متطرفون وذئاب منفردة ومليشيات عنيفة.. تقرير استخباري سري يكشف الإرهاب المحلي بالولايات المتحدة

يثير الكثير من الأعضاء بالكونغرس خاصة الديمقراطيين إمكانية سن قانون جديد للإرهاب المحلي كرد فعل على هجوم 6 يناير/كانون الثاني على مبنى الكابيتول، وعلى الزيادة الشاملة بالتطرف اليميني خلال السنوات الأخيرة.

أكثر من 300 مشتبه به يواجهون اتهامات جنائية فدرالية تركز على ارتكاب أعمال شغب واقتحام مبنى فدرالي (الأوروبية)

ضاعف صدور ملخص -لتقرير عن مجتمع الاستخبارات الأميركية، وما جاء به من توقعات باندلاع أعمال عنف مستقبلية غير محددة يرتكبها متطرفون محليون- من مخاوف النخبة السياسية المنقسمة.

وجاء هذا التقرير بتكليف مباشر من الرئيس جو بايدن لأجهزة الاستخبارات ومكتب التحقيقات الفدرالي بعد وصوله للبيت الأبيض قبل شهرين، وذلك لتقييم تهديدات الإرهاب المحلي.

وقد صدر التقرير أمس الأول الأربعاء، وبقي سريا، وسُمح فقط بنشر ملخص غير سري صدر من مكتب مدير المخابرات الوطنية، ووزارة العدل، ووزارة الأمن الداخلي، شمل نتائج التحقيقات، في حين أُرسل التقرير بالكامل للبيت الأبيض.

فحوى التقرير

يخلص التقرير إلى أن المتطرفين ذوي الدوافع العنصرية والإثنية -مثل العنصريين البيض وأولئك المرتبطين بالمليشيات العنيفة- يعتبرون أكثر التهديدات خطورة على الداخل الأميركي.

ومن المرجح -حسب التقرير- أن يقوم الجناة، في صورة منفردة أو الخلايا الصغيرة في عدد أعضائها من المتطرفين، بتنفيذ هجمات أكثر من المنظمات الأكبر.

وقالت وكالات الاستخبارات في ملخصها إن الجماعات المؤمنة بتفوق العرق الأبيض قد ترتكب هجمات جماعية ضد المدنيين، في حين رجحت أن يستهدف أفراد الميلشيات والمنظمات الشبيهة أفراد أجهزة إنفاذ القانون وغيرهم من موظفي الحكومة الفدرالية والمحلية.

وذكر ملخص التقرير أن الذئاب المنفردة (إرهابي يعمل بمفرده) يشكلون أهم التحديات التي تواجه تتبع وتعطيل خططهم، ويرجع ذلك إلى "قدرتهم على التطرف المستقل واللجوء إلى العنف، وقدرتهم على التعبئة بشكل منفصل، والحصول على الأسلحة النارية بصورة فردية".

دوافع التطرف

وذكر التقرير أن تهديد الجماعات المتطرفة، والمليشيا التي تمتلك أسلحة، زاد العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر في الازدياد طوال عام 2021.

ويرجع التقرير ذلك إلى "العوامل الاجتماعية والسياسية" التي تحفز هذه الجماعات "مثل روايات تزوير الانتخابات العامة الأخيرة، والتأثير المشجع للاقتحام العنيف للكونغرس، الذي شاهده ملايين الأميركيين، والظروف المتعلقة بفيروس كوفيد-19، ونظريات المؤامرة التي تروج للعنف".

وسبق اقتحام الكونغرس بالفعل انتشار ادعاءات من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب وآخرين مقربين منه بتزوير الانتخابات، وذلك رغم تفنيد هذه الادعاءات مرارا وتكرارا.

ويواجه أكثر من 300 مشتبه به اتهامات جنائية فدرالية تركز على ارتكاب أعمال الشغب، واقتحام مبنى فدرالي بهدف تعطيل عمل الحكومة، واقتناء أسلحة غير مشروعة، والاعتداء، وتدمير الممتلكات، والتآمر على الدولة.

ونظرا لغياب قوانين خاصة بتهمة الإرهاب المحلي في القانون الأميركي، فلن يواجه هؤلاء تهمة القيام بأعمال إرهابية.

ويرى بروس هوفمان، الخبير بمجلس العلاقات الخارجية، أنه قد حان الوقت لسن قانون الإرهاب المحلي، مع ضرورة أخذ بعض المحاذير، وكتب يقول "لقد أدركنا، بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول (2001) أننا في عالم جديد، في عصر جديد، وكان علينا إجراء تعديلات في القوانين، أعتقد أننا في نفس الموقف الآن".

ومع ذلك، ترى هينا شمسي، رئيسة مشروع الأمن القومي في اتحاد الحريات المدنية الأميركي، في حديث مع الإذاعة الوطنية، أنه سيكون من الخطأ سن مثل هذه القوانيين، وقالت "لا حاجة لقانون جديد للتعامل مع العنف العنصري الأبيض أو أشكال أخرى مما يفكر فيه الناس على أنه إرهاب، المشكلة ليست بالافتقار إلى القوانين. المشكلة هي غياب الإرادة داخل وكالات إنفاذ القانون طوال تاريخنا للتركيز على عنف جماعات البيض العنصرية".

نقاش قديم يتجدد

ويثير الكثير من الأعضاء بالكونغرس -معظمهم من الديمقراطيين- إمكانية سن قانون جديد خاص بالإرهاب المحلي كرد فعل على هجوم 6 يناير/كانون الثاني على مبنى الكابيتول، وعلى الزيادة الشاملة في التطرف اليميني خلال السنوات الأخيرة.

وينم النقاش، الذي يتكرر مع كل مرة تتعرض فيها الولايات المتحدة لهجوم إرهابي كبير، عن الرغبة في رد فعل يضاهي حجم العمل الارهابي، لكن هناك عددا من الأسباب التي تُذكر لعدم سن التشريعات.

وتقول جماعات الحقوق المدنية إن قانون الإرهاب المحلي من المرجح أن يثير أسئلة التعديل الأول حول حرية التعبير، وربما قضايا التعديل الثاني فيما يتعلق بالحق في امتلاك الأسلحة.

وكثيرا ًما يقول مكتب التحقيقات الفدرالي، ووكالات إنفاذ القانون الأخرى، إن لديهم الكثير من الأدوات الموجودة عندما يتعلق الأمر بالملاحقة القضائية.

بالإضافة إلى ذلك، يقولون إنهم لا يريدون التورط في عملية توصيف من هو الارهابي وغير الإرهابي.

وبعد هجمات سبتمبر/أيلول، مال الجمهوريون إلى الضغط بشدة من أجل تبني تدابير أمنية أكثر، وكان الديمقراطيون هم الذين يثيرون المخاوف بشأن الحريات المدنية معظم الأحيان.

واليوم، غالباً ما يقود الديمقراطيون الدعوة إلى ضرورة سن قانون الإرهاب المحلي، في حين يشكك الجمهوريون في تكتيكات إنفاذ القانون، وتسييس القانون من جانب الديمقراطيين.

المصدر : الجزيرة