كشف تفاصيل "التصميم العدائي" لسد النهضة.. هجوم متبادل بين ممدوح حمزة والإعلام المصري
مع اقتراب موعد الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي وتأثيراته السلبية المتوقعة، شهدت الأيام الماضية سجالا فنيا حول السد بين الناشط السياسي والاستشاري الهندسي ممدوح حمزة، والحكومة المصرية والإعلام المقرب منها.
السجال سببه نشر ممدوح حمزة -الذي يعيش خارج مصر بعد صدور أحكام قضائية ضده- عددا من مقاطع الفيديو بشأن سد النهضة، تحدث فيها عن الخلفية التاريخية للسد، وتدخل بعض أعداء مصر للمشاركة أو تمويل وتشجيع بناء السد، وعدد من الأمور الفنية التي تؤكد التأثير السلبي الكبير للسد على مصر.
في المقابل، ردت الحكومة المصرية على حمزة -دون ذكر اسمه- عبر بيانات رسمية، استهدفت تفنيد المعلومات التي يقدمها، وشن إعلاميون مقربون من الحكومة هجوما كبيرا عليه للتشكيك في البيانات التي ينشرها.
ومع شهرة حمزة كناشط سياسي، فإنه يعد من أبرز المهندسين الاستشاريين في مجال الهندسة المدنية، خاصة هندسة التربة، وشارك مكتبه الاستشاري في عدد من المشروعات المهمة، من أشهرها بناء مقر مكتبة الإسكندرية، وتطوير العين السخنة في مصر، وكذلك مبنى وزارة المالية بالجزائر، وتطوير خليج العقبة بالأردن.
الفيديو الاول عن سد الخراب الحبشي pic.twitter.com/FOFCV3RVVi
— Mamdouh Hamza (@Mamdouh_Hamza) May 26, 2021
بدأ السجال بمقطع فيديو نشره حمزة وتحدث فيه عن الخلفيات التاريخية للسد، وعدة محاولات إثيوبية سابقة لتحويل مجرى النيل الأزرق لحرمان مصر من نهر النيل، بتشجيع من طرف ثالث دائما، كان قديما دولا استعمارية تعادي مصر، مشيرا إلى أن الطرف الثالث في أزمة سد النهضة الحالي هو الصهيونية العالمية.
وألقى الاستشاري الدولي باللوم على الحكومات المصرية المتعاقبة خلال العقد الأخير، في فتح الباب أمام إثيوبيا لبناء السد، بالموافقة على الاجتماعات الفنية المتتالية ومخرجاتها.
وأشار حمزة -في الفيديو- إلى أن حسن نية مصر والسودان كان أقوى سلاح اعتمدت عليه إثيوبيا، وقد يؤدي لخسارة حقوق البلدين في سد النهضة، لصالح الصهيونية العالمية التي تهدف للسيطرة على مياه النهر، وجعلها سلعة يتم تداولها في البورصات العالمية التي بدأت العام الماضي في تداول أسهم المياه لأول مرة.
مقطع الفيديو الأول لقي رواجا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتناوله عدد من وسائل الإعلام، منها قنوات المعارضة المصرية في الخارج، وعدد من نشطاء المعارضة المصرية في مصر والخارج، لكنه لم يستدعِ أي رد من الحكومة المصرية أو الإعلام الحكومي.
