- صورة عامة - ما وراء الخبر - إتهام تركيا لجهات أجنبية تسعى للوقيعه بين أنقرة وبغداد - محمد كريشان 2008/10/9
ما وراء الخبر

اتهام تركيا جهات أجنبية بدعم حزب العمال

تتوقف الحلقة عند اتهام الحكومة التركية جهات أجنبية بمحاولة الوقيعة بين أنقرة وبغداد عبر دعم الأنشطة والهجمات التي يشنها حزب العمال الكردستاني.

– خلفيات اتهام أنقرة والجهات الأجنبية المقصودة
– خيارات أنقرة في الرد على الهجمات الكردية

محمد كريشان
محمد كريشان
حسني محلي
حسني محلي
محمد نور الدين
محمد نور الدين

محمد كريشان: السلام عليكم. نتوقف في هذه الحلقة عند اتهام الحكومة التركية جهات أجنبية لم تسمها بمحاولة الوقيعة بين أنقرة وبغداد من خلال دعم الأنشطة والهجمات التي يشنها حزب العمال الكردستاني وعلاقة ذلك بما وصفه البعض بالتردد من جانب أنقرة بالتعامل مع الهجمات الأخيرة لمقاتلي الحزب. وفي حلقتنا محوران، ما هي خلفية اتهامات أنقرة ضد جهات أجنبية بدعم عناصر حزب العمال في حربهم ضد تركيا؟ وأي وجهة ستتخذها معالجة الحكومة التركية للهجمات المتكررة من جانب الحزب على مواقعها؟.. على لسان الرئيس التركي عبد الله غل جاء الاتهام ضد قوى أجنبية لم يسمها، أما التهمة فهي السعي إلى إفساد العلاقات بين تركيا والعراق من خلال دعم حزب العمال الكردستاني وهجماته ضد الأراضي التركية، الاتهام رأى فيه البعض تفسيرا محتملا لدعوة التعقل التي رافقت توعد الحكومة التركية بالرد على هجمات حزب العمال الأخيرة. أمر قد يكون صحيحا وقد لا يكون ولكن المؤكد أن أكثر من مسؤول تركي باتوا الآن يعتقدون بوجود أيد خارجية فيما يفعله المتمردون الأكراد في شرقي البلاد.

[تقرير مسجل]


جميل جيجك/ نائب رئيس الوزراء التركي: نحن نعرف أنه ليس بإمكان أي تنظيم إرهابي العمل أو البقاء دون دعم من دولة أو أجهزة استخبارات دولية ونعرف أن الدول الأوروبية تقدم دعما لحزب العمال تحت اسم حقوق الإنسان وحرية التعبير وتقرير المصير وقد واجهناها بهذا الواقع أكثر من مرة ومعلوماتنا تؤكد وجود الكثير من الأجانب غير الأكراد في صفوف الحزب سواء متطوعين أو عناصر استخبارات.


إيمان رمضان: هذه الأيدي المصدقة على أيدي المؤسسة العسكرية التركية في مواصلة التصدي للخطر التركي على الحدود لا تنفي في الوقت ذاته انشقاقا بين الساسة والعسكر فيما يتعلق بشن عمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، صحيح أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان تعهد بالتوغل في شمال العراق لدحر مقاتلي الحزب هناك ولكن إذا لزم الأمر وهنا يبدو الشرط عبارة فضفاضة تعكس صبرا في الأوساط السياسية إزاء اتخاذ قرار بتوغل عسكري سيزعج الحليف الأميركي. الضربات الموجعة التي مني بها الأتراك في هجمات حزب العمال الكردستاني تتجاوز هذه المرة من وجهة النظر الرسمية التركية مجرد صراع بين الطرفين مستمر منذ ربع قرن ليصل إلى سعي من قالت أنقرة إنها أطراف أجنبية لزعزعة استقرار تركيا واستنزاف طاقتها في مواجهات تعرقل خطواتها المتواترة نحو دور إقليمي بارز في المنطقة وخارجها. فعلى الطاولة التركية الآن أهم الملفات السياسة والاقتصادية، مفاوضات سورية إسرائيلية تلعب فيها دور الوسيط بعد أن كسرت المستجدات قاعدة دولية بأن الطاولات الأميركية هي الوحيدة التي تستضيف مفاوضات إنهاء الصراع في الشرق الأوسط، وها هو الملف العراقي يبحث كذلك في أنقرة من خلال مؤتمر جوار العراق الذي استضافته العاصمة التركية، ذلك إلى جانب استضافة سرية حسب ما ذكرت تسريبات صحفية تركية للقاء جمع ممثلين عن سنة وشيعة العراق لبحث الأوضاع الأمنية العراقية. وبينما تبدو تركيا وكأنها تسحب البساط إقليميا من تحت أقدام لاعبين قدامى في الشرق الأوسط يدفعها تقاطع المصالح مع روسيا إلى تعزيز وجودها في القوقاز المتوتر والذي يشكل هو الآخر جزءا من المحيط التركي، ولعل موقف أنقرة من الأزمة الجورجية الروسية والذي أظهر تقاربا روسيا تركيا يعكس إلى حد بعيد حرصا تركيا على حضور ملحوظ في منطقة القوقاز حيث مشاريع المشاركة ومد أنابيب النفط والغاز وقد يتعارض هذا الحرص مع أهداف تحالف تركي أميركي فيعرض المصالح التركية أحيانا للخطر.

