صورة عامة
ما وراء الخبر

البرلمان الأوروبي والحريات الفردية

نناقش في هذه الحلقة سَنّ البرلمان الأوروبي قانونا لتسجيل المكالمات وعملية إبحار الأفراد على شبكة الإنترنت وحفظها لمدة تصل إلى سنتين في إطار مساعي مكافحة الإرهاب.
 


undefinedجمانة نمور: أهلا بكم، نناقش في هذه الحلقة سَنّ البرلمان الأوروبي قانونا لتسجيل المكالمات وعملية إبحار الأفراد على شبكة الإنترنت وحفظها لمدة تصل إلى سنتين في إطار مساعي مكافحة الإرهاب، نطرح في الحلقة تساؤلين اثنين، هل تمكن المزاوجة بين حفظ الحريات الفردية وقوانين مكافحة الإرهاب؟ وما تأثير مثل هذه القوانين على المهاجرين في أوروبا وفرص اندماجهم؟ تبنّى البرلمان الأوروبي بأغلبية الأصوات قانون تسجيل المكالمات والبريد الإلكتروني لمكافحة الإرهاب في خطوة عدها مُنتقدوها تراجعا كبيرا عن مكاسب الحريات العامة والفردية سيَمس الجاليات العربية الإسلامية أكثر من غيرها.

[تقرير مسجل]

أثر قوانين مكافحة الإرهاب على الحريات الفردية

نبيل الريحاني: بعد أخذ ورد نجحت بعض الحكومات الأوروبية تقودها بريطانيا في حسم الجدل داخل البرلمان الأوروبي بالتصويت لفائدة قانون الرقابة على الاتصالات لمكافحة الإرهاب، القانون الجديد جاء بعد أن تمكنت حكومة توني بلير من إقناع دول الاتحاد الأوروبي بحمل شركات الهاتف والإنترنت فيها على تخزين بيانات الاتصالات الهاتفية والإبحار على الشبكة العنكبوتية لمدة تتراوح بين ستة وأربعة وعشرين شهرا، عمليا يُقدِم القانون غطاء قانونيا يسمح للحكومات المنهمكة فيما تصفه بالحرب على الإرهاب داخل أوروبا وخارجها بمراقبة الاتصالات الهاتفية وأنواع المراسلات التي يقوم بها من تشتبه في علاقتهم بالجماعات المتشددة المناهضة لها، خطوة عارضتها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان متهمة إياها بتقويض مكاسب الحريات العامة والفردية على نحو سيجعل من المجتمعات الأوروبية رهينة مقاربة أمنية تُذكّر بإرث الأنظمة الشمولية التي لا يأمن فيها أحد على أسراره وخصوصياته، أما أكثر من سيكون عرضة لإجراءات النصوص القانونية الجديدة فهم على الأرجح الجاليات العربية والمسلمة التي صارت تشعر أكثر من غيرها بوطأة مثل هذه القوانين على تفاصيل حياتها اليومية منذ أن هزت الانفجارات لندن ومدريد، بل وقبل ذلك أيضا، مزيد من الرقابة سيعني مزيدا من المضايقات التي تخلّف ضيقا يُشعل حرائق كتلك التي شبت في باريس مثبتة أن نيران مشكلة الاندماج لا تطفئها هراوات الأمن ولا يمنع اندلاعها مراقبة الهواتف ومراسلات الإنترنت.

جمانة نمور: ومعنا في هذه الحلقة من لندن محمد عبد الملك رئيس مؤسسة الرقيب لحقوق الإنسان ومن باريس دكتور خطار أبو ذياب الباحث في المعهد الدولي للدراسات الجيوسياسية ومن لندن سوف ينضم إلينا أيضا الكاتب الصحفي فلريس المتخصص بقضايا الإرهاب، دكتور خطار لو بدأنا معك هذا القرار من البرلمان الأوروبي هل يُعتبر مُلزِما؟

خطار أبو ذياب- باحث في الدراسات الجيوسياسية: نعم هذا القرار يُعتبر مُلزِما ويندرج في إطار استراتيجية أوروبية ضد الإرهاب جرى اعتمادها في نوفمبر الماضي وهذه الاستراتيجية تستجيب الآن لحاجة دولية ما بعد إحدى عشر سبتمبر في الولايات المتحدة وبعد إحدى عشر مارس في مدريد وسبعة يوليو في لندن، العالم اليوم يعيش على هاجس الأمن الداخلي، أصبح الأمن الداخلي أولوية وأصبح بالنسبة للدول الأوروبية ضرورة الوقاية من الإرهاب قبل حدوثه، بالطبع سيصعُب المزاوجة ما بين ذلك وما بين الحريات الفردية، في هذا الأمر مس للحياة الخاصة ولكنه بالنسبة للجانب الأوروبي تُعتبر الأولوية الحفاظ على السلامة العامة، هذا هو التبرير، لكن الانزلاق ممكن إذا تم استغلال هذه الأمور لاعتبارات عنصرية أو لاعتبارات أخرى.

