إعلان الإدارة الأمريكية بأنه لن يكون هناك أموالا إضافية لأعمار العراق
ما وراء الخبر

تخلي أميركا عن إعادة إعمار العراق

تناقش الحلقة ما وراء إعلان الإدارة الأميركية أنها لن تخصص أية أموال إضافية لإعادة إعمار العراق الذي دمرته الحرب وسنوات الحصار.

– مؤتمر المانحين.. وعود واهية

 


undefinedمحمد كريشان: أهلا بكم، نناقش في هذه الحلقة ما وراء إعلان الإدارة الأميركية أنها لن تخصص أية أموال إضافية لإعادة إعمار العراق الذي دمرته الحرب وسنوات الحصار ونطرح تساؤلين اثنين، لماذا تخلت واشنطن عن استمرار تمويلها إعادة إعمار العراق؟ وما مصير تعهدات المانحين؟ كيف سينعكس هذا القرار على مصداقية مشاريع أميركا لدمقرطة المنطقة وتنميتها؟ فيما يشبه التخلي عن إعادة إعمار العراق أكدت صحيفة الـ (Washington post) أن الموازنة الأميركية للعام الحالي لن تتضمن أي اعتماد مالي إضافي لبناء العراق الجديد الذي طالما بشر به الرئيس جورج بوش، ضربة قاسية لوعد أميركي مركزي رافق احتلال بغداد وإسقاط نظامها السابق.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: لا أموال إضافية لإعادة إعمار العراق في ميزانية الولايات المتحدة هذه السنة، تلك قد تكون هدية الحكومة الأميركية للشعب العراقي في العام الجديد وفق ما جاء في تقرير الWashington post والذي أكدت فيه أن الميزانية التي ستقدَّم إلى الكونغرس في فبراير المقبل خالية من أي بند عراقي، التقرير لم يعطِ فقط صورة متشائمة لمستقبل إعادة الإعمار في العراق بل رسم كذلك صورة مظلمة لماضيها، العملية التي انطلقت سنة 2003 وسط دعاية أميركية واسعة للنموذج العراقي المرتقب ذهب 80% من ميزانيتها البالغة أكثر من ثمانية عشر مليار دولار أدراج الإنفاق الأمني والعسكري، حتى تلك المشاريع التي أُنجزت وقيل إنها ذات صبغة مدنية أثبتت معلومات الWashington post أنها كانت مشاريع مرتبطة بنحو أو آخر بالهاجس الأمني، التوجه الأميركي الجديد أعقب عدة مؤتمرات عُقدت لحشد دول مانحة لبناء العراق غير أن الحصاد كان هزيلا، التفسير الرسمي عراقيا وأميركيا تمثل في التدهور الأمني الذي يجعل أي مشروع منجَز تحت رحمة المجموعات المسلحة إلا أن المنتقدين له يقولون إن الفساد المالي في العراق ورفض الأميركيين الدفع أكثر لتحقيق الحلم العراقي حول إعادة الإعمار إلى سراب يحسبه الظمآن ماءً واقعا دفع العراقيين للمقارنة بين أوضاع العراق قبل الاحتلال وبعده في ظل تفاقم الأوضاع الأمنية والمعيشية المزرية التي لم يخفف من وطئتها تبشير الرئيس بوش بالعراق الجديد المقبل على مستقبل زاهر، وعد أميركي آخر على المحك يجعل إعادة إعمار العراق ملفا مفتوحا يطارد الاحتلال الذي فاته ربما أن تدمير بلد أسهل بكثير من إعادة إعماره.

