تقابل قصفا غاشما.. صور من غزة تسجل ملحمة صمود وتحدي

يتواصل القصف الهمجي على غزة منذ أكثر من أسبوعين، وفي حين يحاول الاحتلال الإسرائيلي من خلاله تثبيت عناصر معادلته القائمة على القتل والرعب والدمار، يرد السكان بالتفاف أكبر حول مقومات صمودهم.

وبالمقدار الذي هدر فيه "طوفان الأقصى" ودمر منظومة الجيش الذي لا يقهر، هدرت أصوات المحاصرين ومواقفهم تعلن "ملحمة صمود أسطورية"، تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

فهذا فتى فلسطيني يرفع يديه إلى السماء بالدعاء للمقاومين بالتثبيت والنصر، وللغزاة بالخيبة والفشل، في وقت كان فيه المئات من نظرائه إما شهداء أو تحت الأنقاض أو أُنقذوا بأعجوبة.

وفي مقطع الفيديو الذي انتشر له على مواقع التواصل وهو يقرأ "دعاء" النصر، يتحلق حول الفتى الكفيف في مستشفى الشفاء العشرات ليؤمنوا على دعائه، وكأن دعاءه أدخل عليهم السكينة والطمأنينة.

صورة أخرى نشرت على مواقع التواصل تنقلنا لإحدى السيدات الفلسطينيات التي خرجت على قيد الحياة بأعجوبة من تحت أنقاض منزلها، ورغم أهوال ما رأته وأطنان المتفجرات التي تسقط على المباني والمنازل، فإنها بقيت متشبثة بمصحفها.

في مشهد آخر، يخاطب رجل فلسطيني أحد ذوي الشهداء ليصبره ويربط على قلبه، ويذكره "كلنا مشاريع شهداء، فهذه أرض رباط وجهاد".

وعلى باب مستشفى الشفاء، يخرج الطفل محمد سليمان أبو دقة مصابا ويغطي الغبار جسده، ونجا من قصف لمنزل عائلته، وقبل أن يدخل المستشفى، خر ساجدا على الأرض ليشكر الله على سلامته.

وللطفل نصر الدين محمد أبو نعمة قصة مع نجاته من القصف الذي استهدف منزله، إذ يقول إنني "كنت أقرأ القرآن مع والدي في المنزل، وفجأة استُهدف المنزل بصاروخ، وأُصبت أنا وهو".

وهنا طفل يلقن أخاه الشهادة، ويطلب منه أن يقول "أشهد أن لا إله إلا الله" مخافة أن يستشهد ولا يكون قد ردد الشهادتين.

ولا تفارق فكرة الشهادة أطفال غزة، فهذه الطفلة هيا تكتب وصيتها وتقسّم "ممتلكاتها وأموالها" بين أهلها كما يفعل الكبار، أما ألعابها فلصديقاتها وثيابها لبنات عمتها، وأهم نقطة في الوصية هي أحذيتها، التي طلبت التبرع بها للفقراء والمساكين، ولكن بعد "غسلها طبعا".

وصية طفلة في غزة

وبتسليم "بقضاء الله وقدره"، يتقبل أحد الأطباء استشهاد ابنه يوسف (7 سنوات)، وتقول والدته للمسعفين إن ابني "شعره كيرلي (مجعد) وأبيضاني (بشرته بيضاء) وحلو"، وبعد رحلة بين مستشفيين وغرفتي إنعاش بحثا عنه، وجده والده شهيدا، وكانت أول عبارة قالها بعد رؤية جثمان ابنه "الحمد الله".

وفي ركن آخر من المستشفى، أحد الآباء يحمل أشلاء أطفاله الشهداء في أكياس بلاستيكية ويركض بهم هائما على وجهه مرددا عبارة "يا ناس.. أولادي ماتوا".

ويروي أحد المسعفين وهو يبرز صفحة من المصحف، كيف أنه "وجدها بحوزة شهيد، قضى في قصف مسجد السلام بغزة".

ومن بين الشهداء الأطفال حافظون للقرآن، وانتشر مقطع فيديو للشهيد أنس السيد العقاد (14 عاما)، الذي استشهد مع والدته وإخوته الأربعة وعمته بعد قصف الاحتلال منزلهم في خان يونس (جنوب قطاع غزة).

وينشر الفنان الرسام الفلسطيني مجد المدهون -على صفحته الرسمية في فيسبوك- مقطع فيديو لأحد الأطفال يرتل ما تيسر له من سورة البقرة وهو جالس على أطلال منزله في غزة، ويعلق عليها المدهون "هنا غزة.. قلوب أهلها تعلقت بالله وارتبطت بكتابه".

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة استشهاد 1756 طفلا من بين 4385 شهيدا جراء الحرب الإسرائيلية على غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وأكد مسؤول في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن التأثير على العائلات والأطفال لا يتمثل في الوفيات والإصابات فحسب، بل في التأثير النفسي أيضا، وتأثرهم بانقطاع الإمدادات، في ظل منع دخول الإمدادات إلى قطاع غزة، وقطع المياه والكهرباء.

وختم بأن خطر تعرض الأطفال للأمراض يزداد بشدة بسبب تضرر شبكات المياه والصرف الصحي.

المصدر : الجزيرة