بين قصف النظام والزلزال.. هكذا يطارد الموت السوريين شمالي البلاد

إزالة الركام في مدينة سرمدا شمالي إدلب (الجزيرة)

شمالي سوريا – أمام حطام أحد المباني المدمرة في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي، تذرف فاطمة القاسم (55 عاما) دموعها أثناء انتشال عائلة ابنتها المكونة من 9 أفراد، في وقت يشتد فيه حزنها على 3 آخرين ما زالوا تحت الأنقاض.

فاطمة القاسم نزحت إلى ريف إدلب الشمالي بعد تدمير قوات نظام الأسد وروسيا قريتها في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي.

في حديثها للجزيرة نت، تقول فاطمة "لو ميت واحد أو اثنان ما كنت لأبكي، لكنهم 11 ماتوا تحت الركام، انتشلوا النصف، وبقيت ابنتي وزوجها وولدان تحت الأنقاض".

وتتذكر بحسرة ركاما آخر لكنه ليس بفعل الزلزال هذه المرة، "ففي عام 2018 قصفت طيارة لنظام الأسد منزلنا بعد نزوحنا من سهل الغاب إلى جبل الزاوية، وتوفيت ابنتي وهي معلمة، وابني وزوجته، وفقد زوجي عينه".

بوجه شاحب وتجاعيد تسببت فيها المآسي قبل الزمن، تتمنى فاطمة بألم "الموت واللحاق بمن رحلوا، فالبقاء في الحياة من دونهم لا يعني سوى الحزن والقهر".

عائلات كثيرة رحلت بأكملها بفعل القصف ثم الزلزال شمالي سوريا (الجزيرة)

القصف والزلزال

وتسبب الزلزال في وفاة وجرح آلاف المدنيين في شمالي غربي سوريا، معظمهم من النازحين حيث كانت منازلهم هشة وغير مؤهلة لمقاومة الزلازل.

وبسبب الحملة العسكرية التي شنها نظام الأسد بدعم روسي في عام 2019، نزح إلى شمال إدلب نحو 1.5 مليون سوري من مناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي وسهل الغاب وريف حلب الغربي.

الكثير من هذه العائلات فقدت أفرادا منها جراء الهجمات الجوية والقصف الصاروخي الذي شنه النظام، لتكتمل المأساة بفعل الزلزال المدمر الذي ضرب شمالي سوريا وجنوبي تركيا في السادس من الشهر الحالي.

"لم يبق أحد" بهذه الكلمات يعبّر الحاج خالد الرياض (60 عاما) عن ألمه في مجلس العزاء الذي أقامه لعائلة ابنه التي فقدها تحت الأنقاض.

الحاج خالد مهجر من ريف إدلب الجنوبي منذ 4 أعوام، وفي حديث للجزيرة نت يقول "دفنت واحدا من أولادي بالضيعة قبل التهجير، والآن دفنت ابنتي وابني وزوجته وأولاده بسبب الزلزال، وانحرق قلبي وقلب أمهم عليهم".

تكدس النازحين في الخيام بعد أن دمر الزلزال المنازل شمالي سوريا (الجزيرة)

الأسد والتدمير

مع الوقت بدأ حجم الكارثة في الظهور، حيث أوضح فريق "منسقو استجابة سوريا" أن 45% من البنى التحتية تعرضت لأضرار، شملت أيضا عددا من المدارس والمنشآت الطبية وعددا من المنشآت الخدمية الأخرى.

وأشار الفريق في بيان إلى أن عدد المباني السكنية المدمرة يبلغ أكثر من 950 مبنى مدمرا كليا، ونحو 2900 مبنى مدمر بشكل جزئي، في حين بات أكثر من 11 ألفا و893 مبنى آخر غير صالح للسكن، كما ظهرت التصدعات بمختلف أنواعها -الخطرة والعادية- على 7632 منشأة أخرى.

في هذا السياق، يقول الناشط الإعلامي أيهم الشيخ إن المناطق الحدودية التي تعرضت للزلزال كانت قبل أشهر قليلة تتعرض لقصف من الطيران الروسي وقذائف نظام الأسد، مما أدى لسقوط عشرات الضحايا.

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف الشيخ "ما تسبب به الزلزال رغم ضخامته وفداحة الخسائر، لم يفعل 10% مما فعله نظام الأسد بحق المدنيين".

ويؤكد المتحدث أن نظام الأسد يتحمل مسؤولية كاملة عن ارتفاع أعداد الضحايا، "لأنه هو من تسبب في نزوحهم والاكتظاظ بمنطقة واحدة في مخيمات وشقق سكنية تجارية غير صالحة للعيش أو غير مؤهلة لمواجهة الأخطار".

المصدر : الجزيرة