عين الجزيرة

جدلية أوروبية.. يجوز الدفع للخاطفين أو لا يجوز؟

تناول برنامج “عين الجزيرة” ردود الفعل الأوروبية المتباينة حول دفع الفدى لتحرير الرهائن في منطقة الساحل الأفريقي، والعوامل التي تتصف بها هذه المنطقة التي توصف بمعبر الموت.

تناول برنامج "عين الجزيرة" في حلقة الثلاثاء (2017/1/31) ردود الفعل المتضاربة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا حول دفع الفدى للجماعات المسلحة التي تختطف رهائن من رعاياها.

يجري الحديث هنا عن جماعات تنتشر في منطقة الساحل الأفريقي التي تمتد من السنغال والرأس الأخضر وموريتانيا غربا، وصولا إلى السودان وإريتريا وجيبوتي وإثيوبيا شرقا، مرورا بمالي والنيجر وتشاد.

أما حدودها من الشمال، فهناك المغرب والجزائر وليبيا وصولا إلى مصر، وتمتد جنوبا إلى أقاصي بوركينا فاسو وأجزاء من أفريقيا الوسطى.

معبر الموت
توصف هذه المنطقة بأنها معبر الموت لثالوث المخدرات والجماعات المسلحة والهجرة غير الشرعية. وكان تحقيق استقصائي لقناة فرنسية أعاد ملف هذه المنطقة إلى الواجهة وأعاد معها الجدل.

فهناك دول أكثر تشددا في موضوع الفدى، إذ ترفض سياسة الدفع وهي بريطانيا والولايات المتحدة تليهما كندا.

مقابل ذلك هناك دول تنضوي تحت ما يمكن وصفه بنموذج فرنسا التي التزمت بالدفع للخاطفين، باعتبار ذلك إنقاذا لأرواح مواطنين يجب أن تحترم وتصان.

تقارير تحدثت أن تنظيم القاعدة وفروعه المباشرة جنى ما بين عامي 2008 و2013 مبلغ 125 مليون دولار فدية، بينما تقدر وزارة الخزانة الأميركية المبلغ بـ165 مليونا.

من العاصمة التشادية إنجمينا، يشرح الزميل فضل عبد الرزاق طبيعة وخصوصية هذه المنطقة ويقول إنها ذات طبيعة صحراوية وجبال وعرة وخالية من أي بنية تحتية، وتحديدا تلك الممتدة من شمال مالي حتى أقصى شمال تشاد، الأمر الذي يسهل عمليات اختباء الجماعات الخاطفة.

منذ السبعينيات
ويلفت عبد الرزاق إلى أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ليس هو من بدأ هذه العمليات، بل منذ السبعينيات عرفت المنطقة عمليات اختطاف أوروبيين، مثلما حدث عام 1974 حين اختطف ثلاثة منهم شمال تشاد على يد جماعة تتبع الرئيس السابق حسين حبري وذلك مقابل المال والأسلحة.

من ناحيته قال الزميل عياش دراجي من فرنسا إن العام 2003 شهد تبلور ما يمكن اعتباره صناعة الاختطاف، وتحديدا بعد خطف 32 أوروبيا جنوبي الجزائر، بحيث أصبح الاختطاف عملية مربحة وسهلة، خاصة مع دول استسلمت للابتزاز والتهديدات.

ومضى يقول إن هذه الجماعات أصبحت فيما بعد تختار من تختطفهم من دول معنية بالدفع أكثر من غيرها، وخصوصا فرنسا التي مثل مواطنوها ثلث المختطفين الأوروبيين.

هذا في جانب عمليات الاختطاف التي تدر أموالا كبيرة، لكنها تبقى أقل مما يضخه تهريب المخدرات القادمة من أميركا اللاتينية وأفغانستان إلى أوروبا، وكذلك الهجرة غير الشرعية.

هنا يوضح فضل عبد الرزاق أن الكل يعترف بأن شمال مالي وجزءا من النيجر يستخدمان لتجارة المخدرات، وأن الجماعات الضالعة في هذه التجارة تحالفت مع الحركات الإسلامية حين حكمت شمال مالي، وما إن خسرت هذه الحركات حتى عاد تجار المخدرات يتحالفون مع الدولة لتأمين تجارتهم.

التكتم على الصفقات
حول تجربة إسبانيا مع الخطف ودفع الفدية، يقول الزميل أيمن الزبير إن الحكومة دفعت مقابل الإفراج عن رهائن إسبان، لكنها لم تفصح عن ذلك، وحتى المعارضة تجنبت طرح أسئلة في البرلمان حول هذا الشأن.

ويضيف أن ما تسرب في الصحافة هو دفع عشرة ملايين يورو مقابل كل مواطن، مبينا أن انتقادات عديدة وجهت لإسبانيا بأن ما تفعله يدعم الإرهاب، إلا أن الحكومة الإسبانية ذهبت إلى أن مقتل مواطن ستكون كلفته السياسية أعلى بكثير من دفع الفدية.

وحول جدلية تجفيف منابع الإرهاب وفي نفس الوقت تمويله يقول عياش دراجي إن الاتحاد الأوروبي رفض في العام 2014 التجاوب مع دفع الفدى، واعتبره وزراء خارجيته مصدرا لتمويل الإرهاب.

لكن الواقع لا يقول ذلك في كل دولة على حدة كما يضيف، فهناك بورصة للاختطاف ولدت بورصة سياسية، إذ إن من يدفع ويحرر مواطنين يفتخر بإنجازه ويستثمره ويبيعه إعلاميا في سوق التنافس السياسي.