احتمالات صدور قرار من الكونغرس حول مذابح الأرمن

– سر الإلحاح على إثارة موضوع مذابح الأرمن
– مدى جدية الموقف التركي من القرار

علي الظفيري: أهلا بكم نحاول في هذه الحلقة التعرّف على ما وراء تأكيد رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي عزمها المضي في إجراءات استصدار قرار حول ما يعرف بمذابح الأرمن رغم اعتراضات البيت الأبيض والتهديدات التركية الصريحة للولايا المتحدة ونطرح في حلقتنا تساؤلين: ما هو سر إلحاح الديمقراطيين على التمسك بموضوع مذابح الأرمن رغم المخاطر المحتملة لذلك؟ وما مدى جدية وتأثير تهديدات أنقرة ضد واشنطن في حال صدور قرار من الكونغرس حول هذا الموضوع؟

سر الإلحاح على إثارة موضوع مذابح الأرمن

علي الظفيري: غير عابئة بتحذيرات شركائها الجمهوريين في الكونغرس ولا بتهديدات حليف بلادها تركيا أكدت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي أنها ستعرض على المجلس نص قرار يصف ما يعرف بمذابح الأرمن يصفها بالإبادة الجماعية.

[تقرير مسجل]

إيمان رمضان: تهدئة الجبهات المشتعلة من فعل قرارات الجمهوريين هدف تصدر الديمقراطيين قبل وبعد أن آل الكونغرس إليهم وها هم اليوم وبشهادة الجمهوريين في إدارة بوش يشعلون النار في جبهة جديدة لا تبعد كثيرا عن العراق فقدت تعهدت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بأن يواصل الديمقراطيون جهودهم التي بدؤوها الأسبوع الماضي لاستصدار قرار يتهم الأتراك بما حل بيلوسي تسميته عمليات إبادة جماعية في حق ثمانمائة ألف من الأرمن أو يزيد إبان الحرب العالمية الأولى، أنقرة المستفزة من دفع واشنطن للجدل التاريخي الذي لم يحسم حتى الآن نحو تجريمها لوحت بل هددت برد صارم على الولايات المتحدة يوازي حجم الاتهام الموجه إليها والضرر الذي قد يقع عليها جرائه لتطلق العنان بذلك لمخاوف لم يتردد البيت الأبيض في الإعراب عنها فالعلاقات الدولية الأميركية لم تتحمل في الوقت الحالي حسبما ترى وزيرة الخارجية كونداليزا رايس توترا جديدا إذ من المنتظر من قرار الكونغرس صلب العلاقات بين واشنطن وأنقرة أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة في حربها على ما يو

صف بالإرهاب وفي المقابل ترى رئيسة مجلس النواب أن القرار سيحسن من صورة الولايات المتحدة وسيعكس حسب رأيها قيمتها الحقيقية كدولة راعية لحقوق الإنسان كما يقول الأميركيون غير أن بيلوسي ربما لم تنتبه إلى أن فتح هذا الملف قد يضعها أمام مسؤولية فتح ملفات مشابهة لمجزر حسم فيها الجدل من قبل ولا يزال شهودها أحياء ارتكبت وعلى سبيل المثال للحصر ومازالت في فلسطين ولبنان والعراق وفي وقت يبذل فيه الأتراك تحت مظلة حزب العدالة التنمية بالتوجهات الإسلامية جهودا للانضمام للاتحاد الأوروبي تثير استماتة الديمقراطيين في استصدار قرار الإدانة وإن كان غير ملزم تساؤلات حول إثارة المسألة في هذا التوقيت بالذات بعد نحو قرن من الجدل.

