من حرية التعبير حتى السياسة الخارجية.. سياسي إيراني يشرح إخفاقات وإنجازات الثورة

مطهري يعترف بتقويض الجمهورية ودور الشعب في نظام الجمهورية الإسلامية لا سيما عقب وفاة الإمام الخميني (الصحافة الإيرانية)
مطهري يعترف بتقويض الجمهورية الإسلامية ودور الشعب لا سيما عقب وفاة الخميني (الصحافة الإيرانية)

طهران- بالتزامن مع الذكرى الـ 44 للثورة الإيرانية، عدّد السياسي الإيراني المحافظ علي مطهري إنجازات هذه الثورة، ووجّه انتقادات لاذعة للمؤسسات الدستورية بسبب الخطوات التي أسّست لإخفاقات بالسياسة الخارجية وحرية التعبير وغيرها مما وصفها بأنها تمثل أبرز إخفاقات الثورة.

وفي مقال نشره بصحيفة "اعتماد" تحت عنوان "تقييم مسيرة الثورة" يتساءل النائب السابق لرئيس البرلمان عن مواطن الإنجاز والأهداف التي نجحت ثورة 1979 في تحقيقها، مستدركا أنها أخفقت في تحقيق العديد من الشعارات التي رفعتها الجمهورية.

ويؤكد السياسي المحافظ -وهو نجل الفيلسوف ومفكر الثورة مرتضى مطهري، الذي اغتيل بعد 3 أشهر من انتصار ثورة الخميني عام 1979- أن أحدا "لا يشك في تحقيق الثورة إنجازات كثيرة على شتى الصعد العلمية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ولا سيما في مجال حقوق المرأة بالتعليم ومقارعة الكيان الصهيوني وأهدافه التوسعية بالمنطقة، بيد أن مسيرة الثورة لا تخلو من إخفاقات في العقود الأربعة الماضية".

The 44th anniversary of the Islamic Revolution in Tehran
إيران تحتفل بالذكرى الـ 44 للثورة وسط كم كبير من الانتقادات (رويترز)

شعارات الثورة

ولعل من أبرز الشعارات التي رفعتها الثورة منذ أيامها الأولى كان "الاستقلال والحرية والجمهورية الإسلامية" وفق مطهري الذي يعتقد أن بلاده حصلت بالفعل على استقلالها بالسياسة والثقافة والاقتصاد، إذ أصحبت تتخذ قرارها بنفسها في هذه المجالات، مستدركا أنه لا يقصد بالاستقلال الاقتصادي إدارة الاقتصاد، كما أن إيران الحديثة انحرفت قليلا عن مبدأ "لا شرقية وغربية".

وينتقد مطهري انحياز الثورة للقوى الشرقية على حساب نظيرتها الغربية بسبب العداء المتطرف للأخيرة، مؤكدا أن التلكؤ في إنقاذ الاتفاق النووي ومساعدة الروس في حربهم على أوكرانيا يعد من نتائج الارتماء بأحضان القوى الشرقية، مستدركا أن التعاون الإيراني الروسي قد يرمي للمحافظة على تعاون الروس مع طهران في سوريا.

ويؤكد السياسي المحافظ -الذي كان يعرف سابقا بأنه من ألد خصوم التيار الإصلاحي- أن الثورة أخفقت في بلوغ حرية التعبير، الأمر الذي أدى لاتهامه من قبل زملائه بالتيار المحافظ بمواكبة السياسات الإصلاحية خلال السنوات الأخيرة.

حرية الرأي

ويستذكر مطهري أن مؤسس الثورة آية الله الخميني كان يؤمن بحرية الشيوعيين في بيان آرائهم في إطار الجمهورية، وأن والده -العضو بمجلس الثورة عقب انتصارها- كان يؤمن حتى بحق الأحزاب غير الإسلامية في النشاط داخل الجمهورية شريطة عدم الاختفاء وراء الإسلام، مؤكدا أن بلاده ابتعدت كثيرا عن مبادئها في مجال حرية التعبير.

