كيف تفاعلت وسائل الإعلام الروسية مع عملية "طوفان الأقصى"؟
موسكو- اهتمت وسائل الإعلام الروسية بمتابعة تطورات معركة "طوفان الأقصى" منذ يومها الأول التي كانت في كثير من الأحيان الموضوع الأبرز، وهي المرة الأولى التي تتراجع فيها تغطية الحرب الأوكرانية في وسائل الإعلام الروسية لصالح موضوع خارجي.
وبينما طغى الموقف الرسمي على صياغة السياسة التحريرية لغرف الأخبار وهيئات التحرير لوسائل الإعلام والقنوات الرسمية، إلا أن هامشا معينا كان بارزا في هذه التغطية تُرك مفتوحا، لتوجيه انتقادات للسياسات الغربية تجاه القضية الفلسطينية، وطريقة تغطية وسائل الإعلام الغربية لعملية "طوفان الأقصى"، التي رأتها وسائل إعلام روسية "منحازة بشكل واضح لإسرائيل".
أثر
يشار أن موقف إسرائيل من الحرب الأوكرانية وانحياز الغرب إلى تل أبيب، ترك أثره في مقاربة وسائل إعلام روسية كثيرة للتطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل.
ونشرت صحيفة "إزفيستيا" مقابلة أجرتها مع رئيس الوفد الروسي في المفاوضات في فيينا، حول الأمن العسكري والحد من التسلح، قسطنطين غافريلوف، قال فيها، إن "المساعدات التي تعتزم الولايات المتحدة تقديمها لدعم أوكرانيا قد تذهب إلى الدولة اليهودية، وأن ذلك بالنسبة لروسيا، سيكون عنصرا إيجابيا، إذ لن يتمكن نظام كييف من البقاء لفترة طويلة دون دعم الغرب".
وتابع، أن هذا "لا يعني أن الغرب سيتخلى عن الأوكرانيين، لكن حجم المساعدات سينخفض"، مرجحا أن تذهب طائرات "أبرامز" الآن إلى إسرائيل بدلا من كييف.
دعم غير مباشر
أما الكاتب السياسي يفغيني ديومين، فنشر مقالة في موقع أورا. رو، رأى فيه أن تأكيد بوتين في تصريحاته خلال اللقاء مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تأييد موسكو إقامة دولة فلسطينية يُعدّ "دعما بصيغة غير مباشرة للفلسطينيين في الحرب مع إسرائيل"، وفق ديومين.
بدوره، قال محلل الشؤون الإقليمية غيفورغ ميرزويان في مقالة له على موقع "ريغنوم"، إن الموقف الرسمي الروسي اتسم بالترقب والحذر والدعوة للجلوس وراء طاولة المفاوضات، في حين اختار الرأي العام الروسي دعم الفلسطينيين.
ويلفت الكاتب ذاته إلى كون استطلاعات الرأي تشير أن غالبية الروس يؤيدون حماس والفلسطينيين بشكل عام في هذا الصراع، ويتمنون هزيمة إسرائيل.
ويرى ميرزويان أن موقف الشارع الروسي "عاطفي"، وأنه ناجم عن أسباب أبرزها: ممارسة إسرائيل لسياسة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، وتزويد تل أبيب لكييف بالأسلحة والمدربين، وعدم الامتنان لدور الروس في القضاء على النازية، وكذلك عدم فعل أي شيء لإدانة النازية الجديدة في أوكرانيا، حسب تعبيره.
منع التصعيد
وسلطت صحيفة "كوميرسانت" الضوء على الدور الروسي المحتمل في الصراع الدائر الآن، ونشرت حوارا أجرته مع الأكاديمي دميتري دريزه أشار فيه إلى "وجود حراك جدي وخطير في منطقة الشرق الأوسط"، معدا أن الدور الروسي في الوقت الراهن سيكون "منصبّا على منع عملية تصعيد الصراع، ودخول أطراف أخرى عليه، كإيران والتحالف الغربي".
ويؤكد دريزه، في الصحيفة ذاتها، أن الشرق الأوسط أصبح أكثر أهمية الآن بالنسبة إلى الغرب، وأن ذلك لن يؤثر في استمرار المساعدات الغربية لكييف، التي هي ضرائب مأخوذة من الأرباح الناتجة عن توظيف الأصول الروسية المجمدة، حسب توضيحه.
ويضيف دريزه أن وجود القوات الروسية في سوريا سيأخذ طابعا آخر، في حال تعرض حليف موسكو الرئيس في المنطقة، بشار الأسد، إلى تحديات جديدة إذا تدحرجت المواجهة بين دمشق وتل أبيب إلى اشتباك مباشر.
وفي سياق تغطيتها لعملية طوفان الأقصى، حاورت وكالة "تاس"، الباحث بمركز الدراسات العربية والإسلامية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، غريغوري لوكيانوف، الذي شدد على أن انشغال إسرائيل بحل قضية قطاع غزة ستقلل من درجة الدعم الإسرائيلي لأوكرانيا.
مراجعة
وأكد لوكيانوف أن السياسة التي تتبعها حكومة بنيامين نتنياهو المتمثلة في تقديم الدعم والمساعدة لكييف -وإن لم تكن على نطاق واسع- ستتم مراجعتها لفائدة مصالح إسرائيل نفسها.
ونشر موقع نيوز أيف مقالا نسبه لمحلل سياسي دون ذكر اسمه، قال فيه، إن إسرائيل "باتت تتمتع بحرية مطلقة في الرد؛ لأن الوحشية التي أظهرها مقاتلو حماس هي إطلاق النار على أقدامهم، والرأي العام العالمي يقف إلى جانب الإسرائيليين، مما يخلق الظروف اللازمة لهزيمة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى بالكامل."
وتابع المتحدث ذاته، أن مجموعة حاملات الطائرات الأمريكية بقيادة يو إس إس جيرالد ر. فورد، التي تتجه الآن إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، "ستجبر سوريا وحزب الله على التفكير مرتين، حول ما إذا كانا سيشاركان في هجوم على إسرائيل".
حملة
أما موقع "غري زون" المصنف بأنه مقرب من مجموعة فاغنر، فشنّ حملة ضد تل أبيب، وركز على نشر الصور التي تُظهر الدمار والضحايا المدنيين في قطاع غزة.
وقال الموقع ذاته، من جملة أمور أخرى، إن "مؤسس مجموعة ألفا اليهودي ميخائيل فريدمان الذي غادر روسيا بعد بدء العملية العسكرية في أوكرانيا وتوجه إلى المملكة المتحدة، وبعد ذلك إلى إسرائيل، عاد بالأمس إلى موسكو بسبب اندلاع الأعمال القتالية بين إسرائيل وقطاع غزة".
وزعم "غري زون" أن "فريدمان أدان الحرب الروسية في أوكرانيا، وأطلق عبر "الفا بنك" التابع له تطبيقا لدعم القوات الأوكرانية، الذي دعا إليه عبر الشبكات الاجتماعية للبنك.
وتابع المصدر ذاته، أن فريدمان تبرع مع شريكه القديم اليهودي بيتر أفين بمبلغ 150 مليون يورو لصندوق إغاثة القوات المسلحة الأوكرانية.