ما وراء الخبر

الغضب التونسي في الذكرى الثانية للثورة

تناقش الحلقة الاحتجاجات الشديدة التي قوبل بها الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر في مدينة سيدي بوزيد في الذكرى الثانية لاندلاع شرارة الثورة.

– دلالات احتجاجات سيدي بوزيد
– أزمة الثقة بين الحكومة والمعارضة

– الترويكا وتحقيق أهداف الثورة

– آلية الخروج من المأزق

 

‪عبد الصمد ناصر‬ عبد الصمد ناصر
‪عبد الصمد ناصر‬ عبد الصمد ناصر
‪صلاح الدين الجورشي‬ صلاح الدين الجورشي
‪صلاح الدين الجورشي‬ صلاح الدين الجورشي
‪الجُمعي القاسمي‬ الجُمعي القاسمي
‪الجُمعي القاسمي‬ الجُمعي القاسمي
‪سامي براهم‬ سامي براهم
‪سامي براهم‬ سامي براهم

عبد الصمد ناصر: احتجاجات شديدة قوبل بها الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر في مدينة سيدي بوزيد في الذكرى الثانية لاندلاع شرارة الثورة.

السلام عليكم ورحمة الله نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين: ما مدى انتشار حالة الغضب في المجتمع التونسي من أداء الترويكا الحاكمة في البلاد؟ وهل في وسع الفريق الحاكم أن ينجح في تحقيق تطلعات المواطنين خاصة الاقتصادية منها؟

على الرغم من أن سيدي بوزيد كانت مهد الثورة التونسية إلى أن سكانها لا يشعرون أن تضحياتهم لخلع الرئيس السابق زين العابدين بن علي قد أثمرت، فما زالت المدينة وغيرها من الجهات الأخرى تشكو من التهميش والبطالة وانخفاض معدلات التنمية وتعتقد أن السبب في ذلك يعود لسوء أداء الفريق الرئاسي الحاكم.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: عامان على الثورة التونسية مخاض لم يضع وزره بعد تؤكد ذلك مشاهد استهداف المنصة الرئيسية في احتفالية سيدي بوزيد المدينة التي انطلقت منها شرارة فاتحة ثورات الربيع العربي، في خلفية استقطاب سياسي حاد واحتقان اجتماعي محوره مدى نجاح الفريق الحاكم في الإيفاء بوعوده الانتخابية وأهمها التعجيل بكتابة دستور جديد يؤسس للاستقرار السياسي وتنمية تنصب على الجهات المهمشة قبل غيرها، وضعت انتخابات المجلس التأسيسي تحالفا هشا بين حزبين علمانيين وحركة النهضة الإسلامية وجها لوجه مع تحديات جمة، تحالف أمضى قادته سنوات طويلة في السجن والنضال السياسي لكنهم لم يختبروا ولو بالحد الأدنى تسير دواليب الحكم وتدبير مطالب الناس، طلب الفريق الحاكم دون جدوى من الفاعلين السياسيين والنقابيين هدنة اجتماعية بسته شهور لعل البلاد تلتقط شيئا من أنفاسها الاقتصادية بعد عقود من الفساد وأيام عاصفة من الانفلات الأمني قبيل وبعيد الثورة لتغرق البلاد في موجة عاتية من استقطاب سياسي حاد اتخذ من الاحتجاجات الاجتماعية والانفلات الأمني حطبا لنيرانه المستعرة، حكومة تقول أنها استلمت البلاد مثقلة بتركة كبيرة من مختلف أنواع الفساد مثخنة بالاعتصامات العنيفة وأعمال التخريب وقطع الطرق وإغلاق المصانع لتكابد بذلك مصاعب الموازنة بين حق الناس في الاحتجاج السلمي وضرورة تحقيق الأمن لفسح المجال للمجهود التنموي، رواية لم تقنع المعارضة يوما وهي التي رمت الحكومة ومنذ البداية بالمحاصصة الحزبية وبانعدام الكفاءة والنكوص عن تحقيق الوعود الانتخابية وغياب الرؤية الواضحة للخروج بالبلاد من أزمتها كما اتهمتها بالتراخي تجاه الخطر السلفي والقمع للاحتجاجات الاجتماعية المشروعة، المعارضة التي رفضت قانون إقصاء أتباع التجمع حزب بن علي اعتبرت غياب الوفاق الوطني وتعثر مساري كتابة الدستور والتنمية دليلا على فشل ذريع للفريق الحاكم في ممارسة مهمة الحكم محذرة من أن استمرار الحال على ما هو عليه قد يقود عاجلا أم آجلا إلى نفاذ صبر التونسيين تحت وطأة ظروفهم المعيشية القاسية كما فعلوا من قبل مع الرئيس المخلوع بن علي، بين الرؤيتين المتصارعتين مواطن يرى ما يحدث عن كثب في انتظار أن يفصح بالانتخابات المقبلة عن حكم الفصل بين الأطراف السياسية المتصارعة على خطب وده.

