لبنان.. الحكومة ترفض قرار المصرف المركزي وقف دعم الوقود والبرلمان يؤجل جلسة بشأن انفجار مرفأ بيروت

محطات الوقود في لبنان تشهد منذ أسابيع طوابير انتظار طويلة (رويترز)

أعلنت حكومة تصريف الأعمال في لبنان برئاسة حسان دياب، اليوم الخميس، رفضها قرار المصرف المركزي وقف دعم استيراد الوقود، والذي أثار احتجاجات بعدة مناطق، في حين أجل البرلمان جلسة عامة كانت مخصصة للنظر في القرار الاتهامي بقضية انفجار مرفأ بيروت.

فقد طلب دياب من وزير المالية إبلاغ حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بأن قراره رفع الدعم عن الوقود مخالف للقانون الصادر عن البرلمان، ومخالف لسياسة الحكومة.

وترأس دياب اجتماعا وزاريا مصغرا عقد بشكل طارئ بعد ظهر اليوم لبحث قرار حاكم المصرف المركزي.

وقال وزير الصناعة عماد حب الله في مؤتمر صحفي إن الاجتماع خلص إلى ضرورة استمرار دعم استيراد المحروقات والبدء بترشيده فور وضع البطاقة التمويلية للأسر الأشد فقرا موضع التنفيذ.

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون استدعى سلامة، وذلك بعد ساعات من إعلان المصرف عن قرار ينهي فعليا دعم استيراد الوقود، وحذرت الرئاسة من التداعيات "الخطيرة" لهذا القرار.

مواقف سياسية

من جهة أخرى، رفضت كتلة حزب الله البرلمانية قرار حاكم المصرف المركزي وقالت إنه يتعارض مع السياسات التي يطبقها البرلمان والحكومة.

ودعا نواب الكتلة في بيان بعد اجتماعهم الأسبوعي إلى توزيع بطاقات نقدية مدفوعة مسبقا على الفقراء قبل اتخاذ أي خطوة أخرى لرفع الدعم عن أي سلع أساسية أو تقليصه، وكان البرلمان قد وافق على تلك البطاقات في يونيو/حزيران الماضي.

وفيما قال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط إنه لا مفر من رفع الدعم لأن معظم الوقود يذهب إلى سوريا، وصف وزير الخارجية السابق جبران باسيل قرار وقف دعم الوقود بالمؤامرة.

لقاء بين عون وسلامة في مارس/آذار الماضي بالقصر الرئاسي (رويترز)

المصرف يدافع عن القرار

في المقابل، دافع المصرف المركزي اليوم عن قراره، وقال في بيان إنه يجب الانتقال من سياسة دعم السلع التي يستفيد منها المحتكرون إلى دعم المواطنين مباشرة.

وأضاف أنه دفع 800 مليون دولار خلال يوليو/تموز الماضي لدعم المحروقات، وأن المواد لا تزال رغم ذلك مفقودة، مشيرا إلى أنه أكد للحكومة مرارا عدم إمكانية المساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية.

وكان المصرف المركزي قال في بيان صدر الليلة الماضية إنه سيقوم ابتداء من اليوم بتأمين الاعتمادات اللازمة لاستيراد المحروقات وفق سعر صرف الدولار مقابل العملة الرسمية (الليرة) في السوق المحلية، والذي يبلغ حاليا بالسوق السوداء أكثر من 20 ألف ليرة، مقابل السعر الرسمي الذي يقارب 4 آلاف ليرة.

وذكر وزير الطاقة والمياه ريمون غجر أن حاكم "المركزي" أبلغ المجلس الأعلى للدفاع بأن المصرف لم يعد قادرا على توفير الدعم المالي لشراء المحروقات وفق السعر الرسمي لصرف الدولار.

ارتفاع الأسعار

ويعني هذا القرار أن أسعار الوقود ستزيد بشكل حاد، وهو ما من شأنه أن يفاقم الأوضاع المعيشية في هذا البلد الذي يشهد أزمات متعددة.