"لعبوا في مخ السيسي"
ممدوح حمزة يكشف تفاصيل خطيرة عن سد النهضة ومن يقف وراء تمويله pic.twitter.com/6a9RFKtFCJ— شبكة رصد (@RassdNewsN) May 27, 2021
الصهاينة لعبوا في مخ إثيوبيا.. ممدوح حمزة يكشف تفاصيل خطيرة عن سد النهضة ومن يقف وراء تمويله@A_SAMIR_1 pic.twitter.com/3S9HLOFsKJ
— قناة مكملين الفضائية (@mekameleentv) May 27, 2021
"الهدف هو تعطيش #مصر وليس مصلحة #إثيوبيا".. ممدوح حمزة يقول إن #سد_النهضة هدفه صناعة أزمة للضغط السياسي يقف وراءها طرف ثالث وليس التنمية pic.twitter.com/OL1SlhjHSt
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) May 27, 2021
السد العدواني وخطورته على حاضر مصر ومستقبلها
فيديو في غاية الأهمية
الدكتور ممدوح حمزة:https://t.co/K8gsWX6fJH
— د. طارق الزمر (@drtarekelzomor) May 26, 2021
خذوا العلم من اهله. فيديو مهم جدا عن سد النهضة وتاريخ المؤامرة على مصر من المهندس الكبير دكتور ممدوح حمزة. ده الفيديو الاول وسيتبعه فيديو آخر.
رجاء مشاهدة الفيديو ونشره على اوسع نطاق.
متشكر يا دكتور ممدوح على مجهودك الوطني. https://t.co/ydVCqJmlLn— Amr Waked (@amrwaked) May 26, 2021
وبخلاف مقطع الفيديو الأول، جاء المقطع الثاني فنيا بامتياز، حيث شرح فيه ممدوح حمزة طبيعة "التصميم العدائي" لسد النهضة الإثيوبي، وكيف تحولت طبيعته من حجز 14 مليار متر مربع إلى 94 مليارا، وليس 74 مليارا كما تشيع إثيوبيا في بياناتها.
وشرح الاستشاري المصري التعديلات التي تمت على مشروعات السدود الإثيوبية خلال القرن الماضي، والتي بدأت كسدود كهرمائية بسيطة لتوليد الكهرباء، وكيف أقنع البنك الدولي إثيوبيا بتغيير طبيعة السد إلى سد متعدد الأغراض، يهدف لتخزين المياه وإنتاج الكهرباء وزراعة الأراضي المحيطة به.
وأشار حمزة إلى استمرار إثيوبيا في مشروع السد، بما يخالف نتائج دراسة الجدوى التي أجراها معهد متخصص في كامبريدج البريطانية التي أكدت عدم جدوى المشروع اقتصاديا، موضحا أن إثيوبيا تهدف لعمل 3 سدود أخرى فضلا عن سد النهضة، وقامت بالفعل بوضع حجر أساس السد الثاني "كاردوبي" هذا العام.
كما أشار إلى دراسة أجريت في جامعة سان دييغو، أكدت أن سد النهضة مصمم بطريقة تزيد كثيرا على الحاجة منه، متسائلا عن سبب عدم استعانة الحكومة بالمتخصصين الذين أجروا هذه الدراسة.
وعرض حمزة مخططا تفصيليا لسد النهضة، أوضح فيه تصميم التوربينات بشكل لا يسمح بعملها إلا في حالة امتلاء السد بشكل كبير، مما يعني حجز كمية كبيرة من المياه تهدد حصة مصر، وأوضح أن الحكومة المصرية تعلم ذلك منذ عام 2016، وطلبت زيادة عدد الفتحات الموجودة في السد لكن إثيوبيا رفضت.
وتساءل في ختام المقطع عن جدوى التفاوض مع إثيوبيا في الوقت الذي تعرف فيه الحكومة المصرية طبيعة التصميم العدائي للسد، وخطط إثيوبيا للاستيلاء على 74 مليار متر مكعب من مياه النيل، فضلا عن 20 مليارا أخرى أكدت الدراسات ضياعها بسبب البخر والتسريب.
الحكومة المصرية انزعجت، على ما يبدو، من التفاصيل الفنية التي عرضها حمزة في مقطع الفيديو الثاني، فأصدرت وزارة الموارد المائية والري بيانا تفصيليا، بدا فيه أنها تريد تفنيد ما عرضه الاستشاري المصري، دون الإشارة إليه.