جمانة نمور: يعني موضوع أن القوانين الجديدة كما قيل لازالت بحاجة إلى موافقة رسمية من الدول الأعضاء هو محسوم وهي فقط شكليات؟

خطار أبو ذياب: أعتقد أن الدول الأعضاء هي التي اقترحت على البرلمان الأوروبي، في البرلمان الأوروبي البرلمان هو السلطة التشريعية والمفوضية هي السلطة التنفيذية والسلطة التنفيذية أي المفوضية اقترحت هذه الاستراتيجية، إذاً هذه القوانين تَدخل بما يُسمى مراسيم التطبيق ولكن بالطبع يمكن الاحتجاج أمام المحكمة العليا الأوروبية، يمكن للمحكمة العليا الأوروبية أن تقول بأن هذه القوانين تتعارض مع حقوق الإنسان ومع الحريات الفردية، إذاً يوجد مجال للطعن في هذه القوانين، لكن من ناحية الدول لم نرى اعتراضا رسميا من الدول على اعتماد هكذا إجراءات، حتى في فرنسا بعد اعتداءات لندن جرى التشديد على العديد من الإجراءات في مسائل الكاميرات لمراقبة الأماكن العامة أو مسائل حفظ ملفات مقاهي الإنترنت أو الرقابة على الهواتف الجوالة النقالة، إذاً في كل البلدان الأوروبية هناك تشدد، اتجاه نحو أنظمة أكثر بوليسية من أجل الوقاية من الإرهاب.

جمانة نمور: إذاً تَوافق رسمي أوروبي.. يعني سيد محمد عبد الملك برأيك الحقوقيين هل سيلجؤون إلى هذا الخيار.. موضوع المحكمة الأوروبية؟

محمد عبد الملك- رئيس مؤسسة الرقيب لحقوق الإنسان: بدون شك أخت جمانة موضوع التراجع على مستوى حقوق الإنسان في أوروبا هذا كثير من المؤسسات المجتمع المدني وكثير من الأفراد المهتمين بالجانب الحقوقي والقانوني في أوروبا يرون في هذه القوانين تراجع كبير وطعن في مصداقية بريطانيا بالذات على أنها من الدول الحامية للقانون ولحقوق الإنسان ومن ضمن ذلك منظمة العفو الدولي، ترى منظمة العفو الدولي مثلا أن هذه القوانين لا تقوم بحماية هذه الدول من خطر الإرهاب إنما هي تطعن في الحقوق العامة لمواطنين هذه الدول وأجدر بنا نحن الجالية الإسلامية الموجودة في أوروبا أن نقوم بمد جسور مع المؤسسات.. مؤسسات المجتمع المدني من هذه البلاد حتى تقود هذه المؤسسات الحملة ضد هذه القوانين والطعن في هذه القوانين أمام المحكمة الأوروبية العليا.

جمانة نمور: ولكن موضوع هذه المبادرة حتى حينما طُرحت من قِبل المفوضية الأوروبية وقبل أن تتحول إلى قرار.. يعني فراتيني قال إن الإجراءات الجديدة تضع في الاعتبار حق الإنسان في الحياة لكن في نفس الوقت حقه في توفير الأمن له، أليس هذا مبررا كافيا؟

محمد عبد الملك: أختي الكريمة هذا القانون.. القانون الذي ذكرتيه.. تسجيل المكالمات والـ(E-Mail) على شبكة الإنترنت هو يطعن في المادة رقم 12 من القانون العالمي لحقوق الإنسان، المادة 12 تنص على احترام خصوصية الأفراد وخصوصية اتصالاتهم وبالرغم أن نطاق حقوق الإنسان الأوروبي يجعل.. يعطى الدول حق أن تمارس بعض هذه القضايا من باب الحماية ولكن هذه حالات استثنائية، هذا القانون الذي سُنّ مؤخرا يجعل الاستثناء هو الأصل والأصل هو الاستثناء، أصبح كل مواطن الآن في أوروبا مُعرّض لعدم احترام خصوصيته وهذا يعني بالرغم مما هو قد يكون سُنّ..

