الواقع العربي

الأحزاب العربية وصعود التنظيمات غير التقليدية

ناقشت الحلقة إسهام الأحزاب العربية في النهوض بالأمة العربية، ومسؤوليتها عن تردي الأوضاع السياسية والاجتماعية بالمنطقة.

تنوعت توجهات الأحزاب العربية خلال عشرات السنين من عمرها، بين الشيوعي واليساري والليبرالي والقومي والإسلامي.

ويطرح هذا التنوع الفكري -على الأقل شكليا- أسئلة حول إسهام الأحزاب العربية في النهوض بأمة عانت -ولا تزال- من الفقر والجهل والمرض، أو أن العكس هو الصحيح، وبدلا من الإسهام إيجابا، تتحمل الأحزاب جانبا كبيرا من اللوم في تردي الأوضاع بالمنطقة سياسيا واجتماعيا.

واشتكت أحزاب كثيرة من التهميش بسبب قمع السلطة في الماضي، ولكن بعد مساحة الحرية التي أوجدتها ثورات الربيع العربي اختفت هذه الأحزاب، ثم عادت إلى حضن السلطة مجددا، بل وزايدت عليها.

وفي الأثناء، ظهرت حركات وتنظيمات- يوصف بعضها بالاعتدال والآخر بالتطرف- لتجذب عقول وقلوب الكثيرين على حساب قوى وأحزاب وتنظيمات تقليدية.

قيادات متحجرة
ولتقييم العلاقة بين الأحزاب السياسية والأنظمة التي حكمت الدول العربية منذ الاستقلال، قال الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الصادق الفقيه لحلقة الخميس (1/1/2015) من برنامج "الواقع العربي"، إن عدم تداول السلطة وطول فترات الحكم في الدول العربية ألحقا الأذى بالأحزاب، وتعطلت فاعليتها كما تعطلت فاعلية الحكومات أيضا.

وأضاف الفقيه أن حرمان الأحزاب الطويل من أي شكل من أشكال المشاركة جعلها متشككة في أيديولوجياتها، الأمر الذي دفعها لانتهاز كل الفرص المتاحة حتى تلتحق بالمشاركة مع السلطة الحاكمة، وتؤدي دورا يُرسم لها ولا تستطيع أن ترسمه، وظلت هذه الأحزاب "متحجرة" في قياداتها و"تحنطت" في خطابها السياسي.

وأرجع الفقيه بروز التيار السياسي الإسلامي إلى طبيعة التدين، وعلاقة هذه الأحزاب المباشرة مع المواطن العربي، وأوضح أن الثورات أوجدت فرصا للمشاركة في الحياة السياسية، ولكن لم يستطع الجميع ترتيب أوضاعهم للاستفادة من هذه الفرصة، باستثناء التنظيمات الإسلامية التي كانت أكثر استعدادا من غيرها لخوض تجارب الانتخابات التي أعقبت ثورات الربيع العربي.

الثورات المضادة
ومن جانبه، رأى زعيم "حزب غد الثورة" أيمن نور أن الحياة الحزبية ذات تاريخ طويل وقديم في مصر، إذ بدأت منذ القرن الـ18، ومرت بالعديد من المراحل المختلفة، وأكد أنها عاشت "موتا إكلينيكيا" في عهدي الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات والرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك.

ورأى نور أن انحسار الحياة السياسية يفتح الأبواب "للتطرف"، ويجعل "المتطرف" هو الأقرب للناس باعتبار عدم وجود البدائل الأخرى، وأوضح أن العمل السياسي يعتبر من الأنشطة التراكمية.

وأشار إلى أن نجاح الخارطة السياسية العربية مرتبط ببناء خارطة حزبية حقيقية، وحذّر من حالة التشرذم والتشظي التي أصابت الخارطة السياسية عقب بروز الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، والتي تخطط للاستيلاء على السلطة.