أفغانستان.. بايدن يثق بقوات كابل ويحدد موعد انتهاء الانسحاب وقوات الحكومة تطلق عملية عسكرية وطالبان تتوسع في سيطرتها

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن واشنطن حققت أهدافها في أفغانستان، وحدد 31 أغسطس/آب القادم موعدا لانتهاء انسحاب قوات بلاده من هناك، كما أعرب عن ثقته في الجيش الأفغاني، واعتبر أن سيطرة حركة طالبان على البلاد ليست حتمية.

يأتي ذلك في ظل تصعيد عسكري مستمر، حيث أطلقت حكومة كابل عملية عسكرية لوقف تقدم طالبان التي وسعت تقدمها وسيطرت على معبرين حدوديين مع إيران.

وفي خطاب خصصه للانسحاب الأميركي من أفغانستان، أوضح بايدن أن بلاده أنجزت ما أردت القيام به بمنع أي هجمات مستقبلية على الولايات المتحدة من هناك، معتبرا أن ما أسماه الخطر الإرهابي أصبح خارج أفغانستان، قائلا "نحن ننهي أطول حرب" في تاريخ الولايات المتحدة "لن نرسل جيلا جديدا من الأميركيين إلى الحرب في أفغانستان".

وشدد بايدن على أن الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام في أفغانستان هي التعايش مع طالبان، موضحا أن على الأفغان تقرير مصير بلادهم بأنفسهم. لكنه أكد أنه سيستمر في دعم أفغانستان ومساعدتها، واعتبر أن الدول الإقليمية لديها دور تقوم به للتوصل إلى تسوية.

وفي وقت لاحق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إنه لا يوجد طرف في أفغانستان حقق انتصارا عسكريا، ولفتت إلى أنه ليس هناك خطط للاحتفال باكتمال الانسحاب الأميركي، وأضافت "لن نحتفل بلحظة إنجاز مهمة في هذا الصدد"، إنها حرب استمرت 20 عامًا دون تحقيق نصر عسكري.

عملية عسكرية وتوسع طالبان

في غضون ذلك، اشتدت المعارك الخميس بين حركة طالبان والجيش الأفغاني لليوم الثاني على التوالي في مدينة قلعة نو، وارتفعت سحب الدخان الأسود فوق عاصمة ولاية بادغيس في شمال غرب أفغانستان.

وأعلنت حكومة كابل إرسال مئات عناصر الكوماندوس بالمروحيات إلى ولاية بادغيس للتصدي للهجوم الذي تشنه حركة طالبان، وهو الأول على عاصمة الولاية منذ بدء آخر مرحلة لانسحاب القوات الأميركية.

وأفاد مصدر أمني للجزيرة بمقتل 16 جنديا من القوات الأفغانية وإصابة 3 آخرين في هجوم لمسلحي طالبان على ولاية بادغيس. وكانت وزارة الدفاع الأفغانية أعلنت في وقت سابق مقتل 69 مسلحًا من طالبان في عملية تمشيط للجيش بالولاية.

وبينما أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل 4 من مقاتلي طالبان في ولاية لوغار (شرق) بغارة شنتها القوات الأفغانية، قال المصدر الأمني الأفغاني للجزيرة إن حاكم حركة طالبان لولاية لغمان أصيب في غارة للقوات الأفغانية شرقي البلاد.

وأضاف المصدر أن مسلحي طالبان سيطروا على مقر مديرية شهر صفا بولاية زابل جنوبي البلاد.

كما أفاد مصدر أمني للجزيرة بمقتل قائد ميداني بحركة طالبان و9 آخرين في عملية للقوات الأفغانية بولاية هلمند جنوب البلاد.

قد سيطرت حركة طالبان على معبرين حدوديين بين إيران وأفغانستان غربا. وقال مصدر أمني أفغاني للجزيرة إن مسلحي طالبان هاجموا معبر إسلام قلعة الحدودي الواقع في ولاية هيرات مع إيران.

وأكدت وسائل إعلام إيرانية، سيطرة طالبان على المعبر الحدودي، مشيرة إلى أن العديد من الجنود الأفغان فروا ولجؤوا إلى إيران.

