طالبان تطمئن الغرب وتتعهد بتنظيم انتخابات.. رئيس الحكومة الجديدة: عهد إراقة الدماء بأفغانستان ولى

أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال الأفغانية الملا محمد حسن آخوند أن "الإمارة الإسلامية" ستعمل على توفير الأمن للأفغان والعالم، مؤكدا أن عهد إراقة الدماء بأفغانستان قد ولى، في حين أكدت حركة طالبان عزمها تنظيم انتخابات واحترامها المواثيق الدولية.

وفي تصريحات حصرية للجزيرة، قال رئيس الوزراء الأفغاني الجديد إن الإمارة الإسلامية عادت من جديد إلى أفغانستان، وتسعى لتوفير الأمن للأفغان والعالم.

وأضاف أن قادة حركة طالبان أمام مسؤولية واختبار عظيمين تجاه شعبهم، وتابع "تكبدنا خسائر فادحة لأجل هذه اللحظة التاريخية، وانتهى عهد إراقة الدماء بأفغانستان".

وفي السياق ذاته، دعا رئيس الوزراء المسؤولين السابقين للعودة إلى البلاد، وقال "نضمن أمنهم وسلامتهم".

من جهته، قال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد للجزيرة إن الحركة تسعى لضم شخصيات أفغانية ذات كفاءات عالية من خارج طالبان للحكومة الجديدة.

وأضاف خلال لقائه مع برنامج "بلا حدود"، أنه ستكون هناك انتخاباتٌ تشمل جميع الأطراف الأفغانية في المرحلة المقبلة.

وأكد مجاهد أن طالبان تريد إقامة علاقات مع جميع الدول، بما فيها الولايات المتحدة، وفق ضوابط محددة. وأشار إلى أن اتفاق الدوحة ما زال قائما، وأنه على الولايات المتحدة ألا تقلق، لأن طالبان لن تسمح بأي تهديد للمصالح الأميركية انطلاقا من الأراضي الأفغانية.

بدوره، قال وكيل وزارة الإعلام الأفغانية للجزيرة إن حركة طالبان تسعى لإشراك كل أطياف المجتمع، خاصة أصحاب الكفاءات من خارج طالبان، وأضاف أن أفغانستان ستشهد تنظيم انتخابات تشمل كل الأطياف الأفغانية في المرحلة القادمة.

وأشار إلى أن "حكومة تصريف الأعمال الحالية تضم مسؤولين من الحكومة المنصرفة"، مشددا على أن الحركة لا تمنح المسؤوليات الرسمية استنادا للعرقيات، ولكن حسب الكفاءة. وأوضح أن طالبان رفضت التعددية السياسية لأن "الأحزاب مهدت لحرب الطوائف".

ملتزمة بالمواثيق

وبعد يوم من إعلان تشكيلتها الحكومية الجديدة، أعلنت حركة طالبان أنها ملتزمة بالمواثيق الدولية وحماية الدبلوماسيين واحترام حقوق الإنسان والأقليات وفق ضوابط الشريعة الإسلامية، في حين أبدت كل من الصين وأوزبكستان استعدادها للتعاون معها.

وأكد زعيم حركة طالبان الملا هبة الله آخوند زاده -في بيان- أن الحكومة المستقبلية في أفغانستان وجميع شؤونها ستكون متوافقة مع ضوابط الشريعة الإسلامية وأحكامها، وشدد على أن الحركة ستلتزم بجميع القوانين والقرارات والمواثيق الدولية التي لا تتعارض مع الشريعة.

كما تعهد آخوند زاده بضمان أمن الدبلوماسيين والسفارات والمؤسسات الإغاثية والمستثمرين، وبأن الأراضي الأفغانية لن تستخدم ضد أي دولة، وأكد أن الحركة تريد إقامة علاقات إيجابية وقوية مع جيرانها ودول العالم.

وأشار زعيم الحركة إلى أنه سيتم اتخاذ خطوات بشأن حقوق الإنسان والأقليات إلى جانب العمل على استقلالية وسائل الإعلام على أن تراعي الضوابط الشرعية والمصالح الوطنية.

وجوه قديمة وجديدة

وبعد 23 يوما من دخولها كابل والقصر الرئاسي، أعلنت طالبان الثلاثاء تشكيلة حكومة تصريف للأعمال ومسؤولي بعض المناصب العليا في البلاد بالوكالة، وضمّت القائمة 33 اسما.

