فيروس كورونا يعقّد علاقة واشنطن مع بكين وفريق صقور أميركي للتعامل مع الملفات الصينية

تشير التعيينات الجديدة في إدارة بايدن للمكلفين بإدارة الملفات الصينية إلى عدم تغيير سياسة ترامب المتشددة، مع العمل في الوقت ذاته مع حلفاء واشنطن من أجل مواجهة مشتركة للصين.

epa08987538 US President Joe Biden addresses State Department staff at the US State Department in Washington, DC, USA, 04 February 2021. Biden is expected to announce that he is ending US support for the Saudi?s offensive operations in Yemen. EPA-EFE/JIM LO SCALZO
بايدن قال إن بلاده ستعمل مع المجتمع الدولي لحمل الصين على حماية حقوق الإنسان (الأوروبية)

تضيف التحقيقات الدولية المتعلقة ببداية تفشي فيروس كورونا المزيد من التعقيد أمام تشكيل مواقف إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن تجاه الصين، في الوقت الذي عُين فيه عدد من المحسوبين على معسكر الصقور للتعامل مع ملفات بكين.

وعقب انتهاء زيارة تقصي الحقائق التي قام بها فريق تابع لمنظمة الصحة العالمية للصين بشأن بدايات ظهور الفيروس، قال البيت الأبيض إن لدى واشنطن مخاوف عميقة بشأن طريقة الإعلان عن نتائج التحقيق.

وأشار البيت الأبيض إلى العقبات التي وضعتها الحكومة الصينية أمام مسؤولي منظمة الصحة العالمية، وما نتج عنها من شكوك أميركية واسعة حول طريقة إعداد التقرير، داعيا الصين إلى إتاحة بيانات الأيام الأولى لتفشي الوباء.

وعبّر بعض خبراء منظمة الصحة العالمية عن إحباطهم بسبب عدم تمكّنهم من الوصول إلى البيانات الأولية التي تمتلكها الحكومة الصينية، ولا يمكن من دونها رسم صورة كاملة لما جرى، كما يصعب التوصل إلى حقائق علمية دامغة.

ويمثل الموقف الأميركي خطوة أخرى تضاف لسلسلة معقدة من القضايا والعقبات التي تواجه إعادة تشكيل إدارة بايدن لعلاقات بلاده مع الصين، ومنها مستقبل تايوان، والتوسع العسكري لبكين في بحر جنوب الصين، وسجل بكين تجاه حقوق الانسان، بالإضافة إلى الخلافات التجارية بين الدولتين.

قلق أميركي مشروع

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشارت خبيرة العلاقات الأميركية الصينية بمعهد ستيمسون (Stimson) يون صن إلى أن هناك قلقا أميركيا كبيرا ومبررا بخصوص سلوك الصين، وأن هناك موقفا مبدئيا مفاده أن الممارسة الصينية غير مقبولة، وأن قضية المسؤولية عن أصل جائحة كوفيد-19 لن يتم تجاهلها.

وترى صن أن بكين "تتلاعب بالمعلومات وتستغل قوتها في المنظمات الدولية، ولهذا آثار سيئة على العالم كله"، مشيرة إلى أن عدم إطلاع الصين منظمة الصحة العالمية على ما لديها من مواد ومعلومات وبيانات عن الأيام الأولى لتفشي فيروس كورونا ليس له ما يبرره.

منظمة الصحة تؤكد عدم استلامها أدلة بشأن صلة مختبر ووهان بكورونا
الصين أحجمت عن تقديم بيانات الأيام الأولى لتفشي الفيروس إلى منظمة الصحة العالمية (الجزيرة)

وفي مسألة البحث عن أصل تفشي فيروس كورونا، ترى صن أن قلق واشنطن مبرر، إذ إن "الشكوك كانت مشروعة مع تأجيل الصين عملية التقصي التي قام بها علماء منظمة الصحة العالمية لأكثر من عام بعد تفشي الفيروس، وتسمح هذه المدة الطويلة بتدمير أي سجلات أو تطهيرها وإزالة أي آثار باقية".

وفي السياق نفسه، قال خبير الشؤون الصينية بمجلس العلاقات الخارجية جوش كورلانتزيك إن "إدارة بايدن تدرك أن هذا التحقيق لم يكن مستقلا، وهناك أسباب موضوعية للقلق الأميركي".

