صورة عامة- كتاب قرأته كتاب ألفته
كتاب قرأته/كتاب ألفته

الإسلام في أوروبا المتغيرة لمحمد الأرناؤوط

يعرض الكتاب تجربة ألبانيا في القرن العشرين باعتبارها دولة إسلامية أوروبية غير مرغوب فيها مما جعلها بين الحربين العالميتين ساحة للصراع الإقليمي والدبلوماسي بين الدول الكبرى.

– العلمانية في القومية الألبانية
– تجربة الألبان المسلمين كأوروبيين

محمد الأرناؤوط
محمد الأرناؤوط


العلمانية في القومية الألبانية

محمد الأرناؤوط: الكتاب الجديد بعنوان "الإسلام في أوروبا المتغيرة"، تجربة ألبانيا في القرن العشرين. من هذا الغلاف يمكن أن تبرز عدة محاور، المحور الأول الإسلام في أوروبا المتغيرة، يعني يفهم وكأن الإسلام الذي يواجه أوروبا أو أوروبا التي كانت تواجه الإسلام ليست واحدة وإنما هي متغيرة، يعني خلال القرون الأخيرة التي وجد فيها الإسلام في أوروبا. المحور الثاني الذي ينطلق من الغلاف، هو لماذا ألبانيا، اختيار ألبانيا بالذات؟ ببساطة، لأن ألبانيا هي الدولة الأوروبية الوحيدة بأغلبية مسلمة. ولماذا القرن العشرين أيضا؟ في القرن العشرين لأن ألبانيا ولدت يعني من رحم الدولة العثمانية في مطلع القرن العشرين ولأن القرن العشرين كما هو معروف في أوروبا هو قرن التغيرات الفكرية والسياسية والأيديولوجية الكبرى. وربما يعني المهم في الأمر أن كل هذه التغيرات الفكرية والسياسية والأيديولوجية التي ميزت أوروبا في القرن العشرين تمركزت في ألبانيا، أي تمركزت في الدولة الأوروبية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة. لذلك يعني هذا العنوان الجامع الذي يغطي تلك المحاور أعتقد أنه قد يشد القارئ أو قد يأخذ القارئ إلى مناطق معتمة لم تكن معروفة كما يجب، بالنسبة للقارئ العربي على الأقل. أول محور في هذا الكتاب، أول فصل يعني عن القومية الألبانية، ظهور هذه القومية وبالتالي مآل هذه القومية. بعبارة أخرى القومية طبعا في البلقان انتشرت كالوباء، إذا صح التعبير، وبالتالي تمخضت عنها ظهور عدة دول قومية. القومية الألبانية كانت آخر القوميات وليست أول القوميات وبالتالي الألبان كانت أو ألبانيا كانت آخر دولة استقلت عن الدولة العثمانية، أقول في الإطار الأوروبي. لذلك الفصل الأول يعني أتحدث فيه عن هذا الانتقال من الدولة العثمانية المشتركة التي كانت للألبان وغيرها من الشعوب، وما أسميه بالدولة القومية الألبانية. كيف استجاب الألبان المسلمون للتحديات والمتغيرات الجديدة؟ أي سابقا كانوا جزء من دولة تمتد بين الشرق والغرب، وبين دولة كانت بمعنى ما بتراث شرقي إسلامي، إلى الآن دولة أوروبية دولة في السياق بمعنى ما الأوروبي. لذلك مباشرة الآن الكتاب يتسارع ضمن المتغيرات الجديدة، على رأس هذه المتغيرات الجديدة مثلا في عندي في الفصل الثاني عن العلمانية، وهذا الكتاب ربما يوضح مسألة مهمة.

"وضمن المخاض الصعب التي ولدت فيه الدولة الجديدة، كانت ألبانيا أول دولة في العالم الإسلامي تقوم منذ لحظة تأسيسها على العلمانية، التي كانت تمثل بطبيعة الحال قطيعة كاملة مع النظام العثماني الذي استمر عدة قرون".

مع التركيز يعني في هذا الفصل عن الخصوصية الألبانية، يعني أن هذه العلمانية كانت نتيجة لظروف داخلية وخارجية، والأهم من ذلك أنها ليست بالشكل المتطرف الذي نفهمه في المشرق عن العلمانية، يعني يمكن القول إنها علمانية منفتحة على الدين ومتصالحة مع الدين وليست مضادة بمعنى ما للدين.

تجربة الألبان المسلمين كأوروبيين

"
الأهم في الكتاب التركيز على الإسلام والفاشية وتجربة المسلمين تحت حكم الحزب الشيوعي وتجربة الألبان المسلمين كأوروبيين مع المحيط
"

