حرب أوكرانيا.. واشنطن تقرر تعزيز حضورها العسكري بأوروبا والناتو يتخذ "قرارا تاريخيا" اليوم

القوات الأوكرانية تطلق صاروخ غراد قرب خاركيف قبل أيام (رويترز)

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) في مدريد اليوم الأربعاء أن بلاده "ستعزز وجودها العسكري في أوروبا" كي يتمكن الحلف من "الرد على التهديدات الآتية من كافة الاتجاهات وفي كل المجالات برا وجوا وبحرا"، فيما أعلن أمين عام الناتو عن "قرار تاريخي" سيتخذه الحلف اليوم.

وأكد بايدن أنه سيتم تعزيز الوجود العسكري والإمكانات العسكرية الأميركية في إسبانيا وبولندا ورومانيا ودول البلطيق وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا.

وفي السياق ذاته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في مدريد إن قادة الناتو سوف يتخذون اليوم الأربعاء "قرارا تاريخيا" بدعوة السويد وفنلندا للانضمام إلى الحلف.

وأضاف ستولتنبرغ في اليوم الثاني من القمة أن سرعة دعوة الحلف للسويد وفنلندا "غير مسبوقة".

وكانت السويد وفنلندا قد تقدمتا بطلب للانضمام إلى الناتو بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ومع ذلك أعاقت تركيا مباحثات انضمامهما لأسابيع بسبب مخاوف متعلقة بالإرهاب.

وقد تم مساء أمس الثلاثاء إحراز تقدم بعد أن وافقت فنلندا والسويد مع تركيا على التعاون في سلسلة من جهود مكافحة الإرهاب.

ويستعد قادة حلف شمال الأطلسي اليوم الأربعاء للتوقيع على حزمة دعم كبير لأعضاء الحلف في أوروبا الشرقية، لإظهار موقف موحد لمواجهة الهجوم الروسي على أوكرانيا، في حين وضعت موسكو شرطا وحيدا لإنهاء الحرب.

يأتي ذلك بالتوازي مع إعلان حلف الناتو التوصل إلى اتفاق بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف بعد تراجع تركيا عن معارضتها الخطوة، في وقت قالت فيه أنقرة إنها "حصلت على ما تريده".

وأعلن ستولتنبرغ أمس الثلاثاء -في قمة الحلف التي ستستغرق 3 أيام- أن القرار يمثل "تحولا جوهريا في الردع والدفاع" في سياسة الحلف.

وردد ستولتنبرغ تصريحات سابقة قبل القمة وُصفت فيها هذه الخطوة بأنها "أكبر إصلاح شامل لردعنا ودفاعنا الجماعي منذ الحرب الباردة".

الناتو أكد مرارا دعمه الكامل لأوكرانيا في مواجهة الهجوم الروسي (الأوروبية)

ويستعد الحلف للموافقة على نشر المزيد من المعدات بالقرب من روسيا -من بينها الأسلحة الثقيلة- وزيادة عدد القوات في مجموعات الناتو المتعددة الجنسيات في أوروبا الشرقية، وتوسيع حجم قوات الرد السريع من 40 ألفا إلى 300 ألف جندي.

يشار إلى أن قوة الرد التابعة لحلف الناتو عادة ما تكون تحت القيادة الوطنية، ولكن يمكن للقائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا أن يطلب نشرها في إحدى الدول الأخرى التابعة للحلف.

ولا يزال حلفاء الناتو يضعون اللمسات الأخيرة على تفاصيل التشكيل الدقيق للمجموعات القتالية الموسعة في أوروبا الشرقية، حيث تسعى بعض الدول الأعضاء في الحلف إلى تفادي القواعد العسكرية الدائمة التي تكون مكلفة.

شرط الاستسلام

في سياق متصل، كشفت روسيا عن أن السبيل الوحيد لإيقاف الحرب على أوكرانيا هو استسلام كييف وإلقاء سلاحها وتنفيذها شروط موسكو.

وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف لصحفيين "يمكن للجانب الأوكراني إنهاء (النزاع) في غضون يوم واحد، يجب إصدار أوامر للوحدات القومية بإلقاء السلاح، ويجب إصدار أوامر للجنود الأوكرانيين بإلقاء أسلحتهم، ويجب تنفيذ كل الشروط التي وضعتها روسيا، حينها سينتهي كل شيء خلال يوم واحد".

وفي سياق آخر، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأمم المتحدة إلى إرسال لجنة تحقيق لموقع القصف الروسي الذي استهدف مركزا تجاريا في مدينة كريمنشوك.

وفي كلمة أمام جلسة طارئة لمجلس الأمن عقدت بطلب من أوكرانيا، طالب زيلينسكي بطرد روسيا من مقعدها الدائم في المجلس، وإنشاء محكمة للنظر في ما وصفها بالأعمال الإرهابية التي ترتكبها.