[نهاية التقرير المسجل]

خلفيات اتهام أنقرة والجهات الأجنبية المقصودة


محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من اسطنبول حسني محلي الصحفي المتخصص في الشؤون التركية، ومن بيروت محمد نور الدين أستاذ التاريخ واللغة التركية في الجامعة اللبنانية، أهلا بضيفينا. لو بدأنا باسطنبول وحسني محلي، ترى ما هي هذه الجهات الأجنبية المقصودة في حديث أنقرة عن تدخل ما لإفساد العلاقة بين تركيا والعراق؟


حسني محلي: حتى الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي حيث زار رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان واشنطن والتقى الرئيس بوش حيث أضاءت الإدارة الأميركية الضوء الأخضر للعمليات العسكرية التركية في شمال العراق، بعد ذلك التاريخ كانت الولايات المتحدة الأميركية وكذلك دول الاتحاد الأوروبي ضمن الأطراف المتهمة من قبل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مباشرة وكذلك من قبل قائد الأركان التركي السابق الفريق الأول ياشار بيوكانت حيث كانا يحملان واشنطن والعواصم الأوروبية مسؤولية كل الهجمات التي يقوم لها عناصر الكردستاني من شمالي العراق إلى تركيا ولكن بعد لقاء أردوغان وبوش في 5 نوفمبر/ تشرين الماضي حيث بدأت الولايات المتحدة الأميركية تعاونا استخباراتيا فقط مع المخابرات التركية ضد عناصر الكردستاني بقيت العواصم الأوروبية فقط ضمن الأطراف المتهمة، وكما اتهمها نائب رئيس الوزراء اليوم في البرلمان مباشرة وقال عنها إنها تقدم كافة أنواع الدعم المباشر وغير المباشر لحزب العمال الكردستاني ولكن يستمر الاتهام التركي غير المعلن رسميا للولايات المتحدة الأميركية باعتبار أنها تحتل العراق كما أنها تدعم مسعود البرزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم كردستان العراق وهو ما يشجعه لغض النظر على نشاط الحزب الكردستاني التركي في شمال العراق أي أن العواصم الأوروبية رسميا ولكن واشنطن أيضا وعلى الرغم من تعاونها في مجال الاستخبارات مع أنقرة ما زالت هي أيضا متهمة من قبل أنقرة فيما يتعلق بدعم الكردستاني.