جمانة نمور [مقاطعةً]: يعني لو خُيّر بين ذلك برأيك.. يعني سيد محمد المواطن الأوروبي لو خُيّر بين الاستماع إلى مكالمته الشخصية وبين الأمن.. يعني ألا يأتي الأمن أولا؟

محمد عبد الملك [متابعاً]: كثير من المؤسسات الحقوقية والمؤسسات المهتمة بهذا الشان لا تعتقد بأن هذه الإجراءات أصلا تُقدِم أو تُأخِر في مسألة حفظ الأمن، هذه إجراءات بوليسية تُعطي الدول سلطة أكثر في ممارسة ما تريد من إرهاب الدولة، نعتقد أنه موجّه ضد الجالية الإسلامية ولكن الحقيقة لن يمنع هذا أو لن يكون رادع لعمليات الإرهاب إذا أراد أفراد أن يقوموا بها، مَن أراد أن يقوم بعملية إرهاب سيتجنب استعمال الـ(E-Mail) وسيتجنب استعمال الموبايل ويذهب إلى تحت الأرض ومن الصعب بعد ذلك التعرف عليه.

جمانة نمور: لنرى إذا كان.. يعني دكتور خطار يشاركك الرأي في هذا الموضوع تحديدا، هذا مع الإشارة إلى أنه سوف تتم.. بحسب القرار سوف تتم فعلا تسجيل المكالمات ربما وعمليات استخدام الإنترنت والصفحات التي يتم فتحها ولكن تبقى في سجلات الشركات ولا يتم الإطّلاع عليها إلا في حال حدوث شيء ما، حينها يُطّلع عليها لخدمة التحقيق أليس كذلك دكتور؟

خطار أبو ذياب: هذا بالطبع ما أود الإشارة إليه، المسألة إذاً ليست مسألة منهجية ودائمة، إنها مجرد حفظ ملفات لحالات الطوارئ وكما تكلمت سابقا يتوقف الموضوع كثيرا على كيفية استخدام القانون، إذا جرى استخدام هذا القانون اعتباطيا لاعتبارات كما قلت عنصرية أو لاعتبارات استهداف معين أو لاعتبارات من أجل.. حتى غلبت قوى فاشية داخل سلطات معينة في أوروبا، كل ذلك ممكن، يمكن لهذا القانون أن يُشكّل انحراف خطير في مسيرة الحريات العامة والحفاظ على حقوق الإنسان، لكن بالطبع لا يمكن لوم أحد، السلامة العامة أصبحت اليوم الشعار الأساسي للدول، نعيش في حقبة جديدة بعد نهاية الحرب الباردة وبعد أحداث 11 سبتمبر، في الماضي كان الغرب المهيمن على السياسة الدولية يَعتبر الصراع ضد الشيوعية هو المفتاح من أجل ضمان استمراريته، في هذا النظام العالمي الجديد أو طور التشكيل.. الحرب ضد ما يُسمى الإرهاب هي المفتاح وكل ما يبرر ذلك وضمن الإجراءات يتم اتخاذه، إذاً في سياق قانوني وسياسي عام تأتي الإجراءات الأوروبية مجاراة لإجراءات أميركية اتُخذت من قبل.

جمانة نمور: على كلٍ دكتور الجزيرة كانت استقصت آراء بعض المهاجرين العرب في أوروبا حول القانون وآثاره المحتملة على حياتهم، خصوصا فيما يتعلق بالحريات الفردية، لنتابعها سويا.

[تقرير مسجل]

حسن البوهاروتي- مصور صحفي: أنا شخصيا لا أظن أن هذا القرار أو هذا التصويت على هذا القرار سيؤدي إلى نتائج ملموسة، لأنه ربما سيدفع الإرهابيين أو الذين يستعملون الإرهاب إلى استعمال طرق وأساليب أخرى لأن.. يعني ربما سيصير هذا كلعبة القط والفأر وأنا شخصيا أظن أن هذا ليس يخدم الجالية العربية المسلمة المقيمة في أوروبا لأنه بعد الحادي عشر من سبتمبر صار هناك نوع من التخوّف والاندفاع نحو التخوّف وربما هذا سيزيد أن يوسع الهوة ما بين الهوية الشخصية للعربي المسلم والهوية الأوروبية.

