إحتدام الصراع في كركوك بين الأقليات العرقية
ما وراء الخبر

زيارة رايس إلى كركوك

نتناول زيارة وزيرة الخارجية الأميركية رايس إلى كركوك، في مسعى يرمي إلى تضييق شقة الخلاف حول مصير المدينة، وسط مخاوف من أن تتحول إلى بؤرة توتر في المستقبل.

– ما وراء الزيارة
– أبعاد الأزمة وطروحات التسوية



undefinedجمانة نمور:
أهلاً بكم، نتوقف في حلقة اليوم عند زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى كركوك، في مسعى يرمي إلى تضييق شقة الخلاف والانقسام حول مصير المدينة، وسط مخاوف من أن تتحول إلى بؤرة توتر وعنف في المستقبل. نطرح في الحلقة تساؤلين رئيسين، ما هي أبعاد استمرار التأزم السياسي حول مصير كركوك على استقرار العراق السياسي والأمني؟ وما هي آفاق تسوية أزمة كركوك في ضوء تعقيداتها العرقية، المحلية وامتداداتها الخارجية؟… كركوك تبدو اليوم برميل النفط والبارود في آن معاً. هي اليوم تمثل مخاض العراق المقبل، بلاد الرافدين التي تأمل أن تودّع موجات عنف غداة صراعات مذهبية يُخشى أن تغشاه موجات عنف جديدة، يكون وقودها صراعات عرقية في مدينة تطفو على بحر من النفط. يريدها الأكراد قدساً لهم، ويريدها الآخرون أن تبقى لوحة فسيفساء عرقية، يلتقي على صعيدها العرب والتركمان والأكراد كما التقى آباؤهم وأجدادهم من قبل.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: كثيرة وخطيرة هي مشاكل العراق. غير أن كركوك تبقى واحدةً من بين أعوصها. المدينة التي تتوسط المناطق الكردية والعربية من بلاد الرافدين، والتي ترقد على تنوع عرقي ومذهبي يكاد يختزل المشهد الاجتماعي فيها، تستقر أيضاً على مخزون نفطي هائل يثير لعاب الجميع. مخزونٌ حوّل عقوداً من العيش المشترك بين الطوائف المختلفة إلى برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، بسبب سعي كل من تلك الأطراف لتأمين موقعه من المدينة ومن ثرواتها الموعودة. تكفّل الدستور العراقي الجديد، من خلال مادته 140، بإجراء استفتاء يقرر مصير الفردوس النفطي، إذ أن الأكراد يعتبرونه جزءاً من إقليمهم، في حين يرى غيرهم من العرب والتركمان ذلك هضماً لحقوقهم وتعسفاً، حسب وجهة نظرهم، على الجغرافيا والتاريخ. فشلت حكومة الجعفري في إنهاء الخلاف حول كركوك، وها هو نفس الخلاف يستمر حاداً ليمثل تحدياً بالغ الأهمية لحكومة المالكي. يتهم الأكراد المالكي بتعطيل الاستفتاء، وبالتالي تأجيل الحسم في مستقبل المدينة المثيرة للجدل. بيد أن الحكومة العراقية وجدت نفسها في وضع لا تُحسد عليه، فهي من جهة تحاول الاحتفاظ بتحالفها الثمين مع الأكراد، لكنها في المقابل معنية بتيار واسع في الشراع العراقي يعارض الفدرالية ويرفض الطموحات الكردية في كركوك، عدا عن تداعيات الموقف التركي المتشدد من أي سيطرة كردية على المدينة، تراها أنقرة مقدمة لكيان كردي منفصل ترفضه من الأساس. وضعيةٌ حرجة معلقة تنغص، ليس على المالكي وحده، وإنما على الأمريكان أيضاً احتفالهم، بما يقولون أنه تقدم في العمليتين السياسية والأمنية، فالجميع يعرف أن تأجيل المشكلة لا يعني بوجهٍ حلها، مما قد يهدد الاستقرار بانقسامات خطيرة يصعب معها إرضاء الجميع، وهو ما أشار إليه صراحةً تقريرٌ للأمم المتحدة عدّد تجاوزات كردية بحق القوميات الأخرى، تنذر باشتعال صراع قد يشمل الدائرة الإقليمية برمّتها. تلك هي المعضلة، عقدة المنشار فيها معلومة، والمَخرج منها حاجة ملحة لتفكيك قنبلة عرقية محلية الصنع، لم تأت بها جماعات قادمة من وراء الحدود هذه المرة.