مؤتمر المانحين.. وعود واهية

محمد كريشان: المؤتمر الأول للمانحين بشأن العراق عُقد في العاصمة الإسبانية مدريد أواخر عام 2003 تبعته مؤتمرات في عمان وأبو ظبي وطوكيو، في مدريد تعهدت أطراف أجنبية وعربية بتقديم نحو ثلاثة وثلاثين مليار دولار في صورة مِنح وقروض وتسهيلات مصرفية، الولايات المتحدة تعهدت بتقديم ثمانية عشر مليارا بينما تعهدت اليابان بمليار ونصف المليار كما تعهدت أطراف أخرى بتقديم مليار دولار، أما البقية فكانت قروض وتسهيلات مصرفية، صحيفة الWashington post تقول إن 80% من المنحة الأميركية أُنفقت على الأجهزة الأمنية والقضائية والتحقيق مع الرئيس السابق صدام حسين وحتى المشاريع المدنية فقد ذهب نحو 25% من كلفتها لأغراض أمنية وتضيف الصحيفة أن إنتاج النفط وخدمة التيار الكهربائي لا تزالان دون مستويات ما قبل الحرب، معنا في هذه الحلقة من العاصمة البريطانية لندن الكاتب والسياسي العراقي المستقل هارون محمد والمهندس محمد الدراجي مدير التنمية في المعهد التنموي العراقي ومعنا من العاصمة الأميركية واشنطن الدكتور عماد حرب مسؤول البرامج في معهد السلام الأميركي، أهلا بكم جميعا، نبدأ من واشنطن والدكتور عماد حرب، دكتور لماذا أقدمت واشنطن على هذه الخطوة؟

عماد حرب- مسؤول البرامج في معهد السلام الأميركي: واشنطن لم تأتِ على هذه الخطوة لأنها أرادت أن تأتي على هذه الخطوة، أظن أن المشكلة في واشنطن هي ليست مشكلة تخلي عن العراق أو تخلي عن إعادة بناء العراق، أعتقد أن المشكلة في واشنطن هي مشكلة أنه على العراقيين أن يهتموا بأنفسهم من الآن فصاعدا وأيضا هناك مشاكل داخلية بالطبع في أميركا هنا وأظن أن الإدارة الأميركية تحاول قدر الإمكان أن تقلل من نفقاتها الخارجية وخاصة نفقاتها في العراق لأن هناك حاجات داخلية لكثير من الأموال التي كانت قد أرادت سابقا أن تحاول صرفها في العراق.

محمد كريشان: ولكن دكتور جميل أن تقول الولايات المتحدة للعراقيين اهتموا من الآن فصاعدا بأنفسكم ولكن عليها أن تقول لها ذلك.. تقول لهم ذلك بعد أن ترحل وليست وهي موجودة ويُفترض أن هي المسؤولة عما يجرى اقتصاديا وأمنيا وسياسيا؟

"
الإدارة الأميركية أرادت أن تتخلص من النظام العراقي وظنت أن إعادة الإعمار لن تكلف كثيرا ولن تأخذ كل هذا الوقت
"
         عماد حرب

عماد حرب: أنت على حق بهذا، أنا أوافقك الرأي على القوات الأميركية أن تنسحب بالتدريج من العراق، هذه مشكلة الاحتلال وإذا كان التخلص من النظام السابق.. العراقي السابق كان مرضا لا أعتقد أن الاحتلال الأميركي هو ترياق أو دواء لهذا المرض، المشكلة الأميركية قديمة تعود إلى فكرة احتلال العراق تعود إلى فكرة تغيير النظام، الأميركيون لم يفكروا سابقا بأن هذه ستكون نهاية الأمر بهم، أظن أن الإدارة الأميركية أرادت أن تتخلص من النظام وظنت أن إعادة الإعمار لن تكلف كثيرا ولن تأخذ كل هذا الوقت ولكن الحسابات، حسابات الحق لم تأتِ كحسابات البيدر وأظن أنهم الآن يراجعون أفكارهم ويريدون أن يحددوا مسائل أخرى منها إنهاء الاحتلال، منها إعادة الإعمار ولكن أيضا هناك مشاكل سياسية واقتصادية داخلية يحاولون أن يجيبوا عليها، أخطاء سابقة تراكمت حتى أصبحت أخطاءً حالية وهم الآن يحاولون أن يحلوها.

محمد كريشان: في أبريل 2003 جي غرنر الذي كان الحاكم الأميركي للعراق وقتها قال ما نصه، إعادة الإعمار في العراق ستكون أسرع مما يتصور الناس، هنا أسأل السيد هارون محمد في لندن ليس فقط إعادة الإعمار لم تكن بأسرع مما يتصور الناس ولكن يبدو حتى الانسحاب الأميركي من تحمل تكلفة إعادة الإعمار ربما جرى بأسرع مما تصوره الناس؟

