أفغانستان.. طالبان تسيطر على تاسع عاصمة ولاية وتقصف باغرام وواشنطن تتوقع انهيارا أسرع للحكومة

Residents flee northern provinces to Kabul as Taliban storm cities
جموع من سكان المناطق الشمالية يفرون منها مع تصاعد المعارك حول بعض مدنها (الأناضول)

أعلنت حركة طالبان أنها سيطرت على مدينة فيض آباد مركز ولاية بدخشان في شمال أفغانستان، لتكون بذلك تاسع عاصمة ولاية تسيطر عليها الحركة في أقل من أسبوع، في حين أقال الرئيس الأفغاني قائد الجيش وعين جنرالا جديدا مكانه.

وقال النائب ذبيح الله عتيق -في وقت متأخر أمس الثلاثاء- "تعرضت القوات الأمنية التي تقاتل طالبان منذ عدة أيام لضغط شديد. طالبان استولت على المدينة الآن، والجانبان تكبدا خسائر فادحة".

وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد إن مقاتلي حركة طالبان سيطروا على ولايتي بغلان وبدخشان الليلة الماضية شمالي شرق البلاد، وإنهم استهدفوا بالصواريخ قاعدة باغرام العسكرية شمالي العاصمة كابل.

وأضاف أن الحركة باتت تسيطر على ولايات نيمروز وجوزجان وسربل وقندز وتخار وسمنغان وفراه وبغلان وبدخشان.

وعواصم الولايات التسع التي تسيطر عليها طالبان (من 34 عاصمة ولاية أفغانية) 6 منها في الشمال، في حين تسيطر على أجزاء واسعة من ولايات أخرى دون عواصمها.

ونقل مراسل الجزيرة عن مصدر أمني أن مسلحي طالبان يهاجمون مدينة قندهار جنوبي أفغانستان من عدة جوانب.

وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن مئات من عناصر القوات الأمنية الأفغانية -الذين انسحبوا إلى مطار قندوز بعد سقوط المدينة الواقعة شمال شرق أفغانستان في نهاية الأسبوع الماضي- استسلموا اليوم الأربعاء لحركة طالبان.

وقال عمر الدين -والي عضو مجلس ولاية قندوز- "هذا الصباح استسلم مئات من الجنود والشرطة وعناصر من قوات المقاومة (ميليشيات) -كانوا متمركزين في المطار- لحركة طالبان مع كل عتادهم".

وأفاد مصدر أمني للجزيرة بفرار أكثر من ألف سجين من سجون الولايات الأفغانية التي سيطر عليها مسلحو طالبان.

إقالة قائد الجيش

وأمام الهزائم التي لحقت بالقوات الحكومية، نقل مراسل الجزيرة عن مصدر حكومي أفغاني أنه تمت إقالة قائد الجيش الأفغاني الجنرال ولي محمد أحمد زاي من منصبه، وتعيين الجنرال هيبت الله علي زاي قائدا جديدا للجيش.

وتزامن ذلك مع وصول الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني إلى مدينة مزار شريف عاصمة ولاية بلخ شمالي البلاد.

ونقل مراسل الجزيرة عن مصدر أمني أن الرئيس الأفغاني سيفتتح في المدينة مركزا للعمليات ضد مسلحي طالبان بالولايات الشمالية.

وقد ترأس غني اجتماعا رفيع المستوى مع المسؤولين المدنيين والعسكريين وزعماء القبائل والأحزاب السياسية حول الوضع الأمني والميداني في ولاية بلخ.

وقال مصدر مقرب من الجنرال عبد الرشيد دوستم إنه من المتوقع أن يكلف الرئيس الأفغاني الجنرال دوستم بالإشراف على العمليات ضد مسلحي طالبان.

وقال دوستم -في مقطع فيديو نشره صحفيون أفغان على منصات التواصل- إن طالبان لن تستطيع الخروج من المناطق التي تحاول السيطرة عليها شمالي أفغانستان، في إشارة إلى تصدي القوات الحكومية لهجمات مسلحي الحركة.

