتمشي وتستمر على قرارات الأمم المتحدة التي قررت هناك.

محمد كريشان: وهل هناك موقف واحد يُلزم هذه.. هذه الحكومة من موضوع الغارات، لأننا لاحظنا مواقف مختلفة عند الجنرال محمد فهيم أو عند عبد الله عبد الله، أو عند غيره من الشخصيات؟ هل هناك موقف واحد من هذا الموضوع؟

الجنرال نعمة الله جليلي: نعم، هناك موقف.. موقف متعددة، ولكن هناك من جانب آخر موقف واحد بالنسبة للتنسيق مع القرارات من جانب الأمم المتحدة وأيضاً مع القوات الأميركية.

محمد كريشان: جنرال جليلي، أيضاً سقوط بعض المدنيين الأفغان في هذا الغارات، هل سبب للإدارة الانتقالية بعض الحرج؟

الجنرال نعمة الله جليلي: لا، ولكن هناك لابد أن نقول شيئاً وهو السبب هو تنظيم القاعدة وما بقي من حلقة الطالبان الذين يهربون من المدن ويختفون أنفسهم في القرى البعيدة من.. في.. في المدن الرئيسية، فهم يختفون نفوسهم، وعندما تعرف.. القوات الأميركية فتقف وتقوم بالقصف الجوي، وربما سيقتل بعض الأبرياء، ولكن السبب الرئيسي هو التنظيم الإرهابي الذي يكون موجود في أفغانستان.

محمد كريشان: ولكن هل هناك حد أدنى من التنسيق بينكم وبين القوات الأميركية، لأن بعض المصادر الأميركية تؤكد بأن هذه الغارات ستستمر سواء وافقت الإدارة الانتقالية أم لم توافق؟

الجنرال نعمة الله جليلي: لا، هذا الخبر أنا لا أعتقد بهذا الشكل، هناك يعني البعض.. بعض الناس وبعض الإخوة.. بعض إخواننا يعني يفكرون بأن هناك الحكومة الأفغانية ضعيفة، ولكن أنا أرفض هذا الموضوع، الحكومة الأفغانية من ناحية القوات العسكرية قوية، ولا هناك لا نحتاج بأشياء أخرى، ولكن نحن نكون لخدمة الأمن والسلام لشعبنا، وهناك.. لا توجد أي تناقضات بين الحكومة الأفغانية وبين الشعب، فنحن نريد لشعبنا الأمن والسلام، ونريد أيضاً مكافحة الإرهاب من أفغانستان، ونريد أفغانستان كبلدٍ مستقل لشعب أفغانستان ولأمن وسلام.

محمد كريشان: بالنسبة للأمن والاستقرار جنرال جليلي، هل تتوقعون بأن يصبح الوضع الأمني أفضل بكثير مع قدوم القوات الدولية؟

الجنرال نعمة الله جليلي: نعم، نحن.. نحن أيضاً وشعبنا والناس هنا في أفغانستان يشمون رائحة الأمن والسلام في أفغانستان، ولكن ليس معنى هذا بأن القوات الأمن الدولي جاءت إلى أفغانستان والناس يشعرون بالأمن والسلام، بل هناك التعاون بين الشعب وبين الحكومة، والحكومة الأفغانية المؤقتة التي تحكم على أفغانستان هي بتوفر الجو الأمني لشعب أفغانستان من أجل الأمن والسلام ومكافحة الإرهاب من أفغانستان.