[نهاية التقرير]

دلالات احتجاجات سيدي بوزيد

عبد الصمد ناصر: ولمناقشة هذا الموضوع ينضم إلينا في الأستوديو المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي وعنا من تونس الكاتب والباحث السياسي سامي براهم ومن تونس أيضا الجمعي القاسمي الكاتب والمحلل السياسي، مرحبا بضيوفي الكرام أستاذ الجورشي نبدأ معك هنا في الأستوديو ما وقع في سيدي بوزيد من رشق الرئيس ورئيس المجلس التأسيسي بالبيض والحجارة وإسماعه كلاما يعني ربما لم يكن يتوقع، ما دلالات ما وقع هل ما وقع يمثل شعور كل التونسيين يمثل موقف كل التونسيين من هذه السلطة الجديدة؟

صلاح الدين الجورشي: يعني أولا ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها مسؤول حكومي ومسؤول رسمي أن يتعرض لمثل هذه الممارسة حيث حدث في أكثر من جهة الأمر الثاني أنه لا اعتقد..

عبد الصمد ناصر: بهذا الأسلوب؟

صلاح الدين الجورشي: يعني بأسلوب شبيه حتى لا نقول بضرب الحجارة، لكن الذي حصل هذه المرة تعرض له مسؤولان كبيران رئيس دولة ورئيس المجلس الوطني التأسيسي..

عبد الصمد ناصر: رموز.

صلاح الدين الجورشي: ورموز المرحلة الجديدة.

عبد الصمد ناصر: ورموز الثورة أيضا.

صلاح الدين الجورشي: نعم ولا اعتقد بأنه هذا سلوك غالب لدى التونسيين حتى في سيدي بوزيد لا اعتقد أن هناك رضاء تام على استعمال هذا الأسلوب ضد رموز الدولة، إلى حد الآن لا نعرف ما هي الجهة التي بادرت برمي الحجارة لكن مع ذلك اعتقادي أن ما حصل يعكس أمرين أساسيين: أولا أن هناك حالة احتقان لدى الشارع التونسي ما زالت تعبر عن نفسها بأشكال متعددة وهذه الحالة حالة الاحتقان لها أسباب موضوعية ولها أسباب ذاتية، الأسباب الموضوعية تتعلق بإحساس عام لدى التونسيين بأنه بعد سنتين من الثورة لم يتغير شيء مهم وملموس لدى المواطنين.

عبد الصمد ناصر: لا ضوء في النفق.

صلاح الدين الجورشي: يعني يشعرون وكأنهم لم يخرجون بعد من النفق هذا إحساس موجود عند غالبية واسعة عند التونسيين، والأمر الثاني هناك عدم رضا لدى قطاع واسع أيضا من التونسيين عدم رضا على أداء الحكومة وعدم رضا أكثر وضوحا على المجلس الوطني التأسيسي الذي يفترض أنه مكلف بصياغة الدستور في فترة كان يتوقع التونسيون بأنها تكون قريبة ولذلك استهداف رموز الدولة ورمزية رئيس المجلس الوطني التأسيسي ربما الاعتداء ليس موجه لشخصه ولكن تعبير كما قلت عن عدم رضا.

عبد الصمد ناصر: طيب أستاذ سامي براهم الكاتب والباحث السياسي من تونس هل ما وقع في سيدي بوزيد هو رسالة أخرى جديدة من الشعب التونسي للقادة رسالة ارحل أم أن هناك من وقف وراء ما جرى وله أهداف ما ويريد أن يظهر هذه القيادات خاصة الرئيس المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي الوطني وكأنها قيادات منبوذة من الشعب؟

