ما وراء الخبر - إيصال الإغاثة لحي بابا عمرو - صورة عامة
ما وراء الخبر

فشل مساعي الصليب الأحمر لإغاثة بابا عمرو

تناقش الحلقة أسباب منع الصليب الأحمر من دخول بابا عمرو، لماذا يمنع الصليب الأحمر من دخول الحي، وهل ثمة ما يخشى انكشافه كما تقول المعارضة؟ وهل يمكن تحويل اتهام بان كي مون لدمشق بارتكاب جرائم في حمص إلى تحرك عملي؟

– أسباب منع الصليب الأحمر من دخول بابا عمرو
– آلية التوثيق القانوني لانتهاكات حقوق الإنسان

– الصيغة المتوقعة للتحرك الدولي

 

عبد القادر عياض
عبد القادر عياض
رضوان زيادة
رضوان زيادة
بول مرقص
بول مرقص

عبد القادر عياض: فشلت مساعي الصليب الأحمر لإيصال مواد الإغاثة لسكان حي بابا عمرو بمدينة حمص، وقالت المنظمة إن مفاوضاتها مع السلطات مستمرة منذ الجمعة لدخول الحي الذي يعتقد بأن انتهاكات جسيمة ارتكبت فيه بعد سيطرة قوات النظام عليه إثر حصار طويل، نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين: لماذا يمنع الصليب الأحمر من دخول الحي، وهل ثمة ما يخشى انكشافه كما تقول المعارضة؟ وهل يمكن تحويل اتهام بان كي مون لدمشق بارتكاب جرائم في حمص إلى تحرك عملي؟

إذن حتى اللحظة لم تفلح مساعي الصليب الأحمر والهلال الأحمر في إقناع السلطات السورية إيصال قوافل الإغاثة لسكان حي بابا عمرو المنكوب حيث لا تزال شاحنات محملة بالأغذية والأدوية متوقفة خارج الحي، فيما تستمر الاتصالات بالسلطات التي تتذرع بأن الأوضاع الأمنية في المنطقة لا تسمح بدخول موظفي الإغاثة رغم أن الطواقم، طواقم التلفزيون السوري الرسمي دخلت الحي وبثت صورا من هناك.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: تتراجع السياسة قليلا ها هنا، لتفسح المجال لمشاهد الدمار كي تتحدث عن ما دفعته هذه الأحياء السكنية ثمنا إنسانيا لما قالت الرواية الرسمية إنها عملية عسكرية لإعادة بسط الأمن في حي باب عمرو، معقل للاحتجاجات وأحد أبرز رموزه، سعى النظام السوري جاهدا لاستعادة السيطرة عليه وبعث رسالة للداخل والخارج مفادها أن زمام المبادرة لم يفلت منه بعد، هكذا قدم التلفزيون الرسمي روايته التقليدية مجددا، القوات النظامية تدخل الحي وتقوم بتطهيره من عناصر الجماعات المسلحة التي أعيت سكانه تضييقا وتخريبا وتقتيلا، تمنت جهات دولية حتى من مساندي النظام السوري لو أن دمشق سمحت للقوافل الإغاثية التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر بأن تدخل المناطق المنكوبة وتقدم المساعدات اللازمة لمستحقيها لكن ذلك لم يحدث بعد، موقف دفع بالكثيرين بينهم موسكو و بكين للأسف للموقف السوري وجعل غيرهم يذهبون إلى أبعد من ذلك في سؤال عما لا يريد النظام السوري لقوافل الصليب الأحمر أن تراه، في غياب الجواب الدقيق الحاسم من مصادره المستقلة جاءت تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتكشف عن تقارير وصفها بالمروعة قال إنها وصلته تؤكد قيام القوات السورية بإعدامات تعسفية وسجن وتعذيب في مدينة حمص انتقاما من معارضيها، صورة قاتمة أعادت إلى الواجهة الجدل الدولي الذي زاد تركيزه مؤخرا على الجانب الإنساني بعد أن وقفت السياسة حائلا دون تسليط مزيد من الضغوط على النظام السوري لعلها تمنعه من التمادي في قمع شعبه، وأمام التعقيدات التي اعترضت فكرة الممرات الإنسانية الآمنة لاح حديث وزير الخارجية البريطاني ديفد كاميرون عن أولوية إيصال المساعدات ومحاسبة نظام الأسد صكا بلا رصيد إلى الآن على الأقل، لا يرقى إلى استحقاقات المرحلة التي تمر بها سوريا اليوم، تراهن السلطات السورية على كسر حاسم لشوكة الاحتجاجات، تستبق به أي تطور في الموقف الدولي قد يقود إلى تدخل عسكري محتمل من خارج الأمم المتحدة، بيد أن مشكلتها الأكبر تكمن في أن المعالجة الأمنية تنصب على نتائج الأزمة دون جذورها العميقة.

[نهاية التقرير]

أسباب منع الصليب الأحمر من دخول بابا عمرو

عبد القادر عياض: ولمناقشة هذا الموضوع الإنساني وتداعياته القانونية معنا من برلين الدكتور رضوان زيادة، مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان وعضو المجلس الوطني السوري، من بيروت معنا المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة جوستيسيا لحقوق الإنسان، وعلى الهاتف سيكون معنا من دمشق الباحث السياسي شريف شحادة، وأيضا على الهاتف صالح دباكة، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، ولنبدأ بداية لنقف على ما يجري من مفاوضات بين الصليب الأحمر وبين السلطات السورية فيما يتعلق بالسماح لهم بالدخول إلى حي بابا عمرو، أبدأ بضيفي السيد صالح دباكة، ما الذي توصلتم إليه حتى الآن وهل قدم لكم تفسير لماذا تمنعون إلى الآن؟

صالح دباكة: الحقيقة أنه اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري حصلا على موافقة السلطات السورية يوم الخميس الماضي، لدخول منطقة بابا عمرو، حمص طبعا يعني نحن نمثلها بشكل مستمر، وهناك فرع جيد وممتاز للهلال الأحمر العربي السوري يقوم بعمله بشكل يومي ولكن للأسف لا يوم الجمعة ولا اليوم استطعنا أن نصل أو أن ندخل، الحقيقة أني لا أريد أن أدخل يعني بأسباب ولا بتفسيرات لأن لكل أسبابه ولا أريد أن أناقشها، ما يهمني.

عبد القادر عياض: ولكن ما الذي يقال لكم بشكل رسمي؟

صالح دباكة: يعني هناك بعض الأمور على الأرض المفروض أن يتم التغلب عليها، ما أقوله أنا الآن المهم هو الآن في ظل الوضع الراهن هو أن نستطيع دخول المنطقة لأن هناك الكثير من الناس الذين سيحتاجون بشكل أكيد للمساعدات الإنسانية، هناك الكثير أيضا مما ينبغي إخراجهم وإخلاؤهم من المنطقة إن كانوا مصابين بجراح من أجل تقديم المزيد من العناية الطبية لهم، عملنا بالأساس إنساني، هذا هو بالأساس ما يهمنا وهذا ما نسعى إليه، لم نستطع لا الأمس ولا اليوم وسنحاول بكره إن شاء الله، ويعني الموافقة ما زالت مستمرة من السلطات السورية.

عبد القادر عياض: ولكن سيد صالح، نفهم الوضع بشكل جيد على صعيد التصريحات من قبلكم ولكن ما الذي يقال لكم من المعنيين من الجهات الرسمية، من تفاوضونه من أجل الدخول إلى هذا الحي، ما الذي يقولون؟ لماذا يمنعون؟

صالح دباكة: يا سيدي هناك وقائع على الأرض، هناك أحداث، يعني أشياء تحدث على الأرض، لا أريد أن أدخل حقيقة فيها لأنها لن تساعدنا ولن تساعدنا على الوصول إلى الهدف الرئيسي والمهم وهو القيام بمساعدة من يحتاج إلى مساعدة وإخراج من يحتاج إلى المزيد من العناية الطبية، غدا إن شاء الله سنحاول مرة ثانية ونتمنى ونأمل أن نستطيع الدخول، وأن نستطيع يعني ليس فقط الدخول وإنما أيضا إدخال مساعدات إنسانية لمن يحتاجها داخل حي بابا عمرو والإغاثة أيضا وإخراج من نستطيع إخراجه كما تقدمت من أجل أن يتم إنقاذ حياته، عملنا بالأساس يقوم نحن والهلال الأحمر العربي السوري على إنقاذ حياة الناس على تقديم العون، على التخفيف من آثار القتال الذي حدث.

عبد القادر عياض: طيب وأنت تكلمنا نشاهد الآن صور عن طريق الوكالات لحي بابا عمرو في حمص وكذلك دخل التلفزيون السوري والتقط بعض الصور عما يجري في حي بابا عمرو، ما وصلكم من شهادات مؤكدة حتى الآن عن أخطر ما نقل لكم عما جرى ويجري في حي بابا عمرو؟

صالح دباكة: يا أخي عبد الصمد أقولها مرة أخرى إنه حتى الآن نحن لم نستطع دخول الحي، إذا لم نستطع دخول الحي لم نستطع أن نشاهد بأعيننا، وإن لم نستطع الحديث مع الناس بأنفسنا فلن نستطيع حقيقة تقييم الوضع والتعرف على ما حصل، ولن نستطيع حتى تقدير يعني كم شخص يحتاج للمساعدة وأي من الناس وأرقام الناس التي تحتاج إلى مثلا إخلاء، اللجنة الدولية للصليب الأحمر عملها يقوم على أن نستطيع نحن بأنفسنا مندوبين، موظفين تأكيد ما يحصل على الأرض، إذا لم نستطع القيام بذلك لا أستطيع أن أتحدث حتى في الموضوع ولأن الهدف الأساسي كما قلت هو أن نرى بأعيننا.

عبد القادر عياض: هل هناك أي مؤشرات توحي بأن تفاوضكم قد يفضي إلى دخولكم قريبا إلى حي بابا عمرو؟

صالح دباكة: يعني حقيقة إنه يومين من التأخير نحن نقول إنه يكفي لأنه كان بالإمكان لو دخلنا يوم الأحد أن ننقذ حياة بعض الأشخاص، يعني لست أدري كم أو مدى خطورة إصابات الناس، الأهالي أو المصابين، في المنطقة ومدى حاجة الناس إلى الطعام مثلا، إلى الغذاء إلى البطانيات، إلى أي مساعدات إنسانية، وبالتالي أي تأخير وكل يوم تأخير سيعطلنا عمليا عن القيام بهذا العمل وقد يؤدي إلى وفاة المزيد من البشر وهذا ما لا نريده، نريد.

عبد القادر عياض: طيب سؤال أخير سيد صالح دباكة، سؤال أخير، بالنسبة لتحرك الصليب الأحمر في مناطق أخرى من سوريا، هل تتحركون كما تريدون أم أن أيضا هناك معوقات ولكن بأشكال أخرى؟

صالح دباكة: لأ يعني القافلة التي ذهبت حتى أعطيك مثالا، القافلة التي ذهبت إلى حمص بالأمس هي رابع قافلة يتم إرسالها إلى حمص منذ الحادي عشر من شهر شباط/ فبراير، الأسبوع الماضي يعني وصلنا مساعدات إلى إدلب، إلى حماة، إلى درعا أيضا، اللجنة الدولية لديها ترخيص وموافقة من السلطات بدخول جميع المناطق، مناطق الاضطرابات منذ شهر حزيران الماضي، هناك بعض الأحيان طبعا هناك في مشاكل بعض الأحيان في معوقات ولكن بشكل عام ما زلنا قادرين على تقديم وإيصال المعونات الإنسانية والطبية إلى جميع مناطق الاضطرابات والمظاهرات.

عبد القادر عياض: أشكرك، أشكرك سيد صالح دباكة المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، الآن إلى السيد شريف شحادة، الباحث السياسي معنا من دمشق، سيد شريف، ما الذي يفسر حتى الآن عدم السماح للصليب الأحمر بالدخول إلى حي بابا عمرو في حمص؟

شريف شحادة: مساء الخير لك وللسادة المشاهدين.

عبد القادر عياض: أهلا وسهلا.

شريف شحادة: حقيقة مشكلة بابا عمرو هي ليست مشكلة سورية على الإطلاق أي بمعنى مشكلة الدولة، فسوريا تتعاون مع المنظمات الدولية في كافة المجالات ولكن ما يزال في أحياء في باب عمرو هناك طرقات ملغمة وهناك بعض المسلحين المتواجدين في بعض الأحياء.

عبد القادر عياض: ولكن هذا لم يمنع التلفزيون السوري من الدخول.

شريف شحادة: نعم، لكن أنا أعتقد أنه اعتبارا من غد أو بعد غد أعتقد أنه سيسمح بدخول قافلة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر، نحن لا نرى في دخول هذه المنظمات أي مشكلة حاليا، يعني بعد يوم أو يومين وبالتالي فإن التعاون السوري سيكون جادا وقد تحدث السيد بشار الجعفري أن سوريا مستعدة للتعاون.

عبد القادر عياض: ولكن سيد شريف، أنقل ما تقوله المعارضة أو أصوات أخرى في داخل سوريا أو خارج سوريا، ما الذي يمنع؟ يدخل التلفزيون السوري ولا تكون هناك معوقات كالتي ذكرتها، هناك طرقات ملغمة أو أماكن لم يتم السيطرة عليها بشكل كامل وتمنع هيئة دولية يفترض بأنها تدخل إلى هذا الحي تحت إشراف من الجيش السوري وبالتالي هناك تأمين لدخوله؟

شريف شحادة: سؤالك جيد، أنا سأقول لك، أولا.

عبد القادر عياض: للأسف فقدنا الاتصال بالسيد شريف شحادة، ربما نعاود الاتصال به لنستنير برأيه في هذه الحلقة فيما يتعلق بهذا الموضوع، أتوجه إلى ضيفي في برلين الدكتور رضوان زيادة، مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان، وعضو المجلس الوطني السوري، هل من تفسير لديكم لهذا المنع وقد سمعت معنا ما كان يقوله السيد صالح دباكة بأنه لا يستطيع الكلام حرصا على القيام بهذا الواجب الإنساني، هل من تفسير لديكم؟

رضوان زيادة: يعني في البداية دعني أقدم الرحمة لكل شهدائنا والشفاء لجرحانا، نحن نعرف أن الصليب الأحمر هي كمنظمة إنسانية أسست تقريبا منذ الأربعينيات في القرن الماضي، هدفها بشكل رئيسي هو هدف إنساني إيصال المساعدات الإنسانية، وبالتالي هي تتجنب بأي شكل من الأشكال إصدار بيانات أو إصدار أحكام قيمية قد تؤثر على عملها الإنساني، وبالرغم من كل ذلك ومن حساسيتها ومن موقعها لم يسمح لها النظام السوري بالدخول إلى المناطق المختلفة، لم يسمح قبل ذلك بالدخول إلى حماة، لم يسمح بالدخول لها إلى حمص، ولم يسمح لها بالدخول إلى بابا عمرو، أكثر من ذلك، كان هناك استهداف لطاقم المسعفين للهلال الأحمر وللصليب الأحمر نحن نتذكر استشهاد.

عبد القادر عياض: لكن الآن، لماذا الآن مع كل هذا،عفوا، لماذا مع كل هذا الإصرار وهذا الضغط الدولي المتزايد فيما يتعلق بالوضع الإنساني في سوريا ومع ذلك إلى الآن ما زال يمنع الصليب الأحمر من دخول حي بابا عمرو؟ هل من تفسير لذلك؟

رضوان زيادة: لأن النظام يعرف تماما حجم الجرائم التي ارتكبها في بابا عمرو، يعني التقارير التي تصلنا حول الإعدامات الجماعية التي تتم للمدنيين، وأحيانا يتم عبر طريق الذبح، وبالتالي هذه كلها تقارير هي صادمة ليس فقط للرأي العام السوري، للرأي العام العالمي، أن هناك نظام أو عصابات الأسد استباحت بشكل كامل المدينة، أحيائها، قراها، وكل البشر الموجودين في تلك المنطقة.

عبد القادر عياض: ولكن دكتور رضوان، إن كان ما تقوله بهذا المستوى سيدخل في النهاية الصليب الأحمر كما توقع معنا قبل قليل السيد صالح دباكة في حال سمح له وسيأخذ الشهادات وسيوثق ما يراه بالإضافة إلى عمله الإنساني وبالتالي هل هذا التفسير واقعي بدرجة كبيرة برأيك؟

رضوان زيادة: هم يحاولون خلال ثمانية وأربعين ساعة وأكثر من ذلك إخفاء كل الأدلة والشواهد التي تدل على ذلك والمؤشرات التي عبر إدخال التلفزيون السوري الرسمي الذي أصبح قناة الكذب الرسمية والترداد هو الهدف من إيصال الرسالة عكس ما تصل به التقارير الأخرى الموثقة والتي أكدها بان كي مون اليوم الأمين العام للأمم المتحدة فيما يتعلق بحالات الإعدام خارج نطاق القانون لعدد كبير من المدنيين في منطقة بابا عمرو والخشية التي أكد عليها المجلس الوطني السوري بأن هناك خوف حقيقي لارتكاب مجازر، نحن نعرف أن النظام الآن وصل إلى مرحلة الجنون المطلق في استخدام كل الآليات المدفعية الثقيلة في استهداف المدنيين، كما جرى خلال الأسابيع الماضية لبابا عمرو، وما حدث في بابا عمرو ليس هي وصمة عار في جبين النظام السوري، بل هي وصمة عار في جبين الإنسانية التي سمحت لارتكاب هذه المجازر.

آلية التوثيق القانوني لانتهاكات حقوق الإنسان

عبد القادر عياض: إلى حين التوثيق من قبل جهات محايدة عن مستوى ما جرى ويجري في حي بابل عمرو دعني أتوجه في سؤالي لضيفي في بيروت، المحامي الدكتور بول مرقص، أسأله عن الجانب القانوني فيما يتعلق بتوثيق ما يجري في مكان ما في ظل منع جهة وتحدث جهة أخرى عن حدوث مجازر أو اختراق وخرق لحقوق الإنسان في مكان ما، كيف يجري التكييف والتحرك الدولي في مسألة كهذه؟

بول مرقص: عندما نقول توثيق قانوني بمعنى تحضير الملف القانوني سواء للقضاء الداخلي الوطني أو للقضاء الدولي، فيستأنس طبعا بالتقارير الإعلامية وبتقارير الهيئات الإنسانية ومنها المنظمة الدولية للصليب الأحمر ولكن هذا لا يكمن كمستند موثق رسمي وإنما يصار إلى تجهيز وتأليف لجنة تحقيق سواء قضائية وطنية أو دولية بتكليف من الأمم المتحدة كي تستقصي الحقائق وتضع نتيجة تحقيقها، هذا يكمن إما عبر لجنة تحقيق بحد ذاتها أو في إطار إحالة من القضاء الوطني، أو النيابة العامة أو الإدعاء الدولي بمعنى المحكمة الجنائية الدولية مثلا للملف إلى المحكمة وبالتالي يؤخذ بهذه المؤشرات كقرائن.

عبد القادر عياض: طيب

بول مرقص: ولكن لا يمكن الاستناد عليها.

عبد القادر عياض: في الجزء الثاني دكتور بول سنفصل في هذه المسألة، مسألة ما يجري من توصيف بأنه خرق لحقوق الإنسان والتحرك الدولي على صعيد منظمة الأمم المتحدة وتفريعاتها الإنسانية على ما يجري في سوريا ومصير هذا الملف وما قد يحدث فيه، سنناقشه بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

الصيغة المتوقعة للتحرك الدولي

عبد القادر عياض: أهلا بكم من جديد في حلقتنا التي نتناول فيها تعثر جهود إغاثة سكان حي باب عمرو وحديث عن جرائم واسعة فيه ارتكبت بأيدي النظام كما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي قدمه البارحة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دكتور رضوان، البارحة مندوب سوريا معلقا على ما جاء في تقرير بان كي مون قال هناك مؤشر خطير، فيما جاء وقاله السيد بان كي مون في الوقت الذي يوجد فيه مبعوث دولي هو السيد كوفي عنان مكلف بمهمة يسود حولها الكثير من الغموض حتى الآن عن طبيعتها، الآن المجتمع الدولي هل يتحرك في اتجاه صيغة يقودها السيد كوفي عنان؟ أم هناك صيغة أخرى جزء منها ما قاله السيد الأمين العام بان كي مون البارحة وحمل فيه الكثير للنظام السوري؟

رضوان زيادة: يعني في الحقيقة المسألة السورية والجرائم ضد الإنسانية لأول مرة وضعت المجتمع الدولي أمام تحدِ خطير، لأن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف اجتمع لأول مرة في تاريخه لأربع جلسات خاصة وانتهى في تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة ممثل من المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان برئاسة البرازيلي باولو بان ما جرى في سوريا هي جرائم ضد الإنسانية ويجب محاسبة المرتكبين، وبنفس الوقت الذي تصدر فيه كل هذه التقارير بأن ما جرى في سوريا جرائم ضد الإنسانية نجد أنها ترتكب ولا يستطيع المجتمع الدولي اتخاذ الأفعال الضرورية من أجل إيقافها، وهذا الذي يجري النقاش حوله اليوم وما تفضلت به حضرتك أن الأمين العام للأمم المتحدة مع عدة دول يفكرون في الطريقة الأنسب من أجل إحالة هذه الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية، لأن محكمة الجنايات لا تستطيع أن تفتح تحقيقا لأن سوريا هي ليست، هي موقعة على اتفاق روما لكنها ليست مصادقة، وبالتالي هناك حلين، إما أن يتم إحالة هذه الجرائم عبر مجلس الأمن الدولي، ومجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي ليس من المتوقع أن يقوم بذلك، أو أن تنشئ الأمم المتحدة محاكم لجرائم الحرب التي ارتكبت من قبل النظام السوري بحق المواطنين السوريين وهذا يحتاج إلى قرار جديد من مجلس الأمن وبالتالي الآن يجري التفكير بأنه ربما تستطيع الجمعية العامة للأمم المتحدة إحالة هذه الجرائم ضد الإنسانية إلى محكمة الجنايات الدولية من دون المرور إلى مجلس الأمن.

عبد القادر عياض: لنلقي الضوء على هذا الأمر ولكن في شقه القانوني مع الدكتور بول مرقص من بيروت، دكتور بول، متى يصبح ملف ما جاهز حتى يوضع ويرفع إلى محكمة الجنايات الدولية تحت بند حقوق الإنسان؟

بول مرقص: حسب نظام محكمة الجنايات أو المحكمة الجنائية الدولية، وهذا أصح، أي نظام روما هناك جرائم معددة على وجه الحصر، إما أن تكون جرائم ضد الإنسانية وفي هذه الحال تعتبر crimes of أو against humanity أو جرائم الإبادة الجماعية، أو جرائم حرب، أو جرائم العدوان، الجريمة ضد الإنسانية حسب التعريف المعطى في المادة 7 من نظام روما هي هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد مجموعة من السكان المدنيين عن علم، إما من قبل دولة أو منظمة، أو يعني بصورة ممنهجة وبشكل متكرر، إذن هنالك ثلاثة أركان للإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، أن تكون هنالك سياسة منهجية ضد المدنيين، السكان المدنيين، ثانيا، أن تكون هذه الجريمة من الجرائم المذكورة والمعددة في نظام روما لعام 1998، الذي دخل حيز التنفيذ عام 2002، وان يكون هنالك هجوم واسع النطاق أو ممنهج ضد المدنيين، السكان المدنيين، تكون الإحالة إما من قبل الدولة العضو في محكمة روما وهنالك اليوم 120 دولة عضو في محكمة روما تستثنى منها الولايات المتحدة وروسيا، والصين، ولبنان وسوريا، إلى آخره، أو من قبل مجلس الأمن في هذه الحالة وأقول ليس من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعية العامة للأمم المتحدة لا تستطيع أن تحيل جريمة ما على المحكمة الجنائية الدولية، أو يتحرك المدعي العام الدولي في هذه الحالة، وهنا أخص بالدلالة أنه حتى لو لم تكن الدولة طرفا في المحكمة الجنائية الدولية بصدد جريمة معينة هنالك استثناء حصري كي تتم الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية ولا يمكن أن يقف عائقا أمام ذلك اليوم أن لا تكون الدولة عضوا.

عبد القادر عياض: أشكرك، عذرا الوقت دكتور بول مرقص رئيس مؤسسة جوستيسيا لحقوق الإنسان، وكان معنا من برلين الدكتور رضوان زيادة، مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان وعضو المجلس الوطني السوري، بهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر نلتقي بإذن الله في قراءة جديدة فيما وراء خبر جديد، إلى اللقاء بإذن الله.