محمد كريشان: لو نذهب إلى لندن والسيد جيرالد راسل وهو (الناطق باسم الحكومة البريطانية). سيد راسل، (دونالد أندرسون) وهو (رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني) انتقد بشدة سقوط مدنيين في أفغانستان وطالب بفتح تحقيق، هل معنى ذلك أن التحالف البريطاني الأميركي لا يعني بالضرورة عدم وجود انتقادات تتعلق بسقوط مدنين تحديداً؟

جيرالد راسل: أعتقد إنه يعني واضح ومعروف إنه يعني قتل مدنيين شيء مؤسف، ولكن أنا أعتقد مهم والمهم وأعتقد.. أنا أعرف أن (دونالد أندرسون) يوافق على هذا، إن البحث عن أسامة بن لادن والقضاء على الإرهاب وعلى شبكة القاعدة لابد من أن يستمر، وإنه هدف يخدم مصالح كل العالم يعني..، الإرهاب ليس شيء أو خطر يهدد الولايات المتحدة أو بريطانيا فقط، شيء.. هو شيء أيضاً يعني يهدد بلدان كثيرة وشعوب كثيرة بالعالم يعني، كل.. كل الناس مثلاً شعوب أفغانستان يعني شعب أفغانستان عانى الكثير خلال السنوات الماضية من حكم طالبان، وأيضاً من تهديد وخطر الإرهاب، فأنا أعتقد إنه هناك يعني تحالف دولي ويعني اتفاق وموافقة دولية على تحقيق هذه الأهداف، يعني أهداف التحالف الدولي في الحملة العسكرية في أفغانستان، وأيضاً في غير الحملة العسكرية، الحملة الإنسانية في أفغانستان، والحملة القانونية ضد الإرهاب في بلدان كثيرة في العالم.

محمد كريشان: نعم.. سأستشهد مرة أخرى بمرجع بريطاني، مراسل الـ (B.B.C) أيضاً عندما زار الموقع الذي ضرب في نهاية شهر ديسمبر في شرق أفغانستان قلعة "نيازي" قال بأن هناك فعلاً مخزن أسلحة دمر أو مخزنين دُمرا. ولكن بقية الأهداف كانت بيوت، وحتى بعض النساء والأطفال الذين حاولوا الفرار بعد القصف تم ضربهم من خلال الطائرات، ألا يسبب ذلك بعض الإحراجات للحكومة البريطانية؟

جيرالد راسل: أنا لا أعتقد يعني إنه صحفي على الأرض يمكن أن يؤكد أو أن يعرف بالدقة يعني ما هي كانت الأهداف أو يعني أين مثلاً سقطت قنابل في أفغانستان، لأنه يصل بعد الحدث يعني، ولا يمكن أن يعرف بالتفاصيل مثلاً كل مرة على الأرض يعني أن يعرف يصل إلى مكان ويعرف على طول يعني ما حدث هناك، ولكن أنا أعتقد من المهم إن التحالف الدولي وبالذات يعني الدول المشاركة في انتشار قوات دولية في كابول تعبر عن التزامهم التزام المجتمع الدولي للشعب الأفغاني لإعادة بناء الدولة الأفغانية ولتوفير الأمان لشعب عانى الكثير خلال السنوات الماضية، لم يعاني الشعب الأفغاني من القصف أو من الحملة العسكرية المؤخرة يعني مما عانى من حكم طالبان، لأن هناك مثلاً آلاف من الأطفال يموتون كل سنة من الحصبة يعني مثلاً، ولكن في شهر يناير وفي أول شهر يناير البرنامج العالمي للصحة يعني بدأ في حملة للقضاء على الحصبة، وهذا من يعني من مثال من الإنجازات الأخيرة الجديدة للتحالف الدولي لشعوب العالم تشارك مع بعض في الأمم المتحدة، وفي الأمم المتحدة هي اللي يعني التي تشرف على عملية إنشاء حكومة أفغانية جديدة شرعية بمحل نظام حكم طالبان الفاشل.

