عالم الجزيرة

علم التوقيت عند المسلمين

غاصت حلقة (16/7/2015) من برنامج “عالم الجزيرة” في عالم الفلك والزمن، ورصدت تاريخ استعمال العرب علم قياس وحدات الزمن، واتجاه القبلة والحساب الفلكي للشهور العربية.

نظرا لارتباط المشاعر الدينية للمسلمين بمواقيت ومواقع محددة فقد شكل توظيفهم لعلم الأنواء النواة الأولى لعلم التوقيت، أي علم قياس وحدات الزمن. والنَّوء هو سقوط نجم في المغرب، وصعود ما يقابله في المشرق فجرا.

وجاء في حلقة من "عالم الجزيرة" بعنوان "علم التوقيت عند المسلمين" بثت في 16/7/2015 أن للتوقيت ثلاثة أغراض، الأول هو حساب أوقات الصلاة، والثاني هو تحديد القبلة واتجاه الكعبة، أما الثالث فهو التعرف على أوائل الشهور العربية، وأوائل الشهور القمرية بالحساب الفلكي.

وقد استعمل المسلمون لحساب الزمن طريقتين: الحساب والآلات، وبقوا على اعتمادهم على علم الأنواء أكثر من قرن من الزمن إلى غاية فتح بلاد الأندلس، حيث كان لهذا الحدث أثر كبير في تقدم المسلمين في علم التوقيت فاكتشفوا إمكانية التمييز بين التنجيم والفلك، ليمثل ذلك نقطة التحول الكبرى في تعاملهم مع علم الفلك. 

وليس لعلم التوقيت بداية تاريخية محددة لكن ظهوره في الأندلس كان منذ القرون السابقة التي تزامنت مع ظهور الإسلام، وقد بدأت النواة الأولى لعلم التوقيت بالأندلس أساسا على يد ابن العربي الموريسكي.

وإضافة إلى ابن العربي فقد برع بقية العلماء الأندلسيين في علم التوقيت، فبرز منهم إبراهيم الزُّرقاليّ مبدع الآلات الفلكية ومطورها، إضافة إلى العلامة مسلمة المجريطيّ الذي كان له فضل الفصل بين السحر وعلم الكيمياء، كما أصبح له الفضل في الفصل بين التنجيم وعلم الفلك.

ويشهد مسجد "آيا صوفيا" على تقدم المسلمين الأتراك في علم التوقيت، حيث كانت إسطنبول الملجأ الكبير للموريسكيين اللاجئين إليها من بلاد الأندلس التي احتضنتهم، واحتضنت معهم ذلك التراث العلمي الزاخر الذي راكموه خلال القرون الأندلسية الثمانية.

في القرن الـ13 الميلادي وضع المكسي -وهو عالم فلكي عاش في القاهرة- تقويما يضم بداية ونهاية أوقات الصلاة بالنسبة لمدينة القاهرة، وقد جمع ثلاثين ألف مخطوط كلها في هذا الموضوع ونشره في موسوعة شاملة.

أما ابن الشاطر فقد اخترع طريقة مختلفة، حيث استعمل خطوط الطول وخطوط العرض في تحديد التوقيت.

وأما بالنسبة للإسطرلاب -وهو آلة فلكية لقياس الأوقات والمواقع- فقد استعملها الفلكيون قبل العهد العثماني، وانتقل الإسطرلاب إلى أوروبا عن طريق الأندلس، وقد استخدموه في اكتشاف أميركا ونيوزيلاندا.

أوقات الصلاة
من جهة أخرى، كانت مسألة تحديد أوقات الصلاة موكلة إلى المؤذنين خاصة في المساجد، وبعد تقدم علم الفلك في العصر العباسي الأول بدأ الفلكيون يهيؤون جداول تستخدم لتوقيت الصلوات، وهناك جداول منسوبة لمحمد أبي موسى الخوارزمي تضم حصصا للصلاة.

وهناك جهاز اخترع الآن يسمى جهاز "جي بي إس" هو يعطي الطول والعرض، وإذا وقع زواج بين "جي بي إس" والساعة فهذا يمكن من معرفة أوقات الصلاة في أي مكان من الأرض وفي أي زمان.

ويعد استقبال القبلة شرطا في صحة الصلاة، والكعبة المشرفة هي قبلة المسلمين في كل مكان، وتقع على الخط الـ21 من خط الاستواء، وتتساوى كل الاتجاهات نحو القبلة عند النقطة المقابلة للكعبة المشرفة من الجهة المقابلة لها من الكرة الأرضية، وتعتبر قبلة المرء تلك الجهة الأقرب إلى موقع وجوده من مكة، وليست الجهة الأبعد.

كما يعيش المسلمون مع إشكالية ضبط الشهور القمرية وتتكون من عنصرين، الأول هو عدم المعرفة المسبقة بمواعيد الأعياد والمناسبات وبصفة عامة بدايات الشهور، والعنصر الثاني يتعلق باختلافات المسلمين، حيث إنهم حتى إذا اعتمدوا الحساب لا يعتمدون نفس الأسس، وإذا اعتمدوا الرؤية لا يعتمدون نفس الأسس، والرؤية الشرعية هي المطلوبة شرعا لقوله صلى الله عليه وسلم "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".