الاقتصاد والانفصال عن المملكة المتحدة.. ملفات مهدت الطريق لحمزة يوسف كأول زعيم مسلم في أسكتلندا
لندن- دخل حمزة يوسف تاريخ المملكة المتحدة وأوروبا بوصوله إلى زعامة الحزب الوطني الأسكتلندي (SNP)، كأول شخص من الأقليات يصل لهذا المنصب الذي يمهد له الطريق لرئاسة الوزراء، بعد تصويت البرلمان غدا الثلاثاء.
ونجح حمزة يوسف -وهو من أصول باكستانية- في الوصول لهذا المنصب بعد حملة انتخابية عاصفة، خاضها ضد كل من كيت فوربس، وأش ريغان، وكلاهما من الوجوه البارزة في الحزب الوطني الأسكتلندي.
وبعد أسابيع من المناظرات والمواجهات الانتخابية، حصل حمزة على 52% من أصوات المنتسبين للحزب الوطني الأسكتلندي، مقابل حصول كيت فوربس على 48%. وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات نحو 70%، وشارك فيها أعضاء الحزب الوطني الأسكتلندي فقط، البالغ عددهم 72 ألف شخص.
مشروع واضح
لم يكن وصول حمزة يوسف لهذا المنصب سهلا، ولم تكن طريقه مفروشة بالورود؛ فقد سبق أن تقلّد مناصب وزارية حساسة؛ مثل وزارة العدل، ثم وزارة الصحة خلال فترة جائحة كورونا. وأسهمت عوامل عديدة في تحقيقه هذا الفوز الانتخابي:
- أولا: الدعم الكبير الذي حظي به حمزة يوسف من قيادات الحزب الوطني الأسكتلندي، خاصة رئيسة الوزراء المستقيلة نيكولا ستورجن، التي أعلنت صراحة دعمها لحمزة يوسف؛ لينضم لها عدد من قيادات الصف الأول في الحزب. وينظر لحمزة يوسف على أنه استمرار لخط ستورجن السياسي، خاصة في التعامل مع قضية الانفصال.
- ثانيا: وضوح برنامج حمزة، خصوصا في ما يتعلق بالانفصال عن المملكة المتحدة، وأكد حمزة يوسف أنه سيجعل من الانتخابات العامة القادمة -المتوقع أن تجري نهاية عام 2024- بمثابة استفتاء على الانفصال.
وفي حال حصل الحزب الوطني الأسكتلندي على أغلبية مطلقة؛ فهذا يعني دعما كبيرا للاستفتاء، ووعد حمزة يوسف بأنه قد يمضي في استفتاء الانفصال حتى من دون موافقة لندن والبرلمان البريطاني.
وعزز هذا الوضوح موقف حمزة يوسف في صفوف قواعد الحزب الوطني الأسكتلندي، على عكس منافسته كيت فوربس، التي قالت إن الوقت الحالي لا يسمح بالحديث عن تنظيم استفتاء الانفصال.
- ثالثا: الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به أسكتلندا، إذ تعرف البلاد أعلى نسبة للفقر منذ 2007، وهي السنة التي وصل فيها الحزب الوطني الأسكتلندي للحكم.
ووعد حمزة يوسف بأن أول قرار سيتخذه هو تنظيم مؤتمر وطني لمحاربة الفقر، وإطلاق مشاريع وميزانيات لمساعدة الأسر المتضررة. في المقابل، فإن منافسته كيت فوربس محسوبة على تيار الأغنياء واليمين المحافظ.
ترحيب وتحديات
من أول التحليلات المفسرة لفوز حمزة يوسف بزعامة الحزب الوطني الأسكتلندي الحاكم تغريدة نشرها ستيفان نون، الذي يعد العقل الإستراتيجي داخل الحزب، وأحد أكبر قادة استفتاء الانفصال.
وكتب نون أن الانتخابات الأخيرة تظهر أن الحزب الوطني الأسكتلندي ما زال محافظا على بنيته القديمة بين الريف؛ حيث تسكن الأسر المحافظة الغنية، وبين المدن؛ حيث خلق الفرص وتوزيع الثروات.
وأضاف نون أن هذه الثنائية كانت دائما جيدة بالنسبة للحزب وتخدمه في فترة الأزمات. ويظهر أن كتلة المدن والطبقة المتوسطة هي التي تفوقت خلال الانتخابات الأخيرة، وهذا مفهوم بالنظر للوضع المعيشي الصعب الذي تمر به أسكتلندا.
أما عن ردود الفعل السياسية، فأغلبها ركز على أن حمزة يوسف سيصبح أول رئيس وزراء من الأقليات يصل لهذا المنصب، ولهذا سارع زعيم حزب العمال الأسكتلندي أنس سروار -وهو مسلم أيضا- إلى تهنئة حمزة يوسف، مؤكدا أن هذه لحظة تاريخية ومفصلية في تاريخ البلاد.
وقال أنس سروار في بيانه إن "المسؤولية الملقاة على عاتق حمزة كبيرة بالنظر للوضع الكارثي الذي وصلت إليه أسكتلندا".
بدوره، غرّد عمدة لندن صادق خان مهنئا حمزة يوسف، بتحقيقه هذا الانتصار التاريخي، وقال إن لهذا الفوز دلالات "لا يمكن لأحد تجاهلها وأسكتلندا ولندن لديهما الكثير من النقاط المشتركة، وأنا في انتظار العمل المشترك معا".
ويشترك صادق خان وحمزة يوسف في الأصول الباكستانية المسلمة، وكلاهما دخل التاريخ؛ ذلك أن صادق خان كان أول مسلم يتولى منصب عمدة لندن، ويوسف أول مسلم يتولى رئاسة وزراء أسكتلندا.
في المقابل، قوبل فوز حمزة يوسف بكثير من الامتعاض في صفوف اليمين المحافظ والعنصريين، الذين تداولوا مقطعا لحمزة يوسف ينتقد فيه ترأس كل المناصب الحكومية والرسمية العليا من قِبل أشخاص بيض في غياب للتنوع، وتداولت الكثير من التغريدات هذا المقطع مع عبارات منتقدة لحمزة يوسف، مؤكدة أن "أسكتلندا هي بلاد للبيض أولا".