بعد سيطرة حركة طالبان.. أي ملامح للحكومة في أفغانستان؟

حركة طالبان سيطرت على كابل في 15 أغسطس/آب الماضي (الأوروبية)

كابل – بعد مرور أكثر من أسبوعين على سيطرة حركة طالبان الأفغانية على العاصمة كابل، تجد البلاد نفسها من دون حكومة، وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخها.

وأمام كم هائل من التطورات المتسارعة؛ توصد أبواب الوزارات والدوائر الحكومية، فيما يمكث الموظفون ببيوتهم بانتظار العودة إلى العمل.

ويؤكد قادة الحركة في أحاديثهم لوسائل الإعلام أن الحركة تجري استشارات مع الأحزاب والشخصيات السياسية حول الحكومة المقبلة.

وهو ما جاء -اليوم الأربعاء- في آخر تصريح لشير محمد عباس ستانيكزاي نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، حيث أوضح أن المشاورات لتشكيل الحكومة على وشك الانتهاء وقد تعلن الحركة عن الحكومة خلال اليومين المقبلين.

وقد شهدت مدينتا كابل وقندهار في الأيام الأخيرة مشاورات مكثفة داخل أروقة اتخاذ القرار في حركة طالبان من جهة وبين قادة طالبان والقيادات السياسية من خارج الحركة من جهة أخرى.

وقد شارك في هذه المشاورات الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي وزعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة عبد الله عبد الله وغيرهم.

غياب التصور

وحتى الآن لم تقدم حركة طالبان تصورا واضحا عن شكل ونوعية الحكومة التي تنوي تشكيلها، كما لا يوجد في منشورات الحركة وأدبياتها شيء عن تصورها لنظام الحكم وتفاصيله.

وكل ما جاء هو تأكيد بشكل عام على أنها تجاهد وتسعى لإقامة نظام إسلامي يطبق الشريعة الإسلامية.

وإلى الآن لم توضح تصريحات قيادات الحركة -بعد سيطرتها على الأراضي الأفغانية ودخولها العاصمة كابل- نوعية نظام الحكم.

ويبدو أن حركة طالبان تفتقد حتى اليوم لرؤية واضحة مدونة لنظام الدولة والحكومة، كما لم يستقر رأي قادتها على نموذج للحكم والنظام السياسي.

ولا شك في أن ذلك يعد إشكالية كبيرة تعاني منها حركة تصل إلى الحكم للمرة الثانية بعد كفاح استغرق 20 سنة، وها هي اليوم بصدد تشكيل الحكومة لبلد تراكمت فيه تبعات الحرب وتداعياتها في شتى أبعاد الحياة وشؤون الدولة.

حكومة موسعة

وإذا كان هناك جديد في أدبيات الحركة وتصريحات قادتها السياسيين فهو يتعلق بإشارات مقتضبة إلى تشكيل الحكومة الموسعة أو الحكومة الشاملة حسب تعبير ستانيكزاي والمتحدث الرسمي باسم الحركة ذبيح الله مجاهد.

ويبدو أن الهدف من الحكومة الموسعة أو الحكومة الشاملة لدى قيادات الحركة ليس تقسيم الحكومة وتوزيع المناصب والحقائب فيها على الأحزاب والشخصيات السياسية المعروفة على أساس المحاصصة كما كان الوضع في الحكومات السابقة المدعومة من الولايات المتحدة والدول الغربية.

وفي الماضي كانت المناصب الحكومية -كالوزارات والولايات والسفارات- مقسمة على الجمعية الإسلامية وحزب الوحدة وحزب الجنرال عبد الرشيد دوستم وحزب "أفغان ملت" القومي البشتوني ومؤيدي الرئيس السابق أشرف غني.

رفض وتبريرات

وترفض حركة طالبان تشكيل الحكومة الائتلافية مع الأحزاب والشخصيات، وترى أن الحكومات الائتلافية ستكون ضعيفة ومنقسمة لا تستطيع إدارة أفغانستان خاصة في الظروف الراهنة، حيث يحتاج البلد إلى حكومة تبسط سيطرتها على كافة أرجاء أفغانستان وبإمكانها حسم الأمور بإرادة قوية وحزم.

ويؤكد قادة الحركة في الأحاديث العلنية والجلسات المغلقة أن الحكومة المقبلة ستشتمل على شخصيات من مختلف الأعراق والمناطق بأفغانستان.

إلا أن الغموض يكمن فيما إذا كان أعضاء الحكومة سيأتون من مختلف المناطق والعرقيات من حركة طالبان أم أن الحكومة ستتضمن شخصيات من خارج الحركة مع مراعاة التنوع العرقي والجغرافي والثقافي والسياسي للمجتمع الأفغاني.

إشارات مبهمة

ويرسل قادة الحركة إشارات مبهمة بشأن مشاركة المرأة في الحكومة المقبلة، وحتى الآن لا يوجد أي وعد أو تصريح بذلك.

وبحسب مراقبين فإن هناك احتمالا كبيرا جدا أن المناصب السيادية -بما فيها رئاسة الحكومة والوزارات السيادية مثل الدفاع والداخلية والخارجية والمالية- ستكون حكرا على حركة طالبان.

وقد تتضمن الحكومة شخصيات من خارج الحركة يتم اختيارها على أسس مثل الخبرة والتخصص والتنوع العرقي والجغرافي.

خارج الحكومة

ويستبعد المراقبون اشتمال الحكومة المتوقع إعلانها خلال يومين على شخصيات سياسية شهيرة وشخصيات تولت مناصب مهمة في الحكومات السابقة خلال الـ20 سنة الماضية.

ويمكن إيجاز ملامح الحكومة التي ستعلنها حركة طالبان كالآتي:

  • تولي المناصب الحكومية السيادية من قبل قيادات حركة طالبان، حيث ثمة تسريبات غير مؤكدة تفيد أن نواب زعيم الحركة الثلاث سيعينون في مناصب وزارية سيادية، فقد يُعيّن الملا عبد الغني برادر وزيرا للخارجية، والمولوي محمد يعقوب -نجل مؤسس الحركة الراحل الملا محمد عمر- وزيرا للدفاع، والمولوي سراج الدين حقاني -نجل المولوي جلال الدين حقاني- وزيرا للداخلية.
  • اشتمال الحكومة على شخصيات من مختلف الأعراق والمناطق الجغرافية.
  • عضوية بعض الشخصيات من ذوي التخصص والخبرة في الحكومة.
  • احتمال خلو التشكيلة الوزارية من العنصر النسائي.
  • خلو التشكيلة الوزارية من القادة السياسيين المعروفين.
  • خلو الحكومة من الشخصيات التي كانت تتولى مناصب مهمة في الحكومات السابقة المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية.
المصدر : الجزيرة