زواج مصلحة أم علاقة إستراتيجية.. ما سر التقارب الصيني الروسي؟ ولماذا يخشاه الغرب؟

في أول زيارة خارجية له منذ إعادة انتخابه للمرة الثالثة رئيسا لبلاده وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم الاثنين إلى موسكو، حيث استقبله نظيره الروسي فلاديمير بوتين، فما الذي جمع بين البلدين في هذا الوقت بالذات؟

وحسب الكرملين، ستشهد الزيارة -التي تستمر 3 أيام- توقيع اتفاقات عديدة، خاصة في مجال التعاون الاقتصادي، وقد افتتحها الزعيمان بتأكيد إستراتيجية العلاقة بين بلديهما وأهمية تعاونهما من أجل ما وصفاه بإعادة التوازن للنظام العالمي.

وبينما رحب بوتين بخطة ضيفه لوقف الحرب في أوكرانيا أكد شي اهتمام الصين بتطوير علاقتها مع روسيا التي وصفها بالشريك الإستراتيجي الذي يشارك بلاده أهدافا متشابهة تتعلق بالعدالة والمساواة في العالم.

وفي ما يتعلق بالموقف الأميركي من هذه الزيارة، أوضح عضو مجلس الأمن القومي الأميركي السابق تشارلز كابشن -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" (2023/3/20)- أن أميركا تدرك أن هذه الزيارة مهمة لبوتين، خاصة بعد أن وجهت إليه المحكمة الجنائية الدولية تهمة ارتكابه جرائم حرب في أوكرانيا.

وأوضح كابشن أن زيارة شي الرسمية تشير إلى أن الصين تريد دعم شراكتها مع روسيا، خاصة في ما يتعلق بالجانب التجاري وشراء منتجات الطاقة الروسية، وهو ما يعني دعم الاقتصادي الروسي، وبالتالي استمرار حربها على أوكرانيا.

وفي الوقت نفسه، تحاول الصين أن تلعب دورا أكبر في مجال الدبلوماسية الدولية، خاصة بعد توسطها بين السعودية وإيران وتقديمها مقترحا لوقف الحرب في أوكرانيا، واعتبر كابشن أن شي يريد أن يبدو شخصا مؤثرا عالميا لكونه يدفع باتجاه السلام.

وبحسب وجهة نظره، فإن الصين تفاجأت بالدرجة التي تدهورت بها سمعتها بسبب دعمها لروسيا وجائحة كورونا، ولذلك تعمل حاليا على تحسين صورتها الخارجية أمام العالم من خلال معاملاتها التجارية وكذلك ضغطها الدبلوماسي في القضايا الدولية.

ومن وجهة نظر روسية، اعتبر الأستاذ في معهد موسكو للصحافة الدولية ألكسندر غورنوف أن روسيا والصين تشكلان الأغلبية في عالم اليوم، فالعالم دخل في مرحلة التعددية القطبية وتخلص من هيمنة أميركا عليه، مشددا على أن العلاقات الروسية الصينية جيدة منذ القرن الـ17، وهذا ما تؤكده المحطات التاريخية بين البلدين.

وأكد غورنوف أن البلدين سيوقعان على وثيقتين مهمتين، تتعلق إحداهما بالشراكة في عالم جديد تتغير مفاهيمه القديمة، وتتمحور الأخرى حول التعاون الاقتصادي بين البلدين.

كما أشار إلى أن روسيا مستعدة للنظر في وضع أوكرانيا كدولة ذات سيادة إن كانت الولايات المتحدة تعتبرها كذلك، وربط انسحاب موسكو من كييف بانسحاب واشنطن منها، في إشارة منه إلى أنها متدخلة أيضا في الأراضي الأوكرانية كما هو الشأن بالنسبة لروسيا.

لكن كابش عارض الضيف الروسي بخصوص قوة العلاقة التي تربط بين بكين وموسكو، معتبرا أن التاريخ يشهد على نزاعهما خلال الحرب الباردة، مؤكدا أن الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا هي التي جمعت الدولتين في الوقت الراهن، واصفا هذا التقارب بأنه مجرد زواج مصلحة أكثر مما هو شراكة تدوم طويلا.

وأشار إلى أن هناك تناقضا كبيرا بين دعوة الصين إلى احترام سيادة الدول على أراضيها في مقابل عدم استعداد بوتين للخروج من أوكرانيا.

المصدر : الجزيرة