وأكدت الوزارة -في بيانها الفني المليء بالأرقام- أن فتحات تمرير المياه في السد تقع على منسوب أقل من أقصى منسوب لجسم السد بارتفاع كافٍ، وأن القدرة الاستيعابية لعمل هذه الفتحات على مدار العام تمكنها من تمرير التصريفات السنوية للنيل الأزرق.
وخرج عضو لجنة مفاوضات سد النهضة علاء الظواهري على أكثر من قناة فضائية لشرح بيان وزارة الري المصرية، ونفى المزاعم المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي -في إشارة غير مباشرة لممدوح حمزة- حول فتحات السد الإثيوبي، في الوقت الذي سخر فيه الإعلام المقرب من الحكومة من تصريحات حمزة.
الديهي يهاجم ممدوح حمزة: يجب أن تصمت وبلاش مزايدة على الدولة في ازمة #سد_النهضة#بالورقة_والقلم #TeNTV pic.twitter.com/AcQLNrZ67W
— برنامج بالورقة والقلم (@blwar2awel2alm) June 8, 2021
ردود الحكومة وسخرية الإعلام لم توقف الاستشاري الدولي الذي نشر مقطع فيديو ثالثا شن فيه هجوما شديدا على ما أسماه "إعلام السامسونغ"، في إشارة للإعلام المقرب من النظام المصري، كما شن هجوما على بيان الوزارة وتصريحات المتخصصين، واصفا إياها بالتدليس على الشعب المصري.
وكشف حمزة، في المقطع الثالث، عن المراجع التي استقى منها المعلومات التي قام بنشرها، وأهمها المرجع الأساسي من المكتب الاستشاري المشارك في تصميم وتنفيذ السد، والتي تؤكد ضياع ما لا يقل عن 8 مليارات متر مكعب على مصر، وما قد يصل إلى 15 مليار متر مكعب في الحد الأقصى.
وشدد الاستشاري المصري على أن إثيوبيا تهدف -بشكل معلن- إلى جعل النيل الأزرق بحيرة إثيوبية، موضحا عبر وثيقة عرضها أن مصر وافقت في واشنطن على جدول الملء الثاني، متسائلا عن السبب وراء اعتراض القاهرة على الملء الذي وافقت عليه من قبل.
وتساءل عن السبب وراء استمرار المفاوضات المصرية، مؤكدا أن مصر تضيع، وأن بحيرة ناصر ستتعرض للجفاف خلال أعوام قليلة، وستتعرض مصر لأزمة كبيرة تهدد وجودها.
وأعقب حمزة مقطع الفيديو بتغريدة طالب فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالانسحاب الفوري من اتفاق إعلان المبادئ الخاص بالسد، والذي وقعه السيسي مع قائدي إثيوبيا والسودان عام 2015، مهددا بأن وجود السد على النيل الأزرق يعني نهايته، وربما محاكمته، مشيرا إلى أن إيقاف أي سدود على النيل الأزرق تعني رفع الخطأ واحترام الشعب له.
السيسي: وجود اي سد باي حجم لاي غرض علي النيل الازرق يعني نهايتك وربما محاكمتك
تمكين بني شنقول من اراضيهم وايقاف اي اعمال سدود علي النيل الازرق تعني رفع الخطأ واحترام الشعب لك
البداية: الانسحاب الفوري من اتفاقية السد
فوري يعني اليوم قبل غدا
تحرك— Mamdouh Hamza (@Mamdouh_Hamza) June 10, 2021
مجموعة تكنوقراط مصر دعتني لندوة كلوب هاوس: الدعوة عامة للمشاركة
https://t.co/wZGIqIKTCv— Mamdouh Hamza (@Mamdouh_Hamza) June 12, 2021
فيديوهات ممدوح حمزة -خاصة الأخير منها- أثارت تفاعلا كبيرا على مواقع التوصل الاجتماعي، الذي شهد انتشارا واسعا لها، وتساؤلات حول حقيقة المعلومات الموجودة فيها.