ووفق دراسة أعدتها شركة خاصة، فإنه في ضوء هذا القرار سيرتفع سعر صفيحة البنزين من نحو 75 ألف ليرة إلى 336 ألفا، في وقت يبلغ الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة.

وكان "المركزي" يدعم استيراد الوقود عبر آلية يوفر بموجبها 85% من القيمة الإجمالية لكلفة الاستيراد، وفق سعر الصرف الرسمي، في حين يدفع المستوردون المبلغ المتبقي وفق سعر الصرف بالسوق السوداء.

يذكر أن دعم الوقود -الذي تبلغ كلفته 3 مليارات دولار سنويا- ساهم من بين أمور أخرى في استنزاف احتياطات النقد الأجنبي لدى "المركزي" والتي تراجعت من أكثر من 40 مليار دولار عام 2016 إلى 15 مليارا في مارس/آذار الماضي.

وكانت العملة المحلية فقدت أكثر من 90% من قيمتها بأقل من عامين، في حين قفز التضخم السنوي إلى نحو 158% في مارس/آذار الماضي من 10% في يناير/كانون الثاني 2020.

احتجاجات بعد القرار

وعقب الإعلان عن قرار المصرف المركزي بوقف دعم الوقود، أغلق محتجون طرقا عدة في شمال وجنوب وشرق البلاد، بينها الطريق السريع الذي يربط بيروت بجنوب البلاد، وفقا لوكالة الأنباء اللبنانية ووسائل إعلام محلية.

وقالت الوكالة إن محتجين قطعوا طريق تل نحاس-كفركلا جنوبي البلاد.

وفي الشمال، تجمع متظاهرون أمام قصر المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي في منطقة الميناء بمدينة طرابلس، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وذكرت الوكالة أن المحتجين قطعوا الطريق الرئيسي بالمنطقة وأشعلوا شجرة في باحة قصر ميقاتي، ورددوا هتافات مناهضة للسلطة، وسط حضور كثيف لعناصر الجيش.

في نفس الإطار، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن مئات السيارات وقفت منذ الصباح أمام محطات الوقود، حيث يأمل أصحابها في تعبئة خزانات سياراتهم قبل صدور لائحة الأسعار الجديدة التي من المتوقع أن ترتفع بنسبة تفوق 300%، في حين أقفلت العشرات من المحطات أبوابها في انتظار تحديد الأسعار الجديدة.

ومنذ أسابيع، ينتظر اللبنانيون في طوابير طويلة لعدة ساعات من أجل التزود بالوقود، في وقت تسجل البلاد انقطاعات للكهرباء فترات تصل إلى 20 ساعة يوميا.

في السياق، اقتحم محتجون معمل إنتاج الطاقة الكهربائية بمنطقة الزهراني (جنوب) احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي، وقد قامت عناصر من الجيش بإخلاء المعمل من المعتصمين عند أحد مداخله.

تأجيل جلسة برلمانية

على صعيد آخر، أرجأ البرلمان اليوم جلسة عامة كانت مخصصة للنظر في القرار الاتهامي في قضية انفجار مرفأ بيروت، ودراسة تحويل الملف إلى لجنة تحقيق برلمانية.

واتخذ قرار تأجيل الجلسة بالنظر لعدم توفر النصاب القانوني، وكانت كتل التيار الوطني الحر، والتقدمي الاشتراكي، والقوات اللبنانية، أعلنت مقاطعتها الجلسة، معتبرة أنها غير قانونية، وتعرقل طلب رفع الحصانات.

وقد تجمع أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام المقر المؤقت لمجلس النواب في بيروت احتجاجا على عقد الجلسة العامة للنظر في القرار الاتهامي في قضية انفجار المرفأ قبل أكثر من عام، ودرس تحويل الملف إلى لجنة تحقيق برلمانية.

وكان المحقق العدلي في انفجار المرفأ قد طلب الشهر الماضي من البرلمان رفع الحصانة عن 3 نواب تولوا سابقا وزارات المالية والداخلية والأشغال، تمهيداً للادعاء عليهم في هذه القضية، كما طلب استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال وقادة أمنيين حاليين وسابقين.

المصدر : الجزيرة + وكالات