الفتوى
ما وراء الخبر

تجريم إصدار فتاوى دون تصريح رسمي في مصر

تناقش الحلقة تصريحات مفتي مصر علي جمعة التي قال فيها إنه يعد دراسة تجرّم كل مَن يصدر فتاوى شرعية في مصر دون تصريح من دار الإفتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر.

حجج قصر حق الإفتاء على جهات محددة
– محاذير وتداعيات تأميم الفتاوى

undefinedمحمد كريشان: أهلا بكم، نحاول في هذه الحلقة التعرّف على ما وراء تصريحات مفتي مصر الدكتور علي جمعة التي قال فيها أنه يعد دراسة تجرّم كل مَن يصدر فتاوى شرعية في مصر دون تصريح من دار الإفتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر ونطرح في حلقتنا هذه تساؤلين اثنين: ما هي الحجج التي دعت مفتي مصر للتفكير في قصر حق الإفتاء على جهات محددة دون غيرها؟ وما مدى وجاهة المحاذير التي قد تترتب على احتكار إصدار الفتاوى الشرعية من جهات بعينها؟

حجج قصر حق الإفتاء
على جهات محددة

محمد كريشان: حسماً لما سمته بفوضى الفتاوى تعتزم دار الإفتاء المصرية إصدار دراسة تصل إلى حد تجريم من يصدر الفتوى إذا لم يكن حاصلا على تصريح من جهات بعينها ووفق شروط حددتها هذه الدراسة.

[تقرير مسجل]

سمير عمر: بين مؤيد ومعارض اتسعت دائرة الجدل بشأن إعلان دار الإفتاء المصرية عن الإعداد لدراسة متكاملة تجرّم كل مَن يتصدى للإفتاء دون الحصول على إجازة من الجماعة العلمية الإسلامية والتي تتمثل في مجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء المصرية. الدراسة التي يتوقع أن تصدر قريباً لوقف ما سمته دار الإفتاء فوضى الفتاوى تحدد شروطا ثلاثة ينبغي توافرها فيمَن يتصدى للإفتاء: أن يكون من خريجي إحدى كليات الشريعة الإسلامية وأن يكون قادرا على فهم الواقع واستيعاب المتغيرات وأن تتوفر لديه القدرة على ربط العلوم الشرعية بالواقع المعاش. لكن هذه الشروط الثلاثة لم تزد العلاقة بين المؤيدين والمعارضين إلا تعقيدا.

مشارك أول: في ظل هذه الفوضى الموجودة في الفضائيات تجاه الفتوى لابد أن يكون هناك تصريح لأي أحد يتعرّض للفتوى ويتصدر لإفتاء الناس على الفضائيات أو على غير الفضائيات.

مشارك ثان: أرفض هذا الكلام بشدة وأعترض عليه بشدة وأرى أنه خطوة ضخمة جدا في سبيل تكميم الأفواه.

مشارك أول: الناس يعني يكثرون من السؤال في الطلاق في النكاح في المعاملات في شتى شؤون الحياة كم في المائة من المليون ونصف فتوى فيها فتاوى سياسية حتى نتهم المؤسسات الدينية بأنها مؤسسات تابعة للحكومة.

سمير عمر: وعلى ذلك يتوقع كثيرون أن تثير تلك الضوابط في حال إقرارها أزمة لا تقف عند حدود الاختلاف في الرأي الذي يقال إنه لا يفسد للود قضية. التصدي لما يوصف بفوضى الفتاوى هو الهدف من دراسة دار الإفتاء المصرية تجريم صدور الفتوى دون الحصول على إجازة من الجماعة العلمية الإسلامية، وهو ما يرفضه دعاة كثيرون لا ينتمون للمؤسسة الدينية الرسمية معتبرين إياه خطوة للخلف ومحاولة لتكميم الأفواه. سمير عمر الجزيرة القاهرة.

محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من القاهرة الشيخ الدكتور عبد المنعم بري عميد مركز الدراسات الإسلامية ورئيس جبهة علماء الأزهر ومن العاصمة الأردنية عمّان الدكتور همام سعيد عضو جبهة العمل الإسلامي وأستاذ الحديث في الجامعة الأردنية سابقاً، أهلا بضيفينا نبدأ من القاهرة والدكتور عبد المنعم بري دكتور هذا الموضوع ليس جديداً فلماذا الآن التعجل في ضرورة تجريم مَن يصدر الفتاوى دون تنظيم؟

عبد المنعم بري – عميد مركز الدراسات الإسلامية ورئيس جبهة علماء الأزهر: والله القضية يعني قضية أهمية الدين ولدينا في الإسلام الكذب من ألعن الكبائر، سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم "قالوا يا رسول الله أيكون المؤمن بخيلا" يعني طلع الزكاة ويمسك بعد ذلك "قال نعم قالوا يا رسول الله أيكون المؤمن جباناً" يخاف من الصرصار ومن الفأر "قال نعم قالوا أيكون المؤمن كذابا قال لا" فالكذب مع الناس فيما بينهم جريمة من أبشع الكبائر لا تلتقي مع الإيمان أبداً فما بالنا إذا كان الكذب كذبا على الله تعالى، هذه هي الفتوى القائمة على غير أساس والله عز وجل يقول في القرآن الخالد {ولا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إنَّ الَذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} في سورة النحل الآية 116 فيها ورد الكذب ثلاث مرات في الآية الواحدة {ولا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ}.

محمد كريشان: إذاً دكتور أنت تعتقد بأن الكذب هو الذي استدعى هذا الأمر، لنرى الدكتور همام سعيد لأنه الكذب موجود منذ خلق البشرية يعني فما الداعي الآن أن نحدد شيئا كان متاحا وواسعا ورحبا؟ تفضل دكتور همام.

همام سعيد – عضو جبهة العمل الإسلامي: بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وسلام الله عليكم أيها الأخوة المشاهدون، في الحقيقة أولا يعني ما بدأ به فضيلة الشيخ الفاضل أن القضية منشأها وجود الكذب فالحقيقة هذا اتهام لعلماء الأمة، علماء الأمة علماء أخيار ويبقى مدد العلماء في هذه الأمة إلى قيام الساعة فهذا الدين ولله الحمد له حصونه وهم العلماء ولذلك هذه الدعوة أن القضية من أجل الكذب، الحقيقة ليست من أجل الكذب وإنما من أجل تسديد فواتير لحساب مصالح سياسية إقليمية ودولية ولاسيما نفوذ الولايات المتحدة الأميركية ودول الاستعمار الغربي التي حكمت بلادنا وأرضنا، تريد أن تلاحق العلماء وأن تخرس هذه الأصوات ولذلك القضية ليست قضية كذب وإنما هي في الحقيقة لكي يشيع الكذب، الذين يريدون أن يمنعوا الفتيا من علماء أجلاء صالحين مؤهلين قادرين يفرضون عليهم هذا الحجر وهذا الحجر الحقيقة لا يجوز لأن هذا الحجر كما يقول يعني الإمام أبو حنيفة الحجر لا يجوز على الحر العاقل واستثنى من ذلك يعني المفتي الماجن، حتى المفتي الماجن يقول الإمام أبو حنيفة يجوز لهذا المفتي الماجن إذا أفتى وكانت فتياه صحيحة أن تجاز وأن تُقبل والمجون معروف هو الفسق والفجور وأما ما عدا ذلك فعلماء الأمة..

محمد كريشان [مقاطعاً]: ولكن دكتور همام يعني مَن تحدث عن ضرورة تقييد هذا الأمر وتقنينه وجعله من مصدر واحد يتذرع بأنه أصبحت هناك فوضى كل من هب ودب أصبح يفتي في التلفزيونات في الصحف في كل هذه القنوات التي انتشرت بشكل كبير ألا تحتاج المسألة إلى تنظيم مع ذلك؟

"
الفتاوى عبر التاريخ الإسلامي منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا والمُفتون كثر والكلام في الفتيا كثير ولذلك يعني القول بأن هذه فوضى أنا أتصور هذه الفوضى أصلا لا يمكن وضع حد لها
"
همام سعيد