محمد كريشان: نعم، ولكن حتى الأمم المتحدة السيد الأخضر الإبراهيمي أعرب عن قلقه من سقوط بعض الضحايا، وأعرب حتى اليوم عندما زار مطار كابول أعرب عن نفس القلق الذي يساور الأمم المتحدة، هل تعتقد بأنه فيما إذا استمر سقوط مدنيين في الغارات الأميركية فإن ذلك سيجعل واشنطن تعيد ربما حساباتها وكذلك بريطانيا، أم ليس بالضرورة؟

جيرالد راسل: أنا أعتقد إن الخسائر بين المدنيين يعني شيء يقلق الكل يعني، وإن الأخضر الإبراهيمي طبعاً يعبر عن قلقه، ونحن أيضاً والحكومة الأميركية لا تريد أن.. خسائر بين المدنيين، ولكن أيضاً هناك هدف أعتقد مهم لا يمكن أن ننسى أن أسامة بن لادن يشكل خطر على العالم كله، وإنه يجب يعني ولابد من القضاء على شبكة القاعدة. وهذا هدف لا أعتقد إنه من السهل يعني أن ننساها أو أن يعني أن نغض نظرنا عنها، لأنه مهم جداً يعني، رأينا في شهر سبتمبر كيف يمكن يعني فرقة من الإرهابيين تسبب في يعني أموات كثيرة من المدنيين أيضاً، يعني في أميركا أكثر من ثلاث آلاف ناس قتلوا يعني، وهذا لا يمكن أن.. لا ينبغي أن ننساه.

محمد كريشان: نعم، على ذكر هذا العدد دكتور قاسم جعفر، أحد الأكاديميين الأميركيين أصدر أخيراً الأستاذ (ماركس دبليو هيرالد) وهو (أستاذ في جامعة نيوهامبشير الأميركية)، أصدر تقرير يشير بأن وعدد فيه الحالات بشكل واضح بالتواريخ عن سقوط مدنيين وذكر بأن عدد المدنيين الذين سقطوا الآن في أفغانستان من جراء الغارات الأميركية يفوق العدد الذي تفضل بذكره السيد راسل الآن في إشارة إلى ما جرى في الحادي عشر من سبتمبر. هل تعتقد بأن أيضاً هناك أصوات أميركية –ولو فاترة- بدأت ترتفع لإدانة ما يجري على الصعيد الإنساني من قتل المدنيين في هذه الغارات؟

د. قاسم محمد جعفر: يعني.. أعتقد يا أخ محمد أننا أولاً: ليس هناك حرب بدون خسائر، سواء كانت خسائر بشرية أو خسائر مادية، وهذه الخسائر البشرية والخسائر المادية تتناول العسكريين كما تتناول المدنيين، هذا واحد. مهما كان الأمر بالنسبة للرأي العام سواء في الولايات المتحدة أو في بريطانيا أو في العالم أجمع، لا أعتقد أن أحداً من المسؤولين العسكريين أو السياسيين الأميركيين، أو البريطانيين، أو في أي دولة من دول التحالف المشاركة في هذه.. في هذا الجهد العسكري الأميركي في أفغانستان، يريد عن عمد أو عن قصد أن يوقع خسائر في صفوف المدنيين، لعل الفارق في هذا المجال يعني النقطة التي أود أن أشير إليها أن بطبيعة الحال الخسائر في صفوف المدنيين مأساوية، ومؤسفة، وتدعو إلى القلق، وستؤدي طبعاً إلى إحراجات في صفوف الرأي العام كما في صفوف وسائل الإعلام، وأيضاً إلى حد ما ربما في الأوساط السياسية نفسها، يعني هناك في بريطانيا مسؤولون سياسيون لم يرضوا عن رؤية خسائر مدنية تتزايد في أفغانستان أو في أي منطقة أخرى من العالم إذا كانت الحكومة البريطانية معنية أو متورطة في مثل هذه العمليات العسكرية. فستكون هناك أصوات معارضة، ولكن دعنا لا ننسى أن هناك فرق بين استهداف المدنيين بصورة متعمدة كما حدث ويحدث في العديد من الحروب، دعنا لا ننسى أن مثلاً في خلال حصار بيروت عام 1982م على يد القوات الإسرائيلية ورئيسها الحكومة الإسرائيلي الحالي (أرييل شارون) كان وزيراً للدفاع آنذاك، سقط سبعة عشر ألف لبناني وفلسطيني من المدنيين، بغض النظر عن الخسائر الأخرى التي تعرض لها يعني المقاتلون الفلسطينيون واللبنانيون، وغيرهم وفي صفوف القوات السورية، سبعة عشر ألف قتيل من المدنيين في عاصمة عربية، فهذا كان عمل متعمد لمدة خمسة وخمسين يوماً كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف بيروت بشكل (Carpet Pombing)، ليس في تلال وجبال ولكن في عاصمة كانت تقصف بشكل (Carpet Pombing) من الجو ومن البر ومن البحر خلال الحرب العراقية الإيرانية كانت هناك مرحلة سُميت بـ "حرب المدن" كانت تتساقط فيها الصواريخ من طراز "سكود" وغيرها على طهران من جهة من جانب بغداد، وعلى بغداد من جهة أخرى من جانب طهران، وكان يسقط في هذه العمليات التي لم تكن تستهدف.. تستهدف لا منشآت عسكرية ولا منشآت قتالية ولا غيرها، كان يسقط فيها الألوف وعشرات الألوف القتلى من المدنيين، وكما حدث أيضاً في أماكن أخرى خلال تلك الحرب التي أسفرت عن أكثر من مليون قتيل، معظمهم.. غالبيتهم الساحقة من المدنيين آنذاك. خلال حرب الخليج سقط الكثير من المدنيين في صفوف العراقيين. يعني لا أعتقد أن مسألة الخسائر في صفوف المدنيين ستؤدي إلى أي تعديل في القرار الإستراتيجي، أو في القرار العسكري، أو في طبيعة الأهداف التي تنوي أي دولة من الدول أن تحققها في حرب ما طالما كانت موازين القوى في هذه الحرب تشجع هذه الدولة على الاستمرار في المضي في عملياتها العسكرية، وهذا أعتقد ما ينطبق على الوضع الأفغاني في الوقت الحاضر.