سامي براهم: شكرا على الاستضافة دعني أجيب عن سؤالك من خلال نقطتين النقطة الأولى هي أولا تعليقنا على ما حدث في سيدي بوزيد في تقديرنا هو إساءة لسيدي بوزيد ولثورة سيدي بوزيد ولمفجر هذه الثورة والشرارة الأولى لهذا الربيع العربي بالإضافة إلى أنه إساءة إلى رموز الدولة المنتخبين انتخابا شرعيا شفافا ونحن نربأ بأهلنا في سيدي بوزيد بأحرارهم بشبابهم عن الإساءة لسيدي بوزيد والتشويش على سيدي بوزيد في يوم مقدس في يوم مهم كهذا، أنا في تقديري الراجح أن هذا التحرك ليس مجرد تحرك عفوي تقوده خلفية اجتماعية احتجاجية هناك ركوب على الحراك الاحتجاجي، المشروع هناك ركوب من طرف بعض الأطراف السياسية التي أصبحت أصواتها واضحة وعالية وتدعو في كل المظاهرات في كل التحركات إلى الصدام إلى الشوارع من أجل إسقاط هذا النظام هذه الملاحظة الأولى، الملاحظة الثانية يعني في تقديري هناك أسئلة تزيف الوعي هناك أسئلة ملتبسة السؤال الذي يجب أن يطرح اليوم على التونسيين على الضمير التونسي ليس ما الذي أنجز بعد الثورة يعني هناك سؤال استنكاري يتكرر ما الذي أنجزته الثورة وما الذي أنجزه هذا الفريق الحكومي؟ السؤال الذي يجب أن يطرح السؤال المنهجي السؤال السياسي السؤال الذي يبني وعيا ما الذي أنجز مما يمكن إنجازه ضمن المعطيات المتاحة ضمن إكراهات التركة الثقيلة التي ورثها هذا الفريق الحاكم بعد خمسين سنة من الاستبداد؟ هات نجزأ هذا السؤال لأن السؤال اليوم عندما يطرح بإطلاقه ما الذي أنجز؟ فكأن هذه الحكومة مطلوب منها أن تشغل أكثر من 800 ألف عاطل عن العمل في وقت قياسي مطلوب منها أن تقوم بخطوة نوعية في البنية التحتية، المواطن يقول أنا لا أحس أي شيء أنجز لأن هناك عملية تزييف لوعيه هناك عملية تلبيس، فكأن هذه الحكومة مطالبة أن تنجز ما لا يمكن لها إنجازه هي أو غيرها أو أي حزب في موقعها أو أي فريق في موقعها السياسي أو تكنوقراطي يعني طرح الأسئلة المغلوطة منذ البداية يوقع في النتائج المغلوطة ويزيف وعي عموم الناس ويؤدي إلى الاحتقان وإلى الشحن وإلى الإحساس بالإحباط من عدم تحقق ما لا يمكن تحقيقه ضمن المعطيات المتوفرة.

عبد الصمد ناصر: الأستاذ الجُمعي القاسمي أنت الكتاب والمحلل السياسي الأسئلة التي يفترض أن تطرح وأن تلام عليها السلطة الجديدة أو الحكومة وهي ما الذي كان بإمكانها أن تقوم به ولم تفعله، بينما هناك أسئلة لا يراد منها سوى التحريض على الحكومة لإسقاطها كما نفهم من الأستاذ سامي براهم؟

الجُمعي القاسمي: أخي عبد الصمد دعني أشير أولا إلى أن الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر ليسا من رموز الثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق هما كانا معارضان ولم يكن لهما دورا خلال تلك المرحلة التي انطلقت من 17 ديسمبر إلى 14 يناير من عام 2011 عودة إلى سؤالك نقول أن المسألة في تحديد الأولويات، هذه الحكومة عندما جاءت إلى الحكم لم تحدد أولويات واضحة وتاهت في بعض التفاصيل الجزئية الصغيرة التي ليست لها صلة بطبيعة الثورة وانتظارات وتطلعات المواطن التونسي في سيدي بوزيد والقصرين وغيرها من مناطق الداخل هذا البرنامج الواضح المفقود من حيث التخطيط لتنمية واضحة تقطع مع التهميش والإقصاء الذي ساد خلال السنوات الماضية كان واضحا أن هو الذي أدى إلى حالة من الاحتقان والغضب وصولا إلى الإحباط ذلك أن هذه الحكومة توجهت في معالجة العديد من الملفات الأخرى حتى بدا للكثير من فئات المجتمع التونسي أن هذه الثورة تاهت بين ثنايا هذه الملفات وبين تضاريس التجاذبات والاستقطاب السياسي الراهن كان يتعين على هذه الحكومة..