محمد كريشان: نعم، على افتراض أن هذه الاتهامات صحيحة، سيد نور الدين ما الهدف الذي قد تكون تسعى إليه هذه الجهات لإرباك العلاقة بين أنقرة وبغداد؟


محمد نور الدين: يعني أولا لنعترف بأن عملية الكردستاني في جنوب شرق تركيا كانت عملية نوعية ومنعطفا في المواجهة بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني لأنها هزت نظرية الردع العسكري التركي وأثبتت فشل السياسة العسكرية لتركيا تجاه الحزب منذ عملية الشتاء الماضي الواسعة وطرحت أمام أنقرة تحديات كثيرة مربكة في حقيقة الأمر لأنها عسكت عجز أنقرة عن وقف نشاط حزب العمال الكردستاني، من هنا جاءت برأيي هذه الاتهامات التركية للقوى الخارجية وهي كما أسلف الزميل حسني هي قوى أوروبية وقوى أميركية وأيضا قوى مباشرة على الأرض وهي أنا أعتقد التي تعنيها أو عناها أردوغان وعناها غل قبل الدول الأوروبية لأن المشكلة هي على أرض الواقع الجغرافي المحاذي لتركيا وبالتالي أعتقد أنه لا مصلحة برأيي أو لا مكان لهذه الاتهامات بأنها تحاول الإيقاع بين أنقرة وبين بغداد، في الأساس هذه العلاقات لم تستو حتى الآن بين أنقرة وبغداد، وبغداد حتى بغداد متهمة من قبل أنقرة بأنها أيضا هي الحكومة المركزية تتغاضى عن واقع وجود منظمة خارجية على الأراضي العراقية، كما أن الاتفاق الأمني الذي وقع منذ حوالي سنة بين بغداد وأنقرة لم تلتزم حكومة بغداد بتطبيقه بشكل كامل وبالتالي لا أجد معنى للقول إن هناك محاولة لتخريب العلاقات بين أنقرة وبغداد لأنه بالأساس هذه العلاقات لم تتطور ولا تزال كما هي يعني مترجرجة غير واقعية إلا ما تبقى منها إبان الاحتلال الأميركي وحتى الآن ولعل أهمها هو خط النفط الممتد من العراق عبر تركيا إلى البحر الأبيض المتوسط.


محمد كريشان: إذا كانت العلاقات بين أنقرة وبغداد أصلا متأرجحة كما تقول هنا نسأل السيد محلي أن تأتي هذه الاتهامات تجاه الطرفين أو على الأقل الآن الطرف الأوروبي بشكل واضح، هل هناك فهم في أنقرة لمصلحة أوروبا في هكذا إرباك لحليف كتركيا؟


أعتقد أن الانفتاح التركي على العراق كان قد أقلق بعض الدول الإقليمية وربما أوروبا وواشنطن لأن عبد الله غل بعد انتخابه رئيسا للجمهورية وجه الدعوة الرسمية للرئيس جلال الطالباني

حسني محلي: بدون شك الدول لها مصالح ولها حسابات تتناقض أحيانا مع الدول الأخرى أو تتفق معها، أنا أعتقد أن الانفتاح التركي على الرغم مما قاله الزميل محمد نور الدين فيما يتعلق بسلبيات العلاقة التركية مع بغداد، أنا أعتقد بأن الانفتاح التركي على العراق مؤخرا كان قد أقلق بعض الدول الإقليمية وربما أوروبا بل وحتى ربما واشنطن لأن تركيا بعد انتخاب عبد الله غل رئيسا للجمهورية وجه الدعوة الرسمية للرئيس جلال الطالباني الذي زار أنقرة في 7 مارس/ آذار الماضي ورد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على هذه الزيارة في 7 تموز/ يوليو الماضي وكان أردوغان أول مسؤول إقليمي بعد الرئيس محمود أحمدي نجاد يزور العراق وكان عبد الله غل أساسا يخطط لزيارة العراق خلال الأيام القليلة القادمة لولا الهجوم الأخير، كما أن هناك معلومات بأن أنقرة كانت تحاول أن تنفتح على إقليم كردستان العراق على الرغم من كل المشاكل الموجودة بين الطرفين فيما يتعلق بحزب العمال الكردستاني فأعتقد بأن هذا الانفتاح المرتقب على إقليم كردستان العراق من قبل جانب تركيا قد أزعج بعض الأطراف ربما الإقليمية كما قلت والدولية باعتبار أن..