تحذيرات بريطانية

وإزاء التطورات المتلاحقة في أفغانستان، نقلت وكالة رويترز عن قائد الجيش البريطاني نيك كارتر قوله إن انهيار الدولة ونشوب حرب أهلية بأفغانستان أمر محتمل مع خروج القوات الدولية.

وقال بعد الإعلان عن مغادرة معظم القوات البريطانية الأراضي الأفغانية إن أفغانستان قد تشهد وضعا مماثلا للحرب الأهلية في التسعينيات "حيث قد نرى انقسام بعض المؤسسات المهمة مثل قوات الأمن على أسس عرقية أو قبلية".

وأضاف "إذا حدث ذلك اعتقد أن طالبان ستسيطر على جزء من البلاد، لكنها لن تسيطر على البلاد كلها بالطبع".

من جانبه، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن معظم قوات بلاده انسحبت من أفغانستان، وإنهم سيستخدمون أدوات جديدة للعمل إلى جانب من وصفهم بالشركاء الأفغان.

وفي أنقرة قالت وزارة الدفاع التركية إن وزير الدفاع خلوصي أكار أجرى محادثة هاتفية مع نظيره الأميركي لويد أوستن على خلفية المحادثات التقنية بين البلدين في العاصمة التركية.

وأشار بيان لوزارة الدفاع التركية إلى أن تركيا ستواصل تقديم الدعم اللازم لمطار حامد كرزاي الدولي في أفغانستان بعد انتهاء بعثة الدعم الحازم.

وقال البيان إن تركيا موجودة في أفغانستان منذ نحو 20 عاما، وتقوم بتشغيل مطار حامد كرزاي الدولي منذ 6 سنوات، وهو نافذة أفغانستان الوحيدة على العالم.

حراك دبلوماسي

في غضون ذلك، بحث رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية في أفغانستان عبد الله عبد الله مع المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لشؤون مكافحة الإرهاب وتسوية النزاعات مطلق القحطاني، التطورات في أفغانستان ومفاوضات السلام الجارية في الدوحة، كما التقى القحطاني خلال زيارته لكابل مع وزير السلام في أفغانستان.

وفي سياق الجهود الدبلوماسية، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الرئيس الأفغاني أشرف غني قوله إن أفغانستان تعيش واحدة من أكثر مراحل الانتقال تعقيدا.

وكان وفدا الحكومة الأفغانية وحركة طالبان أصدرا بيانا مشتركا بعد اجتماع عقداه في طهران قالا فيه إنهما قررا الانتقال من مرحلة الحرب إلى السلام، وإن نوع النظام السياسي يحتاج إلى مزيد من التشاور.

وفي الإطار نفسه قالت الخارجية الروسية إن مبعوث الرئيس الروسي إلى أفغانستان زامير كابولوف بحث مع وفد المكتب السياسي لحركة طالبان في موسكو الأوضاع في أفغانستان.

وأضافت الخارجية في بيان لها أن موسكو أعربت عن قلقها من التصعيد في شمال أفغانستان وحث الحركة على منع امتداده إلى خارج حدود البلاد.

وأضاف بيان الخارجية الروسية أن وفد طالبان أكد من جانبه عدم انتهاكه لحدود دول آسيا الوسطى، وتعهده بضمان أمن البعثات الدبلوماسية والقنصليات الأجنبية على الأراضي الأفغانية، والتزامه بمحاربة تنظيم الدولة وعصابات تهريب المخدرات بعد وقف الحرب.

وقال الجنرال أناتولي سيدوروف رئيس هيئة أركان القوات المشتركة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي إن قوات الحلف، الذي يضم روسيا وأرمينيا وطاجيكستان وقيرغيزيا وبيلاروسيا وغيرها، ستكون مستعدة لمساعدة طاجيكستان في مواجهة الوضع على الحدود مع أفغانستان، واصفا الوضع في تلك المناطق بالهادئ.

من جهته، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان محمد نعيم إن الوفد أكد لموسكو أن الأراضي الأفغانية لن تستخدم ضد الآخرين.

المصدر : الجزيرة + وكالات