همام سعيد: أستاذ محمد هذه القضية ليست لأول مرة تكثر فيها الفتاوى، الفتاوى عبر التاريخ الإسلامي منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا والمُفتون كثر والكلام في الفتيا كثير ولذلك يعني القول بأن هذه فوضى أنا أتصور هذه الفوضى أصلا لا يمكن وضع حد لها، هل يستطيع الأزهر أو غير الأزهر أن يضع حد لقنوات الإنترنت والقنوات الفضائية؟ إذا أصدر لو فرضنا قرار على المصريين فهل يلزم غير المصريين وأصبح العالم الآن قرية والقنوات الفضائية في كل مكان تبث؟ إذاً معنى ذلك الحكم سوف يأتي من هذا وهذا وسوف يكون هنالك من يفتي سواء صدر قانون أو لم يصدر قانون والقضية ليست محصورة في بلد من البلاد لذلك التذرع بموضوع الفوضى أنا أتصور هذه الذريعة غير صحيحة ويعني للأسف هنالك تسلسل في البلاد العربية خلال هذه السنوات الأخيرة ومعروف أن الدواعي لهذا التسلسل في إصدار قوانين تحجب الفتيا إنما الباعث على ذلك أن الأنظمة السياسية تريد تكميم الأفواه وتريد منع كلمة الحق وتريد أن تخدم المصالح الأجنبية التي تحكم بلادنا، نحن الآن أحوج ما نكون إلى المفتي.

محمد كريشان: يعني عفوا لنرى الدكتور عبد المنعم بري كيف يرى المسألة وقد شرحتها من هذه الزاوية المختلفة عنه.

عبد المنعم بري: الناس المتفرغون الذين سخّرهم الله لاستخراج كنوز العلم يجب أن يُفسح لهم المجال أن يعاملوا معاملة أكرم مما نلقاه اليوم، هذه الصورة التي أشار إليها أخي صورة واقعية مؤسفة، لا يزال الرجل عالما ما دام يطلب العِلم فإذا قال علمت فقد جهل فكل الناس كل العلماء يتنافسون في مزيد من عطاء الله وفضله والله سبحانه وتعالى يقول {يَرْفَعِ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ} والذين كرمهم الله لا تصح أن تهينهم اللوائح والقوانين، لقد سمعت بأذني فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان من ناس لامعين بكل أسى وأسف لكن لابد من السيرة الذاتية للعالِم الذي يتصدى لابد من ذلك وهذه الأمور يجب أن توضع في..

محمد كريشان [مقاطعاً]: دكتور عبد المنعم لو سمحت لي مفتي مصر السابق السيد أحمد الطيب عندما سُئل في هذه المسألة قال الأمر يخضع لنقطتين إذا كانت المسألة يعني قد تدعو إلى التشويش والبلبلة والفرقة يجب أن تكون الفتوى موحدة ولكن في مسائل يفترض أن تكون فيها تعددية وأن يكون الأفق رحبا والاختلاف رحمة في هذه المسألة لماذا نضيّق واسعا يعني؟

عبد المنعم بري: لا نضيّق واسعاً ده في القرآن الكريم مثال ذلك يعني مثلا قال الله كلنا يعلم {إنَّ الَذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} ومع ذلك تقرأ في مطلع سورة النساء في شأن ولي مال اليتيم {ومَن كَانَ غَنِياً فَلْيَسْتَعْفِفْ ومَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} فالقضية واحدة واختلف فيها الحكم باختلاف الظروف، هذه لا يرعاها ولا يبطن إليها إلا كبار العلماء أما الأشبال الصغار فيجب أن يوضع لهم حدود فعلا إنما العالِم من علماء الصفوة يجب أن يُفسح لهم المجال والتقدير والاحترام الأدبي لأنهم..

محمد كريشان: ولكن أيضا الدكتور عبد المنعم يعني موضوع الصفوة أيضا هو نفسه ربما يخضع لتصنيفات سياسية وهذا ربما الخطر الكبير في هذه المسألة، ما هي المحاذير التي قد تترتب عن ما يمكن أن يوصف بتأميم الفتاوى؟ نعالجها بعد هذه الوقفة نرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