وهدد دوستم -في المقطع المتداول- حركة طالبان، مشيرا إلى أن مسلحي الحركة لن يقابلوا بترحيب شعبي، حيث أوضح أن الأهالي يرفضون وجودها، على حد قوله.

وكانت وسائل إعلام أفغانية قالت إن زعيم الحرب السابق عبد الرشيد دستم غادر إلى مزار شريف كبرى مدن شمال أفغانستان، ويرافقه العشرات من قوات الأمن.

غارة جوية ومقتل عناصر من طالبان

وفي تطور آخر، قالت وزارة الدفاع الأفغانية إن 25 مسلحا من مقاتلي طالبان قتلوا في غارة جوية للقوات الأفغانية في ولاية قندهار جنوبي البلاد.

وأكد مصدر أمني للجزيرة سقوط 4 صواريخ أطلقها مقاتلو طالبان على قاعدة باغرام الجوية دون خسائر مادية أو بشرية.

وقال حاكم ولاية فراه للجزيرة إن مسلحي طالبان سيطروا على السجن المركزي في الولاية واشتبكوا مع القوات الأفغانية.

وتشهد البلاد تحولات متسارعة، وسط هجمات وتقدم لافت لحركة طالبان بمحاور عدة في أفغانستان، حيث أعلنت الحركة سيطرتها على مناطق واسعة في البلاد، تشمل أكثر من 150 منطقة، بالإضافة إلى المعابر الحدودية مع طاجيكستان، ومراكز التفتيش على الحدود مع إيران وتركمانستان.

وتصاعدت وتيرة المواجهات بين قوات الأمن الأفغانية ومسلحي حركة طالبان، تزامنا مع بدء انسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) مطلع مايو/أيار الماضي، والذي من المقرر اكتماله بحلول 11 سبتمبر/أيلول القادم.

من جهة أخرى، قال قائد القوات المسلحة البريطانية إن الحكومات الغربية ستواجه أسئلة صعبة بشأن دعم أفغانستان في حال سيطرت طالبان.

وأضاف أنه يجب التفريق بين الهيئة السياسية لطالبان في الدوحة ومقاتليها في أفغانستان.

روسيا: طالبان سيطرت على الحدود مع طاجكستان وأوزبكستان

وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن حركة طالبان سيطرت على الحدود الأفغانية مع كل من أوزبكستان وطاجيكستان.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها الوزير الروسي -أمس الثلاثاء- حول الوضع بأفغانستان خلال مشاركته بمنتدى "أرض المعاني" التعليمي الشبابي الذي عقد بمنطقة سولنيتشونوجورسك بالعاصمة موسكو.

وأشار شويغو في تصريحاته إلى أن طالبان تتقدم في أفغانستان، وأن الحدود الأفغانية مع كل من أوزبكستان وطاجيكستان باتت تحت سيطرة الحركة التي استولت كذلك على ولاية قندوز (شمال) التي تعتبر مركزا كبيرا وخطيرا للغاية.

كما لفت الوزير إلى أن هناك تهديدات في أفغانستان تتمثل في وجود مهربي المخدرات والإرهابيين الذين يتسللون إلى روسيا عبر طاجيكستان وقيرغيزيا وأوزبكستان، مشددا على ضرورة أن تكون دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) مستعدة لذلك.

وفد الحكومة يتهم طالبان

هذا واختتم الوفد الحكومي الأفغاني برئاسة رئيس لجنة المصالحة عبد الله عبد الله اجتماعاته مع وفود الدول المشاركة في الاجتماع الدولي الموسع في الدوحة بشأن أفغانستان.

وانضم وفد من حركة طالبان إلى الاجتماع، الذي يبحث آخر تطورات الملف الأفغاني في ظل القتال على الأرض.

وتسعى دولة قطر إلى حشد الدعم والتوافق الإقليمي والدولي لتحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان.

وقال رئيس لجنة المصالحة الأفغانية عبد الله عبد الله إن حركة طالبان انتهكت التزاماتها وصعّدت الحرب والعنف وشنّت هجمات على المدن.

وأضاف -خلال لقائه المبعوثين الخاصين من المجتمع الدولي- أن الحركة ليست مستعدة لمناقشة القضايا الرئيسية لحل الأزمة.