[نهاية التقرير المسجل]

ما وراء الزيارة


جمانة نمور: ومعنا في هذه الحلقة، من أربيل سردار هركي عضو برلمان كردستان العراق، ومن عمّان الكاتب والمحلل السياسي العراقي وليد الزبيدي، وعبر الهاتف من كركوك أرشد الصالحي ممثل الجبهة التركمانية في سورية. لو بدأنا من كركوك، سيد أرشد، ما وراء الزيارة التي قامت بها رايس اليوم إلى المدينة؟

"
كانت كركوك منذ العام 1927 محط أنظار الجميع عندما اكتشف أول بئر للنفط
"
أرشد الصالحي

أرشد الصالحي: بسم الله الرحمن الرحيم، بدايةً أود أن أهنئ العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك الذي أطل علينا، ونتمنى أن يكون بارقة خير للأمة الإسلامية. وفي هذا الصدد أود أن أهنئ الشعب التركماني العراقي أخيراً بأن معاناتهم ومظلوميتهم بدأت تأخذ منحى آخر، أي تمكنّا أن نفهّم العالم بخطورة الوضع في مدينة كركوك، وأخيراً تيقنت الولايات المتحدة بالوضع المتأزم فسارعت السيدة رايس بزيارة كركوك بهذا الشكل المفاجئ دون المحافظات الأخرى، من أجل الوصول إلى حل سلمي لمشكلة المدينة. وهذا دليل على أن قضية كركوك بدأت تؤثر على دول الجوار، وعلى الدول الغربية، وبدأت تأخذ بعداً دولياً، والقضية هي ليست قضية نفوذ وسكان عرب وأكراد وتركمان بل له بعد تأريخي وجغرافي واقتصادي، هذا البعد الاقتصادي لكركوك والسياسي يجب أن يُستغل للعراق وللعراقيين، لقد كانت كركوك منذ العام 1927 محط أنظار الجميع عندما اكتُشف أول بئر للنفط والذي جعل للأكراد يكون لهم هجرة إلى مدينة كركوك، حيث لحد 1947 هاجر أكثر من 20 ألف كردي من القرى المجاورة لكركوك عندما كان فيها ذاك الوقت تعداد السكان في العراق 6 ملايين..


جمانة نمور (مقاطعةً): على كل سنأتي إلى هذه الأمور تباعاً، لكن إذا ما ركزنا في البداية قليلاً على زيارة السيدة رايس، سيد سردار، إذاً السيد أرشد رأى فيها بُعد دولي الآن أصبحت تمثله قضية كركوك برأيه ما استدعى هذه الزيارة، كيف تنظرون أنتم إلى ما قامت به السيدة رايس من عناء لتصل إلى كركوك اليوم؟

سردار هركي: يعني أولاً، هذه الزيارة للسيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية تظهر مدى الأهمية التي توليها الإدارة الأمريكية لقضية كركوك، وأنها تعي خطورة مشكلة كركوك، وأيضاً النقطة الثانية يعني السيدة كوندوليزا رايس أوضحت بشكل لا لبس فيه بأنها مع تطبيق بنود دستور عراقي دائم، ومن ضمنها المادة 140 طبعاً، النقطة الثالثة هي تؤيد، ومن خلالها الإدارة الأمريكية، تؤيد الاقتراح الذي اقترحه السيد استيفان ديموستورا ممثل السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، أمام المجلس الوطني الكردستاني الذي اقترح بأن يمدد تنفيذ المادة 140 إلى ستة أشهر، وأن يكون للأمم المتحدة دور أكثر وبذلك تكون الأمم المتحدة كمحرك لهذه المادة، وأيضاً تقدم مساعدات تقنية لتطبيق هذه المادة. أنا أختلف مع السيد أرشد بأن عند إيجاد النفط في منطقة كركوك بدأت الهجرة الكردية إلى هذه المنطقة، يعني لا نود أن نعود إلى التاريخ لكن بشكل مختصر هناك قاموس الإعلام الذي وضعه شمس الدين الذي هو عثماني، بطبيعة الحال هو لن يتحيز إلى الأكراد، صرح بأن نفوس كركوك في ذلك الوقت كان 30 ألف شخص، 23 ألف منهم كانوا من الأكراد والبقية هم من العرب والتركمان والكلدان والآشور، والأدلة التاريخية الأخرى..