سلمى بن خليفة- محامية: النواب الأوروبيون عبّروا هم أيضا عن قلقهم من قانون فضفاض ومفتوح على كافة التفسيرات ويمكن أن يؤدي إلى انتهاكات للحريات الشخصية ولكنهم صوتوا لصالح هذا التشريع وللوقاية من هذه الانتهاكات يدّعي واضعوا التشريع أنه لا يخص سوى المتهمين بالإرهاب ولكننا نعرف أن مفهوم هؤلاء للإرهاب فضفاض ويمكن لأي كان أن يُتهم به فقط لأنه لديه موقف سياسي أو وجهة نظر مختلفة.

فتيحة السعيدي- نائبة برلمانية: أنا قلقة من اعتماد هذا التشريع لأننا دخلنا منذ الحادي عشر من سبتمبر في متاهة عنوانها العريض مكافحة الإرهاب وهي تتجه نحو فرض قيود مستمرة على الحريات الشخصية وهذا في كل الدول بما فيها العربية وهذا الاتجاه يلاحَظ أيضا في بلجيكا التي تتجه نحو سَنّ قوانين وتشريعات تحد من الحريات الشخصية وكل هذا أمر مقلق بالطبع واليوم ومع اعتماد البرلمان الأوروبي لهذا التشريع يَتعرّض المواطن لاقتفاء آثاره منذ الولادة وحتى الوفاة وهذا شيء مقلق.

جمانة نمور: إذا كانت مثل هذه القوانين ستطال بالضرورة فئات المهاجرين من العرب والمسلمين في أوروبا كما استمعنا، فالسؤال يبقى هل ستُعمِق عزلتهم أم تزيد فرص اندماجهم ومشاركتهم في مكافحة الإرهاب؟ نتابع المسألة بعد وقفة قصيرة، فكونوا معنا.

[فاصل إعلاني]

تأثير قوانين الإرهاب على المهاجرين في أوروبا

جمانة نمور: أهلا بكم من جديد وحلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر تبحث في تداعيات تصديق البرلمان الأوروبي على قانون البيانات لمكافحة الإرهاب الذي يُجبر شركات الاتصالات والإنترنت على تخزين بيانات مشتركيها ومعنا في هذه الحلقة الدكتور خطار أبو ذياب من باريس والسيد محمد عبد الملك من لندن ونأمل أن يشاركنا فيها الصحفي فلريس المتخصص بقضايا الإرهاب إذا ما استطاع الوصول إلى المكتب بالوقت المطلوب لأنه لا زال في زحمة السير في لندن، سيد محمد ما مدى تأثير هذا القانون الذي أقره البرلمان الأوروبي على المهاجرين في أوروبا وبالتحديد على فرص اندماجهم في المجتمع؟

محمد عبد الملك: كما سمعتِ أخت جمانة لا أظن أن هذا القانون سيقوم بكشف أي إرهابي ينوي القيام بعمل إرهابي حقيقي في أوروبا، إنما هذا سيتحول إلى أداة لكبت المواطنين الأبرياء والجزيرة لها خبرة.. يعني تيسير علوني عندما استعمل في مكالمة كلمة أشار إلى كتاب الأربعين النووي أنتِ تعرفين كيف فُسّر ذلك، فالحقيقة.. يعني المواطن العادي العربي المسلم الموجود في أوروبا قد يقول كلام بريء يُفَسّر تفسير غير جيد وقد يُستعمل هذا القانون في المضايقة على الجالية العربية والإسلامية لكن لن يُستعمل.. لن يقوم بكشف أي إرهابيين، أيضا تداعيات هذا القانون الحقيقة قد تصل إلى العالم الثالث والعالم العربي والإسلامي بالذات لأن أوروبا يُنظر إليها على أنها الدولة التي تحترم القانون وتحترم حقوق الإنسان، فإذا تحولت قوانين حقوق الإنسان أو مفهوم حقوق الإنسان في أوروبا إلى معنى فضفاض لا معنى له ويُنتهك حقوق الإنسان في أوروبا فكيف تستطيع الدول الأوروبية أن تُرغم دول العالم الثالث على احترام القانون، مثلا يعني هناك اتفاقية الآن.. اتفاقية يُسمونها (Memorandum of understanding) اتفاقية تفاهم بين بريطانيا وبين ليبيا ونحن كمؤسسة حقوقية مهتمين بالشأن الليبي نرى أن هذه الاتفاقية لا معنى لها ولكن تقوم بريطانيا بعمل هذه الاتفاقية حتى تلتف على واجبها نحو احترام القانون ونحو احترام حقوق الإنسان، لأنه لا تستطيع قانونا أن تُسلّم متهمين إلى دولة تقوم هذه الدول بانتهاك حقوقهم، فتعمل إيش؟ فتقوم بعمل اتفاقية مُفاهمه، لكن إذا كانت ليبيا لم تحترم هذه الاتفاقية فلا معنى لهذه الاتفاقية لأنه ليس هناك أي رادع قانوني وراء هذه الاتفاقية، فالحقيقة هناك قوانين كثيرة جدا ستصل إلى العالم..