وأوضح عبد الله عبد الله أنه تحدث مع ممثلي طالبان واتفق معهم على تسريع المفاوضات وإيجاد حل سياسي والقبول بوجود وسيط.

طالبان ملتزمة بمفاوضات الدوحة

بالمقابل، قال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد إنه عندما تضع الحكومة الأفغانية عقبات أمام المفاوضات والعملية السياسية فإنه يجب على حركة طالبان اللجوء إلى الحل العسكري، وبالتالي تحقيق هدفها المشروع حسب وصفه.

وأكد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان محمد نعيم التزام الحركة بإنجاح مفاوضات الدوحة.

وفي مقابلة سابقة مع الجزيرة، قال نعيم إن نجاح المفاوضات رهن بالتزام جميع الأطراف بتعهداتها وفق الاتفاقات السابقة.

على صعيد متصل، نقلت شبكة "سي إن إن" (CNN) التلفزيونية الأميركية عن مصدر مسؤول في البنتاغون قوله إن هناك مناقشات جارية بين المسؤولين في الخارجية الأميركية بشأن خفض إضافي لعدد الموظفين في السفارة بكابل، وإنه من المرجح أن يحدث سحب جزئي للموظفين في الأيام أو الأسابيع المقبلة.

وأضاف أن المسؤولين الأميركيين توقفوا عن الحديث عن 6 أشهر كجدول زمني محتمل لانهيار الحكومة في أفغانستان، وباتوا يعتقدون أن انهيارها يمكن أن يحدث في وقت أقرب بكثير.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة لا تشعر بأن العاصمة الأفغانية تتعرض لتهديد مباشر لكن على الإدارة أن تكون مستعدة.

تقييم الوضع الأمني للسفارة الأميركية

كما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تقيم الوضع الأمني المحيط بسفارتها في (العاصمة الأفغانية) كابل على أساس يومي.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها المتحدث باسم الوزارة نيد برايس، خلال المؤتمر الصحفي اليومي له.

وردا على سؤال عن احتمال خفض محتمل آخر لأفراد البعثة وسط سيطرة حركة طالبان على 7 عواصم إقليمية، قال برايس "من الواضح أنها بيئة أمنية تنطوي على تحديات.. نحن نقيم التهديدات على أساس يومي".

وأضاف المتحدث أن السفارة "على اتصال دائم بواشنطن مع أرفع المسؤولين في هذا المبنى، الذين يتصلون بدورهم مع زملائنا في مجلس الأمن القومي وفي البيت الأبيض".

وعن إمكانية عرقلة الوضع الأمني في أفغانستان للدبلوماسية الأميركية هناك، قال برايس إننا "قادرون حتى الآن على مواصلة تلك الأنشطة الرئيسية التي يتعين علينا أن نقوم بها على الأرض".

بايدن ليس نادما

وفي السياق ذاته، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن -أمس الثلاثاء- أنه "ليس نادما" على قراره سحب القوات الأميركية من أفغانستان والذي من المقرر إنجازه نهاية أغسطس/آب الجاري، داعيا الأفغان إلى التحلي "بعزيمة القتال".

وقال -في حوار مع الصحفيين بالبيت الأبيض- "لست نادما على قراري".

ومن المقرر أن تنهي القوات الأميركية انسحابها من أفغانستان في 31 أغسطس/آب؛ وذلك بعدما سرعت انسحاب قواتها، لتضع حدا لحرب خاضتها الولايات المتحدة طوال 20 عاما.

وأضاف بايدن أن على الأفغان "أن يتحلوا بعزيمة القتال" و"عليهم أن يقاتلوا من أجل أنفسهم، من أجل أمتهم".

وتابع "لقد أنفقنا أكثر من ألف مليار دولار في 20 عاما، قمنا بتدريب وتجهيز (…) أكثر من 300 ألف جندي أفغاني".

وأكد بايدن أن الأميركيين "سيفون بوعدهم" بمواصلة دعم الجيش الأفغاني على المستوى اللوجستي والمالي.

المصدر : الجزيرة + وكالات