ما وراء الخبر

مسيرات الجمعة الحاشدة بالجزائر.. ما الرسائل وكيف سيرد النظام؟

ناقشت الحلقة أسباب تجدد المظاهرات الحاشدة في الجزائر بعد قرارات الرئيس بوتفليقة المتعلقة بتأجيل الانتخابات الرئاسية والتمهيد لإصلاحات سياسية؛ متسائلة عن طبيعة رسائل هذه المظاهرات وكيف ستتفاعل السلطات الحاكمة معها؟

قال الباحث الجزائري في علم الاجتماع السياسي عبد الناصر جابي إن الرسالة التي بعثت بها مظاهرات الجزائريين اليوم الجمعة في غاية الوضوح ولا يمكن القفز عليها، وهي –بكثافتها وسلميتها- تدل على أنهم مصرون على تلبية مطالبهم بتغيير النظام الحاكم، ورفض قرارات ومقترحات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و"المأزق الذي أدخل فيه البلاد".

وأضاف جابي –في تصريحات لحلقة (2019/3/15) من برنامج "ما وراء الخبر"- أن هناك قطيعة كاملة بين الشعب والنظام، وعلى من يدعمونه "وهم قلة" الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي حتى لا تتطور الأمور إلى مستويات غير مرغوبة؛ خاصة أن الشارع كان واضحا جدا منذ البداية في هذه المطالب، التي أبرزها إلغاء العهدة الخامسة للرئيس ورفض مقترحاته الأخيرة التي تقدم بها، وسيرفض أي اقتراح يتقدم به النظام الحالي.

وأكد أن هناك خريطة طريق تتبلور بالتدريج لدى قوى الحراك الشعبي، وفي صدارتها تشكيل حكومة تكنوقراط يوافق عليها الحراك وتدير الأمور بعد ذهاب بوتفليقة ونظامه ورموزه وتكوزن قطيعة مع الماضي؛ مشيرا إلى أن الحكومة الجديد برئاسة نور الدين بدوي مرفوضة من الحراك الذي "يتمتع بتوافق كبير وسيفرز بسرعة أسماء ذات تجربة ومصداقية".

ومن جهته؛ أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر يوسف بو عندل أن مقترحات الرئيس بوتفليقة عبارة عن مسرحية هزلية لأنه تنازل عن الترشح لعهدة خامسة ولكنه مدد لنفسه سنة بذريعة أنها تكون فترة انتقالية، بينما تفيد تجارب العالم بأن أي فترة انتقالية لا بد أن تدوم أكثر من سنتين.

مشهد ضبابي
وانتقد بو عندل تعيين بوتفليقة لنور الدين بدوي رئيسا للحكومة الجديدة لأنه لما كان وزيرا للداخلية حدث القمع للمظاهرات الفئوية، مشيرا إلى أن المظاهرات الحالية لم تقمع لأن الكل متفق على ذهاب النظام، وطالبه بالوفاء بوعده بأن الحكومة ستستمع للشباب، وذلك لأنهم قد قالوا كلمتهم المطالبة برحيل النظام بأكمله وعلى الحكومة الاستجابة لذلك بأن تذهب.

ووصف المشهد السياسي الجزائري بأنه "ضبابي جدا ولا أحد يدري من يدير البلاد ولا من أين تأتي القرارات"، وتوقع ممارسة الشارع مزيدا من الضغوط على النظام حتى يستجيب لمطالبه، لافتا إلى أن الحراك موجود في كل الولايات ولديه "وجوه معروفة ذات مصداقية"، لكن الحراك لم يؤطَّر حتى الآن بما فيه الكفاية لأن ثمة خشية من أن يتم اختراقه من خارجه.

أما عضو حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وليد بن قرون فقال إن حزبه يرى أن الحراك الشعبي الحالي يندرج ضمن مطالب الشعب المشروعة بمكافحة الفساد، مثمنا حرص هذا الحراك على "السلمية الراقية جدا" التي يجب أن تتواصل حتى لا يحدث العنف فيجرّ البلاد إلى ما لا تحمد عقباه، وفي المقابل على السلطة أن تطرد كل من تورط في الفساد.

وأوضح أن الرئيس بوتفليقة اتخذ "خطوات تحسب له مثل تنازله عن الترشح والتغيير العميق للحكومة". وقال إن حزبه يطالب بأن يكون الشباب هم من يحكمون البلاد غدا وليس من يريدون أن يركبوا موجة حراكهم، لأن الجبهة "لا تريد حكم الشيخوخة لا من السلطة ولا من المعارضة"، مشددا على أن "الاستقالة شأن خاص بالرئيس ولا ينبغي أن للجبهة أن تطلب منه ذلك".