جمانة نمور(مقاطعةً): عن أي عام تتحدث؟ ما دمنا ذكرنا الموضوع مرتين لا نستطيع أن نتجاوزه.

سردار هركي: في فترة الحكم العثماني، في القرن التاسع عشر، يعني لا نود أن نعود إلى التاريخ فمنطق الحياة هو الذي يفرض علينا وعلى الأخوة في كركوك أن يتعايشوا معاً الأكراد والأخوة التركمان والعرب بصورة سلمية. تطبيق المادة 140 أتصور بأنها هي أولاً تطبيق لمبدأ قانوني، تطبيق لمادة دستورية وأيضاً هي موضوع أخلاقي حيث يزيل الغبن والظلم الذي وقع على شريحة كبيرة من الشعب الكردي وأخواننا التركمان أيضاً. عدم تطبيقها أتصور بأن، الدعوة إلى عدم تطبيقها هي دعوة غير أخلاقية لأنها تكرس سياسة التعريب التي ندد بها الأخوة العرب قبل الكل، وأتصور أيضاً بأن تطبيقها يعزز الديموقراطية لأن جوهر المادة هو، القرار يعود إلى إرادة السكان نفسهم، وأتصور أيضاً تطبيق هذه المادة سيعزز الوحدة الوطنية العراقية وأيضاً تعزيز السلم الاجتماعي في عموم العراق.


جمانة نمور: لنر إذا كان السيد وليد الزبيدي يشاركك الرأي في هذا الموضوع، هل فعلاً هذه المادة يمكن أن تكون هي المخرج من هذه الأزمة، بغض النظر عن التاريخ الذي يقرأه كل طرف، ربما، من زاويته الخاصة؟

وليد الزبيدي: وأنا أقرأ التاريخ القريب، وتحديداً ما حصل خلال سنوات الاحتلال، وأقول أن زيارة السيدة رايس إلى كركوك هي محاولة لمعالجة الأمراض التي استشرت في الجسد السياسي العراقي الذي وضعه الاحتلال الأمريكي بعد غزو هذا البلد في ربيع 2003. والآن يمددون هذه الفقرة بخصوص مدينة كركوك ويذهب بوش إلى الأنبار ليعالج بعض الأوضاع الأمنية، هكذا وصل الحال بالإدارة الأمريكية. نحن نعرف أن الإدارة الأمريكية قبل عامين وأكثر، لأن قواتها كانت قوية في العراق وأوضاعهم العسكرية متمركزة فرضوا مواعيد مقدسة بالنسبة للعراقيين، سواء كان الاستفتاء للدستور في 15/10/2005 أو الانتخابات في 15/12/2005. أما الآن فالجميع يعترفون، سواء كانوا الأطراف في العملية السياسية بأنهم غير قادرين على تنفيذ ما وضعوه من بنود في الدستور وفي قانون إدارة الدولة، كما يعلم الجميع بأن مدينة كركوك احتلت فقرة في قانون إدارة الدولة الذي وضعه بول بريمر وفي الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في 15 تشرين الأول عام 2005. لم يتمكنوا من الوصول إلى نتيجة ترضي السياسيين، ذلك لأن أصلاً..


جمانة نمور (مقاطعةً): ولكن هم يتحدثون عن مشاكل أو معوقات فنية، تقنية بحتة هي ما استدعى التأجيل.

"
العراقيون اكتشفوا أن العملية السياسية اتجهت في العراق إلى الفوضى والتمزيق وإلى إثارة الفتن العرقية والطائفية
"
وليد الزبيدي

