الحرب الروسية على أوكرانيا.. كييف ترفض تطمينات موسكو بشأن شحنات الحبوب وتحذير أممي من موجة جوع غير مسبوقة

أوكرانيا وروسيا معا تنتجان نحو ثلث إمدادات القمح العالمية، وفي حين أن روسيا مُصدر رئيسي للأسمدة، فإن أوكرانيا مورد رئيسي كذلك للذرة وزيت دوار الشمس.

Ukraine And Russia In Back-And-Forth Battle On Donbas Frontlines
الحرب الروسية على أوكرانيا ألقت بظلالها على تصدير الحبوب مما يهدد بأزمة غذاء (غيتي)

رفضت أوكرانيا تطمينات روسيا بشأن شحنات الحبوب، وذلك عقب تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن بلاده مستعدة لإنهاء هذه الأزمة، في وقت حذر فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الحرب في أوكرانيا باتت تهدد بإطلاق موجة غير مسبوقة من الجوع.

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية أوليغ نيكولينكو على تويتر أن "المعدات العسكرية مطلوبة لحماية الشريط الساحلي، (إضافة إلى) مهمة بحرية للقيام بدوريات حراسة في مسارات الصادرات بالبحر الأسود. لا يمكن السماح لروسيا باستغلال مسارات الحبوب لمهاجمة جنوبي أوكرانيا".

وكان لافروف قال إن روسيا لن تستغل الموقف لمصلحتها إذا سمحت كييف بمغادرة شحنات الحبوب عبر البحر الأسود، وأعرب عن استعداد بلاده لضمان أمن السفن المغادرة من الموانئ الأوكرانية، وعن جاهزية روسيا للقيام بذلك مع تركيا. وقد وصفت كييف هذه التصريحات بأنها "كلام أجوف".

جهود وأهداف

وفي مؤتمر صحفي عقده اليوم الأربعاء مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في المجمع الرئاسي التركي بالعاصمة أنقرة، لفت لافروف إلى أنه إذا كان الجانب الأوكراني مستعدا لإزالة الألغام، "فنحن جاهزون أيضا لفتح ممر في البحر الأسود (لتصدير الحبوب)".

وشدد على أن روسيا تولي أهمية كبيرة لجهود أصدقائها الأتراك الرامية إلى فتح ممر في البحر الأسود، مشيرا إلى أن الرأي العام يعرف جيدا أهداف العمليات العسكرية الروسية، وأن بلاده ستحقق هذه الأهداف.

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو إن خطة الأمم المتحدة لإقامة ممر بحري لصادرات الحبوب الأوكرانية تشرف عليه أنقرة "معقولة"، لكنها تتطلب مزيدا من المحادثات مع موسكو وكييف لضمان سلامة السفن.

وأدى الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي إلى توقف صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، مما يثير شبح أزمة غذاء عالمية. وتريد الأمم المتحدة من الجانبين، وكذلك من جارتهما في الحدود البحرية بالبحر الأسود، تركيا العضوة في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الاتفاق على ممر.

عقبات ومخاوف

لكن هناك عقبات كبيرة تقف في طريق إتمام الاتفاق، بما في ذلك إقناع روسيا بتخفيف حصارها على الموانئ الأوكرانية، وإقناع كييف بإزالة الألغام التي زرعتها، ثم إقناع شركات الشحن والتأمين بأن استخدام الممر آمن.

وتضيق المساحة الزمنية وينفد الوقت مع عدم وجود مساحة تخزين كافية لموسم الحصاد القادم في أوكرانيا ابتداء من نهاية يوليو/تموز المقبل.

وتشكل روسيا وأوكرانيا معا مصدرا لنحو ثلث إمدادات القمح العالمية، وزادت أهميتهما بعد حظر الصادرات الهندية علاوة على أثر سوء الأحوال الجوية على المحاصيل في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية.

وأدت الحرب -إلى جانب العقوبات الغربية على روسيا- إلى ارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطهي والأسمدة والطاقة. ويثير هذا الأمر بدوره مخاوف من حدوث أزمة غذاء في البلدان الفقيرة، التي يعتمد بعضها على روسيا وأوكرانيا في توفير أكثر من نصف وارداتها من القمح.

Russia's attack on Ukraine continues, in Kharkiv region
الحرب الروسية على أوكرانيا كانت لها تداعيات عديدة (رويترز)

سلاح حرب

هذا، وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيرش من أن الحرب في أوكرانيا باتت تهدد بإطلاق موجة غير مسبوقة من الجوع تاركة فوضى اجتماعية واقتصادية في أعقابها.

وفي هذا السياق، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال -في كلمة له أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية- إن الكرملين يستخدم الغذاء كسلاح حرب.

بدورها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن نحو 300 مليون شخص معرضون لانعدام الأمن الغذائي حول العالم هذا العام.

وخلال كلمة أمام البرلمان الأوروبي، شددت فون دير لاين على أنه يجري التحقق من أن الحبوب العالقة في أوكرانيا ستصل إلى العالم.

من جهته، قال وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو إن أزمة الغذاء قد تصبح عالمية ما لم يتم التحرك فورا، وإنها تهدد بزعزعة استقرار الدول الهشة وبموجات مهاجرين جديدة بسبب الأمن الغذائي في المنطقة، وشدد مايو على أن إيطاليا ستدفع باتجاهات مختلفة لحل الأزمة.

وأضاف أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة لحل أزمة الأمن الغذائي، مؤكدا انتظار إشارات من روسيا للسماح بنقل الحبوب.

شروط روسيا

يأتي ذلك بينما قال الكرملين إنه يتعين رفع العقوبات الغربية المفروضة على موسكو حتى يتم تسليم الحبوب الروسية إلى الأسواق الدولية.

وأبلغ المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الصحفيين -في مؤتمر عبر الهاتف- "الرئيس (فلاديمير) بوتين قال إنه من أجل تسليم كميات الحبوب الروسية إلى الأسواق الدولية، يجب رفع العقوبات المباشرة وغير المباشرة عن روسيا".

وأضاف أن العقوبات التي فرضها الغرب ردا على الحرب الروسية على أوكرانيا تؤثر على تأمين الشحن البحري والمدفوعات والوصول للموانئ الأوروبية. وتابع قائلا "لا توجد مناقشات فعلية" جارية بشأن رفع العقوبات.

المصدر : الجزيرة + وكالات