علي الظفيري: ولمناقشة الموضوع ينضم إلينا في هذه الحلقة من أنقرة الكاتب والمحلل السياسي التركي الدكتور جنكيز كتنة ومن واشنطن الدكتور إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية مرحبا بكما أبدأ معك دكتور غريب في واشنطن يعني نتساءل ما الذي يجعل من مسألة مذابح الأرمن أو ما تعرض له الأرمن ما الذي يجعل منها قضية ملحة على الكونغرس وعلى الديمقراطيين على وجه الخصوص؟

إدموند غريب – أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية: هناك عدة أسباب وراء هذا الموقف أولا الأرمن ومنذ فترة طويلة أو على الأقل خلال عقدين من الزمن حاولوا تمرير قرارات مماثلة وحاولوا طرح هذه القضية أمام الرأي العام الأميركي والكونغرس ولكن هذه المرة هم في وضع أقوى من أي وقت سبق اللوبي الأرمني هو أكثر قدرة على إسماع صوته خاصة بعد أن أثبتوا في الانتخابات الماضية أنهم قادرين على معاقبة بعض النواب الذين كانوا قد وعدوا المرة الماضية في الدورة الماضية للكونغرس بالتصويت إلى جانب القرار أو قرار مماثل وغيروا فكهم وعند ذلك هزم أحدهم وتعرض آخرون للضغوط وأيضا التغيرات السياسية في الكونغرس الأميركي لأنه في المرة الماضية كان الشخص الذي أوقف هذا المشروع قرار مماثل كان رئيس الأغلبية في ذلك الوقت في مجلس النواب وهو النائب دينيس هيتسرد الذي كان رئيس المجلس وهو هذه المرة هناك شخصية أخرى هي نانسي بيلوسي الديمقراطية من ولاية كاليفورنيا التي يوجد الكثير من الأرمن الناشطين والمتنفذين في منطقتها وبالتالي فإن لها موقف مختلف عن موقف رئيس الأغلبية أيضا بالإضافة إلى ذلك هناك أيضا نعم متغيرات سياسية أخرى بينها المتغيرات السياسية وصول الديمقراطيين إلى السلطة هناك بعض الانعكاسات على الصراع السياسي وهناك أيضا انقسام في اللوبي الإسرائيلي الذي كان في السابق يدعم الموقف التركي ويدعم اللوبي التركي الآن حدث نوع من الانقسام في هذا اللوبي وهناك أسباب أخرى أيضا.

علي الظفيري: هذا أمر مهم جدا دكتور أيضا أسألك دكتور غريب يعني اعتدنا في الأمور السياسية المهمة جدا والمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية كل موقف متماثل بين الحزبين هل تعتقد أن هناك انقسام حقيقي الآن بين الحزبين في هذه القضية مع حليف مهم واستراتيجي كتركيا؟

إدموند غريب: فعلا هذه نقطة مثيرة أولا يجب التذكير نسمع كثيرا أن المسألة هي مجرد انقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين صحيح أن الإدارة الجمهورية ترفض هذا المشروع هذا القرار تقول بأنها تفهم معاناة الأرمن وما حدث لهم في الحرب العالمية الأولى ولكنهم لا يعتقدوا بأن هذا الوقت هو الوقت المناسب أو الملائم لطرح هذا القرار لأنه قد يؤثر على علاقات تركيا والولايات المتحدة ولكن أيضا من ناحية ثانية هناك أيضا دعم من الحزبين هناك أعضاء جمهوريين وديمقراطيين أيدوا هذا القرار وسيصوتوا من أجله إذا طرح في مجلس النواب وبالتالي فإن القضية ليست مسألة فقط جمهوري ديمقراطي لا بل أن بعض النواب أيضا يريدوا أن يرسلوا رسالة إلى تركيا التي عارضت دخول الحرب ومساعدة الولايات المتحدة في الحرب على العراق ورفضت السماح باستخدام أجوائها وأراضيها ويقولوا بأن تهديدها هذه المرحلة بالتدخل في شمال العراق في كردستان العراق سيهدد الاستقرار هناك وقد يعرض الجنود الأميركيين للخطر.