محمد كريشان: نعم، الجنرال جليلي في كابول، عندما تبدأ القوات الدولية في عملها، كيف ترى العلاقة التي يمكن أن تكون بينها وبين القوات الأميركية وبين الإدارة الانتقالية؟

الجنرال جليلي: هناك التعاون وتناسق.. وتناسق مع من قبل جانب القوات الأفغانية مع القوات الأمن التي جاءت إلى أفغانستان.

محمد كريشان: وهل تعتقد بأن مهمة البحث عن (الملا عمر) و(أسامة بن لادن) ستكون مهمة القوات الأميركية فقط، أم أيضاً القوات الدولية أيضاً برأيك؟

الجنرال جليلي: لأ، هناك.. هذا الموضوع بينقسم إلى قسمين: القسم العسكري والقسم الأمني، فهناك القوات العسكرية لها عمل خاص لمكافحة الإرهاب وتثبيت الأهداف لتنظيم القاعدة وما بقي من هذا التنظيم، وهناك لقوات الأمن في داخل أفغانستان هذا هو القرارات.. قرار من قرارات الأمم المتحدة التي هذا القرار يجري في أفغانستان حالياً في فترة الحكومة المؤقتة.

محمد كريشان: جنرال نعمت الله جليلي، شكراً جزيلاً لك. للأسف جنرال جليلي لن يتمكن من مواصلة هذه الحلقة معنا، نعود إذن إلى لندن ومعنا جيرالد راسل.. سيد راسل، القوات البريطانية جزء مهم وأساسي في القوات الدولية، هل تعتقد فيما يتعلق بطبيعة العلاقة التي يمكن أن تكون بين القوات الدولية والإدارة الانتقالية، كيف تراها؟ هل تراها ستكون علاقات سلسة وسهلة أم ربما تصاب ببعض العقبات مستقبلاً؟

