أكاديمي أميركي: المسلمون في أميركا مستهدفون لدينهم وليس لأنهم إرهابيون

FILE PHOTO - Young Muslims protest against U.S. Republican presidential candidate Donald Trump before being escorted out during a campaign rally in the Kansas Republican Caucus at the Century II Convention and Entertainment Center in Wichita, Kansas March 5, 2016. REUTERS/Dave Kaup/File Photo
شبان مسلمون يتظاهرون بولاية كنساس ضد ترشح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للرئاسة في مارس/آذار 2016 (رويترز)

في مقال نشرته مجلة "ذا نيشن" (The Nation) الأميركية الأسبوعية أكد أكاديمي أميركي أن المسلمين في الولايات المتحدة لطالما عانوا منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وما قبله مرارة التمييز وجرائم الكراهية و"شيطنة" دينهم.

وكتب خوان كول أستاذ التاريخ في جامعة ميشيغان في مقال له بالمجلة تحت عنوان "نفاق الإسلاموفوبيا الأميركية" أن نصف الأميركيين المسلمين الذين جرى استطلاع آرائهم خلال العام الأول من رئاسة دونالد ترامب أكدوا تعرضهم لنوع من أنواع التمييز.

وبغض النظر عما إذا كانت تلك الفئة تقيم بشكل مريح في صلب المجتمع الأميركي فإن أفرادها ظلوا قيد "الرقابة المكثفة وغير الدستورية في كثير من الأحيان".

نفاق بمكافحة "الإرهاب"

وعلى النقيض من ذلك، فخلال العقدين الماضيين تركت وزارة العدل الأميركية في أغلب الأحيان العنصريين البيض العنيفين وشأنهم رغم أنهم شنوا هجمات "إرهابية" على الأراضي الأميركية أكثر من أي جماعة أخرى.

ونقل الكاتب عن دونيل هارفن -الذي ترأس جهاز الأمن الوطني والاستخبارات لحكومة مقاطعة كولومبيا في الفترة التي سبقت هجوم أنصار ترامب على الكونغرس يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021- قوله لقناة "إن بي سي نيوز" (NBC News) إن مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" (FBI) ووزارة الأمن الوطني بديا غافلين تماما عن خطط جماعات العنصريين البيض لمنع التصديق على فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية رغم وجود الكثير من البينات على وسائل التواصل الاجتماعي بأنهم يعملون على إدخال أسلحة إلى مبنى الكابيتول.

استضعاف المسلمين

ويقارن الكاتب بين معاملة نفس الأجهزة تلك للمتطرفين البيض وما فعلته بالمسلمين الأميركيين "المسالمين بشكل واضح".

وفي ذلك تقول سحر عزيز أستاذة القانون بجامعة ولاية نيوجيرسي إن العديد من الأميركيين البيض ينظرون للمسلمين ليس على أنهم مجرد جماعة دينية بل مجموعة عرقية، ووضعوها في أدنى درجات التسلسل الهرمي العرقي في الولايات المتحدة.

وتضيف أن الرئيس السابق دونالد ترامب قاد حملة في 2016 لتسجيل جميع الأميركيين المسلمين في قاعدة بيانات، وسن مراقبة واسعة النطاق على المساجد، وربما لطرد المسلمين من البلاد.

وكما هو شأن كل شيء آخر في الولايات المتحدة المعاصرة فقد حدث انقسام حزبي في ما يتعلق بالأميركيين المسلمين، حيث لدى 72% من أنصار الحزب الجمهوري اعتقاد "زائف بشكل واضح" بأن المسلمين أكثر ميلا لارتكاب أعمال عنف من غيرهم من أتباع العقائد الأخرى، في مقابل 12% فقط من مؤيدي الحزب الديمقراطي يؤيدون ذلك الزعم.

الميول الإرهابية وسط الجمهوريين

على أن كول يرى أن قلق الأميركيين إزاء ارتكاب أعمال عنف في الولايات المتحدة ينبغي أن ينصب على الجمهوريين، لافتا إلى استطلاع للرأي أجرته صحيفة واشنطن بالتعاون مع جامعة ميريلاند أظهر أن 34% من الأميركيين يعتقدون الآن أن العنف ضد حكومتهم يكون أحيانا مبررا، وترتفع تلك النسبة بشكل مقلق إلى 40% وسط الجمهوريين.

ولا تزال الأجهزة الأمنية في أميركا -والحديث لكول- تواصل إيلاء جل اهتمامها برصد الأميركيين المسلمين، فيما تستهين بشكل سافر بالتهديد الذي يمثله العنصريون البيض.

تنوع أصول المسلمين

إن أكثر ما يميز الجالية الأميركية المسلمة -التي يناهز عددها 4 ملايين شخص- هو تنوعها، فهي تتشكل -برأي كاتب المقال- من مسلمين جدد من أصول أميركية لاتينية، وأميركيين سود، وأميركيين عرب، وآخرين ينحدرون من جنوبي آسيا، وتحديدا شبه القارة الهندية.

ويشير أستاذ التاريخ إلى أن 3 من المسلمين يشغلون مقاعد في الكونغرس، بل إن ترامب عين أميركيا من أصول مغربية خبيرا في علم المناعة هو منصف السلعاوي كبير مستشاري عملية "وارب سبيد" (Warp Speed) وتعني سرعة الالتفاف القصوى، وهي شراكة بين القطاعين العام والخاص أطلقتها حكومة الولايات المتحدة لتسهيل وتسريع تطوير وتصنيع وتوزيع لقاحات "كوفيد-19" وعلاجاته ووسائله التشخيصية.

كما رشح الرئيس جو بايدن أميركية مسلمة لمنصب قاضية فدرالية لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، وهناك عدد مقدر أيضا من دعاة السلام والمحافظة على البيئة من الأميركيين المسلمين، إلا أن أجهزة الإعلام والأكاديميين نادرا ما يسلطون الضوء على هذا البعد الديني.

تمييز ديني

ثمة حقيقة قلما يُعترف بها في الولايات المتحدة ألا وهي أن المسلمين يشكلون "خيطا بارزا يمتد لزمن بعيد في النسيج الأميركي"، وفقا لكاتب المقال الذي يؤكد على أن اليهودية والمسيحية والإسلام جميعها نشأت على تخوم الإمبراطورية الرومانية بين القرنين الأول والسابع الميلاديين.

وجميع تلك الديانات تؤمن بإله واحد، وتحرِّم قتل النفس والسرقة والجرائم العنيفة الأخرى، ولا يرى خوان كول أسبابا موضوعية تجعل الولايات المتحدة تعترف بالديانتين الأولى والثانية وتنكر شرعية الثالثة (الإسلام).

المصدر : الصحافة الأميركية