محمد الأرناؤوط: حينما نصل الآن إلى 1920 تبدأ أوروبا في مخاضات كبيرة، تبرز الآن البلشفية بقوة مع الثورة الروسية، تبرز الفاشية ثم النازية ثم بالتالي في الطرف الآخر ما نسميه بالديمقراطية الغربية وهكذا. ومن المثير فعلا أن كل هذه الأفكار والتيارات وأنظمة الحكم وكأنها انتقلت من أوروبا إلى ألبانيا وكأنه كتب على الألبان كتب على المسلمين أن يجربوا كل هذه الأفكار وكل هذه النظم، ويندر أن نجد بلدا كألبانيا تحول إلى مختبر، بمعنى ما تطبق في هذه بالتالي الأفكار والأيديولوجيات. لذلك في عندي فصل بعنوان رؤية إسلامية مبكرة عن البلشفية، كيف أن مثلا علماء المسلمين هناك تنبهوا منذ وقت مبكر يعني إلى مخاطر البلشفية، وعندنا كتاب صدر في 1924 لعالم معروف هو علي كورتشا، وبالتالي أستعرض فيه يعني لماذا في ألبانيا بالذات كان هذا التنبه المبكر. الأهم في هذا الكتاب الفصل اللاحق عن الإسلام والفاشية، لأن إيطاليا بعد أن صعدت الفاشية وأصبحت بالتالي النظام الرسمي الحاكم احتلت ألبانيا في نيسان 1939 وألحقتها بها أي أصبحت ألبانيا جزءا من الإمبراطورية الإيطالية، وبالتالي ما كان يطبق في روما أصبح يطبق في تيرانا، أي منعت كل الأحزاب ولم يسمح إلا بحزب واحد الحزب الفاشي. بهذا مع سقوط طبعا الفاشية ومع استسلام إيطاليا، ألبانيا تدخل تحت حكم الحزب الشيوعي ولذلك في عندي فصل طويل ومرير يعني لتجربة المسلمين تحت حكم الحزب الشيوعي التي امتدت حوالي خمسين سنة من نهاية 1944 إلى 1990. فلماذا أقول مرير؟ وكأنه يعني ما كان يكفي للمسلمين ماذا جرى لهم في السابق، تجربة حكم الحزب الشيوعي في ألبانيا كانت الأصعب، على عكس ما يتوقع الناس، دائما نحن عندنا يعني في المشرق نربط ذلك مثلا بالاتحاد السوفياتي وما كان هناك، ولكن مع هذا الكتاب يبدو أن تجربة ألبانيا كانت الأصعب لأن التطرف في موقف الدين، في موقف يعني الحزب الحاكم الحزب الشيوعي من الدين وصل في ألبانيا ما لم يصل إليه في أي بلد آخر في العالم، حتى الصين مع الثورة الثقافية والماوية لم تصل في تطرفها في الموقف إزاء الدين ما كان عليه في ألبانيا، إلى حد أنه في 1967 أصدروا مرسوما اشتهر باسم مرسوم إلغاء الدين. مع كل هذه المرارة نصل إلى الفصل الأخير، الفصل الأخير ما أسميه بتحديات الديمقراطية الجديدة، لأنه مع كل هذه المرارة كان هناك اعتقاد أن هذا آخر كابوس يعني يجثم فوق المسلمين، وبالتالي مع التحركات التي حدثت في أوروبا الشرقية بدا وكأن ألبانيا أيضا تخلصت من هذا الكابوس. ولكن المفارقة في هذا الفصل، في الفصل الأخير بعنوان تحديات الديمقراطية الجديدة أن ما بعد الشيوعية جلبت كوابيس جديدة على المسلمين في ألبانيا بشكل لا يوصف بما كان أيضا في ألبانيا خلال الحكم الشيوعي. التغيير هذا بدأ في 1990، الآن التجربة يعني تجربة الحكم الشيوعي في ألبانيا، على مرارتها، ربما كان فيها شيء يعني يميزها أنها كانت تساوي ما بين الأديان، يعني تعتبر الدين أو الأديان كلها تعتبرها أفيون للشعوب ولابد بمعنى ما أن الدولة أو النظام الحاكم أن يتخلص منها. الآن بعد 1990 بدأت تبرز الآن أصوات جديدة ومتزايدة تعتبر أن الإسلام كان عبئا على الألبان وألبانيا، وبدأت الآن هذه الأصوات وبالتالي لكتّاب ومثقافين معروفين تدعو المسلمين في ألبانيا إلى التخلص بسرعة من هذا العبء وبالتالي إلى العودة إلى ما يسمى بدين الأجداد. هذه الأصوات أحدثت حقيقة في ألبانيا في السنوات الأخيرة، أحدثت توترات. هدف الكتاب كان كما قلت أن يعني يستعرض تجربة الألبان المسلمين كأوروبيين مع المحيط بمعنى ما الأوروبي المتغير باستمرار، وبالتالي الآن في السنوات الأخيرة تطرح بحدة مسألة الهوية الأوروبية، يعني هل يمكن للألباني المسلم أن يكون أوروبيا ومسلما في وقت واحد؟ هل يوجد ما يعيق الألبان أن يستمر في أوروبيته، وهو أساسا يعتز بكونه من أقدم الشعوب في أوروبا، هل الإسلام أصبح عقبة؟ هذا الآن سؤال كما قلت جدي وبالتالي هذا يتحول إلى سجالات كبيرة وواسعة وتحدث حقيقة يعني نتائج سلبية.

الإسلام في أوروبا المتغيرة

تأليف: د.محمد الأرناؤوط

من الدولة العثمانية إلى الدولة القومية
العلمانية الجديدة
رؤية إسلامية للبلشفية
التحديث على النمط الأوروبي
الإسلام والفاشية
تجربة المسلمين تحت الحكم الشيوعي

تحديات الديمقراطية الجديدة