محمد كريشان (مقاطعا): يعني على ذكر، سيد محلي، على ذكر إشارتك للأطراف الأقليمية، على ذكر الإشارة لهذه الأطراف الإقليمية، طالما أن تركيا تسعى للعب دور ما في العراق وأحيانا ما تصنف تركيا بأنها الدولة السنية أو غيرها، هل يمكن الإشارة إلى إيران على أنها قد تكون لها مصلحة في إرباك هذه العلاقة على أساس أن طهران تريد أن تبقى لاعبا رئيسيا ووحيدا في الساحة العراقية؟ هل هذا وارد على الأقل في الحسابات التركية السائدة؟


حسني محلي: بدون شك، بدون شك هذا ما كنت أريد أن أقوله ولو بشكل غير مباشر، على الرغم من أن المخاوف التركية الإيرانية مشتركة فيما يتعلق بحزب العمال الكردستان، لأن حزب العمال الكردستاني يضم حوالي سبعمائة من عناصر منظمة بيجاك الكردية التي تقاتل ضد إيران، على الرغم من هذه المصلحة المشتركة في محاربة حزب العمال الكردستاني نحن نعرف بأن تطوير العلاقات التركية، وهو ما أكدت عليه في الفقرة الأخيرة من حديثي قبل قليل، ليس فقط مع بغداد بل أيضا مع إقليم كردستان العراق قد يزعج إيران باعتبار أنه بدون شك أكراد العراق يرجحون تركيا على إيران الشيعية والدينية لأن تركيا في نهاية المطاف دولة ديمقراطية على الرغم من كل سلبياتها وكذلك دولة في الحلف الأطلسي ودولة لها امتدادات في أوروبا، فأعتقد بأن هذا الدور التركي ليس فقط باعتبار أنه سني فقط بل لأنه أولا كما قلت ديمقراطي وامتداداته الأميركية والأوروبية وكذلك بأنه مقبول إقليميا أي في المنطقة العربية والإسلامية بشكل عام قد يزعج أو يحرج إيران خاصة بعد أن استطاعت أنقرة تطوير علاقات مميزة جدا أولا مع الرئيس جلال طالباني كرئيس جمهورية العراق، ثانيا مع طارق الهاشمي النائب السني في المجلس الرئاسي وهو يزور تركيا كل شهر تقريبا وثالثا مع عادل عبد المهدي النائب الشيعي في مجلس الرئاسة العراقي، لذلك أنا أعتقد أن الدور التركي في العراق بدأ يزعج إيران بشكل أو بآخر.


محمد كريشان: سيد نور الدين هل من الوارد أن تفعل طهران ذلك؟ على الأقل من باب التحليل.


محمد نور الدين: يجب أن نميز بين طريقة تعاطي تركيا مع المسألة العراقية منذ الاحتلال وحتى اليوم وبين طريقة تعاطي إيران مع هذه المسألة، في الواقع صحيح أن أكراد العراق بوابتهم إلى الخارج هي تركيا لكن منذ الاحتلال وحتى اليوم العملية السياسية التي جرت في داخل العراق كانت إيران جزء أساسيا منها وكانت على تفهم إلى حد عال جدا مع الأكراد بحيث يمكن القول إن الصيغ الفدرالية التي حصلت في العراق إن كان الدستور الجديد أو كل العملية السياسية بمراحلها المتعاقبة كانت تشهد تفاهمات على مستوى رفيع بين طهران من جهة وأكراد العراق من جهة ثانية بحيث كان الجميع يعرف أن العلاقة السياسية لأكراد العراق الجيدة هي مع إيران وليس مع تركيا وبالتالي هم يرون أنهم أقرب إلى إيران منهم إلى تركيا لجهة مستقبل الكيان الكردي في شمال العراق، وبالمقابل تركيا خرجت من المعادلة العراقية بعد الاحتلال واستبعدت نفسها واستبعدت أيضا عن العملية السياسية إلى أن يعني حانت الظروف لمحاولة العودة، الآن تركيا يعني تحاول أن تعود إلى العملية السياسية في الداخل العراقي من خلال ما تفضل به الزميل حسني أن  أول زيارة إلى أردوغان قام بها منذ فترة إلى العراق لكن هذه الخطوات لا تزال خجولة إلى حد كبير بحيث أن أعتقد أن إيران لا يتملكها هاجس أو خوف من أن تعود تركيا إلى الداخل العراقي كما كانت قبل الاحتلال تدخل عسكريا بل هي كانت الناظم للعلاقة بين الأطراف الكردية، لكن مما لا شك فيه أن ازدياد النفوذ التركي أو الدور التركي في العراق بالتأكيد يقلق إيران لكن أعتقد حتى الآن ليس إلى الحد الذي يثير هواجسها، ويبقى كما قال الزميل حسني التعاون الأمني بين طهران وأنقرة مصلحة مشتركة أعتقد يحول دون أن يكون العراق ساحة تصفية حسابات بين البلدين.


