هل يلبي تحفظات المحتجين؟.. جدل بشأن إعلان سياسي جديد للائتلاف الحاكم بالسودان

تناقض في المواقف من الإعلان السياسي لتحالف قوى الثورة، فبينما رآه البعض تعزيزا مهما لقيادة المرحلة الانتقالية، وصفه آخرون بـ"التوسعة الميتة".

صورة تذكارية بعد اجتماع المجلس المركزي والجبهة الثورية وحزب الأمة الذي أفضى لتوقيع الاعلان السياسي للوحدة ـ المصدر: إعلام الحرية والتغيير
صورة تذكارية بعد اجتماع المجلس المركزي والجبهة الثورية وحزب الأمة الذي أفضى إلى توقيع الإعلان السياسي للوحدة (إعلام الحرية والتغيير)

الخرطوم- قبل أن يبحث الإعلان السياسي لتحالف قوة الثورة السودانية المكون من "المجلس المركزي للحرية والتغيير، والجبهة الثورية، وحزب الأمة القومي"، في جلب الآخرين لتوسيع الائتلاف الحاكم، يبدو أنه بحاجة إلى احتواء أطرافه الموقعة نفسها.

فبعد نجاح الثورة التي أطاحت الرئيس المعزول عمر البشير، عانت قواها المختلفة من التشظّي. فبينما جمّدت بعض الأحزاب عضويتها في المجلس المركزي لتحالف قوى الثورة، فضّلت أخرى ترك الجمل بما حمل.

ويتهم محتجون قوى سياسية بعينها بالسيطرة على المجلس المركزي، أعلى جهاز للحاضنة السياسية لحكومة الثورة.

وأقرّ اجتماع السبت الماضي ضمّ قيادات المجلس المركزي وحزب الأمة القومي والجبهة الثورية -التي تضم الحركات المسلحة- 3 هياكل جديدة تشمل: الهيئة العامة كأوسع إطار تنظيمي لتمثيل جميع قوى الثورة في المدن والريف، والمجلس المركزي الذي يقوم بواجبات القيادة وتنفيذ إستراتيجية الهيئة العامة، والمجلس القيادي الذي يضطلع بالعمل اليومي، وفق ما يحدده المجلس المركزي من برامج وخطط وأهداف.

وتتشكل الهيئة العامة من 171 عضوا، يمثل 90 منهم 18 ولاية سودانية، أما المجلس المركزي فيتكون من 61 عضوا، في حين يتشكل المكتب القيادي من 17 عضوا يمثلون القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح والمجتمع المدني والمهنيين، فضلا عن مقعد لرئيس الوزراء.

تعزيز قيادة الانتقال

ويرى مقرر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، كمال بولاد، أن الإعلان السياسي بمنزلة "فعل كبير لبناء كتلة الانتقال".

ويقول بولاد للجزيرة نت إن "ما يحدث الآن هو تعزيز مهم لقيادة المرحلة الانتقالية"، كما "أن قوى الثورة الأخرى، التي لم تشارك النظام البائد، سيتم التواصل معها في حوارات عميقة للإسهام في قيادة مرحلة الانتقال"، في إشارة إلى الحزب الشيوعي خاصة.

أما بخصوص الإسلاميين، فيؤكد بولاد أن موضوعهم لم يطرح في كل النقاشات التي دارت أخيرا، ويضيف "في ما يتعلق بالإسلاميين فالوثيقة الدستورية فصلت في ذلك، وكل قوى الثورة سيكون هناك حوار معها".

الحكومة الانتقالية السودانية تؤدي اليمين الدستورية
يسعى الإعلان السياسي إلى حشد أكبر تكتلات لدعم المرحلة الانتقالية التي تقودها حكومة حمدوك (الجزيرة)

موقف الحزب الشيوعي

ومنذ أكثر من عام غادر الحزب الشيوعي ائتلاف الحرية والتغيير، مفضّلا خانة المعارضة والعودة للشارع من أجل إسقاط الحكومة بشقيها المدني والعسكري.

ولا يرى عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، صدقي كبلو، في الهيكلة التي أقرّتها قوى التغيير ما يلبي رغبات حزبه.

ويبين للجزيرة نت أن الهيكلة ليست من التحفظات التي دفعت الشيوعي لمفارقة التحالف، بل هي سياسات المجلس المركزي المضادة للتغيير، بخاصة في ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية وطريقة إجازة التشريعات وكبت الحريات.

ويؤكد كبلو أن حزبه كان يرى ضرورة في أن يكون للتحالف مجلس تنسيقي، وأن تتخذ القرارات بالتوافق.

وينوه بأن نقاشات سابقة لخروج حزبه تحدثت عن عقد مؤتمر لقوى الحرية والتغيير لبحث السياسات و"معرفة من يحكم السودان في ظل فرض برامج خارجية. وهل الحكومة ملك لنا أم نحن ملك لها؟".

وبشأن توصية الإعلان السياسي لقوى التغيير بمحاورة الأطراف غير المشاركة، ذكر كبلو أن المكتب السياسي للحزب الشيوعي سيقرر في ذلك، على أن يكون أي اجتماع واضح الأجندة.

قوى الحرية والجبهة الثورية تتفقان بشأن المرحلة الانتقالية بالسودان
صورة سابقة لقوى الحرية والجبهة الثورية عند الاتفاق بشأن المرحلة الانتقالية في السودان (الجزيرة)

الحركات المسلحة

ويبدو أن أكبر محنة سيواجهها الإعلان السياسي الرامي إلى إعادة هيكلة الائتلاف الحاكم هي تشظي الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام بجوبا (أكتوبر/تشرين الأول 2020).

وكان ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية -التي يترأسها عضو مجلس السيادة مالك عقار- من بين الموقعين على الإعلان باسم الجبهة الثورية، في حين تحفّظ على الاتفاق جناحها الذي يقوده مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور.

وطبقا لعبد الوهاب جميل القيادي في الجبهة الثورية، المؤيد لمناوي، فإن الاتفاق "عطاء من لا يملك لمن لا يستحق".

ويقول جميل للجزيرة نت إن "الإعلان السياسي لا يعني الجبهة الثورية، بقيادة مناوي، في شيء". واتهم عرمان بإجهاض الإصلاح الشامل للتحالف، بالتعاون مع حزب المؤتمر السوداني، وبابتداع هيكلة جديدة أقصت مسار شرق السودان وأبدلته بالهادي إدريس، الذي هو خارج حلف نداء السودان، ومن ثم خارج قوى الحرية والتغيير.

مساعي الإصلاح

ومن بين الكيانات التي تطالب بإصلاح التحالف "اللجنة الفنية لمبادرة إصلاح الحرية والتغيير" التي تضم قوى من بينها حزب البعث السوداني.

وحسب محمد وداعة القيادي في حزب البعث، فإن اللجنة ستواصل مساعيها لإصلاح الحاضنة السياسية وتطوير ميثاقها وتوسيع قاعدتها.

وفي سياق رفضه للهيكلة الجديدة، يقول وداعة "إنها توسعة ميتة فاقدة للشرعية وتفتقر إلى الفاعلية وتؤسس لانقسام الحاضنة".

ويبدو أن حزب الأمة القومي هو الوحيد الذي لبّت الهيكلة الجديدة تحفظاته السابقة، واضطرته إلى تجميد نشاطه في المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، حيث كان يعترض على ضعف تمثيله في المجلس النافذ.

وسيعقد المجلس المركزي بتكوينه الجديد أول اجتماعاته في وقت لا يتجاوز الأسبوعين.

المصدر : الجزيرة