وتظهر أولى القراءات لإعلان حركة طالبان حكومة تصريف الأعمال أنه ضم أسماء أغلبها من الحركة ذاتها ومن قياداتها في العقدين السابقين.

وتشير القراءات إلى أن 14 من الأسماء المعلنة مسؤولون سابقون في طالبان خلال حكمها السابق و5 من معتقلي غوانتانامو السابقين، إضافة إلى 12 شخصية جديدة من الجيل الثاني في الحركة.

وأضاف أن الحركة تريد إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة ومع دول الجوار، ودعا دول العالم للاعتراف بالحكومة الأفغانية ومدّ يد العون إلى الشعب الأفغاني.

وأكد مجاهد أن "الحكومة غير مكتملة"، لافتا إلى أن الحركة التي وعدت بحكومة "جامعة" ستحاول "ضمّ أشخاص آخرين من مناطق أخرى في البلاد" إلى الحكومة.

مواقف دولية

وعلق وزيرا الخارجية الأميركي والألماني على تشكيلة الحكومة الأفغانية التي أعلنتها طالبان الثلاثاء، وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على طالبان أن "تكتسب" شرعيتها من المجتمع الدولي، وأوضح أن تعامل الإدارة الأميركية وكل المجتمع الدولي مع الحكومة الأفغانية الجديدة سيعتمد على أفعالها.

ورأى أن حكومة تصريف الأعمال الأفغانية "لا تفي بمتطلبات الحكومة الشاملة وتضم أشخاصا يشكلون تحديا"، وأضاف "بحثنا مع شركائنا سبل دفع طالبان للالتزام بتعهداتها".

وقال "قلقون من انتماءات عدد من أعضاء الحكومة التي أعلنتها طالبان أخيرا"، مضيفا "نجري الآن تقييما لإعلان طالبان حكومة تصريف أعمال في أفغانستان.

ولكن بلينكن لفت إلى أن واشنطن ستجد "سبلا للتعامل مع طالبان بطريقة تتسق مع قوانينا".

وأوضح وزير الخارجية الألماني أن حكومته بحاجة إلى التواصل مع طالبان من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان.

وشدد على أنه ليس من مصلحة أحد أن تنهار الأوضاع في أفغانستان، والعزلة الدولية لن تكون في مصلحة الحكومة والشعب في أفغانستان".

وقال وزير الخارجية الألماني إن الأخبار التي وردت من أفغانستان أمس بشأن الحكومة الانتقالية لا تبعث على التفاؤل، وأضاف أنه "يجب أن تكون الحكومة الأفغانية جامعة لكل أطياف الشعب الأفغاني".

وفي وقت مبكر من فجر الأربعاء، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه متأكد أن بكين وموسكو وإسلام آباد وطهران ستحاول التوصل إلى تفاهم مع حركة طالبان التي شكلت حكومة تصريف أعمال، مشيرا إلى أن تلك الدول تحاول معرفة ما يتعين عليها فعله للتعامل مع طالبان.

ووصف بايدن الصين بأنها تواجه مشكلة حقيقية مع حركة طالبان، وفق تعبيره.

بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس "نشعر بقلق من انتماءات وسجلات بعض أفراد الحكومة الجديدة التي أعلنتها طالبان.. نحن نقيّم الحكومة المكونة من أفراد ينتمون للحركة ومقربين منها وتخلو من نساء".

وشدد برايس على أن الشعب الأفغاني يستحق حكومة شاملة، وأن بلاده تتوقع أن تضمن طالبان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أي دولة. وأضاف أن "طالبان أعلنت قائمة الحكومة على أنها مؤقتة، وسنحكم عليها من خلال الأفعال لا الأقوال".

 

وأكدت الخارجية الأميركية أنها ستواصل إلزام طالبان بتعهدها السماح بمرور آمن للأجانب والأفغان الذين يرغبون في مغادرة البلاد.

وقبل ذلك بساعات، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن واشنطن "ليست في عجلة" للاعتراف بالحكومة الجديدة، معتبرة أن "الأمر سيعتمد على الخطوات التي تتخذها طالبان"، وأن "العالم سيراقب ومن ضمنه الولايات المتحدة".

استعداد للتعاون

في المقابل، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن رئيسة المجلس الأعلى في البرلمان (مجلس الاتحاد) فالنتينا ماتفينكو قولها الأربعاء إن روسيا سيمثلها مسؤولون على مستوى سفراء في مراسم تنصيب الحكومة الأفغانية الجديدة.

وأكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن بلاده ستتواصل حاليا مع الحكومة الأفغانية الجديدة عبر السفارة الروسية لدى كابل فقط، وأوضح أن روسيا، كأغلبية الدول، ستراقب بتمعن الخطوات التي ستتخذها الحكومة الأفغانية الجديدة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين، خلال المؤتمر الصحفي اليومي للوزارة، إن بكين مستعدة لمواصلة الاتصالات مع الحكومة الجديدة في أفغانستان. وذلك ردا على سؤال عما إذا كانت بكين ستعترف بالحكومة الأفغانية الجديدة.

وشدد وانغ على أن الصين تحترم سيادة أفغانستان واستقلالها ووحدة أراضيها.

بدورها، أعربت الخارجية الأوزبكية عن ترحيبها بتشكيل حكومة مؤقتة في أفغانستان، وأبدت استعداها للتعاون معها.

الموقف القطري

من جهتها، قالت مساعدة وزير الخارجية القطري لولوة الخاطر إن حركة طالبان أظهرت قدرا كبيرا من البراغماتية، وإنه يجب الحكم على الحركة بناء على تصرفاتها.

وفي مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أكدت الخاطر أن الاعتراف القطري بحركة طالبان لن يأتي على الفور، مشيرة إلى أن قطر تسلك الطريق الوسط.

ويأتي تصريح مساعدة وزير الخارجية بالتزامن مع وصول مزيد من الطائرات القطرية إلى مطار كابل تحمل مساعدات ومعدات فنية لتشغيل المطار، في حين تتواصل أعمال الفريق الفني القطري لتجهيز المرافق والمنشآت المختلفة في المطار لاستئناف الطيران الدولي.

 

وقد تغلّب الفريق على كثير من المشكلات الفنية والتقنية مقارنة ببداية مهمته مطلع سبتمبر/أيلول الجاري، وتتوقع مصادر أفغانية وقطرية استئناف الرحلات من مطار كابل وإليه خلال أيام.

مواقف حذرة

وأدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء بتصريحات حذرة عن الحكومة الأفغانية الجديدة التي أعلنتها طالبان، مؤكدا أنه سيرصد مسارها المستقبلي من كثب.

وخلال ظهور إعلامي مشترك مع ضيفه رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي، قال أردوغان "كما علمتم أخيرا، من الصعب تسميتها دائمة، تم إعلان حكومة موقتة".

وتابع "لا نعرف إلى متى ستستمر هذه الحكومة الموقتة، واجبنا الآن هو متابعة هذا المسار من كثب".

أما إيران، فقد قال أمين مجلس الأمن القومي فيها علي شمخاني إن الأولوية في أفغانستان هي تحقيق الأمن والاستقرار.

وفي تغريدة على تويتر، أضاف شمخاني أن ما يثير قلق أصدقاء الشعب الأفغاني هو تجاهل ضرورة تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان ومنع التدخل الأجنبي والاحتكام إلى السلاح بدلا من الحوار، حسب قوله.

وتعليقا على إعلان تشكيل الحكومة، قال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية لا تشارك في أعمال الاعتراف بالحكومات لأن القرار يعود إلى الدول الأعضاء.

وأضاف "من وجهة نظرنا في ما يتعلق بإعلان اليوم، فإن تسوية شاملة يتم التفاوض عليها هي وحدها التي ستحقق سلامًا مستدامًا في أفغانستان".

وتابع "لا تزال الأمم المتحدة ملتزمة بالإسهام في حل سلمي، وتعزيز حقوق الإنسان لجميع الأفغان -ولا سيما النساء والفتيات- وتعزيز التنمية المستدامة، بما يتماشى مع جدول أعمال 2030، وتقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة والدعم الحيوي للمدنيين المحتاجين".

اليهودي الأخير

في شأن آخر، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن يهوديا يدعى زابولون سيمانتوف غادر أفغانستان إلى دولة مجاورة بمساعدة من رجلي أعمال يهوديين أحدهما أميركي والآخر إسرائيلي.

وأفادت تقارير لعبرية بأن سيمانتوف يبلغ من العمر 62 عاما وأنه آخر يهودي في أفغانستان بعد انتهاء عمليات الإجلاء عبر مطار كابل الدولي.

وحسب هذه التقارير فإن سيمانتوف كان قد رفض مغادرة أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على كابل، قبل أن يتراجع عن قراره ويغادر البلاد رفقة العشرات من الأفغان.

المصدر : الجزيرة + وكالات