وليد الزبيدي: ما هذه المعوقات؟ المعوقات، أولاً لم يعد الشارع العراقي يثق بالسياسيين، بعد أن اكتشف الذين ذهبوا إلى انتخابات من جميع الأطراف بأن هذه العملية السياسية اتجهت في العراق إلى الفوضى والتمزيق وإلى إثارة الفتن العرقية والطائفية. ومدينة كركوك مثل مدن أخرى أريدَ من خلالها أن يتم تقسيم العراق سواءاً كان في الجنوب أو في الوسط أو في الغرب، اكتشف العراقيون أن هذه العملية السياسية والدستور الذي نتج عنها، كما وصفه عمرو موسى، بأنه وصفة الفوضى عندما تم الاستفتاء عليه. حقيقةً، الآن هناك رؤية واضحة لدى الكثير من العراقيين، والأسباب الفنية التي يتحدث عنها الأخوان هي عدم ثقة الناس بالسياسيين في الشارع العراقي وعدم قدرتهم على توفير مطلبين أساسيين للعراقيين، لا الأمن ولا الخدمات. وبالتالي فإن أي عملية سياسية بما في ذلك قضية كركوك أو الأقاليم أو الجنوب وفصل هذا المكان أو ذاك لايمكن أن يحصل في زمن الاحتلال، أو في زمن عملية سياسية تمت صياغتها لخدمة مشروع أمريكي هدفه الأول الانطلاق من العراق في مشروع كوني. ولكن عندما انهزمت القوة العسكرية الأمريكية الآن وبدأ الانسحاب، ويعلم الجميع حالة اليأس والانتحار بين الجنود الأمريكيين، وانعكس هذا اليأس سواءاً على المنطقة الخضراء بشقيها الحكومي والأمريكي، فإن هذا الضعف في القوة العسكرية الأمريكية بدأ يظهر على العملية السياسية وأطرافها وأيضاً، بنود الدستور التي لم يتمكنوا، ولن ينجحوا في تحقيق شيء إن لم يكن هناك دستور عراقي حقيقي يتم وضعه بعيداً عن تأثيرات قوات الاحتلال ومشروعه.


جمانة نمور: إذاً وجهات نظر مختلفة استمعنا إليها، مشاكل عديدة يعاني منها العراق، كل طرف يتهم طرفاً آخر، إن كان داخلياً أو خارجياً بها، لكن هل فعلاً مسألة كركوك هي مسألة أطرافها داخلية بحتة، وعليها يعتمد فعلاً مستقبل العراق؟ نتابع النقاش بعد وقفة قصيرة فكونوا معنا.

[فاصل إعلاني]

أبعاد الأزمة وطروحات التسوية


جمانة نمور: أهلاً بكم من جديد، وحلقتنا تحاول استشراف مستقبل كركوك على ضوء الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس اليوم إلى المدينة. سيد أرشد، إذاً، في بداية الحلقة فهمنا منكم بأن هناك تعقيدات كثيرة فيما يتعلق بموضوع كركوك، ما تعيشه المنطقة حالياً، وكيف سيؤثر ذلك على مستقبلها، هذه التعقيدات إذاً محلية، تابعنا الحديث عن امتدادات خارجية لها. لكن السؤال الذي يفرض نفسه، كيف سيتم التعامل معها لتجاوز كل هذه التعقيدات وتأكيد عدم تكرار حدوث اضطرابات عرقية في المدينة؟

سردار هركي: بكل أسف، وأنا الآن ألتقي مع قناتكم والعالم يسمعنا ويرانا والآن جاءني خبر جديد تلفونياً بأن سيارة مسلحة قد هاجمت أكبر منطقة تركمانية في كركوك، وهي منطقة المطلة، وتطلق النار على عدد من المواطنين. أبهذا الشكل يا أخي ساردار ممكن أن نتآلف ونتشارك ونتضامن من أجل إنقاذ مدينتنا كركوك من النار التي ستشعلنا وتشعلكم؟ لقد ذكرت بكلامك قبل قليل، واستشهدت بالتاريخ بقاموس الأعلام، أخي أنا لا أريد أن أرجعك إلى قاموس الإعلام و… أنا أريد أن أقول لك بأن كتاب الدكتور نوري الطالباني وهو عضو بارز في الاتحاد الوطني الكردستاني، هو الذي ذكر بأن نسبة الأكراد في المدينة.. 35% حتى بعد توافد الأكراد من القرى المجاورة. هذا من حزب السيد جلال الطالباني، شمس الدين سامي ذكر بأن كركوك مدينة كردية في التاريخ الماضي قبل مئات السنين ولكنه ذكر بأن بغداد مدينة تركية إذاً كيف يمكن القول..