كما استنكر عدد من المتابعين الصبر المبالغ فيه من الحكومة المصرية على التصرفات الأحادية الإثيوبية في قضية سد النهضة، وطالبوا بحسم القضية قبل فوات الأوان.
الورقة الأولى :-
مصر اتفقت على جدول ملء سد الخراب من حصة مصر من النيل فى 2018
ووقعت عليه فى واشنطن فى 2020.
الدكتور ممدوح حمزة ينشر جدول ملء سد الخراب من حصة شعب مصر فى النيل..
تم التفريط فى خزان السد العالى لصالح اثيوبيا بحجة ان سد النهضة امر واقع. pic.twitter.com/3GFBvuJe7V— 🐞 وائل بسيم 🇾🇪 (@wbaseem) June 10, 2021
غالبا البشمهندس ممدوح حمزة مش باقي علي الدنيا من زمان
يا هندسة بتخاطب مين بس ؟!
صلي علي النبي كده وحاول تشوف أقرب طيارة لبلد بيحترم أمثالك المتميزين في مجالهم.
وربنا يسترها علينا. https://t.co/fBH7DhcHKj— عبد اللّٰه طارق | Abdullah Tarek (@Abdulla39965385) June 10, 2021
السيسى لم يوقع على اتفاقية اعلان مبادئ لبناء سد النهضة او ملى الخزان فى الوقت الذى تريده اثيوبيا كما كنا نظن السيسى وقع وعن عمد على موت الشعب المصرى حسب الوثيقة التى سربها المهندس ممدوح حمزة فان حصة مصر ستصبح 13.5 مليار يعنى السيسى فرط فى 43 مليار متر مكعب وهذا قتل متعمد للشعب
— حسن عبدالرحمن (@ha5153422) June 10, 2021
فعلاً حجم القلق والفزع من العواقب الوخيمة المهينة لـ #سد_النهضة كبير وعميق في نفوس أبناء #مصر نخبة وعامة
الشيخ أحمد الطيب #شيخ_الأزهر
الاستشاري الهندسي #ممدوح_حمزة
أستاذ العلوم السياسية #حسن_نافعة
الفنان الشعبي #ايمان_البحر_درويش
وزير الري الأسبق #محمد_نصر_علام— أحمد مخيمر (@ahmedmokhmer) June 10, 2021
#سد_النهضة سد الخراب والخيانة والعمالة ، سد صهيون من وراء أثيوبيا !#السيسي_صهيوني #خراب_مصر pic.twitter.com/yyADDLBiDq
— حلا_المرابطة (@hala_just_1) June 7, 2021
يذكر أن ممدوح حمزة كان لسنوات طوال من معارضي السلطة في مصر، منذ شارك في اعتصام طلبة كلية الهندسة عام 1968، وحضر مع الوفد الذي تفاوض مع الحكومة والرئيس الراحل أنور السادات حينها، وحين شارك في ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي انتهت بخلع الرئيس محمد حسني مبارك بعد 30 عاما في السلطة.
كما شن حمزة هجوما واسعا على جماعة الإخوان المسلمين إبان حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، وشارك في الدعوة لما أسماه حينها "ثورة 30 يونيو"، والتي وصفها بأنها ابنة "ثورة 25 يناير".
وبعد انتخابه رئيسا لمصر في 2014، شن حمزة هجوما شديدا على الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من موقف، منها: قانون الطوارئ، والعفو عن رموز نظام مبارك، والعفو عن مدانين جنائيين مقابل الإبقاء على سجناء الرأي ورموز ثورة يناير.
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قضت دائرة الإرهاب برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، بالحبس غيابيا لمدة 6 أشهر على ممدوح حمزة، بتهمة التحريض على العنف ونشر أخبار كاذبة، مع إدراجه على قوائم الإرهاب، بسبب تغريدة كتبها قبل 3 سنوات، قبل أن يظهر لاحقا خارج البلاد.