هارون محمد – كاتب وسياسي عراقي – لندن: يعني الجنرال غرنر قال كلاما كثيرا وأعقبه بريمر وهو الآخر أيضا أطلق سلسلة من التصريحات والتمنيات وهذا كله كلام في كلام، أنا في الحقيقة لا أجد غرابة في أن تحجب أو الإدارة الأميركية ما سُمي ببند إعادة الإعمار من الميزانية الأميركية المقبلة لأن الولايات المتحدة الأميركية أصلا لم تدرج في برامجها.. في أجندتها ما يسمى بإعادة الإعمار في العراق، نحن نعرف بأن أميركا دولة محتلة والاحتلال شكل من أشكال الاستعمار ولم نعرف سابقا أو حاليا أن دولة محتلة لدولة أخرى قد قامت بعمليات إعمار أو إعادة إعمار ما خربته هي بنفسها وعلى هذا الأساس يجب علينا أن نستذكر قليلا ونعود إلى الوراء إلى نهاية عام 1990 وإلى جنيف عندما اجتمع وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر مع نظيره العراقي وقتئذ طارق عزيز، يومها هدد بيكر نظيره العراقي قائلا، إذا جرت الحرب فإن الولايات المتحدة الأميركية ستعيد العراق إلى خمسين سنة إلى الوراء وقد حصل ما حصل في حرب بوش الأب 1991 تم تدمير نصف البنية الاقتصادية والصناعية والتنموية في العراق وفي حرب بوش الابن تم التركيز على البقية الباقية..

محمد كريشان: عفوا ولكن سيد هارون إذا كان البعض يعتقد بأن ما تنفقه الولايات المتحدة وللعلم مثلما ذكرنا، ما خصصته واشنطن لإعادة إعمار العراق هو 18.4 مليار دولار إذا كان البعض يعتقد بأن واشنطن تستفيد من خيرات العراق وهي تربح من وراء ذلك ما الذي يمنعها من أن تواصل الإنفاق من ضمن ما تستفيد منه؟

هارون محمد: لا.. هذا حال الدول المتعاونة وأميركا لا أعتقد أنها دولة متعاونة مع العراق وإنما محتلة ثم أن المنحة وما سُمي بالمنحة الأميركية البالغة 18 مليار وأربعمائة مليون يعني لما الرأي العام حتى الأميركي لا يعرف أين صُرفت وأين ذهبت كل الذي عرفناه في حينه أن نيغرو بونتي السفير الأميركي الأسبق في بغداد كان قد استحصل على ثلاثة مليارات دولار من هذه المنحة وصرفها كما هو معلوم على ما سُمي بالأمور الأمنية وتبين أنها صُرفت على شبكات وعلى خلايا تخريبية في العراق، الذي أريد أن أعود إليه وأقول بأنه لا يمكن لا يُعقل لا يصدَّق بأن بلدا مثل أميركا احتلت العراق وما تزال تحتله يمكن أن..

محمد كريشان: هذه الفكرة واضحة سيد هارون يعني أنت ذكرت قبل قليل سيد بريمر.. سيد بريمر صرح لصحيفة أو بالأحرى نقلت عنه صحيفة ال(Endependent) البريطانية في أغسطس 2003 قال بأن.. وهنا أسأل السيد محمد الدراجي، قال بريمر وقتها بأن مجرد إعادة الكهرباء تكلفتها اثنين مليار دولار، إعادة الكهرباء في العراق بينما شبكة المياه في كل البلاد تستلزم 16 مليار دولار، إذاً بعملية بسيطة 16+2=18 مليار دولار.. يعني كل ما خصصته واشنطن لإعادة الإعمار في النهاية قد لا يغطي فقط الكهرباء والماء في تلك الفترة في أغسطس 2003، كيف تنظر إلى هذه التكلفة وتراجع واشنطن عن مواصلة الإنفاق فيها؟

