استنفار أمني في الخرطوم.. تجمع المهنيين يرفض مبادرة الحوار الأممية وقوى أخرى تؤيدها

Protesters march during a rally against military rule following last month's coup in Khartoum
مظاهرة خرجت قبل أيام في الخرطوم تطالب بمدنية الدولة وإنهاء تدابير الجيش السوداني (رويترز)

أعلن تجمع المهنيين السودانيين والحزب الشيوعي رفضهما مبادرة الحوار التي أطلقتها الأمم المتحدة، وبينما رحبت قوى سودانية أخرى ومجلس السيادة بالمبادرة، تستنفر السلطات في العاصمة الخرطوم قواتها تحسبا لمظاهرات جديدة تطالب بمدنية الدولة.

وقال تجمع المهنيين، في بيان، اليوم الأحد، إنه متمسك بلاءاته المعلنة من قبل قوى الثورة في وجه الجيش "لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية"، حتى الوصول إلى سلطة مدنية خالصة تتيح تفكيك الشمولية، حسب البيان.

وانتقد تجمع المهنيين، الذي قام بدور رئيس في الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس المعزول عمر البشير، تحركات فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الانتقال بالسودان، ووصف التجمع هذه التحركات بأنها مثيرة للجدل ومغايرة للمهام الموكلة للبعثة التي يقودها".

وقال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار إنه لا حوار في ظل ما سماها سلطات الانقلاب في السودان، وإن الحوار مع هذه الحكومة الحالية مرفوض تماما.

المبادرة الأممية

وكان رئيس البعثة الأممية أعلن أمس السبت، في بيان، عن إطلاق منظمته عملية سياسية جديدة بهدف "استعادة مسار التحول الذي يحقق تطلعات الشعب السوداني"، موضحا أن الأمم المتحدة ستدعو للمشاركة في مبادرة الحوار كل أصحاب المصلحة الرئيسيين من المدنيين والعسكريين، بما في ذلك الحركات المسلحة والأحزاب السياسية، والمجتمع المدني والمجموعات النسائية ولجان المقاومة.

وفي بيان لاحق، دعت الأمم المتحدة إلى مؤتمر صحفي يعقد غدا الاثنين بحضور بيرتس لإعلان الانطلاق الرسمي لمشاورات مبادرة الحوار.

من ناحية أخرى، رحب تجمع قوى تحرير السودان، الذي يتزعمه الطاهر حجر عضو مجلس السيادة، بمبادرة الأمم المتحدة بإطلاق حوار سوداني، وقال التجمع إن المبادرة أتت في "توقيت عصيب يحتاج إلى اختراق حقيقي يساعد السودانيين على استعادة المسار الديمقراطي".

كما أيّد الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل المبادرة الأممية، وطالب القوى السياسية السودانية بالاستفادة من فرصة الحوار.

ورحب عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير إبراهيم الشيخ بجهود البعثة الأممية، وقال للجزيرة إن هذه الخطوة مطلوبة بوجه عاجل، مضيفا أنه "يمكن للوساطة الأممية أن تضع القطار في مساره الصحيح، قبل أن يتفاقم الظرف العصيب، وتفرض عقوبات على السودان".

وقال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر إنه يرحب بأي دعوة للحوار، داعيا مختلف المكونات للإسهام بفاعلية لتجاوز الأزمات.

المواقف الدولية

وعلى الصعيد الدولي، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الرباعية التي تضم السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة رحبت بمبادرة الأمم المتحدة، وحثت الوزارة جميع الفاعلين على اغتنام الفرصة لاستعادة انتقال البلاد إلى ديمقراطية مدنية بما يتماشى مع الإعلان الدستوري.

موقف الترحيب صدر أيضا من جامعة الدول العربية ومصر وقطر، إذ عبّرت الجامعة عن "استعدادها للتعاون الكامل مع الأمم المتحدة بغية المساعدة في التوصل إلى توافقات"، وقالت الخارجية المصرية إن "تفعيل حوار بين الأطراف السودانية من شأنه حل وتجاوز الأزمة الحالية، والحيلولة دون الانزلاق إلى دائرة الفوضى".

حثت الخارجية الأميركية جميع الفاعلين في السودان على اغتنام الفرصة التي أتاحتها مبادرة الأمم المتحدة لاستعادة انتقال البلاد إلى ديمقراطية مدنية بما يتماشى مع الإعلان الدستوري.

ورحبت الخارجية القطرية بإعلان الأمم المتحدة إطلاق مشاورات أولية لعملية سياسية شاملة في السودان، قائلة إن قطر "تتطلع إلى أن تمهد المشاورات الطريق للوصول إلى صيغة توافقية تمثل جميع الأطياف السودانية".

مظاهرات مرتقبة

من ناحية أخرى، أغلقت السلطات السودانية اليوم الأحد طرقا وجسورا في العاصمة الخرطوم قبيل ساعات من انطلاق مظاهرات مرتقبة اليوم للمطالبة بحكم مدني كامل في السودان.

وذكرت وكالة أنباء السودان الرسمية أن ولاية الخرطوم أصدرت قرارا بإغلاق جسور النيل الأزرق والنيل الأبيض والمك نمر مع الإبقاء على جسور القوات المسلحة والإنقاذ وسوبا والحلفايا مفتوحة.
وقالت وكالة الأناضول إن السلطات أغلقت أيضا الطرق الرئيسة المؤدية إلى محيط مقر القيادة العامة للجيش، والقصر الرئاسي بالحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة.

وقال مراسل الجزيرة في الخرطوم إن السلطات الأمنية طالبت أصحاب المحلات التجارية بوسط العاصمة بإخلائها، وقال مصدر أمني مطلع للجزيرة إن الأمن اعتقل عددا من ناشطي لجان المقاومة في أحياء العباسية بأم درمان والحلفايا ببحري والديوم جنوبي الخرطوم.

وتأتي الاعتقالات بالتزامن مع دعوات للخروج في مظاهرة احتجاجية اليوم الأحد، وذلك بمناسبة مرور ذكرى أول احتجاجات ضخمة تُنظم في منطقة أم درمان في عام 2019، ضمن سلسلة الاحتجاجات السلمية التي نجحت في الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاما.

ومنذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يشهد السودان احتجاجات ردا على إجراءات استثنائية، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، واعتقال مسؤولين وسياسيين.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وقع البرهان وحمدوك اتفاقا سياسيا تضمن عودة حمدوك إلى منصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، إلا أن الاتفاق لقي معارضة من جانب المحتجين.

وفي الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري استقال حمدوك من منصبه بعد ساعات من سقوط 3 قتلى في مظاهرات شهدتها البلاد.

المصدر : الجزيرة + وكالات