الوحيد في العاصمة.. الجزيرة نت ترصد صعوبات تواجه المسافرين عبر مطار بغداد الدولي

واجهة مطار بغداد الدولي، الجزيرة نت
مطار بغداد الدولي هو المطار الوحيد في العاصمة العراقية (الجزيرة)

بغداد – "على الرغم من قرب محل إقامتي من المطار فإنه يتوجب عليّ كمسافر أن أكون على بعد أكثر من 3 كيلومترات عن المطار في نقطة تجمع للمسافرين دون إمكانية الذهاب مباشرة"، بهذه الكلمات يصف يوسف محبوب -وهو أحد سكان العاصمة بغداد- مشقة السفر من خلال مطار بغداد الدولي.

محبوب (37 عاما) يسكن في منطقة أبو غريب القريبة من مطار بغداد الدولي، لكن إجراءات دخول المطار تتطلب التجمع في ساحة عباس بن فرناس، حيث يتم نقل المسافرين عبر سيارات أجرة تتبع شركات خاصة وبأجور عالية إلى بوابات المطار.

وفي حديثه للجزيرة نت يشير إلى أن على المسافرين أن يتجاوزوا 3 نقاط تفتيش حتى بلوغ صالة الدخول، لتبدأ بعدها مراحل التفتيش الأخرى عبر أجهزة السونار داخل المطار، معلقا بالقول "هذه الإجراءات تستنزف الوقت والمال، على خلاف مطارات العالم والمنطقة يجب على المسافر الحضور لساحة التجمع قبل 4 ساعات على موعد إقلاع الطائرة على أقل تقدير".

مسافرين في مطار بغداد، الجزيرة نت
يعاني المسافرون من مطار بغداد الدولي سلسلة من الإجراءات الأمنية المعقدة (الجزيرة)

مطار بغداد الدولي

ويعد مطار بغداد الدولي أكبر مطارات العراق والوحيد في العاصمة، ويقع على بعد 16 كيلومترا إلى الغرب من العاصمة العراقية، وكانت شركات بريطانية وفرنسية قد شرعت في بنائه بين عامي 1979 و1982، ويرمز له بـ"بي جي دبليو" (BGW) وفق الاتحاد الدولي للنقل الجوي للمطارات المعروف اختصارا بـ"إياتا" (IATA)، في حين يرمز له بـ"أو آر بي آي" (ORBI) في لوائح منظمة الطيران المدني الدولي المعروفة اختصارا بـ"إيكاو" (ICAO).

يتألف المطار من طابقين، ويضم صالة رئاسية منفصلة لاستقبال الرؤساء وكبار الشخصيات، و3 صالات للأسواق والمطاعم والمكاتب، فضلا عن مدرجين للطائرات وبرج للمراقبة ومرآب للسيارات من عدة طوابق، إضافة إلى بناية لخدمات صيانة الطائرات ومستودع لوقودها ومركز صحي أولي ومبنى لسيارات الإطفاء.

وبعيد حرب الخليج الثانية عام 1990 وعقب فرض مجلس الأمن الدولي حصارا اقتصاديا على البلاد توقف نشاط المطار بصورة كلية باستثناء بعض الرحلات المحلية والدولية الخيرية المختصة بنقل الأدوية والغذاء إلى العراق، ولم يعد النشاط الجوي في المطار إلا بعد الغزو الأميركي عام 2003.

وشهد المطار -الذي بني قبل 40 عاما- العديد من حوادث الحرائق خلال الأشهر الماضية، والتي طالت بعض صالات المسافرين، في وقت تبذل فيه سلطة الطيران المدني (المسؤولة عن المطار) جهودا لإعادة تأهيله وتحسين الخدمات فيه.

المواطن، فلاح حسن، الجزيرة نت
فلاح حسن أشار إلى العديد من السلبيات في مطار بغداد من ضمنها صغر مساحة السوق الحرة وسوء الخدمات (الجزيرة)

سوء الخدمات

ينتقد العديد من المسافرين طبيعة الخدمات داخل المطار وخارجه، مطالبين بتوفير خدمات تليق بالمسافرين والضيوف، وأكد أحد المسافرين من المطار -واسمه فلاح حسن- أن صالات المطار دائما ما تشهد اكتظاظا بالمسافرين، مع صعوبة أن يجد المسافر مقاعد مخصصة لانتظار موعد الرحلة.

حسن -الذي يبلغ من العمر 41 عاما ويسافر بانتظام عبر المطار- كشف الكثير من المؤشرات السلبية، منها السوق الحرة التي يرى أنها صغيرة وليست بالمستوى المطلوب مقارنة بمطارات دول المنطقة، إضافة إلى المرافق الصحية التي لا تزال بحاجة لاهتمام أكبر، مع ضرورة العمل على توسعة الشريط الناقل لحقائب المسافرين القادمين الذي لا يستوعب عددهم الحالي، على حد تعبيره.

الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، الجزيرة نت
الخبير الأمني فاضل أبو رغيف يرى أن الإجراءات الأمنية المشددة في مطار بغداد الدولي لا تزال ضرورية (الجزيرة)

تحديات أمنية

وفي ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي يشهدها مطار بغداد الدولي يبدو أن التحديات الأمنية لا تزال تشكل تحديا للسلطات العراقية، وهو ما يؤكده الخبير الأمني فاضل أبو رغيف الذي يرى أن الإجراءات المشددة في المطار لا تزال ضرورية بسبب التحديات الأمنية، خاصة أنه يعتبر الواجهة الأولى للمسافرين، سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب.

وبسبب أن العراق لا يزال يبحث عن الكثير من المطلوبين والمتورطين بجرائم الفساد والجنايات والإرهاب -حسب أبو رغيف- فإن قاعدة البيانات في المطار مفعلة بشكل مستمر، وهذا قد يعقد بعض الإجراءات الأمنية الخاصة بدخول وتدقيق المسافرين.

أما عن الإجراءات التي تسبق الدخول للمطار فيعلق أبو رغيف للجزيرة نت بالقول "إن تخفيف الإجراءات التي تبدأ من ساحة عباس بن فرناس وتنتهي بمداخل الصالات مع تعدد نقاط التفتيش مرتبط بالوضع الأمني، خاصة أنه ليس مثاليا، هناك جماعات إرهابية تتربص وتبحث عن أي عملية من شأنها إرباك المشهد الأمني، لذلك فإن هذه الاحترازات ضرورية رغم أنها تؤدي إلى إرهاق المواطن".

جهاد الديوان، مسؤول إعلام سلطة الطيران المدني، أرسلها لي
مدير إعلام سلطة الطيران المدني جهاد الديوان أكد أن عملية تأهيل مطار بغداد الدولي مستمرة (الجزيرة)

إعادة تأهيل

وفي ظل العديد من المؤشرات السلبية في مطار بغداد الدولي يبدو أن عملية تأهيل واسعة بدأت في المطار مؤخرا، وهو ما تؤكده سلطة الطيران المدني بشأن أن هذه العملية ستشمل جميع مرافق المطار الخدمية والصحية.

بدوره، تحدث مدير إعلام سلطة الطيران جهاد الديوان للجزيرة نت وكشف عن عملية تأهيل تجري حاليا لإدامة وتأهيل صالات المطار، ومنها صالة سامراء التي كانت مغلقة منذ عام 1990، وذلك بغية استيعاب أكبر عدد من المسافرين.

وأشار إلى تخصيص صالة بابل لمسافري العبور "الترانزيت"، مع الإشارة إلى أن المطار يضم 3 صالات هي سامراء ونينوى وبابل وتستوعب ما يقارب 7 ملايين مسافر سنويا.

ويفصّل الديوان في طبيعة عملية التأهيل ليكشف عن أنها ستشمل جميع المرافق الصحية والخدمية، فضلا عن مدرجي المطار اللذين يستوعبان إقلاع وهبوط الطائرات العملاقة مثل إيرباص "إيه 380" (A380) وشبيهاتها.

وأكد أن سلطة الطيران المدني تعمل حاليا على إحصاء أعداد المسافرين والمغادرين والقادمين من وإلى مطار بغداد وبقية المطارات الأخرى في البلاد.

الخبير المالي والمصرفي صفوان قصي - خاص الجزيرة
صفوان قصي: بناء مطار جديد ببغداد سينعش حركة الملاحة الجوية في العراق من خلال خدمة الترانزيت (الجزيرة)

مطار جديد

وفي الوقت الذي تشهد العاصمة العراقية بغداد كثافة سكانية كبيرة بلغت نحو 9 ملايين نسمة باتت قضية إنشاء مطار جديد حديث العراقيين، ولا سيما مع كشف محافظ بغداد محمد جابر العطار عن سعي العراق لإنشاء مطار جديد في جانب الرصافة من العاصمة.

وأكد العطار -الذي تحدث لوكالة الأنباء العراقية (واع)- أن أموالا ستخصص لإنشاء المطار الجديد ضمن موازنة العام الحالي 2023، في الوقت الذي كشف فيه المتحدث باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عبد الزهرة الهنداوي في حديثه للجزيرة نت عن أن الفكرة تتجه نحو توسيع وتأهيل مطار بغداد الحالي.

وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي صفوان قصي أن بغداد تضم 9 ملايين نسمة إضافة إلى الوافدين، وبالتالي هناك حاجة ماسة لمطار جديد شرق العاصمة يكون قريبا من المحافظات المجاورة مثل ديالى وصلاح الدين، لافتا إلى أهمية تنويع وتوسيع قدرة العراق على استيعاب أعداد الزائرين التي تشهد ارتفاعا ملحوظا.

وفي حديثه للجزيرة نت ينبه قصي إلى أن بناء مطار جديد سيتيح إمكانية لانتعاش حركة الطائرات العالمية ومرورها بالأجواء العراقية عبر استهداف الموقع الجغرافي الأمثل للعراق على مستوى العالم، منبها إلى أن بناء مطار جديد بالعاصمة يستلزم استثمارات حيوية في قطاع الاتصالات والخدمات الأخرى المكملة للمطار، حسب تعبيره.

المصدر : الجزيرة