محمد كريشان: نعم، على كل بغض النظر عن الجهة الأجنبية المقصودة في اتهامات أنقرة يبقى السؤال الرئيسي هو كيف سترد تركيا على هذه الهجمات في ظل هذا التحليل الجديد؟ إن صح التعبير، نتابع هذه المسألة بعد وقفة قصيرة نرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

خيارات أنقرة في الرد على الهجمات الكردية


محمد كريشان: أهلا بكم من جديد، وحلقتنا تناقش خلفية اتهام الحكومة التركية لجهات أجنبية بدعم عناصر حزب العمال الكردستاني. سيد حسني محلي في اسطنبول، في ضوء ما ذكرناه قبل الفاصل كيف سيؤثر ذلك على طبيعة التحرك المقبل للحكومة التركية ضد متمردي حزب العمال؟


حسني محلي: هذا له علاقة أو الجواب على هذا السؤال له علاقة بما كنا نتحدث عنه قبل قليل، بمعنى أن تركيا لو أرادت أن تخرب علاقاتها مع القيادات الكردية العراقية مسعود البرزاني وجلال الطالباني لتصرفت بشكل آخر لأننا نعرف أن الجيش التركي قبل الآن اجتاح العراق 25 مرة منذ بداية التسعينات وأواخر الثمانينات وتوغل واحتل شمال العراق لكن تركيا الآن في ظل حكومة أردوغان بدأت تعالج الأمور بمنطق آخر، لذلك فهي لا تريد بأي شكل من الأشكال أن تتصرف بشكل يوتر العلاقة بين البرزاني وتركيا أو بين تركيا والطالباني لذلك فهي ستتهرب من دون شك من التوغل داخل الأراضي العراقية وستفكر بهدوء ولن تفعل أي شيء في الشمال العراقي إلا بعد الاتفاق مع مسعود البرزاني وجلال الطالباني، لأن أنقرة بدأت تفكر أن معالجة المشكلة الكردية داخل تركيا يجب أن يتم بشكل أو بآخر مع أو بالحوار مع القيادات التركية العراقية وبدليل أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في أغسطس/ آب 2005 اعترف لأول مرة في تاريخ تركيا بأن هناك مشكلة تسمى بالمشكلة الكردية ووعد بحل هذه المشكلة سياسيا وسلميا وبدليل أن غالبية الأكراد في تركيا صوتوا في انتخابات تموز/ يوليو الماضي لحزب العدالة والتنمية الحاكم والآن الحكومة وهي تعي هذه الحقيقة لن تقوم بأي عمل استفزازي ضد الأكراد في شمال العراق وضد حزب العمال الكردستاني لأن تركيا مقبلة على انتخابات في آذار/ مارس القادم وحزب العدالة والتنمية يخطط ويهدف لكسب جميع البلديات في جنوب شرق تركيا والتي يعيش فيها الأكراد، باختصار الجيش التركي والحكومة التركية لا ولن يبقيا أي خطوة عسكرية جدية، بدون شكل سيكون هناك رد على ما قام به حزب العمال الكردستاني وهي ترد أساسا، القصف مستمر لمواقع حزب العمال الكردستاني، ماذا سيكون أكثر من ذلك؟ لكن ستكون حريصة أنقرة على ضرورة تطوير العلاقة مع مسعود البرزاني وجلال الطالباني وبغداد بالأطراف الشيعية والسنية وغيرها حتى يدعم ذلك مصير ومستقبل الدور التركي الإقليمي من خلال العراق، وآخر دليل على ذلك أن كل المشاريع التي تنفذ في إقليم كردستان العراق، تقريبا 90% من المشاريع التي تنفذ في إقليم كردستان العراق تنفذها الشركات التركية التي تغطي كل الاحتياجات الأساسية لأكراد العراق على الرغم من كل ما كنا نتحدث عنه في موضوع حزب العمال الكردستاني.