علي الظفيري: نعم دكتور كتنة في تركيا أولا هذه المرة ليست المرة الأولى التي يطرح فيها موضوع الأرمن ولكن الآن كيف تفهم الأسباب التي جعلت من هذا الموضوع موضوعا ملحا على الكونغرس الأميركي؟

جنكيز كتنة – كاتب ومحلل سياسي تركي: لقد أشار الدكتور إدموند إلى النقاط الهامة التي دفعت بالمنتمين للحزب الديمقراطي وبعض المنتمين للحزب الجمهوري لمصادقة هذا المرة في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب على مشروع القرار الذي يتم تسميته من قبل الأرمن بمشروع الإبادة الأرمنية ومما لا شك فيه إن هو السبب الرئيسي الذي يقف وراء اتخاذ هذه الموافقة في هذه المرة حسب اعتقادي هو مثلما أشار الدكتور إدموند هو التفوق والنجاح الكبير الذي يحققه اللوبي لأرمني بشكل خاص على صعيد السياسة الداخلية في الولايات المتحدة الأميركية وعلى الأخص في بعض المناطق التي يتواجدون فيها بكثرة وبكثافة إضافة إلى الطاقة المالية القوية التي يقدمونها كدعم لبعض النواب أو مثلما أشار يستخدمونها كآلة عقاب للنواب الآخرين الذين سبقوا وأنا اعترضوا أو عرقلوا الموافقة على اتخاذ هذا القرار أو المصادقة عليه في المجالس في الولايات المتحدة الأميركية ومما لا شك فيه إن هناك أسباب أخرى تقف وراء ذلك وقد يكون من أحد الأسباب مثلما أشار الأستاذ إدموند أيضا هو نوع من المعاقبة لتركيا لعدم موافقتها على إمرار المذكرة التي كانت تسمح للقوات الأميركية بالدخول إلى العراق عبر الأراضي التركية وكذلك توجد بعض الأسباب الأخرى التي يمكن حصرها بعدة نواحي أخرى ومنها التطورات الحاصلة في المنطقة التطورات الأخرى الحاصلة على الصعيد العالمي والضعف الذي تشهده حكومة الرئيس جورج بوش في المقاومة وتحقيق رفض القرار مما لا شك فيه قد لعبت دورا هاما في تحقيق الموافقة ولكن في حال اتخاذ القرار النهائي وموافقة مجلس النواب فإن ذلك ستكون له انعكاسات وأعتقد إنكم ستسألون أسئلة أخرى في هذا الصدد وسنجيب عليها في وقتها.

علي الظفيري: طيب دكتور كتنة أيضا هناك تساؤل يعني أولا تركيا الحالية أو تركيا الحديثة تعترف بمقتل أعداد كبيرة تتجاوز ثمانمائة ألف من الأرمن هذا أمر الأمر الثاني ما حدث أو ما يتم إدانته الآن أو وصفه بالإبادة الجماعية أو التصفية حدث في عهد آخر في نظام سياسي آخر في نظام فكري آخر لماذا هذه الحساسية التركية المفرطة من أي تناول لموضوع الأرمن؟

جنكيز كتنة: يا أخي العزيز هل بالإمكان لقوم ما أن يتخلى عن ماضيه؟ إن تركيا هي مهما كانت إدارة جمهورية تعتبر خليفة للدولة العثمانية ولا يمكن لأي تركي أن ينكر إنه قادم من الأصل في الدولة العثمانية ولكن..

