"طوفان الأقصى" تنقل الصراع للجامعات.. هل تخسر إسرائيل تأييد الشباب الأميركيين؟

Pro-Palestinian students take part in a protest in support of the Palestinians amid the ongoing conflict in Gaza, at Columbia University in New York City, U.S., October 12, 2023. REUTERS/Jeenah Moon
الطلاب في جامعات أميركية يتظاهرون دعما للفلسطينيين (رويترز)

واشنطن- قبل أشهر أشار استطلاع للرأي أصدره معهد بيو للأبحاث تغير مشاعر الشباب الأميركيين تجاه طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بصورة فاجأت الكثير من مراقبي الشرق الأوسط في النخبة الأميركية.

وعلى الرغم من أن الأميركيين يحملون مشاعر إيجابية تجاه الإسرائيليين أكثر كثيرا من مثيلاتها تجاه الفلسطينيين فإن الأمر اختلف في السنوات الأخيرة، وتطور الموقف تجاه الفلسطينيين بين الشباب الأميركيين (بين 18 و29 عاما) بصورة كبيرة، إذ ينظر 61% منهم بإيجابية إلى الفلسطينيين، في حين تبلغ النسبة تجاه الإسرائيليين 56%.

ومع بدء عملية طوفان الأقصى ونجاح حركة حماس في اقتحام الخطوط الإسرائيلية وقتل أكثر من 1300 إسرائيلي وما تبع ذلك من رد إسرائيلي شديد العنف نتج عنه استشهاد أكثر من 1500 فلسطيني حتى الآن انعكس الصراع على الجماعات الطلابية المناصرة للفلسطينيين وتلك المناصرة لإسرائيل في العديد من الجامعات الأميركية.

Pro-Palestinian students take part in a protest in support of the Palestinians amid the ongoing conflict in Gaza, at Columbia University in New York City, U.S., October 12, 2023. REUTERS/Jeenah Moon
تراجع تأييد إسرائيل بين الشباب الأميركيين وطلاب يدعمون فلسطين بالجامعات الأميركية (رويترز)

خسارة الشباب الأميركيين اليوم وأميركا غدا

وحافظ الشعب الأميركي على مدار عقود على تأييده لإسرائيل، لكن هذا التأييد بدأ بالتراجع في السنوات الماضية، وارتفعت في مقابل ذلك نسبة الدعم للقضية الفلسطينية بين الشباب الأميركيين، ولا سيما طلبة الجامعات.

ولم تعد شعارات "حق إسرائيل في الوجود"، و"ضرب الإرهابيين"، و"معاداة السامية" تسيطر على المشهد الأميركي، وحلت بدلا منها شعارات "الفصل العنصري"، و"سرقة الأراضي"، و"التطهير العرقي" في أوساط الشباب الأميركيين.

ودفع ذلك توماس فريدمان الكاتب اليهودي في صحيفة نيويورك تايمز ليطلق قبل شهور تحذيرا للقيادة الإسرائيلية من تبعات استمرار تبنيها سياسات يمينية ترفض بمقتضاها حل الدولتين.

وشدد فريدمان على أن إسرائيل بدأت خسارة الرأي العام بين طلاب الجامعات الأميركية، مستشهدا بمقاومة الاتحادات الطلابية في أغلب الجامعات الأميركية استضافة مسؤولين إسرائيليين رسميين للحديث داخل أسوارها.

وخلال الأيام القليلة الماضية زادت الوقفات والمظاهرات المؤيدة للجانب الفلسطيني مقارنة بتلك المؤيدة لإسرائيل، وهو ما دعا الفقيه القانوني ريتشارد غولدفاسر للقول على منصة "إكس" إن "إسرائيل على وشك أن تخسر جيلا من الأميركيين، وهذا يعني خسارة أميركا".

يوم للمقاومة بـ12 جامعة

وتم التخطيط لفعالية "يوم المقاومة" -والتي أطلقتها منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"- في أكثر من 12 جامعة، بما في ذلك جامعة فرجينيا وجامعة أريزونا وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.

بالمقابل، وصفت بعض المجموعات في جامعات أخرى -من بينها جامعة جورج تاون بالعاصمة واشنطن وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو- أحداث الفعالية بكونها وقفات احتجاجية من أجل الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الغارات الجوية لإسرائيل على قطاع غزة.

وجاء في دليل دعوة المشاركة في فعاليات "يوم المقاومة" -والذي جاء في 7 صفحات- "نشهد اليوم انتصارا تاريخيا للمقاومة الفلسطينية عبر البر والجو والبحر، كسر شعبنا الحواجز المصطنعة للكيان الصهيوني آخذا معه واجهة مستعمرة استيطانية لا يمكن اختراقها وتذكير كل واحد منا بأن العودة الكاملة والتحرير إلى فلسطين قريبان، بصفتنا حركة طلابية فلسطينية تقع على عاتقنا مسؤولية لا تتزعزع للانضمام إلى الدعوة للتعبئة الجماهيرية، التحرر الوطني قريب، المجد لمقاومتنا ولشهدائنا ولشعبنا الصامد".