جيرالد راسل: نحن يعني نشارك في القوات قوات المساعدة في حفظ الأمن في كابول تنفيذاً لدعوة من الإدارة الأفغانية، وفي إطار توصيات وقرارات لمجلس الأمن، وبالذات يعني السيد الأخضر الإبراهيمي، ولغاية الآن يعني يسرني أن أقول يعني هناك تعاون قريب يُعنى صادق بيننا وبين الحكومة الأفغانية، ونتوقع أن يستمر هذا يعني هذا لأنه لا يثير جدل يعني أن يكون هناك قوة دولية متعددة الأطراف تساعد الحكومة الأفغانية في توفير الأمن والأمان للمواطنين في كابول. هذا شيء يعني يعبر عن التزام المجتمع الدولي، وأعتقد يعني هناك لغاية الآن أكثر من ثلاثمائة جندي بريطاني وصل إلى كابول، ونتوقع أن يكون يمكن العدد يصل إلى ألف وخمسمائة شخص، وهذا يعني تحت إطار أو في إطار اتفاق عسكري مفصّل تم التوقيع عليه يوم الجمعة الماضي مع الإدارة الأفغانية، ويعني.. تفضل.

محمد كريشان: الاتفاق هو مفصل، ولكن مع ذلك هناك من الآن من بدأ يشير إلى إمكانية وجود صعوبات حتى على الصعيد اليومي فيما يتعلق بسلوكيات أو أخلاقيات الجنود، لأن المجتمع الأفغاني يظل مجتمع محافظ وله حساسية خاصة تجاه الجنود الأجانب، هل تعتقد بأن هذا ربما ستكون مسألة أساسية في التعامل مع الأفغان؟

جيرالد راسل: لأ، يعني نعرف إن المجتمع الأفغاني مجتمع محافظ، لنا طبعاً خبرة في المشاركة في مثلاً قوات في كوسوفو، قوات في بوسنيا، يعني ليست السياسية أو الإطار السياسي نفس الإطار، لأن هذا يعني القوات ليست قوات حفظ سلام مثلما كانت في بوسنيا، ولكن لنا خبرة في تعاون مع مجتمعات مسلمة، وأعتقد أنَّا نحترم الدين الإسلامي وإنه يعني نتوقع ونتمنى أن تكون.. يكون هناك دول مسلمة أيضاً تشارك في تلك القوات فلغاية الآن الحمد لله لم تحصل أي مشاكل يعني بيننا وبين الجنود على الأرض وبين أي مواطنين أفغان، وأنا أعرف أن القيادة وأن الجنود يعني أيضاً حريصون على التعاون مع المجتمع ويعني وتحدثت.. وتحدثوا مع بعض الممثلين للدين الإسلامي وللمجتمع في أفغانستان، فيعني يريدون أن.. أن يتعاونوا مع المواطنين بشكل محترم.

دور كلاً من القوات الأميركية والقوات الدولية في أفغانستان

محمد كريشان: نعم، دكتور قاسم جعفر، هل يمكن أن نشهد تقاسماً وظيفياً –إن صح التعبير- بشكل واضح بين القوات الدولية والقوات الأميركية في أفغانستان؟