كما طالب الرئيس الأوكراني مجلس الأمن بأن يبقى في حالة انعقاد دائم حتى توقف روسيا حربها على بلاده.

وأعلن نائب رئيس مكتب زيلينسكي ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الصاروخي الروسي الذي استهدف المجمع التجاري إلى 20 قتيلا ونحو 60 مصابا، في حين لا يزال نحو 40 شخصا في عداد المفقودين.

ثمن باهظ

وفي سياق متصل، تعهد قادة مجموعة السبع في ختام اجتماعهم بأن تدفع روسيا ثمنا باهظا "لغزوها أوكرانيا".

وبدأت الولايات المتحدة تنفيذ عقوبات ضد موسكو أُقرت خلال قمة مجموعة السبع تستهدف 70 كيانا روسيا، من بينها مجموعة "روستيك" لصناعة الأسلحة، كما تضمنت العقوبات حظر استيراد الذهب الروسي.

في المقابل، رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن استمرار الغرب في تزويد أوكرانيا بالسلاح سيطيل أمد الصراع وسوف يؤدي إلى نتائج عكسية.

وعقب انتهاء قمة مجموعة السبع أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على قطاع الدفاع الروسي، وفرض عقوبات على عشرات الأفراد والكيانات الذين لهم صلة بروسيا.

احتدام المعارك

ميدانيا، أفاد مراسل الجزيرة بسماع دوي صفارات الإنذار في العاصمة الأوكرانية، فيما يشهد إقليم دونباس احتداما للمعارك، خصوصا في مدينة ليسيتشانسك.

وأكد سيرغي غايداي حاكم لوغانسك مقتل 8 مدنيين -بينهم طفل- وإصابة 21 شخصا في قصف روسي دمر أجزاء كبيرة من المدينة واستهدف الأنفاق والجسور.

وقال غايداي إن القتال مستمر حول مدينة ليسيتشانسك من محاور مختلفة، موضحا أن القوات الأوكرانية ستستمر بالدفاع عن المدينة لأطول فترة ممكنة.

وشدد على أنه من الخطر على السكان المحليين البقاء في ليسيتشانسك التي يتم تدميرها بشكل يومي، مشيرا إلى صعوبة دخول المساعدات الإنسانية إلى المدينة، وموضحا أن هناك مخزونا من الأغذية والأدوية يكفي لأسابيع.

كما أقرت قيادة الأركان الأوكرانية بأن القوات الروسية حققت تقدما وصفته بالجزئي على المحور الجنوبي الغربي لمدينة ليسيتشانسك.

وفي مقاطعة ميكولايف جنوبي البلاد أفاد مراسل الجزيرة بوقوع 6 انفجارات أمس الثلاثاء في مناطق متفرقة.

وقال المراسل نقلا عن شهود عيان إن بعض الانفجارات استهدفت ثكنات عسكرية أوكرانية.

من جهته، أعلن الجيش الأوكراني أنه استهدف حشودا روسية في ميكولايف وخيرسون بـ5 ضربات جوية.

كما قالت القوات الموالية لروسيا في لوغانسك إنها اقتحمت مصفاة تكرير النفط في ليسيتشانسك، وإن القوات الأوكرانية بدأت الانسحاب من المدينة لتقليل خسائرها.

وأعلنت أنها انتهت من تمشيط بلدة فولتشياروفكا الواقعة على تخوم مدينة ليسيتشانسك، والتي سيطرت عليها قبل يومين.

ونقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء عن مصادر عسكرية روسية أن المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية تدور في الأجزاء الجنوبية والغربية من المدينة وفي المنطقة الصناعية.

تركيا تفرض شروطها

وعلى صعيد آخر، أعلن حلف الناتو أمس الثلاثاء التوصل إلى اتفاق بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف بعدما تراجعت تركيا عن معارضتها الخطوة.

وبعد محادثات استمرت ساعات طويلة على هامش قمة للحلف أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن تركيا لم تعد تعارض ترشيح فنلندا والسويد لعضوية التكتل.

وقال ستولتنبرغ "وافقت تركيا على انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي"، واصفا التقدم الذي تم إحرازه على هذا الصعيد بأنه "جوهري"، في حين "يواجه العالم أخطر أزمة أمنية منذ عقود".

وكانت تركيا العضوة في الحلف منذ عام 1952 تعارض انضمام السويد وفنلندا إلى التحالف، إذ كانت تتهمهما بإيواء مسلحين من حزب العمال الكردستاني، وهي منظمة تصنفها أنقرة "إرهابية"، وكانت تدين أيضا استضافة البلدين أنصارا للداعية التركي فتح الله غولن الذي تتهمه بتدبير محاولة انقلاب يوليو/تموز 2016.

لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن في نهاية المطاف أن أنقرة انتزعت "تعاونا كاملا" من فنلندا والسويد ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني وحلفائهم.

وقالت الرئاسة التركية -في بيان- إن "تركيا حصلت على ما تريده".

المصدر : الجزيرة + وكالات