عبد الصمد ناصر: لكن هذه التجاذبات من يتحمل مسؤوليتها؟ من يتحمل مسؤولية هذه التجاذبات؟

الجُمعي القاسمي: الاثنان معا بمعنى الائتلاف الحاكم أولا ثم بقية قوى المعارضة ثانيا، ذلك أن الحكومة..

أزمة الثقة بين الحكومة والمعارضة

عبد الصمد ناصر: لكن الحكومة ربما قد ترد بأنها تريد أن تعمل وتريد أن يكون هناك مناخ مهيأ للعمل لكن المعارضة لا توفر لها لا العمل ولا الظروف وأيضا لا تعطيها تمنحها الثقة والوقت؟

الجُمعي القاسمي: لأن الحكومة في البدء كان برنامجها ضبابي وغامض ثم أن هذه الحكومة جاءت لتصريف الأعمال باعتبار أن انتخابات 23 أكتوبر كانت لانتخاب مجلس تأسيسي لصياغة دستور خلال عام ثم الحكومة التي أتت لتصريف أعمال الدولة خلال تلك المرحلة التي حُددت بعام ثم نذهب إلى انتخابات تقطع مع مرحلتي الانتقاليتين في البلاد لكن هذه الحكومة دخلت في تفاصيل أخرى جزئية وحادت عن الخط الأساسي الذي من أجله جاءت وهنا المعارضة حقها في أن تلتقط هذا الحياد الذي أنبنى عن غموض وضبابية لتوجه سهامها إلى الحكومة وبالتالي نصل إلى هذا المأزق الذي وصلنا إليه بحيث تاه مسار الثورة في هذه التجاذبات والاستقطابات.

عبد الصمد ناصر: ونحن وصلنا إلى نهاية الجزء الأول من هذه الحلقة سنواصل نقاشنا لكن بعد هذا الفاصل  فابقوا معنا مشاهدينا الكرام.

[فاصل إعلاني]

الترويكا وتحقيق أهداف الثورة

عبد الصمد ناصر: أهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد لنقرأ ونستطلع الحالة التونسية اليوم بعدما حدث من رشق للرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس المجلس الوطني التونسي مصطفى بن جعفر في سيدي بوزيد بالبيض والحجارة وبالتالي كان لدى الكثيرين ذلك مؤشرا على حالة احتقان يعيشها الشعب التونسي ولا يقتصر ذلك فقط على حالة الاحتقان السياسي التي تعيشها البلاد أستاذ الجورشي هذه الحكومة هل يؤخذ عليها أنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها أم أنها تفتقد إلى الكفاءات وإلى برنامج واضح كما قال ضيفنا الجُمعي القاسمي؟

صلاح الدين الجورشي: شوف الحكومة لا يمكن الحكم عليها بأنها لم تفعل شيئا هي حاولت ولا تزال أن تنهض بما يمكن النهوض به في هذه المرحلة وقد حققت بعض النتائج لكن هذه النتائج..

عبد الصمد ناصر: ما هي هذه النتائج التي حققتها؟ على أي مستوى؟

صلاح الدين الجورشي: مثلا الآن في تنشيط للحركة الاقتصادية في تونس في نسبة نمو ارتفعت ولو قليلا بالمقارنة مما كان عليه الوضع في 2011، هناك بعض القطاعات تم تشغيلها مثلا هناك قطاع السياحة بدأ يستعيد أنفاسه، هناك بعض الاستثمارات تمت بشكل فعلي هناك بعض الوظائف..

عبد الصمد ناصر: واستثمارات تبخرت..

صلاح الدين الجورشي: واستثمارات أخرى تبخرت نعم لكن رغم هذا الجهد فإن تقريبا هناك اتفاق في تونس أو شبه اتفاق بأن أداء الحكومة لا يزال دون المطلوب بكثير يعني هناك ضعف في الأداء وهذا لم تقله المعارضة فقط ولم يقله المراقبون أصبح هذا الأمر مسلم به حتى من داخل الترويكا نفسها انتقادات وجهها رئيس الجمهورية جول هذه المسألة وقال بأن أداء الحكومة ضعيف ودون انتظارات المواطنين أعضاء في حزب التكتل بل هناك أطراف داخل حركة النهضة هناك حملة تسمى حملة اكبس تطالب الحكومة بأن تفعل أكثر ما يمكن لأن أداءها ضعيف أكثر من ذلك هناك حديث في تونس عن تحويل وزاري، تحويل وزاري ماذا؟ في تقييم أداء الحكومة وبعض الأسماء من الوزراء أصبحت مطروحة بحجة أن أدائها كان ضعيفا، إذن لا خلاف حول هذه المسألة، المسألة الثانية تتعلق بالحكومة أن الجهات وخاصة الجهات المنكوبة والمحرومة بالفعل لم تلمس على أرض الواقع تغييرات واضحة وأساسية، صحيح أن إمكانيات الحكومة محدودة لكن في تقديري كان من المفروض على الحكومة أن تصارح أبناء هذه الجهات وأن تعلمهم بحدود إمكانياتها وأن تشركهم في النقاش حول الأولويات وإن تشركهم في الخصوص في إدارة المشاريع ووضع الأولويات بل أنا أدعو إلى أنها تشركهم حتى في إدارة المشاريع المقبلة، إذن مما جعل أبناء هذه الجهات المحرومة بعد سنتين يشعرون وكأنه لا توجد..

عبد الصمد ناصر: ولا عذر للحكومة حينما تقول بأنها وجدت ميزانية شبه فارغة بعد سقوط النظام السابق المخلوع..

صلاح الدين الجورشي: الحكومة لها مجموعة من الأعذار لكن في جانب آخر ليس لها أي عذر عندما تعجز عن إقناع المواطنين بأنها تعيش ظرف استثنائي وأن ليس لها أي مبرر بأن لا تشارك أو تشرك المواطنين كما قلت لك في وضع السياسات على المستوى الجهوي وفي بداية ترسيخ الديمقراطية المحلية.

عبد الصمد ناصر: هي عيوب كثيرة ترونها في هذه الحكومة تتفق أنت مع الجُمعي القاسمي سامي براهم إذا كانت الحكومة على هذا الحال لماذا لا يكون هناك على الأقل نوع من التعديل نوع من المراجعة في إستراتيجية أو خطط الحكومة؟

سامي براهم: نعم الحكومة مطالبة أن تراجع أداءها وأنا في تقديري هناك ثلاث إخفاقات لهذه الحكومة، الإخفاق الأول أنها إلى حد الآن لم تتمكن من أن تستجيب لانتظارات وتطلعات التونسيين في ترجمة الشرعية التي وهبها لها جزء مهم من هذا الشعب على مستوى مقاومة الفساد على مستوى التضييق محاربة جيوب الفساد الإخفاق الثاني هو إخفاق في وجود خطاب إعلامي يصل إلى الناس فيه إظهار وإبراز لحقيقة الوضع فيه تصوير للواقع كما هو للتحديات والصعوبات التي تواجهها هذه الحكومة الإخفاق الثالث هو في النجاح في توسيع دائرة التوافق بينما في المقابل المعارضة إخفاقاتها في أن الطبقة السياسية التي تتكون منها هذه النخبة فشلت في أن تتحرر من ذاكرتها السياسية الحزبية المثقلة بأحقاد الماضي اليوم ساحة التجاذب السياسي هي فضاء للتنفيس عن كل المكبوتات السياسية القديمة التي تحرك اللاوعي والوعي السياسي الذي لم يمكن وهذا ما لم يمكن يعني هذه النخبة التي عرفت برصيدها النضالي المتقدم حالت دونها تلك الذاكرة السياسية المثقلة بأحقاد الماضي من أن تصبح قوة اقتراح قوة بناء قوة إنجاز قوة سند حزام لهذه الحكومة بقطع النظر عن الموقف الأيديولوجي منها ما نريده نحن اليوم هو معارضة قوية تنتقد تحتج تدفع الحكومة إلى تبني خيارات أخرى مع المحافظة على السلم الأهلي على الهدوء على الوحدة الوطنية وعدم قطع الطريق على خيار الانتخاب السلمي الذي اختاره التونسيون من دون رجعة اليوم..