د. قاسم محمد جعفر: أشك في ذلك كثيراً في الحقيقة، أشك في أن يكون هناك أي تداخل، أو أن يُسمح بقيام تداخل أو (تواطؤ) –إذا صح التعبير-بين هلالين- بين عمل القوات الأميركية من جهة وقوات السلام أو قوات الأمن "المساعدة" –كما تسمى- من جهة أخرى، وذلك لسبب محدد وبسيط وهو: أن السياسة تحول دون ذلك، القوات الأميركية وأعتقد أن مواقف الحكومة الأميركية من مجمل المسألة المتعلقة بوجود قوات دولية أو عدم وجود قوات دولية، وانتظار العمليات العسكرية، أو عدم انتظار.. حتى تحقق أهدافها، كان موقف الإدارة الأميركية فعلاً ملفتاً للنظر إلى حدٍ بعيد، وهي أن واشنطن لا تريد أن يدخل إلى جدول أعمالها، إلى الأجندة العسكرية والاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيقها في أفغانستان أي دخيل أو أي طرف لا علاقة له مباشرة بالأهداف الأميركية والتحالفية العريضة التي تريد الإدارة الأميركية أن تحققها، ولذلك لم تكن سعيدة كثيراً عندما كانت تبرز أخبار ومعلومات بين الحين والآخر عن إمكانية وصول قوات بريطانية إلى هذه المنطقة أو تلك، أو قوات فرنسية إلى هذا.. إلى هذه المدينة أو تلك، بالعكس كانت دائماً حريصة على أن كل شيء يجب أن يمر من داخل الإطار الاستراتيجي والعسكري الأمني التي.. الذي قررته الولايات المتحدة بالذات ودون تدخل آخر. لا تريد الولايات المتحدة أن يكون هناك من يحيد عن الإطار المحدد لأهداف هذه العملية وهو: إزالة نظام طالبان، والقضاء على تنظيم القاعدة، وإلقاء القبض أو ربما قتل زعيم هذا التنظيم وأركانه، وبالتالي أن تكون للولايات المتحدة الفرصة لتحقيق نصر واضح أمام الرأي العام الأميركي وأمام الرأي العام الدولي ضد من في نظرها نفذوا هجمات نيويورك وواشنطن الإرهابية في سبتمبر الماضي. فلذلك أعتقد أن الولايات المتحدة..

محمد كريشان[مقاطعاً]: نعم، ولكن عفواً.. عفواً دكتور جعفر، يعني من هذه الزاوية تحديداً..

د. قاسم محمد جعفر: تفضل.

محمد كريشان: هذا التصور ربما يقود إلى إمكانية توظيف القوات الدولية حتى تكون نوعاً ما قوات ملحقة للقوات الأميركية أو تعمل على الأقل على تكريس نفس الخيارات ونفس الأهداف، يعني هل هذا أيضاً وارد بشكل يكون ربما مفضوحاً يعني؟

د. قاسم محمد جعفر: على العكس تماماً، على العكس تماماً يعني ما كنت أريد أن أقوله هو أن سيكون هناك فارق واضح بين العمل العسكري الميداني القتالي التي.. الذي تنفذه القوات الأميركية، وطبعاً دعنا لا ننسى أن هناك أيضاً قوات بريطانية تقوم بعمليات ميدانية قتالية إلى جانب القوات الأميركية، هذه سيكون دورها مختلف تماماً في نظري على الأقل عن عمل القوات التي سيتم تخصيصها لمهمات مساعدة الحكومة الأفغانية وعمليات حفظ الأمن وإعادة تأهيل البُنية التحتية وبناء ما تهدم من منشآت ومطارات وطرق وغير ذلك، أعتقد أنه سيكون هناك حرص على الفصل ما بين العمليات الأمنية التي ستتم بالتنسيق مع الحكومة الأفغانية، ولدعم موقف هذه الحكومة داخلياً وأمنياً، وبين العمليات الميدانية والقتالية والخاصة التي سيظل تنفيذها مستمراً من جانب القوات الأميركية وربما القوات البريطانية، ولكن من أجل تحقيق أهداف مختلفة تماماً عن الهدف من وجود قوات حفظ السلام أو قوات الأمن الدولية في كابول، وربما في غيرها من المدن الأفغانية، ودعني أركز هنا أن هناك فارقاً وفاصلاً أساسياً كما يبدو حتى الآن بين هدف إقامة النظام الأفغاني الذي يأمل يعني التحالف الأميركي الدولي في أن يرسخ مواقعه ويكرِّس قدرته على السيطرة على الأمور في أفغانستان من جهة، وبين الهدف العسكري الذي.. الذي لا يزال متمثلاً بمكافحة الإرهاب والقضاء على الإرهاب بما في ذلك القاعدة وأسامة بن لادن داخل أفغانستان، وربما أيضاً في أماكن أخرى من العالم في مراحل لاحقة. هناك فصل كامل بين الموقف في أفغانستان والموقف من حرب مكافحة الإرهاب، وأعتقد أن الأمور لا.. ليس.. لن تكون بالضرورة متوازية في خط.. في سيرها على هذين الخطين.