جمانة نمور (مقاطعةً): عفواً، سيد أرشد، سنحاول أن نعود إليك في الحلقة ربما لنتأكد من أن صوتك يصل بشكل أوضح، فقط لسبب تقني، في هذه الأثناء أود أن أعود إلى أربيل مع السيد سردار، إذاً الوجود التركماني، يتحدث السيد أرشد يعطينا مصادر أخرى، قيل حتى في عام 1957 كانت الأغلبية تركمانية في كركوك، المهم الآن الواقع المعيوش كيف يمكن أن يُحل؟ هذه الاضطرابات، آخر مثل أعطانا إياه السيد أرشد هذه الليلة، وجود سيارة مسلحة وما أشار إليه، كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة، وعدم اشتعال كركوك؟

سردار هركي: يعني أولاً أنا لا أعلم صحة هذه المعلومة، وجود سيارة مسلحة في منطقة تركمانية، لكن أستغرب من هذا الاتهام الصريح جداً، يقول هكذا نتعامل مع القضية، كأنه يتهم أطراف كردية بهذا الشيء، وهذه هي الليلة هي التي حدث فيها هذا الهجوم. يجب أن يكون هناك تحقيق حول هذا الموضوع، والتحقيق هو الذي يُظهر..


جمانة نمور (مقاطعةً): لمصلحة مَن برأيك، سيد سردار، أن يكون هناك اضطراب، من يمكن، نظرياً، أن يكون مسؤولاً عن أعمال من هذا النوع؟

سردار هركي: قبل أيام كان هناك تفجيرات في مناطق كردية، وأيضاً هناك تفجيرات في معظم المناطق العربية الكردية التركمانية، هذه التفجيرات وهذه الأعمال فقط تخدم تلك الأطراف التي تريد تعطيل المادة 140، وأيضاً تريد أن تضع عراقيل أمام تطبيق هذه المادة، هذه الأطراف هي الوحيدة التي تقوم بهذه الأعمال، للأسف الشديد السيد أرشد تسرع جداً بإطلاق هذه الاتهامات. أنا قرأت كتاب الدكتور نوري طالباني، أنا أشك أن يكون السيد أرشد قد قرأ هذا الكتاب، يعني مع احترامي الشديد له، السيد الدكتور هو عضو في المجلس الوطني، وهو زميل لي، ذكر عن هذه الإحصاءات، الإحصائيات العراقية لعام 1957و 1967، في هذه الإحصائيات أكثر من النصف كانت أغلبية كردية ثم عربية ثم تركمانية. يعني بحساب هذا الإحصاء نرى تناقص كبير جداً في الوجود الكردي في تركمان وتناقص قليل في الوجود التركماني مع ازدياد مستمر للوجود العربي.


جمانة نمور: أستاذ سرداد، عفواً، ولو سريعاً، الإحصاءات.. بما أننا نستمع إلى مواقف متناقضة، الإحصاءات التي تشير إليها كانت لمدينة كركوك كمدينة أم كمحافظة بشكل عام؟

سردار هركي: هذه الإحصائيات، هي الإحصاءات في العراق كانت تُقام كل عشر سنوات مرة، وتجري في كل المحافظات العراقية. أنت سألتني، أختي العزيزة، كيف يمكن حل هذه القضية؟ يعني المادة 140، في المادة 140 نحن كطرف كردستاني لم نطالب بأخذ كركوك عنوة، أو بالقوة. وفي بداية عام 2003 كنا نستطيع ذلك لكننا فضلنا آليات قانونية دستورية، المادة 140 كانت بتوافق سياسي مع الأطراف الأخرى وصوّت عليها الشعب العراقي في الاستفتاء. يعني أنا أختلف مع الأخ في عمّان الذي اتهم ذكاء الشعب العراقي بطريقة أو بأخرى، الشعب العراقي هو شعب ذكي وعندما صوّت على الدستور كان يعلم لماذا يصوّت على..


جمانة نمور (مقاطعةً): على كلٍ كان هناك من قاطَع في تلك الفترة، ربما، الآن البحث عن أن يكون الكل شركاء في القرار..

سردار هركي (مقاطعاً): يعني باختصار، لو تسمحي لي، المادة 140 هي مادة فقط تريد أن تُرجع الأمور، الحل بأن يكون بيد السكان أنفسهم، يجري استفتاء. يعني لماذا التخوف من إرادة السكان؟ أنا في البداية قلت بأن تطبيق هذه المادة سـ..