محاذير وتداعيات تأميم الفتاوى

محمد كريشان: أهلا بكم من جديد وحلقتنا تناقش اعتزام مفتي مصر تجريم المتصدرين للفتاوى الشرعية دون تصريح لهم بشكل رسمي، دكتور همام سعيد في عمّان قبل أيام قليلة في جريدة الحياة اللندنية مقال جميل حول هذا الموضوع كتبه عبد الرحمن حللي وهو كاتب وجامعي سوري يقول إن هناك أزمة ثقة بين الجمهور في البلاد العربية والإسلامية والمفتي الرسمي المعتمد من قبل السلطات ويقول إن أزمة الثقة بالمفتي الرسمي من جهة وفوضى الفتاوى من جهة أخرى والتي لا تخفى مخاطرها وأشدها سفك الدماء بغطاء ديني تقضي البحث عن حلول ولكنه يعتقد بأن توحيد الفتاوى ليس هو الحل ويطرح إشكالا عمليا، كيف تنظر إلى هذه النقطة تحديدا؟

همام سعيد: الحقيقة أولا نحن نتكلم عن موضوع التجريم ونتكلم عن موضوع الإذن الرسمي، نحن نعلم الآن أن الإذن الرسمي بيد المخابرات في كل بلد وبالتالي لن تعطي هذه الأجهزة الأمنية الإذن لمفتٍ يقول كلمة الحق التي تغضب السلطان وتغضب الحاكم وبالتالي سوف يوضع هذا القانون أو هذا التجريم عقبة كأداء في طريق العلم الشرعي هذا قضاء العلم الشرعي هذا أمر محرم شرعا لا يجوز ولذلك يعني ابن تيمية يرى أن هذا باطل بالإجماع بإجماع علماء المسلمين منع المفتين من الإفتاء لأن ما هي الفتوى؟ الفتوى هي إخبار بالحكم الشرعي، يعني امرأة أشكل عليها مشكلة في بيتها مع زوجها مع أبنائها إنسان تاجر في دكانه أراد أن يسأل عن أمر فاتصل بعالم من العلماء يثق به فسأله وهذه فتوى، هل نقول لا يجوز لنا أن نفتي إلا بعد أن نذهب ونأخذ إذنا من الحاكم ومن السلطة؟ الحاكم والسلطة لا يعطون الإذن للناس لأناس معينين ويعطون الإذن لأناس آخرين، الحقيقة يعني فضيلة الشيخ عندما يتكلم أنه فعلا لابد من التنظيم ولابد من كذا، بيد مَن سيكون هذا التنظيم؟ هذا التنظيم لا يكون بيد مخلصة مؤمنة صالحة تعطي المستحقين للفتيا إجازات وما شابه ذلك ومن هنا الحقيقة ما دامت الفتيا هي إخبار عن الحكم الشرعي فكل مؤهل بالحكم الشرعي وبمعرفة الحكم الشرعي هو عالم من العلماء متخرج مثلا على يد علماء أو من جامعة معترف بها ذات قيمة علمية هذا له الحق أن يفتي ولا يجوز له أن يكتم العلم وإذا سُئل ومنع الجواب فإنه يكون عندئذ كاتما للعلم ومَن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة، ثم الفتيا هي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ثم تاريخ الإسلام على مداره الطويل هذا التاريخ الإسلام رأينا بين الحكام وبين العلماء كبار العلماء الذين فعلا كانوا يُمنعون أحيانا من التبليغ ويسجنون ويعذبون ولو أننا تعاملنا مع هؤلاء العلماء كما تعاملت معهم الأنظمة لما كان عندنا الآن علم أبي حنيفة وعلم الشافعي وعلم أحمد ولما أخذنا هؤلاء العلماء كلهم الذين وجدوا من حكامهم ووجدوا من الأنظمة كل عنت وكل مشقة ولذلك لا خوف.

محمد كريشان: ربما لهذا السبب ربما لهذا السبب عفواً دكتور همام البعض يطرح الآن أن لضمان استقلالية مؤسسة الفتوى لابد أن تكون هناك حصانة للمفتي والبعض يذهب حتى إلى حد القول بأنه يجب أن يكون منتخبا وليس معيّنا ما رأيك الدكتور عبد المنعم بري في القاهرة؟

"
المطلوب إفساح المجال والاستشعار بالأمن والأمان لمَن يعملوا في خدمة الدعوة الإسلامية أو في الفتوى وقد ورد في الحديث: ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه
"
عبد المنعم بري

عبد المنعم بري: أيوه يا سيدي يعني حتة أن يكون هناك له حصانة مهمة جدا وأمر مهم جدا وقد قال أهل الحكمة رجل ذو همة يحيي أمة وهذه الهمة لا تنشأ في وسائل المضايق إنما يراد إفساح المجال والاستشعار بالأمن والأمان لمَن يعملون في خدمة الدعوة الإسلامية أو في الفتوى وقد قال.. وقد ورد في الحديث "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه" فتكريم العلماء وإتاحة الفرصة لهم لأداء الأمانة العلمية أمر لازم والعلماء من المجاهدين في سبيل الله في أول الصف..

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم ولكن دكتور يعني حتى نبقى عفواً دكتور حتى نبقى في إطار عملي يعني مثلا لنفترض أن هذه الدراسة فعلا ظهرت إلى النور ووقع تجريم من يصدر فتاوى بشكل فوضوي هنا وهناك، سيكون هذا في مصر يعني ما الذي سيمنع شابا أو شابة من أن تأخذ الفتوى من السعودية أو من المغرب أو من تونس أو من شيخ في لندن عبر الإنترنت عبر التلفزيون مثلما قال ضيفنا من عمّان؟ إذاً التجريم ليس عمليا على الأقل.

عبد المنعم بري: تمام مثل بالضبط الأذان توحيد الأذان يعني سمعنا عن توحيد الأذان في مصر وأتضح أن خطوط العرض والطول لا تتيح هذه الفرصة فيؤذن في الإذاعة مثلا وناس في أقصى الشرق ثلاثين كيلومتر من القاهرة الكبرى مازالت الشمس في نهار رمضان ساطعة، فهذه الأمور تحتاج إلى شيء من المقارنة على الطبيعة ومن الموازنة على الطبيعة ولابد من أن يروا القدوة أمامهم، لابد من جو يحفظ الحرية والكرامة لأهلها وقد يحضرني في هذا أبيات من الشعر النقدي تقول:

ما كان في ماضي الزمان محرّما للناس في هذا الزمان مباح

صاغوا نعوت فضائل لعيوبهم فتعزر التمييز والإصلاح

فالفك فنا والخداع سياسة وغنى اللصوص براعة ونجاح

والعري ظُرف والفساد تمدن والكذب لطف والرياء صلاح

لابد أن يرى..

محمد كريشان [مقاطعاً]: إذاً في هذه الحالة لا خلاف بينك وبين الدكتور همام سعيد الذي نعود إليه من عمّان، مثلاً نتذكر أنه في سبتمبر الماضي وقعت أزمة مثلاً بين المغاربة وبين الشيخ القرضاوي على فتوى أصدرها الشيخ القرضاوي لم تنل استحسان المغاربة فيما يتعلق بالربا والقروض البنكية وغيرها، يعني هل يمكن في الوقت الحالي حتى وإن أنجزنا هذه المهمة في مصر أن نمنع تدفق الفتاوى أو تدفق الاتصالات في هذا المجال دكتور همام سعيد؟

همام سعيد: الحقيقة أولاً لا يمنع أن تنشأ هنالك مجامع فتوى وأن يجتمع العلماء ويتباحثوا في هذه القضايا المهمة وأن يكون لكل دولة مَن يفتي فيها، يعني نحن لا نحجر على الحكومات أن يكون لها المفتي الرسمي وأن يتكلم هذا المفتي الرسمي وأن يقول وأن يفتي الناس لكن الحقيقة القضية لا يجوز أن نحجر على العلماء أن يقولوا بما يعتقدون من هذا العلم وإلا لكانوا آثمين وكانوا الحقيقة قد خانوا علمهم وقد كذبوا على الله، هؤلاء هم الكاذبون على الله تبارك وتعالى ولذلك يعني لا يمنع أن يكون هنالك ناحية تنظيمية في مجامع علمية تدرس القضايا الخلافية وتصدر فيها أحكاماً لكن لا يجوز بحال من الأحوال أن نحظر على الآخرين ونجرمهم والحقيقة هذا التجريم يعني عند إذاً إذا سُئل العالم بمسألة ما ماذا يقول للناس؟ يقول والله أنتظر إذناً من فلان حتى يعني يأذن لي، الحقيقة هذا لا يجوز شرعاً وبالتالي هذا أمر مبتدع في الدين وليس له نظير فيما سبق في تاريخ الإسلام.