واضطرت جامعة كولومبيا العريقة في مدينة نيويورك أمس الخميس لإغلاق حرمها الجامعي أمام الجمهور قبل احتجاجين مخطط لهما، أحدهما من قبل "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" والآخر من قبل طلاب يدعمون إسرائيل.

وأجرى الطرفان المتنافسان جهودا كبيرة لحشد أكبر عدد ممكن من مناصري كل طرف من خارج الجامعة بطرق تخاطر بخلق بيئة غير آمنة، حسبما قال العميد المؤقت دينيس ميتشل في بيان.

وعلى غير المعتاد اقتصر الدخول إلى حرم الجامعة على حاملي بطاقة هوية الجامعة، ومنعت جامعة كولومبيا الصحفيين من تغطية الاحتجاج المؤيد للفلسطينيين مساء الخميس في حرمها الجامعي بدعوى الحفاظ على "الأمان العام وأمن العاملين بالجامعة".

الطلاب اليهود يعانون من نقص الدعم في الجامعات

في غضون ساعات من هجمات حماس على إسرائيل السبت الماضي بدأ الطلاب اليهود في الجامعات الأميركية يتطلعون إلى زملائهم الطلاب ومديري الجامعات للحصول على الدعم النفسي.

لكن في الأيام التي تلت ذلك أعرب الكثيرون منهم عن إحباطهم من التصريحات الرسمية للجامعة التي ينظر إليها على أنها ضعيفة أو غائبة، في حين احتفت الكثير من الجامعات بالمجموعات الطلابية المؤيدة لفلسطين، واحتفل الكثير من أعضاء هيئة التدريس بهجمات حماس كما جاء في تقرير لموقع "جويش إنسايدر".

واشتكى عدد من الأساتذة والطلاب اليهود من هذه الفعاليات، وقال مارك يودوف أستاذ القانون والرئيس السابق لجامعة كاليفورنيا بيركلي "إنهم بحاجة إلى فهم تأثير ذلك على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس اليهود، كما أنه يمزق مشاعر الانتماء في الحرم الجامعي".

جامعة هارفارد الأميركية من أعرق وأحسن الجامعات في العالم
جامعة هارفارد الأميركية في قلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي (مواقع التواصل الاجتماعي)

أزمة في جامعة هارفارد

وأصدرت 33 مجموعة طلابية من جامعة هارفارد بيانا مشتركا للتضامن مع فلسطين، وحمّل البيان "النظام الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن كل أعمال العنف الجارية".

وأضاف أن "أحداث اليوم لم تحدث من فراغ، فعلى مدى العقدين الماضيين أجبر ملايين الفلسطينيين في غزة على العيش في سجن كبير في الهواء الطلق، المسؤولون الإسرائيليون يعدون بفتح أبواب الجحيم، وقد بدأت المذابح في غزة بالفعل، وفي الأيام المقبلة سيضطر الفلسطينيون إلى تحمل العبء الأكبر من العنف الإسرائيلي، نظام الفصل العنصري هو الوحيد الذي يقع عليه اللوم".

وتعرض البيان -الذي أعدته لجنة التضامن مع فلسطين للطلاب الجامعيين في جامعة هارفارد وشاركت في التوقيع عليه في الأصل 33 منظمة طلابية أخرى في جامعة هارفارد يوم السبت- لانتقادات كبيرة من مشرعين وأساتذة الجامعات وطلاب آخرين.

وذكرت كلودين جاي رئيسة جامعة هارفارد أن البيان المؤيد للفلسطينيين -والذي أصدره طلاب الجامعة وحمّل إسرائيل مسؤولية أعمال العنف التي تجتاح المنطقة- لا يعبر عن المؤسسة التعليمية ككل أو قيادتها.

وقالت جاي في بيان "دعوني أؤكد أيضا أنه بينما يحق لطلابنا التحدث بالنيابة عن أنفسهم ينبغي ألا تتحدث أي مجموعة طلابية أو حتى 30 مجموعة باسم جامعة هارفارد أو قيادتها".

وواجهت خطوة المجموعات الطلابية ردود فعل عنيفة في الحرم الجامعي وخارجه، وقالت منظمة غير ربحية محافظة إنها رتبت لعرض لوحات إعلانية افتراضية تحمل أسماء ووجوه الطلاب وصورهم تحت لافتة كتب عليها "معادون للسامية في جامعة هارفارد"، وتم وضعها على شاحنة تحركت في منطقة الحرم الجامعي بهدف فضح هؤلاء الطلاب وترهيبهم وترهيب مناصريهم.

وعلى منصة "إكس" طالب الملياردير بيل أكمان الرئيس التنفيذي لأحد الصناديق والعديد من قادة الأعمال الآخرين جامعة هارفارد بنشر أسماء الطلاب الموقعين حتى يعرفوهم فلا يوظفونهم في المستقبل.

وعلى النقيض انتقد لورانس ترايب الباحث القانوني في جامعة هارفارد محاولات فضح الطلاب، وقال لشبكة "سي إن إن" في رسالة بالبريد الإلكتروني إن تسمية الطلاب وفضحهم بالإضافة إلى "وصفهم بأنهم معادون للسامية هو أخطر بكثير من كونه مفيدا، يجب ألا نكرر تجاوزات عصر الممارسات المكارثية".

المصدر : الجزيرة