محمد الدراجي – مدير التنمية في المعهد التنموي العراقي: بسم الله الرحمن الرحيم، طبعا في البدء يجب أن نقول إنه إدارة بريمر فشلت في بدء عملية إعمار العراق وأنا كمختص وفي هذه.. في شؤون الإعمار راح أعطيك مجموعة من الأرقام اللي أقول لك الفلوس الأميركية والمنحة الأميركية شون صرفت ها 18 مليار طبعا 2.5 مليار من مخصصات المدارس.. بناء المدارس ذهبت إلى القضايا الأمنية، 3مليار و400 مليون من الكهرباء ذهبت إلى القضايا الأمنية وبناء عشر سجون جديدة وبيوت وسيارات للقضاة، الكهرباء 8 ساعات تأتي في اليوم، أنا كنت اليوم في العراق حسب (Christian since monitor) لكنه واقع الحال أقل من هذا المعدل، أقل من ثمان ساعات وهو أقل من معدل ما قبل الحرب، الغريب في الأمر أنه السيد بوش عندما قال إنه سيفضل.. سيجعل في العراق أفضل (Infrastructure) في المنطقة قبل سنتين، الآن يأتي الجنرال وليام ماكوي وهو قائد فرق المهندسين ويقول نحن لا ننوي إكمال عملية إعادة إعمار العراق، الدولة أو الحكومة الأميركية ملزمة بإعادة إكمال العراق لأنه سبق وأن عملت نفس الشيء بعد الحرب العالمية الثانية وهنا أذكر مشروع مارشل عندما أعادت بناء أوروبا، إضافة إلى ذلك أنه المفتش استيوارت بوين اكتشف عددا من حالات التلاعب ليس فقط في المنحة الأميركية وإنما 8 مليار دولار من واردات النفط العراقي حُولت إلى الحكومة العراقية بدون كشف حساب، 340 مليون دولار عقود صُرفت بدون تندر منافس يعني أحيلت إحالة مباشرة وهذا خلافا للقانون الدولي والقانون العراقي، على العموم نحن لا نرجو من أي دولة أن تمنح العراق أموالا لأنه هناك واردات نفط عراقية كبيرة جدا نريد أن نعرف بشفافية أين هذه الواردات عن العراق يستخرج 1.6 مليون برميل في اليوم، 500 ألف تذهب إلى.. إلى المشتقات النفطية الداخلية ويصدِّر مليون و 100 ألف برميل، سعر الدولار المعدل.. الحالي أنه سعر البرميل 50 دولارا يعني 50 مليون، كلفة الاستخراج 2دولار للبرميل الواحد إذاً مليونين، نطرح من خمسين، ثماني وأربعين دولارا يوميا إذا بنضربها بثلاثمائة وخمسة وستين شوفوا إذا جت تطلع بالسنة هذه نريد أن نعرف..

محمد كريشان: نعم، هذه لغة الأرقام سيد دراجي ولكن هناك أيضا تكلفة سياسية وحتى استراتيجية سنتوقف عندها لأن توقف واشنطن عن الاستمرار في تمويل إعادة الإعمار سيطرح تساؤلات حول مدى جديتها في رعاية مشروع العراق الجديد بشكل عام، وقفة قصيرة نتابع بعدها موضوعنا، نرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: أهلا بكم من جديد وحلقتنا اليوم تناقش إعلان الإدارة الأميركية بأنه لن يكون هناك أموال إضافية في ميزانية هذا العام في إعادة إعمار العراق، نسأل ضيفنا في.. ضيفنا الدكتور عماد حرب في واشنطن، دكتور تقدير الإجمالي لتكلفة الحرب أميركيا هو تقريبا 4 مليار دولار في الشهر هذا الرقم المتداول، هناك أيضا موقع على الإنترنت به عداد مثل عداد محطة البنزين يقدم باستمرار تكلفة الحرب وقبل أن أدخل الحلقة اطَّلعت عليه تكلفة الحرب وصلت إلى 231 مليار دولار وفي كل ثانية 3 آلاف دولار إضافية.. يعني عندما ننظر إلى هذه الأرقام الضخمة في النهاية 18 مليار دولار من كل هذا قد لا يعني شيئا للإدارة الأميركية، عندما تترد واشنطن في إضافة مبالغ أخرى لهذا الرقم هذا ربما سيثبط عزاءً دول أخرى قدمت مبالغ وربما الآن مدعوة لتقديم مبالغ أكثر، كيف يمكن أن يكون هذا الموضوع بالنسبة للإدارة الأميركية؟ تفضل دكتور.