عبد الصمد ناصر: أستاذ الجُمعي القاسمي لك الحق بأن ترد وأن تدلي بدلوك فيما قاله سامي براهم المعارضة لا تعمل إلا من اجل المعارضة ولا تعمل بمبدأ أن تكون يد واحدة مع السلطة أجل بناء تونس الجديدة وتحقيق أهداف الثورة وبالتالي تبقى الأحقاد السياسية هي المنطق الذي يعني تتعامل به مع الحكومة؟

الجُمعي القاسمي: يعني في حقيقة الأمر أرى أن مثل هذا الخطاب هو خطاب مغالطة بالأساس باعتبار أن المعارضة أبدت نوعا من المسؤولية منذ البدء وحاولت مد اليد إلى هذه الحكومة حتى تقوم وفق أولويات محددة لتحقيق برامج جدية تنهض بالمناطق الداخلية، لكن طبيعة هذه الحكومة المبنية أساسا على المحاصصة الحزبية بامتياز وبانت منتفخة إلى درجة أنها تاهت كما قلت سابقا في خضم الملفات، المعارضة اليوم تدعو بشكل مسؤول إلى حكومة إنقاذ وطني أو حكومة تكنوقراط مصغرة قليلة العدد تكون ذات هدف محدد يتركز أساسا لتحقيق التنمية أو بناء أسس التنمية في المناطق الداخلية وخلق مناخ آمن قادر أن يوفر أو يجلب ويستقطب الاستثمارات التي بدونها لن تكون هناك تنمية القادرة على امتصاص نسبة البطالة التي استفحلت في مناطق الداخل كما بقية المناطق إذن القول بأن المعارضة هي..

آلية الخروج من المأزق

عبد الصمد ناصر: نعم أمامي ثلاث دقائق أستاذ الجُمعي أريد أن أوزعها دقيقة لكل ضيف من ضيوفنا الكرام أستاذ الجورشي بعد تعدد هذه الصدامات بين السلطة وبين عديد من أهالي المناطق وأيضا الصدامات السياسية تونس إلى أين في دقيقة واحدة؟

صلاح الدين الجورشي: والله أنا في رأيي أن تونس ستخرج من مأزقها، وتونس رغم هذه الصعوبات والتحديات هناك أشياء تتحقق على مستوى على الأرض هناك دستور الآن بصياغته يقترب من نهاية صياغته هناك لكن المطلوب حقيقة هو أولا بناء حوار وطني بين الأطراف ثانيا إعادة الثقة بين التونسيين لأن هناك أزمة ثقة قائمة ليس فقط على مستوى المعارضة والحكومة ولكن بين شرائح عديدة بين المعارضة وأخيرا لو تسمح ضرورة الانتقال قريبا جدا لخارطة طريق واضحة يقطع إنجازها بشكل جماعي.

عبد الصمد ناصر: سامي براهم في دقيقة واحدة ما رأيك في مسألة الجلوس مرة أخرى على طاولة الحوار في إطار حوار وطني بين القوى السياسية؟

سامي براهم: يعني أنا في تقديري أنه نحن بين خيارين لا ثالث لهما إما أن يقع بناء ثقافة تعاقد وحوار وتوافق بين كل الفرقاء السياسيين اليوم من أجل الانتصار إلى تحقيق أهداف الثورة أو أن يكون هناك حسم ويبدو أنه لا مهرب من حسم إيديولوجي هكذا تريد الطبقة السياسية تريد أن تكون تونس مسرحا لحسم إيديولوجي بين خيارين المجتمع غير مهيأ بعد لهذا الشكل من أشكال الحسم هو حسم يحتاج إلى بناء وعي ثقافي معرفي إيديولوجي ليكون الحسم حسما حقيقيا..

عبد الصمد ناصر: وضحت الفكرة سيد سامي أترك المجال الجُمعي القاسمي الدقيقة الأخيرة، الجمعي القاسمي الحسم الأيديولوجي هو الحل أم هناك أشكال أخرى تقترحها كمخرج من هذا المأزق؟

الجُمعي القاسمي: التفاؤل يبقى قائما بدون شك لكن المطلوب اليوم هو التوافق بين جميع القوى السياسية الفاعلة مهما اختلفت أفكارها أيديولوجيتها ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار والتوجه اليوم وقبل غدا إلى حوار وطني حقيقي يحدد الأولويات وبالتالي إخراج تونس من هذا المأزق الذي تردد فيه

عبد الصمد ناصر: شكرا لك سيد الجمعي القاسمي الكاتب والمحلل السياسي من تونس كما كان معنا من تونس أيضا الكاتب والباحث السياسي سامي براهم ومعنا في الأستوديو هنا رافقنا المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي شكرا لضيوفنا الكرام وشكرا لكم مشاهدينا الكرام لمتابعتكم وإلى اللقاء في حلقة أخرى بحول الله.