وتوقع كورلانتزيك -في حديث للجزيرة نت- أن يؤدي ذلك إلى "مزيد من التدهور في العلاقات الثنائية، ولكن لن يكون تأثيرا شاملا على كل ملفات العلاقات بينهما".

بايدن يتشدد تجاه الصين

رغم ابتعاد إدارة بايدن عن الكثير من سياسات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، يُعد التشدد تجاه الصين من القضايا النادرة التي يتفق عليها الطرفان.

وقالت صن -في حديثها للجزيرة نت- إن رد فعل إدارة بايدن يبقى "أقل استفزازا وعدوانية بكثير مقارنة برد فعل إدارة ترامب"، وأوضحت أن الأهم الآن هو رد فعل الحكومة الصينية على مواقف إدارة بايدن.

ومع ذلك، فقد خرجت إشارات سريعة وخطوات مختلفة خلال الأسبوع الأول لإدارة بايدن تدفع تجاه سياسات متشددة تبدو في أفق علاقات واشنطن المتوقعة مع بكين.

وقال بايدن إن بلاده ستؤكد مجددا على دورها العالمي في الدفاع عن حقوق الإنسان، وأشار إلى أن واشنطن "ستعمل مع المجتمع الدولي على حمل الصين على حماية تلك الحقوق".

وخلال زيارته الأولى لوزارة الدفاع الأميركية، وجه بايدن تعليمات لوزير الدفاع الجديد بمراجعة الإستراتيجية العسكرية لبلاده تجاه الصين، مع التركيز على المجالات الحيوية التي تشمل المخابرات والتكنولوجيا والوجود العسكري الأميركي في المنطقة.

وتمثل الصين تهديدا صاعدا أمام ريادة الولايات المتحدة عسكريا وتكنولوجيا، إضافة للحرب المستعرة بينهما في النواحي التجارية والاقتصادية.

وتبع بدء مراجعة البنتاغون للتهديدات الصينية انضمام عدد من الصقور للفرق المختصة بالصين سواء في وزارة الخارجية أو الخزانة أو مجلس الأمن القومي.

فريق من الصقور

وكُشف الستار عن المزيد من تعيينات بايدن للمسؤولين المخول لهم إدارة ملفات العلاقات مع الصين، وأفادت تقارير إخبارية باختيار بايدن عددا ممن هم محسوبون على معسكر الصقور فيما يتعلق بالصين.

ومن هذه الشخصيات الباحثة بمركز التقدم الأميركي ميلاني هارت التي ستشرف على مراجعة قرارات إدارة بايدن تجاه الصين خاصة تلك التي تتعلق بشركات التكنولوجيا، وضمان استمرار منع شركة هواوي (HUAWEI) من العمل في الولايات المتحدة.

وكتبت هارت تقارير تهاجم فيها سياسات شركة التكنولوجيا الصينية الأكبر، وطالبت بتحالف بين الشركات الغربية للتضييق على شركة هواوي.

كما ينضم كل من آيلي راتنر إلى وزارة الدفاع وإليزابيث روزنبرغ إلى وزارة الخزانة، وكلاهما عمل بمركز الأمن الأميركي الجديد، وكتبا تقريرا حثا فيه على تأسيس تحالف دولي يضم اليابان وهولندا لإنتاج أشباه الموصلات وتنويع سلسلة التوريد من أجل التضييق على الصين.

وينتظر أن يُشرف بيتر هاريل على ملف الصين في مجلس الأمن القومي، وسبق لهاريل المطالبة بمواجهة الصين والتحدي الذي تمثله الآن.

ويُقدم سجل العمل السابق للمُعينين الجدد لمحات عن النهج الذي سيتبناه فريق بايدن، ويوجه تشكيل الفريق رسالة واضحة مفادها عدم تغيير سياسة ترامب المتشددة تجاه بكين، مع العمل في الوقت ذاته مع حلفاء واشنطن من أجل مواجهة مشتركة للصين، وهو ما يمثل النقيض من نهج ترامب المنفرد في مواجهة تزايد مخاطر الصعود الصيني.

المصدر : الجزيرة