محمد كريشان: نعم إلى جانب هذه الحسابات سيد محمد نور الدين، إلى جانب هذه الحسابات هناك حديث في أنقرة على ضرورة تجنب أن يقع استدراج أنقرة إلى فخ من خلال الرد غير المدروس على حزب العمال الكردستاني، ما المقصود بهذا النوع من الإشارات؟


يتزايد الحديث في الداخل التركي عن احتمال إقامة حزام أمني في شمال العراق يمتد عميقا في الداخل العراقي في بعض المناطق الجغرافية التي تشكل نقاط ضعف بالنسبة للدفاع العسكري التركي

محمد نور الدين: في الواقع كما ذكرت في مطلع الحلقة العملية التي حصلت ضد الموقع العسكري التركي كانت عملية نوعية بكل معنى الكلمة وشكلت برأيي منعطفا في طبيعة أو طريقة المواجهات بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي بحيث يمكن القول بأن هذه العملية قد وقعت وقع الصاعقة على هيبة الجيش التركي ومن هنا هذه العملية كانت ضربة قاسية لكل نظرية الردع التي اتبعتها أنقرة في السنة الأخيرة في حزب العمال الكردستاني. عادة كانت تركيا ترد بعمليات قصف مكثفة جوية أو برية والعملية الأخيرة كانت عملية اجتياح بري واسع، لكن بعد حدوث هذه العملية لم يعد ممكنا الحديث عن تكرار عملية الشتاء الماضي بالطريقة نفسها، لا بد من فعل شيء، يعني لا يمكن أيضا أن تبقى أنقرة دون رد على التصدع الذي أصاب هيبتها العسكرية، هنا أنا أعتقد أن أمام أنقرة العديد من الخيارات التي بدأت الإشارة إليها في الداخل التركي وبتغطية حتى سياسية من حزب العدالة والتنمية أنا أوافق الأخ حسني على أن مقاربة حزب العدالة والتنمية مختلفة عن المقاربة العسكرية لكيفية التعاطي مع أكراد العراق ومع العراق بشكل عام. ولكن أرى أنه منذ حوالي السنة، منذ أول مذكرة تفويض لاجتياح عسكري في الخارج وأيضا مع تجديد التفويض الحالي هناك نوع من انزلاق حكومة حزب العدالة والتنمية أكثر إلى الضغوط أو الرضوخ إلى بعض الضغوط التي يمارسها العسكر لاستعادة بعض صلاحياته في القوانين، هنا يظهر، الكلام،  يتزايد الكلام في الداخل التركي على احتمال إقامة حزام أمني في شمال العراق ليس بمعنى الحزام العميق أو يعني يمتد عميقا في الداخل العراقي لكن إذا لم يكن على طول الحدود على الأقل في بعض المناطق الجغرافية التي تشكل نقاط ضعف بالنسبة للدفاع العسكري التركي، دينيز بايقال ودولة بعهدشلي وغيرهم من زعماء الأتراك يقولون إنه لا بد من تغيير الحدود، خط الحدود بين تركيا والعراق، أعتقد، وعندما سئل اليوم الرئيس غل أو بالأمس عن رأيه بالحزام الأمني قال سنفعل كل ما يتطلبه الوضع. وأعتقد أن احتمالات إقامة حزام أمني ضيق بصورة محدودة وفي بعض المناطق الذي يتيح لتركيا إمكانية الدفاع العسكري بشكل أفضل عند حدودها أمر مطروح وقد نشهد في القريب العاجل تطبيقا لهذا النموذج.

محمد كريشان: شكرا لك محمد نور الدين أستاذ التاريخ واللغة التركية في الجامعة اللبنانية كنت معنا من بيروت، شكرا أيضا لضيفنا من اسطنبول حسني محلي الصحفي المتخصص في الشؤون التركية. وبهذا مشاهدينا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، كالعادة نذكركم بإمكانية إرسال بعض المقترحات على هذا العنوان الإلكتروني indepth@aljazeera.net

غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أستودعكم الله.