علي الظفيري: كيف يا دكتور إذا تخلت.. دكتور كتنة إذا تخلت عن الأمر الأساس الحكم العثماني كان حكما إسلاميا اليوم هناك حساسية مفرطة تجاه ذكر أي كلمة تشير لهذا الأمر وهناك تكريس العلمانية فهي تخلت عن الشيء الرئيسي في ذلك العهد لماذا لا تبرئ تركيا نفسها من هذه المسألة وتتجاوزها؟

جنكيز كتنة: ولماذا تقوم تركيا بتبرئة نفسها بينما لا تقوم الدول العظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية التي قتلت الآلاف من الهنود الحمر وتسببت في مقتل الآلاف أو مئات الآلاف من العراقيين بحجة الإيتاء بالديمقراطية للعراق ولماذا لا تعترف الدولة الفرنسية ورئيسها المتشدد ساركوزي بمقتل حوالي مليون مواطن جزائري ولماذا تعترف تركيا بشيء لم ترتكبه قصدا وتعمدا لأن البادي هو الأظلم الأرمن هم الذين بدؤوا وتعاونوا مع الروس وقتلوا المئات والآلاف من الأتراك وكانت هناك حرب في تلك الفترة ولم يقم الأتراك بشكل متعمد بقتل الأرمن مثلما يتم وصفها بالإبادة لم تكن هناك إبادة حقيقية وقد تم تقديم الذين قاموا بإصدار ما يسمى ببيان التهجير الذي تسبب في مقتل الكثير من الأرمن أو وفاتهم بسبب الظروف الصعبة في المواصلات للمحاكمات في حينها من قبل الإنجليز بالذات وثبتت براءتهم..

علي الظفيري: وضحت دكتور كتنة.

جنكيز كتنة: وإن تركيا لا تعترض على قيام المؤرخين بالنظر إلى هذه القضية بدل من طرحها على الساحة السياسية..

علي الظفيري: وضحت الفكرة دكتور وكأننا يعني وكأن هناك إشارة ما تقول هنا فليعترف كل بما قام به الأميركيون بمن قتلوهم سواء في العراق أو من الهنود الحمر والفرنسيين كذلك وغيرهم من الأمم دكتور غريب السيدة بيلوسي كانت تقول نريد أن نعيد الاعتبار للقيم التي تدافع عنها الولايات المتحدة الأميركية والدكتور كتنة أشار إلى نقطة مهمة جدا وهي ما تعرض له الهنود الحمر وما تعرضت له شعوب أخرى على يد الولايات المتحد الأميركية هل يمكن لهذا القرار أن يعيد الاعتبار فعلا لموقف أميركا كمدافع عن القيم الإنسانية الأساسية؟

إدموند غريب: أولا تبني مثل هذا القرار بدون شك قد يبعث برسالة، يبعث برسالة إلى أطراف مختلفة بينها الأتراك والأرمن وأطراف أخرى في المجتمع الدولي ولكن أعتقد وهناك بدون شك يجب الاعتراف أيضا أن هناك ازدواجية في المعايير بين التعامل مع أعداد من المذابح والتي جرت في التاريخ ويجب الاعتراف أيضا بأن ما حدث خلال الحرب العالمية الأولى وقبل ذلك أنه كانت هناك مذابح للأرمن وأعتقد بأن النقطة التي تفضلت وأشرت إليها قد تكون مخرجا لتركيا وكنا قد بدأنا نرى بعض الليونة من قبل رئيس الوزراء التركي الحالي الذي دعا إلى تشكيل لجنة تاريخية من الأرمن ولجنة مؤرخين من الأتراك لمناقشة هذا الموضوع لأنه في النهاية قد يكون من الأسهل على دولة مثل الدولة التركية الآن التي قامت بإسقاط الدولية العثمانية لا بل أنها تبنت مفاهيم مختلف ألغت الخلافة ألغت السلطنة ألغت استخدام الأحرف العربية وغير ذلك وتبنت سياسة مختلفة قد يكون أسهل عليها ولكن هناك حساسيات أعتقد موجودة لدى الأتراك بعض منها ما سمعناه من الدكتور قبل لحظات القضية الأخرى هي أنه تركيا تخشى أيضا المطالبة بتعويضات في المستقبل إنه إذا تم تبني قرارات مثل هذه فقد ستكون هناك مطالبة بتعويضات وستبعث رسالة أهم من ذلك النقطة الأخرى وأعتقد ربما أراضي ما أعتقد إن ما يشخصاه الأتراك وقد نسمعه أحيانا من بعض المتحدثين الأتراك والمحللين أنهم يخشوا كما تخشى بعض دول المنطقة الأخرى أو البعض في دول المنطقة من سايكس بيكو جديدة أو من قرار فرض اتفاقيات معاهدة سافر جديدة ومعاهدة سافر بالنسبة لعدد من القضايا الأخرى لأن معاهدة سافر دعت إلى قيام دولة كردية وإلى قيام دولة أرمنية وهذا بدون ما نسمعه من بعض المحللين الأتراك هذه الأيام.

