ما وراء الخبر

احتجاجات وانقسامات.. هل يقود قيس سعيّد تونس نحو المجهول؟

أقر الكاتب والمحلل السياسي، صالح عطية، بما أسماه تشرذم الجبهة المعارضة لقرارات الرئيس قيس سعيّد، رغم أنها تتقاسم المخاوف نفسها بشأن إمكانية عودة الاستبداد إلى تونس وتركز السلطات في يد شخص واحد.

وطالب عطية الأحزاب السياسية المعارضة لقرارات الرئيس بتوحيد موقفها من أجل إقناع التونسيين بالمخاطر التي تواجه البلاد، وإلا فإنها ستبقى مشتتة ومنقسمة، مما قد يؤدي إلى إضعافها أمام الرئيس الذي رجح أن يلجأ إلى مبادرات أخرى.

وتعليقا على معالم الأزمة الداخلية التي طالت حركة النهضة باستقالة 113 عضوا -بينهم قياديون- من الحزب، أعرب عطية -في حديثه لحلقة (25/9/2021) من برنامج "ما وراء الخبر"- عن اعتقاده أن الأمر مرتبط بمساعي تشكيل حزب جديد في تونس أسماه "حزب المحافظين". ورجح أن تكون الاستقالات الحاضنة الأولى لبناء هذا الحزب، لكنه رأى -في السياق نفسه- أن الاستقالات جاءت في توقيت غير مناسب للنهضة.

وبحسب ما يرى الكاتب والمحلل السياسي التونسي، فإن حركة النهضة مرت بمشاكل وبتعقيدات منذ 25 يوليو/تموز الماضي جعلتها في عزلة، ورفض الجميع التنسيق معها باعتبارها -يضيف المتحدث- جزءا من المشكل الذي تعاني منه البلاد، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي يريد إنهاء قضية الإسلام السياسي.

وبشأن الموقف الأميركي الضاغط على قصر قرطاج، أوضح عطية أن واشنطن -في سياق معركتها- مع الصين ترى أن من مصلحتها استقرار الأوضاع في تونس، إضافة إلى أن القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي تتعارض مع مبادئ الديمقراطية الأميركية، وكشف عن وجود تيار أميركي يضغط باتجاه توصيف ما حصل في تونس بالانقلاب.

وكانت الخارجية الأميركية أعربت عن قلقها جراء استمرار الإجراءات التي أقدم عليها الرئيس التونسي. وطالب نواب في الكونغرس البيت الأبيض باتخاذ خطوات تجعل سعيّد يتراجع عن تلك التدابير.

وفي المقابل، رفض الكاتب والمحلل السياسي بلحسن اليحياوي وصف بعض الأحزاب للرئيس سعّيد بالتوجه نحو الاستبداد والدكتاتورية، وقال إن هناك مبالغة في هذا التوصيف. وتحدث عن شريحة من التونسيين تؤيد الرئيس وأن هناك أناسا خرجوا للتعبير عن موقفهم، لكنه مع ذلك اعتبر أن الشارع ليس معيارا تقييما لموقف التونسيين من قرارات الرئيس.

أما بخصوص الضغوط الدولية المطالبة بتراجع الرئيس التونسي عن قراراته الاستثنائية وإعادة العمل بالدستور، فاتهم اليحياوي أطرافا تونسية داخلية -لم يسمها- بالمناورة وباستعجال القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة الأميركية من أجل الضغط على الرئيس ووقف المساعدات عن تونس، واستغرب من مثل هذه التصرفات بغض النظر-حسب المتحدث- عن خلافات هؤلاء مع الرئيس وقراراته.

وكان الرئيس التونسي أعلن توليه إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية عن طريق الاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي، وفق ما جاء في بيان الرئاسة التونسية. وذكرت الجريدة الرسمية التونسية أن التشريعات ستكون عبر مراسيم يصدرها رئيس الدولة، مشيرة إلى أنه يمارس السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة.

وتعاني تونس أزمة سياسية حادة منذ أن قرر رئيسها قيس سعيد يوم 25 يوليو/تموز الماضي إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، بالإضافة إلى تجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وترأسه النيابة العامة.