جمانة نمور [مقاطعةً]: يعني كي لا نبتعد كثيرا عن هذا القانون الذي هو محور الحلقة اليوم.. يعني دكتور خطار الكسندر الفار وهو نائب ألماني في البرلمان الأوروبي قال إن البرلمان الأوروبي باع نفسه بسعر زهيد برأيه.. يعني ما الذي قصده من هذه الجملة بحسب رؤيتك للموضوع؟

خطار أبو ذياب: نعم بالنسبة للمعارضين في البرلمان الأوروبي لقد رأوا في الاستعجال في إقرار هذا القانون دون حمايته بعوامل ردع قانوني نوع من العجلة، أعتقد أنهم على حق لأنه كان يتوجب تزويد هذا القانون بآليات حماية للأفراد وبآليات حماية أيضا للأقليات والمجموعات، على كلٍ الشُرعة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة العليا والقوانين في كل بلد تتيح المجال للكثير من أساليب الطعن وأساليب الدفاع عن النفس، لا أقول بأن هذا القانون سيضمن حماية من الإرهاب، كما نعلم لا يمكن الحماية من الإرهاب 100% لكن بشكل نسبي وكما قلنا في البداية من أجل السلام العام هناك تبرير للمزيد من هذه الإجراءات شرط أن تكون مطبّقة بشكل علمي وبشكل لا يضر بالحريات العامة بشكل منهجي، أعود وأقول إن بعض الدول الأوروبية كانت أخذت تشعر بنوع من تأنيب الضمير أو بنوع من التراخي، في الماضي اتُهمت لندن كثيرا بأنها كانت معقل للأصولية المتطرفة وبعد حدوث اعتداءات لندن حصل تغيير في أسلوب الحكومة البريطانية في التعامل مع هذه الجماعات وأخذت تفكر بترحيلها إما نحو ليبيا إما نحو غيرها من الدول، إذاً هناك أسباب للقطيعة..

جمانة نمور [مقاطعةً]: الملفت في هذا المثال.. يعني دكتور خطار لو سمحت لي.. يعني تتحدث عن تغيير في التعاطي مع الموضوع ما بعد تفجيرات لندن من الملفت.. تعقيبا على قرار اليوم.. أن الحكومة البريطانية.. بريطانيا ترأس الآن الاتحاد الأوروبي.. قالت إن مثل هذه المعلومات أي المشمولة بالقانون الآن أثبتت فاعلية في تحقيقات قضية تفجيرات لندن في يوليو الماضي، يعني ألا يُؤشّر ذلك إلى أن التسجيلات كانت تحصل والذي جرى الآن هو غطاء قانوني فقط لا غير؟

"
العلاج الأسلم لمنع الشباب من الوقوع في حبال الإرهاب والتطرف هو أن يصبحوا مواطنين في الدول المقيمين فيها وأن تكون حقوقهم مضمونة في هذه البلدان
"
      خطار أبو ذياب

خطار أبو ذياب: بالطبع التسجيلات كانت تحصل، مثلا كل شركات الهاتف النقال في أوروبا تحفظ سجلاتها، عندما حصلت جريمة كبيرة في جزيرة كورسيكا جريمة اغتيال محافظ أي ممثل الدولة الفرنسية هناك بواسطة مراجعة سجلات الشركات النقالة تمكّن المحقق الفرنسي من الوصول إلى القاتل، إذاً هذه المسألة تُستخدم، أعطِيت غطاء قانوني، لكن من الناحية السياسية العامة حصلت قطيعة كبرى ما بين بعض الدول الأوروبية وبعض الجماعات الإسلامية التي كانت تتعامل معها إبان حقبة الحرب ضد السوفييت في أفغانستان، هذا الانقلاب من تداعياته ومن تداعيات ما حصل في مدريد ولندن هذه الإجراءات الجديدة التي تَظن بالفعل أوروبا أنها ستشكل حصنا للسلامة العامة، لكن عدم مقاربة الموضوع من الناحية السياسية، عدم إعطاء هؤلاء الشباب من هذه الجاليات أو من أصول مغربية وأفريقية الأمل بأن يكونوا مواطنين بكل معنى الكلمة في أوروبا هذا برأيي هو العلاج الأسلم، العلاج الأسلم لمنع وقوع هؤلاء في أحبال الإرهاب والتطرف هو أن يصبحوا مواطنين وأن تكون حقوقهم مضمونة في هذه البلدان.