علي الظفيري: نعم دكتور غريب الآن نتوقف مشاهدينا الكرام مع فاصل بعد سنقرأ في تهديدات أنقرة بالرد على مثل هذا القرار في حال ما أقر وكذلك سيقدم يوسف الشريف مدير مكتبنا في أنقرة قراءة تحليلية في العلاقات التركية لأميركية تفضلوا بالبقاء معنا.

[فاصل إعلاني]

مدى جدية الموقف التركي من القرار

علي الظفيري: أهلا بكم من جديد على لسان قائد الجيش الجنرال نيشار بويو كانيد حذرت تركيا من أن علاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة لن تكون أبدا كما هي عليه إن تم تصديق القرار الذي تبنته لجنة في الكونغرس الأميركي بخصوص ما يعرف بإبادة الأرمن تحذير يعيد إلى الأذهان محطات توتر عرفتها العلاقة التي توصف بالاستراتيجية بين أنقرة وواشنطن يوسف الشريف يقرأ لنا في هذه العلاقة.

[تقرير مسجل]

يوسف الشريف: ما يزال الأتراك يتذكرون ما يسمى بالحقبة السوداء في علاقاتهم مع حليفتهم الأطلسية واشنطن على خلفية دخول الجيش التركي شمال قبرص عام 1974 وتحذير الأميركيين لهم من استخدام أي سلاح أميركي في العملية تبعه رد تركي عنيف بإغلاق قاعدة إنجيرلك الجوية أمام الأميركيين لمدة عامين كاملين، أزمة أخرى رفعت بين البلدين بعد رفض البرلمان التركي السماح للقوات الأميركية باستخدام الأراضي التركية خلال الحرب الأميركية لاحتلال العراق عام 2003 وهي أزمة ما تزال توابعها تلاحق الطرفين حتى عادت لتنفجر اليوم مجددا على خلفية آلية التعامل مع حزب العمال الكردستاني وملف تاريخ الأرمن في العهد العثماني، الحكومة التركية التي استدعت سفيرها في واشنطن للتشاور وألغت عدد من زيارات مسؤوليها السياسيين والعسكريين إلى هناك تهدد برد فعل أقوى وأكبر في حال أقر الكونغرس صفة التطهير العرقي لما وقع للأرمن في تركيا ومن ذلك إغلاق قاعدة إنجيرلك مجددا التي يمر من خلالها 70% من الدعم اللوجستي للقوات الأميركية في العراق لكن العلاقات بين أنقرة وواشنطن أظهرت في السابق قدرة فائقة على تجاوز الأزمات مهما بلغت حدتها فبدأت تركيا تستثمر أزمة ملف الأرمن التي يصعب تفاديها لصالح ملف آخر وهو ملف حزب العمال الكردستاني فمن ذاته رب ضارة نافعة تحاول أنقرة الضغط على الإدارة الأميركية لتعوضها عما تعتبره إهانة الكونغرس لها وذلك لن يكون بأقل من الضغط على بغداد وأربيل والتحرك بشكل جدي ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق لتكفر واشنطن بذلك عن خطايا الكونغرس إذا صحة تعبير فهل تزر وازرة وزر أخرى؟ يراهن الأتراك على أن هذا ممكن في عالم السياسة وخصوصا الأميركية منها، يوسف الشريف، الجزيرة، أنقرة.

