ما وراء الخبر

تصاعد الخطاب العسكري بأزمة إيران وأميركا.. ضغوط سياسية أم إرهاصات حرب؟

ناقشت الحلقة دلالات طغيان المفردات العسكرية في التصعيد بين إيران والولايات المتحدة الأميركية بعد هجمات أرامكو بالسعودية. وتساءلت: هل تلجأ الأطراف المختلفة للقاموس العسكري إمعانا في الضغط أم إقرارا بواقع؟

قال رحيم صفوي المستشار العسكري للمرشد الأعلى للثورة في إيران إن أي تحرّك عسكري أميركي ضد بلاده سيواجَه برد يشمل البحر المتوسط والبحر الأحمر ويصل إلى المحيط الهندي. وأفادت مصادر أميركية بأن وزارة الدفاع (البنتاغون) تدرس إرسال بطاريات مضادة للصواريخ وسرب مقاتلات وأجهزة مراقبة للشرق الأوسط.

وتعليقا على هذا الموضوع؛ رأى الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتاد تهديد إيران بالهجوم العسكري أو تنفيذ ضربات سريعة، وصرح سابقا بأن لديه 15 هدفا إيرانيا جاهزا إلا أنه يأمل أن تكون الحرب هي الخيار الأخير، لكن ترامب أحيانا كثيرة يتراجع ويقول إنه لا يريد حربا مع إيران.

وأضاف مكي –في حلقة (2019/9/20) من برنامج "ما وراء الخبر"- أنه من اللافت أن خطاب التصعيد العسكري يأتي غالبا من ترامب وليس من القادة العسكريين في البنتاغون، وهو ما يعني أن حديثه موجه إلى الداخل ولا يقصد به الخارج وإيران إلا في إطار التهديدات فقط، وذلك ليكي يظهر لشعبه بمظهر القائد القوي، وليرد على من يتهمونه بعدم الكفاءة وبالتخاذل تجاه إيران التي أسقطت قبل أسابيع طائرة مسيرة أميركية.

وأوضح أن ترامب يريد الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة، ولا يمكنه أن يتصرف وفق هواه لأن مجلس النواب بالكونغرس يسيطر عليه الديمقراطيون الذين يرفضون الحرب، والحرب الشاملة دون تهديد جدي لمصالح أميركا لا يمكن خوضها إلا بموافقة الكونغرس، كما أن الصحافة الأميركية لا تؤيد الحرب خاصة أن كابوس حرب العراق العبثية ما زال في مخيلة الأميركيين؛ وبما أن إيران تعرف كل ذلك فهي تستفز أميركا.

سباق الردع
أما الخبير العسكري والإستراتيجي العميد المتقاعد إلياس حنا فرأى أن تهديد طهران بالرد المدمر إذا هوجمت عسكريا جاء موازيا لإعلان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو أن الهجوم على منشآت أرامكو السعودي عمل حربي إيراني، وبالتالي فالمنطقة تشهد سباق ردع بعد أن أثبتت إيران قدرتها على ضرب أهم منشآت النفط في السعودية، وهددت برد قاس وواسع يمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الهندي، كما أن القواعد الأميركية بالمنطقة تحت مرماها.

ويعتقد حنا أن طهران غير قادرة في الحقيقة على التغطية العسكرية لمساحة شاسعة كهذه، لكنها تريد "تحصين الخريطة الردعية" قبل الذهاب للتفاوض مع ترامب حول شيء ملموس يقدم للداخل الإيراني؛ وبالتالي فهي ستستعين بحليفها حزب الله الذي يؤكد أنه قادر على ضرب حقول الطاقة بالبحر المتوسط، كما أن جماعة الحوثي تظل لاعبا بسيطا في اللعبة الكبرى لإيران بالمنطقة، وإعلان الحوثيين اليوم الجمعة وقف استهداف السعودية هو تأكيد لتحقيق أهدافهم من ضربها، وربما يتجه تصعيدهم نحو الإمارات.

ومن جهته؛ يقول أستاذ السياسة الدولية في جامعة برمنغهام البروفيسور سكوت لوكاس إن الدور الأوروبي -المتمثل في الوساطة الفرنسية بين إيران وأميركا- انتهى بتوقف جهود الوساطة، بعد تعليق العمل بفكرة الغلاف المالي الذي سيقدَّم لإيران (15 مليار دولار)، كما أن الأوروبيين لن يُسقطوا شروطهم المتعلقة بالاتفاق النووي ووقف أنشطة إيران في المنطقة، ولذلك فإن الحديث عن دور أوروبي يخفف النزاع غير ممكن حاليا.

وتوقع لوكاس أن تحاول أوروبا الحصول على تنازل من الطرفين الأميركي والإيراني، بحيث تتخلى إيران عن تنفيذ عمليات عسكرية، ويتجنب الأميركيون ضرب إيران؛ لكن مشكلة أوروبا تكمن في أن واشنطن مصممة على زيادة العقوبات لتدمير الاقتصاد الإيراني، ولذلك فإن الحرس الثوري ينفذ هذه العمليات العسكرية لمنع انهيار مكانة البلاد، وليس لأوروبا قدرة على تغيير أسلوب عمل الطرفين.