أول عالمة نووية مصرية.. من قتل سميرة موسى في أميركا؟

العالمة المصرية الراحلة سميرة موسى
العالمة المصرية الراحلة سميرة موسى (مواقع التواصل)

القاهرة – في منتصف أغسطس/آب عام 1952 لقيت العالمة المصرية سميرة موسى مصرعها في حادث سيارة بمدينة كاليفورنيا الأميركية، لكن مصريون يعتقدون أن الحادث مدبر، وذلك على غرار حوادث أخرى استهدفت علماء مصريين نبغوا في العلوم ذات الصلة العسكرية.

قبل عودة سميرة موسى إلى مصر بأيام، سقطت السيارة التي كانت تقلها من ارتفاع نحو 40 قدما، لكن الصحافة المصرية تشير بأصابع الاتهام إلى جهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد وإلى تورط فنانة مصرية يهودية.

وتخصصت موسى في الأبحاث النووية، وأسهمت في تأسيس هيئة الطاقة الذرية في مصر، وذلك بعد 3 أشهر فقط من إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948.

النشأة

ولدت سميرة موسى في قرية سنبو الكبرى التابعة لمركز زفتى في محافظة الغربية في الثالث من مارس/آذار 1917، وظهر نبوغها منذ الصغر، وانتقلت مع أسرتها إلى القاهرة لتلتحق بمدرسة قصر الشوق في حي الحسين، ثم مدرسة بنات الأشراف الثانوية التي أسستها نبوية موسى الناشطة النسائية، والتحقت بكلية العلوم بجامعة القاهرة.

كانت سميرة موسى أول فتاة تحصل على المركز الأول في الشهادة التوجيهية (الثانوية) عام 1935، وأول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول‏ (جامعة القاهرة حاليا‏)‏ بعد أن ساعدها أستاذها وعميد الكلية مصطفى مشرفة، مدافعا عن حقها في التعيين رغم اعتراض بعض الأساتذة، ثم حصلت على الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات.

رحلة للخارج

بدأت موسى مسيرتها العلمية خارج مصر بالحصول على شهادة الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة في بريطانيا، وخلال دراستها توصلت لمعادلة يمكن بها تصنيع القنبلة النووية بتفتيت المعادن الرخيصة.

قامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد 3 أشهر من إعلان قيام إسرائيل عام 1948، وكانت تحلم بامتلاك مصر قنبلة ذرية.

كما شاركت في إنشاء جمعية الطلبة للثقافة العامة التي تهدف لمحو الأمية في قرى مصر، وسافرت للولايات المتحدة للدراسة في "جامعة أوكردج" في ولاية تنيسي، وأجرت أبحاثا بمعامل جامعة سان لويس في ولاية ميسورى، ورفضت عرضا أميركيا للبقاء في الولايات المتحدة.

الاغتيال

في 15 أغسطس/آب 1952 تلقت موسى دعوة لزيارة معامل نووية في ولاية كاليفورنيا، وفي طريقها ظهرت سيارة نقل لتصدم سيارتها وتطيح بها إلى واد عميق، وتقول مصادر صحفية إن سائق سيارتها الهندي قفز من السيارة واختفى.

وحسب صحف مصرية، قالت التحريات في حادث مصرعها إن السائق كان يحمل اسما مستعارا، وإن إدارة المفاعل لم ترسله لاصطحابها إليهم.

وتشير المصادرة الصحفية إلى تورط جهاز الموساد في اغتيالها من دون وجود دليل واضح، لكن الصحفي المصري عادل حمودة ذكر في مقال له بجريدة الأهرام أنه اطلع على وثائق أميركية تقول إن أميركا ألحت عليها للبقاء في الولايات المتحدة ومنحها الجنسية.

تورط فنانة يهودية

وذكرت جريدة أخبار اليوم (حكومية) أن إسرائيل المتخوفة من امتلاك مصر للقنبلة الذرية وتصنيعها بتكاليف زهيدة دفعت بالفنانة اليهودية راقية إبراهيم لعرض الجنسية الأميركية على سميرة موسى وتشجيعها على البقاء في أميركا، لكن سميرة رفضت العرض نهائيا وطردت راقية من منزلها، فتعاون الموساد مع راقية لاغتيال سميرة، حسبما أورد الإعلامي أحمد المسلماني في برنامجه "الطبعة الأولى" هذه الاتهامات.

كما تذكر الجريدة أن حفيدة راقية أكدت تعاون جدتها مع إسرائيل لاغتيال سميرة موسى، وأنها استغلت صداقتها مع سميرة موسى لقتلها.

تكريم

وكرم الرئيس الراحل أنور السادات سميرة موسى بعد 3 عقود من اغتيالها بمنحها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1981، وتم إطلاق اسمها على إحدى مدارس وزارة التربية والتعليم بقريتها، كما أنشأ قصر ثقافة باسمها أيضا.

علماء آخرون

لم تكن سميرة موسى هي العالمة المصرية الوحيدة التي يشتبه المصريون في تورط الموساد في اغتيالهم، فكان أستاذها الدكتور علي مصطفى مشرفة أيضا على رأس قائمة الاتهامات، وهو أول عميد لكلية العلوم، ولقب بـ"أينشتاين المصري"، وتوفي إثر أزمة قلبية في 15 يناير 1950 عن عمر ناهز 51 عاما، حيث يعتقد أنه مات مسموما.

وفي ظروف مماثلة لمصرع سميرة موسى توفي أيضا العالم المصري سمير نجيب في أغسطس/آب 1967، بعد أن أبدى نبوغا كبيرا في أبحاثه النووية في الولايات المتحدة، وانهالت عليه العروض المادية لتطوير أبحاثه في أميركا، لكنه رفضها شاعرا أن بلاده بحاجة إليه عقب نكسة يونيو/حزيران 1967 رافضا كل الإغراءات المادية.

وفي 14 يونيو/حزيران 1980عثر على عالم الذرة المصري يحيى المشد مهشم الرأس في غرفته في العاصمة الفرنسية باريس، ويعتقد أن الموساد اغتاله لقيادته البرنامج النووي العراقي.

كما توفى العالم المصري سعيد السيد بدير في 14 يوليو/تموز 1989 في الإسكندرية خلال حادث غامض، بعد أن هرب من ألمانيا لمصر فرارا من تهديدات أجنبية نظرا لأبحاثه في مجال الاتصال بالأقمار الصناعية.

المصدر : الجزيرة