العراق يبحث عن مَن يعمره

عمار حرب: هذا.. أظن أن أرقامك جيدة وأنت باحث جيد، أظن أن المشكلة ليست فقط في الأرقام أظن المشكلة هي في استخدام الأموال التي تقول عنها، أظن أن هناك مشاكل في.. سيد دراجي ذكر أن هناك قليل من الفساد أظن أن هناك الكثير من الفساد مع الأسف مهما تكن الأرقام مهما يكن مهما تكن المشكلة في إعادة البلاد أو أي شيء أظن أن المشكلة الأساسية وأن الرد الأساسي بالأحرى هو ما هي علاقة الشعب العراقي والحكومة العراقية في القضية الأساسية وهي إعادة إعمار بلدهم؟ أظن أن رغم تلكؤ.. سأقول أنه تلكؤ الولايات المتحدة عن إعادة الإعمار، نعم هناك شبه بين ما حصل في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية والحالة العراقية الآن ولكن كان هناك في ألمانيا وفي أوروبا كان هناك طبقة وسطى، كان هناك صناعة، كان هناك شعب يريد أن يعيد بناء بلده وقارته، أظن أن الشعب العراقي.. على الشعب العراقي وعلى الحكومة العراقية أن تأخذ قرارا بأنها لا تريد فقط أن تستعين بأموال أميركية أو غير أميركية لإعادة البناء، أظن أن البيت العراقي عليه أن ينظم نفسه بنفسه، لا أظن أن العراقيين أو الحكومة العراقية يجب أن يعتمدوا على الولايات المتحدة لإعادة بناء بلدهم، أظن أن العراقيين قادرين على إعادة بناء بلدهم بنفسهم، أظن أنه هناك الكثير من..

محمد كريشان [مقاطعاًَ]: ولكن يعني دكتور حرب يعني ربما بعض العراقيين يقولون يا أخي طالما الولايات المتحدة موجودة هنا وهي بالأصل هذه الأموال هي أموال عراقية يعني البعض يعتبر بأنها ليست أموال أميركية ما ينفق على العراق وإنما هي من الأرصدة المجمدة من واردات النفط ومن غيرها وبالتالي إذا لم تنفق على العراق فأين ستذهب يعني هنا السؤال؟

عماد حرب [متابعاً]: أنا.. سؤال جيد وسؤال ممتاز ولكن لا أظن أن كل الأموال التي تصرفها الولايات المتحدة في أميركا هي أموال عراقية، أظن أن الولايات المتحدة تصرف أموالا أميركية في العراق أيضا، أنا لا أحاول أن أدافع عن سياسة الإدارة الأميركية في العراق ما أحاول أن أقوله هو أن هناك جدل وهناك جدل، إذا أردنا أن نجادل في المحال علينا فنجادل في المحال ولكن هناك حقائق معينة أظن أن الشعب العراقي والحكومة العراقية عليهم أن يتخذوا قرارا بأنفسهم بإعادة بناء بلدهم، لا أظن أن الأميركيين سيمنعون الشعب العراقي من إعادة بناء بلده إذا أراد أن يعيد بناء بلده مهما تكون..

محمد كريشان: نعم هناك أيضا دعوة.. عفوا دكتور.. يعني هناك دعوة للمجموعة الدولية يعني مما ذكرته الWashington post وهنا أسأل السيد هارون محمد مما ذكرته الWashington post بأن الإدارة الأميركية تعرب عن الأمل في أن تساهم.. في أن يساهم المجتمع الدولي بشكل أفضل في إعادة إعمار العراق، هل تعتقد بعد هذا القرار الأميركي يمكن أن يتحرك المجتمع الدولي وهو يرى أن واشنطن موجودة هناك ولا تريد أن تنفق شيئا وتدعو الآخرين للإنفاق؟

"
مؤتمرات الدعم التي عُقدت في مدريد وعمان وأبو ظبي وطوكيو كانت في الواقع مؤتمرات دعائية أكثر مما هي تنفيذية
"
        هارون محمد