جمانة نمور: يعني سيد محمد كما أشرنا قبل قليل ربما كانت تحصل تسجيلات في السابق الآن أعطي غطاء قانوني لها، أيضا النقطة التي أضيفت أن المواطن الأوروبي أصبح يعلم الآن بأنه مراقب باتصالاته، بمكالماته، بتجوله في شبكة الإنترنت إن صح التعبير، كيف سيؤثر هذا على شعور المواطن البريطاني برأيك أو الأوروبي بشكل عام؟

محمد عبد الملك: هناك حقيقة.. يا جمانة هناك الحقيقة غموض يحيط تفجيرات 7/7 في لندن واليوم أعلنت وزارة الداخلية في بريطانيا عدم رغبتها في القيام بتحقيق.. يعني (Public inquiry) يسمّوه تحقيق عام في القضية وإنما تكتفي بعرض بعض الحقائق المختارة على البرلمان الأوروبي.. على البرلمان الإنجليزي وهذا يشير إلى أن وجود هناك بعض الأشياء الخفية التي لا تريد وزارة الداخلية إعلامها للرأي العام وهذا يشير على وجود أمور كثيرة جدا قابلة للتفسير من قِبل مَن يشاء.

جمانة نمور: ولكن فيما يتعلق بموضوع.. يعني أنت مثلا الآن موجود في لندن، ما هو شعورك وأنت الآن متأكد بأن أي مكالمة تجريها هي مسجّلة وموثّقة؟

محمد عبد الملك: القانون أختي لا يسمح بتسجيل المكالمة.. يعني ما يدور في المكالمة، إنما يسمح بتسجيل.. يُطالب بتسجيل وقت المكالمة ومدتها ومَن المتكلم ومَن.. لكن لا.. القانون لا يسمح بتسجيل الكلام الذي يُقال في التليفون ولا الكلام المحتوى في الـ(E-Mail)، إنما بس فقط يسمح بتسجيل مدة المكالمة، الرقم المُتصَل به، من أين تم الاتصال، هذه المعلومات ولا يقوم بتسجيل..

جمانة نمور [مقاطعةً]: وأيضا يعني..

محمد عبد الملك [متابعاً]: الشركات..

جمانة نمور: يعني إذا اقتصر الأمر على ذلك كيف سيساعد في تحقيق ما؟ يعني كيف ستساعد معرفة فقط مدة..

محمد عبد الملك: هذه..

جمانة نمور: تفضل.

محمد عبد الملك: أينعم لكن هذه تُعتبر الخطوة الأولى، يعني هم الآن أدركوا أن المطالبة بإلغاء كل هذه القوانين التي تحمي حقوق الإنسان قد يؤدي إلى عدم إمرار هذه القوانين في البرلمان، فيطالبون الآن بالحد الأدنى ثم ينطلقوا بعد ذلك عندما تأتي أسباب أخرى للمطالبة بأكثر، مثل مطالبتهم بالتوقيف بدون تحقيق مثلا في البداية من سبعة أيام إلى أربعة عشر يوم ثم بعد ذلك طلب توني بلير وحكومته أن يقوم التوقيف بدون محاكمة أو مُساءلة إلى ثلاثة أشهر ووافق البرلمان على ثمانية وعشرين يوم ونحن نَعتبر أنه حتى الثمانية وعشرين يوم هذا ظلم لمَن يكون أصلا بريء ويتم احتجازه أو حفظه في السجن لمدة ثمانية وعشرين يوم.

جمانة نمور: شكرا لك سيد محمد عبد الملك من لندن، شكرا للدكتور خطار أبو ذياب من باريس وأشكركم مشاهدينا على المتابعة، مع أننا نُفضّل لو استمعنا وإياكم إلى رأي الكاتب الصحفي فلريس لنطّلع على أكثر من رأي ورأي آخر في هذه الحلقة، على كلٍ في نهايتها المشرف على البرنامج نزار ضو النعيم يدعوكم إلى المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات المقبلة، ننتظر تعليقاتكم ومقترحاتكم على عنواننا الإلكتروني indepth@aljazeera.net، إلى اللقاء.