محمد كريشان: نعم، سيد جيرالد راسل، يعني كما كنت تتابع الدكتور جعفر يفصل تماماً بين المهمتين، ولكن لدينا مثلاً نموذج الصومال، كتاب صدر أخيراً يتحدث عن تجربة القوات الدولية في الصومال والسودان ورواندا اسم "أنا ضد أخي" كتبه (سكوت بترسون)، يقول: مثلاً أنه القوات الدولية عندما ذهبت إلى الصومال صحيح أنها أنقذت 25 ألف صومالي من الجوع، ولكنها قتلت فيما بعد 125 ألف من الصوماليين!! إذا ما صحت هذه الأرقام وبغض النظر عن.. عن تفاصيل الأرقام، هل من الوارد أن يقع جر القوات الدولية إلى مهمات قتالية ليس بالضرورة هي تختارها، ولكن قد تجر إليها، سواءً من أطراف أفغانية أو من تصور أميركي محتمل؟

جيرالد راسل: أعتقد إن مهمة القوات.. قوات حفظ الأمن في كابول واضحة جداً، يعني إنها تساعد الحكومة الأفغانية في إنشاء قوات أمنها ولإعادة بناء الدولة الأفغانية، ولكن أيضاً الجدير بالذكر إن القوات وانتشار القوات يقتصر على منطقة كابول والمنطقة المحيطة بكابول، وهذا يأتي ضمن قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة وأيضاً لاتفاقية بون، فأعتقد يعني إن المهمتان يعني منفصلتان تماماً، القوات التي تبحث عن بن لادن لها يعني هدف معين ومهم، ولكن القوات المنتشرة في كابول يعني من أجل توفير الأمن ومساعدة الحكومة الأفغانية لها مهمة أيضاً مهمة ومنفصلة وأعتقد يعني هذا أنا لا.. لا نتوقع أي مشاكل من يعني اختلاط هذه الأهداف أو المهمات.

محمد كريشان: دكتور قاسم جعفر، حتى قبل أن تبدأ القوات الدولية في.. في مهما.. مهما ظهرت على السطح بعض الاختلافات، مثلاً ألمانيا تعتبر أن مهلة ستة أشهر التي كلفت بها القوة الدولية مهلة قصيرة وكان يفترض أن تكون لمدة سنتين، هل تعتقد بوجود تباينات جوهرية بين أطراف التي تركب القوات الدولية في أفغانستان؟

قاسم محمد جعفر: صحيح، صحيح، وهذا طبيعي أعتقد، دائماً وبشكل تقليدي يكون هناك تفارقات وتمايزات في المواقف وفي التفاصيل بين أطراف أي تحالف، كنا نشهد ذلك على سبيل المثال خلال التحالف العربي والدولي الذي قام ضد العراق إبان حرب الخليج من أجل تحرير الكويت، كانت هناك تمايزات وتناقضات، ولكن الخط الإستراتيجي العام معروف وكان واضح، وأعتقد أن حتى في هذه الأزمة الحرب الأفغانية، أو خلال غيرها من المراحل التي قد تليها في إطار الحرب المضادة للإرهاب سيكون هناك بالطبع خلافات وتمايزات، سيكون هناك مواقف، نعرف مثلاً بشكل تقليدي أن فرنسا طالما تتخذ مواقف يعني متمايزة إلى حدٍ ما عن المواقف الأميركية أو الأميركية البريطانية التي تتسم عادة بيعني تقاربها الوثيق، حتى بين الولايات المتحدة وبريطانيا أحياناً تبرز تمايزات قليلة حول هذا الموضوع أو ذاك ولكن بشكل عام دائماً نقول أن وتحديداً داخل التحالف الغربي هناك خط استراتيجي وسياسي واضح تميله مصلحة استراتيجية غربية تحالفية واضحة، فيما يتعلق بالوضع في أفغانستان وبغض النظر عما ستقوله الحكومة الإيطالية هنا أو الحكومة الألمانية هناك، أو فترة ستة شهور أو فترة سنة أو تسعة شهور أو سبعة أسابيع، كل هذا هو من باب التفاصيل، هناك تلاقي استراتيجي وسياسي غربي أميركي أوروبي واضح على ضرورة إعادة قدر من الاستقرار إلى الوضع في أفغانستان، وعلى ضرورة الاستمرار في مكافحة الإرهاب إلى أن يتم تحقيق أهداف معينة، أين تبرز الخلافات؟ هنا تبرز الخلافات عندما نصبح في حقل ألغام يتعلق بالتحدث عن المراحل اللاحقة، أو المسارح الأخرى، أو توسيع أطر الحرب وعملياتها، وضد أهداف معينة قد لا تكون بعض الدول مستعدة على تقبلها، هنا تبرز خلافات، ولكن هذه الخلافات لم تظهر حتى الآن لأننا لا تزال نتحدث بالمرحلة الأول وهي أفغانستان وتنظيم القاعدة وحتى إشعار آخر.

