تهريب الآثار المصرية.. فضيحة باريس تعيد السؤال عن لوفر أبو ظبي

الآثار المصرية في متحف اللوفر أبو ظبي تحظى باهتمام بالغ من الزوار من جميع الجنسيات (غيتي)

القاهرة- انتشرت حالة من الغضب بمواقع التواصل الاجتماعي في مصر بالتزامن مع أخبار التحقيق مع مدير متحف اللوفر السابق في فرنسا، جان لوك مارتينيز، بشأن آثار مصرية اختفت عقب ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وتم بيعها لمتحف لوفر أبو ظبي من خلال وسيط لبناني.

وهاجم مغردون عدم تعليق السلطات المصرية على القضية، واتهم بعضهم المجلس العسكري، الذي كان يدير البلاد عقب ثورة 2011، بالتغاضي عن تلك الوقائع، بل واحتمالية التورط فيها، بحسب وصف بعضهم.

ويواجه مارتينيز الرئيس السابق لمتحف اللوفر في باريس (2013 – 2021) اتهامات قضائية بالتآمر لإخفاء أصل الكنوز الأثرية التي ربما تكون قد انتُزعت من مصر خلال انتفاضات الربيع العربي، في قضية صدمت عالَم الآثار، وأعادت الضوء إلى انتهاكات سوق الفنون والمزادات وتجار التحف الأثرية في العاصمة الفرنسية.

 

تصريحات هزيلة

التصريحات الرسمية المصرية حول القضية لم تكن على مستوى الحدث، ولم يصدر أي بيان بشأنها عن وزارة الآثار، باستثناء المشرف العام على إدارة الآثار المستردة بالوزارة شعبان عبد الجواد الذي قال إن التحقيقات الجارية في باريس بالتعاون مع السلطات الفرنسية والأميركية والمصرية.

ورفض عبد الجواد، في تصريحات تلفزيونية، الخوض في تفاصيل القضية بدعوى الحرص على نجاح التحقيقات، واكتفى بالتأكيد على متابعة كل التفاصيل منذ اليوم الأول، والإعلان عن نجاح مصر في استعادة أكثر من 29 ألفا و300 قطعة أثرية، خلال آخر 5 سنوات، حسب قوله.

خبير الآثار المصرية الشهير زاهي حواس، قال في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب عبر قناة "إم بي سي مصر" المملوكة للسعودية، الجمعة، إن متحف اللوفر مشهور بشراء الآثار المسروقة، وأن مصر ستجد صعوبة في استعادة لوحة توت عنخ آمون، والتي اشتراها متحف اللوفر بأبو ظبي، إذا لم تثبت خروجها من مصر بطريقة غير شرعية.

بينما اكتفى المذيع بالقول "كمية الناس التي تربحت واغتنت من سرقة الآثار المصرية كبيرة، سواء تمت معرفتهم أو لم تتم معرفتهم" دون أي مطالبة -منه أو من حواس- بالتحقيق في كيفية خروج هذه الآثار من مصر.

غضب مواقع التواصل

التفاعل الهزيل مع القضية لم ينجح في تهدئة الغاضبين، بل زاد من غضبهم بسبب ما رأوه تعاملا سطحيا مع الأمر بعيدا عن التطرق لضرورة إيجاد المتورطين، وتفاصيل السطو على الآثار وتهريبها، والتي وصلت حسب تصريح سابق لوزير الآثار إلى 33 ألف قطعة أثرية.

وزعم البعض وجود رائحة فساد في قضية الآثار المسروقة ومدير متحف اللوفر، مع نفي مسؤولين مصريين حدوث السرقة في البداية، قبل أن تثبت التحقيقات -غير المصرية- أنها كانت مسروقة وتم إعادة بعضها لمصر، وأن رائحة الفساد تشبه رائحة انتهاكات حقوق الإنسان، لا يمكن إنهاؤها إلا بإزالة الفساد والانتهاكات.

ووجه البعض رسائل إلى الإمارات بإعادة الآثار المصرية الموجودة في متحف لوفر أبو ظبي طوعا إلى القاهرة، بعد التأكد من كونها آثارا مسروقة.

السفير الإماراتي

القضية أعادت إلى الأذهان الحديث، الذي دار نهاية العام الماضي، حول احتمال تورط سفير الإمارات السابق لدى القاهرة حمد سعيد الشامسي في تهريب الآثار.

اسم السفير الإماراتي جاء بعد نشر نظيره المصري السابق محمد مرسي -على صفحته بموقع فيسبوك- أن قرار ترحيل الشامسي جاء "بعد أن كشفت التحقيقات عن تورطه في تهريب الآثار المصرية بالحقائب الدبلوماسية الإماراتية" قبل أن يقوم مرسي بحذف المنشور لاحقا.

وتبعه حينها السياسي والأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله -الذي نشر عبر تويتر- أن أحد سفراء الدولة ارتكب أخطاء خلال عمله سفيرا، لافتا إلى أنه يخضع للتحقيق، قبل أن يحذف التغريدة في وقت لاحق، من دون أن يعتذر عنها كما فعل الدبلوماسي المصري.

ولم يتحدث عبد الله عن حادثة التهريب أو طرد السفير بشكل مباشر، لكنه قال إنه "تم استدعاؤه عاجلا واستبداله سريعا، ويخضع للتحقيق حاليا ولمحاكمة عادلة، وستعلن نتائج وتفاصيل القضية بشفافية في موعدها، وأنه أمر قد يحدث في أي مكان وزمان ولأي سفير يتجاوز صلاحياته الدبلوماسية، فلا أحد فوق القانون: سفير أو خفير أو مدير أو أمير".

وقالت صحف فرنسية إنه يُشتبه في أن مارتينيز (58 عامًا) "غض الطرف" عن شهادات مزوّرة لقطع أثرية، بينها قطعة تم تهريبها خلال السنوات الأولى من العقد الماضي، وتمثل شاهدا ضخما من الجرانيت الوردي مختوما بالختم الملكي لتوت عنخ آمون، فرعون مصر بين عامي 1334 و1325 قبل الميلاد الذي اشتهر بفضل مقبرته وكنوزه الذهبية.

العام الماضي، استقال مارتينيز، الذي يشار إلى علاقته بتهريب الآثار من الشرق الأوسط منذ سنوات، من منصب رئيس متحف اللوفر، في حين أنه لا يزال يعمل سفيرا للتعاون الدولي في مجال التراث.

وتتسبب هذه القضية في إحراج وزارتي الثقافة والخارجية الفرنسيتين، حسب صحيفة "غارديان" (The Guardian) البريطانية.

وقد استمعت شرطة مكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية لمارتينيز واثنين من زملائه -أُطلق سراحهما في وقت لاحق- وهما فنسنت روندو المدير الحالي لقسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، وأوليفييه بيردو عالم المصريات.

وفُتحت القضية يوليو/تموز 2018، بعد عامين من شراء متحف اللوفر أبو ظبي قطعة نادرة من الغرانيت الوردي، والتي تصور الفرعون توت عنخ آمون، و4 أعمال أثرية قديمة أخرى مقابل 8 ملايين يورو (6.8 ملايين جنيه إسترليني).

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي