توسع المعارك في أفغانستان ووفدا طالبان والحكومة يشاركان في الاجتماع الدولي الموسع بالدوحة

وفدا الحكومة وطالبان شاركا بشكل منفصل في اليوم الأول من الاجتماع الموسع بشأن أفغانستان في الدوحة.

توسعت رقعة المعارك في أفغانستان مع استمرار سعي طالبان للسيطرة على مراكز الولايات وإعلانها السيطرة على مدينة بول خمري عاصمة ولاية بغلان (شمال) ومقر ولاية فراه غربي البلاد، في حين تدور معارك بين القوات الأفغانية ومسلحي الحركة على مشارف مدينة مزار شريف.

وبينما انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة محادثات دولية موسعة بشأن أفغانستان، بمشاركة وفدي الحكومة وطالبان، أعربت واشنطن عن تفاؤلها بإحراز تقدم دبلوماسي فيها.

واتسعت رقعة المواجهات لتمتد إلى ولايات بلخ وننغرهار وبغلان وفراه وقندهار، وقالت مصادر حكومية إن القوات الأفغانية ومسؤولين لجؤوا إلى قاعدة عسكرية قرب مدينة بول خمري عاصمة ولاية بغلان شمالي أفغانستان بعد إعلان طالبان سيطرتها عليها.

بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل 35 من مسلحي طالبان في غارة نفذتها القوات الحكومية على ولاية بكتيا شرقي البلاد.

في سياق متصل، أعلن المتحدث باسم طالبان السيطرة على عدد من المواقع في أكثر من ولاية آخرها فراه غربي البلاد حيث أعلن سيطرة مسلحي الحركة على مقر الولاية.

بدوره، قال حاكم ولاية فراه للجزيرة إن مسلحي طالبان اقتحموا مدينة فراه وتدور اشتباكات عنيفة مع القوات الحكومية فيها، مشيرا إلى أن مسلحي الحركة سيطروا على السجن المركزي في الولاية وأطلقوا سراح جميع السجناء.

وبينما تدور معارك بين القوات الأفغانية ومسلحي طالبان على مشارف مدينة مزار شريف، أعلن حاكم ولاية بلخ أن قائدا جديدا للقوات الحكومية وتعزيزات عسكرية وصلت إلى المدينة مساء أمس الاثنين، في حين قال مصدر حكومي إن الهند أجلت دبلوماسييها من قنصليتها هناك.

ونقل مراسل الجزيرة في أفغانستان عن حاكم ولاية بلخ قوله إن معارك عنيفة ما زالت تدور بين القوات الأفغانية ومسلحي طالبان على مشارف مدينة مزار شريف مركز الولاية.

من جانبه، أعلن المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد أن مقاتلي الحركة سيطروا على مواقع عدة في محيط مزار شريف وكذلك في ولاية ننغرهار، وقال إنهم أوقعوا قتلى وجرحى بين القوات الحكومية ودمّروا آليات واستحوذوا على أسلحة.

محادثات الدوحة

سياسيا، انطلق في العاصمة القطرية الدوحة اليوم الثلاثاء اجتماع موسع بشأن أفغانستان لبحث آخر تطوّرات الملف الأفغاني في ظل المعارك الجارية بين القوات الحكومية وحركة طالبان.

واختتم الوفد الحكومي الأفغاني، برئاسة رئيس اللجنة العليا للمصالحة عبد الله عبد الله، ظهر اليوم الثلاثاء، اجتماعاته مع وفود الدول المشاركة في الاجتماع الدولي الموسع، لينضم بعد ذلك وفد من حركة طالبان إلى الاجتماع.

وقال رئيس لجنة المصالحة الأفغانية عبد الله عبد الله إن حركة طالبان انتهكت التزاماتها وصعّدت الحرب والعنف وشنّت هجمات على المدن.

وأضاف عبد الله في كلمته مع المبعوثين الخاصين من المجتمع الدولي أن طالبان ليست مستعدة لمناقشة القضايا الرئيسية لحل الأزمة، مشيرا إلى أنه تحدث مع ممثلي الحركة خلال 48 ساعة، واتفق معهم على تسريع المفاوضات وإيجاد حل سياسي والقبول بوجود وسيط.

بدوره، قال المتحدث باسم لجنة المصالحة الأفغانية فريدون خوزون للجزيرة إن الحكومة الأفغانية ستسعى في الاجتماعات التي تحتضنها العاصمة القطرية الدوحة لتحقيق مطالب الشعب الأفغاني بتحقيق السلام.

رئيس المجلس الأعلى للمصالحة في أفغانستان عبد الله عبد الله مع وفده المشارك بمحادثات الدوحة (الفرنسية)

وتأتي أهمية محادثات الدوحة بعد تهديد حركة طالبان أمس الاثنين باقتحام العاصمة الأفغانية كابل إذا أخفقت المفاوضات مع الحكومة، في وقت قرر فيه الرئيس أشرف غني تسليح السكان المحليين لقتال الحركة مع احتدام معارك السيطرة على مراكز الولايات الأفغانية.

وكان مصدر مطلع على المفاوضات الأفغانية قال إن دولة قطر ستحتضن اجتماعات اليوم والخميس المقبل لمجموعة من الدول بينها روسيا والولايات المتحدة، بهدف حشد الدعم والتوافق الإقليمي والدولي لتحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان.

دعوة للقتال

بدوره، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن بلاده ستحافظ على التزاماتها في أفغانستان ولكن على القوات الأفغانية أن تقاتل، ودعا قادة أفغانستان إلى توحيد صفوفهم وأن يقاتلوا دفاعا عن أنفسهم.

من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن ما يحدث في الدوحة يؤثر على الأرض بأفغانستان، ويشير إلى وجود فسحة لإحراز تقدم دبلوماسي.

وأضاف برايس في مؤتمر صحفي أن الاعتراف بأي حكومة مستقبلية بأفغانستان يتوقف على احترام التزاماتها الدولية، لافتا إلى أن الرئيس جو بايدن قرر بشكل حاسم أن القوات الأميركية لن تكون أوراق مقايضة بأفغانستان.

وفي وقت سابق، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد توجه إلى العاصمة القطرية الدوحة للضغط على حركة طالبان، لوقف عملياتها العسكرية وللتفاوض من أجل تسوية سياسية.

وأضافت الخارجية، في بيان، أنه خلال جولات عدة من اللقاءات على مدى 3 أيام سيقوم ممثلون عن دول في المنطقة وعن منظمات دولية بالضغط من أجل خفض العنف، ووقف إطلاق النار، والالتزام بعدم الاعتراف بحكومة تتسلم السلطة بالقوة.

دعوة أممية

وبالتوازي مع المعارك والحراك السياسي، دعت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه جميع أطراف النزاع في أفغانستان إلى وقف القتال من أجل تجنب مقتل مزيد من المدنيين، كما دعت دول العالم إلى استخدام نفوذها لوقف العنف هناك.

وقالت باشليه إن الفشل في وقف العنف وانتهاكات حقوق الإنسان يأتي بنتائج كارثية على الشعب الأفغاني، وأضافت أنه منذ التاسع من يوليو/تموز الماضي قتل أكثر من 183 مدنيا وجرح قرابة 1200 في 4 مدن فقط، كما نزح أكثر من 240 ألف شخص عن مساكنهم منذ بدء طالبان هجومها في مايو/أيار الماضي.

نازحون فارّون من الاشتباكات بين طالبان والقوات الحكومية بولاية كونار شرقي أفغانستان (الأناضول)

وأضافت باشليه أن مكتب الأمم المتحدة يتلقى شكاوى عن وقوع إعدامات وهجمات ضدّ موظفين حكوميين وعائلاتهم وأعمال عنف أخرى في المناطق التي تسيطر عليها طالبان، وقالت إن الشعب الأفغاني يعبّر عن خشيته من العودة إلى ما وصفها بأسوأ حقبة من انتهاكات حقوق الإنسان.

الوضع الإنساني

بدورها، قالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامداساني إن المكتب يتابع بقلق الوضع الإنساني في أفغانستان حيث تتزايد انتهاكات حقوق الإنسان.

وفي مقابلة مع الجزيرة، عبّرت شامداساني عن قلقها من عدم استكمال المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان، مشددة على أهمية استثمار مفاوضات الدوحة للتوصل إلى حل للأزمة.

كما أعلن الصليب الأحمر الدولي أن مئات الآلاف من المدنيين في خطر مع اشتداد القتال في مدن أفغانية عدة مثل قندوز وقندهار ومحيطها.

من جانبه، أكد الصليب الأحمر أن أكثر من 4 آلاف جريح تمت معالجتهم في مرافق صحية تتبع المنظمة، منذ بداية الشهر الجاري وهو ما عدّه مؤشرا على ارتفاع وتيرة العنف.

وقال رئيس بعثة الصليب الأحمر في أفغانستان إيلوي فيون إن الطواقم الطبية والمرضى يتعرضون لخطر جسيم، مشيرا إلى تضرر المستشفيات والبنية التحتية للكهرباء والمياه، ودعا إلى وقف فوري للقتال وحماية المدنيين والسماح للمنظمات الإنسانية بإجلاء الجرحى وتقديم المساعدات.

وأكد رئيس البعثة أن الوضع يزداد تدهورا في البلاد، وأن الحاجة إلى تقديم المساعدات الإنسانية باتت ملحة، مشيرا إلى أن القتال بات يتمركز داخل المدن ذات الكثافة السكانية العالية وهو ما يضرّ بالمدنيين وبهيئات الإغاثة.

المصدر : الجزيرة + وكالات