محمد كريشان: سيد راسل، في انتظار هذا الإشعار الآخر الذي يشير إليه قاسم جعفر كثير يقولون عندما يتعلق الأمر بأفغانستان بأنه من السهل الدخول إلى هذا البلد، ولكن من الصعوبة بمكان أن تخرج منه سالماً، ربما الولايات المتحدة تستطيع أن تخرج بسلام إذا سلمنا بذلك، هل الأمر أيضاً هو نفسه بالنسبة للقوات الدولية؟ هل يمكن لها أن تؤدي المهمة وتخرج بأقل ما يمكن من التكاليف؟

جيرالد راسل: أنا أعتقد إنه الوضع الآن يعني والحمد لله يعني يختلف كثيراً عن أوضاع الماضي عندما كان.. كانت قوات أجنبية في أفغانستان في إطار حرب، يعني مثلاً أو.. أو غزو، يعني في هذه المرة القوات الدولية في كابول هناك تنفيذاً لدعوة من الشعب الأفغاني، وأنا أعتقد يعني إذا.. إذا خرجنا من هناك سيكون يعني أيضاً منسَّق مع الشعب الأفغاني، أنا أعرف إنه الآن يعني أفغانستان بحاجة لمساعدة أو تريد يعني مساعدة دولية، وهذا يمكن تكون بأشكال يعني مختلفة، مثلاً: برنامج الغذاء العالمي أرسل خلال الشهر الماضي أكثر من مائة ألف طن من الغذاء.. المعونة الغذائية لأفغانستان، هذا أعتقد يعني شكل مهم، لأن طبعاً الشعب الأفغاني كان يعاني من الجوع خلال السنوات الماضية بشكل يعني مرعب، ولكن الآن أنا أعتقد إنه هناك فرصة لإعادة بناء الدولة، وأيضاً بمساعدة دولية، أعتقد إنه ذلك يعني شيء جيد، لا نعرف طبعاً المستقبل، أنا لا يمكن أتكهن يعني كيف يكون.. سيكون الوضع بالمستقبل، ولكن أنا أعتقد أنه الآن القوات الدولية هناك في كابول يعني بدعوة من الأفغان، وتتعاون مع الأفغان، لا أعرف مدة.. مدة انتشار هذه القوات، وأعتقد إن ذلك يعني شيء لم نتفق عليه وتحت يعني التفاوض أو.. إن صح.. سنرى يعني مع الشعب الأفغاني والحكومة الأفغانية.

محمد كريشان: وبهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة التي خصصناها لموضوع القوات الدولية واستمرار الغارات الأميركية في أفغانستان، شاركنا فيها نعمة الله جليلي من كابول، والدكتور قاسم جعفر، وجيرالد راسل من لندن، تحية طيبة وفي أمان الله.