هارون محمد: لا هو بالتأكيد المجتمع الدولي لا يمكن أن يساعد أو يعطي إلى بلد الفوضى هي التي تضرب فيه والقرار السياسي الأساسي هو بيد الولايات المتحدة الأميركية وأنت ذكرت أستاذ محمد في مقدمتك بأن مؤتمرات الدعم التي عُقدت في مدريد وعمان وأبو ظبي وطوكيو كانت في الواقع مؤتمرات دعائية أكثر مما هي تنفيذية وعلى هذا الأساس أنه من الصعب أن تقتنع دولة من الدول وتحاول أن تعطي منحة إلى العراق والولايات المتحدة الأميركية الدولة المحتلة صحابة القرار هي التي تهمين وتسيطر على البلاد وهي التي تمنع حتى الأموال العراقية من توظيفها واستثمارها في المشاريع، مسألة أخرى أيضا يا سيدي نحن عادة دائما نبتعد عن الوقائع السياسية حتى في مثل هذا أحداث كبيرة يعني أنا أستغرب حقيقة عندما يقال إن الولايات المتحدة الأميركية تريد إعادة الإعمار في العراق، الذي حدث وهذا مثبَّت بالوقائع والتواريخ والأحداث أن الولايات المتحدة الأميركية بدأت في نهاية عام 2002 بتدريب مجموعة من ذوي الأصول العراقية في دورات وورش عمل وتدريبات وتأهيلات تحت عنوان واحد هو التفكيك، تفكيك الاقتصاد، تفكيك الجيش، تفكيك الإعلام، تفكيك الصناعات النفطية وعقدت العديد من الدورات والندوات في واشنطن ولندن وحتى في روما واليونان كلها كانت تستهدف كيف الإجهاز على البُنى المتبقية من البُنى العراقية في العهد السابق..

محمد كريشان: سيد هارون أنت أشرت وكذلك الضيوف في موضوع الفساد في إعادة الإعمار، هنا فقط أريد أن أسأل السيد محمد الدراجي يعني في تقرير في نهاية 2005 للمفتش العام الأميركي لبرنامج إعادة الأعمار اتهم بريمر بتبديد تسعة مليار دولار لتمويل الوزارات الجديدة تحت الاحتلال دون نجاع وهناك تقرير للكونغرس علينا أيضا أن نشير أن هناك اهتمام أميركي ولا.. الفساد لا يمر دون مسائلة على كلٍ، تقرير في أكتوبر 2004 يقول هناك انحرافات في إعادة الإعمار مثل أن 1.4 مليار دولار من الأموال العراقية توجهت لشراء أسلحة كان يفترض أن تدفعها الولايات المتحدة وليس العراق، برأيك هذا الفساد هل سيجعل بقية الدول المدعوة الآن للتمويل أكثر ترددا في الإقدام على خطوة من هذا القبيل؟

محمد الدراجي: أخي أساسا هي عملية التمويل هذه.. آلية العملية هو أنه ما يعطون فلوس للحكومة العراقية أو لعراقيين يتصرفون يعني المنحة الأميركية أو اليابانية أو البريطانية تعطي هذه الفلوس لمشاريع لا يجب أن تقوم بها شركات هذه البلدان وشركات هذه البلدان تعطيها إلى مقاولين ثانويين من نفس البلد وتوصل للمقاول العراقي أو للإنسان العراقي لا يتجاوز 10% من قيمة هذه العقود، إضافة إلى العقود المهولة للتدريب خارج العراق والتي تقوم به الجهات العراقية تقوم بـ 5% من الكلفة نقدر أن نقوم بها كعراقيين، أنا أتفق مع السيد حرب أنه عملية إعادة الإعمار يجب أن تتم بجهود عراقية لكنه المشكلة أنه الأميركان خلقوا حالة من التوتر السياسي يعتمد على المحاصصة الطائفية والمحاصصة الحزبية داخل الحكومات العراقية اللي أعقبت سقوط النظام البائد، هذه نتيجتها أصبحت أنه لا يصل ناس كفء لإدارة مفاصل الدولة بسبب أنه..

محمد كريشان: يعني الأجواء السياسية والأمنية وغيرها تؤثر على كل العملية، شكرا لك المهندس محمد الدراجي مدير التنمية في المعهد التنموي العراقي، شكرا أيضا لضيفنا من لندن سيد هارون محمد السياسي العراقي المستقل وشكرا أيضا لضيفنا من واشنطن الدكتور عماد حرب مسؤول البرامج في معهد السلام الأميركي ونحن ندرك بأنه فسر السياسة الأميركية ولم يحاول تبريرها ولا مجال للإحراج في هذا الموضوع، شكرا جزيلا لكم، غدا بإذن الله نلتقي مع موضوع جديد.. قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، في أمان الله.