علي الظفيري:  شكرا ليوسف وأهلا بكم من جديد دكتور جنكيز كتنة في أنقرة من الواضح أن يعني مما مضى أن السلوك أو من الواضح من السلوك التركي السياسي أن تركيا جادة وقادرة على تنفيذ هذه التهديدات لكن الآن في ظل هذا الظرف السياسي ما الذي يمكن أن تقوم به تركيا كرد على مثل هذا القرار أو القانون إن أقر في الكونغرس؟

جنكيز كتنة: يا أخي العزيز بالنسبة للقانون إذا تم إقراره في الكونغرس لأميركي العقاب الأكبر هو العقاب الذي سيقوم بتطبيقه الشعب التركي إيذاء أميرا إن الاستطلاعات التي جرت قبل فترة في تركيا قد أظهرت إن غالبية من الشعب التركي لا تكن بأي احترام أو تقدير للولايات المتحدة الأميركية وإن هذه المواقف ستزداد سوء بين الشعب والرأي العام التركي في حالة إمرار هذا القرار من مجلس النواب الأميركي بالإضافة إلى ذلك قد صرح رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الأول يشار بيوك آنط بأن أميركا قد أطلقت رصاصة على قدمها بالموافقة على هذا القرار..

علي الظفيري: طيب دكتور عمليا دكتور كتنة عمليا هل يمكن أن تقوم تركيا بإغلاق قاعدة إنجيرلك كما قامت سابقا وهذا أمر حيوي بالنسبة للأميركيين؟

جنكيز كتنة: بطبيعة الحال هذا قرار يقوم باتخاذه القادة السياسيون ولماذا لا تستطيع إن كل دولة من الدول في العالم مرغمة على الدفاع عن مصالحها وعما يعود بالنفع عليها إذا اضطرت تركيا لماذا لا تتخذ موقف من هذا القبيل هذا من حقها أمر طبيعي للغاية مثلما تفكر أميركا بمصالحها وتأتي من عشرات الآلاف من الكيلومترات للمنطقة من أجل مصالحها ومن أجل الإيتاء بما يسمونه بالديمقراطية التي نراها الآن تدنس تحت الأقدام في العراق ومئات الضحايا العراقيين فلماذا تركيا لا تقوم بالدفاع عن حقها كدولة ودولة فتية ودولة تحاول الوقوف على قدميها مستندة على شعبها؟

علي الظفيري: دكتور غريب يعني أولا بالنسبة للسيناريو القادم هل تتوقع أن يقر القانون فعلا وأن يتطور رد الفعل التركي وأن تأخذ هذه العلاقة منحى آخر هل تتوقع ذلك أم يمكن تلافيه وتجاوزه كما تم في حالات سابقة؟

إدموند غريب: ما لم تتحرك الإدارة وتحقق نجاحات لم تحققها بين أعضاء لجنة العلاقات الخارجية ما لم تتحرك وبصورة غير مسبوقة فإنه سيكون من الصعب منع أو إسقاط القرار في مجلس النواب قد تكون فرصة إسقاط القرار في مجلس الشيوخ أفضل للإدارة الأميركية وعلى كل حال فإن هذا القرار غير ملزم ولا أتوقع أن يوقع عليه الرئيس بوش ولكن أهميته أنه يبعث برسالة إلى تركيا وكما سمعنا من الدكتور جنكيز فإن هناك ردة فعل سياسية قوية لدى الشارع التركي القضية هي كما تفضلتم وذكرتم في تقريركم قبل فترة أن هناك المنطقة تمر على مفترق طرق خطر جدا وهناك الآن الكثير هناك مآزق للعديد من الأطراف هناك مأزق للحكومة التركية فالكومة التركية التي هددت بتبني مواقف متشددة وقاسية وحماية مصالحها عليها أن تثبت أنها ستفعل ذلك وإلا فإن هذه التهديدات لم تؤخذ على محمل الجد ولكن في نفس الوقت فإن تنفيذ أي نوع من هذه التهديدات سيكون له أيضا ثمن وسيكون له عواقب تتعلق بالعلاقات التركية الأميركية..