جمانة نمور (مقاطعاً): لكن هذه هي الأزمة، ربما، يعني تعريف السكان، البعض يقولون الذين هُجّروا، أو الذين دخلوا الآن، أو الذين عادوا، أي سكان الذين يريدون؟ أو يجب أن يُستمع إلى آرائهم فيما يتعلق بمستقبل المدينة؟ سيد وليد، سمعنا طروحات عديدة، ربما كان أحدها أن يتم التعامل مع كركوك كإقليم بحد ذاته، منفرد، كان هذا أحد المواضيع التي طُرحت حتى في البرلمان العراقي، أليس كذلك؟

وليد الزبيدي: في الواقع يجب أن نضع عنوان كبير يفهمه العراقيون، سواء في الشارع أو السياسيين، هذا العنوان يقول بأن كركوك مدينة قد يحرقها نفطها، والفيدرالية للأسف سواء في الجنوب أو الشمال، من يدقق في جميع تفاصيلها لا تستند إلى أي مرتكزات ثقافية أو رؤى تأريخية، ترتكز إلى قضية النفط، وبالتالي فإن حرص السياسيين، أو ما يتظاهرون به من حرص على الناس في هذه المناطق، هو حرص على الثروة، وهذه الثروة ثبت خلال ما يقرب الخمس سنوات، عندما تسلّم هؤلاء السياسيون السلطة، بأنها تذهب إلى طرق أخرى، ولهذا احتل العراق المرتبة الأولى من بين 163 دولة في العالم في الرشى والسرقات. ومن هنا يمكن أن ننتبه إلى خطورة هذا الإقليم أو ذاك. فإذا كانت كركوك يراد منها أن تكون إقليم فإنها يُراد أن تكون على أساس الثروة النفطية وهذا شيء خطير، وخطير جداً، وأيضاً نتيجة للسياسة التي رُسمت بهيكلها في ظل الاحتلال. ونحن الآن بعد ما يقرب من خمس سنوات، نلاحظ هذا العدد الكبير من الأمراض التي تظهر في المجتمع العراقي، ومن بينها ما يتم الحديث فيه عن الأقاليم، والأقاليم عندما تعتمد على الثروة، يجب أن ندرك بأن الثروة قد تزول، وهنا أريد أن أذكّر السياسيين الحاليين، أن جورج بوش أعلن أنهم صرفوا 10 مليارات دولار للبحث عن بديل للطاقة النفطية، فإذا تخلى العالم عن النفط سنجد هؤلاء السياسيين يتخلون أيضاً عن المواطنين سواء في الجنوب أو الوسط أو في كركوك.


جمانة نمور: طالما يقال بأن أحياناً الثروات الطبيعية تكون نعمة ونقمة في الوقت نفسه. سيد أرشد، في نهاية هذه الحلقة، هل فعلاً كركوك قنبلة موقوتة كما قال رئيس وزراء كردستان وإذا ما انفجرت ماذا سيجري للعراق؟

أرشد الصالحي: مع احترامي لزملائي، الدستور الذي يقول السيد سردار بأنه قد صوّت عليه 80% من الشعب العراقي، إذاً لماذا هم يتخوفون من شرح أبعاد هذه المادة في البرلمان؟ وكيف أن الفيدرالية ومسألة الأقاليم مُررت بفارق واحد، بفارق برلماني واحد داخل مجلس النواب؟ كركوك فعلاً منطقة ستلتهب إذا لم يتم التصرف بتعقل فيها، كركوك الذين يريدون أن يحلوا فيه بالمادة 140 قد تغيرت ديموغرافيتها بعد 2003، لقد تم استجلاب واستقدام الكثير من الأكراد، مع كل الأسف، من قِبل الحزبين الكرديين وأسكِنوا في كركوك. الآن هم يريدون تطبيق المادة 140 وفق ما هم قد رسموه في خارطتهم. في كركوك الآن هناك 15 ألف دعوى لنزاعات الملكية، وأكثر ملاكي الأراضي وأصحابهم هم من التركمان. إذاً التطبيع يجب أن يعيد الحقوق إلى التركمان أولاً، وقبل أن تُعاد هذه الأراضي والحقوق للتركمان نرى بأن هنالك خرق من قِبل الحزبين الكرديين واستغلال كركوك. وما زالت أكثر من 15 ألف دعوى في هيئة نزاعات الملكية لم يتم حسمها فقط إلا القليل القليل، وهناك عقود شرائية، إذاً التركيز على كركوك فقط دون تحديد المناطق المُتنازع عليها شيء سيجلب اللا إستقرار واللا عدالة في منطقتنا، نحن نعاني..


جمانة نمور (مقاطعةً): شكراً لك سيد أرشد الصالحي من كركوك. نشكر من أربيل السيد سردار هركي، ونشكر من عمّان السيد وليد الزبيدي. وبالطبع نشكركم مشاهدينا على متابعة حلقة اليوم من ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم. كل عام وأنتم بألف خير.