محمد كريشان: ولكن هل هذا الجدل دكتور الذي نحن بصدده الآن هو جدل في الأوساط السُنية تحديداً لأنه مثلاً بالنسبة للمذهب الشيعي هناك يعني مرجعيات إذا قالت شيء يتبعها الجميع، إذاً هو جدل محصور في مذهب معين هل هذا دقيق؟

همام سعيد: الحقيقة ليس الأمر كذلك الخصومة ليست بين العلماء في المذهب السُني وإنما الخصومة الحقيقة بين كثير من العلماء وبين الأنظمة ومن هنا الأنظمة تريد أن تقنن، لماذا إذا كانت الأنظمة حريصة على الحلال والحرام لماذا تسمح بالمحرمات وتبيح الزنا وتبيح الربا وتبيح النوادي الليلية وتبيح كل ما حرم الله؟ يعني لماذا لا تقف هذه الحكومات إذا كانت حريصة على دين الأمة لماذا لا تمنع هذا الفجور؟ هذه الحكومات إذا كانت حريصة على دين الأمة لماذا لا تقاوم المحتل لماذا لا تدعو إلى الجهاد لماذا لا تدعو إلى الحفاظ على ثروات الأمة في بلادها؟ الحقيقة القضية ليست يعني بين العلماء وبين الناس إنما القضية هي بين العلماء وبين الأنظمة.

محمد كريشان: إذاً المسألة تراها سياسية، في نهاية البرنامج نعود إلى الدكتور عبد المنعم بري في القاهرة إذا ما كانت المسألة سياسية وصدرت اعتراضات في الشارع المصري بشأنها هل تتوقع أن يقع التراجع عن هذا التوجه نحو تجريم إصدار فتاوى دون تصريح رسمي؟

عبد المنعم بري: يعني أنا لما آجي أسمع فتوى من الحكومة بإهدار كرامة الحجاب الإسلامي وقد وصلت الإشارة فيه أو نزل طرف من توضيحه في سورة النور التي بدأها رب العزة بقوله عز شأنه {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وفَرَضْنَاهَا} وكل كلمة في القرآن أنزلها وكل كلمة أنزلها فرضها فليتصدر هذه السورة بذلك لأن فيها الحجاب وفيها فضيلة وفيها الشرف وفيها العفاف وفيها الصورة المثالية لخير أمة أنزلت للناس.

محمد كريشان: يعني شيخ هل تتوقع أن هذه الدراسة التي تحدث عنها مفتي مصر يمكن أن تمر وتصبح واقعاً في مصر؟ باختصار رجاء شيخ.

عبد المنعم بري: يعني هذه الدراسة أراها بعيدة عن التطبيق والعمل صورة بعيدة الفتوى بالنسبة لنا عبادة من العبادات وطاعة لله وقد قال الله تعالى واستمعنا إلى الآية من قبل {إنَّ الَذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ والْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ ويَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (159) إلاَّ الَذيِنَ تَابُوا وأَصْلَحُوا وبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وأَنَا التُّوَّابُ الرَّحِيم} فأنا يعني أعتبر الحكم عليّ حكم جهنم إذا كتمت العلم فالعالم الذي يكتم يلجم بلجام من نار يوم القيامة.

محمد كريشان: وهذا السبب ربما الذي يجعل يفترض أن يكون الباب متاحاً للكثيرين للإدلاء برأيهم في مسائل تعتبر من مسائل الدين والدنيا في حياتهم شكراً جزيلاً لك فضيلة.

عبد المنعم بري: خصوصاً العلماء المؤهلين لذلك.

محمد كريشان: شكراً فضيلة الشيخ الدكتور عبد المنعم بري عميد مركز الدراسات الإسلامية ورئيس جبهة علماء الأزهر كان معنا من القاهرة وشكراً أيضاً لضيفنا من عمّان الدكتور همام سعيد عضو جبهة العمل الإسلامي وأستاذ الحديث في الجامعة الأردنية سابقاً وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية برنامج ما وراء الخبر هذه الحلقة بالطبع بإشراف نزار ضو النعيم، كالعادة يمكنكم المساهمة في تقديم بعض المقترحات عبر إرسالها على عنواننا الإلكتروني التالي indepth@aljazeera.net غداً بإذن الله قراءة جديدة فيما وراء خبر جديد في أمان الله.