علي الظفيري: طيب دكتور غريب هل يمكن أن تكافأ تركيا مثلا إذا أقر الموضوع تكافأ من جهة أخرى أن يسمح لها بالعمل عسكريا في شمال العراق مع حزب العمال الكردستاني؟

إدموند غريب: فعلا هذه أيضا نقطة مهمة جدا ولكن هناك مأزق أيضا للإدارة الأميركية فالإدارة الأميركية تجد نفسها أيضا بين حليفين هناك حلفاء أكراد وحلفاء أتراك وهي قد تحتاج على دعم هذين الحليفين خاصة إذا حدثت أي مواجهات مثلا مع إيران وبالتالي فلن يكون من السهل ستكون هناك قرارات صعبة بالنسبة للإدارة الأميركية البعض يعتقد بأن التحالف مع الأكراد هو تحالف تكتيكي بينما التحالف مع تركيا هو تحالف استراتيجي ولكن هناك متغيرات شهدناها في المنطقة وهذه أيضا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار بالنسبة لتركيا أعتقد أن الحكومة التركية تجد نفسها من ناحية تحت ضغط شعبي وأنها قد تحتاج للتدخل في كردستان العراق في شمال العراق وبالتالي ولكنها قدرتها في هذا المجال قد أيضا تواجه بعض التحديات أعتقد أن هناك عدة خيارات أحدها قد يكون فرض عقوبات اقتصادية على الحكومة الكردية وهذه قد تكون مؤثرة ومدمرة وهذا ما يخشاه أكراد العراق لأن أي أثر اقتصادي أي حصار وقد شهدنا شيء من ذلك عندما أغلقت إيران حدودها مع كردستان العراق دفع المنطقة مليون دولار يوميا ثمنا وتركيا قادر على إلحاق أضرار اقتصادية أكبر وأيضا هناك ربما القيام بعملية عسكرية على الحدود ولكن إذا المشكلة قد تكون أكبر إذا توغلت تركيا إلى داخل المنطقة الكردية العراقية فإننا سنجد مواجهة من الأكراد العراقيين وعندئذ قد تتسع..

علي الظفيري: طيب دكتور سامحني أشرفنا على الانتهاء من هذه الحلقة دكتور كتنة فيما تبقى أقل من دقيقة هل نحن بين يعني بين خيارين أيهما ترجح هل هذه زوبعة في فنجان يمكن تجاوزها وتلافيها بشكل كبير وليست بالقضية الرئيسية الكبرى أم أنها فعلا تسير بيعني بتطور أكبر وقد تؤثر بشكل رئيسي على العلاقة بين الحليفين الأميركي والتركي؟

جنكيز كتنة: أنا أعتقد بأن رئيسة مجلس النواب بيلوسي مصرة وتحاول محاولة مكثفة لاستصدار القرار من مجلس النواب الأميركي ولكن أعتقد بأن حكومة الرئيس الأميركي جورج بوش ستسعى بصيغة أخرى لعدم تمرير هذا المشروع من مجلس النواب أو من مجلس الشيوخ مثلما أشار الدكتور إدموند وهذا سيكون لصالح الدولتين الحليفتين اللتين ترتبطان بعلاقات وثيقة وتاريخية قيمة وهذا سيكن من صالح البلدين وإلا فإن تركيا ستضطر بضغط شعبي لاتخاذ بعض الإجراءات ضد أميركا.

علي الظفيري: دكتور جنكيز كتنة الكاتب والمحلل السياسي التركي من أنقرة، دكتور إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية من واشنطن شكرا لكما، انتهت هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر التي أشرف عليها نزار ضو النعيم شكرا لكم على طيب المتابعة غدا إن شاء الله لنا لقاء في أمان.