وتابع "هناك أشخاص يقبعون في السجون بتهمة زعزعة الأمن القومي والتحريض على النظام، كما أن أهلية بعض المرشحين ترفض بسبب إدلائهم بتصريحات تختلف عن الموقف الرسمي للنظام، وبالتالي يبعدون عن خوض الانتخابات".

ويقيّم مطهري مسيرة الثورة والمشاركة الشعبية فيها، مؤكدا أن عزوف الناس عن صناديق الاقتراع بالانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة يأتي ردا على إقصائهم عن مقدرات البلاد، معلقا "لا بد أن نعترف بتقويض الجمهورية ودور الشعب في نظام الجمهورية الإسلامية، خاصة عقب وفاة الإمام الخميني".

احتفالات إيران بالذكرى الـ 44 للثورة عقب أشهر من المظاهرات الشعبية (رويترز)

المشاركة الشعبية

ولدى توقفه أمام تراجع المشاركة الشعبية خلال السنوات الأخيرة، يرى مطهري أسبابا مختلفة وراء عزوف الشارع عن صناديق الاقتراع، لافتا إلى أن ما وصفها "الرقاية الاستصوابية على العملية الانتخابية" قد تكون في مقدمتها، مؤكدا أن مجلس صيانة الدستور قد فرض هذه الآلية على الشعب عبر تفسيره الخاطئ للدستور مما أبعد العديد من المتخصصين والأحرار عن خوض السباقات الانتخابية.

وتعتبر المادة 99 من الدستور مجلسَ صيانة الدستور مسؤولا عن الإشراف على إجراء العملية الانتخابية، ويعتبر المجلس هذه الرقابة بأنها "استصوابية". أما السبب الثاني لتراجع المشاركة الشعبية فيعزوه مطهري لتشكيل مجالس لا وجود لها في الدستور بيد أنها تشرّع وتتخذ القرارات بعيدا عن البرلمان، على غرار رفع أسعار البنزين عام 2018 وما يعرف بقانون "إنتاجية الممتلكات الحكومية" قبل أيام، مؤكدا أنه مثل هذه القوانين تخالف الدستور وقوانين البلاد، على حد تعبيره.

كما ينتقد السياسي المحافظ تشكيل "المجلس الأعلى للرقابة على تنفيذ السياسات العامة للنظام" في مجمع تشخيص مصلحة النظام، إذ يعتبر أن هذه الخطوة أسهمت في تراجع المشاركة الشعبية، منبها إلى أن إضعاف دور وزارة الخارجية في السياسة الخارجية للبلاد انعكس سلبا على العلاقات مع الدول الإسلامية.

ويعتقد مطهري أن المؤسسة العسكرية لها الكلمة العليا في علاقات بلاده مع روسيا والصين ودول الشرق الأوسط، مما دفع بعضها نحو إسرائيل بسبب التخويف من إيران، واصفا العلاقات الحسنة مع الدول الإسلامية وموازنة العلاقات بين القوى الشرقية والغربية نقطة أساسية لتحرير فلسطين ودعم القضية الفلسطينية.

ويرى الناشط السياسي المحافظ أن تعزيز دور الشعب ومكانته الحقيقية في تقرير مصيره يعد حلا لوضع حد لما تعانيه الثورة منذ سنوات، مضيفا "الحل يكمن في حذف الرقابة الاستصوابية حيث يعمل مجلس صيانة الدستور وفقها، وحل المجالس التي لا وجود لها في الدستور أو منعها من التشريع".

وبذلك، يمكن إعادة البرلمان إلى مكانته الدستورية لرصد وتطبيق حقوق الشعب في الحرية، وكيفية التعامل مع المنتقدين والمعارضين والاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي، وكذلك سياسة البلاد الخارجية، وفق مطهري.

المصدر : الجزيرة